أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة...
تدريباتنا
ورشة تدريب صالون سوريا
يعلن فريق #صالون_سوريا، التحضير لدورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة...
عند زيارتك لمنطقة مصياف وريفها بمحافظة حماة، ستقدّم لك في أغلب منازلها التي تنزل فيها ضيفاً منتجات وأطعمة تقليدية، اعتاد الأهالي على صناعتها منذ سنوات طويلة، وعُرفت بتقديمها للضيوف.
وتتفن النساء بصناعة العديد من الأطعمة الشعبية بأنواع وأشكال مختلفة، بعد أن توارثن هذه الأشياء عن الآباء والأمهات.
تقول رؤى: “كان يزورني أصدقائي وخاصة من غير محافظة، وأقدم لهم الهبول وأحبوه كثيراً وأعطيهم قسماً لأهاليهم” مضيفة “للهبول طعم شهي كما له فوائد طبية فهو يمد بالطاقة والنشاط، ويساعد على محاربة السعال عبر غليه وشربه”.
ويوضح الباحث التاريخي لؤي بيطار أن منطقة مصياف اشتهرت بالعديد من الصناعات والمأكولات الشعبية مثل “تين الهبول” ودبس الرمان والعرق البلدي وغيرها، والتي توارثتها الأجيال، مبيناً أن القسم الأكبر من هذه الأطعمة كان يُصنع بغرض الضيافة، “فيما يباع قسم منها بأسعار منخفضة” بحسب قوله، هذا قبل أن يتغير الوضع بعد الحرب، وتصبح صناعة هذه المنتجات مصدر رزق للعديد من العائلات.
تين الهبول
هو علامة مميزة لمنطقة مصياف التي تتميز وريفها بوجود العديد من الأراضي المزروعة بالتين البعل بأصناف عديدة مثل الصفراوي والأحمر والفرزي والملي وغيرها.
تروي السيدة رؤى (50 عاماً) أنها تعلمت من والدتها صناعة التين الهبول، حيث تملك عائلتها أراضٍ مزروعة بالتين.
وعن كيفية صناعته تقول رؤى لـ”صالون سوريا”: “بعد قطف التين يُنتقى الجيد منه ويُنشر على أسطح المنازل حتى يجف بعد تعرضه لأشعة الشمس، وبعدها يُجمع ضمن وعاء معدني فيه ثقوب من الأسفل يسمى الغربول”.
وبعد ذلك يوضع التين الجاف في وعاء معدني كبير مليء بالماء موضوع على النار، ويُترك حتى تطهى ثمار التين على البخار بشكل كامل.
وتتابع رؤى “عقب هذه العملية يُعجن التين مع بعضه، ويقطع إلى قطع صغيرة ويغمس بنخالة القمح، ويمكن إضافة الجوز أو اللوز أو جوز الهند ثم تناوله”.
كما تحدثت رؤى عن وجود نوع آخر من التين، الذي يوضع تحت أشعة الشمس حتى يجف ويصبح جاهزاً للأكل ويسمى “المسطوح”، وغالباً ما يتم تناوله خلال الشتاء.
وتواظب الكثير من العائلات على صناعة التين بنوعيه وخاصة “الهبول” خلال شهر آب عندما تنضج الثمار، وخاصة أنه تحول إلى مصدر رزق.
دبس الرمان
تعتبر صناعة دبس الرمان حرفة يتوارثها أهالي مصياف منذ القدم، وهم يبيعون منتجاتهم في المنطقة وباقي المحافظات.
وتتميز العديد من قرى ريف مصياف بانتشار أشجار الرمان بكثرة في المنطقة، وعن صناعة الدبس تقول لميا (51 عاماً) إن: “تبدأ بفرط حب الرمان ثم توضع بأواني معدنية، وبعدها يتم العصر “.
وتذكر لميا أنه في الماضي كان الأهالي يعصرن حب الرمان عبر الرحى الحجرية التراثية، ومع التطور بات الناس يعتمدون على الخلاط الكهربائي أو آلة العصر اليدوية (الخضاضة).
وبعد العصر يوضع الرمان بأطباق معدنية على النار لغليه ساعات عدة حتى يصبح لزجاً، وحالياً يعتمد الأهالي على الحطب لغلي الرمان في ظل ندرة الغاز المنزلي وارتفاع أسعاره في السوق السوداء.
تبين لميا أنه بعد غلي عصير الرمان يوضع في أطباق ليجف تحت أشعة الشمس لمدة أسبوعين تقريباً، ثم يُخزن في أوان زجاجية ويصبح جاهزاً للتناول.
مصدر للرزق
ومع تدهور الوضع الاقتصادي بشكل حاد في سوريا، اختلفت الأوضاع كثيراً حيث بات الناس يبحثون عن مصدر دخل آخر في ظل قلة الأجور وارتفاع أسعار المواد باستمرار.
هذا ما دفع رؤى التي تعمل كمدرسة لغة عربية إلى امتهان بيع تين الهبول، فقد أصبحت تنتج كميات كبيرة منه بغرض البيع.
وتبين أنها تبيع كميات في المنطقة كما ترسل إلى محافظات عدة أيضاً، مما ساعدها على تحقيق مردودٍ جيدٍ، حيث يصل سعر الكيلو إلى 15 ألف ليرة.
وتقول: “راتبي لا يكفيني حتى أمن لعائلتي ما تحتاجه وزوجي متوفي من سنوات، فكان لابد من إيجاد حل وأولاد يساعدوني قدر الإمكان”.
وتبيع رؤى منتجاتها من المنزل حيث يحضر إليها أبناء المنطقة لشراء احتياجاتهم من تين الهبول أو من يرغب بأخذ هدية لشخص ما.
وتقول: “أبيع كميات متفرقة في البيت وأجهز طلبات توصية بناء على رغبة البعض من أصناف التين المتنوعة”، ورؤى ليس الوحيدة التي امتهنت بيع التين الهبول، بل يوجد العديد من أهالي مصياف وريفها ممن قاموا بذلك ومنهم سامر (30 عاماً).
ويبين سامر أن والديه انفصلا عن بعضهم ويعيش مع أمه، وبات عليه المساعدة في مصرف البيت، لذلك لجأ إلى بيع تين الهبول ودبس الرمان.
ويقول: “أوقفت تسجيلي بالجامعة منذ فترة لأتمكن من صناعة التين ودبس الرمان مع أمي، ونبيع حالياً في مصياف ودمشق والطلب هناك أكبر “.
ويضيف “الذهاب إلى الجامعة بات مكلفاً والمصاريف تزداد يومياً، والبقاء بالمنزل والعمل في التين والرمان أصبح أفضل لي ولعائلتي”.
ويصل سعر كيلو دبس الرمان إلى قرابة 20 ألف ليرة سورية، حيث ارتفع سعره في الفترة الأخيرة خاصة مع تراجع قيمة العملة وارتفاع الأسعار.
صعوبات صناعة المنتجات التقليدية
“صناعة التين ودبس الرمان تتطلب جهداً وعملاً متواصلاً من الصباح حتى المساء.. أنا شاب وأتعب كثيراً حتى أتمكن من تأمين جزء من مصروف البيت ولكن هذه حال البلد”، بهذه الكلمات عبر سامر عن الجانب الآخر من صناعة دبس الرمان وتين الهبول، مبيناً أنه يواجه العديد من الصعوبات.
ويذكر أنه يستيقظ في الصباح الباكر لجمع الحطب من الجبال لأجل النار، لعدم توفر الغاز الذي وصل سعره إلى 170 ألف ليرة سورية، إضافة إلى تأخر رسالة الغاز المدعوم لأكثر من 100 يومٍ.
وتتشارك لميا ورؤى هذه الصعوبات دون وجود أي تسهيلات أو جهات داعمة لهذه المشاريع الصغيرة.
وتقول لميا: “نعاني من تسويق المنتج إلى خارج مصياف، وأحياناً لا تصل الكميات إلى المحافظات الأخرى بسبب الحواجز”.
أما رؤى تطالب بأن يكون هناك تصدير لبعض الدول المجاورة لسوريا نتيجة الطلب على هذه المنتجات.
وتقول: “يتواصل مع أشخاص من الأردن والعراق يريدون التين، ولكن لا يوجد إمكانية لإيصاله، والمفروض أن يكون هناك بعض الدعم لتسويق المنتج من جميع الجهات”.
ورغم ذلك تبقى هذه المأكولات الشعبية سنداً وعوناً للعائلات في ظل ظروف اقتصادية صعبة تعاني منها سوريا، حيث وصلت نسبة الفقر إلى أكثر من 90 % حسب الأمم المتحدة.
مواضيع ذات صلة
مواضيع أخرى
تدريباتنا
ورشة تدريب صالون سوريا
أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة...
ورشة تدريب صالون سوريا
يعلن فريق #صالون_سوريا، التحضير لدورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة...