تدريباتنا

روسيا تفتح شرايين “سوريا المفيدة” ونوافذها

by | Sep 30, 2018

في منتصف عام 2015، كانت الحكومة السورية تسيطر فقط على نحو 15 في المائة من مساحة البلاد، وعلى البوابات الحدودية مع لبنان، مقابل سيطرة «داعش» وفصائل المعارضة وقوات كردية على باقي البلاد، ومعظم بوابات الحدود الـ19 مع العراق وتركيا والأردن، وخط الفصل مع إسرائيل.

التدخل العسكري الروسي المباشر، في سبتمبر (أيلول) 2015، قلب ميزان السيطرة؛ باتت قوات الحكومة حالياً تسيطر على نحو 65 في المائة من مساحة البلاد، البالغة 185 ألف كيلومتر مربع، فيما تتقاسم «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية – العربية، بدعم أميركي، من جهة، وفصائل عربية تدعمها أنقرة، السيطرة على باقي الأرض.

وإذا كانت لاستعادة السيطرة على درعا (مهد الثورة في عام 2011) أهمية رمزية، فإن لفتح معبر نصيب أهميته الاستراتيجية أيضاً، إذ تجري حالياً محادثات بين عمان ودمشق لإعادة فتح هذا المعبر بين سوريا والأردن، بعدما سيطرت قوات الحكومة على الجنوب، وعلى الجانب السوري من نصيب، بعد نحو 3 سنوات من خسارته في أبريل (نيسان) 2015.

وفي حال جرى فتح نصيب أمام البضائع في العاشر من الشهر المقبل، سيتزامن ذلك مع بدء تنفيذ الاتفاق الروسي – التركي الخاص بإدلب، وإزالة السلاح الثقيل من «المنطقة العازلة» في الشمال، قبل «التخلص من المتطرفين» في 15 الشهر، و«استعادة» الطريق الرئيسية بين حمص وحلب، ليحل بدل «طريق الموت» الخفي عبر خناصر – أثريا، إضافة إلى السيطرة على طريق حلب – اللاذقية قبل نهاية العام، بموجب الاتفاق الروسي – التركي الخاص بإدلب.

والواضح لمتابع سير المعارك أن لروسيا أولوية بفتح شرايين «سوريا المفيدة»، وربط بواباتها الحدودية بالعالم، لفك العزلة الغربية عن دمشق:

المعابر الحدودية

بين المعابر الـ19، تسيطر دمشق على 5 مع لبنان، ومعبر مع الأردن، وآخر مع العراق، ومعبرين مع تركيا التي أقفلتهما. وبحسب تقرير سابق لوكالة الصحافة الفرنسية، ومعلومات من المعارضة ودبلوماسيين، هنا توزيع السيطرة:

– نصيب، يقع بين دمشق – درعا: سيطرت الفصائل المعارضة عليه في أبريل 2015، لكن قوات الحكومة استعادته في يوليو (تموز) الماضي.

– الرمثا الأردني: استعادته دمشق قبل أسابيع، بعدما فقدت السيطرة عليه منذ عام 2013.

– كسب، في ريف اللاذقية: مقفل من الجانب التركي بعد معارك في 2014، وإن كان لا يزال تحت سيطرة دمشق.

– باب الهوى، شمال إدلب: وهو تحت سيطرة إدارة مدنية تابعة لفصائل معارضة.

– باب السلامة، في منطقة أعزاز بمحافظة حلب (شمال): تحت سيطرة فصائل سورية معارضة موالية لتركيا.

– جرابلس، في حلب (شمال): تحت سيطرة فصائل «درع الفرات» المدعومة من الجيش التركي.

– تل أبيض، في الرقة (شمال شرقي البلاد): تحت سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية، ضمن «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة أميركياً، بعد طرد «داعش» في 2015، لكنه لا يزال مغلقاً، وتشترط أنقرة إبعاد «الوحدات» عنه.

– عين العرب (كوباني)، شمال حلب: تحت سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية، وهو مغلق رسمياً، وتريد أنقرة إبعاد الأكراد عنه، وتقع قربه قاعدة عسكرية أميركية.

– رأس العين، في الحسكة: شهد معارك عنيفة، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، في صيف عام 2013، بين «داعش» والمقاتلين الأكراد الذين تمكنوا من طرده من المعبر، ومن مدينة رأس العين.

– القامشلي – نصيبين: هو المعبر الوحيد في محافظة الحسكة الذي لا يزال تحت سيطرة قوات الحكومة، لكنه مقفل من السلطات التركية.

– عين ديوار، في الحسكة: وهو تحت سيطرة المقاتلين الأكراد، ويتم الإفادة من معبر زاخو للعبور من الخابور بين شمال شرقي سوريا وكردستان العراق.

– اليعربية – الربيعة: يقع في محافظة الحسكة، ويربطها مع العراق، وهو تحت سيطرة المقاتلين الأكراد.

– البوكمال – القائم، بين ريف دير الزور والعراق، وهو تحت سيطرة قوات الحكومة والميليشيات الإيرانية، وقد أرسلت دمشق رسائل إلى بغداد لإعادة فتحه، بديلاً عن معبر التنف.

– التنف، أو الوليد من الجهة العراقية: يقع جنوب دير الزور، وتسيطر عليه قوات التحالف الدولي، بقيادة أميركية، مع فصائل معارضة تدعمها، منذ طرد تنظيم داعش منه. وتقع قربه قاعدة التنف، وتقول أميركا إنها لن تنسحب منه أو من مناطق شرق سوريا، ما بقيت ميليشيات إيران وقواتها في سوريا.

– المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا، وهي خمسة: جديدة يابوس والمصنع من الجانب اللبناني، والدبوسية والعبودية من الجانب اللبناني، وجوسية والقاع من الجانب اللبناني، وتلكلخ (البقيعة من جانب لبنان)، وطرطوس (العريضة من الجانب اللبناني). وتوجد على طول الحدود معابر كثيرة غير شرعية، معظمها في مناطق جبلية وعرة، بحسب الوكالة الفرنسية.

إسرائيل وسوريا في حالة حرب رسمية، ولا توجد معابر بين البلدين، لكن فصائل كانت تسيطر على القنيطرة، غير أن قوات الحكومة عادت إليها بدعم روسي. وأعاد الجيش الروسي العمل باتفاق فك الاشتباك في الجولان، ونشرت الشرطة الروسية «القوات الدولية لفك الاشتباك» (أندوف). وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، قال أول من أمس إنه يدعم فتح معبر القنيطرة أمام تنقل أهالي الجولان المحتل، ونقل البضائع، خصوصاً بيع التفاح «الجولاني» في سوريا، كما كان الأمر قبل 2011.

الجزء المتبقي من الحدود مفتوح على البحر المتوسط، والمرافئ البحرية كلها تحت سيطرة الحكومة، وتقيم روسيا قاعدة بحرية في ميناء طرطوس، وقاعدة جوية في قاعدة حميميم في ريف اللاذقية. وتسيطر الحكومة على مطارات دمشق وحلب واللاذقية، إضافة إلى مطار القامشلي في مناطق الأكراد، لكن عدداً من الشركات الدولية لا تزال تقاطع السفر إلى المطارات السورية.

الطرق الرئيسية

الطريق بين نصيب على حدود الأردن وباب الهوى على حدود تركيا يعرف بـ«إم – 5» أو «شريان الحياة» للاقتصاد السوري، ويمتد نحو 450 كيلومتراً، ويربط أوروبا عبر تركيا بالخليج عبر الأردن. وإذا ضم إليه طريق اللاذقية – حلب، المعروف بـ«إم – 4»، وتم ربطه بطريق ممتد من حلب إلى دير الزور والعراق، وإذا تم تشغيل طريق بيروت أو طرابلس بنصيب، يكون الربط بين المتوسط والعراق والخليج قد تم عبر البوابة السورية.

ولم يكن «شريان الحياة» بشكل كامل تحت سيطرة دمشق خلال السنوات السبع الماضية، إذ بدأ التحول في نهاية 2016، عندما سيطرت قوات الحكومة على شرق حلب.

وبعد التدخل العسكري الروسي، بات واضحاً إعطاء موسكو أولوية لاستعادة الطرق الرئيسية، لتنشيط الاقتصاد واستعادة السيادة.

وكانت الفصائل المعارضة قد ركزت منذ عام 2011 على قطع أجزاء من الطريق في محافظتي دمشق وحمص، قبل أن تسيطر على أجزاء رئيسية منه في العام التالي. ويمر نحو 30 كيلومتراً من هذا الطريق في مناطق في الغوطة الشرقية وجنوب دمشق، وقسم مشابه في ريف حمص.

وتمكنت قوات الحكومة في الأشهر الثلاثة الأخيرة، بدعم روسي، من استعادة كل الأحياء الخارجة عن سيطرتها في جنوب العاصمة، وطرد الفصائل المعارضة من الغوطة الشرقية، قرب دمشق، ومن مدن عدة في محافظة حمص (وسط)، تقع جميعها على الطريق الرئيسي بين نصيب والشمال والشمال الغربي.

وتم الاحتفال رسمياً في مايو (أيار) بتشغيل القسم الواقع في ريف حمص، ثم ترميم القسم الآخر في حرستا، شرق دمشق.

وتأمل دمشق وموسكو، مع استعادة السيطرة على نصيب، في إعادة تفعيل هذا الممر الاستراتيجي، وإعادة تنشيط الحركة التجارية مع الأردن ودول أخرى، ومع لبنان، إضافة إلى إعادة تشغيل الطريق بين تركيا والجنوب السوري، وبين الساحل وشرق البلاد، وتحريك التجارة، وفك العزلة السياسية، إضافة إلى فتح شقوق في موقف الدول الأخرى التي تضع شروطاً للمساهمة في إعمار سوريا، التي تقدر كلفة الحرب فيها بـ400 مليار دولار أميركي.

مواضيع ذات صلة

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

إحدى وثلاثون سنة من الغياب مضت على انطفاء فارس السرد "هاني الراهب" ومازالت نصوصه تتوهج وتمارس سطوتها وحضورها الآسر على أجيال أتت من بعده تتقرى معانيه وتتلمس خطاه رغم التعتيم والتغييب الذي مورس بحقه على مر الزمن الماضي ومحاصرته في لقمه عيشه بسبب من آرائه ومواقفه،...

الواقعية النقدية لدى ياسين الحافظ

الواقعية النقدية لدى ياسين الحافظ

ياسين الحافظ كاتبٌ ومفكر سياسي سوري من الطراز الرفيع، يعدُّ من المؤسسين والمنظرين للتجربة الحزبية العربية. اشترك في العديد من الأحزاب القومية واليسارية، ويعدُّ الحافظ في طليعة المفكرين التقدميين في العالم العربي، اتسم فكره بالواقعية النقدية، تحت تأثير منشأه الجغرافي...

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

يمثل عبد السلام العجيلي ذاكرة تأسيسية في مدونة الأدب السوري، ذاكرة من من ذهب وضياء، ضمت في أعطافها عبق الماضي وأطياف الحاضر، امتازت بقدرته الفائقة في الجمع بين مفهومين متعارضين ظن الكثيرون أنه لا لقاء بينهما، ألا وهو استلهامه واحترامه للتراث وللإرث المعرفي المنقول عمن...

مواضيع أخرى

زكريا تامر بوصلة التمرد الساخرة

زكريا تامر بوصلة التمرد الساخرة

"أكثر قصصي قسوة هي أقل قسوة من الحياة العربية المعاصرة، وأنا لا أستطيع وصف السماء بجمالها الأزرق متناسياً ما يجري تحت تلك السماء من مآس ومجازر ومهازل.. صدّقني الأسطورة أصبحت أكثر تصديقاً من واقعنا المرير" بهذا التوصيف العاصف يلخص الكاتب السوري زكريا تامر (1931) تجربته...

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

إحدى وثلاثون سنة من الغياب مضت على انطفاء فارس السرد "هاني الراهب" ومازالت نصوصه تتوهج وتمارس سطوتها وحضورها الآسر على أجيال أتت من بعده تتقرى معانيه وتتلمس خطاه رغم التعتيم والتغييب الذي مورس بحقه على مر الزمن الماضي ومحاصرته في لقمه عيشه بسبب من آرائه ومواقفه،...

افتحوا النوافذ كي يدخل هواء الحرية النقي

افتحوا النوافذ كي يدخل هواء الحرية النقي

يصدمنا الإعلام الاجتماعيّ كل يوم بمقاطع فيديو وأخبار حول امتهان كرامة الإنسان في سورية عن طريق استفزازات لفظية وعنفٍ جسديّ يُمارَس ضد أشخاص تصنّفهم الآلة الإعلامية للمرحلة الانتقالية على أنهم من "فلول النظام“ السابق. ولقد سمعنا عن أشخاص تُقتحم بيوتهم...

تدريباتنا