تدريباتنا

النساءُ الأوروبيّات

by | Mar 28, 2018

على الفِراشِ الرقيق أتمدّدُ بحزنٍ

أديرُ وجهي نحو الحائط

أبتسمُ

أرسمُ اسمكَ بإصبعي على الجدار

أُغمضُ عينيَّ مع صوتِ انفجارٍ بعيدٍ،

أستطيعُ الآن النوم دون أنْ أحلم بشيء

دون أنْ أنتظر شيئاً.

أعلمُ أنّ كثيرينَ مثلكَ

رحلوا إلى أوروبا

رحلوا لأجل الذلّ والموت،

لكن بعد سنين

حين سيسألُ أطفالهم عن سببِ قدومهم

سيقولون:

لأنَّ أجسادَ الأوروبياتِ أكثرُ دفئاً من نسائنا،

نسائنا اللواتي مُـتْـنَ وحيداتٍ هناك.

* * *

حين يأتي الموت

حين يأتي الموتُ

سيسحبُ كلَّ الرجال

الواحدَ تلو الآخر من أصواتنا

لننكسرَ كغصنٍ طريٍّ تحت قدميّ عصفور،

حين يأتي الموتُ

لن تكونَ لهُ عيناكَ

ولن يتلمّس أجسادنا

بحثاً عن شهوة مخبّأةٍ في البطن،

سنكون نساء قبيحاتٍ

بأصواتٍ مشوّهة

تُخرِجُ طيوراً مُختنقة

وأوجاعاً باردة.

كلُّ الرجال الذين عرفناهم

وخبّأناهُم في خلايا صوتِنا

ليرمّمُوا جُملَنا الناقصة في الوحدة

سيسحبونَ ما تبقّى من الكلام داخلنا.

حين يأتي الموتُ كاملاً

أو ربما بلا ثقلٍ

حين يأتي في وقته أو بعده

أو متأخراً جداً..

سيكون حنوناً

أكثر من كلِّ الرجال في أصواتنا

سيضمُّنا ويزجرهم بعيداً..

لنبتسمَ بخبثِ النساء

حين يطردنَ رجُلاً ويستبدلنَ آخرَ به.

* * *

الرجال وحسب

في المساء تتمدّدُ النساءُ على ظهورهنّ،

الظهورُ أحواضُ وردٍ

وعشبٌ تحت أقدامِ الرجال،

في المساء تتمدّدُ النساءُ على ظهورهنّ

ينظرنَ إلى فوق

الطائرةُ تستعدُّ لقصفِ مدينة

السماءُ تشدُّ أطرافها

كفتاةٍ تستحييْ من عُريٍ أسودَ كهذا،

يتابعنَ النظرَ إلى ما فوقهنّ

الرجالُ يمرّون

والطائراتُ

والألمُ الذي يزحفُ

كدبابةٍ تجعلُ الأرضَ تحتَها أكثرَ قسوةً

هكذا أدركتُ أنّ كلَّ الرجال

يتحوّلونَ فجأةً

إلى آلةٍ ضخمةٍ

بعضُهم يُسمّيها دبابةً

وآخرونَ طائرةً

وقليلونَ مثلي

يعرفون أنهم الرجالُ وحسب.

* * *

مواضيع ذات صلة

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

يمثل عبد السلام العجيلي ذاكرة تأسيسية في مدونة الأدب السوري، ذاكرة من من ذهب وضياء، ضمت في أعطافها عبق الماضي وأطياف الحاضر، امتازت بقدرته الفائقة في الجمع بين مفهومين متعارضين ظن الكثيرون أنه لا لقاء بينهما، ألا وهو استلهامه واحترامه للتراث وللإرث المعرفي المنقول عمن...

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

إلى جانب كونها مدينة الطرب والقدود، برعت حلب وتميَّزت في فن الموشحات، وذلك بفضل كوكبة من ملحنيها ووشاحيها المبدعين، الذين كانوا مخلصين لذلك الفن  وحافظوا على روح وألق الموشح العربي وساهموا في إغنائه وتطويره، ومن أبرزهم الشيخ عمر البطش، الذي ساهم على نحو خاص في...

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

في الخامسة من عمره حظيت إحدى لوحاته بإعجاب العديد من أساتذة الرسم، نصير شورى الذي ولد عام ١٩٢٠ والذي كان محط عنايةٍ خاصة من والديه: محمد سعيد شورى، الأديب والشاعر الدمشقي المعروف، وأمه، عائشة هانم، ذات الأصول العريقة. فكان أن تلقى تعليماً خاصاً منذ نعومة أظفاره...

مواضيع أخرى

في وقت فراغي: ستَّة نصوص لِـ(أديبة حسيكة)

في وقت فراغي: ستَّة نصوص لِـ(أديبة حسيكة)

(1) في وقت فراغي كنتُ أملأ الأوراق البيضاء بالحقول كان يبدو الفجر أقرب و السحاب يمرّ فوق الطرقات بلا خسائر..  وكان الماضي  يمتلئ  بالألوان. لا شيء مثل اللحظة حين لا تجد المسافة الكافية لتخترع أجنحة تكاد تنمو كزهرة برية.  بدأتُ أجمع صوتي من الريح و أفسّر...

فصلٌ من القهر والعذاب: كيف مضى فصل الصيف على سوريا؟

فصلٌ من القهر والعذاب: كيف مضى فصل الصيف على سوريا؟

لم يكتفِ الناس في سوريا من معاناتهم وأوجاعهم اليومية، التي فرضتها ظروف الحرب وما تبعها من أزماتٍ متلاحقة وتردٍ في الواقع الاقتصادي والمعيشي، حتى أتى فصل الصيف، الذي سجل هذا العام ارتفاعاً كبيراً وغير مسبوق في معدلات درجات الحرارة، وكان الأقسى على البلاد منذ عقود،...

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

رغم انتشار ثقافة المطالعة واستقاء المعلومات عن طريق الشبكة العنكبوتية إلا أن ملمس الورق ورائحة الحبر بقيا جذابين للقارئ السوري. ولم تستطع التكنولوجيا الاستحواذ على مكان الكتاب الورقي، أو منافسته. وبقي الكتاب المرجع الأساسي والحقيقي لأي بحث علمي وأكاديمي، ولم يستطع...

تدريباتنا