تدريباتنا

بصمة الصراع الكارثيّ على الآثار السوريّة

by | Jul 18, 2024

منذ بدأت الثورة في سورية (مارس/آذار 2011)، راحت تتكشف معها التداعيات الاجتماعيّة حول طبيعة الأفراد والجماعات التي ينتمون إليها في سورية، صورة العنف المشترك من كلّ الأطراف، إضافة إلى تصاعد خطاب الكراهيّة؛ إمّا بسبب الانتماء أو بسبب الاختلاف السياسيّ والفكريّ.

لقد برزت البثور الفكريّة في الأفعال المنافية للإنسانية، وبدأنا نرى صور الفساد الضارب في عمق البلاد، مشاهد تؤكد على امتلاك الأغلبية لمعرفة مزيفة عن تقدير الإنسان لبلده وجذوره.

ربّما بدأت الأفكار – في هذه الثورة – على أنّ هدفها الرئيس هو إسقاط النظام السياسيّ، ومع تلك الأفكار والطموحات؛ ظهرت الآفات الكامنة تحت طغيان هذا النظام.

وفي الواجهة تقدّمت السلوكيّات الطاغية لأزلام السُلطة، سواء كانوا قادة حراك شعبيّ أو قادة فصائل مسلّحة.. معارضة أم موالاة، أو كانوا يتربعون على عروش الأزمات في سوريا حتّى قبل الثورة، كان الجميع يشترك، على نحو ما، في تدمير حاضر البلاد وماضيها.

الهدف مما أشرنا إليه أعلاه، هو محاولة تقديم صورة عن المناخ العام حول سؤالنا عن أثر الصراع القائم على الهويّة السورية فيما يخص الحفاظ على الآثار التاريخيّة في تراث تلك الهوية، حيث تعيش الانتماءات وفقاً للقيم والمنظومات والعادات والتقاليد التي تكرسها المجتمعات حسب شرائحها وطوائفها وثقافاتها المتنوعة، والمعروفة بكثرتها وتشعباتها في سورية.

انتماءات رتبت أولوياتها بعيداً عن سؤال وجودي متربط جوهرياً بالتاريخ: ما هي سورية؟ ومن نحن في هذه الجغرافية التاريخيّة الممتدة لآلاف السنوات؟

ربّما لاحظنا كيف كانت العودة للسلف والانتماء العرقيّ أو الدينيّ، هي أوّل الأشياء التي نمّتها السُلطة بين أفراد المجتمع، وكان ذلك خلال المظاهرات وانتشار السلاح والفوضى. وكيف قسّمت المناطق والمدن والمؤسسات والهيئات الإداريّة للبلاد، منذ زمن وفق توازنات مذهبيّة أو ولاءات سياسيّة، حيث أصبح للتفرقة عنوان واحد هو: الاختلاف.

وبعد مرور هذه السنوات من الصراع  المؤلم في سوريا بين السُلطة الحاكمة والجيش السوريّ من خلفها وحلفائها من جهة، ومن يعارضها من الشعب ومسلحيّ المعارضة وحلفائهم من جهة أخرى، ثمّ فيما بعد تحوّل الصراع إلى مُحاصصات إقليميّة حيّدت السوريّ، ولم تعد تهتم لأمر السوريّ – السوريّ، إنّما جعلت التبعية أساساً لمنح امتيازاتها ودعمها، فنتج أمامنا مثلاً: السوريّ- الإيرانيّ، السوريّ-الروسيّ، السوريّ-المعارض، السوريّ-البعثيّ، السوريّ-الإسلاميّ، السوريّ- الكرديّ، السوريّ- الموالي، السوريّ-التركيّ…إلخ، وضمن هذه التقسيمات اللّاسورية، والتي تحكمها نوعية التحالف ضدّ السوريّ الآخر- المختلف، تلاشت تقريباً الاهتمامات السياسية والاجتماعيّة والثقافيّة بالهوية السورية في عمقها التاريخيّ، هُرّبت الآثار، نُهب معظمها، دمّر منها الكثير، اختلفت أسباب الاستهتار والاتجار بها واتفق الجميع على تحويلها إلى شيء بلا قيمة إنسانيّة!

واليوم، بعد مرور هذه السنوات منذ عام 2011، توجهنا إلى أشخاص لازالوا في سورية، يهتمون لشأن الآثار السورية وأخبارها التي يرثى لها، ترى كيف ينعكس حال الآثار السورية اليوم على تراث الهويّة السوريّة التاريخيّ؟ وما هي السُبل الحقيقية برأي المختصين لضبط وتوثيق وحماية ما تبقى من الآثار في سوريا؟

الآثار بخير؟

“تصف حال الآثار السورية بأنّها تستحق الرثاء، ولكني أقول إن الوطن السوريّ هو الذي يستحق ذلك” هكذا يبدأ د.فاروق إسماعيل، الباحث التاريخي حديثه لصالون سوريا، ويضيف: “لو تأمّلنا الواقع المعيشي للإنسان السوريّ المقيم أو النازح ضمن الوطن وخارجه، وما آلت إليه سوريا من تمزيق على أيدي عابثين ومغامرين وسياسيين وتجار الحروب والمعتقد الديني الذين فرضوا سلطتهم في معظم أرجاء سوريا، ويتصرفون بنهج استبداديّ أسوأ من السلطة المستبدّة التي هبت الثورة للتخلص منها، وقارنا ذلك بوضع المواقع الأثرية، فسوف نستخلص أن الآثار بخير. وتتحدث عن “غياب الاهتمام الحقيقي بها”، وهل هناك مبالاة بالإنسان وحياته؟ أعتقد أن وضع الآثار أفضل من معظم جوانب حياة الإنسان السوريّ، وأن الضرر الأكبر الذي لحق بها؛ من عبث وتخريب وسرقة وتجارة، تم خلال مرحلة سيطرة التنظيمات الجهاديّة الإرهابيّة، التي ما تزال مستمرة في مناطق سورية” بحسب رأيه.

تراث مشترك

فيما يرى الكاتب والباحث تركي المصطفى، المقيم في الداخل السوريّ اليوم، أن النظام يتحمل مسؤولية ما حدث لسوريا، فيما بقيت المنظمات الدولية “تراقب” كلّ ذلك، ويقول: ” كان هناك عملية تدمير منظم للآثار السوريّة التي تكشف عن حضارة عريقة، مرنة، تمكنت من استيعاب كلّ الحضارات التي أسهمت في تشكيل التاريخ البشريّ وتطور المراكز العمرانيّة، وتطوّر المجتمع السوريّ وتشكيل هويته الحضاريّة، ولعلّ أهمّ تلك الصروح هي ممالك “ماري” و “إيبلا” و “أوغاريت” والمدن الأثرية في الشمال السوريّ”.

وفي حديثه يتأسف “المصطفى” الشاهد على ما وصلت إليه حالة الآثار السوريّة من عمليات تنقيب عشوائيّة خارجة عن القانون: “بالأخص في منطقة وادي الفرات الواقعة تحت نفوذ الميليشيات الإيرانيّة، علاوة على تدمير المواقع الأثريّة بالطيران الحربيّ ومدفعية قوات النظام، كما في آثار تدمر التي قُصفت أعمدتها وأبنيتها” على حد قوله.

ويؤكد “المصطفى”: “لقد طال التدمير مدينة حلب وسوق المدينة التاريخيّ، ودمّر الطيران الحربيّ العديد من أحياء المدينة القديمة، ومثل ذلك فعل في مملكة “إيبلا”، وفي ظل الفلتان الأمنيّ وغياب الأجهزة المسؤولة عن حماية الآثار؛ باتت غالبيّة المواقع الأثرية السوريّة عرضة للسرقة وللتنقيب العشوائيّ، ومع ذلك، ورغم حالة الفوضى التي تسود الجغرافية السوريّة يمكن التحرك لحماية ما تبقى من آثار، فقبل أيام قليلة زرتُ “كنيسة قلب لوزة” الواقعة شمال غرب مدينة إدلب فوجدتُ أنّها بحاجة عاجلة للترميم قبل انهيارها وتهديد سلامتها، ومثلها غالبية المواقع الأثريّة، وباعتبار الآثار، إرثاً عالميّاً، فمسؤولية حمايتها تشمل المهتمين بالآثار من مؤسسات ومراكز دولية تتمتع بخبرات وكفاءات عالية سواء كانت حكوميّة وغير حكوميّة، كما ينبغي إشراك عامّة النّاس في نشر الوعي حول إشعارهم بالملكية والاعتزاز بالتراث الثقافيّ كمنجز اجتماعيّ وتكنولوجيّ تاريخيّ، وبالتالي لابد من إيجاد صيغة قانونية دولية لحماية الآثار السوريّة لردع الأنشطة غير القانونية. مثل فرض قيود على أعمال التخريب والتنقيب العشوائي والتجارة في الآثار وتصنيفها كمواقع محمية. وتقديم تسهيلات لإعادة القطع الأثريّة من خلال تعاون دوليّ للحفاظ على تراثنا الإنساني” بحسب تعبيره.

مشكلة الانتماء
عمل الباحث السوري، ماهر حميد، على موضوع الآثار السوريّة دون رغبة منه “بالانخراط في الموضوع السياسيّ”. وفي حديثه يؤكد “حميد” أنّه قام بإعداد تقرير منتصف العام 2015، وقدّمه للمبعوث الأمميّ آنذاك “دي ميستورا” وقد ناقشه د.عارف دليله، ويقول: “تعاني الآثار السوريّة من تدمير كبير اليوم، إضافة إلى السرقات التي حدثت والتنقيب غير المدروس الذي يدمر الطبقات الأثريّة، وذلك ما عانت منه مدن أثرية مثل “إيبلا” و “ماري” و”دوروا اوروبوس” و “أفاميا” على حد قوله.

ويشير “حميد” بالكشف عبر تقريره بأن “تنظيم داعش” وخلال سيطرته على مناطق شمال سوريا، وبعد تعرض التنظيم لحصار عسكريّ، ولم يعد لديه موارد اقتصاديّة بعد توقف تجارة النفط، توجه “التنظيم” إلى بيع الآثار السوريّة للاتجار بها، وتمريرها عبر تركيا من أجل تمويل أنشطته، وقد أنشأ ديواناً خاصاً لهذا الأمر أسماه آنذاك ديوان “الركاز”، يقول: “كنتُ قد طلبت أن يقوم التحالف الدوليّ ضد “التنظيم” برمي مواد معدنيّة وخردوات من طائرة على المواقع الأثريّة، وبالتالي أثناء عمليات النبش غير المدروس التي كان يقوم بها “التنظيم” في المناطق الأثريّة، سنجد أن معظم “النبّاشين” العاملين مع “التنظيم” و”النباشين” في المناطق الأخرى والذين كانوا ينقبون باستخدام جهاز كشف المعادن، تصبح عملياتهم بلا جدوى” بحسب قوله.

ويضيف “حميد”: “ومن بين الاقتراحات التي تضمنت التقرير هي أنّ تشكّل لجنة من الدول التي يقال عنها إنّها من أصدقاء سوريا (…) كي تشتري هذه الآثار من اللصوص في تركيا! مقابل أن تمتلكها لتسع وأربعين سنة، سواء اشترتها فرنسا أو ألمانيا أو غيرها من أصدقاء سوريا، وبعد انقضاء تلك المدة تعود لسوريا. لأنها لو بقيت أكثر من ذلك أي خمسين سنة ستصبح ملكاً للمقتني ولن تعود، ولكن لم يؤخذ بكلّ ذلك” على حد تأكيده.

ويعتقد “حميد” أن ما تعاني منه الآثار السوريّة لن ينعكس على الهويّة السوريّة، مبرراً ذلك بأن: “هوية الهلال الخصيب أصلاً مقسّمة، هناك جزء كبير من تراثنا أصبح في تركيا. ومن المعروف أن حضارة ما بين النهرين كانت واحدة وفيما بعد قسّمت إلى العراق، لبنان، فلسطين، الأردن، سورية. فالهويّة أصلاً مُفتّتة! مثلاً لو وجدنا قطعة أثريّة في الأردن، ماذا نسميها؟ آثاراً أردنيّة؟ بالطبع لا، هي آثار سوريّة، ولكن الهوية فُتت إلى خمسة أو ستة أجزاء. أعتقد أن المشكلة هنا هي في الانتماء. مثلاً، بعض الناس سرقوا مؤسسات الدولة، وأحياناً سرقوا بيوت الآخرين. فقد اعتبر هؤلاء أن الآثار هي جزء من الدولة التي هم بطبيعة الأحوال ضدها، نحن مشكلتنا سياسية، وبالتالي يعتبرون “بشار الأسد” هو مؤسسة المياه ومؤسسة الكهرباء وجميع مؤسسات الدولة (!) وهو في الوقت نفسه الآثار المدفونة تحت الأرض لأنها جميعها مرتبطة بشخص الحاكم.” بحسب رأيه.

ويروي “حميد”: مع بداية الأحداث في سوريا، أصبح هناك نوع من الفلتان الأمنيّ في منطقة (دير الزور) إلى (البوكمال) وبدأت تنتشر الكتائب ذات الأسماء الإسلاميّة مثل “كتيبة أبو بكر، كتيبة عثمان.. إلخ” وأنت تغادر من (دير الزور) إلى (البوكمال) وعلى الطرقات، بعد انطلاق هذه الكتائب، كنا نرى على طرفي الطريق خيماً كثيرة تحتوي على أشخاص من جنسيّات مختلفة، على “أمريكيين وسويسريين وبريطانيين. أتراك” وكلّ خيمة تحت “حماية” لواء من تلك الكتائب الإسلاميّة، وكلّ هؤلاء كانوا مختصين بالآثار، فصرنا نرى الفلاح الذي لا يعرف ما هي “ماري” يذهب مباشرة بتوجيه من إحدى الخيام إلى معبد “دجن” من أجل أن يحفر دون أن يعلم ما هي ماري أصلاً! ربما هذا المعبد معروف من قبل المختصين من الباحثين وسواهم، إنّما بالنسبة للفلاح فهو لا يعرف ما هو! فكانوا يحفرون ويبيعون ما يجدونه” على حد قوله.

توافق على التدمير!
يعتقد الكاتب والباحث السوريّ سعد فنصة أن السؤال اليوم عن الآثار السورية وانعكاسها في تراث الهوية السورية، “قد فات أوانه” لأن: “سوريا تتفكك، وهذه الحروب العبثيّة على أرضها شوّهت البشر قبل الحجر، وحماية بقايا الأوابد التي دُمرت أو نُهبت عن عمد مسألة لديّ شكوك عميقة ومبررة حولها”. ويرى “فنصة” خلال حديثه معنا بأن: “سوريا محتلة من قبل جيوش متعدّدة وحشود طائفيّة وإثنيّة، وتعاني من انعدام الأمن والاستقرار، وهذا ما يجعل مثلاً من حماية الأطفال من التشرد والفاقة والاستغلال؛ شأناً قريباً جداً من حماية الممتلكات الثقافيّة والإنسانيّة في سوريا، ولكنه للأسف بعيد المنال”.

ويضيف: “لقد تمّ نهب الإنسان في سوريا، هُجّر الملايين من سكنهم وحياتهم، واستقدم المحتلّ إلى الأرض السوريّة وجوهاً غريبة ومسلّحة، تمتلك الأرض وما عليها، وهي صاحبة الحقّ السياديّ حتّى على منظومة الحكم المتداعية، القائمة إلى اليوم في دمشق”.

ويؤكد “فنصة” أن كلّ هذه الحرائق التي نشاهدها ونسمع عنها بين الفينة والأخرى في المدن الأثريّة، ونهب حتى حجارتها الأثريّة وتغيير معالمها، هو جزء من خطة ما بعد التدمير الهائل للآثار بالآلة الحربيّة ولمرحلة تتعمق وتتسع، يقول: “أعتقد أن هناك مصالح عالميّة مشتركة في مسح الهويّة الحضاريّة والإنسانية والأثرية للشعب السوريّ. شاهدي وإثباتي فيما أدعيه هو أنّه ثمّة ست مدن سورية أثريّة هي في نطاق الحمايّة الدولية باعتبارها جزءاً من ذاكرة الإنسانيّة، نظراً لأهمية آثارها ومكتشفاتها ومخططاتها العمرانيّة! ماذا فعلت المنظمة الدوليّة (اليونسكو) في حماية ما سبق أن حرّرت عنه القوانين والمحاضر الملزمة في حماية الآثار السورية؟”.

ويوضح “فنصة”بأن المتاحف قُصفت بالبراميل والصواريخ، وكذلك أهم المواقع الأثريّة في بصرى وتدمر و “إيبلا” و “دورا اوروبس” و”ماري” و”أفاميا” وحلب القديمة وغيرها المئات من المدن الأثريّة التي عُدّ دمارها خسارة كبرى لذاكرة الشعب والوطن وعلم الآثار، يقول: “بعد ذلك هجم الجراد الحربيّ، ينبش في تربتها الأثريّة ويخرّب طبقاتها وينهب بقايا مكتشفاتها، هناك أكثر من مليون قطعة أثريّة من مختلف العهود نهبت من سوريا، وهي تباع اليوم في المزادات العالمية ومواقع التسوق بحسب أهميتها وارتفاع أثمانها”.

ويرى “فنصة” أنّ ما حصل في سوريا؛ حصل سابقاً في العراق، وأنّ كلّ الدراسات وأعمال المنظمات الدولية والمحلية ليست أكثر من مجموعات للإحصاء والتقصي! ليس لها وزن أو صوت أو فاعليّة على المواقع المُستهدفة بالنهب أو التخريب. كلّ ذلك لم يتوقف يوماً، منذ تاريخ طويل قبل الحرب أو الثورة أو الانتفاضة الشعبيّة العارمة في سوريا منذ العام 2011، وفي هذا السياق الكارثيّ، طالما بقيت الأمور السياسية والتحصينات العسكريّة والقوانين والتشريعات القديمة التي فاتها الزمن، على حالها، ودون حلّ سياسيّ بتأسيس مؤتمر وطنيّ شامل للسلام وتفعيل القرار الأممي 2254 المُلزم بخروج كلّ القوات المسلّحة المحتلّة للأرض السوريّة وإنهاء المنظومة الأمنيّة القائمة، لا أرى أيّة بارقة أمل في حماية الآثار قبل حماية النّاس والأبرياء من القتل والتعذيب والمعتقلات والتهجير” بحسب تعبيره.

ويرى “فنصة” أن الحلّ يبدأ من التفكير بمحاسبة المتسببين بالكارثة البشريّة والبيئيّة والأثريّة ووضع القوانين الحازمة الملزمة بملاحقة اللصوص والقتلة والمجرمين، دولياً، إلى آخر الدنيا، والذين ساهموا بشكل مباشر أو غير مباشر بسرقة ونهب وتدمير الآثار السوريّة، يقول: “كلّ ذلك كان يمكن الإصرار عليه عبر حزمة متكاملة من مشروع العدالة الانتقالية الذي جاء عليه القرار الأممي، ولكنّه بحاجة إلى شخصيات وطنيّة حقيقيّة تتحمّل مسؤولية حمل تبعات تنفيذ القرار الأممي، وملاحقة المسؤولين الدوليين عن تأخيره ولكن ليس بهذه المعارضة الوهميّة المائعة في رموز الائتلاف التي وظفتها الاستخبارات العربية وصنعوها من مافيات سياسية دولية لمفاوضة الأسد على تقاسم السلطات طوال السنوات الماضية والتي ولم ولن تحصل عليها” بحسب رأيه.

ويختم “فنصة” كلامه بالقول: “الشأن السياسيّ لا ينفصل عن الشأن الإنسانيّ في الصحة والتعليم والثقافة وحماية الآثار. إن سوريا مكتبة معارف أثريّة عريقة -كما أردد دائماً- تمّ تدميرها عن عمد وهيهات أن تُستعاد في ظلّ الظروف والشخصيات المرتزقة نظاماً ومعارضة!”.

مواضيع ذات صلة

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

إلى جانب كونها مدينة الطرب والقدود، برعت حلب وتميَّزت في فن الموشحات، وذلك بفضل كوكبة من ملحنيها ووشاحيها المبدعين، الذين كانوا مخلصين لذلك الفن  وحافظوا على روح وألق الموشح العربي وساهموا في إغنائه وتطويره، ومن أبرزهم الشيخ عمر البطش، الذي ساهم على نحو خاص في...

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

في الخامسة من عمره حظيت إحدى لوحاته بإعجاب العديد من أساتذة الرسم، نصير شورى الذي ولد عام ١٩٢٠ والذي كان محط عنايةٍ خاصة من والديه: محمد سعيد شورى، الأديب والشاعر الدمشقي المعروف، وأمه، عائشة هانم، ذات الأصول العريقة. فكان أن تلقى تعليماً خاصاً منذ نعومة أظفاره...

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

 "كنت أحلم بلوحةٍ تستطيع أن تخاطب بجمالياتها شريحة أوسع من الناس، لوحة تستطيع تجاوز مجموعة الجمهور التي تتكرر في حفل الافتتاح لأي معرض". ربما توضح تلك الكلمات، وهي للفنان نذير نبعة، مدى تبنيه وإخلاصه للفن، الذي كان رفيق دربه لأكثر من ستين عاماً، فهو الفنان الذي...

مواضيع أخرى

سوريا: صحة الفم والأسنان ليست على قائمة الأولويات

سوريا: صحة الفم والأسنان ليست على قائمة الأولويات

على مدار سنوات، عانت دليلة (68 عاماً- ريف دمشق) من تسوس ونخر ظاهرين في عدد من أسنان الفكين السفلي والعلوي، مع ذلك لم تقدم على زيارة الطبيب بسبب تردي الوضع المادي للعائلة، غير أنها قررت أخيراً الخضوع لسلطة الأمر الواقع نتيجة ألم مباغت في ضرس سفلي مكسور، بقي جذره عالقاً...

خارطة سورية مقسمة بمجاري الأنهار: والسوريون ضحايا انعدام الأمن المائي

خارطة سورية مقسمة بمجاري الأنهار: والسوريون ضحايا انعدام الأمن المائي

كانت السباحة في نهر الخابور أو الفرات أحد النشاطات المحظورة علينا حينما كنا صغاراً إن لم يكن برفقتنا أحد من ذوينا، وذلك لأنهما كانا كغيرهما من الأنهار السورية في النصف الأول من التسعينيات خطرين بفعل استمرارية التدفق ومن الخطورة بمكان السباحة فيهما، وإن بقي الفرات...

“ماويّة” حكايات اليباب الشاسع ومتعة السرد المزدوج

“ماويّة” حكايات اليباب الشاسع ومتعة السرد المزدوج

"قصص في اتجاه واحد" عنوان فرعيّ أرفقه القاص أنس ناصيف بالعنوان الرئيس "ماويّة". وماويّة، بحسب الكاتب، قرية تقع شرق مدينة سلميّة في محافظة حماة. وبحسب معرفتي، فإنّ مفردة ماويّة باللهجة العاميّة، تطلق في مناطق من الريف السوريّ، لوصف كلّ ما هو نديّ ورطب، وكأنّ فيه ماء....

تدريباتنا