by Syria in a Week Editors | May 4, 2020 | Syria in a Week - EN, Uncategorized
رامي مخلوف
3 أيار/مايو
اتهم رجل الأعمال السوري البارز رامي مخلوف الأحد “الأجهزة الأمنية” باعتقال موظفي شركاته وبالضغط عليه للتخلي عنها بعد يومين من مناشدته في شريط فيديو نادر الرئيس بشار الأسد التدخل لإنقاذ شركة الاتصالات التي يملكها.
ومخلوف، ابن خال الأسد، أحد أعمدة النظام اقتصادياً منذ عقود واسمه مدرج على القائمة الأميركية السوداء منذ العام 2008. ويرأس رجل الأعمال، الذي طالما بقي خلف الأضواء، مجموعة شركات أبرزها شركة “سيرياتل” التي تملك نحو سبعين في المئة من سوق الاتصالات في سوريا.
وقال مخلوف الأحد، في ثاني شريط فيديو يبثه خلال ثلاثة أيام على صفحته في “فايسبوك” ومدته عشر دقائق، “بدأت اليوم الضغوطات بطريقة غير مقبولة (…) وبدأت الأجهزة الأمنية تعتقل الموظفين الذين يعملون لدي”، متسائلاً “هل يتوقع أحد أن تأتي الأجهزة الأمنية على شركات رامي مخلوف، الذي كان أكبر داعم لهذه الأجهزة وأكبر راعي لها خلال الحرب؟”.
وأضاف رجل الأعمال الذي يُعتقد أنه في سوريا، “طُلب مني اليوم أن ابتعد عن الشركات وأن أنفذ تعليمات … وبدأت الضغوطات بسحب الموظفين والمدراء”، مشيراً إلى أنه تلقى تهديدات “إما أن تتنازل أو نسجن كل جماعتك”.
وناشد مخلوف، الذي يعد من أكثر المستثمرين نفوذاً في سوريا، الأسد التدخل لوقف الضغوط.
وطالبت هيئة الاتصالات السورية الأسبوع الماضي الشركتين المشغلتين للهاتف الخلوي في سوريا بدفع “مبالغ مستحقة لخزينة الدولة تبلغ 233,8 مليار ليرة سورية” (334 مليون دولار)، استناداً إلى قرار صدر عن رئاسة الوزراء، وفي مهلة تنتهي الثلاثاء المقبل.
وقدر مخلوف، في أول شريط فيديو بثه ليل الخميس، قيمة المبلغ المُطالب بتسديده بين 125 مليار (178,5 مليون دولار) و130 مليار ليرة، معتبراً أن مطالب الدولة “غير محقة”. وناشد الأسد التدخل لإنقاذ شركته عبر “جدولة” المبلغ “بحيث لا تنهار الشركة”.
وبرغم توجه مخلوف للمرة الثانية إلى الأسد واصفاً إياه بـ”صمام الأمان”، يؤكد شريطا الفيديو وجود توتر بينه وبين الرئيس السوري بعدما تحدثت تقارير إعلامية عدة عن خلافات بينهما لم تتضح حقيقتها، وعن مصادرة وسائل إعلام محلية كان يديرها مخلوف ومقرات جمعية خيرية تابعة له.
وأصدرت السلطات السورية في كانون الأول/ديسمبر سلسلة قرارات بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لعدد من كبار رجال الأعمال في سوريا، بينهم مخلوف وزوجته وشركاته. ووجهت إلى رجال أعمال تهم التهرّب الضريبي والحصول على أرباح غير قانونية خلال سنوات الحرب.
وتحدّث الأسد في مقابلة مع التلفزيون السوري الرسمي في نهاية تشرين الأول/أكتوبر عن مكافحة الفساد. وقال “في القطاع الخاص، طلب من كل من هدر أموال الدولة أن يعيد الأموال (…) نريد أموال الدولة أولاً قبل أن نلاحق ونحوّل إلى القضاء”.
احتكاك روسي – أميركي
2 أيار/مايو
منعت الشرطة العسكرية الروسية دورية تابعة لقوات الجيش الأمريكي ترافقها سيارات من نوع “بيك آب”، تابعة لقوات سورية الديمقراطية (قسد)، من الدخول إلى مدينة القامشلي شمال شرقي
سورية، حسبما أفادت وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء اليوم السبت.
وأفادت الوكالة بأن مدرعات الشرطة العسكرية الروسية قطعت طريق (القامشلي- القحطانية – الرميلان) عند قرية التنورية (10 كيلومترات شرقي مدينة القامشلي شمالي محافظة الحسكة) للمرة الأولى، حيث منعت دورية تابعة للقوات الأمريكية من الدخول إلى مدينة القامشلي عبر مدخلها الشرقي لعدة ساعات.
وتابعت أن أكثر من 8 مدرعات روسية وأثناء عودتها من دورية معتادة في
بلدة القحطانية الواقعة تحت سيطرة “قسد”، اعترضت رتل الدورية الأمريكية ومنعته من الدخول إلى القامشلي لعدة ساعات، وذلك رداً منها على اعتراض مدرعات أمريكية للمدرعات الروسية في بلدة القحطانية.
فكرة جنونية
1 أيار/مايو
عَدَّ المبعوث الأميركي في الملف السوري جيمس جيفري، الاعتقاد بأن الانخراط مع دمشق يُبعدها عن طهران «فكرة جنونية».
وقال جيفري، في حديث شامل إلى «الشرق الأوسط»، إن إيران «تملك مواطئ أقدام شديدة الرسوخ في الدولة والمجتمع السوري»، لافتاً إلى أن دولاً عربية «لن تكون على وفاق أبداً مع (الرئيس بشار) الأسد. يمكنهم الزعم بأنهم يستطيعون النأي به بعيداً عن المدار الإيراني، لكنني أرى أن هذا غير ممكن على الإطلاق».
وسُئل جيفري عن موقف بلاده من إعلان تل أبيب انتقالها من «احتواء إيران إلى مرحلة إخراجها من سوريا»، فأجاب بأن واشنطن تدعم «في كل الطرق الممكنة»، دبلوماسياً ولوجيستياً، الغارات الإسرائيلية على «مواقع إيرانية»، لافتاً إلى ضرورة خروج جميع القوات الأجنبية من سوريا، التي لم تكن موجودة قبل 2011، باستثناء الروسية.
كلام جيفري تزامن مع إعلان «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، أن «قصفاً إسرائيلياً استهدف مستودعاً للذخيرة والصواريخ، تابعاً لحزب الله اللبناني، في معسكر على طريق حمص – تدمر»، ما تسبب في «انفجارات تطايرت شظاياها إلى حمص»، فيما أعلنت دمشق أن الانفجار ناجم عن «خطأ بشري»، مشيرة إلى أن مروحيات إسرائيلية أطلقت «صواريخ من أجواء الجولان السوري المحتل، على مواقع في المنطقة الجنوبية».
على صعيد آخر، قال جيفري إن بلاده ستواصل فرض العقوبات على دمشق، و«نؤيد سريان العقوبات على النظام السوري حتى قبوله بالحل السياسي»، موضحاً: «العقوبات الاقتصادية تزيد من سوء الأوضاع على دائرة الشخصيات المقربة للغاية من رئيس النظام، وهذا ما نحاول على الدوام الوصول إليه. ونريد أن نوضح لتلك الشخصيات أنه لا مستقبل واضحاً أمامهم إذا استمروا في دعم وتأييد الأسد. وحري بهم ممارسة الضغوط من أجل الانتقال السياسي». وأشار إلى أن الحملة الإعلامية الروسية على دمشق دليل على أن موسكو تدرك أيضاً «أي نوع من الحلفاء موالين لها في سوريا».
تركيا و “النصرة“
31نيسان/ابريل
استبعدت مصادر تركية أن تنفذ أنقرة عملية عسكرية موسعة ضد «هيئة تحرير الشام» في إدلب من أجل تنفيذ تعهداتها بموجب الاتفاقات والتفاهمات مع روسيا التي تعهدت فيها تركيا بإنهاء وجود «الهيئة».
وقالت المصادر إن «القيام بمثل هذه العملية يعد أمرا صعبا في ظل تغلغل الهيئة في المدن والقرى وانتشار عناصرها بين المدنيين»، لافتة إلى أن «الوقوع في أخطاء أو سقوط مدنيين نتيجة استهداف الهيئة سيعرض تركيا لانتقادات من المجتمع الدولي وإلى ضغوط على حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان من جانب المعارضة في الداخل».
ورأت المصادر أن الجيش التركي «قد ينفذ عمليات لمحاصرة هيئة تحرير الشام وقطع الإمدادات اللوجيستية عنها والضغط عليها من خلال هجمات خاطفة أو استهداف عناصر ومواقع محددة بدقة بالتعاون مع فصائل المعارضة السورية المسلحة الموالية لتركيا، لكن ليس من المتصور أن تقدم تركيا على عملية كبيرة تستهدف الهيئة رغم حشد أكثر من 10 آلاف جندي غالبيتهم من القوات الخاصة إلى جانب المعدات العسكرية في النقاط التي نشرتها في منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا».
وأشارت المصادر إلى أن «هيئة تحرير الشام نفسها، لا ترغب في الدخول في مواجهة مع تركيا»، لافتة إلى أن «المواجهة بين القوات التركية والهيئة التي وقعت الأحد الماضي في شرق إدلب، كانت حدثا غير مسبوق، وأن التوتر بين الجانبين لا يمكن أن يستمر لفترة طويلة».
هدنة شاملة
31نيسان/ابريل
طالب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن أعضاء مجلس الأمن بدعم مناشدته لإرساء هدنة إنسانية شاملة في كل أنحاء البلاد، استجابة لنداء الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش بغية ضمان وصول جميع السوريين إلى المعدات والموارد اللازمة لمكافحة وباء «كوفيد – 19»، في ظل تجاذبات أميركية – روسية حول الجهة التي ينبغي لها أن تشرف على أي وقف شامل لإطلاق النار بعد عشر سنين من الحرب.
واستهل بيدرسن إحاطته بالإشارة إلى أنه طالب كل الأطراف السورية بـ«فترة هدوء مستدامة في كل أنحاء البلاد»، مشدداً على «الحاجة إلى التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2254». وقال: «أعتقد بقوة أن سوريا بحاجة إلى ترتيب لوقف إطلاق النار»، بما يمكن السوريين من «الوصول إلى المعدات والموارد اللازمة لمكافحة (كوفيد – 19)».دد
واعترف المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا «بأثر الوباء بلا شك على الطريقة التي نتعامل بها مع حل النزاعات، بما في ذلك التسوية السياسية في سوريا».
بوتين: صداع سوري
30نيسان/ابريل
أفادت مصادر في موسكو بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعاني «صداعاً سورياً» بسبب «عناد» الرئيس بشار الأسد في ملفات عدة، في وقت بدأت موسكو تحركاً نشطاً على مسارين دبلوماسي وعسكري يتعلقان بسوريا.
وبرز التحرك الدبلوماسي في الاتصالات التي أجراها نائب وزير الخارجية الروسي المكلف بالملف السوري سيرغي فيرشينين مع المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن. وأعلنت الخارجية الروسية أن الطرفين بحثا آفاق التسوية السياسية والوضع على الأرض وملف المساعدات الإنسانية. وجاءت المحادثات عشية جلسة دورية لمجلس الأمن حول سوريا اليوم.
وحمل التحرك الروسي رسائل عدة إلى الحكومة السورية وإلى تركيا، إذ نقلت وسائل إعلام حكومية عن ضباط في سلاح الجو الروسي أن موسكو بدأت تسيير مروحيات عسكرية في المناطق التي تشن فيها تركيا عمليات في إدلب. وتعكس المواكبة الروسية للعمليات التركية ليس فقط أهدافاً ميدانية كون هذا التحرك متفقاً عليه بين موسكو وأنقرة، بل تحمل أيضاً أبعاداً سياسية على خلفية مواصلة دمشق حملات إعلامية وسياسية على تركيا. ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن مصادر مطلعة على النقاشات الدائرة في الكرملين أن بوتين «يصر على أن يظهر الأسد المزيد من المرونة في المحادثات مع المعارضة السورية». وقال ألكسندر شوميلين، وهو دبلوماسي روسي سابق: «على الكرملين التخلص من الصداع السوري. تتعلق المشكلة بشخص واحد، وهو الأسد، وحاشيته».
قصف جديد
29 نيسان/ابريل
قُتل 4 مقاتلين من تنظيمات تابعة لطهران، في قصف إسرائيلي، لمواقع قرب دمشق، فجر أمس، بعد ساعات من إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بنيت، بدء مرحلة «طرد إيران» من سوريا.
وإذ أفادت «وكالة الأنباء السورية الرسمية» (سانا)، بمقتل 3 مدنيين، الاثنين، جراء الغارات، أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل المدنيين الثلاثة، مشيراً إلى مقتل 4 مقاتلين أيضاً من الموالين للنظام وحليفته إيران. وأوضح الأخير أن الغارات استهدفت «مقرات ومواقع للقوات الإيرانية و(حزب الله) اللبناني والميليشيات الموالية لها من جنسيات سورية وغير سورية جنوب وجنوب غربي دمشق»
وفي إسرائيل، كعادتهم في غالبية عمليات القصف التي ينفذونها في سوريا، امتنع المسؤولون هذه المرة أيضاً عن التطرق مباشرة لهذا القصف، واكتفوا بنشر تقارير الإعلام العربي حول الموضوع بالتفصيل. لكن القصف جاء بعد إعلان وزير الدفاع مساء الأحد: «ضعوا السماعات على آذانكم وانتظروا. ستسمعون وسترون أشياء. فنحن لا نواصل لجم نشاطات التموضع الإيراني في سوريا فحسب؛ بل انتقلنا بشكل حاد من اللجم إلى الطرد. أقصد طرد إيران من سوريا».
وفي موسكو، تجنبت الأوساط الرسمية الروسية التعليق على القصف، في حين اكتفت وسائل الإعلام الحكومية بتكرار رواية دمشق حول «تصدي الدفاعات الجوية لاعتداء إسرائيلي».
على صعيد آخر، كثّف مسؤولون أميركيون اتصالاتهم بقادة الجماعات السياسية الكردية في سوريا لـ«توحيد الصفّ» الكردي، والعمل على تأسيس إدارة مدنية مشتركة شرق الفرات.
غير مسبوق في إدلب
28 نيسان/ابريل
قتل عنصران على الأقل، وجرح ثلاثة من «هيئة تحرير الشام»، جراء استهداف طائرات «درون» تركية لسيارة كانت تقلهم في بلدة النيرب بريف إدلب الشرقي، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وجاء الحادث رداً على هجوم الهيئة على نقاط تابعة للأتراك في منطقة النيرب شرق إدلب، انتقمت من استهداف عناصرها المعتصمين عند أوتوستراد «حلب – اللاذقية» الدولي احتجاجاً على تسيير دوريات مشتركة مع القوات الروسية.
ونقلت شبكة «شام» عن مصادر محلية، أن طائرة مسيرة تركية من نوع «بيرقدار»، استهدفت مربضاً للهاون ومركزاً لقاعدة مضادة للدروع، تابعين لهيئة تحرير الشام قرب بلدة النيرب. ورصد المرصد، تحليق مروحيات تابعة للجيش التركي باتجاه نقاطها جنوب شرقي إدلب، لنقل مصابين من قواتها.
وجرت، مساء أمس، بحسب مصادر مطلعة، محاولات لحل التوتر الذي تطور إلى مواجهة مسلحة، وهو الأول من نوعه بين الأتراك والنصرة (المكون الرئيسي لهيئة تحرير الشام)، بحضور «فيلق الشام» وفصائل أخرى موالية لتركيا، لتهدئة الأمور وفض الاعتصام على الطريق الدولي.
وكانت قوة عسكرية من الجيش التركي، أقدمت فجر أمس، على إزالة سواتر ترابية من أوتوستراد الـ«M4» بالقرب من بلدة النيرب شرق إدلب، كما حاولت فض «اعتصام» هناك بإطلاق قنابل مسيلة للدموع.
by Ibrahim Hamidi | May 3, 2020 | Reports - EN, Uncategorized
US Ambassador James Jeffrey, the State Department’s special representative for the Syrian war and the fight against ISIS, said the US supports “in every possible way”, diplomatically and logistically, Israeli raids on Iranian sites in Syria.
In an exclusive interview with Asharq Al-Awsat, Jeffrey said that “Iran has very established footholds in the Syrian state and within Syrian society, “noting that many Arab countries” will never be in harmony with a man like (President Bashar) Assad. They can claim that they can distance him from the Iranian orbit, but I see that this is absolutely not possible.”
The American envoy emphasized that his country will continue to impose sanctions on Damascus, and “we support the entry into force of sanctions on the Syrian regime until its acceptance of a political solution,” explaining: “Economic sanctions make the situation worse for the circle of people very close to the head of the regime, and this is what we are always trying to reach.”
And we want to make it clear to these figures that there is no clear future for them if they continue to support Assad. They should rather press for political transition. ” He pointed out that the recent Russian media campaign against Damascus is evidence that Moscow is also aware of “what kind of ally” they have in Syria today. He said that Idlib is “the citadel of opposition” and will not return to Damascus soon.
Here is the text of the exclusive interview that Asharq Al-Awsat did by Phone Thursday:
· Let’s start with Covid-19. Could you give me your assessment? Also, yesterday in the Security Council the Russians once again rejected reopening Yarobiyeh, the crossing between Iraq and Syria. What is your assessment on that as well?
First of all, we’re following the situation of the coronavirus throughout Syria. We have to look at it in three different areas; the northeast where we have the best eyes on, the northwest where we rely on Turkish information, and of course the regime areas which are totally under-reported and under-represented. We have only notional information from the regime areas. We think that there’s a considerable amount of cases there, but we can’t measure it. We do not see at the moment a significant outbreak of the virus in the northwest, but of course with so many people jammed together and with such bad medical support, particularly as the Russians and Syrians have bombed most of the hospitals and other medical facilities there, that would be of great concern.
In the northeast, there have been one or two reports of infections but we are yet to see a significant outbreak.
To some degree the few reported cases are due to the limit on travel in and out of the country, other than for the Iranians who we think spread it initially in regime areas. So the effects of it have been limited but that can change at any time. The UN is worried about this, the WHO is worried about this, and we are as well.
The Russians and the regime by blocking the transfer of medical supplies to those areas where Assad does not hold sway of course have made the situation worse. It’s Assad’s fault. It’s his fault in his own areas for having devastated his own country and not caring about its people. He is even more at fault in those areas not under his control that he denies assistance to, even though that is his responsibility as the sovereign entity in Syria.
*Do you think being in this pandemic paves the way for renewal or updating of the UN Security Council resolution regarding the humanitarian border crossing? Because I think we’re supposed to be in June/July, and directions in December?
In July, UNSC 2504 has to be renewed. It is our hope that Russia will renew at a minimum the two crossings in the northwest. We are very, very insistent on that, and we would also like to see a new crossing to service the northeast. As you know the crossing there, the Rabia crossing, was blocked from being included in the new resolution by the Russians and Chinese so that is where we are.
· As you may know in the last few weeks, even months, since the beginning of the pandemic the Russians and the regime twisted the whole argument. They’re saying now that they’re blaming the US and the European sanctions. What is your reaction to that?
The collapse of the Lebanon monetary and financial system has nothing to do with our sanctions, and that is perhaps the biggest impact on Assad. Frankly his own bad management is the second reason he is in such dire economic shape, and then thirdly, it’s the fact that this country is still at war and important areas, including agriculture and energy-producing areas, are not under his control, nor should they be until he accepts a compromise political settlement. That is why he is faced with great economic difficulties that are impacting all of the people. Our sanctions do not include sanctions on humanitarian or medical goods, those items can flow freely. And the sanctions are carefully selected and packaged to target regime figures and not the average person.
· In May/June I think the Europeans, the EU are supposed to renew their sanctions, so what is your view on that?
We are very much in favor of these sanctions staying in place until the Regime accepts a political solution. We see the glimmer of hope in the longer-term ceasefire in Idlib and the regime’s acquiescence in a common agenda for the constitutional committee in Geneva. These things would not have happened without the tough position of the international community, be it the Turks in Idlib or all of our efforts maintaining our sanctions. So we are really happy that the EU is maintaining them.
· What would you tell some Syrians who buy the narrative of the regime and blame the US for their suffering?
I cannot help anyone if after almost a decade of Assad’s terror, they still believe Assad over the international community.
· In this regard, we saw some new developments by some Arab countries who reconnected with Damascus and they took the pandemic as a pretext. Did you speak with those Arab countries? And if you did, what did you tell them?
That’s kind of vague without identifying which Arab countries. The Arab countries I am thinking of, and I do not want to disclose them publicly but we know who they are, we are talking to them constantly.
We think two things. First of all they will have no impact. They will not win any prizes from Assad. We saw when one of them, and this one I can name because it has been discussed in the media, the UAE extended diplomatic recognition and they got nothing from Assad. I think they barely got a thank you. We know as well that they’re not going to change his policies nor are they going to undercut our policy.
We think that some people in the region have the mistaken idea, even though I am in media all the time, and Secretary Pompeo and President Trump speak out frequently on Syria, that maybe there is another American policy that allows us to be friends with Assad. There is no such American policy. There will never be such an American policy. There wasn’t even such a policy under the Obama administration.
· In this regard what do you expect from the Arab Summit that is due in June but might be delayed a little bit. The Algerians are now working hard to bring the Syrians back to the Arab League.
Our question to the Arab League is: What has changed from when you took the decision (to freeze Syria membership in 2012)? Have fewer people died now had died then? We think the number now is almost 500,000 Arab citizens of Syria. That is not a very encouraging thing to invite them back. Has the Regime complied with any of the UN calls for reconciliation? No.
What percent of the population has been ridden from their homes or fled their homes due to the regime in 2012 when the Arab League took the decision? Perhaps 5-10 percent of the population. What percentage of that population today? 50 percent.
The Arab League has to ask itself: Does it just have as an interlocutor states or does it also have as an interlocutor people of those states? Because the people of this state, Syria, have shown repeatedly their courage and their commitment by half the population fleeing Assad’s rule.
· Some Arab countries believe that by bringing the regime back to the League, maybe they would distance it away from Iran. What do you think?
It’s a crazy idea. First of all, Iran is deeply embedded in the Syrian state and society. It’s not as bad as Hezbullah in Lebanon or with the Militias in Iraq, and I know both situations, particularly Iraq, very well. But it is very concerning, not just to us, we know it is also concerning to the regime and the Russians. You have militias that are created and paid for by the Iranian government and reports to the Iranian government.
But the other thing is, and people really need to think about this, Syria is a state where Assad’s brutality to his own people is unique in the world, even faced with Venezuela or North Korea. Assad only knows one tool, butchering his population, particularly the Sunni Arab population.
Now, does anybody think he’s going to change his ways? It is one thing to think he is going to change his alliance with Iran, I don’t think he can but at least theoretically it is possible. But does anyone think he is going to change the way he rules and the population is going to accept this mass murderer, this uber torturer as leader? No. He has to run an absolutely horrific brutal totalitarian state.
What country is willing to accept a partnership with a brute like that? We only know of two, Russia and Iran. We do not think the decent countries of the Gulf and the Arab World would be in the same bed with someone like him. They can claim they can wean him away from Iran, I doubt that very much. Will these countries provide the ground forces, the Hizbullah troops, and the Shia from Afghanistan and other countries to keep the Sunni Arab and many other ethnic groups in the opposition from attacking Assad? No, they won’t go that far and I don’t think they will sign up to support a government as terrible as Assad’s. They won’t bear the responsibility. That is something Iran and Russia will have to do.
· Recently, there were a lot of Israeli airstrikes around Damascus, Damascus – Beirut highway, and in Palmyra. What is your view on this?
The US supports Israel’s efforts to secure its self-defense. Israel is facing an existential threat from Iran, as they have said a thousand times that their mission is to destroy Israel. The Iranians are in Syria in large numbers, passing on long-range weapon systems to Hezbullah that threaten Israel. We know probably two elements associated with the Iranians, also in Syria, and Israel has the right to take whatever action it needs, being careful about Syrian casualties which the Israelis are, for the goal of saving Israel. Therefore, we are supportive of them in any way we can.
· What kind of support? Political or Logistical? Through the Tanf military base?
We give the support that is needed for effective Israeli actions to protect itself, and in protecting itself it is protecting all neighbors of Assad: Jordan, Turkey, Iraq, and Lebanon.
· The Israeli Minister of Defense said recently that this is to finish, not limit, the Iranian influence on Syria. Do you think that is possible?
Our policy is that all Iranian-commanded forces have to leave Syria, along with frankly all other military forces that entered after 2011. This includes the United States, if all of the reports are correct about the Israeli Air Force that would include the Israelis, and it would include the Turks.
· And the Russians?
The Russians entered before 2011, therefore they are exempt. Everyone else came after the war had begun. If there is a political solution to the war, and neighbors such as Israel and Turkey no longer feel threatened by the situation in Syria, we think they would be willing to let the country return to normal. As far as we are concerned, returning to normal is our goal and that means, among others, all Iranian-commanded forces have to leave.
· You said earlier that the sanctions are working, and that there are indications proving that. What are they?
Given the incompetence of the Assad administration, who is good at sucking the blood, literally and figuratively, in terms of money, goods, and property from its own people and in running a corrupt financial and economic system, but are not good at holding the country together and attracting foreign investments, they have done much of the damage themselves. Who would invest in a country Assad runs? They have also destroyed much of their own infrastructure, driven away a large percentage of the country’s doctors, and on and on.
It’s hard to say if you look at the unlimited fall of the Syrian pound (now 1300 to the US dollar) and the claims by people who are trying to support the regime that they have lost $244 billion, four times the GDP of the country, in the last few years because of the war, it is very hard to say what is due to the Regime’s own actions and what part of it is due to the sanctions. I would say that in general, in terms of the economy, it is mainly what the Regime has done to itself. Sanctions make life hard for those people in the inner circle, and that is what we are trying to get at. To make it clear to them that they don’t have an economic future by supporting Assad. They need to push for a political transition in Syria.
· You say the sanctions will push the regime to change its behavior?
We think it is a combination of everything. The 50 percent of the population that’s fled, stripping the country of most of its demographic resources, or much of it. The major swaths of territory that are not under Assad’s hand and unlikely to come into his hands because significant outside powers, including the US, who are on the ground. The pummeling (attacks) that the Iranians and the Syrians are getting from the air (Israeli Strikes) with ever more aggressive and effective airstrikes. The lack of reconstruction assistance. The ostracism of the Regime by the Arab League and by the Europeans.
We think that at the end of the day this formula will push the regime to eventually seek a negotiated settlement rather than claim a military victory and no compromise, which is what they have been doing up until now.
· You just said that keeping regime out of Idlib is a strategic thing. Right?
Yes. That is correct
· And you said that you want Turkey to fight extremists in Idlib?
Yes, we do. And we see signs that they are, more effectively.
How can you combine those two goals, keep Idlib out of the regime’s control and fight terrorism? And what do you think of the Turkish Russian deal over Idlib?
I think the deal will maintain as long as Turkey continues pressure on HTS. We do not see HTS as a serious threat to Russian forces, as they claim. It is a threat to all of us because it is a terrorist organization, and it is a threat to the more moderate and armed opposition in Idlib, which is of concern to us.
We see no reason, no excuse, no justification for this offensive (regime in Idlib) to start up again. By the same token, we are happy that the Turks are dealing independently with HTS. They committed to that in September 2018 and in the most recent agreement and that is a good thing.
· And you think that deal is holding?
I think that it will hold for the next few months, at least.
· Let move to North East of Syria which is where the American forces are. Recently we have noticed the Russians sending more military enforcement and they took a Qamshli military base and are getting closer and closer to the Americans. What is your assessment of the situation?
The Russians have some lightly armed military police units, they travel around in three, four, five vehicles, and sometimes they’re here, sometimes they’re there, but there is no Russian significant military force on the ground. There is no Russian occupation. Frankly, the Syrian government, other than in a few bases in Qamishli and the city of Deir El Zoor, has no real presence either. There are a few outposts and a few patrols. The people with the large, tens of thousands forces on the ground is the SDF, our partner against ISIS.
· In December, President Trump spoke of withdrawing from the North East of Syria and the Americans are there now. How long will they remain?
We will remain there until we have completed our military mission of the enduring the defeat of ISIS.
· Can we say it is an open-ended presence there?
I would never say the word open-ended. I would say only what I have just said.
· What would you tell your allies, the SDF, in advance before pulling out?
Pulling out of northeast Syria is not on the agenda, as we have not seen yet the enduring defeat of ISIS.
· Back to the current relationship between Washington and Moscow. There were some talks between some American officials and Russian officials in Washington, Moscow, and Vienna. Where are we in that regard? Is the step-by-step approach still valid?
As you know, we have various levels of talks with the Russians. We maintain generally our radio silence on these talks. One exception was when Mike Pompeo traveled to Sochi to meet with FM Lavrov and President Putin to talk about Syria and to talk about our efforts to get a compromised solution. We laid the whole thing out to both Putin and Lavrov and we did a joint press conference with Lavrov. It’s all on the record.
What do you make of the Russian media criticism of Assad?
We think that Russia knows very well what’s going on in the country. We think Russia knows what sort of ally they have in the Syrian President. And we think those articles speak for themselves.
· Do you think the Russians are upset with Damascus?
I think the articles speak for themselves. You are a journalist and when you write your articles, you want us to read what you write. Right? Then, believe what is printed in the papers.
· Did the Russians convey the same thing with you?
We do not share the details of diplomatic exchanges with our valued Russian interlocutors.
· We Know the OPCW report blamed Damascus for Ltamneh (Hamah) chemical attack in 2017 and we know that Damascus dined that. What is the next step?
The OPCW is reporting its findings to the UN Security Council, which were dramatic, and talk not just about Regime forces using chemical weapons but that the decisions were taken at the highest levels of the government to do so.
Meanwhile, the Security Council is also dealing with the UN Board of inquiry that found the regime, and to some degree the Russians, culpable for exploiting the UN’s passing of coordinates of humanitarian installations that should be on a no strike list, but in fact were deliberately struck.
We see the UN, from OCHA Chief Mark Lowcock to Secretary-General Guterres himself, speaking out in very clear and tough terms of the humanitarian risks of closing these border crossings from Iraq and eventually Turkey and the failure of the regime to allow crossline transfers of humanitarian goods to those areas. We see German courts pursuing Assad’s torturers who had gone after Syrian citizens. These citizens and their torturers now find themselves in Germany with cases open against them.
This is just the tip of the iceberg of all of the accountability efforts that we, the UN, the international community, and the media are doing to expose, that’s the word I would use, expose the absolute moral bankruptcy of that regime and those who are associated with it.
· What about the UN peace process? We hear UN special Envoy Mr. Gier Pederson saying that he made a deal between regime and opposition about agenda of the constitutional committee?
Pederson has this account and we support him 150 percent, including his call for a nationwide ceasefire. We support his efforts to build on the agreement on the agenda. That is a small, but important step forward.
· Do you think that it is realistic to talk about presidential elections under UN auspices in 2021?
We think the elections are the right way to go. If Assad holds his elections, this year or next year, they will have none, zero international credibility. They will be dismissed by the international community. The international community will redouble its efforts to pursue real elections monitored by the UN. That is the way forward. That is what the US supports.
The policy that we are pursuing is not going to change. We look very much forward to working with the media and the voices and people of the entire Middle East in speaking as one to call for a political solution and an end to the fighting.
· It this realistic?
Some people think it is not realistic. I don’t know but two years ago people thought that it was unrealistic to think that the last citadel of the armed opposition in Idlib would hold out for very long. Two years later there it is. Some people thought it was impossible for the Syrian Opposition and representatives of the Syrian government could meet together in Geneva, they have done so. Trust us that we are not only pursuing this policy, we think it has had some limited success and we think it has the potential to have a great deal more success.
This article was originally published at Asharq Al-Awsat here.
by طارق علي | May 3, 2020 | Roundtables - EN, Uncategorized
* تُنشر هذه المادة ضمن ملف صالون سوريا “الحرب على كورونا: معركة جديدة مصيرية للسوريين\ات“
خرجت ولم تعد، هذه الجملة ليست محاكاة لفيلم يحيى الفخراني الشهير في ثمانينات القرن الماضي، بل هذا توصيف دقيق لرحلة سراب خارج أبواب منزلها، الأبواب التي لطالما ظلت موصدة في وجه أحلامها الكبرى، أحلام على شاكلة العيش حرة، وحرةُ بالمفهوم المشرقي عامة تعني للمجتمع ضياعاً للأخلاق، أما من وجهة نظرها فتعني امتلاكها لمفاتيح الحياة كما تشاء هي، لا الآخرون.
الفتاة العشرينية ضاقت بها الحياة ذرعاً مع أسرة متحجرة خلف باب بيت لا يعلم حال من بداخله إلا سكانه، سكانه الكثر على قلتهم، وجود ماجد ـالأخ الأكبر لسراب– حول حياتها إلى جحيم، فالأخوة المتباعدون صاروا قريبين من بعضهم كما لم يحدث منذ أيام الطفولة. يوميات الحجر الأولى مرت ثقيلة ومشبعة بالقسوة، تلك القسوة التي يصطلح أنها نوع من التعنيف القائم على النوع الاجتماعي.
القصة بدأت حين استمع ماجد خلسة لمكالمة ليلية عاطفية بين سراب وحبيبها السري (أمام عائلتها على الأقل)؛ فهي تنتمي لبيئة متوسطة الحال والثقافة على حد سواء، مكالمة ما بعد منتصف الليل تركت في وجهها أثر لكمة أحاطت بعينها، لكمة غيرت معها مفاهيمها للحياة الأسرية الخانقة، ولاحقاً، وليومين متتاليين ظلت عرضة للإهانة والتقريع والشتم. تقول سراب عن تجربتها: “لستُ من أولئك الذين يقبلون الإهانة، أنا ممتلئة بالحرية، الحرية التي تجعلني أطابق المثل القائل: تموت الحرة ولا تأكل من ثدييها”. وتضيف: “لم يكن هناك خيار آخر، لا بد من ترك المنزل ولو كان بطريقة الهرب”، كان ذلك في أواخر آذار، وبعد أقل من أسبوعين على بداية الحجر المقيت، على حد وصفها.
الفتاة الشامية الصغيرة تقطن عند صديقتها بعد الحادثة، لا أحد من أهلها يعرف أين هي، وهي ترجح أنهم أبلغوا الشرطة عما يبدو أنه حادثة اختفاء، وهي لا تبالي، فأثر اللكمة آلم روحها، لا جسدها، الحب ليس جريمة واكتشافها لمدى العنف المحتمل لدى ماجد جعلها تُعيد حساباتها بكل ما يتعلق بالأسرة ومفهومها، على حد تعبيرها.
التعارف الأسري
لا يمكن القول أن البيئة السورية الاجتماعية متمازجة ومتصالحة مع نفسها، وليس المكان هنا ملائماً للخوض بما فرضته الحرب من تغيرات اجتماعية طرأت على يوميات الأسر السورية، وليس من اللائق إرجاع الأمر لتبدل الظروف المعيشية عامة، فالأمر برمته يتعلق بالأمزجة التي طفت على السطح بكل وضوح، لتفرض معها تبايناً غير مدروس وأقله غير صحي في بيئة غير سوية.
ليست المشكلة في الأسرة بتكوينها المعرفي كنواة صغرى لبيئة كبرى، إنما المشكلة بالتباين الواقع بين أسرة وأخرى، الأمر الذي زاده الحظر وضوحاً، فبدل أن ينشغل أفراد الأسرة بيومياتهم المتعبة في الخارج، صاروا –حرفياً– منشغلين بيوميات بعضهم داخل المنزل، الأمر لا يبدأ بانتقاد الطعام، ولا ينتهي بمواعيد الاستحمام، مع المرور على الشكل والأسلوب والحديث وساعات النوم؛ فتجد الأب قد اكتشف فجأة أن ابنه ينام كثيراً، ويستيقظ في الظهيرة مثلاً، وهنا أحالت القاعدة كل الموجودين إلى متقاعدين بلا عمل بحكم الضرورة، ما يحيلنا إلى النكتة العربية التي صارت عرفاً، بأن الأب يصعب عليه أن يجد أحداً بلا عمل في المنزل؛ فعلى الجميع أن يعمل كخلية نحل في إصلاح أي شيء معطل، كل شيء، بدءا من الأشياء التي لا تعمل، وانتهاء بالأشياء التي تعمل، على طرافة الموقف، ولكنه ولد ضيقاً، يوماً بعد يوم صار غير محمول، يقول مازن (مهندس زراعي): “لا يعقل أن يوقظني أبي في السادسة صباحاً لأصلح معه سماعة الاستحمام، هي تعمل أصلاً، مشكلته أنها توزع الماء بشكل دائري، وهو يريده مخروطي، يعتقد أنني مصممها الأساسي، حقيقة لا توجد مشكلة في الحمام، المشكلة فقط أنه لم يهن عليه أني نائم بلا عمل”.
اكتشاف الذات
انطلاقاً من المقولة “تسعة أعشار العافية اعتزال الناس”، كان اكتشاف الناس لذواتهم، فالحظر فرصة جدية للغاية لجلوس الناس مع أنفسهم، في محاولة لمراجعة سير حياتهم في سنين مضت، بل وربما التركيز على اتخاذ قرارات لطالما كانت مؤجلة، وربما مستبعدة.
وحتى أنها فرصة جوهرية لاكتشاف الآخرين من أهلهم، الآخرون وهم المبعدون عن بعضهم قسراً بحكم ضراوة ظرف الحياة في الخارج، إذ فجأة تجد نفسك أمام أخ جديد، أخت جديدة، أب وأم غيرتهما سنون الحياة الأخيرة.
وليد أصابه الذهول حين رأى رسومات أخته هبة، لم يكن يعرف مسبقاً أن عاماً واحداً صقل موهبة أخته وجعل منها رسامة جميلة، يقول وليد: “آخر ما توقعته أن أرى رسوماً بهذا الجمال”، ويضيف :”منذ أشهر ربما لم أدخل غرفة هبة، لم نكن نلتقي أساساً، فطبيعة عملي تحتم عليّ العودة متأخراً للمنزل، والمغادرة باكراً، صدمت بحق بما أصبحت تصنعه، صارت غرفتها أقرب لمعرض احترافي”. وعن ذهوله يكمل: “حقيقة صدمني مظهر الغرفة واللوحات المعلقة فيها، أنا فخور جداً بما تعمل، وسعيد أكثر أنه صار هناك متسع من الوقت لأجالسها وأسمع منها عن هواجسها بالفن الذي ظل مستتراً داخل عقلها في كل هذي السنين من الاغتراب الذاتي عن أنفسنا”.
يوميات الحب حازت على نصيبها أيضاً، ليس في السلبية فقط، بل بالجانب الإيجابي أيضاً، لميرا قصتها مع الحب، قصتها التي أرادت بكل ثقة أن تبوح بها، ربما كان وضع الأسرة الاجتماعي لاعباً أساسياً في تكوين فكرة المكاشفة، فهي تريد أن تكون حقيقية مع أهلها، بل أن الحظر واشتياقها لحبيبها الذي لم تعد تراه شجعاها لإخبار أهلها، تقول: “انتظرت اجتماع المساء أمام التلفاز لأظفر باهتمام الجميع، وأخبرتهم عن رائد، حبيبي للعام الثاني على التوالي، صارحتهم بكل شيء، وكنت أثق منذ البداية أنهم أكثر انفتاحاً من رفض الأمر، أخبرتهم عن علاقتنا وعن نيته خطوبتي وعن كل شيء يتعلق به”. ردة فعل العائلة كانت هادئة ومتقبلة للموقف، بل وقرروا التعرف عليه، وأكثر من ذلك، خرقوا الحظر به، فصار زائرهم الوحيد في يوميات الحظر الطويلة، لأكثر من أسبوعين على التوالي، حتى اليوم، وكذا تحول اللقاء من المطاعم والمقاهي إلى داخل المنزل الممتلئ بأهله، وبذا كانت ميرا محظوظة، على خلاف معظم بنات جيلها، البنات المكبلات بأهلهن وأسوار منازلهن، داخل الحظر وخارجه.
اختلافات عقائدية
من الترف في مكان الحديث عن التموضع السياسي بعد عشرة أعوام من الحرب، فالمواقف حقيقة قد حسمت منذ عام الصراع الأول، ولكن الانفتاح السياسي الفردي أقله جعل من السوري أكثر قدرة على الانتقاد وإبداء الرأي، وكما في كل أسرة هناك مواقف عديدة حيال كل الأمور الحياتية، وكذا السياسية، فسمير استفاق فجأة على اعتراضه أن أخاه مؤيد شيوعي، سمير لا يحب الشيوعيين، يقول مؤيد: “أخي لا يحب الشيوعيين، وليس لديه سبب، وربما لا يعرف عنهم شيئاً، لكنه لا يحبهم فقط”. الخلاف سرعان ما تطور بين الشقيقين ليتحول إلى عراك يقض مضجع المنزل بأسره، فسمير الذي لم يحسم موقفه الحزبي رغم بلوغه عامه الثلاثين، إلا أنه صار أكثر امتعاضاً من تقبل آراء أخيه الانتقادية حيال عمل الحكومة السورية، بل راح يخونه غير مرة، موعزاً كثرة الانتقاد لتدبيرات خارجية تلوث عقول الشباب. وهو ما يرفضه مؤيد بالمطلق، والمهم بالأمر أن الشقيقين على شفا حفرة من فراق ايديولوجي غير مفهوم المعالم قد يحيل علاقتهما المبينة على وحدة الدم إلى نزف الدماء، ذلك حقيقةً ما توقف عن الحصول بين السوريين منذ سنوات طويلة.
الطلاق، أبغض الحلال
“لن أكمل معه يوما واحداً، إنه نزق ومتهور وغير محتمل”، تقول هيام عن زوجها، وتكمل: “لولا الحظر ولولا أن المحاكم مغلقة لخلعته حالاً دون تردد، أنا انتظر افتتاح المحاكم أريد الطلاق”. وترفض هيام أن تعلل سلوك زوجها بظرف الحجر الذي يؤثر نفسياً على الجميع، بل ترى أن حياتهما معاً صارت ضرباً من جنون، وتشكر الحجر الذي أتاح لها فرصة التفكير الملي في قرار الابتعاد.
تقول: “كانت حياتنا لا بأس بها، بالكاد نلتقي بالليل بحكم عمله الطويل خارج المنزل، وأنا كنت مشغولة طوال الوقت بحكم عملي كمُدرسة، أما الآن فقد اتضح كل شيء، لا يمكن أن نكمل سوياً في كل هذا التباين اليومي بالتصرفات”. قصة هيام التي تنتظر طلاقها تشبه قصص عشرات السوريين، ولكن الجيد في قصتها أن زوجها مقتنع أيضاً بالطلاق، فهو الآخر اكتشف استحالة استمرار حياتهما الزوجية معاً، رغم أنه لم يمض إلا عام على زواجهما.
الحظر الذي ألزمنا منازلنا جعلنا عراة أمام أنفسنا، جعلنا نعيش في مساحة لولبية تخلق داخلنا أفكاراً لطالما ظلت مستترة خلف حجاب اللاوعي، جعلتنا أكثر قرباً من أرواحنا، أكثر إدراكاً لأحلامنا، أقل تقبلاً لواقعنا، وأكثر تمسكاً بما نريد.
داخل كل أسرة سوريّة هناك حكاية فريدة، لا أحد سعيد بالمطلق، الجميع بدأ يكتئب ولو بدرجات، هذا ما ستلحظه من حديثك مع كثر، إلا أن ما يعول عليه هو القادم بعد الخروج من المنزل والعودة للحياة الطبيعية، فهل ستعود الحياة على شاكلة الفيلم الايطالي “perfect strangers”، الذي يتحدث عن سبعة أصدقاء قدامى متزوجين، يجتمعون ويذهبون لتناول العشاء، وهناك يقررون فجأة بأنهم سيتشاركون جميعاً في محتويات الرسائل البريدية والمكالمات، بحيث تصبح جميعها متاحة أمام بعضهم البعض، لكن هذا يجعل النقاب يسقط عن الكثير من الأسرار، لتتحول الأمسية إلى عراك وخيانات وخلافات وخسارات، لنجد في نهاية الفيلم حين نزول الجميع من منزل المضيف، اقتراب كل زوجين من بعض وسيرهم معاً متناسين كل ما حصل تماماً، مخططين لموعد السهرة القادم.
by Basileus Zeno | Apr 29, 2020 | Uncategorized
جدل بين لاجئين سوريين حول “الحلم الأمريكي” في زمن الكورونا
قبل أيام، في إحدى المجموعات المهمة المعنية بموضوع اللجوء والهجرة، وجّه أحد الأعضاء في الصفحة “شكراً لأمريكا” بسبب تحويل مبلغ له ولعائلته ضمن حزمة المساعدات الحكومية للمؤهلين خلال أزمة فيروس كورونا حيث حصل وشريكته على مبلغ 2900$، تتضمن 2400$ للزوجين ($1200 للفرد)، و$500 لطفلتهما أمريكية المولد. وتابع قائلاً، رغم أنه ليس مواطناً أمريكياً إلا أنّ أمريكا استقبلته وعائلته ودعمتهم مادياً مثل أي مواطن أمريكي ودون تمييز وقت الأزمة.
عند هذا الحد، يبدو التعليق عادياً، وخاصة وأننا نعيش في أزمة اقتصادية وصحية كارثية وأي مساعدة قد تحل أزمة آنية. لكنّ التعليقات على بوست المشارك أغرقت في المديح والتطنيب وتضخيم الإيجابيات لتشطح إلى تجميل حتى أسوأ أشكال الظلم والاستغلال، بما فيه شكر المستشفيات والجامعات التي زعم بعض المعلقين أنها مفتوحة بكل إنسانية للجميع في الولايات المتحدة!
ولم تتوانى العديد من الردود، التي كانت تسخر من التجارب السيئة والمُذلة للسوريين في الخليج وسورية على سبيل المقارنة، عن تصدير أوهام ورسم صور وردية لا أساس لها من الصحة، ولم تخلو المشاركات من إبراز النزعة الطبقية الفوقية والأنانية التي تختزل أثر بنى الاستغلال والعنصرية بتجربة فردية معزولة تُسوّق على أنها ناجحة، حيث يُقارن فيها الفرد مدى سوء أحواله القانونية والاقتصادية في الخليج، وسابقاً في سوريا، ومدى تحسنها وتطورها بعد فترة قصيرة من وصوله.
هذا الشكل من الخطاب النيوليبرالي السائد بين العديد من المهاجرين واللاجئين السوريين في الولايات المتحدة، خاصة من أبناء الطبقة الوسطى وميسوري الحال كما لاحظته خلال بحثي الميداني ومقابلاتي التي أجريتها لأطروحتي الدكتوراه، يتملّص من أي حس بالمسؤولية الجماعية والتضامن مع المُستغلين والمهمشين، ويلوم الفقراء على فقرهم وكأنهم عالات على المجتمع لا يبذلون جهدا ًكافياً للخروج من الثقب الأسود الذي ولدوا فيه أو انتهوا إليه لأنّ كل شيء ممكن في أمريكا وأوروبا، كما لا تفوتهم فرصة دون شتم اليسار والاشتراكية في ردة فعل على خطاب النظام السوري “النيوليبرالي” والممانعة!
يعكس هذا الخطاب قوة الإيديولوجية النيوليبرالية وقدرتها على إعادة إنتاج للذوات الضامنة لاستمرارها من ناحية، ومن ناحيةٍ أخرى يُظهر مدى انعزال بعض المهاجرين واللاجئين السوريين، الذين غادروا مع عائلاتهم من سورية أو كانوا أصلاً مغتربين في بلدان أخرى (خاصة في دول الخليج) واختاروا اللجوء إلى بلدانٍ أفضل لغاية الحصول على الجنسية، عمن تبقى من السوريين ضمن البلد يصارعون البقاء؛ ويؤيد العديد من هؤلاء استمرار الحرب العبثية ولا يُخفون احتقارهم لمن لا يثورون ضد النظام في هذه الظروف، كما يدعمون فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية رغم عدم نجاعتها في إسقاط أي نظام وآثارها الكارثية على الناس العاديين.
لهذا الخطاب أثران سلبيان على الأقل
الأثر الأول، إحباط المتابعين للصفحة، وهم بالآلاف، والعديد منهم سوريون يعتمدون على هذه الصفحات المتخصصة كمصدر للمعلومات ومشاركة التجارب وينتظرون فرصة لم الشمل بأحبتهم المقيمين في الولايات المتحدة أو غيرها، وهم في انتظار مؤلم لمرحلة انتهاء معالجة أوراق لمّ الشمل. كما يوجد العديد من الأعضاء الذين مازالوا محاصرين في سوريا ويحلمون بمغادرة جحيم الحياة هناك، ولم يستطيعوا ذلك لأسبابٍ تتعلق بالفقر أو الخدمة العسكرية أو الخوف من خسارة الممتلكات أو السن أو الإصابة، بالإضافة إلى الملايين ممن علقوا في دول الجوار يعيشون خوفاً وجودياً من الترحيل أو العنصرية، سيما في لبنان وتركيا، والتي أدت إلى تفشي ظاهرة العمالة الرخيصة المستغّلة ودفعت البعض إلى الانتحار أو التعرَض للقتل.
الأثر الثاني، يساهم هذا الخطاب، بتغذية الخطاب النيوليبرالي الرسمي هنا، والذي يقوم على تهميش دور البنية والقاعدة الاقتصادية ونمط الإنتاج وعلاقات الاستغلال غير المحدودة في إنتاج شروط حياة الناس وهيكلتها، كما يتغاضى عن الهيمنة التاريخية للبيض وتحكمهم حتى بالهندسة الديمغرافية لأصوات الناخبين عبر نسج شبكة من القوانين التي تضمن إعادة إنتاج النظام إلى جانب إيديولوجيته: “الحلم الأمريكي.”
يحلو لهؤلاء ترديد أنّ “أوباما أسود” كدليلهم على المساواة أمام القانون الأمريكي وأنّ كل شيء ممكن هنا للمجتهدين، وخلال أحاديثهم قد يشرحون لك بفخر أنهم لا يسكنون في “أماكن قذرة” أو “خطرة” كما سمعت مراراً، وكأنّ مجرد وجود سكان سود في المنطقة (X) هو سببٌ مباشر لانتشار الفقر وسوء الخدمات وتدني مستوى المدارس، والأسوأ أنّ بعضهم مازال يشير إليهم بوصفهم “زنوجاً” (Nigger) وقد يدعوك لأكل حلوى “رأس العبد”.
المؤسف أنّ العديد من الكتابات الأكاديمية التي تتناول اللاجئين تساهم بنزع أنسنتهم عبر الإفراط بأنسنتهم، فبالكاد تجد مثلاً كتابات تصور النزاعات بين اللاجئين أنفسهم، من حيث التمييز الطبقي أو الطائفي أو الجندري أو الديني أو العرقي. على العكس، نجد مثلاً في الحالة السورية، كتلة متماسكة لا ملامح لها من اللاجئين والنازحين السوريين، “جميعهم” هربوا من جرائم النظام وتجمعهم قضية عادلة ومأساة المنفى وخسارة الوطن والحلم المسروق.
لولا أني أعيش في أمريكا منذ 8 سنوات، أمضيتها في الجامعات بين أوهايو وماساتشوستس، وتنقلت في العديد من الولايات، لظننت من قراءة المديح بالنظام الأمريكي العادل أني أعيش في “حلم أمريكي”. مما لا شكّ فيه أنّ أمريكا تحتوي العديد من المزايا الإيجابية التي تتيح للفرد استثمار طاقته وخبرته وتدعم البحث والتطور العلمي، وتجربتي الشخصية إيجابية في هذا المجال، عدا عن فرص العمل الواسعة بالمقارنة مع غيرها من الدول والدعم والنقد البنّاء، بالإضافة إلى المبادرات المنظمة العديدة التي تقاوم الممارسات والقوانين العنصرية وتعمل دون كللٍ لتحسين حقوق الإنسان دون تمييز مستفيدة من هامش الحرية الكبير، ولكن للأسف يتم تصوير واقعٍ مثالي مختلفٍ يستند إلى مبالغاتٍ ومعطيات غير دقيقة.
قد تبدو بعض المعلومات التي سأطرحها في هذا المقال بديهية بالنسبة للأمريكيين وغير الأمريكيين المقيمين فيها، إلا أني ارتأيت توضيحها لقراء اللغة العربية من موقع المسؤولية وخاصة تجاه الباحثين بيأس عن خلاص من أوضاعهم في سوريا ومناطق اللجوء والنزوح المجاورة وهم يسمعون رواياتٍ وردية زائفة تشبه روايات المجرمين من المهربين الذين كانوا يعدون الهاربين على السواحل التركية بيختٍ سياحي وبضعة ركاب قبل زجهم في قارب تتوقف نجاة ركابه المحشورين كالسردين على الصدفة، وهو في طريقه إلى “الجنة الموعودة” عبر اليونان. لن أتناول في هذا الرد مسألة احتلال العراق وتحطيمه ولا القواعد العسكرية وانتهاكات القوانين الدولية ولا العقوبات الاقتصادية التي تدمر حياة الناس العاديين، ولا تؤثر بأية أنظمة، ولا مسألة دعم أنظمة عنصرية ومحافظة بمساعدات وأسلحة (كتلك التي تفتك باليمنيين)، ولن أناقش محاولة إزالة الفلسطينيين المحاصرين من الوجود وإرغامهم على الاستسلام في “صفقة العصر”، فقد باتت هذه المسائل للأسف مجرد قضايا ثانوية وخطاباً متخشباً، بل أصبحت هذه الإجراءات مرحباً بها علنا ًمن قبل البعض طالما أنها تؤذي “أعداء الثورة” أو “الأنظمة الدكتاتورية” أو “ميليشيات الطوائف الأخرى”.
معطيات من “الكابوس الأمريكي”
أولاً، بالنسبة للمبلغ فهو يُصرف لمرة واحدة للذين تنطبق عليهم الشروط وحسب، وقد يبدو للمقيمين خارج الولايات المتحدة الأمريكية أنه مبلغ كبير، لكن القدرة الشرائية لهذا المبلغ لا تكفيك كعائلة لأكثر من شهر ونصف، وحسب المنطقة التي تسكن فيها (أجرة شقتي مثلاً 1560$ في الشهر دون الفواتير)؛ كما أنه ليس “منحة كريمة” من حق الجميع كما تمّ الزعم، وإنما لدافعي الضرائب حصراً، وينبغي أن يكون الدخل السنوي للمؤهل تحت عتبة محدّدة، وكأنّ فيروس الكورونا يُميّز بين دافع ضرائب ومواطن ومهاجر “غير شرعي”. وبالمناسبة، لا يمكن للرأسماليين أن يُفوتوا فرصة تفوتهم دون العيش كعلقات تمتص الثروة على حساب الموت والكوارث، فقد صاغ الجمهوريون ثغرة قانونية مكنت نحو 43000 ألف مليونيراً مسكيناً ممن دخله يزيد عن مليون دولار سنوياً من الحصول على 1.7 مليون دولار مساعدة، أي أنّ ما يعادل 82٪ من الفوائد المالية لهذه المنحة ستكون لصالح الأغنياء.
ثانياً، قد لا يعلم معظم المقيمين خارج الولايات المتحدة، أو من ينعمون بحياة أسهل في ظل أنظمة الرفاه الاجتماعي، أنّ الجامعات والمشافي “غير مجانية” في أمريكا، وهناك سيطرة مافيوية من قبل “البيغ فارما” وشركات التأمين على القطاع الصحي وأسعار الأدوية الجنونية (مثلاً سعر جرعة الأنسولين في كندا $25، بينما نفسها في أمريكا حوالي$300 بعد أن كانت حوالي $100 قبل عشر سنوات)، بفعل سيطرة اللوبيات على العديد من أعضاء الكونغرس ودور الشركات الكبرى في صياغة بعض القوانين التي تعود بالأرباح على الشركات الخاصة،(من ضمنها أيضاً مؤسسات السلاح والشركات الأمنية الخاصة التي تكسب من خلال عقود لسجن الموقوفين في سجون خاصة)، عبر جهود جيوش من المحامين الذين يعملون بالتنسيق مع أعضاء في مجلس الكونغرس والشيوخ لضمان قوننة مصالحهم وحمايتها.
تكمن المفارقة أن ما يُطلق عليه في التقارير الحكومية ومنظمات الشفافية بأنه “رشوة” عند ممارساتها في دول العالم الجنوبي، يطلق عليه هنا اسم “لوبي” أو جماعات المصالح Interest Groups، وهي رشوة أيضاً لكنها ممأسسة. هذه الشركات الربحية التي انتعشت كالفطور، خاصة بعد سلسلة من القوانين النيوليبرالية في عهد رونالد ريغان، باتت جزءاً أساسياً من الأزمة التي نعيشها اليوم، والتي تفاقمت إثر أكثر من 40 عاماً من سياسات منهجية استهدفت تجفيف القطاعات العامة من مواردها، وإعفاء الشركات الكبرى من الضرائب، فأمازون مثلاً دفعت مبلغ صفر دولار كضرائب فيدرالية في العام 2018، في حين حققت أرباحاً وصلت إلى 11.7 بليون دولار.
على صعيد الاستثمار في القطاع الصحي والطوارئ، كان ترامب على سبيل المثال، لا الحصر، قد أمر بسحب مبلغ 271 مليون دولار من قطاعات فدرالية، من ضمنها مبلغ 155 مليون دولار من صندوق الإغاثة من الكوارث التابع للوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ، وذلك بهدف تمويل مراكز اعتقال تسمح باحتجاز 50 ألف مهاجر وطالب اللجوء.
أمريكا هي البلد الصناعي الديمقراطي المتقدم الوحيد الذي لايوفر لمواطنيه تأميناً شاملاً باعتباره حقا ًمن حقوق الإنسان (وكان هذا المحور الأساسي في نشاط المرشح الاشتراكي الديمقراطي بيرني ساندرز وحملته الانتخابية التي أوقفها بسبب نجاح تحالف الديمقراطيين الرأسماليين في مؤسسة الحزب الديمقراطي ودعمهم لترشيح جو بايدن للحفاظ على النظام القائم). كما لا توجد إجازة مرضية مدفوعة مكفولة من الدولة، حتى في أوج الأزمة، وإنما الموضوع متروك حسب رغبة صاحب الشركة وعقد العامل أو منصبه. مؤخراً تظاهر عشرات العمال في شركة أمازون العملاقة في نيويورك وديترويت وشيكاغو وخرجوا من أماكن العمل معترضين على إهمال توفير الشروط الصحية وعدم منح إجازة مرضية او اختبارات لفيروس الكورونا، وتسبب تسريب حول فضيحة فصل أحد العمال من نيويورك، بسبب اعتراضه على سلوك الشركة الرافض لتحسين الشروط الصحية في المراكز أو توفير اختبارات للعمال حينها، إلى إحراج الشركة، حيث أظهر التسريب اجتماع مجلس الإدارة بحضور جيف بيزوس ودرسوا كيفية تشويه سمعة العامل العاق لمحاربة حراك النقابات المطالبة بتحسين ظروف العمال.
أما على صعيد قطاعي التعليم والصحة “الإنسانيين”، بحسب وصف بعض المعلقّين السوريين، فإنّ معظم الأمريكيين غارقين في الديون للجامعات والمستشفيات، ولم تبقى غير مدارس الأطفال لم تتم خصخصتها بالكامل، مع وجود مشروع لذلك. تُقدّر الإحصاءات عدد الأمريكيين المديونين بسبب قروض الدراسة الجامعية بـ45 مليون أمريكي، كما يموت على الأقل 45000 ألف أمريكي سنوياً بسبب عدم قدرتهم على شراء تأمين صحي. ولطرح مثال حول كارثية النظام الصحي ووحشيته تجاه الفقراء، خاصة في ظروف انتشار وباء الكورونا، تُقدّر فاتورة تكلفة العلاج في المستشفى لمن ليس لديه تأمين بين $42,486 – $74,310 وقد تدفع نفس الفاتورة كذلك إذا اعتبرت شركة تأمينك المستشفى الذي عالجك خارج نطاق شبكتها، وستتدفع الآلاف من الدولارات كجزء من فاتورة محتملة تقدّر بين 21,936$ – 38,755$ حتى لو تمت معالجتك من قبل مزودي خدمة صحية ضمن نطاق الشبكة (موضوع التأمين معقد، ولكن لا يتاح للطبقة العاملة والوسطى تأمين لا يُدفعهم أي مبلغ من جيوبهم الخاصة).
ماذا عن القانون وقوة المؤسسات والعدالة؟ بالنسبة لموضوع أنّ الجميع متساوين أمام القانون، هذا صحيح نسبياً لكنه غير دقيق ولا يأخذ بعين الاعتبار تحيّز القانون ضد السود، ويتجاهل أن الولايات المتحدة تحوي أكبر عدد معتقلين بالنسبة لعدد السكان والمساحة في العالم متفوقة على الصين والهند وروسيا والفليبين، بحيث لو جمع الـ 2.2 مليون معتقل بالغ في مدينة لكانوا ضمن سكان أكبر عشر مدن في الولايات المتحدة. العديد من القوانين سُنّت أساساً لاستهداف السود واللاتينيين، بما فيها “تجريم” الماريغوانا لعقود طويلة، وإبقائهم في ظروف فقر من حيث الخدمات بحيث لا تتوافر لديهم فرص تؤهلهم لارتقاء السلم الاجتماعي وتحسين أوضاعهم الاقتصادية سوى التجارة “غير الشرعية” و “غير المرخصة”. كما تحمي العديد من القوانين رجال الشرطة من المحاسبة حتى عند ارتكابهم جرائم قتل، غير مبررة وموثقة، بحق مواطنين سود مما أدى تفجر حركات احتجاج من حين لآخر أثمرت عن تشكيل حراك قاعدي قوي عام 2013 بات يُعرف بـBlack Lives Matter أو (حياة السود مهمة). وربما أحد أسوأ أشكال نظام العدالة الأمريكية الذي يعكس تحيزا ًطبقياً وعنصرياً يتمثل بنظام الكفالة الربحي “Bail system”، حيث يُتيح هذا النظام للمتهمين الأغنياء (معظمهم بيض) إمضاء فترة ما قبل المحاكمة، التي قد تصل لسنوات، خارج السجن وفي منتجعاتهم، في حين لا يستطيع المتهم الأسود أو اللاتيني، حتى وإن كان متهماً ظلماً، أو عائلته في معظم الحالات من تحمل نفقات خروجه من السجن، ويُعامل معاملة السجين بما فيها العمل لإنتاج مواد لصالح الشركات الربحية التي تتعاقد مع السجون فيما يُعتبر من قبل العديد من الباحثين استمراراً لنظام العبودية وعمل السُخرة، والذي من المفترض أنه قد ألغي بالتعديل الدستوري 13 )كان وثائقي (13) من أفضل ما أنتج حول عنف هذا النظام وعنصريته المؤسساتية(.
على صعيد الحياة اليومية للعائلات، تتفاوت تكاليف المعيشة والرواتب من مكان لآخر، ولكن معظم الرواتب لا تكفيك سوى لدفع الفواتير، دون إمكانية لحفظ مبالغ للطوارئ، وبسهولة يمكن أن تنتهي إلى الشارع في حالة خسرت عملك، وكنتَ مثلاً غير مؤهلا لفتات المساعدات التي لن تسمح لك حتى بدفع أجار بيتك، وعلى عكس الأوضاع في سوريا قبل الحرب، حيث كان من الممكن أن تستدين من أهلك أو أصدقائك وقت الحاجة أو أن تشتري بالدين من السمّان، جارك الصبور في الحي، لا يمكن لأحد تقريباً أن يساعد حتى أخوته في أمريكا. وإذا كان لديك ابن أو ابنة مثلاً دون سنّ المدرسة، فالتحدي الكبير أن تجد “Day Care” أو حضانة تعتني بهم أثناء دوامك، وحتى عندما تجد قد تدفع معظم راتبك وإلا خسرت عملك. على سبيل المثال أرخص مكان قريب من جامعتي، يُكلف حوالي 60 دولار باليوم، حضانة الجامعة عادةً أرخص بقليل لكنك ستنتظر سنوات قبل أن يأتي دورك، والوضع أسوأ في المدن الكبرى كنيويورك وسان فرانسيسكو. وعلى عكس معظم دول العالم، حتى الشمولية منها، لا توجد إجازة أمومة مكفولة بالقانون في أمريكا، ومعظم الأمهات تُجبرن على العودة مبكراً بعد أسبوعين للعمل، والعديد منهن يخسرن وظائفهن ويُطردن أو يعملن وظيفتين أو ثلاث لتأمين الحد الأدنى من المعيشة، ويتفاوت سوء الوضع إن كنتِ أماً من أقليات (سود، لاتينيين..) أو بيضاء.
أما جغرافياً، فجميع المناطق في الولايات المتحدة مقسمة بحسب أرقام (Zip Code) تعكس ضمنياً فوارق طبقية وعنصرية مترسخة تاريخياً في بنية النظام، مصير حياتك فعلياً متوقف عليه، من حيث جودة المدارس المتاحة لأطفالك إلى الأمان وحتى الفوائد على أقساط البيت أو السيارة. يجب أخذ هذه العوامل جميعاً بعين الاعتبار لتحليل أسباب ارتفاع أعداد ضحايا الكورونا فايروس بين الأمريكيين السود بالمقارنة مع البيض بسبب عدم المساواة العنصرية الأساس، حيث لا يمتلك معظمهم ترف العمل من المنزل ومضطرين للعمل في قطاع الخدمات التي تعتبر أساسية، وأغلبيتهم لا يمتلكون سيارات خاصة أو منازل مستقلة مما يجعل فرص “التباعد الاجتماعي” أمراً مستحيلاً ورفاهية غير ممكنة لأغلبهم وليس لأنهم “جهلة” أو لا يتمتعون “بحس المسؤولية” تجاه مجتمعاتهم وبلادهم، كما يُروّج البعض.
خاتمة
أقرأ من حينٍ إلى آخر مقالاتٍ أو تعليقات على الفيس بوك وتويتر يكتبها كُتاب عرب مقيمين في الدول الأوروبية يُصدرون فيها تعميمات، لا تستند إلا على معرفة وتجربة محلية، حول جميع الأنظمة الديمقراطية بوصفها نقيضاً جوهرانياً لكتلة أخرى هي الأنظمة الشمولية، وتستهجن الهوس والمبالغة في مسألة الهويات والثقافوية عند تحليل الأوضاع في الولايات المتحدة الأمريكية مما يُنم عن مدى الانفصال عن واقع الحياة في الولايات المتحدة المنتظمة على أساس العلاقة العضوية بين الرأسمالية والعنصرية والمسيحية الإيفانجليكية. كما يتشارك مع هؤلاء ليبراليون يغضون النظر عن كافة أشكال التمييز والاستغلال والعنصرية البنيوية والمؤسساتية ويركزون وحسب على صندوق الانتخاب (وليس القوى القامعة “قانونياً” لأصوات الناخبين غير المرغوب بهم أو الناشطين الديمقراطيين) نكاية بأي نقد قد يبدو لهم “اشتراكياً” أو “يسارياً”، حتى ولو كانوا يُجملون أوضاعهم الاقتصادية المزرية. فلا يجد بعضهم مثلاً تناقضاً بين مزاعم المساواة المطلقة وعدم التمييز العنصري وقانون حظر السفر، ذي الدوافع العنصرية المعلنة، والذي تم تعديل لغة نسخه الثلاث، لتوافق عليه المحكمة الدستورية العليا، التي نعرف سلفاً حكمها لأنها تعكس الانقسامات الحزبية (الجمهوري- الديمقراطي)، فأصبح القانون مغلفاُ بقالب “حماية الأمن الوطني” وأنه من “صلاحيات” السلطة التنفيذية إقرار قوانين ترتأي أنها لصالح الأمة. كما يعيش العديد من المعلقّين، باعتبارهم طالبي لجوء أو مهاجرين، في حالة إنكار لمدى سوء نظام اللجوء في أمريكا الذي حرم آلاف العائلات من لمّ الشمل عبر مماطلات إدارية مقصودة لسنوات دون تفسير، وحرمان طالبي اللجوء من حق حصول القرار على طلباتهم بعد المقابلات التي قد تصل إلى ثلاث مقابلات يفصل بينها سنوات، كما تصل مدة الانتظار في العديد من الحالات إلى ست سنوات، وقد تنتهي بالرفض أو التحويل للمحكمة في انتظار جديد لسنوات طويلة وإضافة تكاليف باهظة للمحاميين.
بعد ذكر بعض هذه المعلومات على نحوٍ مختصر في معرض ردي على أصحاب “الحلم الأمريكي” وأعداء “الاشتراكية” لتوضيح أنّ هذا التجميل لأفظع أشكال الاستغلال الرأسمالي تزوير علني لحقائق الحياة هنا ويُعطي صورة مغلوطة عن أوضاع السوريين وغيرهم في الولايات المتحدة، هُوجمت من قبل عدد كبير من المعلّقين. معظم التعليقات تجنبت طرح أي معلومة مفيدة، وإنما اقتصرت على فكرة أنّ “أمريكا عظيمة”، في خطابٍ يشبه خطاب ترامب، وأنّ وضع فلان كان في الخليج غير مستقر، وآخر أصبح صاحب شركة هنا، ووبخني أحدهم قائلاً “إذا لم يعجبك الوضع ارجع إلى بلدك” مختصراً الردود الناقدة بأنها مجرد “نق”، وأنه على الأقل أستطيع كتابة هذا الكلام من قلب “الإمبريالية” دون خوف. يُخيل لي أنه لا يوجد تمييز بين “النقد” و “النق” [التذمر] رغم وجود حرف الدال في آخر الكلمة في لغتنا العربية، ربما من قلة الاستخدام وكثرة القامعين.
في سوريا كان يُقال لنا إذا لم يُعجبكم وضع الفساد والمحسوبيات العلنية والذل اليومي “اطلعوا من البلد”، وبعد انتفاضة عام 2011 أصبح التضييق على المنتقدين تهجيراً، أو اعتقالاً، أو قتلاً سياسة منهجية للنظام، ولدى العديد من الثائرين عليه على حدّ سواء. وفي الولايات المتحدة، يكفي مجرد نقد نشر معلومات كاذبة أو غير دقيقة، مع افتراض حسن النية، والسعي مع المُستَغلّين لبناء عالمٍ أكثر عدلاً ومساواة للجميع، إلى أن يجعلك عرضة لتقريع من العنصريين البيض وبعض السوريين على حدّ سواء صارخين في وجهك “ارجع إلى بلدك،” التي لم أعد أعرفها.
خلال سبع سنوات من الدراسة في الولايات المتحدة، وحالياً لدي ٥١ طالب وطالبة رائعون في صف “مدخل إلى السياسات المقارنة”، حيث ننتقد ونقارن ونحلل بين طبيعة الأنظمة والاقتصاد السياسي والفجوة الطبقية والعنصرية المتزايدة، لم يقل لي أحدهم “عد إلى بلدك” فبلدي أًصبح صفي وطلابي وزملائي.
[يُعاد نشر هذا النص بالتعاون والشراكة بين موقع “حكاية ما انحكت” مع «جدلية»]