تدريباتنا

طاولة مستديرة: آفاق العلمانية في سوريا

by | Sep 17, 2019

قبل اندلاع انتفاضات العالم العربي، كانت مسألة العلاقة بين الدين والدولة والعلمانية والحداثة تحتل الحيز الأكبر من النقاشات والمناظرات، سيما وأنّ نقد أو تحليل البنية التسلطية الأمنية للأنظمة الحاكمة كان من المحظورات، على الأقل علناً

تسعى هذه الطاولة المستديرة/ الملف إلى طرح أسئلة عن آفاق العلمانية في مستقبل سوريا. كيف يمكن تحديد علاقة الدولة والمجتمع بالأديان ودرجة حضور الدين في الخطاب العام والحيز العام؟ 

ليست العلمانية مشروعاً مكتملاً أو منجزاً حتى في معظم الديمقراطيات الغربية التي حاولت حصر مشكلة الدين في الحيز الخاص. وقد ظهر ذلك جلياً مؤخراً مع صعود تيارات اليمين المتطرف في كثير من الدول الغربية التي تدّعي تطبيق العلمانية، مما يبرهن أن الحيز العام في معظم دول العالم ظل مُشرّباً بالدين ومظاهره ورموزه، وإن بدرجات مختلفة

أما في العالم العربي، وفي السياق السوري، فقد تجلت حدة استقطاب طرح مسألة فصل الدين عن الدولة في المجال العام بصدور عدد كبير من الكتب حول هذا الشأن، بالإضافة إلى النقاشات المحتدمة التي رافقت سابقاً مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية في سورية عام 2009، ومقترحات تشريع الزواج المدني، وتشديد العقوبات على جرائم الشرفوغيرها.

 بعد اندلاع الانتفاضة السورية وتحولها إلى نزاعٍ دمويٍ مزق النسيج الاجتماعي السوري، خسرت الدولة مواردها الاقتصادية وأصبحت مرتهنة سياسياً للدول الإقليمية والكبرى، فيما النظام السوري يدّعي العلمانية من جهة، ويقتل ويعتقل ويسجن الناس باسمها من جهة أخرى، كما أنّ معظم تيارات المعارضة الحالية ارتهنت لأجندة خارجية بعيداً عن فضاء الوطنية السورية، خاصة الجماعات المسلحة التي وُظفت لخدمة دول إقليمية ومخططات لها علاقة بالتوازنات أكثر مما لها علاقة بالمصلحة الوطنية السورية. هذا أدى إلى انتشار الخطابات الطائفية المدعومة من قوى ذات شعارات مذهبية مرتبطة بدول إقليمية على الأرض السورية. في هذا السياق الحربي، كيف يمكن أن نفهم دور العلمانية، وهل يمكن تطبيقها بعيداً عن تحويلها إلى أداةٍ قمعية وقناعٍ سلطوي، كما هي الحال في الأنظمة الشمولية العربية، بما فيها النظام السوري الذي حولها إلى مجرد تكتيكٍ يشكل امتداد لخطاب الحرب على الإرهاب؟

بعد سنواتٍ طويلة من الصراع ظهرت حقائق جديدة على الأرض، وبات الوضعُ مفتوحاً على احتمالاتٍ كثيرة، قد يكون التفكك ومأسسته أحدها، مما يُهددّ مستقبل سوريا والسوريين، كما تجدّدت النقاشات حول مسألة علاقة الدولة (المستقبلية) بالدين، خاصةً مع صعود الحركات الجهادية والطائفية وما خلّفه التدخل الخارجي والإقليمي في الوضع السوري من انقسامات وكراهية تعمل على تعميق الهوة بين السوريين.

ورغم الواقع المرير، مازال العديد من السوريين يبحثون عن حلولٍ ولو نظرية للخروج من الوضع المأساوي الناجم عن الفشل الذريع للحراك المدني وقمع الانتفاضة والكارثة التي خلفها النزاع.

في ظل هذا الوضع المأساوي:

(1): آخذين بعين الاعتبار تاريخ العلمانية وإشكاليتها ومرجعياتها، وخصوصية نشأتها، هل يمكن التفكير بصيغة أو خطاب علماني مثمر في السياق السوري، الذي يتسم بتعددية دينية وعرقية وثقافية؟

(2): يرى البعض أن الخطاب العلماني الذي كان سائداً قبل الانتفاضة، كان متمحوراً فقط حول فكرة العلمانية بمواجهة الدين، ما هي الأسئلة التي يجب طرحها والتعامل معها في سياق علاقة الدولة بالدين الإسلامي، وعلاقته بالأديان الأخرى؟ بعد كل ما جرى في سورية، باسم الإسلام والدين، هل يمكن علمنة الخطاب الديني؟ وماذا عن رجال الدين وعلاقتهم بالعلمانية، هل ساهم هؤلاء في تشويه فكرة العلمانية؟ وهل ما جرى باسم الدين ساهم في كشف زيف ما يستخدم سياسياً باسم الدين بما يصب في خدمة العلمانية مثلاً؟

(3): كيف يمكن للمواطنة التي تقوم على المساواة في الحقوق، بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الدين أو المذهب، وتحت حماية القانون، أن تغدو بديلاً عن الطروحات الدينية والإيديولوجية الأحادية؟ وهل من الضرورة أن تغدو كذلك ولماذا؟ وهل من بدائل عن العلمانية حال كانت غير ضرورية، سورياً وعربياً، وما هي؟

(4): ما هي الخطوات الضرورية للتمهيد لبناء نظام علماني تعددي في سوريا، تتمتع فيه النساء بحقوقهن الإنسانية الكاملة دون اختزالهن للجندر الذي ولدن به؟

(5): ما هي التيارات الكفيلة بتطبيق العلمانية وكيف يمكن إغناؤها؟ مع تزايد خطر مأسسة الطائفية والتغيرات التي رافقت النزاع المسلح، هل يمكن للعلمانية أن تكون منطلقاً لحلٍ مستقبلي في سوريا قد يخرج بها من مخاطر تداعيات الوضع الراهن؟

(6): كيف يمكن أن يلعب المثقفون/ات السوريون/ات دوراً في التمهيد لنشر ثقافة علمانيةيمكن أن تشكل أساساً لنظامٍ علمانيٍ جديد؟ وكيف يمكن ردم الهوة بين الداخل والخارج، فلا يكون مثلاً الإنتاج الثقافي في دول اللجوء معزولاً عن التغيرات والتحديات التي يوجهها السوريون في الداخل؟

(7): في كثير من الحالات، ظهرت إشكالية المثقف/ة العلماني/ة الذي يدعو لخطاب العلمانية لكن بلغة إقصائية تُنكر الحق بالإيمان والالتزام الديني. كيف يمكن تجاوز خطر الوقوع في فخ الاستبداد واستغلال القوى السياسية المهيمنة لخطاب العلمانية؟ وكيف يمكن المناداة بمشروع العلمانية بطريقة تحترم العلاقة مع الإيمان/الدين وما هي سبل وشروط التعايش معهما؟ 

(8): في ظل الانتفاضة/ الحرب وإلى الآن، ثمة سردية سائدة تزعم أن “بعض العلمانيين” يقفون في صف النظام السوري لأنه “أفضل السيئين” ورغبة منهم بالحفاظ على ما تبقى من مؤسسات “الدولة” و حمايتها من مخاطر وصول الإسلام السياسي إلى الحكم. إلى أي حد يمثل هذا الخطاب سنداً للاستبداد وفق مقولة البعض أو سنداً للحقيقة وفق البعض الأخر؟ هل ساهم خطاب كهذا في “تشويه” فكرة العلمانية، ولماذا؟

(9): ماذا عن الخطاب العلماني عند بعض المنحدرين من أقليات دينية وإثنية في سوريا، إذ تسود مزاعم بأنّ أغلب الأقليات السورية تُعتبر افتراضاً مؤيدة للعلمانية وإن كان الواقع مغايراً لذلك؟ ماهو برأيك سبب رواج هذه المزاعم وهل تستند إلى حقائق أم أنها جزء من الحرب الخطابية بين السوريين\ات؟

يدعوكم كلٌّ منصالون سوريا” وحكاية ما انحكت” و”جدلية التعبير عن آرائكم وتصوراتكم حول الأسئلة المطروحة أعلاه، وتقديم وجهات نظركم لإغناء الموضوع وتوسيع دائرة الحوار.

 

سينشر موقع ”صالون سوريا“ المساهمات التي ترده تباعاً ويقوم بتفعيل الروابط:

في «الكنيسة السنية» سورياً: بين صعود وسقوط أو أسد العلمانية

حمّود حمّود

أي علمانية تناسب سوريا!

سوسن زكزك

العلمانية، الأفق الممكن
راتب شعبو

العلمانية وشروط إمكانها في سوريا

جاد الكريم الجباعي

في تفكيك الخطاب العلماني ونقائضه

د. كريم أبو حلاوة

سوريا بين فكي استبداد مدني ودولة دينية

حسيبة عبد الرحمن

حال العلمانية في سوريا بعد تسع سنوات من الدمار
وائل سواح

العلمانية في سوريا ضرورة وطنية وديمقراطية
منى أسعد

العلاقة بين الدولة العلمانية والدولة المدنية

سحر حويجة

 

مواضيع ذات صلة

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

يمثل عبد السلام العجيلي ذاكرة تأسيسية في مدونة الأدب السوري، ذاكرة من من ذهب وضياء، ضمت في أعطافها عبق الماضي وأطياف الحاضر، امتازت بقدرته الفائقة في الجمع بين مفهومين متعارضين ظن الكثيرون أنه لا لقاء بينهما، ألا وهو استلهامه واحترامه للتراث وللإرث المعرفي المنقول عمن...

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

إلى جانب كونها مدينة الطرب والقدود، برعت حلب وتميَّزت في فن الموشحات، وذلك بفضل كوكبة من ملحنيها ووشاحيها المبدعين، الذين كانوا مخلصين لذلك الفن  وحافظوا على روح وألق الموشح العربي وساهموا في إغنائه وتطويره، ومن أبرزهم الشيخ عمر البطش، الذي ساهم على نحو خاص في...

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

في الخامسة من عمره حظيت إحدى لوحاته بإعجاب العديد من أساتذة الرسم، نصير شورى الذي ولد عام ١٩٢٠ والذي كان محط عنايةٍ خاصة من والديه: محمد سعيد شورى، الأديب والشاعر الدمشقي المعروف، وأمه، عائشة هانم، ذات الأصول العريقة. فكان أن تلقى تعليماً خاصاً منذ نعومة أظفاره...

مواضيع أخرى

النساء ومعاركهن المتجددة

النساء ومعاركهن المتجددة

 يتم تسويف قضايا النساء بذرائع متعددة على الدوام، مرة بذريعة الحرص على الأخلاق العامة، ومرة أخرى بذريعة عدم المواجهة مع قوى الأمر الواقع، ومرات بذرائع تنبع فجأة من خبايا السنين وتصير حاضرة بقوة مثل طبيعة المرأة البيولوجية، أو التشريح الوظيفي لدماغ المرأة، وصولاً...

مرحلة اللادولة: بين إرث الماضي ومسؤولية المستقبل

مرحلة اللادولة: بين إرث الماضي ومسؤولية المستقبل

تمر سوريا اليوم بمرحلة فارقة في تاريخها، حيث يقف الجميع أمام اختبار صعب: هل يمكن تجاوز إرث القهر والاستبداد لبناء دولة جديدة قائمة على الحرية والكرامة؟ أم أننا سنتعثر مجددًا في أخطاء الماضي، التي صنعها الخوف، الصمت، وصناعة الأصنام؟ اليوم، نحن في حالة فراغ سياسي...

قراءة في المشهد السوري بعد سقوط النظام

قراءة في المشهد السوري بعد سقوط النظام

شهدت سوريا خلال أربعة عشر عامًا من الصراع تحولًا جذريًا في موازين القوى المحلية والإقليمية والدولية. بدأ الحراك شعبيًا وسلميًا، لكنه انتهى بصراع مسلح معقد ومدعوم خارجيًا، في ظل غياب قوة سياسية مؤثرة ميدانيًا. وبينما ساندت روسيا وإيران النظام السوري، مما أطال أمد...

تدريباتنا