تدريباتنا

المسبح المتنقل .. ملاذ الأطفال النازحين من حر الصيف

by | Sep 14, 2022

ضحكات الأطفال وصيحاتهم تبدد كآبة المخيم وأهله، الذين يشاهدونهم وهم يسبحون ويتراشقون بالمياه داخل سيارة “المسبح المتنقل” التي تزورهم بين الحين والآخر، لتخفف عنهم لهيب حر الصيف، في ظل ارتفاع درجات الحرارة وانعدام كافة المرافق الترفيهية.

وأطلق عدد من أصحاب السيارات مبادرة “المسبح المتنقل” في المخيمات بإدلب بهدف إسعاد الأطفال وتسليتهم، والترويح عن أنفسهم، في ظل الحر الشديد، ومعاناة أهالي المخيمات من قلة المياه وافتقارهم لكافة وسائل التبريد .

عبد الحميد الابراهيم (45 عاماً) نازح من مدينة معرة النعمان إلى مخيم كفرعروق بريف إدلب الشمالي، أحد أصحاب مبادرة المسبح المتنقل، يتحدث عنها بالقول: “تفتقر المخيمات للنشاطات التي تخص الأطفال، لذلك قررت أن أساهم في زرع الابتسامة على وجوههم، وخاصة أنني أمتلك سيارة شحن هي مصدر الرزق الوحيد بالنسبة لي، ولكنني أخصصها للأطفال في أيام العطل وأوقات الفراغ، حيث أعمل على وضع عازل من النايلون في صندوق السيارة الخلفي، ثم أعمل على تعبئتها بالمياه، وأركنها في ساحة المخيم ليتسنى للأطفال السباحة فيها.”

ويؤكد الابراهيم أنه يشتري المياه على نفقته الخاصة، لكنه لا يتقاضى من الأطفال أي أجر مادي مقابل السباحة، وحول ذلك يضيف: ” تكفيني رؤية الفرح والسعادة على وجوه الأطفال الذين حرمتهم الحرب من كافة حقوقهم، وفرض عليهم النزوح واقعاً معيشياً صعباً يفتقد كافة مقومات العيش الكريم .”

من جانبه يقصد مروان العلوش (26 عاماً) وهو نازح من مدينة سراقب إلى مدينة إدلب، بسيارته التي حولها إلى مسبح متنقل، المخيمات القريبة من مكان إقامته لتسلية الأطفال، وعن ذلك يقول: “في مثل هذه الأيام من كل عام يقصد أهالي إدلب المنتزهات والمسابح بغرض الترويح عن النفس والاستجمام، ولكن ارتفاع الأسعار يمنع أصحاب الدخل المحدود ومعظم النازحين من ارتيادها، لذا قررت المساهمة في هذه المبادرة بدافع إنساني، يدفعني إلى ذلك حبي للأطفال.”

ويشير مروان إلى أنه ينظم دور السباحة للأطفال، ويتيح لهم المشاركة بمسابقات وتحديات لإسعادهم وتحفيزهم .

ويلفت العلوش أن هذه المسابح تعفي الأطفال من عناء التنقل، وتحميهم من مخاطر السباحة في المسطحات المائية الملوثة التي تشكل خطراً على حياتهم.

يستعد الطفل أحمد العوني(10 سنوات) للسباحة مع أصدقائه، وما إن تصل السيارة المسبح حتى يهرع إليها مع العديد من الأطفال بكثير من البهجة والحماسة.

يتحدث الطفل أحمد لـ“صالون سوريا “عن فرحته بالسباحة قائلا: “نعيش في هذا المخيم العشوائي الذي تنعدم فيه وسائل التسلية والترفيه، ولا قدرة لنا على ارتياد المسابح الخاصة خلال فصل الصيف بسبب ارتفاع أجرة السباحة فيها، إلى جانب خوفنا من الغرق، والحاجة لوسيلة نقل تزيد التكاليف علينا، لذا وجدنا في المسابح المتنقلة فكرة جيدة وممتعة، تخرجنا ولو قليلاً من الملل وتنسينا قسوة واقعنا .”

الطفل سالم الصالح (12 عاماً) النازح من بلدة تلمنس إلى مخيم السكة في بلدة حربنوش، يؤكد صعوبة تحمل الحر داخل الخيام، وعن ذلك يقول: “في أوقات الظهيرة أقصد مع أخوتي ظلال الأشجار القريبة من المخيم هرباً من الحر، ونضع المناشف المبللة على رؤوسنا، لذا نكون في غاية السعادة حين نشاهد سيارة المسبح المتنقل، ونقضي فيها أجمل الأوقات، كما تتيح لي الفرصة لممارسة هواية السباحة المحببة إلى قلبي .”

ويشكو سكان المخيمات من الحرارة الخانقة التي تؤثر على الأطفال بشكل خاص، لذا تساهم مبادرة المسابح المتنقل التطوعية بإدخال الفرح والسرور إلى قلوبهم، واستيعاب الأطفال الراغبين بممارسة رياضة السباحة، والتخفيف من وطأة حرّ الصيف.

مواضيع ذات صلة

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

يمثل عبد السلام العجيلي ذاكرة تأسيسية في مدونة الأدب السوري، ذاكرة من من ذهب وضياء، ضمت في أعطافها عبق الماضي وأطياف الحاضر، امتازت بقدرته الفائقة في الجمع بين مفهومين متعارضين ظن الكثيرون أنه لا لقاء بينهما، ألا وهو استلهامه واحترامه للتراث وللإرث المعرفي المنقول عمن...

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

إلى جانب كونها مدينة الطرب والقدود، برعت حلب وتميَّزت في فن الموشحات، وذلك بفضل كوكبة من ملحنيها ووشاحيها المبدعين، الذين كانوا مخلصين لذلك الفن  وحافظوا على روح وألق الموشح العربي وساهموا في إغنائه وتطويره، ومن أبرزهم الشيخ عمر البطش، الذي ساهم على نحو خاص في...

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

في الخامسة من عمره حظيت إحدى لوحاته بإعجاب العديد من أساتذة الرسم، نصير شورى الذي ولد عام ١٩٢٠ والذي كان محط عنايةٍ خاصة من والديه: محمد سعيد شورى، الأديب والشاعر الدمشقي المعروف، وأمه، عائشة هانم، ذات الأصول العريقة. فكان أن تلقى تعليماً خاصاً منذ نعومة أظفاره...

مواضيع أخرى

في وقت فراغي: ستَّة نصوص لِـ(أديبة حسيكة)

في وقت فراغي: ستَّة نصوص لِـ(أديبة حسيكة)

(1) في وقت فراغي كنتُ أملأ الأوراق البيضاء بالحقول كان يبدو الفجر أقرب و السحاب يمرّ فوق الطرقات بلا خسائر..  وكان الماضي  يمتلئ  بالألوان. لا شيء مثل اللحظة حين لا تجد المسافة الكافية لتخترع أجنحة تكاد تنمو كزهرة برية.  بدأتُ أجمع صوتي من الريح و أفسّر...

فصلٌ من القهر والعذاب: كيف مضى فصل الصيف على سوريا؟

فصلٌ من القهر والعذاب: كيف مضى فصل الصيف على سوريا؟

لم يكتفِ الناس في سوريا من معاناتهم وأوجاعهم اليومية، التي فرضتها ظروف الحرب وما تبعها من أزماتٍ متلاحقة وتردٍ في الواقع الاقتصادي والمعيشي، حتى أتى فصل الصيف، الذي سجل هذا العام ارتفاعاً كبيراً وغير مسبوق في معدلات درجات الحرارة، وكان الأقسى على البلاد منذ عقود،...

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

رغم انتشار ثقافة المطالعة واستقاء المعلومات عن طريق الشبكة العنكبوتية إلا أن ملمس الورق ورائحة الحبر بقيا جذابين للقارئ السوري. ولم تستطع التكنولوجيا الاستحواذ على مكان الكتاب الورقي، أو منافسته. وبقي الكتاب المرجع الأساسي والحقيقي لأي بحث علمي وأكاديمي، ولم يستطع...

تدريباتنا