تدريباتنا

سوريا: موجات حر شديدة في ظل انقطاع الكهرباء

by | Aug 7, 2023

تزامنت موجات الحرارة المتتالية مع انقطاع التيار الكهربائي في عدة محافظات سورية أكثر من 20 ساعة يومياً، ما يحرم المواطنين/المواطنات من تشغيل وسائل التبريد أو التكييف إن توفرت، وما يزيد الطين بلة انقطاع الكهرباء بشكل كامل وعام نتيجة لتعطل إحدى محطات التوليد، مثلما حدث ذلك مرتين في شهر تموز الماضي.

وتتعرض البلاد لموجات حرارة قاسية، إذ سجلت (المديرية العامة للأرصاد الجوية) درجات حرارة مختلفة تجاوزت 40 درجة مئوية في عدة مناطق، ووصلت إلى أكثر من 45 درجة في بعض المحافظات خلال الأسابيع القليلة الماضية، بيد أن الحرارة الملموسة بلغت درجات أعلى بكثير.

ولمواجهة لهيب الصيف، تلجأ بعض الأسر إلى مصادر طاقة بديلة عن الكهرباء الحكومية لتشغيل المراوح؛ مثل “الأمبيرات” بمقابل أجر أسبوعي أو شهري ما يشكل عبئاً مادياً إضافياً، في حين يعتمد آخرون على البطاريات ذات السعات الكبيرة، لكن الفئات الأكثر هشاشة وفقراً قد لا تملك مثل هذه الخيارات عموماً.

ومن ناحية أخرى، يفضل مواطنون الذهاب إلى المسابح هرباً من القيظ، بينما تقصد عائلات سورية الحدائق العامة والمساحات الخضراء بدمشق مساء، ويلجأ أفراد للنوم على الأسطح أو شرفات منازلهم.

ومع فشل الثلاجات المنزلية في أداء وظائفها لانقطاع الكهرباء بشكل متواصل، يزداد الطلب على شراء قوالب المياه المجمدة من الدكاكين أو الباعة الجوالين بهدف تبريد ماء الشرب على الأقل، حيث وصل سعر القالب الواحد إلى 16 ألف ل.س في ريف دمشق.

الصحة

تعاني هناء (72 عاماً- ريف دمشق) من موجات الحرارة وانقطاع التيار الكهربائي مثل غيرها من كبار السن، تقول هناء: “استحم بالماء البارد لتخفيف درجة حرارة الجسم، إنه الخيار الأفضل، لا يتوفر لدينا وسائل تبريد باستثناء مروحة صغيرة تعمل على الطاقة البديلة”.

وسجلت عدد من المراكز الصحية في ريف دمشق ودرعا مراجعات بسبب “ضربات الشمس”، وعلى الرغم من برامج التقنين الكهربائي إلا أن أغلب المراكز الصحية والمستشفيات تملك مصادر طاقة بديلة.

وفي زيارة لعدد من العيادات الطبية الخاصة في قلب العاصمة دمشق، يلاحظ أن المرضى يعانون من درجات الحرارة المرتفعة أثناء الانتظار ما إن يغيب التيار الكهربائي، وبشكل خاص في العيادات التي لا تحتوي على منافذ تهوية كافية أو لا تملك طاقة بديلة لتشغيل وسائل التبريد.

وذكرت مصادر طبية وإدارية في دمشق لـ “صالون سوريا” أن منظمات غير حكومية بدأت بتوفير مصادر طاقة بديلة لبعض المراكز الصحية في دمشق وغيرها بهدف استمرار تقديم الخدمات الطبية للمرضى، بينما يقول مواطنون في ريف درعا إن المشكلة لا تكمن بمصادر الطاقة دوماً، وإنما بخروج بعض المراكز عن الخدمة وقلة الكوادر الطبية والأدوية في القرى والبلدات النائية.

ضربة الحرارة!

وعن أضرار موجات الحر الشديد، يوضح الطبيب محمد الشعابين (داخلية- قلبية) في حديث مع “صالون سوريا” أن الحرارة المرتفعة تسبب ضغطاً استقلابياً وما يعرف بالإجهاد الحراري أو ضربة الحرارة، والسبب بذل الجسم جهداً لتخفيض حرارته.

وبحسب الطبيب المختص فإن أعراض ضربة الحرارة هي التعب الشديد، والتعرق المفرط، والدوار، وفقدان الشهية، والصداع، وتؤدي الضربة إلى اضطرابات النطق واختلاجات وتقيؤ وتشنجات عضلية، وقد تؤدي إلى الوفاة في حال لم تعالج بالسوائل الوريدية بشكل سريع.

ويحدد الشعابين الفئات الأكثر تأثراً بموجات الحر، وهم الأطفال والنساء الحوامل والعمال الذين يعملون تحت أشعة الشمس؛ فضلاً عن الرياضيين وكبار السن.

ويقول الطبيب: “يصاب مرضى السكري بالتجفاف ما يؤدي إلى حماضات سكرية ربما تفضي إلى الوفاة، كما أن التجفاف عامل مؤثر على مرضى القلب والكلى أيضاً، بينما يعاني مرضى (الربو) من صعوبة التنفس عموماً، وتسرع ضربات القلب”.

ويخلص أطباء سوريون مختصون في حديث مع “صالون سوريا” إلى أن عدم توفر وسائل تبريد كافية يؤثر على حفظ الأدوية، وقد يحتاج قسم منها للإتلاف سواء في الصيدليات أو في المنازل، وتتعرض الأغذية للتلوث ما يزيد من حالات الإسهال صيفاً، كذلك تسبب درجات الحرارة المرتفعة القلق والأرق ليلاً.

ويدعو الطبيب محمد الشعابين إلى تجنب التعرض لأشعة الشمس بشكل مباشر لمن يستطيعون ذلك، إلى جانب الإكثار من السوائل والأملاح لتعويض شوارد الصوديوم التي تُستنزف عن طريق التعرق كيلا تسبب اضطرابات قلبية أو عصبية، إلى جانب تغطية النوافذ، لكن فعالية هذه الإجراءات تبدو منخفضة في ظل غياب وسائل تبريد جيدة.

من جهتها، تنصح وزارة الصحة السورية عبر صفحة مكتبها الإعلامي على “فيسبوك” بعدم التعرض المباشر لأشعة الشمس خصوصاً بين الساعة 10 صباحاً و4 عصراً، وتجنب المشروبات التي تحتوي الكافيين أو السكر لأنها تؤدي إلى فقدان السوائل من الجسم؛ علاوة على ارتداء ملابس قطنية خفيفة وفضفاضة، وفتح النوافذ لاسيما ليلاً عندما تنخفض درجة الحرارة، والاستحمام بالماء البارد.

تموز: الأكثر سخونة

وسبق أن حذّرت منظمات مختصة من ظاهرة الاحتباس الحراري. في السياق ذاته، وصلت مستويات الغلاف الجوي لغازات الدفيئة الرئيسية الثلاثة -وهي ثاني أكسيد الكربون، والميثان وأكسيد النيتروز إلى مستويات قياسية في عام 2021، وفقا لتقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO).

وكانت (المنظمة العالمية للأرصاد الجوية) بالاشتراك مع خدمة “كوبرنيكوس” لمراقبة تغير المناخ الممولة من الاتحاد الأوروبي أصدرت تقريراً عن درجات الحرارة المسجلة في شهر تموز. وأظهرت بيانات سجلتها خدمة “كوبرنيكوس” أن تموز في طريقه ليكون الأكثر سخونة على الإطلاق، طبقاً لما نقل موقع (أخبار الأمم المتحدة) الإلكتروني.

مواضيع ذات صلة

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

إلى جانب كونها مدينة الطرب والقدود، برعت حلب وتميَّزت في فن الموشحات، وذلك بفضل كوكبة من ملحنيها ووشاحيها المبدعين، الذين كانوا مخلصين لذلك الفن  وحافظوا على روح وألق الموشح العربي وساهموا في إغنائه وتطويره، ومن أبرزهم الشيخ عمر البطش، الذي ساهم على نحو خاص في...

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

في الخامسة من عمره حظيت إحدى لوحاته بإعجاب العديد من أساتذة الرسم، نصير شورى الذي ولد عام ١٩٢٠ والذي كان محط عنايةٍ خاصة من والديه: محمد سعيد شورى، الأديب والشاعر الدمشقي المعروف، وأمه، عائشة هانم، ذات الأصول العريقة. فكان أن تلقى تعليماً خاصاً منذ نعومة أظفاره...

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

 "كنت أحلم بلوحةٍ تستطيع أن تخاطب بجمالياتها شريحة أوسع من الناس، لوحة تستطيع تجاوز مجموعة الجمهور التي تتكرر في حفل الافتتاح لأي معرض". ربما توضح تلك الكلمات، وهي للفنان نذير نبعة، مدى تبنيه وإخلاصه للفن، الذي كان رفيق دربه لأكثر من ستين عاماً، فهو الفنان الذي...

مواضيع أخرى

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

رغم انتشار ثقافة المطالعة واستقاء المعلومات عن طريق الشبكة العنكبوتية إلا أن ملمس الورق ورائحة الحبر بقيا جذابين للقارئ السوري. ولم تستطع التكنولوجيا الاستحواذ على مكان الكتاب الورقي، أو منافسته. وبقي الكتاب المرجع الأساسي والحقيقي لأي بحث علمي وأكاديمي، ولم يستطع...

التجربة المؤودة للمسرح الجوّال في سورية

التجربة المؤودة للمسرح الجوّال في سورية

بقي الريف السوري محروماً من المسرح إلى أن أنشأت مديرية المسارح والموسيقى في وزارة الثقافة ما أسمته "المسرح الجوال" عام ١٩٦٩، والذي بدأ عروضه بنشر الوعي المسرحي في الريف والمناطق الشعبية والنائية. صارت الصالة في كل مكان  والجمهور ضمنها، وكان كسر الحواجز بين...

“وفا تيليكوم”: اتصالات إيرانية على أراضٍ سورية

“وفا تيليكوم”: اتصالات إيرانية على أراضٍ سورية

ينتظر السوريون في الأسابيع المقبلة بفارغ الصبر وفق تصريحات حكومية انطلاق المشغل الخلوي الثالث "وفا تيليكوم" المرتبط بإيران التي ستدخل على خط الاستحواذ في قطاع الاتصالات الحساس والذي ظلّ حكراً على متنفذي السلطة لعقود. من خلال التواصل المباشر مع مصادر متعددة من داخل...

تدريباتنا