تدريباتنا

حوالات المغتربين في سوريا: مصدر معيشة آلاف العائلات

by | Apr 24, 2021

يداوم مغتربون سوريون على إرسال الأموال بشكل شهري إلى ذويهم في سوريا بالتزامن مع ارتفاع التكاليف المعيشية وقلة الأجور التي تكاد لا تسد احتياجات بعض العائلات لأيام قليلة.

وليس تحويل الأموال من قبل المغتربين إلى أهاليهم واقعاً جديد بل كان يحصل حتى قبل عام 2011، لكن يؤكد أصحاب مكاتب الحوالات في سوريا أن نسبة الحوالات القادمة من الخارج باتت مرتفعة وبشكل ملحوظ منذ العام الماضي.

ويتزامن ذلك مع انخفاض الليرة السورية إلى مستويات قياسية أمام العملات الأجنبية مقابل ارتفاع أسعار السلع والخدمات فيما لم تسهم زيادة الأجور في سوريا بعلاج هذه الأزمة.

ويؤكد ارتفاع الأسعار ما أعلنه المكتب المركزي للإحصاء في سوريا مؤخراً، حيث تجاوزت أسعار المستهلك اليوم 2000% مقارنة بالأسعار عام 2010، أي قبل الأزمة التي تشهدها البلاد.

وحسب اطلاعنا على العديد من الحوالات التي ترسل إلى سوريا بشكل يومي، يبدو أن أكثر الحوالات المالية تتراوح قيمتها ما بين 50 دولاراً و300 دولار أمريكي.

حوالات شهرية

بات هناك حوالة مالية شهرية يرسلها الشاب السوري بسام لأهله المقيمين في حلب، حيث تُضاف إلى باقي مصاريفه الشهرية كفواتير الماء والكهرباء وإيجار المنزل، ويقول بسام عن تجربته: “الحوالات التي أرسلها شهرياً لأهلي هي مصدر أساسي لهم لتغطية المصاريف في ظل الأزمة المعيشية التي يشهدونها”.

ويتابع أنه رغم أن الحوالات تذهب عبر عدة مكاتب حتى تصل إليهم ولكن لا توجد أية طريقة مباشرة لإرسال الحوالات إلا عبر مكاتب التحويل السورية.

ويضطر الشاب العشريني إلى إرسال الحوالات لمكتب صرافة في تركيا والذي بدوره يُعاود إرسالها إلى سوريا، ما يجعله يتكلف المزيد من الأجور.

وليس بسام هو الوحيد الذي يفعل ذلك، حيث يؤكد أن هناك أصدقاء له يرسلون أموالاً بشكل شهري لذويهم في سوريا في ظل الأزمة المعيشية التي يعاني منها غالبية السوريين.

مصدر أساسي

يبدو أن العائلات السورية التي لديها أحد أفرادها في الخارج وقادر على إرسال الأموال بشكل شهري، لا تزال صامدة نوعاً ما أمام الأزمة المعيشية التي تفشت في البلاد.

ومع قلة فرص العمل ذات الدخل الجيد، يضطر العديد من السوريين للعمل مقابل أجور قليلة تكاد لا تكفي لدفع إيجار منازلهم في بعض الأحيان مما يضطرهم للاستعانة بمصادر دخل إضافية.

وخلال إعداد هذا التقرير، تواصلنا مع أبو قصي وهو رب عائلة سوري يقيم في حلب، وشاركنا عن معاناته مع غلاء المعيشة قائلاً: “راتبي التقاعدي البالغ قرابة 50 ألف ليرة سورية وما يتقاضاه ابني من خلال عمله في محل معجنات لا يكفينا لأول أسبوع من كل شهر بسبب غلاء المعيشة”.

ويضيف أبو قصي أن أحد أبنائه في تركيا ويرسل له شهرياً مبلغا مالياً يعين العائلة على تغطية مصاريف بقية أيام الشهر، واصفاً الوضع بالـ”كارثي.”

ولا تتوفر إحصائية دقيقة توضح قيمة الحوالات المالية التي تدخل إلى سوريا خصوصاً أنها تحصل عبر مكاتب تحويل خاصة وغير مرخصة لدى النظام، كما أن الكثير من الحوالات يتم تحويلها لدول الجوار ومن ثم يعاد تحويلها لداخل سوريا.

مكاتب بالجملة

خلال السنوات الماضية، أسس سوريون مئات مكاتب الحوالات المالية، بعضهم افتتح مكاتب وبدأ عمله على نطاق واسع وآخرون اقتصروا على إرسال واستلام الحوالات دون أن يكون لديهم مركز محدد.

وبات هناك المئات من مكاتب الحوالات في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، حيث أصبحت بمثابة الوسيلة الوحيدة لإرسال واستقبال الأموال من وإلى سوريا.

وفي ظل قلة فرص العمل ذات الأجور المناسبة للأوضاع المعيشية في سوريا، لجأ البعض إلى هذه المهنة، ومن بينهم أبو ياسر وهو اسم حركي لشخص يعمل في مجال الحوالات بحلب، حيث يشرح قصته من خلال اتصال هاتفي: “بدأتُ العمل في مجال الصرافة والحوالات منذ قرابة سنتين، ولو لم أعمل في هذا المجال لكنت قد صرفت أموالي التي جمعتها منذ سنوات بسبب غلاء المعيشة”.

ويضيف أنه يعمل بشكل سري خوفاً من حصول مكروه له، حيث يحرص على تسليم الحوالات عبر لقاء الزبائن في الشوارع، أما المردود فهو قليل مقارنة بمخاطر هذا العمل عليه.

وفيما يخص المردود من الحوالات المالية، فحسب إفادات عاملين بهذا المجال، تصل الأجور إلى قرابة 5 دولار مقابل تحويل كل 100 دولار أمريكي إلى سوريا.

مواضيع ذات صلة

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

إلى جانب كونها مدينة الطرب والقدود، برعت حلب وتميَّزت في فن الموشحات، وذلك بفضل كوكبة من ملحنيها ووشاحيها المبدعين، الذين كانوا مخلصين لذلك الفن  وحافظوا على روح وألق الموشح العربي وساهموا في إغنائه وتطويره، ومن أبرزهم الشيخ عمر البطش، الذي ساهم على نحو خاص في...

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

في الخامسة من عمره حظيت إحدى لوحاته بإعجاب العديد من أساتذة الرسم، نصير شورى الذي ولد عام ١٩٢٠ والذي كان محط عنايةٍ خاصة من والديه: محمد سعيد شورى، الأديب والشاعر الدمشقي المعروف، وأمه، عائشة هانم، ذات الأصول العريقة. فكان أن تلقى تعليماً خاصاً منذ نعومة أظفاره...

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

 "كنت أحلم بلوحةٍ تستطيع أن تخاطب بجمالياتها شريحة أوسع من الناس، لوحة تستطيع تجاوز مجموعة الجمهور التي تتكرر في حفل الافتتاح لأي معرض". ربما توضح تلك الكلمات، وهي للفنان نذير نبعة، مدى تبنيه وإخلاصه للفن، الذي كان رفيق دربه لأكثر من ستين عاماً، فهو الفنان الذي...

مواضيع أخرى

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

رغم انتشار ثقافة المطالعة واستقاء المعلومات عن طريق الشبكة العنكبوتية إلا أن ملمس الورق ورائحة الحبر بقيا جذابين للقارئ السوري. ولم تستطع التكنولوجيا الاستحواذ على مكان الكتاب الورقي، أو منافسته. وبقي الكتاب المرجع الأساسي والحقيقي لأي بحث علمي وأكاديمي، ولم يستطع...

التجربة المؤودة للمسرح الجوّال في سورية

التجربة المؤودة للمسرح الجوّال في سورية

بقي الريف السوري محروماً من المسرح إلى أن أنشأت مديرية المسارح والموسيقى في وزارة الثقافة ما أسمته "المسرح الجوال" عام ١٩٦٩، والذي بدأ عروضه بنشر الوعي المسرحي في الريف والمناطق الشعبية والنائية. صارت الصالة في كل مكان  والجمهور ضمنها، وكان كسر الحواجز بين...

“وفا تيليكوم”: اتصالات إيرانية على أراضٍ سورية

“وفا تيليكوم”: اتصالات إيرانية على أراضٍ سورية

ينتظر السوريون في الأسابيع المقبلة بفارغ الصبر وفق تصريحات حكومية انطلاق المشغل الخلوي الثالث "وفا تيليكوم" المرتبط بإيران التي ستدخل على خط الاستحواذ في قطاع الاتصالات الحساس والذي ظلّ حكراً على متنفذي السلطة لعقود. من خلال التواصل المباشر مع مصادر متعددة من داخل...

تدريباتنا