أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة...
تدريباتنا
ورشة تدريب صالون سوريا
يعلن فريق #صالون_سوريا، التحضير لدورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة...
على مدار سنوات، عانت دليلة (68 عاماً- ريف دمشق) من تسوس ونخر ظاهرين في عدد من أسنان الفكين السفلي والعلوي، مع ذلك لم تقدم على زيارة الطبيب بسبب تردي الوضع المادي للعائلة، غير أنها قررت أخيراً الخضوع لسلطة الأمر الواقع نتيجة ألم مباغت في ضرس سفلي مكسور، بقي جذره عالقاً منذ عقود.
أثناء المراجعة، نصحها الطبيب بانتزاع الضرس كلياً، وتركيب جسر (تعويضات سنية) عوضاً عنه في حال لم تفلح المسكنات، لكن بعد احتساب التكلفة، اكتفت المريضة بمسكن آلام نجح في تهدئة الوجع مؤقتاً؛ على إثره، شعرت دليلة براحة نفسية لأنها أجلت الإصلاحات إلى أجل غير مسمى.
وبعد سؤال عدد من المرضى والأطباء، تبين أن تكلفة “تلبيس” معدن زيركون (وضع تاج فوق السن المتضرر) لضرس واحد فقط متفاوتة، وقد تصل إلى حدود مليون ونصف ليرة سورية، غير أن تكلفة معالجة نخر وإضافة حشوة دائمة تقترب من حدود 500 ألف ليرة سورية في عيادات خاصة متنوعة ضمن مركز المدينة، بيد أن التكلفة تنخفض ضمن بعض المراكز الطبية أو عيادات في أحياء شعبية وحتى بريف دمشق.
اشتكى طارق مؤخراً من ألم في أحد الأضراس، ما دفعه إلى قصد طبيب أسنان قريب من مسكنه في منطقة مزة 86، بلغت تكاليف حفر الضرس وتعبئته بحشوة دائمة 150 ألف ليرة سورية بعد خصم الطبيب 50 ألف ليرة من الكلفة الكلية لكون طارق أحد زبائن العيادة السابقين.
شعر طارق بأن التكلفة مرتفعة بالمقارنة مع المراجعة الأخيرة لسبب مماثل، ونظراً لتذبذب الأسعار وضع في حسبانه أنها ستصل إلى 100 ألف ليرة. مع ذلك يعتقد طارق أن أجور الطبيب تبدو معقولة بالنظر إلى أجور عيادات أخرى في مركز المدينة، ولهذا تشهد عيادته ازدحاماً.
ينقل طارق عن الطبيب شكواه الدائمة من قلة توفر المواد الطبية وارتفاع ثمنها المستمر، وفي ظل تقنين حاد في الكهرباء، يرتكز الطبيب على مصدر طاقة شمسية لتشغيل أجهزة عيادته.
قطاع صحة متدهور
يبرز تقرير (هدر الحق في الصحة خلال النزاع السوري) الصادر عن شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، والمركز السوري لبحوث السياسات في عام 2023 مكانة الاعتماد على الدعم الإنساني بعد ما أدّى النزاع إلى تدهور حاد في خدمات الصحّة العامّة والتمويل الخاص بها، حيث انخفض الإنفاق على الصحّة العامّة بنسبة 68% بالقيمة الفعليّة بين عاميّ 2010 و2020. (المركز السوري لبحوث السياسات 2021).
وبحسب التقرير، رافق هذا التدهور تزايد كبير في الاحتياجات الصحية، وزيادة الحاجة إلى الدعم الإنساني الدولي. ويستند التقرير إلى بيانات خدمة التتبُّع المالي التابعة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية؛ إذ تلقى قطاع الصحة حوالي 2.3 مليار دولار أميركي، ما يمثّل 9.3% من إجمالي التمويل الإنساني المقدّم إلى سوريا عبر برامج الاستجابة الإنسانية منذ العام 2011 حتى العام 2022.
وبعد حوالي 13 عاماً من اندلاع النزاع، تقدر منظمة الصحة العالمية عدد الأفراد الذين يحتاجون مساعدات صحية بـ 15 مليون شخص؛ أي 65% من السكان.
معالجة مكلفة
على الطرف الآخر، يبدو المشهد الاقتصادي مربكاً، فمع بداية شهر تموز 2024، ارتفع وسطي تكاليف المعيشة لأسرة سورية مكوّنة من خمسة أفراد إلى نحو 13 مليون ليرة سورية، أما الحد الأدنى فقد وصل إلى 8 ملايين ليرة سورية، وفقاً لـ”مؤشر قاسيون لتكاليف المعيشة” الصادر عن صحيفة (قاسيون) المحلية.
ولا يتناسب حجم الإنفاق العام للأسرة مع الدخل الشهري، حيث يبلغ وسطي الرواتب والأجور في القطاع العام حوالي 300 ألف ليرة سورية (21 دولاراً أمريكياً).
ويحد انخفاض الدخل وتضخم الأسعار من قدرة المرضى على مراجعة عيادات طب الأسنان، كذلك يلعب الألم دوراً في تقرير زيارة الطبيب من عدمها. يعمل طبيب الأسنان أنس الحريري في عيادة بمنطقة جديدة الشيباني بريف دمشق. خلال عمله، لم يصادف الطبيب حتى الآن معالجات وقائية ومعاينات دورية للاطمئنان على صحة الفم والأسنان مرجعاً ذلك إلى تردي الوضع الاقتصادي للأفراد.
يفيد الحريري بأن نسبة الحالات البسيطة التي كانت تراجع الطبيب مثل النخر أو الوجع الطفيف باتت أقل. لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث أسهم تدهور الدخل إلى جانب الجهل في إهمال المعالجات أو الأمراض اللثوية ما دامت لا تسبب ألماً، يعقب الطبيب: “على الرغم من أن تداعياتها خطيرة، وقد تسبب فقد أسنان”.
ولا يزال يُقبل قسم من المرضى على المعالجة التجميلية وتبييض الأسنان، إلا أن الطبيب يقول: “إن القسم الأكبر من الحالات يرتبط بألم شديد يمنع المريض من النوم مثل الخراجات”. وعن الفئات العمرية التي تقصد العيادة، يوضح أن فئة الأطفال هي الأكثر حضوراً.
ويسجل الطبيب الاختصاصي بعض ملاحظاته المرتبطة بتدهور الوضع الاقتصادي، حيث يطلب بعض الأهالي اقتلاع السن المؤقت للطفل بدلاً من المعالجة بهدف تقليص التكلفة إلى الحد الأدنى على الرغم من خطورة أن يفضي الإجراء إلى مشاكل تقويمية لاحقاً، بحسب تحذير الطبيب لذوي الطفل.
استيراد مرتفع الثمن
لا يخفي الحريري أن معالجة عدة أسنان مثل “سحب عصب” (إزالة اللب والعصب المصاب من جذر السن) وغيره تتطلب أجراً يعادل دخل أكثر من شهر لموظف أو عامل، مع العلم أن تسعيرة المعالجة في الريف أقل من العاصمة.
وانعكس تأثير الأزمة الاقتصادية وصعوبة الاستيراد على أسعار المواد الطبيبة أيضاً، يشير الطبيب إلى أن أغلب المواد مستوردة، وهي إما مفقودة في السوق أو متوفرة بأسعار تتجه نحو الارتفاع بين أسبوع وآخر، ومن جهة ثانية فإن الجهات الموردة باتت معدودة، ما سيزيد سعر المعالجة في المحصلة النهائية.
وبالنسبة للأطباء، تبدو الموازنة صعبة بين رفع أجور المعاينة للمرضى، وبين زيادة التكاليف نتيجة الارتفاع المستمر في أسعار المواد واحتياجات العيادة الأخرى؛ لذا يتخوف طبيب الأسنان أنس الحريري من أن رفع أجور معاينة ومعالجة الأسنان قد يخفّض نسبة المرضى المراجعين للعيادة بالتوازي مع تدني مستوى الدخل.
مواضيع ذات صلة
مواضيع أخرى
تدريباتنا
ورشة تدريب صالون سوريا
أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة...
ورشة تدريب صالون سوريا
يعلن فريق #صالون_سوريا، التحضير لدورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة...