أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة...
تدريباتنا
ورشة تدريب صالون سوريا
يعلن فريق #صالون_سوريا، التحضير لدورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة...
ينتظر السوريون في الأسابيع المقبلة بفارغ الصبر وفق تصريحات حكومية انطلاق المشغل الخلوي الثالث “وفا تيليكوم” المرتبط بإيران التي ستدخل على خط الاستحواذ في قطاع الاتصالات الحساس والذي ظلّ حكراً على متنفذي السلطة لعقود.
من خلال التواصل المباشر مع مصادر متعددة من داخل الشركة ووزارة الاتصالات والهيئة الناظمة للاتصالات، فقد علمنا اقتراب الأمر بصيغته النهائية التنفيذية، والذي سيتيح لأول مرة خدمة 5G في سوريا. ويأتي ذلك التأخير بعد سنين من وعود إطلاقه، على أن تنطلق الخدمة في دمشق أولاً بشكل تجريبي.
الحلم في مواجهة الواقع
إلا أنّ ذلك الوعد القطعي قد يصطدم بجملة عوامل قسرية أبرزها تدهور البنى التحتية وأزمة موارد الطاقة وغياب الكتلة البشرية المؤهلة للعمل كخبرة في التشغيل والصيانة، خصوصاً مع نية الشركة الجديدة الاستناد على موارد ودعائم الشركتين الوحيدتين المتدهورتين في سوريا أساساً (سيرياتيل وام تي ان) من أبراج ومحولات وبطاريات وأطقم تنفيذية لديها خبرة لوجستية في المرحلة الأولى.
تجدر الإشارة إلى أن المصادر الرسمية السورية تتحدث اليوم عن خطة تحول رقمي مدروسة على كافة الأصعدة وتشمل البلاد بأكملها، وهي ببطاقة ذكية تمكنت من إحداث فجوة خيالية بين الفكرة والتنفيذ ورمت البلاد وساكنيها في متاهة فرضيات لا حصر لها. فمثلاً هناك مشهد الجموع تفتح حسابات بنكية لتتلقى فرق قيمة الخبز المدعوم دون أن تدري تلك الشريحة ماذا يحصل حولها بالضبط ولا من أي باب ستخرج من متاهتها منتصرةً على التجارب الحكومية التي انقضى عهد وزرائها بدخول حكومتهم حقبة تصريف الأعمال وعلى جدولها لا زالت مئات الملفات العالقة.
الجشع القادم
ينتظر السوريون بفارغ الصبر المشغل الثالث لا لأنّهم تخلصوا من همومهم وصاروا يبحثون عن لون جديد لشرائح هواتفهم الخلوية، بل لينقضي عهد شركتين “ذبحتا” الناس بالأسعار والجودة في تنافسية حثيثة عالية خلاصتها أي شركة منهما ستتمكن من سحب راتب الموظف أسرع من الأخرى لقاء ثمن باقة انترنت صارت خيالية للناس، وتلك الباقة بطبيعة الحال تسرق الشركة أكثر من نصفها، وأحياناً كلّها حتى دون أن يستخدمها المشترك.
في رحلة الانتظار تلك يغفل السوريون\ات أنّ قطاع الاتصالات هو “بترول” البلاد بعدما فقدت سوريا مواردها النفطية المادية الحقيقية، وبأنّ تلك الشركة ليست المنقذ والبطل الخيّر في الرواية الذي سينقذهم من تغوّل الشركتين إياهما، وهي بالنهاية ليست إلّا شركة إيرانية بغطاء سوري، وهذا صار معروفاً ويمكن شرحه. الموضوع أن لإيران ديوناً مليارية على سوريا، ديوناً فاقت الـ 50 مليار دولار، وستحصلها باللين أو القوة، بالهدوء أو الضغط، كذلك يقول صقور السياسة الإيرانية ومعهم يقول شارع بلادهم، وقد تم تسريب جزء من تلك الديون والاستراتيجية الإيرانية تجاه سوريا عبر ما سربته مجلة “المجلة” السعودية استناداً لما اسمته مجموعة “قراصنة” معارضين، لتتولى المجلة ترجمة الوثائق ونشرها كاملة على عدّة أجزاء.
سوريّةٌ خالصة
تقول الشركة معرفةً عن نفسها في موقعها الالكتروني الذي أبصر النور قبل عامين: “في وفا استلهمنا اسمنا من التزامنا العميق وولاءنا ومحبتنا لبلدنا وشعبنا وقيادتنا. إن هذا الوفاء هو الذي يشكل أساس رؤيتنا، ومهمتنا، ورحلتنا نحو سورية المزدهرة، فكان التأسيس في عام 2022 وحصولنا على الترخيص الحصري لتقديم تقنية الجيل الخامس في سورية.”
ويبدو التعريف الذي تقدّمه الشركة عن نفسها منطقياً كشركة “سوريّة” خالصة، وخاصةً أنّ مصادر خاصة أفادت أنّ واجهتها التنفيذية هي من الموظفين السوريين وعلى رأسهم محمد أسدي رئيس مجلس الإدارة، ونائبته كارولين زلقط، وغسان سابا مديراً للمدراء التنفيذيين. المصادر ذاتها أوضحت تفاصيل عن تاريخ تأسيس الشركة ليتبين أنّها حصلت على موافقتها الأولية في عام 2020 من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ضمن القرار /2590/ كشركة مساهمة مغفلة، وفي العام التالي عادت ذات الوزارة لتعادل على نظامها الداخلي بموجب القرار /4751/، ذلك بالتزامن مع التراخيص اللازمة من الهيئة الناظمة للاتصالات، وهو ما يوضح تأخراً ظلّ طوال تلك السنين غير مفهوم لشركة قدمت أوراقها واستكملتها وجرى اعتمادها بل وأجرت مقابلات كثيرة في سياق التوظيف.
الكذبة التي لم تكتمل
رغم أنّ حكومة دمشق روّجت ولا زالت تروّج أنّ المشروع وطني بالكامل وبأيدٍ سوريّة إلا أنّ الأمر قد تم فضحه عبر تحقيق أعدّه مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية مع مؤسسة مكافحة الجريمة المنظمة والفساد، وخلص التحقيق إلى أنّ ملكية المشغل الثالث تعود بقسم كبير منها لشركة ماليزية مملوكة لإيراني بالشراكة مع الحرس الثوري الإيراني في محاولة مبكّرة للتهرب من العقوبات.
وما زاد الطين بلّة وأحرج نظام دمشق هو تصريح وزير الطرق والتنمية العمرانية الإيراني -رئيس اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي الإيراني – السوري “مهرداد بازار باش” عبر وكالة “إسنا” الإيرانية، إذ قال نصّاً خلال اجتماع مع المدراء في اللجنة ذاتها: “إن مشغل الهاتف المحمول الذي أطلقه الجانب الإيراني سينشط قريباً في سوريا، وسيمكن السياح والحجاج الإيرانيين من الاستفادة من هذه الخدمات.”
وأكمل: “أحد مستويات التعاون هو إنشاء مشغل للهاتف المحمول، والذي تم إنجازه بالتعاون الجيد بين وزارة الاتصالات الإيرانية ووزارة الاتصالات السورية، ويتم تنفيذ هذا المشروع. وفي هذا الصدد، سيتم قريباً إطلاق بطاقات SIM للمشغل الثالث من قبل الجانب الإيراني في سوريا، ويمكن للسياح والزوار الاستفادة منها”.
الإمبراطور الكسيح
رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، وجد التاج فجأة منزوعاً عن رأسه دون سابق إنذار، وصودرت أملاكه ووضع تحت الإقامة الجبرية، وتحول من إمبراطور يؤثر في اقتصاد دول ناميةٍ حليفة إلى رجل لا أحد يعرف إن كانت الدولة سمحت له باستبقاء حارسٍ شخصي له أم لا.
قابل مخلوف الانقلاب عليه بشنّ حربٍ واسعةٍ لا يراعي فيها أبناء عمومة ولا خؤولة، وبدأ ينشر فيديوهات متواترة على صفحته الخاصة في موقع فيس بوك ويشرح فيها بقدر ما يستطيع من صراحة وإيلام واقع ما حصل، ومن جملة ما رواه في فيديو بثّه بتاريخ 30 يونيو/ حزيران 2021 كان حول قضية استبعاده ومحاصرة سيرياتيل لصالح المشغل الثالث الذي قال علانيةً إنّه إيراني.
آنذاك كان الشارع المؤيد يترنح في موقفه بين التعاطف معه والوقوف ضده امتثالاً لأوامر السلطات فلم يحصل ذاك الفيديو على كثير من الاهتمام، خاصةً أنّ ما يعرف بـ “الذباب الالكتروني” ميّع مضمونه وتفهه إلى أبعد الحدود، وقد يكون إفشاء ذاك السر في ذاك الوقت واحداً من أسباب تأخر وضع المشغل في الخدمة، إلى أن جاءت الضربة الإيرانية الفجّة عبر التصريح المباشر، علماً أنّ مخلوف ذكر أنّ إيران تريد استرداد ديونها مستفيدةً من هذا المشغل كذراع في الجباية.
هل تصبح سوريا محافظة؟
قد تبدو تفاصيل الشركة الجديدة في سوريا وتأخيراتها ملفاً تقنياً بحتاً، ولكن بالتأكيد فإنّ الأمر أبعد بكثير من أن يكون تقنياً ليتخطاه نحو عوالم السياسة المظلمة والمحكومة بالحوكمة الاقتصادية لبلد يدير بلداً ممسكاً إياه من ذراعه التي تؤلمه مستحوذاً على أهم ما فيه وهو قطاع الاتصالات.
ومن يملك الاتصالات يملك الأرض، والفضاء، والتنصت والجاسوسية وقاعدة الأرقام والتعداد، ومن بين كل ذلك تبرز الأرقام كمسألة إحصائية خطيرة تندرج ضمن إطار الأمن القومي الذي لا يجب أن يطلع عليه أقرب الحلفاء العسكريين والسياسيين، بل هم تحديداً من يجب إبعادهم عنه لئلا تتوسع دائرة نفوذهم وتهيمن من ثم تطغى؛ فبالتأكيد “الشقيق” الإيراني لا ينام جائعاً لأجل ملياراته تلك، ولكنّه يريد عوضاً عنها بلداً بحاله، أو ما بقي منه على الأقل. والأمر بسيط هنا إذ يكفي الاطلاع على محضر توقيع اتفاقيات رئيسي والأسد ببنودها الـ 16، وكيف بعد ذلك تسللت إيران من شقوق أبواب المدن إلى شركات القطاع العام وصارت شريكاً، وستظلّ تشارك إلى أن يسأم طرفٌ ويقول: كفى.
وتلك الـ “كفى” بعيدةٌ للغاية في ظلّ تراكبية المشهد السوري وتعقيده واستحالة وضع جدول زمني يحمل حلاً من الداخل السوري، ليبقى المصير مرتبطاً بالخارج، وقد يكون ذلك المصير فكّ ارتباط وتغيّر تموضعٍ وقبول واقع إقليمي جديد بداعمين جدد وقرارات أممية جديدة.
مواضيع ذات صلة
مواضيع أخرى
تدريباتنا
ورشة تدريب صالون سوريا
أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة...
ورشة تدريب صالون سوريا
يعلن فريق #صالون_سوريا، التحضير لدورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة...