تدريباتنا

قصائد متنوعة لعلاء الدين عبد المولى

by | Sep 29, 2020

  1. ثنائيّاتٌ غيرُ منتهية

سأهدأُ حين تمرّين كالعاصفةْ

وأعصفُ عند انسدالِ السّماءِ على كتفيكِ…

وأكتبُ بالماءِ فوق الزجاجِ: أحبّكِ،

ثمّ أرى الماءَ نهراً على الطاولةْ.

سأدفَعُ في النّهرِ جسمَ المساء

ألوّحُ للفجرِ كن دافئاً كشفاهِ حبيبي

إذا احتاجَ هذا النّسيمُ إلى وردةٍ سأدلّ عليكِ

وإنْ ملّ من صوته وترٌ سأدلّ عليكِ كذلكْ.

أنا الآن تحتَ جناحيْكِ مستسلمٌ للرّحيلِ إليكِ

ومهما تغبْ نجمةٌ عن معلّمها ستعودُ إليه…

وأنتِ مجرّةُ دهشةْ

أدورُ بفضلِكِ في أفقٍ يتجدّدُ من ذاتهِ…

هنا عند منعطفِ الحلْمِ أعطفُ قلبي على قدحٍ يتوهّجُ باسمكِ،

لا ليلَ يغفل عن سحرِ اسمكِ…

…حتى النهايةِ سوفَ أهدهدُ من وطأةِ الكيمياءِ

لأنّ الصّباحَ الّذي شقّني قمرينِ؛ أتى منكِ…

…لا بدّ من لغةٍ للنوافذِ حين تودّعُ ضوضاءها

ولا قلبَ يخسرُ أكثرَ ممّا خسرتُ.

ولكنّني أتمشّى على طُرُقاتٍ منَ الكلماتِ الشّريدةِ،

يتبعني ظلّكِ المريميُّ كنذرٍ قديمْ.

أردّدُ بيني وبيني نشيداً عن الخمرةِ السّرْمَديّةِ،

هلْ كنتِ تشتغلينَ إلهةَ كرْمٍ على طَرَف السّفحِ أسفلَ وادي الوجود؟

لأنّكِ أكثرُ من صورةٍ ومجازٍ وأجْملُ منْ استعارةْ

أُبعثرُ قلبي على قدميكِ ولا أتردّدُ أن أنحني لأحسّ علوَّ السّماء.

هي السّاعةُ الآنَ خمرٌ كثيرٌ تمامَ القدحْ

وصوتُ العقاربِ رخُّ المياهِ على النافذةْ.

ستمطرُ فيما يلي من شهورٍ يدايَ

لأنّكِ تحتشدينَ أمامَ الكتابةِ ملتفّةً باللغاتِ القديمةِ والقادمةْ.

علوتُ قليلاً لأن جباليَ يرعى عليها صنوبركِ الخالدُ

علوتُ لأنّكِ واحدتي في رحيلي، ولكن أنا؛ هل أنا واحدُ؟

24/3/2009

  1. لا النّافية للموت!

لا دليلَ على سعةِ الأرضِ إلاّ وجودكِ فيها

والّذي خسرتْه إناثُ القرنفلِ من لمعةِ النّهدِ

أكمَلَه صدركِ البضّ…

لا شاعرٌ قبليَ اختلّ إيقاعُهُ فتوازنَ في شفتيكِ

وأمعنَ في الخطأ النّحويّ ليضبطَ معجمهُ في لسانكِ

ما من دليلٍ على حسنِ شعري

سوى أنّ ظَهركِ أبلى بلاءً رهيفاً

بإعطاءِ سفحِ الخيالِ مجازاً جديداً…

لا دليلَ على أملٍ غير ليلٍ تسلّى

بعدّ النّجومِ على ساعديْكِ…

لا دليلَ على مطلعِ الفجرِ إلاّ اندلاعُ البلابلِ

من كتفيكِ…

لا دليلَ على صحّةِ القلبِ غيرُ اعتلالي بحبّكِ…

لا صوت نبعٍ إذا غابَ ظلّكِ

ما من دليلِ على سهري في الموشّحِ

إلا بقيّةُ أندلسٍ تحتَ عينيّ من أثرِ العنبِ

لا دليلَ على الذّهبِ

غير فركِ يدينا لأيقونةِ النّارِ ما بيننا

لتسيلَ على جانبينا خواتمَ من لهبِ

لا دليلَ على فضّةِ الحلْمِ غيرُ شروعِ القمرْ

بالولادةِ فوقَ سريركِ هذا المطرّزِ بالسّحبِ

لا دليلَ على أنّني مشبعٌ بالحنينِ سوى أنّني

أثقبُ النّايَ ثقباً جديداً

وينزفَ فيكِ مزيجاً من الانتظارْ

لا دليلَ عليّ سواكِ

أؤجّلُ تشييعَ كلّ الورودِ

إلى أن يجفّ الحليبُ

وينقطعَ العطرُ من نسلهِ

ويغادرَ قلبي محطّاته دون أي قطارْ

لا دليلَ على أنّني قد أموتُ بحبّكِ

غير انتهاءِ الحوارْ.

17/5/2009

  1. بعض من شبق الحياة

ولديّ من شبق الحياةِ فيوضُ مجنونٍ يجنُّ

ويكرهُ الأنقاض والأطلال والقصفَ الدّنيءَ

على كؤوس الماء أو أقداح خمر العارفينْ

وأحبّ ” زوربا ” في صعودِ بروقهِ الزّرقاء في أقمار موسيقى تنيرُ كوامنَ العشّاقِ وهو يدقّ أرضَ الرّوحِ يوقظُ كلّ جنّيّاتِ شهوته يرقّصهنّ حول القمح قربَ الجمر حولَ عواصفِ الفرحِ المبينْ

وأحبّ ” داليدا ” التي هزمت كثيراً لسعةَ الأفعى وظلّت تنشرُ الكلماتِ بين سطوحِ مصرَ كأنّها فلاّحةٌ مصريَّةٌ من عهدِ “يوسفَ” وهو يقلبُ في الكنانةِ قبرها يُحْيي عظامَ الحالمينْ

وأحبُّ رقصتها المشعَّةَ بالزهورِ

وبحّةَ الأعماق في روحٍ تعذّبها وتسحقُ حلمها الطّاغي

إلى أن أمهلتها الريح ثانيةً

فقالت لن أكون سوى مرايا للحنينْ

وأحبُّ أفلامَ البحار

وعالم الحيوان

أسئلةَ الصخور على الجبال

أحبُّ تحليق الطّيورِ مع الصباحِ

أحبُّ أشجار الأكاسيا في هضاب الّنورِ

أسماءَ البنفسج في الأغاني

وأحبُّ كَـوْنيَ عاشقاً متأخّراً لأطاردَ الغزلانَ في أبد الزّمانِ

وأحبّ أنّي عالمٌ تالٍ لأوّله القديمِ

وأنّني وشمُ الوجودِ على المكانِ

وأحبّ أنّي لفظةٌ خضراءُ في السّهلِ المعدِّ لمهرجانِ القطنِ في أرض الشآمِ

وأنّني في ذاتِ يومٍ سوف أدخلُ روحَ مولاي الحصانِ.

6 تشرين أول 2012

  1. ينابيع

تأخّرت البنتُ على النبع.

حين أفاقتْ، وجدتْـه قربها في السرير

 

جلس الشاعر قرب النبع،

فلم يميّـز الآخرون بينهما

 

البنت التي ذهبت تعبّىء جرّتها من النّبع،

أخطأت، فنسيت الجـرّةَ ممتلئةً، وحملت النبع على كتفها.

 

الجميع يغسل يديه بماء النيع:

من تلطّخت يداه بالدماء، ومن تضمّختْ يداه برحيق النهدين

 

والنّبع في نزوله من عليائه،

يسقي في طريقه حـتّى الأعشابَ الضّـارة!

 

مع أن النبع واقف في مكانه ثابتاً،

لكنه لا يتقدم إلاّ إلى الأمام…

 

  • ما قصتك مع النبع؟
  • منذ عرفتُكِ أصبحتُ خبيراً بعلم الينابيع.
  1. كابوس

أفاق الكابوسُ عليَّ

كنت أركبُ حبالاً مائيّةً

أدلي رجليَّ في الفراغ

أدحرجُ عن أصابعي نجوماً حجريَّةً

ربما هبطتْ من سنديانةٍ على بابِ الكهف المجاور

العصافيرُ لم تهربْ منّي مع أنّ شكلي غيرُ معروفِ الانتماء

رأسي صورةٌ عن أبي الهول إلاَّ قليلاً

صدري مغارةٌ صغيرةٌ تخرجُ منها الأعاصيرُ

يدايَ سؤالان ساقطانِ في اللاَّجدوى

قدمايَ سروتانِ متأهّبتان للشّجارِ مع الهواء

وحتى الآن لا أعرفُ لماذا أصرَّت الفراشةُ أن تتحوّلَ إلى تمثالِ شمعٍ يفتحُ فمَه ويبدأ بابتلاعي

ولا أدري أينَ كنتُ الآن لوْ لمْ يستفقِ الكابوسُ عليَّ

19 آب 2011

  1. يا جدّتي … إنها حرب

عمّـا قليلٍ سوف أسحبُ جثَّتي من شارع الذكرى لأستعصي على النّسيان

أنقرُ حبّةَ القمح الأخيرة في جِـرابِ الجدّة الأولى

أقبّلُ رأسها لتطيلَ في سردِ الحكايةْ

وأقول: لطفاً جـدَّتي لا تأخذيني للنهايةْ

سأضيعُ مثل قطيع خـرفانٍ على دربِ الذئابْ

إنْ لمْ تضيفي للكلامِ رقائقَ الحلوى

بنكهةِ نجمةٍ عذراء…

ماذا يفعلُ الأيتامُ في هذا الفراغِ سوى مواصلةِ الحنينِ

إلى أبٍ عيناهُ تلتهمانِ مائدةَ الضبابْ؟

يا جـدّتي … هي جـثّتي مستهلكةْ

لكنّها قد تُـصْلحُ الميزانَ عندَ المعركةْ.

11 نيسان 2012

  1. يومُ الأموات
  2. في يومِ الأمواتِ وقفتُ أمام السّاحرة

حملتْ بيدها باقةً من النّبات مغسولاً بالماء

رفعتُ يديَّ في الرّياح

دارت الساحرة حولي ترشّ عليَّ ماء النبات

تطيّرُ البخورَ في بيوتِ جسدي الصغيرة

تقرأُ تعاويذَ  لاأحد يفهمها إلا هيَ

وروحي التي أفلتتْ مني طائرةً بعيداً عالياً

حتى بلغتْ أعلى طيرٍ يختبىءُ في قمَّة الكاتدرائية…

***

  1. في يومِ الأمواتِ حملتُ روحي في حقيبةٍ غيرِ مرئيّة

كانت أطياف الجنازاتِ تتراءى لي في ذاكرتي

هناك في ليل مدينتي صرخات الجماجم المكسرّة

عظام تتدحرجُ على منعطفات الدمّ

بينما عيني ترى هنا مهرجانَ الألوان في لحظة استحضار الأرواح المكسيكية القديمة

أقنعةٌ لا نهاية لها

على الأرض ارتسمت أشكالُ قبورٍ

يا للدهشة

يا لموسيقى السّحر

قبورٌ مرسومةٌ بالورود؟

هل تسمحين أيتها الأرواحُ أن أغفو قليلاً إلى جانبكِ؟

أنتِ يا حارسة القبور

أيّ فرحٍ تدافعين عنه ؟

أيّ فقيدٍ تفرحين بالنّيابة عنه؟

أيّ بكاءٍ سرّيّ خلفَ هذه الورود

ها قد لمحتُ دموعاً معطّرةً من عين الوردة

وردةُ الموتى تختصرً آلافَ الجنازات في وادي المكسيكِ

وردةٌ واحدةٌ

لكنّها صيفٌ كاملٌ يبشّرُ بالشّمس

  • نيسان 2012
  1. بيت الرّوح / بيتُ الوجود

سقطتْ على منزل روحي عواصفُ اقتلعت حجارة الصوّان من أبراجها

مثلما أوقعتْ أوراق الشجر من أحلامها

وهكذا بقيتْ روحي بلا منزلٍ

كيف أبني لها حصناً يحميها من قطعانِ الرّعب ؟

أين الحجرُ الحنون؟ / الرّملُ الشمسيُّ؟ / الخشبُ المعجونُ برائحةِ الورد؟

سألتُ الشجرةَ والكهنةَ والقديسين

صوتهم في الريح قال لي:

اترك روحكَ تسافر في طرقات الغابات والسفوح الخطيرة

عليكَ أن تقطع سبع صحراوات وثماني هضاب

وفجأةً تهبّ عليكَ ريحٌ شرسةٌ تحملُ حجارةً من الصوان

تدخلُ روحكَ لقاء الموت تطيرُ تحطُّ متعبةً ممزّقةَ الأجنحة قليلةَ القوى

لكن عليها أن تكمل

بعد أن تصرعَ قوةَ الرّيح / وتردّ عنها الصوّان ذا الشّرر

هكذا كُتبَ في شعائرِ الآلهةِ

تذهب بعدها إلى شواطئ نهر المياهِ التّسعة

ثمّة كلبٌ أحمر تصعد عليه روحكَ لتجتاز النهرَ

وبعد أن تصل الشاطئ قل لها أن تغرز سهماً في حلْقِ الكلبِ

يموتُ وتفرح روحكَ

هناك الكون كلُّه بيت للروح

النجوم سقفٌ

الفراشاتُ نهاراتُ رّقصٍ

النّسيمُ الصَّباحيُّ أجراسُ ذرة كريمة

صلّ للمشرق والمغربِ

كلْ من ثمر المانجو فرحاً

اعصر سلال الجوافة

اسقِ حتّى قطيعَ الذّكريات

اغسلْ بماء الشمسِ قلبكَ

اتّحدْ مع أجزاء الوجود.

الوجودُ حصنُ الرّوح القوي

الوجودُ عطرٌ لوردة الرّوح.

19 نيسان 2012

مواضيع ذات صلة

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

إلى جانب كونها مدينة الطرب والقدود، برعت حلب وتميَّزت في فن الموشحات، وذلك بفضل كوكبة من ملحنيها ووشاحيها المبدعين، الذين كانوا مخلصين لذلك الفن  وحافظوا على روح وألق الموشح العربي وساهموا في إغنائه وتطويره، ومن أبرزهم الشيخ عمر البطش، الذي ساهم على نحو خاص في...

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

في الخامسة من عمره حظيت إحدى لوحاته بإعجاب العديد من أساتذة الرسم، نصير شورى الذي ولد عام ١٩٢٠ والذي كان محط عنايةٍ خاصة من والديه: محمد سعيد شورى، الأديب والشاعر الدمشقي المعروف، وأمه، عائشة هانم، ذات الأصول العريقة. فكان أن تلقى تعليماً خاصاً منذ نعومة أظفاره...

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

 "كنت أحلم بلوحةٍ تستطيع أن تخاطب بجمالياتها شريحة أوسع من الناس، لوحة تستطيع تجاوز مجموعة الجمهور التي تتكرر في حفل الافتتاح لأي معرض". ربما توضح تلك الكلمات، وهي للفنان نذير نبعة، مدى تبنيه وإخلاصه للفن، الذي كان رفيق دربه لأكثر من ستين عاماً، فهو الفنان الذي...

مواضيع أخرى

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

رغم انتشار ثقافة المطالعة واستقاء المعلومات عن طريق الشبكة العنكبوتية إلا أن ملمس الورق ورائحة الحبر بقيا جذابين للقارئ السوري. ولم تستطع التكنولوجيا الاستحواذ على مكان الكتاب الورقي، أو منافسته. وبقي الكتاب المرجع الأساسي والحقيقي لأي بحث علمي وأكاديمي، ولم يستطع...

التجربة المؤودة للمسرح الجوّال في سورية

التجربة المؤودة للمسرح الجوّال في سورية

بقي الريف السوري محروماً من المسرح إلى أن أنشأت مديرية المسارح والموسيقى في وزارة الثقافة ما أسمته "المسرح الجوال" عام ١٩٦٩، والذي بدأ عروضه بنشر الوعي المسرحي في الريف والمناطق الشعبية والنائية. صارت الصالة في كل مكان  والجمهور ضمنها، وكان كسر الحواجز بين...

“وفا تيليكوم”: اتصالات إيرانية على أراضٍ سورية

“وفا تيليكوم”: اتصالات إيرانية على أراضٍ سورية

ينتظر السوريون في الأسابيع المقبلة بفارغ الصبر وفق تصريحات حكومية انطلاق المشغل الخلوي الثالث "وفا تيليكوم" المرتبط بإيران التي ستدخل على خط الاستحواذ في قطاع الاتصالات الحساس والذي ظلّ حكراً على متنفذي السلطة لعقود. من خلال التواصل المباشر مع مصادر متعددة من داخل...

تدريباتنا