أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة...
حالات الطلاق في المحاكم الألمانية التي تُقدم من قبل النساء السوريات تشير إلى معدلٍ مرتفعٍ نوعاً ما، خاصةً وأنّ هذه الحالات تُقدّم من قبل المرأة لا الرجل، وهو يعود برأيي لسببٍ جوهريٍ واحد: عدم القدرة والرغبة في دفع المزيد من الأثمان لقاء حياةٍ بائسةٍ لا تقدم لهن شيئاً سوى الأسى. وليس كما يزعم أنصار المجتمع الذكوري ويروجون له على أنّ تزايد طلبات الطلاق نتيجة انفلات أخلاقي.
إلى جانب هؤلاء النساء القادرات على اتخاذ قرار الطلاق والبدء من جديد، لا تزال آلاف النساء، رغم المجتمع المفتوح والإمكانات والدعم المتوفر لهن، غير قادراتٍ على اتخاذ قرار الطلاق أو التحدي ومواجهة السلطة الذكورية التي يفرضها الزوج والمجتمع. فحتى في ألمانيا تتعرض النساء للعنف الزوجي والتمييز وضغوط العائلة، وهو ما يمنعهن من مواجهة المعركة التي سيخضنها في سبيل أن يكن أكثر حرية وتقديراً للذات.
وإذا كنا لا نغفل أهمية عامل الجغرافيا والمكان في قضية تحرر المرأة وحصولها على دعم أكثر في المجتمعات الأوربية مما يمكنها من القدرة على المطالبة بحقوقها، فإنه ليس حاسماً دائماً. فالإرث الاجتماعي الذي تحمله المرأة معها منذ الطفولة، والمتعلق بالتغاضي المستمر عن حقوقها والعنف الذي يمارس بحقها وصمتها لأجل الأطفال وسمعة العائلة، لا يمحيه وجودها في دولةٍ أوروبية تدعم النساء وتضع أمامهن فرص وخيارات أكثر إنسانية. وبالتالي، فإنّ موضوع تحرّر المرأة من القيود يتعلق أولاً بالمرأة ذاتها، وبرغباتها، وبقدرتها على كسر حاجز الخوف الداخلي لمواجهة الحياة الجديدة بعيداً عن صراعاتها النفسية مع العائلة والتربية والمجتمع. ولربما هذا ما يجعلني أؤكد أنّ المواجهة الأهم التي يجب أن تدخلها المرأة هي مع ذاتها وإرثها الداخلي الذي يمنعها في الكثير من الأحيان من المطالبة بحقوقها في مجتمعٍ يكفل لها الكثير من الفرص والإمكانات لتكون شريكاً ورفيقاً حقيقياً للرجل، وقبل كل ذلك إنساناً له حقوقه الأساسية التي يجب ألا يتنازل عنها مهما كانت المساومة قاسية وشبيهة بانتحار النساء البشتونيات.
* يعاد نشر هذا المقال في صالون سوريا ضمن تعاون مع شبكة الصحفيات السوريات
ملاحظة: الصورة المرافقة للمقال هي عمل للفنانة ديما نشاوي – خاص لصفحة ت متحررة.