تدريباتنا

رمضان دمشق… أكثر قسوة

by | Apr 7, 2022

قبل عام هجري بتمامه وكماله، أعد “صالون سوريا” تقريراً عن المواد والسلع التي غابت عن سُفَر السوريين/ات عند الإفطار والسحور في رمضان. منذ عام أيضاً أتى “شهر الخير” صعباً معيشياً على الناس في بلاد كل أنواع الحروب، وارتفعت الدعوات إلى السماء أملاً أن يكون رمضان العام المقبل أكثر خيراً، لكن الظروف الاقتصادية العالمية عموماً والسورية خصوصاً غلبت على كل الدعوات، حيث يطل رمضان هذا العام أكثر قسوة معيشية ويلقن السوريين/ات دراساً جديداً في الصبر وفي الاقتصاد أو “الحرص” أو ربما الإجبار على أن تكونَ سُفرهم/ن متواضعة، فيها من السلع ما ملكت رواتبهم/هن!
تواصلَ “صالون سوريا” هذا العام مع نفس ربات وأرباب الأسر والأشخاص العازبين، ممن تواصلَ معهم/ن رمضان الفائت. تصر دانا (صيدلانية 26 عاماً) أن الحل هو بالامتناع عن الصيام بأكمله، حيث تعيش الأسر السورية بغالبيتها صياماً قهرياً، وتسأل: “شرعاً هل يتوجب الصيام على الأسر التي يصعب عليها تأمين رغيف خبز؟”. يختلف كثيرون وكثيرات مع الصيدلانية في رأيها، ومنهن نور (صحفية 36عاماً) وأم وليد (ربة المنزل) اللتان تختلفان مع “دانا” وتتفقان كما العام الفائت في السلع التي سوف يستغنين عنها (التمور، اللحوم بأنواعها، الحلويات، وبعض أنواع الفواكه، والكثير من طبخات الأرز، الدجاج)، وتجهد كلاً منهما الكلام والشتائم.

الحاضر الغائب!
لم يكن الطعام والشراب وحده يزداد غياباً عن موائد السوريين/ات هذا العام، إنما أهل البيت أيضاً يزيد عدد غيابهم كل رمضان، ويسقط كرسياً جديداً كل عام عن المائدة، ليحضر على مائدة أخرى في بلاد الغربة، ليكونوا الغياب في رمضان حاضرين/ات عبر مكالمة فيديو مع أم قلت طبخاتها حجماً ونوعية، حيث ودعت أم علي (ربة منزل55 عاماً) اثنين من أولادها هذا العام قبل 3 أشهر من حلول الشهر الفضيل. هي ذاتها سوف تستغني عن “زيت القلي واللحوم الحمراء”، حيث وصل سعر الصنف الأول 14000 ألف ليرة سورية أي ما يعادل 3.5$، كما وصل سعر اللحوم الحمراء إلى ما يقارب ال10 $ للكيلو أي 40ألف ليرة سورية، في زيادة ما يقارب 15 ألف ليرة عن العام الفائت.
أما عمر (36 عاماً)، الصحافي الذي التقى معه “صالون سوريا” العام الفائت، يضيف إلى قائمته التي استغنى فيها العام الفائت عن كل أنواع الطعام المقلي واللحوم أصنافاً جديدة، كالتمور التي سوف يستبدلها بحلويات خفيفة من صنع زوجته، ويؤكد استمرار استغنائه عن أي أنواع من العزائم التي كانت عنوان حياة رمضان في سوريا، ويعقب ” أفقدنا الغلاء أعز عاداتنا الرمضانية”.

المواطن المقروض!
تتأثر البلاد التي تعاني الحرب منذ 11 عاماً، بكل أزمات العالم، هي البلاد ذاتها التي تُدرس الطلاب في كتب الجغرافية أهمية مناخها وموقعها الجغرافي، للزراعة وإنتاج الخضار والفواكه، يصل فيها سعر كيلو البندورة إلى ما يقارب اربعة الاف ليرة سورية، والخسة الف ليرة، والفليفلة الخضراء تنطح خمسة الاف ليرة، فبات صحن السلطة السوري اليوم لأسرة مكونة من 4 أشخاص، يجب أن يدخلَ غينس للأرقام القياسة ” كأغلى صحن في العالم”، حيث وصل ارتفاع الأسعار لدرجة أن مؤسسات السورية للتجارة ستمنح المواطنين/ات الموظفين/ات الحكوميين/ات، قروضاً لشراء السلع الأساسية في رمضان، تصل قيمة القرض 500 ألف ليرة سورية.
وعن قيم ارتفاع الأسعار هذا العام، تحدث الدكتور في الاقتصاد علي محمد لـ “صالون سوريا”، أن بعض الأسعار ارتفعت 50% وبعضها الآخر ارتفعت 100%، حيث وصل ارتفاع بعض السلع لـ 1000 ليرة سورية. وهذا “وضع كارثي” حسب تعبير الخبير. ويتابع حديثه عن جملة من المؤشرات التي تتحكم بوضع الأسعار في سوريا عموماً اليوم -رغم عدم توقعاته بأي انخفاضات في الأسعار- (سعر الصرف، أسعار حوامل الطاقة “النفط والغاز، الحالة الجوية التي يعتبر أثرها قليل مقارنة بغيرها من الأسباب، ومسار الحرب الأوكرانية- الروسية أيضاً. ويقول أن ملف رفع الدعم ساهم أيضاً بارتفاع الأسعار بشكل كبير، حيث رفع الدعم عما يقارب 600 ألف عائلة. ورد خبير اقتصادي آخر” رفض ذكر اسمه في سؤال عن أهمية زيادة الرواتب اليوم، قائلاً: “هي حاجة اجتماعية ملحة، رغم أنها ستساهم بحصول تضخم في السوق، لكن العملة اليوم تفقد قيمتها”.

وين رايحين!
يرش محمد مهنا (50 عاماً) بياع الخضار قرب ساحة الهدى في منطقة المزة خُضرته يومياً. ويصيح: “حمرة وريانة يا بندورة يا ورد مين يشتريك”!، يغنج الخضار والفواكه لقيمتها العالية اليوم على حد تعبيره، ويضحك قائلاً لـ “صالون سوريا”: “سألتك يابلد لوين رايحين”. ويتحدث أنه يعتبر هذا العام وخصوصاً على أبواب رمضان هو الأضعف قدرة شرائية عند الناس، و”لو نستطيع أن نبيع نصف حبة بندورة مثلاً، لاشترى الناس منها”.
من جهته، يقول الخبير الاقتصادي ان المواطن “يبحث عن الأولويات فقط، فلن نلحظ أسواقا مكتظة مثل السابق. لكن مميزات شهر رمضان، زيادة الحوالات الخارجية التي تصل يومياً 10 ملايين تقريباً، فتساهم في مساعدة الناس نوعاً ما، ومساعدتهم على شراء الأولويات”. وعن دور وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ضبط الأسعار، يشير أنه محدود وذلك “لعدم قدرتها على ذلك، و لضعف الكادر بشكل اساسي، واتساع رقعة السوق السوداء.
هل سيكون هذا العام آخر عام؟ يسأل المواطن/ة السوري/ة عن المواد التي سوف يستغني عنها في رمضان؟ أم سيكون هناك عام آخر أثقل من السابق؟، هي أسئلة تحكمها السياسة والقدر فقط…وما على السوريين/ات إلا الانتظار المبين.

مواضيع ذات صلة

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

إلى جانب كونها مدينة الطرب والقدود، برعت حلب وتميَّزت في فن الموشحات، وذلك بفضل كوكبة من ملحنيها ووشاحيها المبدعين، الذين كانوا مخلصين لذلك الفن  وحافظوا على روح وألق الموشح العربي وساهموا في إغنائه وتطويره، ومن أبرزهم الشيخ عمر البطش، الذي ساهم على نحو خاص في...

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

في الخامسة من عمره حظيت إحدى لوحاته بإعجاب العديد من أساتذة الرسم، نصير شورى الذي ولد عام ١٩٢٠ والذي كان محط عنايةٍ خاصة من والديه: محمد سعيد شورى، الأديب والشاعر الدمشقي المعروف، وأمه، عائشة هانم، ذات الأصول العريقة. فكان أن تلقى تعليماً خاصاً منذ نعومة أظفاره...

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

 "كنت أحلم بلوحةٍ تستطيع أن تخاطب بجمالياتها شريحة أوسع من الناس، لوحة تستطيع تجاوز مجموعة الجمهور التي تتكرر في حفل الافتتاح لأي معرض". ربما توضح تلك الكلمات، وهي للفنان نذير نبعة، مدى تبنيه وإخلاصه للفن، الذي كان رفيق دربه لأكثر من ستين عاماً، فهو الفنان الذي...

مواضيع أخرى

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

رغم انتشار ثقافة المطالعة واستقاء المعلومات عن طريق الشبكة العنكبوتية إلا أن ملمس الورق ورائحة الحبر بقيا جذابين للقارئ السوري. ولم تستطع التكنولوجيا الاستحواذ على مكان الكتاب الورقي، أو منافسته. وبقي الكتاب المرجع الأساسي والحقيقي لأي بحث علمي وأكاديمي، ولم يستطع...

التجربة المؤودة للمسرح الجوّال في سورية

التجربة المؤودة للمسرح الجوّال في سورية

بقي الريف السوري محروماً من المسرح إلى أن أنشأت مديرية المسارح والموسيقى في وزارة الثقافة ما أسمته "المسرح الجوال" عام ١٩٦٩، والذي بدأ عروضه بنشر الوعي المسرحي في الريف والمناطق الشعبية والنائية. صارت الصالة في كل مكان  والجمهور ضمنها، وكان كسر الحواجز بين...

“وفا تيليكوم”: اتصالات إيرانية على أراضٍ سورية

“وفا تيليكوم”: اتصالات إيرانية على أراضٍ سورية

ينتظر السوريون في الأسابيع المقبلة بفارغ الصبر وفق تصريحات حكومية انطلاق المشغل الخلوي الثالث "وفا تيليكوم" المرتبط بإيران التي ستدخل على خط الاستحواذ في قطاع الاتصالات الحساس والذي ظلّ حكراً على متنفذي السلطة لعقود. من خلال التواصل المباشر مع مصادر متعددة من داخل...

تدريباتنا