تدريباتنا

سوريا الجديدة وتحدياتها المقبلة كما يراها كتاب وسياسيون وأكاديميون سوريون

by | Jan 22, 2025

بعد انهيار نظام الأسد الاستبدادي، تمر سوريا اليوم في مرحلة دقيقة وحاسمة من تاريخها، جراء الفراغ السياسي والدستوري الذي حصل في البلاد بعد أن فرّ بشار الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر الماضي، وظهرت أمام السوريين تحديات كبيرة غير مسبوقة، تتداخل فيها معطيات الداخل والخارج في لوحة شديدة التعقيد، لكن الأمل في بناء مستقبل سوريا جديدة يبقى مستمراً، والطريق إلى هذا المستقبل يحتاج بكل تأكيد إلى حوار سوري سوري حقيقي، يعتمد على الشراكة والعدالة، ويقطع الطريق على التفرد بالقرار أو الهيمنة الخارجية.

لقد شكّل فرار الأسد إلى روسيا برفقة عائلته، نقطة تحوّل مفصلية في تاريخ سوريا الحديث، من المفترض أن تقدم للشعب السوري فرصة للخروج من عقود من الاستبداد والقهر والقمع، ولكنها في الوقت نفسه تفرض تحديات عميقة على كافة الصعد داخلياً وخارجياً، وهو ما دعانا في “صالون سوريا” لسبر آراء عدد من السياسيين السوريين للوقوف على أبرز التحديات المقبلة التي تواجه سوريا على كافة الصعد سواء السياسة أو الأمنية أو الاقتصادية والاجتماعية... بالنظر لما يحدث اليوم في عموم الجغرافية السورية، فكان هذا الاستطلاع الذي يسبق عقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل المفتر ض، الذي سيضم مجمل أطياف ومكوّنات الشعب السوري، والذي ستتم الدعوة إليه خلال الفترة القريبة المقبلة…

جورج صبرة: إعادة بناء الدولة ومؤسساتها

بداية حديثنا كانت مع الكاتب والسياسي جورج صبرة (الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري، وعضو سابق في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وقيادي في حزب الشعب الديمقراطي)، الذي قال: حقيقة هي أكثر من تحديات، لأنها قد تلامس أحياناً حافة الخطر. لأنّ المهام المطلوبة على قاعدة التنفيذ كبيرة وعديدة، تلامس إعادة بناء الدولة ومؤسساتها ومعالجة التخريب والعطب على المستوى الاجتماعي الذي سببه نظام التسلط الراحل، فارتكابات النظام الأسدي وجرائمه وأعماله التخريبية طالت كلاً من الدولة والمجتمع، وتمادت عمقاً واتساعاً على امتداد البلاد خلال أكثر من نصف قرن. أول هذه التحديات هي الأمنية وعدم الاستقرار: مخاطر إيران عبر ميليشياتها وعملائها. فانتصار الثورة السورية أكبر هزيمة لمشروعها في المنطقة. ويصعب على نظام الملالي ابتلاعها والانكفاء داخل إيران بانتظار هزيمة أخرى أو الانهيار الداخلي. وكذلك هناك المخاطر المحتملة من أزلام النظام البائد وزبانيته من مرتكبي الجرائم والمهددين بالملاحقة الأمنية. الذين يحملون السلاح ولديهم وفرة من الأموال المسروقة. وقد تتوفر لهم مساعدة خارجية. أضف إلى ذلك الصدامات المحلية مع قوى الأمر الواقع وفيما بينها، وخاصة بعد حل المنظمات المسلحة وجمع السلاح. ناهيك عن أعمال الانتقام المحتملة الفردية والجماعية، إذا تأخرت عملية العدالة الانتقالية، أو لم تحقق المطلوب.

ثانياً، التحديات الممكنة خلال مرحلة تسيير الأعمال، وأجملها بالنقاط التالية:

  – توفير الحاجات الضرورية للحياة اليومية للمواطنين. 

– تأمين عمل المؤسسات الرسمية في الداخل والسفارات في الخارج بما يلبي حاجة السوريين وتوقعاتهم.

– حماية الاقتصاد الوطني من التضخم النقدي المحتمل، وحماية السوق والمواطنين من غلاء الأسعار.

– مخاطر القلق الشعبي وردود الفعل الجماعية المعاكسة والرافضة، التي تسببها التجريبية والقرارات والإجراءات الاستنسابية، التي تتخذ دون دراسة كافية وخارج المألوف في الحياة الشعبية الراسخة.

– عدم توفر الملاءة المالية الكافية لتلبية متطلبات عمل ماكينة الدولة والنفقات الجارية بالوقت المناسب.

يضيف صبرة: هناك تحديات تشكيل مؤسسات الحكم ومنظمات العمل المطلوبة خلال المرحلة الانتقالية، بداية من المؤتمر الوطني العام، الذي يتطلب إعداداً متأنياً وشاملاً. بحيث يوفر الحضور الحقيقي والفاعل لمكوّنات الشعب السوري، مع الحرص على صحة التمثيل والخبرة الكافية وحسن الأداء. ومن ثم تشكيل هيئة حكم انتقالي كسلطة جماعية مؤقتة، تدير المرحلة الانتقالية. تقوم بمهمة التشريع ومراقبة عمل المؤسسات التنفيذية للدولة، وتوفير البيئة الوطنية والمناخات المناسبة لعملية الانتقال السياسي. إضافة إلى تشكيل المجلس العسكري لإعادة بناء الجيش والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية، واستيعاب الفصائل والمنشقين من الضباط وصف الضباط والأفراد اختيارياً. بموازاة ذلك جمع السلاح وضمان حصرية حيازته بيد الدولة، وتشكيل مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الدستورية العليا، وضمان استقلالهما وحرية عملهما للتدقيق بدستورية القوانين والإجراءات المتخذة من قبل كافة السلطات في المرحلة الانتقالية. ومعالجة الوضع في شمالي شرق البلاد (قسد) مع ذيوله واستطالات مؤثراته إقليمياً ودولياً.

يختم صبرة حديثه معنا حول أبرز التحديات التي يرى أنه لا بدّ من إيلائها أهمية بالغة، ألا وهي عملية العدالة الانتقالية ورد المظالم إلى أهلها ومحاسبة المرتكبين بالشكل والوقت المناسبين، وعبر مؤسسات قانونية متخصصة ونزيهة. كما شدد على ضرورة عدم وقوع السلطات الجديدة في مطب ممارسة سياسة الاستحواذ أو الانفراد أو الاستنسابية باتخاذ القرارات. كي لا يصبح الوضع بتماس مع نظام اللون الواحد، الذي يعرض البلاد والشعب لمحنة جديدة وامتحان جديد. وأخيراً أشار إلى المخاطر الدائمة والمتصاعدة من “إسرائيل”، التي تتصرف في المنطقة دون رقيب أو حسيب.

صلاح بدرالدين: حل القضية الكردية السورية بشكل ديمقراطي سلمي

من جهته، يرى الكاتب والسياسي الكردي السوري صلاح بدرالدين أنّ سوريا تحوّلت منذ أكثر من نصف قرن في ظل نظام البعث إلى سجن كبير، حُرم فيه السوريون من الحرية، والعيش الكريم، وتعرضوا لمختلف أنواع القهر، والقمع، والاعتقال الكيفي، وعندما انتفضوا بشكل سلمي في سياق ثورات الربيع التي اندلعت في معظم بلدان المنطقة ومن خلال التظاهرات الاحتجاجية من أجل الخلاص، ناشدين الحرية والكرامة، قُمعوا بالحديد والنار، والتدمير، والإبادة، حيث استخدم نظام الأسد كل إمكانيات الدولة العسكرية، والأمنية، ومواردها الاقتصادية ضد الشعب السوري، بالإضافة إلى انتهاكه للسيادة باستقدام جيوش الدول الأجنبية، والميليشيات المذهبية لاستكمال حرب الإبادة والتقتيل، والتهجير.

وبعد نحو أربعة عشر عاماً من اندلاع الثورة السورية، وبعد أن واجهت العديد من التراجعات، والانتكاسات – لسنا بصدد مراجعتها الآن – فقد توجت بإقدام فصائل عسكرية ثورية، وفي ظل ظروف محيطة مواتية بتحرير المدن السورية الرئيسية انتهاء بالعاصمة دمشق في الثامن من كانون الأول/ديسمبر ٢٠٢٤، وسقوط نظام الاستبداد بعد أكثر من نصف قرن، وانبثاق سوريا الجديدة.

يتابع بدرالدين قائلاً: معلوم أنّ هناك جملة من التحديات الحقيقية تواجه العهد الجديد، ومن أبرزها: أولاً: بداية لا بدّ من التأكيد أنّ ما بناه نظام الاستبداد طيلة خمسين عاماً من قواعد بنى تحتية، ومؤسسات في المجالات العسكرية، والأمنية، والاجتماعية، والاقتصادية، والحزبية، والإدارية، لا يمكن تغييرها في غضون أسابيع وأعوام ، ومن جانب فصائل محددة، بل يحتاج الأمر إلى المزيد من الوقت، وإلى التعاون بين مختلف القوى والأطراف، والمكوّنات التي شاركت في الثورة والمعارضة، بل يحتاج أيضاً إلى المشاركة الشعبية العامة التي لها مصلحة في إرساء نظام وطني ديمقراطي يرعى مصالح الغالبية الساحقة من الشعب السوري، ويحقق الأمن والاستقرار والسلام المجتمعي.

ثانياً: قد تكون الإدارة الجديدة محقة بشأن ضرورة توفر الانسجام بين الفريق الحاكم لفترة معينة إلى حين استتباب الأمن، وإنجاز بعض الخطوات ذات الطابع العسكري – الأمني، والإداري الخدماتي، ولكن من الأفضل أن لا تطول هذه المدة أكثر من اللازم.

ثالثاً: لا نكتشف جديداً بخصوص التحديات الماِثلة، فقد كان من صلب أهداف الثورة السورية (المغدورة) إسقاط الاستبداد، وهو ما تحقق كخطوة أساسية مفتاحية أولى.

رابعاً: أما التحديات الأخرى التي تتطلب المواجهة مثل تحقيق الحرية، والكرامة وإجراء التغيير الديمقراطي، وتطبيق العدالة، ومحاسبة من تلوثت أياديهم بدماء السوريين، وإعادة البناء، والإعمار، وعودة المهجرين، والنازحين، ووضع حد لسلطات الأمر الواقع المعلنة هنا وهناك، واستلام جميع أنواع الأسلحة خارج نطاق سلطة الدولة، وضم كل المناطق إلى سلطة الدولة السورية الحرة، بالتوازي مع مغادرة كل الجيوش الأجنبية المحتلة، والسيطرة على جميع المطارات، والمعابر الحدودية، وتوفير مقومات التنفيذ مثل إعادة بناء القوى العسكرية، والأمنية بعقيدة جديدة تنسجم مع مرحلة الحرية والسلم، نقول إنّ إنجاز هذه المهام يحتاج إلى مشاركة كل المكوّنات، وجميع التيارات السياسية الوطنية المناضلة من أجل الحرية والتقدم وبناء سوريا الجديدة.

خامساً: بعد عودة السوريين إلى بلادهم من مواقع الهجرة والشتات، من الضرورة بمكان إجراء إحصاء سكاني عام لمعرفة حقيقة العدد الإجمالي للسوريين، ونسب مكوّناتهم القومية، والاجتماعية، والثقافية، وعلى ضوء ذلك يتم الاستجابة للاستحقاقات الدستورية، والقانونية، والإدارية في سوريا الجديدة.

سادساً: حل القضية الكردية السورية بشكل ديمقراطي سلمي من أهم التحديات التي تواجه سوريا الجديدة، مع الأخذ بعين الاعتبار طوي صفحة، بل تجاوز ما حصل بشكل استثنائي منذ أربعة عشر عاماً، من جانب قوى، وأحزاب (كردية!) أيديولوجية، مرتبطة بالخارج، (هناك تجربة مماثلة على الصعيد السوري) أضافت تعقيدات مضاعفة إلى قضايا الكرد السوريين، بل حرفت المسألة عن مسارها الديمقراطي الإنساني الصحيح، فالخارطة السياسية للحالة الكردية السورية الخاصة تؤكد على حقائق جديدة وأهمها عدم مقبولية تحكم الأحزاب، وادعاءاتها الباطلة (بتمثيل شرعي وحيد) للكرد السوريين، وازدياد أعداد الوطنيين المستقلين خارج أطر الأحزاب إلى درجة الغالبية الساحقة، هذه الغالبية تشكّل الآن – الكتلة التاريخية – التي انخرطت بالثورة السورية، وربطت قضاياها بمصير الوطن، بعكس معظم أحزاب طرفي (الاستعصاء) في الساحة الكردية السورية التي حملت ومازالت تحمل الأجندة الخارجية، بل قسم منها يدعو إلى تدخلات خارجية من جانب أطراف لم تكن يوماً صديقة للكرد ولا لعموم السوريين، ومن حق هذه الكتلة التاريخية على الإدارة الجديدة المزيد من الرعاية، وقبولها كطرف كردي سوري وطني محاور، وشريك أساسي في إعادة بناء الوطن، وتحمل المسؤوليات.

وفي ختام حديثه مع “صالون سوريا”، يؤكد بدر الدين أنه على السوريين جميعاً أمام الامتحان، ولا شكّ أنّ اتحادهم كفيل بتحقيق الانتصار النهائي.  

عبدالله تركماني: تكريس القواعد الديمقراطية وبناء المؤسسات الدستورية

أما الباحث الأكاديمي والكاتب في الفكر السياسي الدكتور عبدالله تركماني، فيرى أنه بعد أن سالت دماء سوريات وسوريين من أجل التغيير الوطني الديمقراطي أضحى هذا التغيير على جدول الأعمال السوري بعد سقوط سلطة آل الأسد يوم 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، لذلك من المهم محاولة رؤية أهم التحديات السياسية والاجتماعية في سوريا الجديدة. استناداً إلى القياس على مطالب السوريين في التحوّل المؤسسي القائم على مجموعة قيم: الحرية والكرامة والشفافية والديمقراطية وحقوق الإنسان. 

ولا شكّ أنّ تحديد الأولويات ومراجعة الأهداف المزمع تحقيقها ضرورة ملحة في سوريا الجديدة، ليتم التركيز على متطلبات تكريس القواعد الديمقراطية وبناء المؤسسات الدستورية ومعالجة المشاكل المعيشية وتحديث الهياكل والبنى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتحقيق التنمية والارتقاء بمستويات القدرات السورية.

تركماني أردف قائلاً: إنّ سوريا أحوج ما تكون إلى دولة كل مواطنيها بلا استثناء ولا تمييز، يشارك فيها الأفراد والمكوّنات الاجتماعية مشاركة فعلية من خلال المؤسسات. والحل المجدي الوحيد يكمن في قيام الدولة، التي عمادها المواطنة الكاملة القائمة على دستور عادل لا يميّز بين المواطنين على أساس ديني أو مذهبي أو قومي. ومن غير الممكن تصوّر سوريا لكل مواطنيها بمعزل عن عودة الروح إلى المجتمع المدني، وضمان مؤسساته المستقلة عن سلطة الدولة، كي يسترد المجتمع حراكه السياسي والثقافي، بما يخدم إعادة بناء الدولة السورية الحديثة. 

كما أنّ عملية التحوّل الديمقراطي تقتضي إعادة صياغة القيم السائدة، وتغيير أنماط السلوك من خلال مجموعة كبرى متكاملة من التحوّلات. فحين يصبح هذا التمييز منغرساً في وعينا الجمعي، نستطيع ترتيب ولاءاتنا بشكل عقلاني وسليم، حيث تنتصب الدولة الوطنية، باعتبارها دولة حق وقانون، في المقام الأول، وتتصدر غيرها من الإعاقات، وهي كثيرة في سوريا، وفي مقدمتها حصول مصالحة مزدوجة: مصالحة المجتمع مع الدولة السورية الجديدة، على أنها بيت للجميع، ومصالحة الدولة مع المجتمع، باعتباره محور الدولة. ومما يؤسف له أنّ ما جرى من فصل بين الذكور والإناث في باصات النقل الداخلي العامة والخاصة، وكذلك القلق المسيطر على أبناء الطائفة العلوية بعد الحملة الأمنية للسلطات الجديدة في أحيائهم، إضافة إلى القرارات التي صدرت بشأن التعديلات في البرامج الدراسية، مثل: إلغاء وحذف قصائد الغزل، ومدونة حمورابي، والملكة زنوبيا، وإلغاء الموسيقى والأوبرا أثار جدلاً واسعاً وقلقاً شعبياً واعتراضاً في الشارع السوري، ما يشير إلى صعوبة المصالحة المطلوبة بين الدولة والمجتمع.

أخيراً يؤكد الدكتور عبدالله تركماني، على أنّ الحكم الصالح اليوم يتطلب دستوراً جديداً يؤكد قيم الحرية والعدالة، وينجح في إرساء تقاليد التداول على السلطة في ظل انتخابات حرة وشفافة وضمانات لكل مكوّناتالمجتمع مختتماً حديثه بالتساؤل التالي: هل يكون النظام الانتقالي مفتاحاً لتوافق سوري عام على محتوى التغيير المقبل، وفسحة لانتقال سلمي وهادئ نحو نظام جديد في سوريا؟  

محمود الحمزة: الحاجة لهيئة حكم انتقالية تمثل أوسع أطياف المجتمع

بدوره، يبين الأكاديمي والسياسي الدكتور محمود الحمزة، أنّ الشعب السوري استطاع بعد كفاح طويل ومكلف أن يسقط نظام الأسد الاستبدادي الذي ترك وراءه بلداً محطماً ومدمراً في كافة المجالات: الاقتصادية والثقافية والمجتمعية – البنية التحتية- المعيشية – التعليمية- الصحية- المؤسسات. وبالرغم من ذلك علينا اليوم أن ننطلق من كون سوريا بلد الحضارات والثقافات ومهد الديانات، ويجب أن تكون الجمهورية السورية الجديدة نموذجاً عصرياً ديمقراطياً، مع التأكيد على انتمائها التاريخي والحضاري والثقافي للمحيط العربي والإسلامي. وأشار الدكتور الحمزة إلى أنّ ما حدث في سوريا انتصار تاريخي لم يحصل مثله منذ قرون عديدة ويجب على السوريين جميعاً وبلا استثناء الحفاظ عليه وحمايته من قوى الثورة المضادة في الداخل والخارج، على مبدأ “سوريا لكل السوريين”.

يضيف الحمزة: نلاحظ أن قيادة السلطة الجديدة تتمتع بالنظرة البراغماتية وهي تطوّر خطابها ومواقفها العملية تبعاً للظروف، خاصة زعيمها أحمد الشرع الذي يظهر صورة القائد الحقيقي السياسي والوطني والدبلوماسي، وخطابه متوازن ويتمتع بحكمة ورصانة في الطرح. وواجبنا الوقوف إلى جانبه ودعمه والمساعدة في تجنب الأخطاء قدر الإمكان.

أما أهم التحديات التي يجب على القيادة الجديدة حلها سواء بالموقف السياسي أو الإجراءات العملية، وفقاً للحمزة، هي: الإسراع في اتخاذ إعلان دستوري أو اعتماد دستور 1950 مع بعض التعديلات وهذا أمر ملح لإعطاء صفة قانونية وشرعية للسلطة الجديدة ويسرع بالاعتراف بها بشكل رسمي دولياً. إنّ سوريا بحاجة لهيئة حكم انتقالية تمثل أوسع أطياف المجتمع من الكفاءات لكي تشرف على عقد مؤتمر وطني سوري ولاحقا تشرف على تشكيل حكومة انتقالية وإعداد دستور للبلاد وانتخابات برلمانية ورئاسية. ويجب أن تُصدر هيئة الحكم الانتقالية بياناً موجهاً إلى الشعب السوري يوضح التوجهات السياسية للمرحلة الانتقالية.

يؤكد الأكاديمي والسياسي الدكتور محمود الحمزة، أنّ سوريا بأمس الحاجة لمؤتمر وطني سوري جامع يجب أن يتم التحضير له بشكل جيد من قبل لجنة تحضيرية مكوّنة من شخصيات وطنية وكفاءات سورية مستقلة تمثل أوسع شرائح المجتمع السوري. ومن أهم قرارات المؤتمر التأكيد على هدف بناء دولة سورية واحدة وحكومة وطنية واحدة وجيش سوري واحد، والالتزام بوحدة سوريا أرضاً وشعباً وألا يكون هناك خارج سلطة الدولة أي فصائل مسلحة أو سلطات أمر واقع. كذلك يجب أن يحدد المؤتمر ملامح الدولة السورية الجديدة وخاصة في أن تكون دولة مدنية ودولة المواطنة. 

يختتم الحمزة حديثه مع “صالون سوريا” قائلاً: الدستور الجديد من أهم المنجزات التي يجب العمل عليها وذلك يجب أن ينتج عن المؤتمر لجنة من الخبراء المشهود لهم بالكفاءة والاستقلالية لصياغة مسودة دستور عصري يحفظ حقوق الأفراد والجماعات وحقوق المرأة والشباب وحرية الاعتقاد والتعبير عن الرأي. وبعد ذلك يعرض الدستور على الاستفتاء الشعبي بمشاركة مراقبين دوليين. ويجب تحديد المدة اللازمة (على ألا تزيد عن ثلاث سنوات) لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية لكي تنتقل سوريا إلى المرحلة الشرعية الكاملة المنتخبة.

مواضيع ذات صلة

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

إحدى وثلاثون سنة من الغياب مضت على انطفاء فارس السرد "هاني الراهب" ومازالت نصوصه تتوهج وتمارس سطوتها وحضورها الآسر على أجيال أتت من بعده تتقرى معانيه وتتلمس خطاه رغم التعتيم والتغييب الذي مورس بحقه على مر الزمن الماضي ومحاصرته في لقمه عيشه بسبب من آرائه ومواقفه،...

الواقعية النقدية لدى ياسين الحافظ

الواقعية النقدية لدى ياسين الحافظ

ياسين الحافظ كاتبٌ ومفكر سياسي سوري من الطراز الرفيع، يعدُّ من المؤسسين والمنظرين للتجربة الحزبية العربية. اشترك في العديد من الأحزاب القومية واليسارية، ويعدُّ الحافظ في طليعة المفكرين التقدميين في العالم العربي، اتسم فكره بالواقعية النقدية، تحت تأثير منشأه الجغرافي...

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

يمثل عبد السلام العجيلي ذاكرة تأسيسية في مدونة الأدب السوري، ذاكرة من من ذهب وضياء، ضمت في أعطافها عبق الماضي وأطياف الحاضر، امتازت بقدرته الفائقة في الجمع بين مفهومين متعارضين ظن الكثيرون أنه لا لقاء بينهما، ألا وهو استلهامه واحترامه للتراث وللإرث المعرفي المنقول عمن...

مواضيع أخرى

زكريا تامر بوصلة التمرد الساخرة

زكريا تامر بوصلة التمرد الساخرة

"أكثر قصصي قسوة هي أقل قسوة من الحياة العربية المعاصرة، وأنا لا أستطيع وصف السماء بجمالها الأزرق متناسياً ما يجري تحت تلك السماء من مآس ومجازر ومهازل.. صدّقني الأسطورة أصبحت أكثر تصديقاً من واقعنا المرير" بهذا التوصيف العاصف يلخص الكاتب السوري زكريا تامر (1931) تجربته...

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

إحدى وثلاثون سنة من الغياب مضت على انطفاء فارس السرد "هاني الراهب" ومازالت نصوصه تتوهج وتمارس سطوتها وحضورها الآسر على أجيال أتت من بعده تتقرى معانيه وتتلمس خطاه رغم التعتيم والتغييب الذي مورس بحقه على مر الزمن الماضي ومحاصرته في لقمه عيشه بسبب من آرائه ومواقفه،...

افتحوا النوافذ كي يدخل هواء الحرية النقي

افتحوا النوافذ كي يدخل هواء الحرية النقي

يصدمنا الإعلام الاجتماعيّ كل يوم بمقاطع فيديو وأخبار حول امتهان كرامة الإنسان في سورية عن طريق استفزازات لفظية وعنفٍ جسديّ يُمارَس ضد أشخاص تصنّفهم الآلة الإعلامية للمرحلة الانتقالية على أنهم من "فلول النظام“ السابق. ولقد سمعنا عن أشخاص تُقتحم بيوتهم...

تدريباتنا