«مرحلة العمليات العسكرية في سوريا انتهت»

«مرحلة العمليات العسكرية في سوريا انتهت»

قال المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، إن «لا خلافات استراتيجية» بين أميركا وروسيا في سوريا، وإنه حصل على «دعم صلب» من مجلس الأمن الدولي للمضي قدماً في مقاربته الجديدة «خطوة مقابل خطوة» بين الأطراف المعنية، لـ«تحديد خطوات تدريجية، ومتبادلة، وواقعية، ومحددة بدقة، وقابلة للتحقق منها، تُطبق بالتوازي» بين الأطراف المعنية بالأزمة السورية وصولاً إلى تطبيق القرار الدولي 2254.

وأضاف بيدرسن، أن ممثلي روسيا وأميركا أبلغوه أنهم «مستعدون للانخراط» في هذه المقاربة، لافتاً إلى وجود «جمود استراتيجي استمر لنحو سنتين، حيث لم تتغير الخطوط» في سوريا. وزاد «الأطراف الأساسية، أبلغوني أن مرحلة العمليات العسكرية انتهت، وأن لا طرف سيحتكر الخاتمة. وهناك شعور بضرورة اختبار شيء جديد». ووافق على القول، إن أميركا تخلت عن سياسة «تغيير النظام» وتسعى إلى «تغيير سلوك النظام».

وسئل عن إعلان وزير الخارجية السوري فيصل المقداد رفضه الاقتراح الجديد، فأجاب بيدرسن، بأنه سيكون «سعيداً كي أشرح بتفاصيل أكثر لدمشق، الخلفية الحقيقية لـخطوة مقابل خطوة، على أمل أن ننخرط أيضا بطريقة مناسبة، أيضاً مع هيئة التفاوض» المعارضة.

وقال المبعوث الأممي، إن «مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد) الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي تسيطر على ثلث سوريا ومعظم ثرواتها بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركا، ليست جزءاً من مسار جنيف؛ لأن هذه العملية تقوم بموجب القرار 2254 الذي «شمل مجموعات معارضة محددة، لكنها (مسد – قسد) لم تعدّ جزءاً من ذلك. ولا يزال هذا هو الواقع».

وأشار بيدرسن إلى أنه يجري مناقشات مع دمشق و«هيئة التفاوض» لترتيب عقد جولة جديدة لاجتماعات اللجنة الدستورية الشهر المقبل تعقبها جلسات في كل شهر، وأن أي تقدم في المسار الدستوري، سينعكس إيجاباً على خطة «خطوة مقابل خطوة» وردم عدم الثقة بين الأطراف المعنية.

وهنا نص الحديث الذي أجرته «الشرق الأوسط» عبر الهاتف إلى نيويورك مساء أول من أمس:

> قمت بجولة إقليمية ثم بروكسل ونيويورك لتقديم مقترحك «خطوة مقابل خطوة»، هل حصلت على دعم لمجلس الأمن لمقاربتك الجديدة؟

– أعتقد، هناك دعم قوي لمقاربتي «خطوة مقابل خطوة». كما تعرف، أجريت مشاورات في جنيف بدءاً من الروس ثم ممثلي دول أخرى في مجلس الأمن. من العدل، القول إنه من وجهة النظر في مجلس الأمن، هناك دعم لمبادرتي، أيضاً من اللاعبين الرئيسيين الآخرين، العرب والأوروبيون. يوم الاثنين، التقيت وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وهناك إجماع على دعم مقاربتي. التوقيت مناسب للمضي قدماً في هذه المقاربة، وما زال في مرحلة العصف الفكري حول الفكرة وسأعقد جولات إضافية من المشاورات.

> كيف تشرح المسار السياسي، للسوريين الذين يعانون منذ 11 سنة؟

– شرحت لمجلس الأمن بوضوح، الحالة الصعبة في سوريا: ضربات جوية، تبادل قصف، غياب الأمان، الألغام، الهجمات الإسرائيلية على اللاذقية. هناك موضوع سجن الحسكة وهجوم عناصر تابعين لـ«داعش». هناك أيضاً، الأزمة الاقتصادية وتعمقها حيث بات 14 مليون مدني يحتاجون إلى مساعدات إنسانية و12 مليون نازح نصفهم خارج البلاد.

يضاف إلى كل ذلك، هناك جمود استراتيجي استمر لنحو سنتين، لم تتغير الخطوط. والمحاورون الأساسيون أبلغوني أن مرحلة العمليات العسكرية انتهت، وأن لا طرف سيحتكر الخاتمة. وهناك شعور بضرورة تجربة شيء جديد.

وأمضيت وقتاً طويلاً لشرح هذا الموضوع مع دمشق والمعارضة والمنطقة والمحاورين الدوليين الرئيسين، وأشعر أن الوقت حان لاختبار مقاربة «خطوة مقابل خطوة».

> ما هو؟ هل ممكن شرح عناصره؟

– البدء بتحديد خطوات تدريجية، ومتبادلة، وواقعية، ومحددة بدقة، وقابلة للتحقق، تُطبق بالتوازي. ثم، مهم جداً، إنه عندما نقوم بذلك، أن نكون قادرين على الوصول إلى بيئة محايدة وهادئة للمضي قدماً في العملية الدستورية ثم انتخابات وفق القرار الدولي 2254.

> ما هي المجالات التي يمكن البدء بها؟

– لا أزال في مرحلة العصف الفكري، لكنها قد تشمل المعتقلين والمختطفين والمفقودين، المساعدات الإنسانية والتعافي المبكر والبناء على التقدم المحرز من خلال اعتماد قرار مجلس الأمن 2585، شروط العودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين، تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي انهارت بعد أكثر من عقد من الحرب والنزاع، والفساد، وسوء الإدارة، والأزمة المالية في لبنان، وجائحة «كوفيد – 19»، ترسيخ الهدوء في عموم سوريا وتحقيق الاستقرار، وهو بالتأكيد أمر أساسي، وفي الوقت ذاته التعاون في مكافحة الإرهاب، ثم يلي ذلك ما أطلق عليه القضايا الدبلوماسية. وموضوع سجن الحسكة، تذكير بضرورة التعاطي مع عملية ضد الإرهاب.

هناك سلة من الأمور، وفي حال تحركنا فيها، سينعكس ذلك على حياة السوريين. والأمل، أن نقيم بعض الثقة للعمل على تنفيذ القرار 2254.

> التقيت الروس والأميركيين في جنيف. ماذا قالوا؟ هل يدعمون فعلاً «خطوة مقابل خطوة»؟

– الأمر المهم، أنهم مستعدون للانخراط واختبار ومناقشة لتحديد ما إذا كان ممكناً تقديم بعض الأفكار للتحرك بشكل جماعي وموازٍ في بعض الخطوات.

> مثل ماذا؟

– في هذه المرحلة، سيكون من الخطأ التحدث علناً لأننا لا نزال في مرحلة العصف الفكري وسأقوم بجولات إضافية من المشاورات، وسأتابع المناقشات مع دمشق و«هيئة التفاوض» المعارضة.

> هل روسيا وأميركا مستعدتان للانخراط؟

– نعم، حقاً.

> في بروكسل التقيت الوزراء الأوروبيين، لكن علناً، هم قالوا إنهم مستعدون للانخراط تحت سقف الشروط الثلاثة (لا للمساهمة بالإعمار، لا لرفع العقوبات، لا للتطبيع قبل تحقيق تقدم سياسي). كيف يمكن لهم الانخراط بمقاربتك ضمن هذه الشروط؟

– حددت لك الفكرة وراء مقاربة «خطوة مقابل خطوة». في هذه المرحلة، هناك عدم ثقة عميق بين الأطراف الفاعلة، بين الأطراف السورية. لكن فقط عبر التحرك ببطء لتحديد الخطوات التي يمكن القيام بها ومعالجة المسائل التي ذكرتها لي. كل القضايا يجب أن يتم التعاطي معها في مرحلة ما. من الضروري التأكيد، استمرار الوضع ليس خياراً، ولا يمكن الاستمرار بهذا الوضع.

> لا يمكن تجاهل الأزمة الكبرى حالياً الخاصة بأوكرانيا. هناك توتر بين الروس من جهة والأميركيين والأوروبيين من جهة أخرى. هل يمكن التحرك بمقاربتك في سوريا في هذه الأجواء المتوترة حول أوكرانيا؟

– سأواصل مهمتي التسهيلية. كلامك صحيح، في حال لم تحل الأزمة في أوروبا دبلوماسياً، ستترك أثراً بمعنى أو آخر ليس فقط بالملف السوري، بل ملفات أخرى. أعتقد، أنها ستعقّد الأمور التي أعمل عليها. لكن دعني أضيف، أنه في الوقت نفسه يجب أن نذكّر أنفسنا، أن ما يخص سوريا، ليس هناك اختلافات استراتيجية بين أميركا وروسيا. هناك مصالح مشتركة بمحاربة الإرهاب، تحقيق الاستقرار. ولتحقيق الاستقرار، نحتاج إلى عملية سلام. آمل أن نصل إلى حل دبلوماسي للأزمة في أوروبا، بحيث يكون هناك أثر إيجابي في سوريا.

> وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، قال علناً إن الحكومة السورية ضد مقاربة «خطوة مقابل خطوة». هل هذا ما سمعت في الجلسات المغلقة أم سمعت شيئاً مختلفاً؟

– أجريت جولات عدة من المناقشات مع الحكومة السورية، وسأواصل المناقشات معها حول هذا الأمر. أعرف أن لديهم أسئلة عديدة، لكن أعرف أيضاً أن «هيئة التفاوض» المعارضة لديها أسئلة حول المقاربة الجديدة. سأكون سعيداً كي أشرح بتفاصيل أكثر لدمشق، الخلفية الحقيقة لـ«خطوة مقابل خطوة»، على أمل أن ننخرط أيضاً بطريقة مناسبة، أيضاً مع «هيئة التفاوض».

> بعض المحللين والمراقبين قالوا إن «خطوة مقابل خطوة»، ليست جزءاً من مهمتك لتطبيق 2254، وإنك تطرح أموراً خارج صلاحياتك. ما قولك؟

– هذا سوء فهم جدي. الأمور المطروحة هي جزء من القرار 2254. القضايا التي ذكرتها هي جزء أساسي من القرار. أيضاً، بناء الثقة للمضي قدماً أمر ضروري. لذلك؛ إنني سعيد جداً أننا حصلنا على دعم صلب من مجلس الأمن الذي أقر 2254. لا أحد يرى أي تناقض بين هذه المقاربة والقرار 2254، بل بالعكس، هي ستساعدني للمضي قدماً في مهمتنا لتنفيذ 2254.

> ماذا تقول للسوريين النازحين واللاجئين والفقراء الذي يعانون؟ كثيرون فقدوا أي أمل أو إيمان بأي عملية سياسية، كيف تقول لهم إن هذه المبادرة الجديدة مختلفة عما حصل في جنيف خلال 11 سنة؟

– دعني أقول، كما قلت لمجلس الأمن، إن معاناة الشعب عميقة إلى حد صعب فهمه أو تقديره. هناك سوريون يعيشون في ظروف صعبة جداً وسط الثلوج في خيم وظروف صعبة. هذا يفطر القلوب. أفهم أنه بعد أكثر من عشر سنوات، هناك الكثير من الشكوك إزاء العملية السلمية وقدرتها على تقديم شيء ملموس للشعب السوري. ما أستطيع قوله، أن قناعتي وتصميمي، أن نتحرك بثبات وجدية للأمام لتحسين وضع الشعب السوري.

> ماذا عن ملف المفقودين والسجناء والمخطوفين؟

– هذا أحد أولوياتي من اليوم الأول لتسلم مهمتي. للأسف، لم نر اختراقات عميقة في هذا الملف أيضاً. كانت لدينا مناقشات مع أطراف عملية آستانة في نور سلطان، وهناك بعض الأفكار على الطاولة ونأمل التحرك في هذا الملف الذي يخص الكثير من العائلات السورية. طالبت بإطلاق سراح الأطفال والنساء والقصر والكهول، وسأواصل جهودي للتحرك إزاء عائلات المفقودين.

> ماذا عن اللجنة الدستورية؟ هل توفرت ظروف عقد جولة جديدة؟

– نحن في حوار مع دمشق وطرحنا بعض الأفكار، وسأتواصل مع الرئيس المشتركة في «هيئة التفاوض». آمل، أنه في الأسبوعين المقبلين سيكون لدينا تفاهم مشترك بحيث نعقد جولة صوغ الدستور في فبراير (شباط)، ثم بناءً عليه أن تحصل اجتماعات أخرى في الأشهر المقبلة، مارس (آذار)، أبريل (نيسان)، مايو (أيار)، يونيو (حزيران) لتحقيق تقديم حقيقي.

> هل ستكون مختلفة عن الجولات السابقة؟

– هذا أملي، أن نرى تبادلاً جدياً لوجهات النظر، بحيث يكونون مستعدين لمراجعة النصوص التي يقدمونها ويتجاوبون مع ما يسمعون من الطرف الأخرى. الوفود لا تقدم نصوصاً دستورية فحسب، بل إنها على استعداد أيضاً لتعديلها في ضوء المناقشات، لمحاولة إيجاد أرضية مشتركة، أو على الأقل تضييق مساحة الاختلافات. فنحن في حاجة إلى عملية صياغة مثمرة وفقاً لولاية اللجنة. وذكرت أمام مجلس الأمن، أن اللجنة يجب أن تعمل، كما تحدد المعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية، «على وجه السرعة وباستمرار لتحقيق النتائج والتقدم المستمر».

> «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، يسيطرون على ثلث مساحة سوريا ومعظم ثرواتها ومدعومون من التحالف الدولي ضد «داعش» بقيادة أميركا، لكنهم ليسوا جزءاً من عملية جنيف؟ ماذا تقول لهم؟

– هذه عملية نوقشت وقررت في قرار مجلس الأمن 2254، الذي هدّد مهمتي بتضمين مجموعات معارضة محددة، لكن «مجلس سوريا الديمقراطية»، «قوات سوريا الديمقراطية»، لم تعدّ جزءاً من ذلك. ولا يزال هذا هو الواقع.

> بعض المحللين يقولون، كيف يمكن إحداث اختراق في «خطوة مقابل خطوة» الذي يتضمن قضايا كبرى ومعقدة، بعد عدم النجاح في تحقيق تقدم في اللجنة الدستورية، السهلة؟

– لا أعتقد أن «خطوة مقابل خطوة» أكثر تعقيداً. صحيح، ستكون هناك تحديات، والتحدي الرئيسي، هو فقدان الثقة. أعتقد، أننا سنكون قادرين للمضي قدماً بتقديم بعض الأفكار التي تخص فقدان الثقة. بناءً على هذا يمكن المضي ببطء إلى الأمام. بعد ذلك، أملي أنه مع تحقيق بعض التقدم في عمل اللجنة الدستورية. هذا سيكون له تأثير إيجابي في «خطوة مقابل خطوة». دعنا نكون صريحين، الأمر يتطلب الكثير من الجهود السوريين والأطراف الدولية للمضي قدماً. ما أستطيع قوله، إنه بعد المشاورات التي أجريتها، هذا ممكن وقابل للتحقيق.

> هناك من يقول، إن بعض الأسباب التي سمحت بالقيام بالمبادرة الجديدة، هو أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قالت بوضوح إنها لا تريد «تغيير النظام» السوري، بل «تغيير سلوك النظام»، وهذا ما تريد روسيا. هل هذا صحيح؟

– هذا ما أسمعه أيضاً. إنني أسمع الشيء نفسه حقاً.

  • نقلا عن “الشرق الأوسط”
سوريا…«ثلاثة شروط» أوروبية

سوريا…«ثلاثة شروط» أوروبية

الاتحاد الأوروبي سيكون «واقعياً»، وسينخرط باقتراح المبعوث الأممي غير بيدرسن «خطوة مقابل خطوة»، ومضمون القرار الأممي لدعم «التعافي المبكر» في مشاريع المساعدات الإنسانية، تحت سقف «الخطوط الحمراء» و«اللاءات الثلاث» الشروط الأوروبية، أي: لا مساهمة بالإعمار، لا تطبيع مع دمشق، لا رفع للعقوبات، قبل تحقيق تقدم بالعملية السياسية بموجب القرار الأممي 2254.
هذه خلاصة الاجتماع الوزاري الأوروبي الذي عقد في بروكسل أول من أمس، لبحث الملف السوري، ذلك في أول لقاء من نوعه منذ بضع سنوات بترتيب من فرنسا التي تولت رئاسة الكتلة الأوروبية بداية العام لستة أشهر أخرى. وشارك بالاجتماع بيدرسن، بعد إجرائه سلسلة استشارات مع اللاعبين الإقليميين والدوليين في جنيف أو دمشق والدول المعنية، قبل تقديمه عرضاً مفصلاً عن المقترح في مجلس الأمن الدولي اليوم.

قراءة الواقع
الاجتماع الوزاري تضمن نقاشات صريحة للمشهد السوري وتحولاته خلال السنوات الماضية، سواء بالجانب العسكري، حيث «يقف الصراع الآن رهن حالة من الجمود العسكري والاستراتيجي، مع عدم وجود حل عسكري في الأفق وعدم حدوث تحولات في الخطوط الأمامية» منذ مارس (آذار) 2020، و«وجود خمسة جيوش أجنبية بقوات لها في سوريا، حيث تنقسم إلى عدة مناطق نفوذ»، أو بالجانب السياسي الذي تضمن «فوز بشار الأسد في مايو (أيار) 2021 بولاية رابعة بعد انتخابات رئاسية جرى النظر إليها على نطاق واسع باعتبارها لم تكن حرة ولا نزيهة»، حسب قول مسؤول أوروبي في الاجتماع. وأشار إلى زيادة «القبضة الأمنية» في مناطق الحكومة.
كما سمع الوزراء تقديرات رسمية من خبراء من أن «مستويات الفقر في سوريا تقترب من 90 في المائة، ويعاني 12.4 مليون شخص، أي 60 في المائة من السكان، من انعدام الأمن الغذائي. كما شهدت الليرة السورية انخفاضاً حاداً في قيمتها بالسنوات الأخيرة». وبالتزامن مع ذلك، «ارتفعت أسعار المواد الغذائية الآن 33 مرة عما كانت عليه خلال فترة ما قبل الحرب. وهناك ما يقدر بـ14 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات داخل البلاد، وأكثر عن خمسة ملايين شخص يفتقرون إلى المياه العذبة الآمنة أو الكافية في شمال سوريا. إضافة لذلك، خسر جيل كامل التعليم، وتعرضت المجتمعات للدمار».

أوضاع جديدة
في موازاة ذلك، لوحظت بالاجتماع بعض الديناميات الجديدة، إذ إنه «بعد أكثر عن 10 سنوات من الصراع، اتخذت بعض الدول العربية في الفترة الأخيرة خطوات نحو التطبيع مع النظام. ورغم عدم وجود استراتيجية منسقة أو منظمة للتعامل مع سوريا، أوضح الشركاء العرب أن النهج الجديد ضروري، والانتقال من «تغيير النظام» إلى «تغيير السلوك». وتبقى مسألة إعادة قبول سوريا في جامعة الدول العربية موضع نظر، وتحظى بدعم علني من قبل عدد من الدول العربية التي تشعر بالحاجة إلى العمل بحزم أكبر لمواجهة تأثير الخارج، أي روسيا وإيران وتركيا».
يضاف إلى ذلك، اقتراح المبعوث الأممي غير بيدرسن، مقاربة «خطوة مقابل خطوة»، للوصول إلى «اتفاق بين اللاعبين الدوليين والنظام السوري على خطوات تدريجية متبادلة وواقعية ودقيقة ويمكن التحقق منها، بحيث يجري اتخاذها بالتوازي للمساعدة في دفع العملية السياسية إلى الأمام بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254».
وأبلغ أحد الحاضرين المشاركين، أن بين العناصر الأخرى الجديدة التي تخص الملف السوري، أن أميركا أكملت الولايات المتحدة مراجعتها التي طال انتظارها لسياستها تجاه سوريا، حيث «حددت أربع أولويات، هي: المساعدات الإنسانية مع التركيز على التعافي المبكر، الحفاظ على الوجود العسكري، دعم وقف إطلاق النار، الالتزام بالمساءلة». كما برز اتفاق الروس والأميركيين على تمديد قرار المساعدات الإنسانية «عبر الحدود» و«عبر الخطوط» في يوليو (تموز) الماضي، ثم تمديد القرار في مجلس الأمن قبل أيام.

مقاربة أوروبية
وبعد مناقشات بين الوزراء، ذكر المشاركون أنه في 2017، تبنى الاتحاد الأوروبي «موقفاً قوياً بـوضع حد للحرب من خلال تحقيق انتقال سياسي حقيقي» في سوريا، وأن «المبادئ الأساسية لسياسة الاتحاد الأوروبي لا تزال صالحة وقائمة، وهي لا تطبيع، ولا رفع للعقوبات، ولا إعادة بناء إلى أن يشارك النظام في انتقال سياسي داخل البلاد في إطار قرار مجلس الأمن 2254». وإذ دعت بعض الدول مثل هنغاريا واليونان، إلى اعتماد سياسة أوروبية واقعية، جرى التوافق على ضرورة «الحفاظ على وحدة الموقف الأوروبي» و«عدم التنازل عن الموقف الجمعي الذي لا يزال صالحاً».
عليه، كان الاجتماع الوزاري مناسبة لتجديد التمسك بـ«اللاءات الثلاث»، عبر إبداء استعداد الكتلة الأوروبية الانخراط مع «الوقائع الجديدة» التي تشمل «خطوة مقابل خطوة» والأولويات الأميركية الجديدة وخطوات التطبيع العربي، لكن دون التخلي عن «الخطوط الحمر».
عليه، انخراط المسؤولون الأوروبيون مع بيدرسن في مناقشة «خطوة مقابل خطوة» التي قوبلت برفض علني من وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد. كما جرى الاتفاق في الاجتماع الوزاري على عقد مؤتمر بروكسل للمانحين باعتبار أن الاتحاد الأوروبي أكثر المانحين بـ25 مليار يورو، لتمويل المساعدات الإنسانية إلى سوريا و«التعافي المبكر»، لكن «شرط عدم وصولها للنظام»، إضافة إلى الاتفاق الجماعي على «الانخراط مع الدول العربية لـمنع التطبيع وإعادة دمشق إلى الجامعة العربية في شكل مجاني… ودون ثمن»، بل ظهر تحذير أوروبي من أن «التطبيع مع دمشق، يهدد الحوار بين الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية».

*نقلا عن “الشرق الأوسط”

*صورة ” أ ف ب”/ سوشيال ميديا

قانون يعاقب السوريين على “نواياهم”

قانون يعاقب السوريين على “نواياهم”

قوبل صدور التعديل المقترح على بعض مواد قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية رقم 17 الصادر عام 2012 المطروح للمناقشة أمام مجلس الشعب (البرلمان) بموجة غضب وسخط عارمين لدى أوساط السوريين عموماً، وللصحفيين خصوصاً، وذلك بما فيه من تقييد للحريات وشكل من أشكال الاستبداد.
تحدث البعض عن تناقض القانون ومعناه الفضفاض الذي يفتقر إلى التفسير والشرح ويتناقض مع الدستور، في المقابل لا يعدم السوريين وسيلة إلا ويحاولون فيها التعبير عن انفعالاتهم تجاه هذه القرارات ليتحايلوا على هذا القانون عبر وسائل ملتوية لتفادي عقوبة السجن ودفع الغرامات المالية.
وسام الجردي، مراسل في قناة “العالم”، يلجأ إلى نشر أخبار محلية على صفحته الخاصة على “فيسبوك” مرفقاً الخبر بكلمتين “أخبار بالكيلو” مع وضع أحد وجوه التعبيرية “إيموجي” التهكمية مناسبة للخبر المنشور، مطلقاً العنان للمعلقين. يقول لـ “صالون سوريا”:” أتبع طريقة نقل الخبر بحذافيره واقتباسات أصحابها دون التعليق عليه بسخرية، غير أن متابعي صفحتي يعلمون في قرارة نفسهم بحكم متابعتهم لي وفهم أسلوبي أنني أتهكم بشكل مبطن، فيفرغون ما في جعبتهم من مشاعر وآراء، لكني أحرص جيداً على مراقبة تعليقاتهم وحذف عبارات السباب والشتائم كي لا أتعرض للمسائلة وكذلك صاحب الشتيمة”. يتابع: “لا يمكن نكران وتجاهل دور وسائل التواصل الاجتماعي التي ينظر إليها على أنها تشكل مصدر تهديد لمناصب المسؤولين، هي منبر لكل صحفي وعامل في الشأن العام، وبناء عليه يجب إيلاه أهمية أكبر لها وليس إتباع سياسة تكميم أفواهنا، ويجب الفهم أن مهمة الصحفيين هي تسليط الضوء على نقاط الخلل والعمل على إيجاد حلول لها”، مطالباً “مشرعي القوانين بسن قانون خاص يدعى “من أين لك هذا؟” يحاسب المسؤولين على سرقة ونهب أموال السوريين، كما حصل مع رئيس مجلس الحكومة السابق عماد خميس الذي تعرض لعملية نصب حين دفع مبلغ مليار و250 مليون ليرة سورية مقابل شراء شقة في دمشق، ليتساءل السوريين: من أين له هذا المبلغ وهو مجرد موظف له راتب محدد، ليمر خبر حيازته هكذا أموال ضخمة مرور الكرام دون محاسبة”.
ينتظر محمد سليمان، معد ومقدم برامج في قناة “الغدير”، قانون الإعلام الجديد الذي سيصدر قريبا، ويقول لـ “صالون سوريا”:” حسب الوعود أننا سنحاسب على قانون الإعلام الجديد وليس الجرائم الإلكترونية، ولكن هناك سؤالا، إذا صدقت الوعود لماذا صدر هذا التعديل المخالف للدستور أولاً والمخالف لمبادئ الحريات ثانيا، قبل صدور قانون الإعلام الجديد؟”. لا ينكر الصحفي الشاب أنه سيلجأ إلى أساليب جديدة بطرح المعلومة وإتباع سياسة الإسقاطات كي لا يكون عرضة للخطر بعد كل مادة ينجزها، وذلك حسب قوله.

قانون فضفاض
يرى الجردي أن قانون الجرائم الإلكتروني ينصب في مصلحة المسؤول وليس المواطن، خاصة بالنسبة للصحفيين الذين ينتقدون أداء الحكومة وممارساتها الخاطئة وهذا أمر مخالف للدستور الذي يضمن حق مواطنيها بحرية التعبير، مضيفا: “أن هيبة الدولة تنقص كلما فقد أفرادها القدرة على تأمين قوته وأدويته ومستلزماته اليومية وليس حين يقوم بانتقاد أداء المسؤولين وأصحاب القرار، هذا القانون المعدل هو بمثابة قانون طوارئ إلكتروني بصيغة مبطنة”.
المادة 24 التي تعاقب على الذم غير العلني إذا ارتكب برسائل خاصة عبر “الواتساب” و :الماسنجر” والتي وصلت عقوبتها إلى الحبس حتى ستة أشهر مع غرامة مالية حتى 200 ألف ليرة سورية تضع الصحفيين في خطر داهم وعرضة للاعتقال في أي لحظة. يوضح الجردي: “المادة المعدلة تحاسب النيات في حين قام أحدهم بالتلميح، فمثلا قد أكتب منشور صباح الورد يا حكومة، قد تُفهم أنها ذم بالرغم من أنها مديح، أو في حال تبادل رسائل على الماسنجر والواتساب تحتوي عبارات ذم”، يؤيده في الرأي سليمان الذي يصف القانون المعدل بـ “الفضفاض”، يقول:” القانون لا يحمل محددات معينة، ماذا يعني أن يكون هناك تهمة بوهن عزيمة الأمة أو إثارة الرأي العام، هذه التهم يمكن إسقاطها على أي شخص يريدون، لأنها فضفاضة وغير محددة الأوجه والمعالم”.

مفارقات عجيبة
يصف المحامي عارف الشعال المواد المقترحة بـ “العجيبة جداً”، وأنه من المبكر أن نعرف أبعاد القانون كونه لم يصدر بعد ومازال مسودة، يوضح لـ “صالون سوريا”: “هناك ملاحظات جسيمة على المواد المقترحة للتعديل التي تحد من حرية الرأي وتخالف الدستور بشكل واضح”، منوهاً أن” المفارقة العجيبة في التعديل المقترح أنه بات جرم شتم الموظف وذمه أهون من انتقاده، فعلى سبيل المثال إذا وصفته بـالغبي فالعقوبة هي الحبس حتى سنة حسب المادة 376 عقوبات لأنه لفظي ينال من شرفه أو كرامته، أما إذا انتقدته قائلا بأنه مقصر ومهمل في عمله فستعاقب بالسجن حتى ثلاث سنوات وفق النص الجديد”. “مفارقة عجيبة”، يكشف عنها الشعال وهي “مساواة في العقوبة بين انتقاد موظف ينال من شرفه بعقوبة ذم رئيس الدولة وهي ثلاث سنوات، يقول متسائلاً:” هل يعقل أن تتساوى كرامة موظف عام مع كرامة رئيس دولة”.
وسئل: من يقوم بسن قانون الجرائم المعلوماتية؟. يجيب الشعال: “حقوقيون في الدائرة القانونية في أحد الوزارات”، مضيفاً أن” التشريعات التقنية عموما بيسرقوها من شي قانون مقارن وبيعدلوا فيه حسب الواقع السوري”.

القاضي راضي
يشير الشعال إلى نقطة يعتبرها في “غاية الخطورة” في المواد المقترحة للتعديل و”هي المادة 36 التي تسمح للنائب العام أن يحرك الدعوى العامة في جرائم النيل من هيبة الدولة أو النيل من هيبة الموظف والجرائم التي تقع على الموظف أو على الدولة حتى إذا لم يقدم المتضرر شكوى أو ادعاء شخصياً”، مردفاً “هذا يسمح للجهة الرسمية التي ينتمي إليها الموظف أن تدعي على الفاعل مباشرة، وبالتالي لا يمكن أن يستفيد الفاعل من إسقاط حق شخصي من الموظف إذا تصالح الفاعل معه ليستفيد من عذر مخفف أو قانون عفو عام”.
لا يستطيع حسام، وهذا اسم مستعار، كف يده عن كتابة المنشورات التي تنتقد القرارات الجزافية التي تتخذها الحكومة السورية بين الفينة والأخرى، لكنه أخذ احتياطاته اللازمة بعد سماعه بمسودة القانون الجديد. يقول لـ “صالون سوريا”: “أسقط الواقع السوري المعاش على دولة الصومال، كي أفلت من العقوبة، كأن أكتب ارتفاع جرة الغاز أو رفع الدعم عن المحروقات في الصومال في إشارة واضحة إلى سوريا، لكن بذلك احمي نفسي وقد لا أحمي نفسي، لا أحد يدري ، ماذا يدور في خلدهم وأي قرارات فذة يخرجون بها”.

رحلة على طريق دمشق-القامشلي… وحواجزها

رحلة على طريق دمشق-القامشلي… وحواجزها

أكثر من 700 كيلو متراً، هي المسافة الفاصلة بين شمال شرق سوريا وجنوبها، لكن تلك المسافة ليست المعاناة الوحيدة لعابري ذاك الطريق الملتصقين بكراسيهم طوال الوقت، بل يضاف بينها ما يعانيه المسافرون براً من صعوبات فرضتها ظروف الحرب السورية وتبدل خرائط السيطرة بين أطراف الصراع.
اضطر علام (45 عاماً) وهو من مدينة القامشلي ومقيم في دمشق منذ حوالي العامين، للسفر إلى قريته في ريف القامشلي، ويقول لــ”صالون سوريا”: “خلال سفري شعرت وكأني غريب عن هذه البلاد بدءً من المعاملة السيئة على الحواجز وليس انتهاء بطرق تفتيش أقل ما يقال عنها تشبيحية” من حواجز المسلحين.

حواجز
تنتشر على طريق دمشق -القامشلي حواجز مهمتها “تشليح الناس وليس حمايتها”، بحسب إفادة علام، ويضيف، “أنَّ كل حاجز يتفنن في طريقة إذلال الناس وقهرها ناهيك عن مشقة الطريق وعناء ساعات السفر التي تصل لحوالي الــ 24 ساعة ذهاباً ومثيلتها إياباً”.
ويعاني مسافرون يسكنون في دمشق في تنقلهم إلى مسقط رأسهم في القامشلي وغيرها من مدن شمال شرق سوريا من -فرض الإتاوات عليهم ومن تعرض أمتعتهم الشخصية وما يحملونه من أغراض -للتفتيش من قبل حواجز الجيش السوري بشكل عشوائي يتلف أغراضهم وفقاً لعدد من المسافرين التقاهم “صالون سوريا”. وذكر الرجل الأربعيني أنَّ من بين أغراضه الشخصية التي تعرضت للتمزيق أثناء التفتيش من قبل أحد الحواجز “لحف وبطانيات” بحجة وجود شيء ما بداخلها. وقال: “لم يكلف العنصر نفسه حتى فتح الكيس وإلقاء نظرة عليه بل مزقه بسكين كانت بيده”. ويفيد بأن هذه الأغراض لها قيمة غاليه عنده كونها من تجهيزات عرسه منذ حوالي الخمسة عشر عاماً. لكن لا حول ولاقوه، وفقاً لتعبيره.

مضايقات
علام ليس حالة فريدة، بل هذا حال أغلب العابرين لهذا الطريق، فمنى ابنة مدينة الحسكة لم تنجُ من أسئلة عناصر حاجز أثريا عن سبب ذهابها لمدينتها، وتقول: “تولدي المسجَّل على هويتي مدينة دمشق” لكنها من سكان الرقة منذُ طفولتها حتى غادرت المدينة في العام 2013. وأضافت منى (33عاماً) وهو موظفة بنك خاص في دمشق لــ “صالون سوريا” بأنَّ “أخوها مسافر في الإمارات منذ العشر سنوات وطلب منها إحضار والدتها المقيمة في الرقة إلى دمشق بهدف ذهابها إلى دبي في زيارة لولدها”. وتقول بإنَّ من بين الأسئلة الموجهة لها تدخل في باب التحرش اللفظي والعنصري كــ “صبية حلوة متلك شو بياخدها على الرقة”.
وتذكر بحرقةً أنها لم ترَ والدتها منذ حوالي الثلاثة سنوات تجنباً للسفر إلى مسقط رأسها والمعاناة التي تحصل معها على طريق الرعب كما تصفه الشابة الثلاثينية.

اتاوات
أما خالد الشعيبي ورغم أنه يعمل قاضي في محاكم ريف دمشق بعد تخرجه من المعهد القضائي التابع لوزارة العدل فأن “حصانته القضائية لم تنجه من التفتيش والتفتيش”. يقول لــ “صالون سوريا”، ويضيف، “قام عنصر بتفتيش شنتاية لابتوبي وطلب مني تشغيله كي يرى ما يوجد بداخله”. وأفاد، بأنَّه شهرياً يسافر إلى الرقة ويتعرض لهذه المضايقات التي تختلف في طريق عودته إلى دمشق، إذ يضطر هنا لدفع (أتاوة) على بعض الأغراض التي بحوزته. ويقول لــ “صالون سوريا” ” في إحدى سفراتي جلبت معي تنكة زيت زيتون”، لكنَ العنصر قال له “الزيت ممنوع نقله بالبولمان”، وهي إشارةً إلى أن العنصر يريد “مصاري” بحسب تعبير القاضي الذي اضطر لدفع مبلغاً من المال 16 ألف ليرة”.
لا يختلف الواقع كثيراً على المقلب الآخر، حيث سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تنتشر حواجزها على طريق مناطق سيطرتها، ويقول الشعيبي لــ “صالون سوريا” “يمر سكان المنطقة الشرقية على حواجز قسد تقريباً بنفس إجراءات التفتيش وبعض المضايقات للشبان الذين هم في سن التجنيد”. ويؤكد، بأنَّ من يسافر من مناطق سيطرة دمشق وقيده المدني غير تابع للمنطقة الشرقية يحتاج إلى إجراءات روتينية وكأنك داخل إلى دولة أخرى، ومنها “الكفيل والشاهد” من أحد أبناء المنطقة.

طريق دمشق -القامشلي
في العام 2017 أُعيد فتح الطريق البري الوحيد الذي يصل مناطق شمال شرقي سوريا بالعاصمة، وذلك بعد سيطرة دمشق على أغلب المناطق الواقعة على طرفي الطريق والتي خسرتها في العام 2013.
ويشكل هذا الطريق البري منفذاً رئيسياً لأهالي الجزيرة للوصول للمحافظات والمناطق السورية الأخرى، إضافة للطريق الجوي عبر مطار القامشلي في الحسكة.
وتنطلق رحلات الحافلات من دمشق باتجاه القامشلي والرقة عبر طريقين لكل منهما، حيث يمر طريق دمشق -القامشلي من نقطة الانطلاق بدمشق عبوراً بحلب ثم القامشلي -قراقوزات، بينما يمر طريق دمشق -الرقة عبر أثريا وصولاً للطبقة ومنها إلى الرقة.

رحلة طويلة وغالية
قد تستغرق الرحلة من دمشق إلى القامشلي وبالعكس براً حوالي الـــ 18 ساعة، وقد تصل إلى 24 ساعة حسب ظروف الطريق وطريقة التفتيش على الحواجز والمعابر الواصلة بين بداية الخط ونهايته، على أنها كانت تستغرق حوالي الــ 9 ساعات قبل الحرب بالعام 2011.
وتبلغ قيمة التذكرة للشخص الواحد حوالي 32 ألف ليرة بحافلات رجال الأعمال و25 ألف ليرة بالحافلات العادية ويجتاز الراكب أكثر من 15 حاجزاً ونقطة تفتيش إضافة للحواجز الطيارة، أي غير الدائمة والتي تظهر فجأة على الطريق في حين كان سعر التذكرة قبل الحرب 500 ليرة.
بالمقابل، هناك من يسافر عبر الطائرة العسكرية التي تنقل بضائع مقابل 50 ألف ليرة وواسطة كي يحجز مكاناً. وهناك من يضطر نظراً لظروفه لدفع مبالغ مالية تتجاوز الـ 350 ألف ليرة للحصول على حجز طيران عبر شركة أجنحة الشام.

يوم في حياة عائلة نازحة في ادلب

يوم في حياة عائلة نازحة في ادلب

كثيراً ما نسمع عن قصص وحكايات وأوجاع لعائلات نازحة، تعيش في المخيمات ومراكز الإيواء، تفتقر لأبسط مقومات الحياة وأشكال الرفاهية في شمال غربي سوريا، معظمها قريبة من الحدود التركية، بعضها يقع في مناطق جبلية وعرة، ولكل عائلة نازحة في هذه المخيمات حكايتها وظروف معيشتها اليومية التي يطغى عليها مشهد الفقر والتقشف والبساطة.
“صالون سوريا” امضى يوماً مع احدى هذه العائلات في مخيم الأمل بالقرب من مدينة الدانا شمال إدلب، وضمن خيمة لا تتجاوز مساحتها الداخلية الكلية 10 أمتار مربعة. هنا يعيش أبو محمد (42 عاما) وزوجته وأولاده الستة الصغار، (نازحون من ريف حلب الجنوبي قبل نحو 5 سنوات)، حياةً بسيطة رغم مرارة العيش، لايملكون فيها أي شيء من تكنولوجيا العصر سوى بطارية صغيرة وسلك كهربائي معلق بلمبة صغيرة بقياس 12 فولتا، مربوطة بلوحة شمسية صغيرة مركونة على جدار الخيمة وموجهة بإتجاه الشمس لتحصل البطارية على الطاقة من أشعة الشمس يومياً.

خيمة… منزل
عملت الزوجة أم محمد ذات الثلاثين عاماً، على تحويل الخيمة إلى أشبه بمنزل صغير متواضع، فوضعت الغاز عند باب الخيمة من الداخل، وإلى جانبه بعضاً من أواني الطبخ البسيطة ضمن صندوق بلاستيكي (سحارة). وفي الجهة الثانية، وضعت قطعة خشبية مخصصة لوضع الأغطية والفرش بعد أن تستفيق أسرتها صباحاً، بينما فرشت أرض الخيمة بقطعة سجاد متهالكة وبعض الاسفنجات والوسائد، ومع كل صباح تبدأ الحكاية
أبو محمد، نزح من قريته بريف حلب الجنوبي قبل نحو 5 أعوام، عقب هجوم بري شنته قوات دمشق وإنتهت بالسيطرة على المنطقة حينئذ، ولجأ مع أقاربه إلى هذا المخيم، بالقرب من مدينة الدانا شمال إدلب، وحصل على فرصة عمل في أحد معامل الطوب (البلوك) في المنطقة.
مع ساعات الصباح الأولى من كل يوم (صيفاً وشتاءً)، يسيتيقظ وزوجته و أولاده (محمد 14 عاماً وحسن 13 عاما). فأبو محمد وأولاده يذهبون إلى وعاء مملوء بالماء عند باب الخيمة الخارجي، ويغسلون وجوههم. أما أم محمد، تُعد وجبة الإفطار مما توفر (صحن من الزيت النباتي وإلى جانبه صحن من الزعتر وبعض الأرغفة من الخبز وإبريق الشاي)، وأثناء تناول وجبة الإفطار يتمازحون ويضحكون ويتحدثون عن ما ينوون القيام به من أعمال خلال اليوم.
ومع إنتهاء تناول الطعام، كل منهم يذهب لإرتداء ملابس العمل والإستعداد للذهاب إلى العمل وسط أجواء من المزاح والضحك. فأبو محمد يسلك طريقه مشياً على الأقدام بإتجاه معمل الطوب. أما محمد وحسن يذهبان سوياً إلى واحدة من المدن القريبة (الدانا وسرمدا) بحثاً بين أكوام القمامة في شوارع المدن عن ما يستحق البيع من (مواد بلاستيكية ونايلون أو نحاس)، طيلة ساعات اليوم وحتى المساء، بينما أم محمد تبقى في الخيمة بإنتظار طفليها الصغيرين أن يستفيقوا من النوم لتعد لهم وجبة الإفطار ذاتها التي تناول منها زوجها وأبنيها، قبل الذهاب للعمل.

ام ومديرة
تقول أم محمد: “أعيش وأسرتي في المخيم منذ خمس سنوات إلى الآن نمطاً واحداً من الحياة لا غير، (إعداد الطعام والغسيل والجلي)، وغالباً ما أعده من طعام، يكون من المخصصات الإغاثية التي نحصل عليها شهرياً، (إما برغلاً أو عدساً أو معكرونة)، وذلك قبل الظهيرة. أما عند المساء أجلس مع جاراتي ونتبادل الأحاديث بالظروف المعيشية التي نعاني منها يومياً وأحاديث اخرى عامة، وبعدها أعود إلى خيمتي، وأعمل على تسخين الماء، ومع وصول زوجي وأولادي، أنهمك بتحضير الألبسة النظيفة لهم وإستحمامهم، وبعد ذلك نجلس جميعاً ونتاول العشاء، وبذلك يكون الظلام ملئ المكان، ونمضي ساعة أو أكثر نتبادل فيها الأحاديث، عن ما جرى معهم من أحداث أثناء العمل، وبعدها يذهب كل منا إلى النوم”.
وتفخر “أم محمد” بنفسها وترى أنها هي المسؤول الوحيد عن إدارة شؤون أسرتها في المأكل والمشرب والملبس والأشياء الأخرى التي تخص الأسرة، في الوقت الذي يمضي فيه زوجها بالعمل طيلة النهار وعلى مدار العام. وتقول: “عندما يعود زوجي من العمل يقوم بإعطائي ما جمعه من نقود خلال العمل بنقل الطوب في اليوم، وعادة يكون المبلغ بين 30 إلى 40 ليرة تركية، وكذلك أبنائي أيضاً فهم يقومون بشكل يومي بإعطائي ما تم جنيه من مال خلال عملهم في اليوم، بعد بيع ما تمكنوا من جمعه من أشياء (بلاستيكية ونايلون وخردة)، وأكون بذلك المسؤولة عن تدبير وإدارة شؤون الأسرة”.
وتضيف، “المرأة السورية وتحديداً النازحة مع أسرتها، تجد نفسها مسؤولة مباشرة عن أسرتها، فغالباً أرباب الأسر يذهبون للعمل منذ الصباح حتى المساء ليتمكنوا من جني النقود لإعالة أسرهم، وبذلك تلقى كامل المسؤولية في تدبير الأسرة من تربية وخدمات على عاتق المرأة، بينما سابقاً (قبل النزوح) كانت الحياة بالنسبة للمرأة أسهل بكثير، فالرجال يعملون في الزراعة والصناعة والتجارة في القرية التي نعيش فيها، وتكون ساعات العمل أقل بكثير من الآن، وهذا يخفف على المرأة أو ربة الأسرة الكثير من الأعباء في تربية الأطفال وتلبية متطلبات الأسرة اليومية، فمثلاً عندما يشكو أحد الأطفال من عوارض مرضية أو يصاب بضيق تنفس أو أي أذى، أذهب به إلى الطبيب ومن ثم إلى الصيدلية وجلب الأدوية، وأعود إلى الخيمة وأتابع العناية بحالته الصحية، فضلاً عن أنني المسؤولة عن شراء إسطوانة الغاز والأشياء الأخرى كالطعام والملابس، ومع ذلك لا أشعر زوجي بأي ضيق أو ملل، بل على العكس تماماً”.

حياة دون توقف
من جهته، قال أبو محمد: “منذ 5 أعوام وحتى الآن لا أذكر أنني تعطلت عن العمل يوماً واحداً، سوى أيام الأعياد، وبت أشعر مؤخراً بآلام وأوجاع في الظهر والمفاصل، نتيجة عملي المجهد، ولكن بالرغم من ذلك، لا أسمح للرغبة في التعطل عن العمل أن تنال مني، فذلك يعني أنني عرضت أسرتي للجوع والفقر أكثر، فعطلتي ليوم واحد قد يؤدي إلى فقدان إسطوانة الغاز في خيمتنا لأيام، أو لا تجد أسرتي ثمن ربطة الخبز أو ثمن الدواء فيما لو أصاب أحد أبنائي مرضاً، عدا عن متطلبات فصل الشتاء من وسائل تدفئة وغيرها، ومع ذلك أشعر في بعض الأوقات بحزن عميق، كوني لا أرى أولادي وزوجتي سوى ساعة أو ساعتين كل يوم قبل النوم، وفي اليوم التالي أذهب باكراً في الوقت الذي يكون فيها طفلين من أسرتي نائمين”.
ويضيف، “قبل النزوح كنت أملك حوالي 20 دونماً من الأرض الزراعية في بلدي، وأعمل في زراعية القمح والشعير والخضار سنوياً وأحصل في نهاية العام على مبلغ أستطيع من خلاله العيش وأسرتي بحال ميسورة جداً، بينما اليوم وفي ظل النزوح والمعاناة والمصاعب التي نواجهها يومياً من غلاء وغيره، يتطلب منا العمل يومياً دون كلل أو ملل لنؤمن قوت أسرنا ومتطلباتها”.
وأشار” تعرضت منذ عدة أشهر إلى كسور بأصابع قدمي نتيجة سقوط قطعة طوب عليها أثناء العمل، وبالرغم من الألم الشديد الذي أصابني حينها، إلا أنني تابعت العمل حتى نهاية اليوم، وأثناء عودتي إلى أسرتي عملت زوجتي على تضميدها بعد تدليكها بالماء الساخن والصابون، وفي اليوم الثاني عدت إلى العمل، وتحملت الألم لأيام”.
وختم “أحمد الله وأشكره أنه رزقني زوجة صالحة، حملت معي جزءً كبيراً من أعباء الحياة وتربية الأولاد في النزوح”.

خردة ونايلون
أما محمد وحسن، فتحدثا قائلين: ” فضلنا العمل على التعليم، فأحياناً لا يتمكن والدنا من جني نقود كافية لسد حاجتنا وتأمين ما يلزمنا في العيش، وكنا نعيش ظروفاً صعبة للغاية، ولذلك قررنا العمل بجمع الخردة والنايلون والبلاستيك المستعمل من كل مكان في المدن والقرى المجاورة للمخيم، وبيعها للإستفادة من ثمنها ومساعدة والدنا على كفاية الأسرة وتلبية إحتياجاتها اليومية”.
وأضاف محمد، “نذهب كل يوم صباحاً ونتجول في شوارع المدن بين الحاويات وأكوام القمامة بحثاً عن أشياء لها ثمن كـالنايلون والبلاستيك والنحاس والحديد، وفي نهاية اليوم نذهب بالأشياء التي قمنا بجمعها إلى أحد المراكز لشراء الخردة ونبيعها، ونحصل بالمقابل على ثمنها الزهيد الذي لا يتجاوز 20 ليرة تركية، ونعود بعد ذلك إلى المخيم”.
وزاد “هناك كثير من العائلات في المدن والقرى القريبة، لا تقوم برمي الأشياء غير اللازمة أو غير الضرورية في منازلهم بالحاويات إلا في المساء، ولذلك غالباً ما نتأخر بالعمل بحثاً عن تلك الأشياء، ونعود إلى المخيم بعد حلول الظلام”، لافتاً، “كثيراً ما نتعرض للإهانة والتهكم من بعض الأشخاص في الشوارع والأسواق، وآخرون ينظرون لنا بعين الاشمئزاز لمظهرنا وثيابنا المتسخة، فضلاً عن تعرضنا أيضاً لحوادث سير بسيطة، تنتهي بخدش في اليد أو القدم، وكلها تدعو إلى الإحباط والحزن والجلوس إلى جانب الرصيف لبرهة من الزمن ونحن ننظر إلى الناس والمارة، وسرعان ما نتجاوز تلك الحالة ونعود للعمل مجدداً بإصرار”. وأضاف، “أتمنى أنا وأخي أن يتوفر لوالدنا عمل أفضل من عمله الحالي، بأجور أكبر، قادرة على تأمين متطلبات عائلتنا، ونترك هذا العمل ونعود لمقاعد الدراسة في المدارس من جديد”.

هل تفكك روسيا شبكات المخدرات جنوب سوريا؟

هل تفكك روسيا شبكات المخدرات جنوب سوريا؟

ظهرت مؤشرات عن تنسيق بين عمان ودمشق بدعم موسكو لمحاربة تهريب المخدرات من سوريا الى الاردن بعدما بات اعلان الجيش الاردني عن احباط عمليات مسألة شبه يومية.
الجديد، ان سكانا محليين من مناطق تقع أقصى جنوب محافظة درعا شاهدوا مؤخراً وفداً روسيا يضم ضباطا وعناصر من الشرطة العسكرية الروسية وقوة أمنية تابعة للنظام السورية وقوات محلية من فصائل التسويات، تقوم بجولات على طول الشريط الحدودي الشرقي مع الأردن،لتفقد على طول الشريط الحدودي الشرقي مع الأردن الممتد من بلدة نصيب والمتاعية جنوب شرق درعا إلى منطقة خربة عواد جنوب السويداء التي شهدت اشتباكات في الأيام الماضية بين حرس الحدود الأردني ومجموعة مهربين، بالقرب من أحد المغافر الحدودية السورية وأودت بحياة جندي سوري واضرار في منازل المدنيين السوريين.

تعليمات روسية
جولة القوات الروسية مع القوات الحكومية والمحلية، جاءت ضمن المنطقة التي تشهد عادة عمليات تهريب باتجاه الأراضي الأردنية وبعد تزايد الحوادث الأمنية والاشتباكات في تلك المنطقة. وبحسب “شبكة درعا24” المحلية، فإن اجتماع أردنيا – سوريا عقد في الأردن بتاريخ 30 ديسمبر (كانون الاول) الماضي، لبحث تطورات المنطقة الجنوبية وملفات كان أبرزها الوضع الأمني في الجنوب السوري، وملف تهريب المخدرات على الحدود السورية- الأردنية، وضم الاجتماع مسؤولين من الأفرع الأمنية في درعا.
وابلغ مصدر خاص “صالون سوريا”، أن قادة الشرطة الروسية التي قامت بالجولة الميدانية على المخافر الحدودية مع الأردن مؤخراً، “وجهوا تعليمات لقوات الجيش السوري الموجودة في المخافر الحدودية مع الأردن بضرورة التصدي للمهربين وعمليات التهريب التي تتم في المنطقة، بينما تحدث عناصر الجيش للقوات الروسية عن ضعف الإمكانيات اللوجستية لديهم مثل أجهزة كشف حرارية أو كمرات مراقبة أو مراصد معزولة وغيرها من التجهيزات الضرورية في النقاط الحدودية”.
وأشار أن “عدة جولات روسية شملت مؤخرا نقاط حرس الحدود جنوب محافظتي درعا والسويداء، وأن الزيارة الروسية ليست الأولى من نوعها، علما ان الواقع لم يختلف في المخافر الحدودية أو تجهيزاتها. كما تصل دائماً برقيات استنفار للنقاط الحدودية في جنوب سوريا، لكن ضعف الإمكانيات والتقنيات وحتى تجهيزات المحارس ضعيفة تؤثر على قيام حرس الحدود بواجبها بحسب تعبيره”.

طرق التهريب
وتقوم عمليات تهريب المخدرات في الجنوب السوري، عبر منافذ غير شرعية وتعتبر المنطقة الممتدة من ذيبين شرق درعا إلى خربة عواد بالسويداء أبرزها والمنطقة الممتدة شرق خربة عواد والتي تشهد بشكل متكرر احباط محاولات تهريب المخدرات من سوريا إلى الأردن، بحسب تقارير إعلامية رسمية سورية وأردنية، وكانت تتم بواسطة سيارات أو عبر تحميلها على حيوانات أو بواسطة طائرات الدرون، أما من جهة معبر نصيب الرسمي فغالباً يتم تغليف المخدرات المهربة التي تضبط بعلب منتجات غذائية سورية.
وافادت “شبكة درعا24 ” المحلية بأن شحنات المخدرات تصل جنوب سوريا إلى منطقة اللجاة قادمة من لبنان أو من العراق، ويتم نقلها للجاة في درعا عبر سيارات لا تتعرض للتفتيش على حواجز النظام السوري، ومثل هذه الشحنات كان يصل من العراق عبر صحراء دير الزور إلى منطقة الميادين ومنها إلى اللجاة في درعا، إلى قرية كريم وجدل تحديداً في منطقة اللجاة، وأن الطريق الأشهر في نقل المخدرات هو طريق البادية الواصل إلى الحدود العراقية، وأن شحنات المخدرات التي كانت تصل إلى اللجاة لم تكن تتعرض للتفتيش رغم مرورها في مناطق وطرقات فيها حواجز تابعة للنظام أو مجموعات محسوبة على إيران، وأن المخدرات جزء منها يصل خام ويتم تجهيزه في مصانع محلية في منطقة اللجاة على شكل كبسولات ومكعبات لتصبح جاهزة للتهريب الخارجي والتوزيع المحلي.

عرض كبير
وبحسب ناشطين في جنوب سوريا، لو سألت عن مادة الحشيشة محليا في درعا والسويداء تستطيع الحصول عليها بكل سهولة، وانتشارها بات لافتا وعلنيا في المنطقة، وأنه ليس من المهم الأن الحديث عن المصدر الخارجي لهذه المواد أو طريقة جلبها للمنطقة، وخاصة أنه بات معروفا على مستوى العالم. وقال احدهم: “ما يهم المجتمع المحلي اليوم هو معالجة المشكلة الداخلية الأن بعد تفشي انتشار هذه المواد بشكل سهل، وذلك عبر تفعيل المحاسبة سواء للمصدر المحلي أو المروج، وأن تشمل المحاسبة كل الأطراف حتى إذا كانت محسوبة على سلطات أو شخصيات نافذة فيها”.
وقال خبراء ايضاً، أن الموقع الجغرافي لمحافظتي درعا والسويداء والانفلات الأمني الذي تشهدة المنطقة، و “غياب المحاسبة وانتشار الفقر والبطالة، والمحسوبيات سواء للسلطة أو شخصيات اجتماعية كان له السبب المباشر في انتشار وجلب المخدرات إليها، حيث تلاصق هذه المنطقة السورية الشريط الحدودي مع الأردن ومنها باتجاه دول الخليج العربي”. وافاد احدهم: “رغم أن عمليات التهريب موجودة منذ سنين وحتى قبل عام ٢٠١١، إلا أنها تزايدت بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة وخاصة بعد عام ٢٠١٨، في ظل الأزمات الاقتصادية والأمنية التي تشهدها المنطقة الجنوبية وعموم سوريا، وأن المشكلات الاجتماعية التي أوجدتها المخدرات تصاعدت مؤخراً في المنطقة منها عمليات قتل واغتال وخطف وكشفت إحصائيات محلية في درعا والسويداء عن ارتفاع معدل ارتكاب الجريمة بسبب تعاطي المخدرات والادمان، حيث وثق ناشطون عمليات قتل قام فيها مدمنين على المخدرات ضحاياها أطفال تحت سن السادسة ونساء زوجات وشقيقات لمدمنين”.