تدريباتنا

ماذا تبقى من التوجهات العلمانية في سوريا؟  

by | Jan 9, 2024

يصعب الحديث اليوم عن التوجهات والأفكار العلمانية في سوريا، في ظل الواقع الذي وصلت إليه القوى والتيارات العلمانية، بعد انحسار وجودها وتراجع دورها وتأثيرها على حساب الدور الذي باتت تلعبه المؤسسات والتيارات الدينية أو الاجتماعية، على اختلاف أيديولوجياتها وتوجهاتها. وعند سؤال بعض الشباب عن التوجهات العلمانية في سوريا وعن مفهوم العلمانية بشكلٍ عام، كان واضحاً مدى التباس فهمهم للعلمانية، فبعضهم يراها مجرد فكر مادي يقوم على الإلحاد، أو أنها فكر يتبنى العلم ويسعى لنشر ثقافته، أو أنها نظام اجتماعي مدني يسعى لقوننة الحريات العامة، وهو ما يؤكد غياب أي مرجعياتٍ علمانية يمكنهم أن يحتذوا بها، أو أن يلجؤوا إلى خطابها لقراءة واقع العلمانية في سوريا، أو حتى لفهم أفكارها التي باتت مغيبة وفارغة الجوهر والمضمون.

ولفهم الواقع الذي وصلت إليه التوجهات العلمانية اليوم لابد من العودة إلى ماضي الحركات العلمانية في سوريا وتحديداً إلى نهايات القرن الماضي وبدايات القرن الحالي. وعن قراءته لتلك المرحلة، التي كان شاهداً عليها، يحدثنا اليساري والشيوعي السابق يوسف (65 عام): “معظم التوجهات العلمانية كانت تفتقد لأي خطابٍ علماني جذري وعميق أو واضح الهوية، وكانت محصورة ضمن القوى والتيارات اليسارية وبعض المنظمات المدنية، التي كان يقتصر وجودها على دمشق وبعض المدن، التي شهدت انفتاحاً وحراكاً ثقافياً، وتتمحور نشاطاتها حول بعض المواضيع والقضايا المجتمعية المستهلكة، كمناصرة تحرر المرأة وحقوق الطفل، وحملات مناهضة الزواج المبكر”. ويضيف: “معظم القوى المحسوبة على العلمانية كانت تحكمها الشللية والعلاقات الشخصية وتعاني من ضعفٍ كبيرٍ، جعلها عاجزة عن تشكيل جسمٍ موحد وهوية واحدة، أو الإجماع على رؤية وطنية أو فكرية مشتركة، لذا ابتعدت خطاباتها وممارساتها عن ملامسة أهم وأبرز القضايا السورية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الملحة، لتتبنى أفكاراً عامة لا تعني الشارع السوري، فيما اكتفى بعض العلمانيين بتأسيس منتدياتٍ وتجمعاتٍ مُصغرة ذات صبغةٍ ثقافية أو مدنية إجتماعية، تضم أعداداً قليلة من أصحاب الثقافات والتوجهات الفكرية المتنوعة، دون أن تتبنى أي فكر علماني حقيقي ومُعلن، أو خطاب سياسي وطني وعملي”.  

يتقاطع رأي المدرس المتقاعد كمال (62عاماً / عضو سابق في حزب العمل الشيوعي)  مع وجهة النظر السابقة، إذ يرى أن معظم توجهات التيارات العلمانية في تلك المرحلة قد فشلت لأنها “لم ترتقِ إلى مستوى الممارسة المطلوبة، وانحصرت ممارساتها في  التنظير والشعارات، فيما كان يغيب عنها أي فهمٍ لطبيعة وخصوصة المجتمع السوري، وأي آلية عملٍ واضحة من شأنها أن تحول الأفكار العلمانية إلى ممارسات تنسجم مع ذهنية المجتمع، وهو ما جعلها عاجزة عن تحقيق قاعدة شعبية أو إحداث أي تغيير سياسي أو اجتماعي نوعي”. بحسب المدرس كمال الذي يضيف: “معظم أفكار وتوجهات تلك التيارات كانت ذات طابع ثقافي ومدني، وتتشابه طبيعة نشاطها مع نشاط الأحزاب المدنية والاجتماعية، كتقديم بعض الندوات والمحاضرات والأنشطة الثقافية والمجتمعية، إذ كان من النادر أن نجد تياراً راديكالياً يمتلك أيديولوجية علمانية واضحة، لها أفكارها وأدبياتها الخاصة، ولا يخلط بين الخطاب العلماني واليساري والمدني والثقافي”.   

وخلال تلك المرحلة وبينما كانت معظم التيارات والقوى العلمانية والمدنية مغيبة الصوت ومشلولة الحركة كانت المؤسسات والجمعيات الدينية تزداد انتشاراً وتُشكل لها حضوراً فاعلاً داخل المجتمع السوري، فمقابل تراجع أعداد الأماكن الثقافية (صالات السينما، المسارح، والمنتديات الثقافية وغيرها) في مختلف المحافظات، تم بناء أكثر من عشرين ألف جامع، وافتتاح مئات المعاهد الدينية لتحفيظ القرآن، وتعليم مختلف العلوم الشرعية، هذا بالإضافة لافتتاح جامعة بلاد الشام للعلوم الشرعية، وكلية الداسات الإسلامية وعشرات المدارس الشرعية الحكومية والخاصة. وإلى جانب ذلك ظهرت الكثير من الحركات الدينية التي توغلت في مختلف بيئات المجتمع لتنشر أفكارها الدعوية وتعاليمها الدينية، ومن بينها حركة القبيسيات، التي استتقطبت عشرات آلاف النساء واستطاعت فرض مناهجها التعليمية والدينية الخاصة، والفريق الشبابي الديني الذي حقق نشاطاً بارزاً بين أوساط الشباب وداخل الجامعات.

وبالنظر إلى تلك المفارقات المثيرة للجدل تتساءل المحامية وداد (48 عام)، التي تتبنى الفكر العلماني : “إذا كان القانون السوري يمنع إنشاء أي حزب على أساس ديني أو طائفي، فكيف يسمح القانون ذاته بإنشاء جامعات ومعاهد ومنشآت تعليمية وجمعيات وحركات دعوية ذات طابع ديني، وفي الوقت ذاته يمنع نشاط الأحزاب المدنية والسياسية التي كان يصعب الحصول على التراخيص اللازمة لتأسيسها ؟”. مضيفةً “وبينما يغيب قانون الزواج المدني عن المحاكم السورية، نجد بالمقابل محاكم دينية وطائفية خاصة بالأحوال الشخصية والزواج الديني، كالمحكمة المذهبية للطائفة الدرزية، ومحاكم الطوائف المسيحية وغيرها”.

وترى المحامية أنه من الصعب تطبيق الفكر العلماني في ظل القانون السوري:”حتى اليوم مازالت معظم القوانين، تستمد نصوصها من الشريعة الإسلامية، خاصة قانون الأحوال الشخصية وبعض القوانين المتعلقة بالمرأة وحقوقها وعلاقاتها ضمن الأسرة، والتي تُظهر الكثير من التمييز بينها وبين الرجل، لتضعها في منزلة أقل شأناً منه، ولا توفر لها الحماية اللازمة من الوصاية الذكورية والعنف الممارس ضدها، بل تحرمها من نيل استقلاليتها المنشودة وحرية قرارها المستقل عن تبعية العائلة والزوج الذي يمنحه القانون ميزاتٍ وسلطة كبيرة، تُبقي المرأة في موقع الضعف والخضوع له” بحسب المحامية وداد.

التوجهات العلمانية بعد عام 2011

 “خسر معظمها ما تبقى لها من قاعدة شعبية وفقدت أي تأثيرٍ ممكن لها، بعد أن نأت بنفسها عن حراك الشارع السوري، عاجزةً حتى عن تشكيل خطابٍ سياسي وطني واضح وموحد، لتترك الساحة السياسية لقوى الأمر الواقع، ولتحضر بشكلٍ خجول وشبه معدم ضمن التشكيلات السياسية البارزة التي شكلتها المعارضة، كالمجلس الوطني السوري، والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة. وقد اقتصر خطاب بعض العلمانيين على التنظير والتحليل السياسي وانتقاد تجمعات المتظاهرين الخارجة من الجوامع، دون أن يقدموا أي وجهة نظر بديلة أو خطابٍ علماني أو مدني يوافق تصوراتهم وأفكارهم، فيما تخلى بعضهم الآخر عن أفكارهم وشعاراتهم ومبادئهم ليلتقوا مع قوى يمينية ورجعية ضمن تحالفات براغماتية، أجبرتهم على تقديم كثير من التنازلات الفكرية والأخلاقية”. هكذا يصف الكاتب الصحفي سامر (43 عام) ذو الميول اليسارية واقع القوى والتيارات العلمانية خلال الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في سوريا عام 2011، والتي كان واضحاً للجميع غياب أي دور أو حضور مؤثر لها، ومقابل ذلك ظهر الكثير من التيارات والقوى الدينية، التي فرضت نفسها بقوة في الساحة السورية، لتحقق وجوداً ميدانياً بارزاً وقاعدة شعبية واسعة، مَكنتها من توجيه الاحتجاجات وفق فكرها وأجنداتها، التي أدت فيما بعد لظهور تشكيلات عسكرية وسياسية ذات طابع ديني عقائدي، مثل: كتيبة أحفاد الرسول، الأنصار، عائشة أم المؤمنين، الصحابة، وكتيبة صقور الإسلام، ومن ثم تشكيل ألويةٍ وجبهاتٍ عسكرية مثل: لواء التوحيد، لواء الحق، لواء الإسلام، الجبهة الإسلامية السورية، الجبهة الإسلامية الموحدة، وجبهة تحرير سورية، هذا إلى جانب حركة الفجر الإسلامية، وحركة الطليعة الإسلامية وغيرها من الحركات. وقد سعت معظم تلك التشكيلات لتطبيق الشريعة الإسلامية ولمحاربة وتكفير القوى والتيارات المدنية والعلمانية، وقد انضوى بعضها، فيما بعد، تحت جناح جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”.    

وخلال الحرب كانت معظم المناطق التي سيطرت عليها المعارضة المسلحة يغيب عنها أي وجود للمؤسسات المدنية أو المحاكم القانونية، وتديرها المؤسسات والمرجعيات الدينية التي كانت صاحبة السلطة المطلقة في شتى المجالات. وفي المناطق الحكومية حصلت المؤسسات الدينية لمختلف الطوائف على امتيازات كبيرة، لم تحصل عليها في السابق، فأصبح لها نفوذ كبير ودور فاعل في المجال العام وضمن المجتمعات المحلية التي تتواجد فيها، وأصبحت تقوم ببعض الأدوار والخدمات المنوطة بعمل البلديات، وتتدخل في تنفيذ بعض المشاريع الخدمية والتعليمية والمجتمعية، إلى جانب جمع التبرعات وتقديم الخدمات الطبية والمساعدات المعاشية وتوفير فرص العمل للشباب.  

النشاط الديني يزداد انتشاراً

ويلاحظ اليوم حجم النشاط والحضور الكبير للجمعيات الخيرية والأهلية ذات الطابع الديني، ومن مختلف الطوائف، وذلك على حساب تراجع دور المنظمات المدنية والاجتماعية، حيث “استطاعت أن تستغل تردي الواقع المعاشي لكثيرٍ من الناس لتقدم لهم المساعدات الإغاثية والطبية، خلال سنوات الحرب ومن ثم خلال وباء كورونا وما تبعه من انهيار اقتصادي في عموم البلاد، وهو ما مكنها من الاستمرار بقوة ومن تحقيق الكثير من المآرب الدينية والسياسية، كممارسة بعض الطقوس الدينية في الأماكن العامة، واستقطاب بعض من تلقوا دعمها ومساعداتها لحضور الصلوات والشعائر الدينية وقراءة الكتب، والمشاركة بالاحتفالات والأعياد”. بحسب الناشط المدني طارق (44 عاماً) الذي يضيف: “استطاعت الكثير من الكنائس أن تلعب أدواراً اجتماعية وثقافية بارزة ومؤثرة، جعلتها تنوب عن مؤسسات الدولة في كثير من الأحيان، إذ كانت وما زالت تقدم الدعم النفسي والمادي واللوجستي لكثير من طلاب المداس وطلبة الجامعات، وتفتح لهم أبواب قاعاتها المُخدمة بالكهرباء والإنترنت لكي يقوموا بدراسة موادهم وتنفيذ مشاريعهم الجامعية. هذا إلى جانب دعم المواهب الفنية، الموسيقية والمسرحية وغيرها، لكثير من الشباب واليافعين، وتقديم القاعات المناسبة لهم للتدريب على نشاطاتهم ولتقديم عروضهم الفنية”.

ورغم ميولها اليسارية وتبنيها للفكر العلماني ترى الفنانة التشكيلية حنان (46 عام) أن ما فعله رجال الدين في السنوات الأخيرة قد عجز عنه معظم المثقفين والمفكرين العلمانيين والمرجعيات الإجتماعية: “في السويداء مثلاً استطاعت حركة رجال الكرامة (معظم أفرادها من شيوخ طائفة الموحدين الدروز) أن تحقق قاعدة شعبية ضمن أوساط المجتمع المحلي، نتيجة الدور الإجتماعي والأمني الذي لعبته، خلال سنوات الحرب وما بعدها، وخاصة بعد دعمها لمن امتنعوا عن الالتحاق بالخدمة العسكرية، وتأمينها الحماية اللازمة لهم، فنالت ولاء الكثير من الشباب واستقطبت بعضهم إلى صفوفها، بمن فيهم أصحاب الفكر المدني وغير الديني”.  وتضيف الفنانة حنان: “يؤكد الحراك الشعبي المستمر في المحافظة منذ أكثر من أربعة أشهر، حجم الدور الكبير والمؤثر  لبعض رجالات الدين، رغم الطابع المدني العام الذي تتميز به المحافظة، فبمجرد إعلان دعمهم للحراك استطاعوا جذب الكثير من الشباب إلى الساحة، علاوة على المثقفين واليساريين والعلمانيين، الذين حادوا عن توجهاتهم المدنية والفكرية ليسيروا خلف خطاب شيوخ الدين ويأتمرون بتعاليمهم وتوجيهاتهم”.

ومقابل الحضور الكبير للنشاط الديني وقوة تأثيره في الوقت الحالي، نجد أن معظم ما تبقى من التيارات المحسوبة على العلمانية قد أصبحت مجرد تجمعات مصغرة ومتفرقة، تتبنى فكراً هجيناً، وتحكمها الأجندات السياسية والعلاقات الفردية، التي تجعلها مُهمشة الصوت وعاجزة عن إحداث أي تأثير ممكن. أما معظم منظمات المجتمع المدني التي ولدت خلال الحرب، والتي كانت تدعي أنها تتبنى الفكر العلماني، فقد كانت تفتقد للهوية الوطنية على حساب الهويات الدينية والاجتماعية والمناطقية، وتتحكم الأطراف الممولة بطبيعة عملها وتوجهاتها.   

مواضيع ذات صلة

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

إلى جانب كونها مدينة الطرب والقدود، برعت حلب وتميَّزت في فن الموشحات، وذلك بفضل كوكبة من ملحنيها ووشاحيها المبدعين، الذين كانوا مخلصين لذلك الفن  وحافظوا على روح وألق الموشح العربي وساهموا في إغنائه وتطويره، ومن أبرزهم الشيخ عمر البطش، الذي ساهم على نحو خاص في...

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

في الخامسة من عمره حظيت إحدى لوحاته بإعجاب العديد من أساتذة الرسم، نصير شورى الذي ولد عام ١٩٢٠ والذي كان محط عنايةٍ خاصة من والديه: محمد سعيد شورى، الأديب والشاعر الدمشقي المعروف، وأمه، عائشة هانم، ذات الأصول العريقة. فكان أن تلقى تعليماً خاصاً منذ نعومة أظفاره...

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

 "كنت أحلم بلوحةٍ تستطيع أن تخاطب بجمالياتها شريحة أوسع من الناس، لوحة تستطيع تجاوز مجموعة الجمهور التي تتكرر في حفل الافتتاح لأي معرض". ربما توضح تلك الكلمات، وهي للفنان نذير نبعة، مدى تبنيه وإخلاصه للفن، الذي كان رفيق دربه لأكثر من ستين عاماً، فهو الفنان الذي...

مواضيع أخرى

فصلٌ من القهر والعذاب: كيف مضى فصل الصيف على سوريا؟

فصلٌ من القهر والعذاب: كيف مضى فصل الصيف على سوريا؟

لم يكتفِ الناس في سوريا من معاناتهم وأوجاعهم اليومية، التي فرضتها ظروف الحرب وما تبعها من أزماتٍ متلاحقة وتردٍ في الواقع الاقتصادي والمعيشي، حتى أتى فصل الصيف، الذي سجل هذا العام ارتفاعاً كبيراً وغير مسبوق في معدلات درجات الحرارة، وكان الأقسى على البلاد منذ عقود،...

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

رغم انتشار ثقافة المطالعة واستقاء المعلومات عن طريق الشبكة العنكبوتية إلا أن ملمس الورق ورائحة الحبر بقيا جذابين للقارئ السوري. ولم تستطع التكنولوجيا الاستحواذ على مكان الكتاب الورقي، أو منافسته. وبقي الكتاب المرجع الأساسي والحقيقي لأي بحث علمي وأكاديمي، ولم يستطع...

التجربة المؤودة للمسرح الجوّال في سورية

التجربة المؤودة للمسرح الجوّال في سورية

بقي الريف السوري محروماً من المسرح إلى أن أنشأت مديرية المسارح والموسيقى في وزارة الثقافة ما أسمته "المسرح الجوال" عام ١٩٦٩، والذي بدأ عروضه بنشر الوعي المسرحي في الريف والمناطق الشعبية والنائية. صارت الصالة في كل مكان  والجمهور ضمنها، وكان كسر الحواجز بين...

تدريباتنا