تدريباتنا

مركز لتعليم الأطفال الصم والبكم بريف حلب

by | May 7, 2019

تسببت الحرب السورية وعمليات القصف بمختلف أنواع الأسلحة بوقوع عدد من آلاف المصابين بإعاقات مختلفة. يعيش هؤلاء المصابين ظروفاً قاسية، ويعانون من التهميش إضافة لغياب الرعاية الطبية والنفسية والتعليمية، في وقت هم بأمس الحاجة لمن يهتم بهم ويساعدهم في التخفيف من أثقال الإعاقة التي تحد قدراتهم، مما دفع مجموعة من المتطوعين إلى افتتاح مركز للأطفال الصم والبكم في مدينة أورم الكبرى بريف حلب الغربي.

ويهدف هذا المركز لتعليم الأطفال لغة الإشارة والنطق التحضيري، ومبادئ القراءة والكتابة، إضافة لدعمهم نفسياً من خلال الحفلات الترفيهية والنشاطات التفاعلية.
يشرح محمود شامي مدير مركز ذوي الإعاقة في أورم الكبرى عمل المركز قائلاً: “لم تمنعنا الحرب والظروف الأمنية المعقدة من إنشاء مركز متخصص بذوي الإعاقة دون أي دعم حقيقي توفره منظمات محلية أو دولية، حيث بلغ عدد المستفيدين الكلي داخل المركز حوالي ٢٠٠ مستفيد من مختلف الإعاقات، منها الحركية ومتلازمة داون والبتر وغيرها.”

ويقدم المركز الترفيه والدعم النفسي للبعض، فيما يقدم العلاج والتعليم للبعض الآخر بحسب تنوع الحالات الموجودة فيه. 
وعن افتتاح مركز الصم والبكم يضيف الشامي: “بعد حالات النزوح المتكررة إلى بلدة أورم الكبرى وما حولها لاحظنا وجود عدد لا بأس به من حالات الصم والبكم في ظل عدم وجود مركز يهتم بهم وبحالاتهم، لذلك قمنا في نهاية عام ٢٠١٨ بافتتاح قسم خاص بهم يستقبل الأطفال من عمر ٦-١٢عاماً. ويهدف المركز لتعليمهم لغة التواصل مع الآخرين لتطوير العلاقات الاجتماعية والمعرفية فيما بينهم، ومساعدتهم في التعبير عن حاجاتهم المختلفة”.

ويساعد المركز بالحد من الضغوط الداخلية والنفسية التي تصيب الأطفال الذين يعانون من صعوبة الكلام والسمع، والتخفيف من إمكانية إصابتهم بالخوف والاكتئاب والإحباط.
ووصل عدد الأطفال في المركز إلى ٢٥ طفلاً، ولايزال باب التسجيل مفتوحاً فيه، كما يحتاج المركز لتطوع معلم ومعلمة لتدريس الأطفال.

المعلمة فاطمة التي تطوعت لتعليم الأطفال في المركز تقول: “يحتاج الأطفال ذوو الإعاقة للتعليم والرعاية أكثر من الأطفال الأصحاء، لكنهم في ظل الحرب السورية وقلة وعي الأهالي يظلون دون تعليم، لذلك تطوعت في المركز لتقديم العون لهذه الفئة المهمشة من الأطفال، والعمل على تأهيلهم ودمجهم في المجتمع، ومساعدتهم في ترتيب أفكارهم وتطوير لغتهم، والتواصل مع محيطهم، والولوج إلى عالم المعرفة.”
كما تلفت فاطمة إلى أن الصم هم أشخاص يعانون من فقدان حاسة السمع بشكل كلي أو جزئي، لذلك يحتاج تعليمهم إلى كثير من الصبر والقدرة على استيعاب وتوجيه احتياجاتهم عبر التعامل معهم بلغة الإشارة ثم النطق فقراءة الشفاه وصولاً إلى القراءة والكتابة، وتدريب الأطفال الذين يملكون بقايا سمعية على الحروف التي يصعب عليهم نطقها، ومساعدتهم نطق بعض الكلمات اللازمة في حياتهم اليومية .
ريم (٩سنوات) من مدينة الأتارب بريف حلب الغربي تعاني من صمم وراثي المنشأ، وقد اضطرت والدتها لإلحاقها بمدرسة عامة خوفاً من أن تبقى دون تعلم، وتقول والدة ريم عن تجربة ابنتها: “كانت ريم تعاني من صعوبات كثيرة في المدرسة لأنها غير قادرة على فهم المواد كبقية الأطفال، ومعلمها لا يمتلك خبرة كافية في التعامل معها، ولكن بعد التحاقها بمركز الصم والبكم تغيرت حالها كثيراً وتحسنت نفسيتها، حيث أصبحت مرحة ومحبة لمدرستها وللعب مع أقرانها.”

أما الطفل محمد (٦سنوات) فقد أصيب بالصمم نتيجة سقوط قذيفة بجانب منزلهم منذ ثلاث سنوات، وعن تجربته تروي والدته: “كان محمد يعاني من اضطرابات سلوكية ونفسية، حيث يتصرف بعدوانية لأنه لا يستطيع التعبير عما يجول في خاطره، كما يلجأ إلى البكاء في بعض الأحيان، وبعد دخول المركز أصبح ينطق بعض الكلمات، كما يتعامل بلغة الإشارة للتعبير عن رغباته ومشاعره بشكل أفضل، كما بدأ يتعلم مبادئ القراءة والكتابة.”

وعن الصعوبات التي تواجه عمل المركز يقول الشامي: “نعاني من ضعف الإمكانات المادية اللازمة لتأمين أهم احتياجات المركز من أدوية وتدفئة في فصل الشتاء، إضافة إلى انعدام المواصلات اللازمة لنقل المستفيدين، مما يمنع أطفال كثر من الالتحاق بالمركز، إضافة إلى عدم القدرة على تأمين المعينات السمعية (السماعات) لمن يحتاجها” .

وأدى تضاعف معاناة ذوي الإعاقة وخاصة في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة وغياب التعليم الفعال الذي يناسب احتياجاتهم، لجعل هذه المبادرات الفردية أو المنظمة بارقة أمل وحيدة بالنسبة لهذه الفئة لتحقيق اندماجهم في المجتمع، وتعزيز قدراتهم.

مواضيع ذات صلة

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

يمثل عبد السلام العجيلي ذاكرة تأسيسية في مدونة الأدب السوري، ذاكرة من من ذهب وضياء، ضمت في أعطافها عبق الماضي وأطياف الحاضر، امتازت بقدرته الفائقة في الجمع بين مفهومين متعارضين ظن الكثيرون أنه لا لقاء بينهما، ألا وهو استلهامه واحترامه للتراث وللإرث المعرفي المنقول عمن...

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

إلى جانب كونها مدينة الطرب والقدود، برعت حلب وتميَّزت في فن الموشحات، وذلك بفضل كوكبة من ملحنيها ووشاحيها المبدعين، الذين كانوا مخلصين لذلك الفن  وحافظوا على روح وألق الموشح العربي وساهموا في إغنائه وتطويره، ومن أبرزهم الشيخ عمر البطش، الذي ساهم على نحو خاص في...

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

في الخامسة من عمره حظيت إحدى لوحاته بإعجاب العديد من أساتذة الرسم، نصير شورى الذي ولد عام ١٩٢٠ والذي كان محط عنايةٍ خاصة من والديه: محمد سعيد شورى، الأديب والشاعر الدمشقي المعروف، وأمه، عائشة هانم، ذات الأصول العريقة. فكان أن تلقى تعليماً خاصاً منذ نعومة أظفاره...

مواضيع أخرى

النساء ومعاركهن المتجددة

النساء ومعاركهن المتجددة

 يتم تسويف قضايا النساء بذرائع متعددة على الدوام، مرة بذريعة الحرص على الأخلاق العامة، ومرة أخرى بذريعة عدم المواجهة مع قوى الأمر الواقع، ومرات بذرائع تنبع فجأة من خبايا السنين وتصير حاضرة بقوة مثل طبيعة المرأة البيولوجية، أو التشريح الوظيفي لدماغ المرأة، وصولاً...

مرحلة اللادولة: بين إرث الماضي ومسؤولية المستقبل

مرحلة اللادولة: بين إرث الماضي ومسؤولية المستقبل

تمر سوريا اليوم بمرحلة فارقة في تاريخها، حيث يقف الجميع أمام اختبار صعب: هل يمكن تجاوز إرث القهر والاستبداد لبناء دولة جديدة قائمة على الحرية والكرامة؟ أم أننا سنتعثر مجددًا في أخطاء الماضي، التي صنعها الخوف، الصمت، وصناعة الأصنام؟ اليوم، نحن في حالة فراغ سياسي...

قراءة في المشهد السوري بعد سقوط النظام

قراءة في المشهد السوري بعد سقوط النظام

شهدت سوريا خلال أربعة عشر عامًا من الصراع تحولًا جذريًا في موازين القوى المحلية والإقليمية والدولية. بدأ الحراك شعبيًا وسلميًا، لكنه انتهى بصراع مسلح معقد ومدعوم خارجيًا، في ظل غياب قوة سياسية مؤثرة ميدانيًا. وبينما ساندت روسيا وإيران النظام السوري، مما أطال أمد...

تدريباتنا