تدريباتنا

هيئة تحرير الشام تساهم في تهاوي القطاع التعليمي في إدلب

by | Sep 23, 2022

اضطرت الطالبة صفا العلوش (١٥ عاماً) للتوقف عن تلقي الدورات التعليمية المجانية في مركز “اشراقة الغد” التعليمي، العامل في إدلب، بعد اعتذار إدارته للطلاب والطالبات المُسجلين في دوراته التعليمية المجانية، إثر رفض “حكومة الإنقاذ” الذراع المدنية لـ”هيئة تحرير الشام”، ترخيص المركز بحجة “إيقاف تراخيص المراكز التعليمية خارج إطار المدارس”.

 تنتمي صفا لعائلة نازحة من مدينة معرة النعمان ومقيمة في مدينة إدلب منذ قرابة الثلاث سنوات، دفعها ضعف قدرات أهلها المادية لاغتنام أية فرصة للحصول على تعليم مجاني في المنطقة، وهو ما تعيقه حكومة الإنقاذ، بعد إعاقتها لعمل تلك المشاريع التعليمية المجانية الهادفة.

تقول صفا أن التعليم في إدلب بات محارباً بشكل كبير بعد أن أصبح حكراً على أبناء الميسورين القادرين على دفع رسوم وتكاليف المدارس الخاصة المنتشرة في المنطقة، فيما أصبح الطلاب الفقراء في ”مهب الريح والضياع“ بحسب تعبيرها.

وأكدت أن مركز ”إشراقة الغد“ يعمل منذ خمس سنوات على تقديم دورات مهنية وتعليمية للطلاب، وخلال العام الحالي 2022 ، طُلب منه الترخيص من قبل حكومة الإنقاذ، والتي قابلت طلب المركز بالترخيص بإنه “لم يعد هناك ترخيص لأي معهد أو مركز بقرار من وزير التربية، وفي حال إقامة أي دورات سوف يتم إغلاق المركز، وهو ما حدث بالفعل حين أغلق المركز أبوابه في وجه مستقبل عشرات الطلاب الباحثين عن إكمال تعليمهم”.

وتعتمد هيئة تحرير الشام بشكل رئيسي على الرسوم في عملها بمحافظة إدلب، ويصفها البعض بأنها ”إتاوات“ حتى، والتعليم لم يكن استثناء، بل هو جزء أساسي من تلك الرسوم التي تفرض بشكل متكرر وكبير، في الوقت الذي تعاني فيه محافظة إدلب وشمال غربي سوريا، من ضعف شديد في القطاع التعليمي بسبب قلة الدعم المقدم من الجهات الدولية المانحة، بعد سيطرة ”هيئة تحرير الشام” على المنطقة.

وفريق “منسقو استجابة سوريا” أصدروا مؤخراً تقريراً تضمن تفاصيل حول ضعف الاستجابة في قطاع التعليم من قبل المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة، وأشار التقرير إلى أن نسبة العجز وصلت إلى 85 بالمئة.

وبحسب المعلم رضوان.أ، فإن ” تحرير الشام، فرضت منذ بداية العالم الماضي 2021 رسوماً مالية على جميع المدارس الخاصة، مقابل السماح لها بضم الطلاب وتقديم التعليم لهم، فيما وصلت بعض تلك الرسوم إلى أكثر من 2000 دولار عن كل مدرسة في مناطق شمال غرب سوريا، وهو ما ساهم بشكل واضح في زيادة الرسوم على الطلاب وتسرب المئات من المدارس”.

ويضيف المعلم رضوان “وحتى الامتحانات التي جرت مؤخراً، كان لهيئة تحرير الشام نصيب كبير من الأموال، حيث فرضت رسوم مالية على كل طالب أقدم على إجراء تلك الامتحانات، حيث بلغ رسوم الطالب الواحد 10 دولار أمريكي، ووصل عدد المتقدمين إلى أكثر من 30 ألف طالب وطالبة من صف الثالث الثانوي، والصف التاسع”.

ويرى المعلم رضوان.أ أن هيئة تحرير الشام تسعى إلى السيطرة الكاملة على القطاع التعليمي في إدلب، ”وبث أفكارها ومعتقداتها في عقول الطلاب، من خلال استقطابهم إلى المدارس الدينية التابعة لها، وتقديم امتيازات عدة لهم، فيما راحت تحارب المدارس الأخرى وتعمل على التضييق عليها بشتى السبل والوسائل“.

الطفل عثمان (١٢ عاماً) متسرب عن المدرسة، ويعمل في إحدى ورش تصليح السيارات في إدلب، يشير إلى أنه لم يعد يرغب بالدراسة بعد أن لاحظ مؤخراً تدهور القطاع التعليمي العام.

ويقول عثمان “المعلمون لا يحصلون على رواتب، وبالتالي يأتون للمدرسة ليوم، ويتغيبون لعشرة أيام، من أجل البحث عن أعمال أخرى يعيلون بها أسرهم، أما نحن الطلاب فنذهب للمدرسة فقط من أجل اللعب والتسلية بعد أن امتنع المعلمين عن إعطاء الدروس في كثير من الأحيان”.

عدم جدوى الدراسة المجانية دفع بعثمان كما المئات من الطلاب إلى التسرب الدراسي والبحث عن عمل يساعدهم في الحصول على قوت يومهم.

وفي بيان مشترك للمنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية مهند هادي، والمدير الإقليمي لـ”يونيسف” للشرق الأوسط وشمال أفريقيا تيد شيبان، صدر عام 2021، ورد فيه أن نظام التعليم في سورية يعاني إرهاقاً كبيراً، ونقصاً في التمويل، وهو نظام مجزأ وغير قادر على توفير خدمات آمنة وعادلة ومستدامة لملايين الأطفال.

أضاف البيان أنه يوجد أكثر من 2.4 مليون طفل خارج المدرسة، حوالي 40 في المائة منهم من الفتيات، كما أن واحدة من كل ثلاث مدارس خرجت عن الخدمة داخل سورية لأنها دمرت أو تضررت أو تستخدم لأغراض عسكرية.

مواضيع ذات صلة

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

إلى جانب كونها مدينة الطرب والقدود، برعت حلب وتميَّزت في فن الموشحات، وذلك بفضل كوكبة من ملحنيها ووشاحيها المبدعين، الذين كانوا مخلصين لذلك الفن  وحافظوا على روح وألق الموشح العربي وساهموا في إغنائه وتطويره، ومن أبرزهم الشيخ عمر البطش، الذي ساهم على نحو خاص في...

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

في الخامسة من عمره حظيت إحدى لوحاته بإعجاب العديد من أساتذة الرسم، نصير شورى الذي ولد عام ١٩٢٠ والذي كان محط عنايةٍ خاصة من والديه: محمد سعيد شورى، الأديب والشاعر الدمشقي المعروف، وأمه، عائشة هانم، ذات الأصول العريقة. فكان أن تلقى تعليماً خاصاً منذ نعومة أظفاره...

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

 "كنت أحلم بلوحةٍ تستطيع أن تخاطب بجمالياتها شريحة أوسع من الناس، لوحة تستطيع تجاوز مجموعة الجمهور التي تتكرر في حفل الافتتاح لأي معرض". ربما توضح تلك الكلمات، وهي للفنان نذير نبعة، مدى تبنيه وإخلاصه للفن، الذي كان رفيق دربه لأكثر من ستين عاماً، فهو الفنان الذي...

مواضيع أخرى

فصلٌ من القهر والعذاب: كيف مضى فصل الصيف على سوريا؟

فصلٌ من القهر والعذاب: كيف مضى فصل الصيف على سوريا؟

لم يكتفِ الناس في سوريا من معاناتهم وأوجاعهم اليومية، التي فرضتها ظروف الحرب وما تبعها من أزماتٍ متلاحقة وتردٍ في الواقع الاقتصادي والمعيشي، حتى أتى فصل الصيف، الذي سجل هذا العام ارتفاعاً كبيراً وغير مسبوق في معدلات درجات الحرارة، وكان الأقسى على البلاد منذ عقود،...

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

رغم انتشار ثقافة المطالعة واستقاء المعلومات عن طريق الشبكة العنكبوتية إلا أن ملمس الورق ورائحة الحبر بقيا جذابين للقارئ السوري. ولم تستطع التكنولوجيا الاستحواذ على مكان الكتاب الورقي، أو منافسته. وبقي الكتاب المرجع الأساسي والحقيقي لأي بحث علمي وأكاديمي، ولم يستطع...

التجربة المؤودة للمسرح الجوّال في سورية

التجربة المؤودة للمسرح الجوّال في سورية

بقي الريف السوري محروماً من المسرح إلى أن أنشأت مديرية المسارح والموسيقى في وزارة الثقافة ما أسمته "المسرح الجوال" عام ١٩٦٩، والذي بدأ عروضه بنشر الوعي المسرحي في الريف والمناطق الشعبية والنائية. صارت الصالة في كل مكان  والجمهور ضمنها، وكان كسر الحواجز بين...

تدريباتنا