الحق الإنساني في حياة سعيدة وسطوة الواقع الذي يسلبه، هو ما تثير عزة طويل أسئلة حوله في روايتها الأولى (النوفيلا) التي صدرت حديثاً بعنوان “لا شيء أسود بالكامل” عن دار هاشيت أنطون نوفل. جاء العنوان كدعوة لتلمس امكانية الذهاب نحو الطرف الأول واقتناص الحلم وزعزعة السواد الطاغي، فنحن أسرى الوجود ولا شيء يمنح بسهولة. ولعل دعوة التفاؤل تلك من باب الرغبة بنكران الواقع المر والتشبث بالأمل دون تجاهل أن هذا النكران ليس إلا “قاعدة حتمية للألم الطويل الأمد” حسب رأي الراوية. وهكذا من التفاؤل إلى الغوص في جذور الألم والنبش في أسبابها، تأخذنا عزة في عملها كأننا نغوص في داخلنا وذواتنا.
تبدأ الرواية بحوار في جلسات علاج نفسي لإحدى النساء، ثم تتابع على شكل لوحات تختلط فيها الشخصيات والأحداث وتتناوب الذكريات مع الواقع دون ترتيب زمني في خليط آلام الحاضر والماضي الممتد دون شفاء، بدءاً من الأزمة اللبنانية عام 1958إلى تتالي الحروب الخارجية والأهلية وما أفرزته على صعيد المجتمع والأفراد والعلاقات وما تركته في الذاكرة الفردية التي لن تستوعبه. فسنرى كيف يتوارث الألم وتكرسه الأمهات في وعي أطفالهن الذين يرضعونه مع الحليب ويمتصون ذاكرة الحرب والأسى من هلع العيون. فالحروب لا تنتهي بتوقف الرصاص بل تحكم ذاكرة البشر وتترك ذات الإنسان مهشمة ومرضوضة ومرتبكة تجاه الحياة والآخر. ولعل هذا ما يفسر جلسات العلاج النفسي المذكورة في بداية الرواية. تقول إحدى الشخصيات: “كانت الفيلا المهجورة تشبهنا صلبة من الخارج وخربة من الداخل نحتمي فيها من زوابعنا”.
ولا يسلم من ذلك حتى الأجنة، حيث يرثون في الجزء الأخير من الحمل جزءاً من أحاسيس الأمهات إذ يشعرون بها لأن وعي الجنين وذاكرته تكون قد تشكلت كما تخبرنا الراوية ولهذا فإن أطفال فلسطين هم الأكثر تأثراً إذ يكبرون بالألم والكوابيس.
تجمع عزة طويل في روايتها غير التقليدية منذ البداية بين مجتمعين مترابطين عبر التاريخ بقدر خصامهما الحالي في لبنان وسوريا حيث تتشابك العلاقات الاجتماعية بغض النظر عن العلاقات الرسمية لنرى مثلا أن لبنانية ولدت وعاشت في لبنان (وطى المصيطبة) طوال حياتها كلبنانية والدها سوري ثم تتزوج من سوري وتذهب معه خطيفة، في إشارة إلى تشابك الأنساب والحياة وحيث تغص الآن لبنان باللاجئين السوريين كما كانت تغص سوريا باللاجئين اللبنانيين أثناء حروبهم، لتوازي بين الحرب اللبنانية والسورية عبر تذكر المجازر غير المبررة في كلا البلدين والتي ذهب ضحيتها الأبرياء في الحالتين مع تعددها واختلاف المرتكبين وتشابه النتائج.
ورغم ذلك فالبشر يعيشون ويحبون وينجبون الأطفال ويحتلمون في الأبنية المهدمة والملاجئ وتحت القصف وكأنهم يشهرون البقاء في وجه الحرب والرغبة – الحياة مقابل الموت، فهل هي بذور التفاؤل أم غريزة مقاومة الفناء عبر آلية النكوص البدائي نحو الحياة (التناسل)؟ تقول الكاتبة عن تلك الحالة إنها “أكثر صور العنف إدهاشاً ” .
لكن في هذه المجتمعات والتي لم تترك لها حروبها الأهلية فرصة التعافي أو التطور، تأتي الحياة لا كخلاص أو كما نحلم بل ناقصة وبعلاقات مشوهة يمارس فيها القوي سلطته على الضعيف ويفرغ ما اختزنه من عنف الحرب على الأضعف فتنتهي بالقهر والنهايات المأزومة.
وهو ما تضيئه الكاتبة بطرح قضايا جندرية معيشة فالمرأة التي تعاني رغم أنها كانت رفيقة النضال أو تعرضت للأذية كالرجل في الحرب والمجازر وربما تحدت واقعها والأهل للارتباط به كالذهاب خطيفة دون مشورتهم، إلا أنه يمارس عليها سلطته الذكورية الموروثة، من الضرب والخيانة والاهمال حتى أنها قد تتحمل الهجر والذل للبقاء بجانب أولادها بعد الطلاق.
تقول أم شادي عن زوجها المتوفي: “حتى القهوة كان يشربني إياها مفحمة”.
ولم يكن المنفى أفضل إذ وضع المرأة في ظروف صعبة حتى أصبحت العودة الى لبنان وسط الحرب أرحم.
أتت الرواية على شكل لوحات أو مشاهد سينمائية وبؤر أحداث تبدو منفصلة أو ذكريات مسترسلة كأنها حديث أرواح، إلا أن الكاتبة عمدت إلى تقديمها بلغة مفعمة بالأحاسيس والنبش الجواني لما يحتدم داخل الشخصيات التي تبدو كلها في حالة اختزان معاناة طويلة تنتظر فرصة للبوح واسترجاع حياتها من خلال ذروة ما تبدأ في كل مشهد، لتتابع بسرد كثيف مشدود متناوب بين الراوية وشخوصها بلغة غنية ومؤثرة. وحيث تنجو الشخصيات من فكرة البطولة لتكون كلها ذات قلق مضطرم ومعاناة مستمرة تعيش أزمتها الداخلية التي تصل إلى القارئ في السرد الموشى بإضاءات رمزية عديدة (برودة الجسد، أو عدم القدرة على الانتصاب، أو العصافير، الحمامة، الجدار)، أو عبر موازاة الأحداث والإشارات المتناقضة (كالموت مقابل الحميمية أو ثالوث الموت مقابل ثالوث الحياة والموسيقا مقابل الدمار)،
فيرى القارئ الواقع بأعين الشخصيات ويعيش انكسارهم ومشاعرهم ويتلمس العالم الروحي لهم عبر رسم الصورة وبناء اللقطة، فيستغرق فيها لزمن أطول مما فعله السرد.
البطل الحقيقي في الرواية هو الفقد، الفقد بالموت وقبل الموت وبعده، بالحرب أو المرض أو الحوادث، وعجز الإنسان أمام الموت البارد ذي الحضور الرهيب، ورغم أن الإنسان هو من يستدرجه في أحيان كثيرة بما يرتكبه من حروب ومجازر، إلا أنه ميزان علاقتنا بالآخر، إذ يختلف إحساسنا بحجمه، حسب علاقتنا بالشخص. الموت أزمة الأحياء فقد تغدو الحياة بعد تجربة الفقد مجرد أيام للذكريات وكأنها تمجيد للموت. وأمام سطوة النهاية وعدم القدرة على نسيان الأحبة يحاول البشر إيجاد أشكال للتواصل مع العالم الآخر بمعنى إبقاء صلة ما بمن نحب كزيارة القبور وزراعة الورد أو بناء المنزل بالقرب منها لردم تلك الهوة بين الأحياء والأموات، أو المصالحة مع هذا المخيف الجاثم فوق خط النهاية. ولكن كل هذا ليس سوى محاولات قد تحقق العزاء الصادق للفرد.ولهذا لم تكتف الروائية بتقديم الواقع وأثره في شخصياتها والمكان ولم تكتف بنبش التاريخ وحوادثه المفصلية، بل عادت أيضاً إلى بنية الذاكرة الجمعية الدينية والثقافية التي وضعت كثيراً من المفاهيم والعادات التي مازلنا نمارسها كمفهوم الموت وعادة لبس الأسود في الحزن، مثيرة قضايا معاصرة ووجودية في علاقة الإنسان بالحتمية والطبيعة فتتنقل بين الواقع العام والتاريخي والاجتماعي بمهارة تنقل الضوء، لكن رمزية عودة تموز في الربيع التي تعني نهوضه من عالم الأموات أتت في الرواية بشكل معاكس.
في الخاتمة تابعت عزة طويل أسلوب روايتها الخارج عن المألوف، في ترك حياة الشخصيات معلقة على شفا الحديث الذي قد يسترسل إلى ما لا نهاية دون أن تضع أي نهاية لها، لكنها آثرت التدخل بلسان الراوي العليم الذي كان يشارك في السرد لتخبرنا أن الرواية ليست من صنع خيالها بل جزء من حياة أو رحلة مع الحياة والموت ولهذا تقول لا أهمية للنهايات. لكنها تعترف أنها بعد كل هذا قد بدأت تفهم من أين يأتي هذا الألم.
رواية عزة طويل رواية شيقة وغنية ورغم أنها قصيرة لكنها ذات أبعاد ممتدة في ذاتنا نحن أبناء الأوطان المبتلاة بالحروب وكل هذا الألم.
جملةٌ من الأحداث التي قامت بها سلطات النظام السوريّ بخصوص السويداء، مؤخراً، تثير أسئلة وتقود إلى تحليلات عن الرسائل المتضمّنة لتلك السلوكيات عسكريّاً وأمنيّاً.
وفي التفاصيل، حرّكت قوات النظام السوريّ تعزيزات عسكرية نحو محافظة السويداء، جنوب العاصمة دمشق، وكان أكبرها يوم الأحد 28 نيسان / أبريل 2024، حيث وصلت إلى مطار “خلخلة” العسكريّ في ريف السويداء الشماليّ.
ويرى مراقبون أنّ هذه الخطوة؛ تمثل موقفاً سياسياً سيحمل تغييرات ميدانية متتالية في المنطقة، وقد جاءت بعد استمراريّة الحراك المدنيّ في السويداء، والذي سوف يتوّج عامه الأوّل من المظاهرات يوم 17 آب / أغسطس المقبل.
وكأنّ تلك التحركات العسكريّة كانت بمثابة جسّ نبض الشارع، وليأتي فيما بعد؛ سلوك بات مكشوفاً لدخول المناطق المعارضة في سورية، كما رأينا طيلة السنوات العشر الماضية، ألا وهو التلويح بوجود خلايا نائمة من “تنظيم الدولة الإسلاميّة داعش” في السويداء، فجأة تظهر بلا مقدمات، وذلك بحسب ما نشرت وكالة الأنباء السوريّة، سانا التابعة للنظام، حيث زعمت الوكالة أن “خلية من تنظيم (داعش) حاولت تنفيذ عملية إرهابية ضد المدنيين في مدينة السويداء، وأن الجهات المختصة قد قتلت إرهابياً حاول تفجير نفسه بحزام ناسف، وألقت القبض على إرهابي آخر بحوزته حزام ناسف آخر”. وبما أن الإعلام رسميّ هنا، فاحتمالية المصداقية مشكوك فيها نظراً للسيناريوهات المشابهة في معظم المناطق التي شهدت احتجاجات مدنية، دون وجود أيّة وسيلة إعلاميّة أخرى مستقلة تنقل تلك المزاعم من وجهة نظر محايدة.
توجهنا لسؤال بعض الناشطين والناشطات على الأرض في السويداء، وأجمع معظمهم على أن تلك الخطوات التي ينتهجها النظام، لا قيمة لها إذا استمرت سلمية الحراك الشعبيّ، ومن بين هؤلاء الدكتور جمال الشوفي، وهو كاتب وباحث، حيث قال لموقع صالون سوريا: “إنّ هناك عدة مؤشرات حول إرسال التعزيزات العسكريّة في هذه الفترة؛ أوّلها محاولة ترهيب الشارع الشعبيّ في السويداء وخاصة حراكه السلميّ. ما يُعزّز ذلك، هو تناول العديد من الصفحات على الإنترنت، منها تنسب لجهات وشخصيات رسمية، توجيه تهديدات مباشرة للحراك بذاته، ونشر قوائم تصفيات وغيرها. فيما المؤشر الثاني متعلق بالتطورات في الوضع الإقليميّ واحتمال تمدّد العمليات العسكريّة للمنطقة الجنوبيّة، لتخفيف الضغط عن حزب الله في جنوب لبنان. أضف لذلك ملء فراغ محتمل لانسحاب روسيّ من الجنوب السوريّ، وهذا يعزز فكرة مواجهات عسكرية محتملة في المنطقة. كما توجد مؤشرات تأتي من الانتشار شرقاً باتجاه حدود البادية مع الحدود الأردنيّة بما يتعلق بتهريب المخدرات، وهذا لا يمكن البتّ في وضعه، تبعاً لنوع القوات المنتشرة هناك”.
ويضيف د.الشوفي: “يمكن لهذه الاحتمالات؛ سواء بالاغتيالات الفردية أو نشوب معارك جزئية، أن تؤثر على الحراك السلميّ من خلال انجرار الفصائل المحلية له، وانتشار الخوف العام، خاصة إذا تمت هذه التحركات على أيدي العصابات المحلية. هنا من المهم جداً الحذر في التعامل مع هذه السيناريوهات، وإن كان لابد من مجابهة من نوع ما، أن تكون مستقلة عن الحراك السلمي الذي يجب أن يبقى مستمراً ما يتطلب تنظيمه وحمايته. نحن بحاجة لحراك مجتمعي يعمل على تعزيز فكرة الأمان والسلم المجتمعيّ ومنع الاصطدام المحلي وتطويقه إن حصل”.
ويختم د.الشوفي كلامه: “يجب على الحراك أن يُمتّن رصيده وحاضنته المحلية والاجتماعية، وأن يبتعد عن استفزازها في الوقت الحالي، والاستمرار بإصراره على السلميّة والتغيير السياسيّ الوطنيّ والابتعاد عن الدخول في تشابك وتعارض الأجندات السياسية المحلية والإقليميّة والثبات على مطالب مُوَحَّدة وطنياً” بحسب قوله.
فيما ترى المحامية نيرفانا نصر، أن إرسال تلك التعزيزات العسكريّة “ربما يفتح الباب للاستفزاز والمواجهة”. وتؤكد في حديثها لـ”موقع صالون سوريا”: “سينتج عن ذلك مواجهة من نوع ما، وذلك سوف يؤثر على سلميّة الحراك الذي يؤكد على ضرورة التغيير السياسيّ دون عنف، ويعبّر عن مطالبه بشكل راقٍ بعيداً عن الفوضى. ولهذا يحاول الجميع الابتعاد عن العسكرة. ونشهد دوراً كبيراً للمجتمع المدنيّ والنقابات الحرّة كـ”تجمع المحامين الأحرار” وغيرهم في التعبير القانونيّ والحق بالتظاهر. أعتقد أنّ السلطة تحاول تخويف الأهالي بالحشود العسكريّة وإعادة تجارب سابقة كما فعلت ببقية المدن السورية من رمي براميل وتدمير وتهجير” على حد تعبيرها.
من جهة أخرى يؤكد الصحفي مرهف الشاعر أنّ تلك التحركات تحمل نيّات مبطنة تجاه الحراك السلميّ بالدرجة الأولى، والمستمر بشكل يوميّ منذ قرابة التسعة أشهر، خاصة وأن هناك بعض المجموعات المرتبطة أمنيّا أصدرت بياناً أعلنت فيه عزمها “ضبط الوضع الأمنيّ في السويداء من خطف وسلب، وهي ذات المجموعة المُتهمة بأدلة صريحة على ممارسات خطف سابقة ودعمها لمجموعة راجي فلحوط، والذي انتفضت السويداء عليه قبل عامين” بحسب تأكيده.
ويعتقد مرهف أن المشهد حالياً “ضبابيٌّ”، ويجب “الحذر من تكرار التجارب ذات الطابع الدمويّ بحق المدينة لإخماد صوت الانتفاضة، وتلك التجارب قد تقوم بها السلطة بشكل مباشر أو من خلال فتنة داخلية ما، وهو الشغل الشاغل لها على الدوام في السويداء، حيث شهدت المدينة لقاءً لأغلب قياداتها ووجهائها بغض النظر عن اصطفافهم السياسيّ فقد أكّدوا على ضرورة وحدة الصفّ والوقوف في وجه أيّة محاولة للتصعيد أو الضغط العسكريّ”.
ومن وجهة نظر تحليلية على المستوى الإقليمي، يقول مرهف الشاعر لـ “موقع صالون سوريا”: “يبدو أن هذه المؤشرات والحشود رسالة من السلطة بتخليها عن الحليف الإيرانيّ في الجنوب السوريّ بعد الضربات المتكررة التي تلقتها في مواقع عسكريّة من قبل الإسرائيليين، وقد تكون هذه المناورة لإعادة تموضع بحجة حماية الحدود، وأيضاً تكرار سيناريو (داعش) المصطنع في المدينة فيما حذر البعض أن هناك تنازلات من السلطة لصالح إسرائيل والتي لم تصرّح بأيّة مناصرة لـحماس وغزة حفاظاً على الكرسي في دمشق، ما يفتح الاحتمالات على صفقة إقليمية ومساومة قد تكون سُلطة النظام الشريك والمسؤول الأول فيها في منطقة الجنوب السوريّ بدعم وتوجيه روسيّ” بحسب رأيه.
لقد شكّل حراك مدينة السويداء، انتعاشاً سياسياً وتعبيراً واضحاً عن السلمية والرغبة بالتغيير السياسيّ في البلاد، غير أن أساليب العسكرتارية التي تتبعها سلطات النظام في دمشق، أبعد ما تكون عن السلمية، وقد أصبح واضحاً أن ملعبها هو السلاح وابتكار فبركات “الخلايا النائمة” لتبرير سحق المدن التي يحدث فيها أي حراك مدنيّ.
تعملُ التشكيلية السوريّة يارا عيسى (1989) من وحي الألم السوريّ، إنّها تُعيد إنتاج ذاكرة الحياة الضاربة بالحرب واللجوء، تُعيدها بصيغة إنسانيّة، كان لها أثر كبير على حياتها الشخصيّة، كما شعرنا من خلال حديثنا معها. فهي المُتخرجة من كلية الفنون الجميلة عام (2016) جامعة دمشق، والتي عاشت الأحداث السّورية بشكل جوهريّ عبر بوابة العمل الإغاثيّ الإنسانيّ، حتى أواخر العام 2018. واليوم في باريس ضجّت ذاكرتها بآلاف الصور عن سوريا وعن السّوريين وعن الأحداث الرهيبة التي عاشوها، والتي كانت هي جزءاً منها، لم يكن ثمّة طريقة لفهمها ومواجهتها على ما يبدو سوى بالفن.
بالنسبة لـيارا التي تجمّع تلك المرايا المكسورة في داخلها، هناك اقتراحات جديدة تقدمها للعالم، وهذا الحوار فيه محاولة مشتركة بيننا وبينها لقراءة أعمالها ومواكبة تجربتها التي تحضّر فيها حالياً لإطلاق أعمال فنية ضمن معرض مقبل في فرنسا:
هل تلخّصين لنا ما هي هذه التجربة؟ متى سوف تكتمل؟ ومتى من المحتمل أن تظهر للضوء؟ هل سيكون لها امتدادات على مستوى الأسلوب ومعالجة الفكرة؟
يارا: اسم التجربة التي أعمل عليها حالياً هي “الأزرق لم يعد آمناً بعد الآن” (The Blue is not save any more). من المحتمل أن تكتمل خلال هذا العام وأن تظهر قريباً للضوء. بعد البدء ها هنا، أشعر أنّني أكتشف عوالمَ وتقنيات أخرى، وبالتالي أعتقد أنّ هذه التجربة بالنسبة لي ماتزال غنية بالمساحات المليئة بالحرية على مستوى الفكرة.
شعرت أنّ الجسد في معظم أعمالك هنا يعيش في ضجيج مشّوش من التفاصيل، هناك مجموعة من الأجساد؛ هي لأشخاص بأعمار متفاوتة، على وجه التحديد: في أحد أعمالك يبدو بأنهم قد سجوا على بحر أو سماء أو أزرق ما تتركينه أمامنا لاحتمالات إنسانية تجعلنا نرى الأجساد كأنها ذكرى، ترى من هؤلاء؟ ولماذا يجتمعون بهذا الحزن؟
يارا: السّماء والبحر هما فسحتان مليئتان بالتناقضات؛ الأمل والموت، الحبّ والحرب، القُرب والبُعد، المنفى والوطن، الأمان والخوف، الوجود والعدم. كلّها تناقضات جمعتها تلك المساحات الزرقاء والتي منذ أن بدأت الحرب في سوريا عام (2011)، تحوّلت تلك المساحة إلى فضاءات غير آمنة للسوريين. اكتظت السّماء بالدخان، والبحر قام بابتلاع المئات. وصرنا نستطيع استشعار الخطر في أيّة جملة تتضمن كلمات كالبحر والسّماء، على الرغم من أن تلك المساحات الزرقاء كانت مدعاةً للسلام. أمّا فيما يتعلق بأعمار الشخوص التي تقدمها أغلب الأعمال، فقد حاولت أن أنقل جميع الفئات العمريّة من الأمان إلى العدم، فالحرب في مساحاتها لم ترحم حتّى الأطفال أو الرضّع.
إذاً، نحن أمام مواجهة فنيّة لأمكنةٍ غيّرت إلى حدٍّ ما دلالاتها بسبب الحرب في سوريا، هل نعتبر أنّك تقترحين المواجهة مع الذاكرة من أجل التحرّر من الألم الجمعيّ أم ماذا؟
يارا: يمكنك أن تعتبر هذه الأعمال توثيقاً للذاكرةِ العاطفيّةِ ضمن تشكيلاتٍ لونيّة وسياق عمل فنيّ مُتصل يسمح لنا بالتخيل والمشاهدة العاطفية عن بعد. وكأنّنا ننظر من السّماء إلى البحر، أو من البحر إلى السماء لنجد أنفسنا نخوض تلك التجربة العاطفيّة مع أبطال هذه الأعمال الذين لم يمتلكوا كثيراً من الخيارات؛ فإمّا الموت بفعل القنابل تحت السّماء أو الغرق في البحر طمعاً بالنجاة. إنّ هذه الشخوص والإيحاءات التعبيريّة؛ سواء في ملامح الوجوه أو في تعبيراتِ الجسد، ما هي إلا محاولة لإيصال التناقضات العاطفيّة والتي كوّنت بدورها هذا المزيج بين الحزن، والفرح، والأمل، والخيبة! سوف نرى هذه الحالات العاطفيّة تتوارى وتظهر لنا على اللوحة من خلال تداخل الألوان والخطوط، وانتهاكها في بعض الأحيان خصوصية الأزرق لتعطيه طاقة انفعاليّة وردَّ فعل قاسياً وعاطفياً، وانعكاسُ ردّ الفعل على الجمهور كما المرايا المكسورة المُعاد تشكيلها إذاً هو توثيق وانعكاس لعواطفنا نحن من عانينا من الحرب.
لاحظنا تقارباً في تكون بعض الأعمال لجهة التشكيل الأول لهويتها، والذي ما يلبث أن يقدم ذلك التشكيل انزياحاً لولادات غريبة في ذات العمل، إلى أيّة درجة نستطيع القول إنك تعودين لأعمالك تبعاً لظروف ما، من أجل وضع لمسة أخرى عليها.. ومتى تشعرين أن العمل قد تشكل تماماً؟
يارا: التقارب هو بسبب وحدة الحالة العاطفيّة التي تجمع هذه الأعمال، إنّها حالات عاطفية مستوحاة من معاناتنا كأناس من الحرب، ومستوحاة من تجربتي الشخصيّة على اعتبار أنّني بقيت في سوريا حتى منتصف عام (2019)، وقد كُنت على تماس مباشر مع الأحداث والنزاعات على الأرض، أضف إلى أن ذلك ينبع -أيضاً من كوني سورية في الدرجة الأولى وعملتُ مع المنظمات الحقوقيّة والإنسانيّة هناك. بالنسبة لنضوج العمل الفني، أعتقد أنّه يتطلب وقتاً وممارسة طويلة الأمد، وتلك الممارسة توحّد بين الحالة العاطفية من جهة، وحالة العمل من جهة أخرى، وفي كلّ مرة؛ دائماً أجد بأن هناك نتائج أفضل.
ما المقصود “بأنك تجدين أن هناك دائماً نتائج أفضل في كل مرة”! هل تعنين مثلاً التعديلات التي تشعرين أنها لازمة لتكون النتيجة أفضل في لوحة جديدة لنفس الموضوعة، أم القصد هو أنه في كلّ عمل جديد تشعرين بأنّ نتيجة الفكر، ككل، أفضل، بما أنّ الموضوع مشترك في أفكار اللوحات حسب ما رأينا؟
يارا: الفن بالنسبة لي عمل تراكميّ، لا يوجد هناك نتيجة مُثلى، لأن العمل الفنيّ يسعى دائماً للكمال، والفنان يفني حياته في محاولة إنتاج عمل فنيّ أفضل أو أنضج.. إلخ، ليرتقي إلى الكمال، وهذه العملية هي من تُعطي الفنّ قيمته الخلّاقة، والإبداع الذي يرافق هذه المحاولات هو من يمنح هذه الأعمال رونقها الخاص، لأنّ هذه العملية تمنح الفنان خصوصيته وبصمته التي استمدها من هذه التجربة. أسعى مع كلّ عمل جديد إلى الارتقاء بالعمل والحصول على نتيجة أفضل لذلك أبذل في كلّ مرة جهداً مضاعفاً. وكلّ مرّة أشعر بأن العمل الفنيّ يأخذني إلى أماكن أعمق، لذلك أشعر دائماً أن هناك نتيجة أفضل. أتوقف عندما يجب أن أتوقف وأنهي العمل ليس لأنّه وصل لأفضل شكل، بل لأن هذه الخطوة انتهت.
لاحظنا أن هناك كائنات غريبة تشبه الأسماك أو لها أجساد حيوانات تمشي على أربع قوائم، وهي متداخلة بطريقة سوريالية مع بعضها في أحد أعمالك، هل يمكن أن يشرح الفنان فكرته إلى جانب عمله بجملة أو جملتين؟ هل هي ضرورة برأيك ولماذا؟
يارا: بالطبع، أعتقدأنّها ليست ضرورة، ولكن، هذا يعود إلى خصوصيّة العمل الفنيّة والهدف منه، لنبدأ من توقيع الفنان على اللّوحة، ووضعه لتاريخ العمل، وهذا يفيد في تحديد الحقبة الزمنيّة التي أتمّ بها الفنان هذا العمل. أو قد نرى أحياناً العديد من الأعمال التي تحمل عناوين تدلّ على الأحداث التي ترافقها، مثل تلك الأعمال الملحميّة للمعارك عبر التاريخ، أو تلك الأعمال التي تهدف إلى تسليط الضوء على قضايا إنسانية… إلخ، فخصوصية العمل الفني تختلف وأهدافه قد تكون مختلفة. برأيي الشخصي لا أفضّل الأعمال التي توضع بجانبها ملاحظات، أحبّ التأمل وأن أعيش تجربتي الشخصية مع العمل، دون أن ألجأ إلى الملاحظات المنوطة بجانبه، مع الأخذ بعين الاعتبار تجربة الفنان والخلاصة التي يطرحها أمامنا.
إذاً أنت تراهنين على المتلقي وعلى ثقافته في فهم الأعمال الفنية والتواصل معها وتتركين له حرية فهم العمل، ترى كيف تفكرين بهذا الجانب عندما ما تختارين موضوعاً راهناً لازال يتغير مثل الحدث السوريّ؛ خصوصاً وأنّك تتوجهين لمجتمع متنوع مثل المجتمع الفرنسي؟
يارا: ضمن هذه التجربة تحديداً أعتمد بصورة عامة على ذاكرة المتلقي، على وجه الخصوص المتلقي الذي لديه ذاكرة لجوء أو حرب، أو على أشخاص تهتم إنسانيتهم بهذه القضايا، أو لربما من يستطيع أن يشعر بهذه الانفعالات اللونية على اللوحة. أما فيما يتعلق بالأعمال الفنية القادمة؛ لربما سوف أتجه إلى مفاهيم أكثر شمولية كالخوف والدهشة والألم كي أستطيع أن أصل إلى العالم في كل مكان. لقد عانينا فعلياً من الحرب، ولكن الكوارث والحروب والنزاعات بكلّ أنواعها موجودة في كلّ مكان، لربما المفاهيم الأكثر شمولية هي الأقوى والأبقى والأكثر تأثيراً ولها شعور جمعيّ؛ تخاطب أكبر شريحة ممكنة من الناس، في المحصلة يرغب الفنان أن يعبّر عن ذاته!
لا بدَّ في مواقف الحزن القصوى، كمجمع عزاءٍ مثلاً، من وقوع حوادث مضحكة، لا يملك المرء فيها إلا أن يستسلم للضحك بعد مكابدة طويلة. للأسف، أو ربما لحسن الحظ، تنفلت الضحكة عاليًا في النهاية ويحدث ما كنا نخافه. الأمر ذاته في الحروب والأزمات الكبرى، خصوصًا في المرحلة التي تلي الحرب، لا بد لمواقف مشابهة من أن تحدث، أو بمعنى أدق، من أن تتوالد. وهل ثمة ما هو أحق من جراحنا الشخصية كي نضحك عليه!
بعد مضي نحو ثلاثة عشر عامًا على الحرب السورية، بكل ما جرّته على شعبها من تشرد وفقر واغتراب، لا تزال تتجلى إلى اليوم، مخلّفات تلك الأزمة بأشكالٍ عدّة. سأختار منها المضحك فقط، تخفيفًا عن الجميع، تاركةً لغيري الحديث عن القهر والأسى. علمًا أن ما سيُذكر مبكي في جوهره، على غرار ما قاله المتنبي: ” لا تحسبنّ رقصي بينكم طربًا، فالطير يرقص مذبوحًا من شدة الألمِ”.
دَعَوات مبتكرة
لا غريب أن المنتَج الأساس في الحروب كلها، مشردون يجوبون الطرقات ويفترشونها. إما ضاقت بهم السبل، أو استسهالًا، لا فرق، إلا أنهم يلجؤون إلى التسول طريقةً يكسبون بها لقمة العيش، ما جعل التمييز بين المحتاج وغيره أمرًا صعبًا. وفي غياب وجود إحصائيات رسمية لأعداد المتسولين في سورية، نعتمد على “حسّنا العالي” في تقدير العدد الآخذ في ازدياد، وفي كشف المتسول المحق من المتسول الكذّاب. ما أثار اهتمامي أكثر من العدد المهول، هو الأسلوب المبتكر للفت الانتباه. بات المتسول على علمٍ بدواخلك وأمنياتك، فهو في النهاية من الشعب، وإلى الشعب يعود. فإذ به يلعب على هذا الجانب، يدغدغ فيك رغباتك الدفينة وأسرارك الخفية التي لا تبوح بها حتى لنفسك.
منذ أيام، اقترب مني أحد أفراد هذه الجماعة، وأصرُّ على تسميتهم جماعة، لأني أكاد أجزم بوجود تنظيم سري لهم، يجتمعون ويتباحثون في شؤون المواطن ونقاط ضعفه والكلمات المفتاحية التي تحرك مشاعره. اقترب وقال: “الله يسفّرك”! نظرت إليه بذهول، كيف تحولت تلك الدعوات من “الله يخليلك أهلك” وما إلى ذلك، إلى “الله يسفّرك”!
مرة أخرى قالت لي إحداهن: “الله يبعتلك نصيبك عَ ألمانيا أو عَ دبي” ما كان مني سوى أن أضحك أمام هذه الابتزازات العاطفية. وللصدفة كان صديقي المغترب معي، وحين جاء دوره في الدعوات، لم تفلح معه دعوة “الله يسفّرك” التي سبق وتحققت. واعترف لها، لسوء حظه، أنه في زيارة. طمعت الأخت بمال المغترب الذي كان، لكنها لم تحصّل في النهاية سوى خمسة آلاف ليرة سورية، متأففة أن ما نالته أقل من نصف دولار!
زواج بيرفع الراس
من تداعيات الحروب أيضا، كثرة الزيجات. ولكن هل كل الزيجات زيجات! اختلفت معايير الزوج المثالي مع تفاقم الأزمة. لدرجة أصبحت فيها المزية الأساسية للزوج، اغترابه. وكلما كانت سنوات اغترابه أكثر، كلما كان أفضل، إذ إنه سيحمل جنسية البلد الحاضن، أي على مبدأ النبيذ المعتق.
الاسم لا يهم، وكذلك العمر والحالة الاجتماعية والمهنة، هذه أمور ثانوية نسأل عنها لاحقًا، لدرجة بتنا نقول: “زوّجنا البنت ع ألمانيا” أو “الشب كتير أكابر، ما عاد نذكر من أي عيلة، بس عَ كندا”.
ليت الأمور توقفت عند هذا الحد. صار معيار تقييم نجاح الأنثى في العلاقات، المسافة التي تقطعها كي تلتقي بالزوج. وكأننا في ماراثون، الفائزة ليست الأسرع، إذ ليس من خط نهاية نصل إليه ونقطع الشريط، بل من تبتعد أكثر. وبذلك، توفَّر للفتيات أسلوب مفاخرة جديد، إذ قالت لي إحداهن: “والله إجاني عريس ع هولندا، حركيلنا حالك، مانك شاطرة”.
ومنذ ذلك الوقت، وأنا أبحث عن الحركات التي فعلتها تلك المحظوظات المسافرات القاطعات مسافات، دون جدوى. انتسبت مؤخرًا إلى نادي رياضي، علّني أزيد من لياقتي وأدخل السباق. لكنّي أخاف أن أتحمس كعادتي، فأستمر في الركض وأصل إلى القطب الجنوبي. لا أعتقد أن ثمة مغتربين هناك!
الألمانية هي اللغة الأم
سألت صديقي عن زميلٍ لنا إن كان يتعلّم الألمانية حقًا! أجابني: “شو الغريب؟ أبو حسن الخضرجي عنا بالحارة عم يتعلم ألماني”. أينما تحركت وكيفما التفتت، في المقهى والشارع والسينما وحتى في أثناء نومك، هناك من يتعلم الألمانية. باتت لغة العصر. قد يبدو الأمر مبهجًا ومدعاة فخر. لغة جديدة تعني ثقافة جديدة. لكن الأمر ليس كذلك أبدًا.
حين كنت في معهد اللغة الألمانية منذ سنتين، اقتصر تعلّم بعضهن اللغة على الأساسيات، بحجة أن “لَمْ الشمل” لا يتطلّب أعلى من المستوى الأدنى! تفاجأت بجرأة بعضهن. اللغة صعبة وليست أمرًا يؤخذ استسهالًا. ستقولون لي: تعلمتِ اللغة إذًا!
وهنا موضوع آخر، أصبح تعلُّم اللغة محط شك، وخصوصا بالنسبة للفتاة. إذ يوحي بوجود عريس محتمَل، أما الدراسة سعيًا خلف فرصةٍ ما، لهو أمر مستبعد! يبدو أنه مستبعد حقًا. دليل أنني في سوريا الآن أكتب ما أكتبه وبلغتي الأم التي أحب.
اقتصاد ملون جديد
مع انهيار العملة السورية، انهار الشعب والبلد. بينما ازدهر المغترب وأبو المغترب وأم المغترب وأخوات المغترب! غدت حياة كل هؤلاء معلّقة إلى سعر الأحمر والأخضر. يأملون أن ترتفع قيمته دون اكتراث لقيمة الليرة، إضافة إلى أن هبوطه لن يسهم في خفض أسعار السلع التي تعرف طريقًا واحدًا فقط، لا تسلك سواه، صعودًا وبسرعة قياسية.
أُضيف إلى طابور البنزين والخبز، وصفد البيض في المؤسسة الاستهلاكية، طابورٌ آخر، هو طابور الحوالات المالية، عدا عن تلك الطوابير الخامسة المخفية في الأزقة وعتمة الطرقات.
ولدت كذلك شيفرة جديدة بين أبناء الشعب، إذ نقول: “بدك تبيع أو تشتري، بندورة ولا خيار؟” في إشارة إلى العملات الصعبة. حتى انقلب الأمر الذي بدأ مزحة، أزمة وجودية. فالخيار والبندورة في الواقع، يحتاجان إلى قرض كي تبتاعهما!
تحويل الأزمات إلى نكات
يقال إنه متى كَثُر الكلام المضحك وقت الكوارث فإنها كارثة أكبر. لكن ما الذي نملكه أمام هذه الكوميديا البشرية سوى أن نضحك! هل تنفع الشكوى! إذًا لا بد من تحويل أزماتنا إلى نكات، والأكثر من ذلك توثيقها. فهي إرثنا المتجدد والمتحوّل بتحولنا. قد تكون هذه المواقف المضحكة المبكية، في جزءٍ منها، من يوميات المواطن السوري عامةً، ويومياتي أنا، ابنة اللاذقية خاصةً، أو لنقل ابنة “الحفرة السعيدة” كما يسميها أحد مثقفي اللاذقية. حتى مثقفونا باتوا يضحَكون ويُضحِكون. “الحفرة السعيدة”! يبدو أننا في حفرة فعلًا، ضحكنا أم بكينا، سيرتد الصدى ويصم آذاننا عن سماع أصوات العالم، ويحجب ضوضاءنا عنه.
يواجه مربو الثروة الحيوانية عموماً، والأغنام على وجه الخصوص تحديات تهدد مصدر رزقهم نتيجة ارتفاع تكاليف التربية مثل الأعلاف والأدوية البيطرية، إلى جانب الجفاف؛ العدو الأخطر على الزراعة والثروة الحيوانية في البلاد.
يقول علي وهو مربي أغنام (عواس) في بلدة أبو الظهور بريف إدلب: “يزداد استهلاك الخروف للأعلاف كلما كبر، وبالتالي تكاليف تربيته الممتدة إلى 4 سنوات حتى يصبح كبشاً (فحل الضأن) أو نعجة”. ويضيف: “نُسّخر الأراضي للرعي في أوقات الحصاد، ومن لا يملك قطعة أرض هنا، يستأجر واحدة حسب الحاجة”.
تشكل الأعلاف عبئاً ثقيلاً على صغار المربين ممن يملكون بين 10 و15 رأساً؛ لذا يستعين بعضهم بالشعير أو بالخبز اليابس. ويصل سعر طن أعلاف النخالة أو خليط من عدة أنواع بين 4 و5 مليون ليرة سورية في الأسواق، بحسب ما يشتريه المربون.
ولا تتوقف مصاعب التربية على توفر الغذاء؛ بل يشكو مربو الأغنام في المنطقة قلة اللقاحات الأولية، وارتفاع ثمن الأدوية البيطرية الأجنبية حسب كل نوع وصعوبة تأمينها.
فصل الربيع
يمد الغطاء الأخضر النباتي في فصل الربيع الخراف بالغذاء، في حين يُقدم لها في الأيام العادية شعير وخبز وتبن في حال عدم توفر الأعلاف؛ بينما يزداد استهلاك العلف في فصل الشتاء لقلة الرعي، كما يتحدث الرعاة في ريف إدلب.
ويتشابه الأمر في ريف دمشق من حيث استثمار هذا الفصل في الرعي، وينوه المربي أحمد (معضمية الشام) إلى أن الرعي في المناطق الزراعية يعد حلاً في فصل الربيع على وجه الخصوص، حيث ينتشر الغطاء الأخضر، ويفضل بعض المربين استئجار أراض لكن بنسبة قليلة، لأن الراعي يرعى الأغنام في مناطق متعددة.
مصاعب متعددة
يربي أحمد أغنام “العواس”، وأخرى مستوردة من العراق. يعاني المربي من زيادة تكاليف التربية سنوياً بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف، إلى جانب تصاعد تكاليف الدواء بالتزامن مع انتشار بعض الأمراض في هذه الفترة من العام. يقول المربي: “يحتاج الخروف حتى يزداد وزنه، ويصبح بعمر سنة إلى أكثر من 200 ألف ليرة شهرياً بشكل وسطي”.
وتعد “العواس” من أهم عروق الأغنام في الشرق الأوسط، ويتحمل الظروف البيئية القاسية، ويمكن أن يحقق معدلات إنتاجية جيدة عند تحسن الظروف البيئية من تغذية ورعاية في مناطق التربية التقليدية، بحسب الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية السورية.
ويعتمد أحمد على أنواع مختلفة من الأعلاف وبدائلها، مثل مادة التبن التي يبلغ سعر الكيلو الواحد منها ألف ليرة سورية، وهناك الشعير وقشور الفول والبازلاء اليابسة، ويصل ثمن الكيلو منها إلى 2500 ليرة، ومن الأنواع الأخرى خلاطات العلف التي قد تحوي نشاء وطحيناً ومادة النخالة بسعر سبعة آلاف للكيلو الواحد.
يقول أحمد: “أجلب هذه الأعلاف من القطاع الخاص، لأن مؤسسة الأعلاف الحكومية في مدينتنا توقفت عن العمل منذ عام 2011”. ومن جهة ثانية، يلجأ الراعي إلى بقايا الطعام والخضار.
يلخص أحمد مصاعب التربية بالحاجة إلى مكان أولاً، حيث تنتشر هذه الأماكن ضمن المناطق السكنية. من جهة أخرى، يصعب الذهاب نحو الأراضي الزراعية البعيدة نتيجة الخوف من السرقة، ومن المشكلات صعوبة توفير الأعلاف وارتفاع أسعارها، وأخيراً تعرض الأغنام إلى أمراض كثيرة، وعدم توفر الدواء اللازم لذلك بشكل دائم، أو توفره بسعر مرتفع.
ثروة في مهب الأزمة
بلغ العدد الكلي للأغنام في عام 2007 نحو 23 مليون رأس، ثم انحدر في 2017 إلى أقل من 14 مليون رأس، ليرتفع مجدداً إلى ما يقارب 17 مليوناً (تقديرات) في عام 2021، بحسب إحصائيات وزارة الزراعة.
وفي آذار الماضي، قدر مدير الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة محمد خير اللحام نسبة انخفاض الثروة الحيوانية بـ 30% من قطيع الأغنام، وفقاً لصحيفة (تشرين) المحلية. ويذكر اللحام أن الإنتاج الحيواني يسهم بنسبة 36٪ من إجمالي الناتج الزراعي الذي يسهم بدوره بنسبة 39٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
وتعرّضت سورية إلى موجات جفاف متتالية، وفي 2022، أشارت المهندسة رويدة النهار مدير السلامة البيئية في وزارة الإدارة المحلية والبيئة إلى أن البلاد تعاني من آثار تغير المناخ، حيث تواجه أسوأ موجة جفاف منذ سبعين عاماً نتيجة انحباس الأمطار في معظم المناطق، بحسب صحيفة (البعث) المحلية.
وسمح مجلس الوزراء على مدار السنوات السابقة بتصدير ذكور أغنام العواس والماعز الجبلي ضمن مدد محددة، وذلك وفق الشروط الصحية والفنية المحددة من قبل وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي.
يعيشُ اليوم آلاف السوريين في قبرص خوفاً اجتماعياً من فقدان فرصة العيش في الجزيرة، بسبب التحريض الذي يتعرض له المهاجرون السوريون الواصلون حديثاً إلى قبرص، والذين أعُيد معظمهم إلى لبنان بعد قرار مفاجئ اتخذته قبرص بخصوصهم.
“خلال الثلاثة أشهر الماضية، كان السوريون يصلون عبر البحر إلى قبرص من لبنان كلّ يوم تقريباً” هذا ما قاله رئيس جمهورية قبرص “نيكوس خريستودوليدس” خلال حوار منذ أيام مع “شبكة المحررين الألمانية (RND).
كما أكد أنّ “المهاجرين اليوم في قبرص يشكلون 7% من عدد سكان الجزيرة” وأضاف: “لم نعد قادرين على استقبال المزيد من اللاجئين السوريين، إنّها مسألة أمن قومي، ولذلك أخبرت الاتحاد الأوروبي بقراري حول تعليق طلبات اللجوء للسوريين في قبرص”.
وكان “خريستودوليدس” قد علّق دراسة طلبات اللجوء للسوريين في الجزيرة المتوسطية ليلة 13 نيسان/ أبريل 2024، وجاء هذا التحرك ضمن إطار الحملة الإعلامية التي شنتها السلطات الرسمية على المهاجرين السوريين الواصلين حديثاً عبر البحر، والذين تدفقوا بكميات كبيرة مقارنة مع الأشهر الفائتة، حيث أعاد خفر السواحل القبرصيّ بالتعاون مع السلطات اللبنانيّة، منذ أيام، حوالي خمسة قوارب تقلّ نحو 400 مهاجر سوريّ.
“خريستوذوليذس” قال: “إن هذا القرار مؤقت بانتظار إعادة تقييم وضع النظام السوريّ لإيجاد مناطق آمنة يمكن إعادة المهاجرين إليها” على حد تعبيره.
وأكدت منظمات حقوقية أن قبرص نفّذت خلال العام 2023 نحو (11 ألف) عملية إعادة قسرية وطوعية للمهاجرين.
وبحسب الإجراءات المعلنة، سيتمكن المهاجرون السوريون الجدد من تقديم طلباتهم، ولكن لن يتم دراستها، وسيتم بعد ذلك نقلهم إلى مراكز الاستقبال وتُقدَّم لهم مساعدات عينية؛ وهي الغذاء والإقامة، ولكن دون أوراق رسمية للإقامة. لن يحق لأولئك الذين يختارون مغادرة مركز الاستقبال الحصول على أي مزايا. بالإضافة إلى ذلك، لن يكون لهم الحق في الحصول على عمل خلال الأشهر التسعة الأولى من وصولهم.
واعتباراً من أكتوبر/تشرين الأول 2023، توجب على طالبي اللجوء الانتظار تسعة أشهر (بدلًا من شهر واحد) بعد تقديم طلب اللجوء قبل السماح لهم بالعمل. وأعرب في حينها مجلس اللاجئين القبرصي عن قلقه بأن ذلك من شأنه الدفع بالمزيد من الناس إلى العمل غير النظامي والعوز.
وأفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن “أعداداً متزايدة من طالبي اللجوء معرضون لخطر التشرد”، مشيرة إلى عدم كفاية الدعم الاجتماعي المقدم لهم.
وكان حزب فولت “Volt” القبرصي قد حذر من قرار الحكومة الأخير بتعليق فحص طلبات اللجوء المقدمة من المواطنين السوريين، واتهم الحزب في بيانه الحكومة بتغيير سياستها لكسر الصورة النمطية لها “دون أي تغيير جوهري”، وجاء في البيان أن “تعليق فحص الطلبات لن يكون بأي حال من الأحوال رادعاً لتدفق الهجرة من سوريا ولبنان”، مشيراً إلى أن “تعليق طلبات السوريين سيزيد الضغط على نظام إدارة اللجوء المثقل بالفعل، وسيتم وضع نصف طلبات اللجوء في الدِرج، لتواجهها خدمة اللجوء بعد بضعة أشهر، وفي ذلك الوقت سيكون العدد الإجمالي للطلبات المعلقة قد ازداد مرة أخرى بشكل كبير” بحسب البيان.
وقالت الحقوقية “كورينا ذروسيوتو” من مجلس اللاجئين القبرصي، وهو منظمة غير حكومية، للصحفيين: “إن هذا القرار لا يستند على أي أسس قانونية لاستبعاد جنسية معينة من طلبات اللجوء”. وأوضحت أنه تمت تجربة إجراء مماثل أثناء إدارة الرئيس القبرصي السابق “نيكوس أناستاسيادس”، لكنه فشل في تحقيق أي نتائج. وأضافت أن “هذا الإجراء تمت تجربته أيضاً عام 2022، في ظل الحكومة السابقة، ولم يأتِ بنتائج، كما أنه لم يقلل من وصول المواطنين السوريين”.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية؛ زار وفد قبرصيّ رسميّ، لبنان، لمناقشة سُبل التصدي لخط الهجرة البحريّة والذي ينطلق من السواحل اللبنانية عادة- نحو سواحل قبرص، ونتج عن ذلك تنسيق سريع في سبل الإعادة القسرية لقوارب المهاجرين السوريين.
وبحسب إحصائيات مفوضية اللجوء في الأمم المتحدة – قبرص حتى أيلول – سبتمبر 2023، فقد تقدم نحو (3357) سورياً بطلبات لجوء إلى قبرص، في وقت كان هناك نحو (9477) طلباً للجوء إلى قبرص معلقاً حتى عام 2022.
وأكدت السلطات الرسمية أن قرار رئيس جمهورية قبرص بتعليق دراسة طلبات اللجوء للسوريين، سيكون ساري المفعول على الطلبات التي قُدّمت خلال الـ 18 شهراً الماضية!
ويوم الجمعة 19 نيسان/ أبريل 2024، اكتشف رادار جمهورية قبرص البحري، قاربين في المياه قبالة “كيب جريكو” وعلى متنهما (141) شخصاً؛ (92) رجلاً و (12) امرأة و(25) طفلاً و (12) قاصراً دون ذويهم. تم استقبال الأشخاص الـ 138، وهم لاجئون من سوريا، ورجل من لبنان، ورجل وامرأة من فلسطين، من قبل سفينتين تابعتين لشرطة الموانئ والبحرية وتم نقلهم إلى ميناء لارنكا حيث تم تسجيل تفاصيلهم. قالوا إنهم بدأوا رحلتهم في 11 أبريل/ نيسان 2024، من لبنان بعد أن دفعوا في السابق ما بين 3000 و3500 دولار أمريكي لشخص مجهول، وتم نقلهم إلى مركز “بورنارا” لإيواء المهاجرين المؤقت في “كوكينوتريميثيا”. وكان قد وصل منذ 31 آذار / مارس حتى منتصف نيسان/ أبريل نحو (17) قاربًا يحملون (949) مهاجراً إلى قبرص، معظمهم من السوريين.
وفي تصريحات لوزارة الداخلية القبرصية، فإن هناك نحو 10000 طلب معلق، وقد تم تنفيذ قرار الحكومة القبرصية استناداً إلى “آلية أوروبية يتم تفعليها في حالات التدفق المتزايد للمهاجرين غير الشرعيين”. وفي تقرير سابق، أشارت الوزارة إلى انخفاض طلبات اللجوء وزيادة عمليات مغادرة المهاجرين خلال العام 2023. وبحسب البيانات، انخفض إجمالي عدد الوافدين في عام 2023 بنسبة 50% مقارنة بعام 2022. وعلى وجه الخصوص انخفض عدد الوافدين من الخط الأخضر وزاد عدد الوافدين عن طريق البحر بنسبة 355%. وبلغت طلبات اللجوء عام 2022 (21565) ومنها (4088) طلباً لسوريين. بينما عام 2023 بلغ عدد طلبات اللجوء (11617) وعدد طلبات السوريين (6148) طلباً.
وكانت المحكمة الإدارية للحماية الدولية قد تلقت (8377) قضية طعن بقرارات للاجئين، وبنحو (12300) طلب استئناف تتعلق بأجانب عُلّقت طلبات لجوئهم. وقد تمت معالجة (9818) قضية أمام المحكمة المذكورة، ولم تنجح إلا في خمسة وأربعين قضية، أي بنسبة 0.46%.
ويشار إلى أنه منذ عام 2020 إلى عام 2023، تم تسجيل زيادة بنسبة 472% في الطعون أمام المحكمة الإدارية للحماية الدولية. ومع ذلك، فقد تبين أنه في الفترة من 2022 إلى 2023، تم تسجيل انخفاض بنسبة 9٪ في الطعون. 76% من الطعون المسجلة تتعلق بمتقدمين من بلدان آمنة.
وتشير إحصائيات موقع “Eurostat” إلى أن عدد طلبات اللجوء المعلقة في قبرص حتى نهاية شهر كانون الثاني / يناير 2024 وصلت إلى (31615) طلباً، وقد تقدم خلال عام 2023 نحو (6155) سوريا بطلب لجوء في قبرص.
ومن بين هؤلاء الواصلين “عبد الكريم. ن” الذي لا يخفي تخوّفه من الترحيل رغم أنه “يعمل بالأسود” ولم يحصل بعد على أوراق تخوّله العمل والإقامة، فهو مثل آلاف الواصلين خلال العامين الماضيين “لم يأته الردّ على طلب المقابلة من أجل اللجوء” بحسب ما قاله.
فيما تحاول “دعاء. م” العمل من بيتها في بيع الأطعمة السورية عبر فيسبوك، وهي تعيل أبناءها الأربعة بعد أن قُتل زوجها في سوريا بريف دمشق عام 2014، وتؤكد: “لقد وصلت منذ خمسة عشر شهراً، وأعيش اليوم في لارنكا، ويذهب أولادي إلى المدرسة لأن أعمارهم ما بين 8 سنوات و15 سنة، لكنهم دون أوراق رسمية، ربما سوف يحصلون عليها فيما بعد بحكم اندماجهم في المجتمع، كما يحدث مع معظم الأبناء الذين يأتون مع عائلاتهم ثم يُنتزعون تدريجياً عبر المدرسة والعادات والتقاليد هنا، ليكونوا جزءاً من المجتمع المحلي. هذا لا يخيفني، ولكني أخشى ألا أستطيع إكمال الانتظار بعد تعليق طلبات اللجوء والعيش دون أوراق”.
وتشير “دعاء. م” في حديثها معنا أنها تقدمت منذ سنة بطلب لخدمة اللجوء في العاصمة القبرصية نيقوسيا، ولكنها ماتزال تنتظر رغم أن طلبها وُضع مع آلاف الطلبات في الدِرج ليذهب إلى الأرشيف حتى إشعار آخر.
ويعاني “علي ناصر” الذي يبلغ من العمر أربعة عشر عاماً، من تشوّه في فمه نتيجة حادثة صعق كهربائي في الطفولة، وهو قد وصل إلى قبرص منذ أربعة أشهر فقط، ويعمل كصانع في محل للحلاقة، ولكنه لا يملك أوراقاً، يقول: “وصلت إلى قبرص وحدي، وأهلي ما يزالون في إدلب، ولكني بحاجة للمال، أعمل عند حلاق عربي هنا وأستطيع أن أتنكر كواحد من الزبائن إذا جاءت السلطات للتأكد من أوراقي، لأنه لا يحق لي العمل دون قرار من خدمة اللجوء بالموافقة على منحي حق الحماية الثانوية وكرت الإقامة”.
ولا تقدم قبرص أية امتيازات تُذكَر لتأهيل اللاجئين (…) ومعظم من يصل إليها يطمح بالحصول على أوراق ليكمل رحلته إلى دول أكبر مثل ألمانيا وهولندا وفرنسا لكن، قبرص في جميع الأحوال نادراً ما تمنح السوريين حق اللجوء “الكامل” مع “وثيقة السفر” وهذا ما يجعل اللاجئين السوريين يزدادون فيها، لأن مشكلتها الجوهرية هي منحهم إقامة بقصد العمل والسكن وهي لا تؤهلهم للسفر إلى أوروبا إلا باستخدام جوازات سفرهم السورية وهذا أمر شبه مستحيل بسبب تعقيدات التأشيرة والفيزا، وبمعنى أدق؛ يعيش اللاجئون السوريون في قبرص ضمن سجن كبير نسبياً، أما الآن، حتى هذا السجن بات اليوم مهدداً بالتضييق بعد قرار تعليق طلبات اللجوء والضغط على السوريين دوناً عن غيرهم!
لا بد من الإشارة أخيراً إلى أن قراراً مررته الحكومة القبرصية في نهاية العام الماضي ينص على تعديلات في قواعد التجنيس والتي بحسب منظمات حقوقية قد تم إقراراها دون استشارة المجتمع المدني إلى تشديد متطلبات الإقامة، وذلك عبر إدخال شرط “الدخول غير الشرعي إلى قبرص” كمعيار للحكم على “حسن سلوك” مقدم الطلب، الأمر الذي سوف يؤثر فيما بعد على اللاجئين والمستفيدين من الحماية الثانوية والأشخاص ذوي الإعاقة بخصوص استحالة حصولهم على الجنسية القبرصية، كما أن الأطفال المولودين من أبوين لاجئين سوف يواجهون احتمال انعدام الجنسية.