تدريباتنا

للمرة الأولى، سندات الخزينة في سوق دمشق للأوراق المالية 

by | Sep 11, 2022

سمحت وزارة المالية يوم الثامن من آب/أغسطس 2022 للمرة الأولى بتداول الأوراق المالية الحكومية في سوق دمشق للأوراق المالية للاكتتاب على سندات خزينة بأجل لمدة سنتين، وبنطاق إصدار مستهدف بقيمة 300 مليار ل.س (قرابة 119 مليون دولار أمريكي).

ويحق لشركات الوساطة المالية المشاركة بالمزادات والمصارف العاملة والمؤهلة للاكتتاب على هذه السندات وللأفراد الطبيعيين والاعتباريين المشاركة في المزاد من خلال فتح حساب لدى أي من الشركات أو المصارف المذكورة، بحسب بيان وزاري نقلته وكالة “سانا” للأنباء.

ووفقاً لقانون الأوراق المالية الحكومية الصادر بموجب المرسوم التشريعي 60 لعام 2007، فإن الأوراق المالية الحكومية هي أذونات وسندات الخزينة والأدوات المالية الإسلامية الصادرة عن وزارة المالية التي تسجل قيمتها الاسمية باسم المالك في السجل. ‏

وتعرّف أذونات الخزينة على أنها أوراق دين حكومية قصيرة الأجل لا يتجاوز تاريخ استحقاقها السنة، ‏في حين أن سندات الخزينة هي أوراق دين حكومية متوسطة وطويلة الأجل مدة استحقاقها أطول من سنة، ولا تتجاوز 30 سنة. ‏

وبحسب المادة العاشرة من القانون ذاته، يقتصر الاقتراض الحكومي بواسطة الأوراق المالية الحكومية على أغراض ‏تمويل عجز الموازنة العامة، وتمويل المشاريع ذات الأولوية الوطنية المدرجة في الخطط العامة للدولة، وتوفير التمويل اللازم لمواجهة الكوارث وحالات الطوارئ، ‏ وتسديد ديون مستحقة على الحكومة؛ بما فيها استبدال الدين العام القائم بأوراق مالية حكومية قابلة للتداول، ‏وإدارة السيولة الحكومية قصيرة الأجل. ‏

من جهتها، رأت وزيرة الاقتصاد والتجارة السابقة الدكتورة لمياء عاصي في تصريح لصحيفة “تشرين” المحلية أن لجوء وزارة المالية إلى استعمال أدوات الدين الحكومي، وإقامة مزادات لسندات أو أذونات خزينة، هو لتمويل المشاريع الإنمائية أو الإنفاق الاستثماري للموازنة العامة للدولة على أسس حقيقية وغير تضخمية، وكذلك لمعالجة عجز الموازنة لعام 2022، الذي بلغ 4,118 مليار ل.س

وأضافت عاصي أن السماح بتداول سندات الخزينة في سوق الأوراق المالية، “يسهل تسييلها وبيعها حسب احتياجات المستثمرين المالية وعدم انتظار موعد استحقاق هذه السندات، ما شأنه أن يحسن مرونة اقتناءها”، لكن الخطر الرئيس للاستثمار بالسندات هو المعدل المرتفع للتضخم، الذي قد يستطيع أن يأكل العائدات، ولن يحتفظ بالقوة الشرائية نفسها التي كانت للأموال وقت شراء السند.

وكانت “وزارة المالية” السورية أعلنت في كانون الأول/ديسمبر 2021 عن روزنامة إصداراتها للأوراق المالية الحكومية (سندات الخزينة) للعام 2022، بقيمة إجمالية 600 مليار ل.س (238,9 مليون دولار حسب سعر الصرف الرسمي المحدد بـ 2512 ل.س) عبر أربعة مزادات، بهدف تمويل المشاريع الاستثمارية للقطاع العام، وذلك من خلال التمويل المتوافر لدى المصارف العاملة في سورية، أو لدى الأفراد عن طرق فتح حسابات لدى هذه المصارف، بحسب بيان الوزارة على “فيسبوك”.

وفي هذا السياق، يبيّن أستاذ الاقتصاد د. مهيب صالحة، عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة العربية الدولية سابقاً، لـ”صالون سوريا” أن الاقتصاد السوري يعاني حالياً من التضخم الركودي؛ أي الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار مصحوباً بالركود الذي هو تدهور المؤشرات الاقتصادية الإنتاجية، وتراجع مؤشرات الاستثمار وارتفاع معدلات البطالة”.

كما يعاني الاقتصاد السوري أيضاً من استهلاك احتياطي الدولة من العملات الأجنبية مع توقف التصدير، وزيادة الاستيراد خصوصاً للطاقة والسلع الأساسية، بحسب د.صالحة.

ويوضح د. صالحة أن هذه المزادات ستسحب أكثر من نصف تريليون ل. س من السوق؛ ما قد يخفف من حدة التضخم فيها على المدى غير القريب، وربما تكون آثاره محدودة للغاية لأن عوامل التضخم في سورية لا تتوقف فقط على فائض الكتلة النقدية عن الكتلة السلعية في السوق؛ إنما على عوامل أخرى كتدهور سعر صرف الليرة والاحتكار، والتصدير من تحت الفائض لتأمين القطع الأجنبي. 

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الحزمة من الإصدارات للأوراق المالية الحكومية هي التجربة الثالثة في تاريخ وزارة المالية بعد تجربة عام 2010، حيث أُجري فيها سبعة إصدارات للأوراق المالية الحكومية وتجربة عام 2020، ونُفذ فيها إصداران لسندات الخزينة استناداً إلى المرسوم 60 لعام 2007 الناظم لإصدار الأوراق المالية الحكومية في سورية، طبقاً لبيان “المالية”.

ويؤكد الخبير الاقتصادي أن طرح سندات حكومية في الوقت الحاضر من دون أن تصاحبه سياسات اقتصادية تحفّز الاستثمار وترشّد الانفاق العام، وتخفّض هدر الموارد وبخاصة البشرية والرأسمالية يؤدي إلى إضعاف الائتمان المصرفي وتمويل المشروعات الاستثمارية؛ علاوة على الآثار السلبية على أسعار الفائدة بالنسبة للأنواع الأخرى من الأصول المالية لأن الاستثمار في السندات الحكومية أقل خطراً، ما يترك ضغوطات على التراكم الرأسمالي، ومن ثم المزيد من الركود الاقتصادي من دون كبح جماح التضخم.

ولمواجهة الآثار السلبية المحتملة، يقترح أستاذ الاقتصاد د. مهيب صالحة إدارة الدين العام بطريقة اقتصادية، وإدارة ضريبية فعالة من جهة، وتنشيط الاستثمار في القطاع الخاص ونقل عبء التنمية إليه، “فمن دون ذلك سيتفاقم الدين العام، وسيدفع الاقتصاد والمواطنون ثمن عواقبه طويلة الأجل”.

مواضيع ذات صلة

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

إلى جانب كونها مدينة الطرب والقدود، برعت حلب وتميَّزت في فن الموشحات، وذلك بفضل كوكبة من ملحنيها ووشاحيها المبدعين، الذين كانوا مخلصين لذلك الفن  وحافظوا على روح وألق الموشح العربي وساهموا في إغنائه وتطويره، ومن أبرزهم الشيخ عمر البطش، الذي ساهم على نحو خاص في...

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

في الخامسة من عمره حظيت إحدى لوحاته بإعجاب العديد من أساتذة الرسم، نصير شورى الذي ولد عام ١٩٢٠ والذي كان محط عنايةٍ خاصة من والديه: محمد سعيد شورى، الأديب والشاعر الدمشقي المعروف، وأمه، عائشة هانم، ذات الأصول العريقة. فكان أن تلقى تعليماً خاصاً منذ نعومة أظفاره...

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

 "كنت أحلم بلوحةٍ تستطيع أن تخاطب بجمالياتها شريحة أوسع من الناس، لوحة تستطيع تجاوز مجموعة الجمهور التي تتكرر في حفل الافتتاح لأي معرض". ربما توضح تلك الكلمات، وهي للفنان نذير نبعة، مدى تبنيه وإخلاصه للفن، الذي كان رفيق دربه لأكثر من ستين عاماً، فهو الفنان الذي...

مواضيع أخرى

فصلٌ من القهر والعذاب: كيف مضى فصل الصيف على سوريا؟

فصلٌ من القهر والعذاب: كيف مضى فصل الصيف على سوريا؟

لم يكتفِ الناس في سوريا من معاناتهم وأوجاعهم اليومية، التي فرضتها ظروف الحرب وما تبعها من أزماتٍ متلاحقة وتردٍ في الواقع الاقتصادي والمعيشي، حتى أتى فصل الصيف، الذي سجل هذا العام ارتفاعاً كبيراً وغير مسبوق في معدلات درجات الحرارة، وكان الأقسى على البلاد منذ عقود،...

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

رغم انتشار ثقافة المطالعة واستقاء المعلومات عن طريق الشبكة العنكبوتية إلا أن ملمس الورق ورائحة الحبر بقيا جذابين للقارئ السوري. ولم تستطع التكنولوجيا الاستحواذ على مكان الكتاب الورقي، أو منافسته. وبقي الكتاب المرجع الأساسي والحقيقي لأي بحث علمي وأكاديمي، ولم يستطع...

التجربة المؤودة للمسرح الجوّال في سورية

التجربة المؤودة للمسرح الجوّال في سورية

بقي الريف السوري محروماً من المسرح إلى أن أنشأت مديرية المسارح والموسيقى في وزارة الثقافة ما أسمته "المسرح الجوال" عام ١٩٦٩، والذي بدأ عروضه بنشر الوعي المسرحي في الريف والمناطق الشعبية والنائية. صارت الصالة في كل مكان  والجمهور ضمنها، وكان كسر الحواجز بين...

تدريباتنا