by Jafar Al Alouni | Oct 24, 2019 | Culture - EN, Uncategorized
عادةً ما يعيدُ الفنانون، كل حسب لغته، صياغة ما قاله أفلاطون عن الحبّ والفلسفة :”من لا يبدأ بالحبّ، فلن يعرف أبداً ما الفلسفة”. هكذا يبدأ كل فنان بإعادة صياغة هذه المقولة، انطلاقاً من عمله، غير أننا في حالة بيو كابانياس Pío Cabanillas، نراه يصوغ مقولة أفلاطون على النحو التالي: “من يبدأ بالحب والفلسفة حقاً، سيعرف دائماً ما الفن”.
بهذا الحب، وبالفلسفة كلها، بدأ المصور الفوتوغرافي بيو كابانياس Pío Cabanillas زيارته إلى سوريا في ربيع عام 2009، أي قبل سنتين من اندلاع الحرب التي أخذت معها كل جميل، والنتيجة كانت كتاباً فوتوغرافياً وقعه بعنوان “سوريا. بيو كابانياس” صادر عن دار La Fábrica، ليكون الأول من نوعه في إسبانيا، حيث جمع فيه ثمانين صورةً للمعالم والأماكن التي اختفت، كما يقول بيو نفسه بكل أسف، والتي استطاع التقاطها بعدسته أثناء زيارته لسوريا.
“لقد كانت رحلة قصيرة للغاية التقطت فيها بعدستي مجموعة من الصور لأماكن ومعالم عالمية. عندما بدأت داعش بتدميرها، بدأت أعمل على هذا المشروع. هكذا في مواجهة التطرف والحرب والدمار والهمجية أخترت سلاح الجمال والثقافة والحب والسلام”. يعلق صاحب الكتاب وهو يحدق بأعمدة تدمر.
الصور التي التقطها بيو، في الأبيض والأسود، تثير الذاكرة وتدين الحرب المدمرة للتراث السوري، الذي هو جزء من التراث العالمي، ومن تراث الذاكرة البشرية أيضاً. إنها صورة موحية، حميمية وهادئة للبلد، بالكاد يظهر فيها أشخاص، أراد صاحبها أن يرفقها بمختارات لشعراء سوريين تأكيداً على تجذر هذا التراث وعمقه، ومحاولاً برفقة قصائد لـ 12 شاعراً سورياً تقديم بعض الجوانب المشعة في سوريا، إنساناً وإبداعاً ومادةً. في هذه المحاولة الفنية أراد بيو أن يؤاخي بين البصر والبصيرة، الصورة والكلمة، اللون والظل، بين المرئي واللامرئي. إنه حوار بين الأشياء وعن الأشياء، نتعرف من خلاله على التاريخ، والحقول والجبال، والشوارع، والنساء، والأطفال، والرجال، نتعرف من خلاله على بلد كامل.
إنها، إذا، محاولة رائدة لتقديم صورة حقيقية عن سوريا، ليس فقط عبر الصور، الألوان، والضوء، وإنما عن طريق الكلمات والاستعارات. لهذا فإن قارئ الكتاب سيلاحظ الحوار الواضح بين موسيقى الشعر وسحر كلماته وبريق الصورة وزوايا الضوء والظل. إنها تجربة مبتكرة وخلاقة تجمع بين أسلوبين تعبيريين يختلفان من حيث التقنيات والأدوات، ولكنهما يلتقيان في الهدف نفسه وهو تقديم صور تجمع بين الاستعارات والإيحاءات الشعرية والدلالات والإشارات المباشرة والحقيقة. في هذا العمل يخترق بيو برفقة شعراء سوريين من قامة (أدونيس، نزيه أبو عفش، أسامة إسبر، أمل جراح، سنية صالح، صقر عليشي وغيرهم) الحلم، الذاكرة والحياة. يخترق الرغبة والعلاقة بين الأشياء، هناك حيث تتلاقى اللحظة العابرة مع الأبدية. لقد قام المصور بعمل رائع من أجل الجمع بين الصورة والأدب، ولكن ما هي المعايير التي وضعت من أجل اختيار القصائد؟ يأتي الجواب في المقدمة:” لقد كان المعيار شخصياً بشكل خاص، لقد حاولت أن أختار، من زاوية فنية بحتة تتجاوز الزمان والمكان، أولئك الشعراء، الذين، برأيي، يؤسسون لعلاقة حيوية مع الصور، ففي بعض الأحيان يحتاج الإنسان إلى التحدث إلى شخص خارج الكتب، التحدث على سبيل المثال إلى شجرة، أو نهر أو نبع أو قلعة أو جدار أكثر من حديثه مع إنسان آخر. هذا بدوره يؤكد لنا أن الحقيقة لا تأتي من الخارج، أي من الكتب والأفكار والشعارات الدينية والسياسية، وإنما من تجربة الحياة ومن التواصل الحي مع الأشياء ومع الكون. بهذا المعنى تم اختيار تلك القصائد التي تؤسس لهذا الحوار التواصلي الحي بين عالم متكامل من الصور”.
بالإضافة إلى الصور والقصائد ومقدمة الناشر، كانت إلى جانبهم أيضاً الرؤية الخارجية التي أضافها قلم مارك توين الأصيل الذي قام برحلة عبر البحر المتوسط في عام 1867، وكانت نتيجتها كتاب “دليل من أجل المسافرين الأبرياء“، حيث تم اختيار الجزء الذي خصصه مارك توين للحديث عن سوريا. نقرأ من مقدمته: “لقد شهدت دمشق كل ما جرى في هذا العالم، وهي حتى الآن تنبض بالحياة. شهدت دمشق آلاف العظام اليابسة لآلاف الإمبراطوريات، وأعتقد أنها ستشهد ملايين القبور قبل أن يلامسها الموت. إنها تستحق بجدارة لقب المدينة الأبدية”. إنه بكلماته المثيرة هذه، ووصفه الدقيق يقدّم عالماً شبيها إلى درجة كبيرة بعالم اليوم، إلا أنه عالمٌ أكثر فقراً وذلك بسبب فقدان قسم كبير من تراثه الثقافي.
نتعلم في الكتاب أن لسوريا دوراً في الفن. تعلمنا سوريا أن الإبداع يتجاوز الأشياء فيما يحتضنها. بهذا المعنى الفن ليس له نهاية. فالفن، سواء أكان صورة أو كلمة، رقصاً أو موسيقى، يحرر الأشياء من قيودها ومن كثافتها، يجعلها أكثر شفافية وحرية. إنه يخلق في الإنسان شعور وحدة مع الوجود، أي كأنه يعيش في وحدة بين الصورة والمعنى، بين البدايات النهايات.
كتاب “سوريا. بيو كابانياس” لمؤلفه بيو صادر عن دار نشر La Fábrica2019.
by Aws Yacoub | Sep 19, 2019 | Culture - EN, Uncategorized
نستعرض في هذا المقال كتاب «في مهب الرقابة: العرض المسرحي في سورية 1988- 1997 (قراءات نقدية)» للكاتب والناقد المسرحي والمترجم السوري ناصر ونوس، الصادر عن “دار إي – كتب” في لندن، في آب/ أغسطس الماضي.
جاء الكتاب في 220 صفحة، وهو بحسب ناشره، يمكن قراءته من ثلاثة وجوه، فهو من ناحية أولى قراءات نقدية ذات طبيعة منهجية، في عدد من أبرز الأعمال المسرحية التي عرضت على مسارح دمشق، لا غنى عنها لكل مؤلف أو مخرج أو ممثل مسرحي. وهو من ناحية ثانية، سجل لقراءات واحدٍ من أبرز النقاد المسرحيين العرب ترك من خلالها بصمة خاصّة به في نقد المسرح.
وهو من ناحية ثالثة، وثيقة تاريخية للأعمال المسرحية التي قام بعرضها وتحليلها، حتى لكأنّها وثيقة موجِبة، لا بد لمخرجي ومؤلفي وممثلي المسرح في المستقبل، أن يأخذوها بعين الاعتبار إذا ما أراد أحدٌ أن يعود لينهض بهذا الفن الرائع والذي يكاد يأفل في عالمنا العربي، مع أفول الدولة نفسها، وانقراض المجتمع.
- تأسيس لاتّجاه أو تيار أو ظاهرة..
يتألف محتوى الكتاب على مقدّمةٍ وبابين رئيسيين، الأوّل: “من المسرح العالمي”، ونقرأ من عناوينه: (سكان الكهف: قراءة في شعرية العرض المسرحي، روميو وجولييت: السينوغرافيا وأساليب التمثيل، وكاليغولا في دمشق: الطاغية بين المسرح والتاريخ).
وحمل الباب الثاني عنوان: “من المسرح العربي والمحلي”، ونقرأ من عناوينه أيضًا: (“حكاية الملوك” ولعبة المسرح داخل المسرح، “سفر برلك” مسرحة الجوع والتاريخ، ويوم من زماننا وحداثة التخلف).
إضافة إلى ملحقين، جاء الأوّل بعنوان: “مهرجان دمشق الحادي عشر”، وحمل الثاني عنوان: “مهرجان القاهرة الثالث للمسرح التجريبي”.
ونقرأ في نهاية الكتاب نبذة عن سيرة المؤلف.
موضوع الكتاب، وفقًا لما جاء في مقدّمة ونوس، “ليس هو الرقابة على المسرح في سورية، كما قد يتبادر إلى ذهن القارئ في الوهلة الأولى، بل موضوعه العروض المسرحية التي أتيح لها أن ترى النور في ظلِّ الرقابة القائمة على المسرح. وهو مجموعة قراءات لأهم هذه العروض التي شهدتها العاصمة السورية دمشق بين عامي 1987 و1997”.
يتناول الكتاب بالنقد والتحليل العروض التي كانت محل اهتمام ونوس من حيث قيمتها الفنية والفكرية من جهة، ومن حيث أنّها تنطوي على إمكانية تأسيس لاتّجاه أو تيار أو ظاهرة في المسرح السوري من جهة ثانية.
في هذا السياق، يشير المؤلف إلى أنّ “هذا لا ينفي أنّه كانت هناك عروض مسرحية أخرى كان لها قدر من الأهمية لم نتناولها، والسبب ببساطة يعود إما لأنّنا لم نشاهدها أو لأنّنا لم نكتب عنها لسبب ما”. لافتًا إلى أنّ من هذه العروض على سبيل المثال أربعة عروض تم تقديمها بين عامي 1993 و1994 وحظيت بترحيب واسع ولم يشاهدها بسبب سفره خارج سورية حينها، وهي: “تقاسيم على العنبر” للمخرج العراقي جواد الأسدي، و”منمنمات تاريخية” لسعد الله ونوس الذي قدمته نائلة الأطرش، و”الآلية” لمانويل جيجي، والرابع بعنوان: “النو” وهو عرض ارتجالي لطلبة قسم التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية بإشراف الفنان فايز قزق.
يخبرنا ناصر ونوس، في منشور له على جدار صفحته في موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، إلى أنّ هذا الكتاب انتهى من كتابته قبل عشرين عامًا، وأنّ أسبابًا كثيرة حالت دون نشره حينها.
- مسرح سوري في مهب الرقابة..
تحت عنوان عريض هو “في مهب الرقابة” يستهل ونوس كتابه بالقول: إنّه “عندما نجح رجال الدين في سورية عام 1884 في طرد الشيخ أحمد أبي خليل القباني من سورية بعد إحراق مسرحه، كانوا بذلك يضعون اللبنة الأولى في جدار ما سمي في ما بعد (أزمة المسرح السوري). فمع إحراق مسرح القباني انطفأت شعلة المسرح في سورية، ولم يكن قد مضى على إضرامها سوى سنوات عدّة، ولم تعد للاشتعال مرّة ثانية إلّا في عشرينات القرن العشرين”.
هنا يؤكد صاحب «المراجع المسرحية العربية والمعربة – ببليوغرافيا وشروحات»،أنّ “أزمة المسرح في سورية ظهرت بعد سنوات قليلة على انطلاقته، وتفاقمت بعد هزيمة حزيران (يونيو) 1967، وكُتب عنها الكثير منذ مطلع سبعينات القرن الماضي وإلى الآن من دون جدوى، حيث لم يتم وضع الخطط والمشروعات للخروج منها، وذلك أسوة بجميع الأزمات التي تمر بها ثقافتنا ومجتمعنا، والتي لا نستطيع الخروج منها، بل إنّ أزمة المسرح هي الأكثر تعبيرًا عن بقية الأزمات التي يمر بها المجتمع بصورة عامة، ذلك لأنّ المسرح، من بين الفنون الأخرى، وكما هو معروف، هو الأكثر حساسية والأكثر عرضة للتأثر بأزمات المجتمع”.
يشدّد ونوس في سياق تحليله النقدي على أنّ أزمة المسرح في سورية لا تكمن في النصّ المسرحي وعدم توافره، كما يشاع، وليست في المخرجين ولا في الممثلين، بل إنّها تكمن في غياب حرية التعبير، ومنع المخرجين من معالجة القضايا والمشكلات التي يغرق فيها مجتمعهم، وبالتالي منع المسرح من القيام بلعب دور اجتماعي، وتجريده من وظائفه ومسؤولياته، وسجنه داخل جدرانه الأربعة، خوفًا من «خطره».
وقد غدا المسرح السوري أشبه بورقة مزعجة تتقاذفها الرقابة على هواها، ومن هنا يمكن القول عنه إنّه «مسرح في مهب الرقابة».
يقول ونوس: إنّه “خلال العقدين الأخيرين استطاع القائمون عليه قطع كل الروابط التي كانت تربطه بجمهوره، وقاموا بذلك بذكاء لا نعهده عند المسؤولين عادة، وتخطيط مدروس قلَّ نظيره، ولو كان هذا الذكاء والتخطيط موجهين لخدمة مسرحنا لكان هذا المسرح من أهم المسارح العربية الآن، لكنه، للأسف، موجه لتدمير هذا المسرح عبر تفريغه من محتواه وعزله عن جمهوره؛ فالجمهور يأتي عادة إلى المسرح لكي يتمتع بمشاهدة فن جميل، ولكي يرى من يضع مشكلاته على بساط البحث، ويسمع من يناقشها ويعالجها ويكشف أسبابها وسبل الخروج منها، لكن عندما يأتي إلى المسرح ويرى إخراجًا رديئًا وتمثيلًا متكلفًا، ويسمع أحاديث وحوارات لا معنى لها، فلن يكرر زيارته إلى المسرح، والخطر سيكون أكبر على المتفرج الجديد الذي يقدم له هذا النوع من المسرح على أنّه (هذا هو المسرح)، وبالتالي سيهجر المسرح إلى الأبد”.
- قيود وافتقار لحرية التعبير..
يلفت الناقد المسرحي السوري إلى أنّه خلال عقدي الثمانينات والتسعينات لم يظهر كاتب مسرحي جديد؛ وهذا ما يعزز مقولة إنّ سبب أزمة المسرح في سورية هو الافتقار لحرية التعبير، فمن المعروف أنّ أوّل شروط ازدهار المسرح، وازدهار الإبداع على وجه العموم، هو وجود فضاء كافٍ من الحرية، يستطيع المبدع التحرك فيه، ويستطيع الكتابة في الموضوع الذي يشاء بعيدًا عن قيود الرقابة، ودون خوف، فضاء يتاح فيه لمختلف الأفكار والمواقف أن تعبر عن ذاتها، وتعلن اختلافها، وتدافع عن حقها في هذا الاختلاف، معتبرًا أنّ الافتقار إلى حرية التعبير أجبر بعض كتّاب المسرح على التوقف عن الكتابة، وأسطع مثال على ذلك هو المرحوم سعد الله ونوس الذي توقف عن الكتابة لمدة 15 عامًا لم يكتب خلالها سوى نصٍّ مسرحيٍ واحد هو «الاغتصاب»، الذي اقتبسه عن مسرحية «القصة المزدوجة للدكتور بالمي» للكاتب الإسباني أنطونيو بويرو باييخو، والذي نشره للمرّة الأولى عام 1989 في مجلة “الحرية” التي تصدر في دمشق عن “الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين”، وليس “الجبهة الشعبية” كما ذكر المؤلف، وأخرجه العراقي جواد الأسدي لصالح فرقة المسرح الوطني الفلسطيني.
يذكر ونوس في سياقِ سرده التاريخي للمسرح السوري المعاصر، أنّ الكاتب الراحل ممدوح عدوان أوّل من كتب المونودراما في سورية، وأنّ أوّل نصٍّ كتبه من هذا النوع هو “حال الدنيا”، وتبعه بـ “القيامة” ثم “الزبال”، وذلك في النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي.
ومن النقاط الهامة التي توقف عندها ناصر ونوس حول “المخرجون والعروض”، هي أنّه “مع منتصف الثمانينات، ومع فورة الأعمال التلفزيونية، بدأت ظروف العمل المسرحي في سورية تتدهور؛ فقد أصبح اختيار وتجميع عدد من الممثلين وإجراء البروفات على عرض مسرحي لعدّة أشهرٍ متواصلة أمرًا بالغ الصعوبة، فقد غدت مسألة ترك الممثل للبروفات وانضمامه إلى مسلسل تلفزيوني أمرًا مألوفًا، مهما كان طول الفترة التي قضاها في هذه البروفات، خصوصًا في ظلِّ غياب أيّ عقد يُلزمه بمواصلة هذه البروفات حتى الخروج بالعرض المسرحي إلى العلن. فإغراء التلفزيون لا يقاس ببؤس الأجر الذي يتقاضاه عن عمله في المسرح، خصوصًا إذا علمنا أنّ معظم الممثلين ينحدرون من فئات اجتماعية فقيرة، أتوا من محافظات وأرياف مختلفة لدراسة التمثيل وعينهم على التلفزيون، حيث المال والشهرة والنجومية”.
من استخلاصات ونوس في قراءة نقدية فاحصة للمسرح المحلي السوري خلال عقدين قناعته بأنّ كل التحديات التي مرَّ على ذكرها لن تؤثّر في مسرح متقدم متطور فنيًا وفكريًا، مرتبط بقضايا المجتمع، يعالجها ويضعها على بساط البحث أمام الجمهور، ويفتح فضاءات للحوار الذي ينطلق من الخشبة إلى الصالة متغلغلًا في ثنايا المجتمع، ومن الطبيعي القول: إنّ مسرحًا كهذا لا يمكن أن يرى النور في ظلِّ استمرار سيطرة العقليات والمعايير الرقابية القائمة في سورية. مبرزًا أنّ الآليات التي اعتمدها الرقيب عملت على تفريغ المسرح من محتواه الفني والفكري، بحيث استطاعت أن تحوّل المسرح إلى وجبة باردة، عسيرة الهضم، تربك المعدة والأمعاء على حدٍّ سواء.
أخيرًا، يُشار إلى أنّ مؤلف الكتاب ناصر ونوس حاصل على شهادة البكالوريوس في النقد المسرحي من المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق 1988.
عمل صحافيًا مستقلًا لعدد من الصحف والمجلات العربية، كما عمل محررًا في قسم الأخبار في تلفزيون “روسيا اليوم” ثم في تلفزيون “العالم”.
وهو ناقد سينمائي ومسرحي وإعلامي ترجم وألف العديد من الكتب، ومن أعماله تأليفًا وترجمةً: «المراجع المسرحية العربية والمعربة – ببليوغرافيا وشروحات»، حمص 1992.
وله في الترجمة: «الباب المفتوح – أفكار في المسرح والتمثيل»، تأليف بيتر بروك، دمشق: دار كنعان 2007. «صناعة الأفلام الوثائقية، دليل عملي للتخطيط والتصوير والمونتاج»، تأليف بارى هامب، مشروع كلمة للترجمة في أبوظبي، 2011.و«الإخراج السينمائي، تقنياته وجمالياته»، تأليف مايكل رابيجر،مشروع كلمة للترجمة في أبوظبي، 2018.
by Hiam Karm | Aug 22, 2019 | Cost of War - EN, Culture - EN, Uncategorized
I recently visited the Roofed Souk (al-Souk al-Maqbi–in colloquial dialect “the domed souk”) in Homs for the first time in years. I entered through surroundings of destruction and ruins, driven by nostalgia for days when we had to walk one behind the other because of the crowds. We were now one week before Eid al-Fitr, and there were no more than two hundred people at the peak hour, in addition to a few open shops waiting for customers who may or may not come!
Before the war, this market, like others in Syrian cities large and small, was a hub for commercial activities in the city, where people exchanged various goods and commodities, and craftsmen, stall holders, and customers from the villages and countryside of Homs gathered. The market buzzed with stall holders calling out about their merchandise, quality, and prices, which suited various social classes. Here you could find various clothes and textiles, sewing supplies, old rugs, furs, various threads and ropes, shoes, clogs, socks, bags, stationery, decorative materials, make-up, gold, silver, oriental and copper goods, groceries, sweets, candy, fish, and meat. In al-A’tareen Souk (perfumers’ souk), a single shop contained more than five thousand types of herbs, plants, spices, oils, and perfumes. There were also workshops for jewelry, blacksmithing, whitening copper, dyeing fabrics, upholstery, and Arab sewing.
Many of the crafts that once filled these markets, such as squeezing molasses and tanning leather, have become extinct, and new ones have replaced them. According to the Directorate of Ruins and Museums in Homs, the number of shops before 2011 was 890 oriental, local, and heritage shops located in thirteen souks: al-Nouri, al-Hisbeh, al-Bazabashi[i], al-Mansoojat, al-Sagha, al-Qaisarieh near al-Qaisarieh Inn[ii], al-Ibi, al-Ma’sarah[iii], al-Ma’radh (al-A’tareen), al-Arab–the mediator between the nomads and the urbans, al-Faru, al-Nahhaseen, al-Khayyateen, and al-Najjareen. These souks, which go back to the Ayyubid and Mamluk eras, still preserve their heritage and architectural characteristics. Other parts go back to the Ottoman occupation period.
The architecture of these souks, just like their counterparts in Damascus and Aleppo, is Islamic, as they are mostly covered with cylindrical roofs, huge rock domes: the shops are built of rocks with semi-circled rock frontages and crowned columns, decorated in the old style with geometric shapes. Huge windows sit on the top with arches for ventilation and lighting. A big dome emerges where two souks meet to crown the road junction, while basalt stones cover the floor.
Basalt stones, which characterize old buildings in Homs, were used because of their abundance in the area of al-Wa’ir, west of Homs, but you can find some souks with roofs made of limestone and hemp, some shaped as domes with air vents. An ironclad wooden shutter with a small door that goes back to 1300 AD characterizes the entrance of al-Qaisarieh souk. Then comes a roofed vestibule that leads to a stone staircase, which in turn leads up to the top floor of twenty-seven shops. Twenty columns made of white stones supporting wooden roofs surround the shops. You can see the ruins of a stone mill inside one of the shops.
The war overran these ancient markets in 2012, subjecting them to destruction and fires. Restoration and rehabilitation work over an area of forty-two thousand square kilometers began three years ago with coordination between Homs Governorate and the United Nations Development Program (UNDP), under the supervision of the General Directorate of Ruins and Museums. The restoration project will replace the damaged metal coverings with similar new ones in the style of the thirties’ period. The restoration includes fixing structural damage, replacing missing stones, and rebuilding some destroyed shops according to specifications set by the Directorate of Ruins and Museums and schemes for this project. The reconstruction will use the same old stones, after they have been sorted out and the rubble removed. There will be new roller shutters, uniform signs, and metal nets for windows and shops. The project will also restore the infrastructure and repair the stone floors.
Restoration will take place in four stages: the first and second ended in 2017 and the third began in 2018. The number of shops restored as part of the third stage reached 750 shops as of March, according to UNDP Representative in Homs Tareq Safar’s statement to the official Teshreennewspaper. However, Safar complained that the “lack of return on the part of shop owners after the restoration of their shops is causing embarrassment for us in front of visiting delegations and some donors,” calling on shop owners to remove the remaining rubble in their shops, so it can be moved away from the sight of the organization’s delegations, who are asking why the shops have not opened yet. This may cause donor countries to reconsider future assistance.
Financial Constraints and Burdens:
The restoration project is over ninety percent complete, according to official statements, but the revival in the market has not reached twenty percent in comparison to what it was prior to 2011. This is due to the sectarian division in Homs’s neighborhoods because of the checkpoints, the battles that erupted, the retreat of inhabitants to their neighborhoods, and the creation of micro markets that thrived separately in each neighborhood and later expanded after the war ended. However, these markets still lack crafts like whitening copper, oriental work, ropes, cloaks, and traditional clothing, which the old souk provided.
Merchants in the Roofed Souk suffer from high rents. The shop owners have to re-raise the columns and the roof so that they can be included in the restoration works, as the program is restricted to the shop fronts. In addition, the program has imposed a uniform interior cladding on them. All of this, along with accumulated taxes from previous years, costs the shop owners great sums of money.
Restoration works were supposed to include nearby markets in Abi al-Alaa al-Ma’ari Street, al-Na’ora Souk, Abo al-Ouf Street, Bab Hood, Vegetable Souk, and al-Jindi Souk in parallel with the old souk, so that they can be all connected[iv]. Because most of Homs’s neighborhoods are empty, the souk area has become more isolated. Although government institutions have started working, the neighborhoods of Bayyadha, Khaldieh, Wadi al-Sayeh, Bab Hood, al-Qosoor, al-Qarabis, and Joret al-Shayyah (the northern part of the city) are still semi-empty. One third of the displaced people have returned to the neighborhoods of al-Warsheh, Bab Hood, al-Hamidieh, and Bostan al-Diwan.
Many of the shop owners believe that returning to their homes and shops would be exhausting and very expensive. In addition, there is a lack of security inside the souk at night and delays in installing electricity meters. Some people prefer to open a “cart” in front of their shop until the souk starts to pick up again, so they can prove their presence.
Antoine al-Akhras, a jeweler, suggested closing infringing shops in residential areas, so that merchants will be compelled to go back. Abo Abdo, a soap and olive oil wholesale merchant who worked in the family shop he inherited from his father for more than forty years, has now switched to selling olive oil on the sidewalks after his shop burned down and he lost his goods because it is less expensive and more profitable, as he does not have the money for the restoration, cladding, and buying new products.
Abd al-Baqi al-Tarsheh, the owner of a clothing shop, believes that al-Na’ora Souk should be restored because it links al-Dablan market and the Roofed Souk. “We need financial and moral support so we can return,” he said. Morhaf Slaibi, the owner of a jewelry shop, cannot buy new equipment. Talhat al-Salqini says, “We did not get any financial support. We restored the shops at our own expense.”
A fifty-year-old lady, who frequently visits the souks, thinks that all the shops need to come back, including those selling textiles, jewelry, and tailors’ supplies, because “those who go to the souk want to find everything in one place. We need diversity,” she says. Another lady, who works as a tailor, has to go back and forth between the distant souks in the neighborhoods looking for her supplies, which she used to find all in one street in the Roofed Souk.
All attempts by the government to show that normal life has indeed returned to Homs are for media purposes only. The return of government institutions in the city center is not enough, as it is surrounded by destruction. It also seems that corrupt bureaucracy is not the only reason for not providing true incentives for the return of inhabitants and souks. Apparently, the government has no intentions in this regard, and it shows little or no concern for this matter.
The Roofed Souk still reserves its own corner in the collective memory of the inhabitants of Homs and its countryside. It has always been, and will remain, capable of encompassing all sectors of society. Its return is an indicator for the return of normal civil life. So, will the dream come true?
*This article was published in Arabic at Salon Syria here.
[i]Known as the ladies’ souk or the souk for second-hand clothing
[ii]Residents of Homs pronounce it as “Qaisawieh”
[iii]Named after the craft of squeezing molasses in old times
[iv]The infrastructure and sidewalks are currently being restored in al-Na’oua Souk, Abo al-Ouf street, and Bab Hood.
by Syrian Female Journalists Network SFJN | Aug 16, 2019 | Cost of War - EN, Culture - EN, Reports - EN, Uncategorized
هناك حاجة لتحسين المحتوى الإعلامي النسوي السوري وجعله أكثر تمثيلاً لتنوع خبرات النساء السوريات واحتراماً لتجاربهن ودورهن في المجتمع. سعياً لتحقيق هذه الحاجة، عقدت شبكة الصحفيات السوريات جلسة حوارية بعنوان”التعاون المشترك بين المؤسسات الإعلامية ومنظمات المجتمع المدني لتعزيز المحتوى النسوي” ضمن مؤتمرها السنوي في مدينة اسطنبول التركية، في شهر حزيران ٢٠١٩. هدفت الجلسة لإيجاد سبل تعاون جديدة وتعزيز التنسيق ما بين المؤسسات الإعلامية من جهة ومنظمات المجتمع المدني ذات التوجه النسوي والنسائي من جهة أخرى.
استقطبت الجلسة مجموعة متنوعة الخبرات من المتحدثات، فقد قامت رؤى الطويل (مديرة برنامج “جندر رادار”) بتيسير الحوار، وشاركت فيه ديما موسى (عضوة مؤسسة في الحركة النسوية السياسية السورية، ونائبة رئيس الائتلاف لقوى الثورة والمعارضة السورية)، ووضحة عثمان (مديرة جمعية رفقاً، ورئيسة مجلس إدارة الهيئة العامة للمرأة في حماة وريفها). وساهمت في مداخلات عن بعد كل من فيان محمد (صحفية مستقلة وعضوة فريق “جندر رادار” في القامشلي)، و سهى الراوي (مديرة برامج العنف المبني على النوع الاجتماعي في منظمة نقطة بداية) من غازي عنتاب.
تطرقت الجلسة بدايةً للتعريف ببرنامج “جندر رادار”، والهدف من تحليل الخطاب النقدي للمؤسسات الإعلامية، وتحليل السياقات المختلفة المؤثرة في إنتاجه. كما ناقشت الجلسة آلية تطوير الهيكليات والسياسات ضمن المؤسسات بما يجعلها مراعية للنوع الاجتماعي والمساواة بين الجنسين.
تميزت الجلسة باستعراض المشاركات لتجاربهن العملية، فمثلاً تحدثت فيان محمد عن تجربتها في برنامج “جندر رادار”، الذي نفذته مؤسسة شبكة الصحفيات خلال العام ٢٠١٨ مركزة على تغطية قضايا النساء في الخطاب الإعلامي. أكدت فيان أن “التحليل النقدي للخطاب جندرياً هو أداة مفيدة وممتعة لارتدائه كنظارة بشكل دائم بهدف نقد الممارسات اليومية، وأيضاً النظر للخطاب الإعلامي، وملاحظة إقصائه للنساء، ووجهات نظرهن،” وأضافت: “من المهم تعزيز التعاون بين منظمات المجتمع المدني والحركات السياسية وتحديداً النسائية، لأننا نفتقر لهذا التعاون، على سبيل المثال في مدينتي القامشلي، لا يوجد ورش لتمكين النساء على القيادة السياسية، ومن المهم العمل على توفير مثل هذه الفرص والضغط على الحركات السياسية من أجل إشراك النساء لتصبحأصواتهن حاضرة.”
ابتعاد النساء عن المشاركة الإعلامية: أسباب وحلول
ناقش الحضور من ممثلات وممثلي منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية الأسباب التي قد تدفع بالنساء للنأي بالنفس عن المشاركة كمصادر إعلامية في المجالات المختلفة خاصةً في المجال السياسي. أشار العديد من الحاضرين/ات أن محدودية الظهور الإعلامي للنساء قد تعود لخوفهن من التعرض لانتهاك أو نقد يمس خصوصيتهن. أيضاً تم توجيه اللوم للمؤسسات الإعلامية التي لا تسعى في كثير من الأحيان لتحقيق التوازن الجندري في المصادر الإعلامية. فعلى سبيل المثال، تستضيف الوسائل الإعلامية غالباً الخبراء الرجال خاصة عند التطرق للمواضيع السياسية والعسكرية، ونادراً ما تتم استضافة خبيرات نساء. أما رؤى الطويل فترى أن سبب عدم ارتياح النساء للظهور في الوسائل الإعلامية أو في المجال العام، قد يعود للتنشئة الاجتماعية والعيش وسط مجتمع ذكوري، ما يدفع كثيراًمن النساء لتفادي الانخراط في المجال السياسي.
كحل لتفادي الإقصاء الإعلامي للنساء، اقترحت ديما موسى على المؤسسات الإعلامية أن تستفيد من تجربة عمل الحركة النسوية السياسية السورية التي تحاول “من خلال عضواتها وأعضائها الوصول لخطاب جامع من منطلق المواطنة المتساوية.” وأكدت ديما “أنه يوجد في الحركة أكثر من 100 امرأة في كافة المجالات السياسية، والاقتصادية، والطب، والمجال الإنساني” وأن عضوات الحركة “جاهزات للتعامل مع المؤسسات الإعلامية.”
ومن الحلول الإضافية التي اقترحها الحضور أهمية توفير تدريبات للنساء اللواتي يتعاملن مع الوسائل الإعلامية، ورفع الوعي بأهمية مشاركة آرائهن مع الإعلام. و أشار الحضور إلى أنه يجب توفير تدريبات التمكين السياسي للنساء والرجال على حد سواء لزيادة الوعي الجندري. وهنا أكدت سهى الروايأن المهم ليس فقط العمل على التمكين السياسي للنساء بل أيضاً خلق توعية سياسية لديهن بما يجعلهن مؤثرات كقوة فاعلة في سوريا. ولخصت سهى رأيها بأنه: “يوجد توجه عام لمشاركة النساء فقط من أجل تحقيق الكوتا، وتحقيق تمثيل للنساء في اجتماع أو ورشة، لأن المانح يضغط في هذا الاتجاه، ولكن على أرض الواقع لا تكون النساء حاضرات بشكل حقيقي وإنما فقط واجهة، نحن نتمنى الضغط والمطالبة أكثر لتأخذ النساء فرصتهن في المشاركة الحقيقية”.
محاربة تنميط النساء إعلامياً
أجمع أغلب الحاضرين/ات ضمن الجلسة على أن الصورة النمطية للنساء كضحايا تطغى على الخطاب الإعلامي خاصة عند تغطية حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي، في حين يتم تجنب تغطية قصص النساء التي تُظهرهن كعضوات فاعلات بطريقة إيجابية في المجتمع.
وأكدت سهى الراوي أن الإعلام يجب أن يدعم جهود منظمات المجتمع المدني كمنظمة “نقطة بداية” في توفير الدعم النفسي الاجتماعي للناجيات من العنف واستهداف الرجال كشركاء لوقف العنف الجندري.
وأكدت سهى أهمية تعزيز التعاون والشراكة ما بين منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية، كالتعاون الناجح ما بين مؤسسة شبكة الصحفيات السوريات ومنظمة النساء الآن في العام ٢٠١٨ في تنفيذ أنشطة حملة 16 اليوم لمناهضة العنف ضد النساء.
وأشارت وضحة عثمان إلى مثال تعاون ناجح آخر ما بين مؤسسة شبكة الصحفيات السوريات و جمعية رفقاً، حيث تم تدريب مجموعة من اليافعات على الكتابة الحساسة للنوع الاجتماعي. إلا أن وضحة نوهت إلى تحديات العمل الإعلامي التي تواجه الكثير من الكتاب والكاتبات فعادةً ما تبحث المؤسسات الإعلامية عن المقالات التي تُحقق لها المزيد من القراءات أو المشاهدات، وتفرض على الكتاب والكاتبات عدم تناول العديد من النقاط التي لا تتناسب مع توجهات المؤسسة. وكمثال عملي، تحدثت وضحة عن تجربتها عندما كتبت مقالاً في احدى المواقع الإلكترونية عن نظرة السوريين/ات للحج على أنه ليس فريضة فقط، بل نقطة التقاء لهم/ن، وذكرت قصة سيدة هربت من مناطق سيطرة بعض الفصائل، إلا أن الموقع نشر المقال تحت عنوان “الحج هو طريق للهروب من داعش” مما حرّف مضمون المقال وشكل تهديداً عليها.
أكدت وضحة أن العديد من النساء اليوم لا يُفضلن العمل في المجال المدني ومراكز صنع القرار بسبب الخوف من الهجوم الذي قد يتعرضن له لكونهن نساء. و استشهدت بمثال تعامل الإعلام مع المعتقلات السياسيات، إذ عادةً ما يتم تجاهل وتناسي نضالهن ونشاطهن السياسي المسبب لاعتقالهن، وإثارة الشفقة تجاههن إعلامياً، ما يشكل ضرراً مضاعفاً عليهن ويؤدي لانسحابهن من المجال العام. واختتمت وضحة رسالتها بأن “المرأة جزء من الحل، يوجد نساء في الداخل السوري لا يعلمن بوجود القرار ١٣٢٥ في حين يقمن بتنفيذه في حياتهن اليومية، ودورنا إيصال صوتهن للإعلام وتعزيز ثقافة النجاح لديهن”.
توصيات لتحسين تغطية الإعلام لقضايا النساء
اختتمت الجلسة بمجموعة توصيات في سبيل تحقيق تعاون أمثل بين المؤسسات الإعلامية ومنظمات المجتمع المدني في سبيل تحسين واقع النساء في الإعلام. ويمكن تلخيص أهم توصيات الجلسة بضرورة: أولاً، العمل على تسليط الضوء على التاريخ النضالي للنساء في الإعلام. ثانياً، خلق الوعي لدى المؤسسات الإعلامية بجدوى مشاركة النساء كمصادر إعلامية عبر مشاركة قائمة بأسماء النساء اللواتي يعملن في المجال العام ممن ليس لديهن مشكلة بالظهور الإعلامي مع هذه المؤسسات، وعبر المطالبة بوجود كوتا إعلامية على غرار مبدأ تطبيق الكوتا السياسية. ثالثاً، توفير تدريبات للنساء من مجالات متنوعة تتعلق بشكل وطريقة ظهورهن الإعلامي عبر المؤسسات الإعلامية المختلفة. رابعاً، العمل على تحسين خطاب منصات التواصل الاجتماعي سيما للمؤسسات الإعلامية، فمثلاً ما قد يشجع كثير من النساء على الظهور الإعلامي التركيز على دورهن كمسؤولات وفاعلات في المجتمع أكثر من دورهن كضحايا. خامساً، تضامن وتعاون مؤسسات المجتمع المدني والحركات النسوية لتنفيذ ورشات تمكين للنساء تزيد من وعيهن السياسي.
by Badrkhan Ali | Aug 13, 2019 | Culture - EN, Uncategorized
اهتم المستشرق والباحث والدبلوماسي الفرنسي روجيه ليسكو(1914-1975م) بالآداب الشرقية، وبشكل خاص الأدب الفارسي والأدب الكردي. جمع الكثير من القصص والمرويات الشفاهية الكردية ونشرها، كما كان له إسهامٌ كبير في كتابة قواعد اللغة الكردية مع المثقف الكردي المعروف جلادت بدرخان، من خلال مؤلفهما الشهير «قواعد اللغة الكردية، اللهجة الكرمانجية» بالفرنسية، والذي ترجم إلى العربية أيضاً.
في كتابه الصادر بالفرنسية عام 1938، والمترجم للعربية بعنوان «اليزيدية في سورية وجبل سنجار» (دار المدى، ترجمة أحمد حسن، ط1 2007)، يستند المؤلف إلى رحلة ميدانية بحثية قام بها عام 1936 إلى الجزيرة العليا، وإلى منطقة إعزاز وجبل سمعان ووادي عفرين. فجاء الكتاب مليئاً بالمعلومات الميدانية عن معتقدات الإيزديين وعاداتهم وتقاليدهم، خصوصاً أنه يجيد اللغة الكردية، بالإضافة إلى معلومات تاريخية تنم عن اهتمام المؤلف بالديانة الإيزيدية والكرد. كذلك له مؤلف آخر يتعلق بجبل الأكراد، عن الحركة المريدية في كرداغ.
نقتصر في هذه السطور ما تطرق إليه المؤلف الفرنسي عن إيزيدية منطقة جبل سمعان وجبل الأكراد (عفرين) كملاحظات ميدانية عيانية مهمة عن المجتمع اليزيدي الكردي في شمال غرب حلب.
يقول المؤلف إن استقرار اليزيدية في جبل سمعان قديم نسبياً، ويعيده إلى نحو سنة 1200 م، استناداً إلى أعمال المؤرخين (ابن العبري، و لامان، وشرفخان البدليسي)، ومرويات شعبية إيزيدية في المنطقة.
يقول المؤلف: يبدو من خلال التعارض الذي يقيمه «شرف خان» / البدليسي 1543-1601م / بين يزيدية قصير أنطاكية وأكراد جومة المسلمين، أنه في القرن الثالث عشر كان هؤلاء اليزيدية يتمركزون في القسم الجنوبي من وادي عفرين على مقربة من غزاوية بينما كانت العناصر المسلمة تشمل القسم الشمالي منه.
خلال فترة ليست بقصيرة بقي يزيدية جبل سمعان مرهوبي الجانب، إذ تروي لنا «الشرفنامة» تفاصيل الصراعات الطويلة التي واجه فيها الأمير مَند[i]قبائل قصير وبعض شيوخ اليزيدية الذين كانوا يقيمون بين حماة ومرعش. وعندما حل المماليك محل الأيوبيين في أوساط القرن 13 رفض أمراء كلّس الاعتراف بهم وثاروا عليهم. وقد تم عزلهم عن الإمارة حوالي سنة 1500 م لصالح زعيم يزيدي يدعى عز الدين.
يشير المؤلف إلى ظاهرة تناقص أعداد اليزيديين الكبيرة حتى القرن الثامن عشر، بفعل تأسلم بدأ منذ زمن طويل كما يقول. واليوم، يقول المؤلف، فإن اليزيدية لا يشكلون الأغلبية سوى في تسع قرى من أصل اثنتين وعشرين قرية لا يزالون موجودين فيها. ومنذ رحلة لامان (1903) أسلَمَت ثلاث قرى، كان هذا الكاتب قد اعتبرها قرى يزيدية، وحذت حذوها ثلاث أخرى لم يأت الكاتب على ذكرها. ويقول إن المصاهرات بين اليزيدية والمسلمين كثيرة، وكانت أحد العوامل الرئيسية في التحول من اليزيدية للإسلام، خصوصاً بعد الحرب العالمية الأولى.
يقول المؤلف إن السلوك اليومي ليزيدية سورية تغيّر عميقاً بسبب حالة التساهل التي يعيشونها. فمنذ أمد طويل تخلوا عن إظهار خصوصيتهم بصورة بادية للعيان. وقد تركوا لباسهم التقليدي ولم يعد هناك أي شيء في لباسهم يميزهم عن باقي أكراد المنطقة. ويقول إنه على عكس يزيدية سنجار الذين حافظوا على أصالتهم بفضل العزلة التي يعيشون فيها، فإن يزيدية جبل سمعان قلّما يتميزون عن بقية فلاحي المنطقة. ورغم أنه لم يمض وقت طويل على تحضرهم بصورة تامة، فإنهم لا يحتفظون إلا بذكرى غامضة عن تنظيمهم القبلي السابق.
تجمع يزيدية جبل سمعان يضم نحو عشرين قرية منتشرة على نطاق واسع جداً بين الحدود التركية ودير سمعان، ومعظمها يتركز بين جبل سمعان ووادي عفرين الذي يكاد يكون يزيدياً بأكمله وحتى منعطف غزاوية. وفي الشمال ثمة أربع بلدات صغيرة هي قسطل وسنكلة وبافلون وقطمة.
في ملاحق الكتاب، وضع المؤلف وثيقة عربية تتعلق بالشيخ عدي وخليفته، وأربعة نصوص كردية حصل عليها من يزيدية جبل سمعان. وكذلك معلومات عن القرى اليزيدية وكذلك التي أسلمت حديثاً، وعن مزاراتهم الدينية.
مزارات اليزيديين:
بارسا هانوم (قسطل) parsa hanûm، شيخ همت (قسطل)، شيخ غريب (سنكله)، بريم صادق وعبد الممان (بين مشعلة وقطمه)، جب رابي (اعزاز)، جيل خاني (قرب عرش قيبار) çêl Xanê ، ملك هادي، شيخ سفيل (قرب ترنده)، شي عبدالقادر(ترنده)،شيخ سفيل( كره باش) شيخ سعيدي(كره باش) شيخ محمد( كره باش)،شيخ عبدالرحمن بن عوفي ( كره باش)، شيخ حليف خليفة الشيخ هادي( باسوطا)، برج عبدالو، شيخ محمد( فوق غزاوية)، شيخ ركيب الشادري(الشيخ خضر) şêx rikkêbê şaderê، أبو كعب، شيخ علي (باسوفان)، شيخ بركات (على قمة الجبل الذي يحمل الاسم ذاته)، شيخ قصاب (كوندي مزن gundê mezin ) .
بالإضافة إلى هذه المزارات، يكتب المؤلف عن مزار ككي عزيز KEKÊ EZÎZ، الذي يقع خارج المنطقة، داخل الحدود التركية في قره داغ وتحديداً في قوشطانه وبني على مغارة من ثلاث حجرات كبيرة، وعلى بعد مسيرة ساعة من هذا المزار كانت توجد مغارة أخرى مخصصة لشيخ مند، تحفظ فيها ملابسه. وفي عام 1925 عندما دمر الأتراك هذين المزارين نقلت محتوياتهما من رفات أو بقايا، سراً إلى بيت درويش آغا في سورية، وقد أصبحت هذه المحتويات ملكاً لجميل آغا.
ملاحظة: يبدو هناك تغيير في لفظ بعض مسميات القرى والمزارات، بسبب النقل من الكردية إلى الفرنسية ومن ثم ترجمتها إلى العربية، وتوخياً للدقة والمقارنة، نقتبس هذه الفقرة من كتاب « الديانة الإيـزيديـة والإيـزيديـون في شمال غرب سوريا» لمؤلفه د. محمد عبدو علي[ii]:
(المزارات التي يمكن القول بأنها خاصة الإيزيديين، فهي: 1- پارسه خاتون Parse Xatûnê 2- شيخ حميد. وهما موجودان بجوار قرية قسطل علي جندو. 2- شيخ شرف الدين في قرية بافلون. 3- حه جه ركي Hecerkê. 4- ملك آدي Melek Adî. 5- چيل خانه Çêlxane. وثلاثتها بجانب قرية عرشقيبار. 6- شيخ ركاب: في قرية شيح الدير. 7- شيخ سيدي: في قرية فقيران. 8- زيارة شيخ علي: في قرية باصوفان. 9- شيخ بركات: على جبل شيخ بركات. 10- زيارة پير جعفر Pîr Cefar: بجانب زيارة عبد الحنان. 11- زيارة أبو كعبة: بجانب قرية أبو كعبة. 12- زيارة منان على المرتفع المشرف على قرية كفرجنة.).
قرى اليزيديين في جبل سمعان:
قسطل: يزيدية 51 بيتاً، مسلمون :3 بيوت
سنكلة: يزيدية 20 بيتاً، ملسمون 80 بيتاً
بافلون: يزيدية: 7 بيوت
قطمة: يزيدية :25 بيتاً، مسلمون 40 بيتاً
عرشي قيبار: يزيدية 55-60 بيتاً، مسلمون: 30 بيتاً.
ترنده: يزيدية: 15 بيتاً، مسلمون: 15 بيتاً
جديدة: قرية صغيرة مؤلفة من 4 أو 5 بيوت لمزارعين يزديين.
باسوطة: يزيدية 2 بيت، مسلمون 50 بيتاً.
كيمار: يزيدية :20 بيتاً، مسلمون 20 بيتاً.
برج عبدالو: يزيدية: 20 بيتاً، مسلمون: 25 بيتاً
براد: 7-8 بيوت يزيدية متأسلمة، 15 بيتاً مسلمون من أصول مختلفة.
كفر زيت: يزيدية: 20 بيتاً
قره باش: يزيدية 30 بيتاً
غزوية: يزيدية: 15 بيتاً، مسلمون 20 بيتاً
شيخ خضر: يزيدية: 12 بيتاً، بعض المسلمين
إسكان: يزيدية: 2-3 بيوت، العديد من المسلمين
جقلان: يزيدية: 2 بيت، العديد من المسلمين
بعي: يزيدية 2 بيت، مسلمون :3 بيوت
بوسوفان: يزيدية 20 بيتاً، مسلمون 2 بيت. جميع يزيدية هذه القرية هم شيوخ من عائلة الشيخ ناسردين وعائلة الشيخ مند.
كبيشين: يزيدية 5-6 بيوت، بعض المسلمين.
فافارتين:5 عائلات يزيدية أسلمت من 5 سنوات.
كفرشين: 20 بيت، 4 بيوت يزيدية
كوندي مزن (زوق الكبير): يزيدية 25 بيتاً، مسلمون 2 بيت
باشمرة: يزيدية 4 بيوت، مسلمون 10 بيوت
برج القاس: يزيدية 10 بيوت، مسلمون بيت واحد
أخيراً: تنبأ المؤلف بانحلال اليزيدية الكامل في الإسلام، وأن إسلامهم لم يعد سوى مسألة وقت! بيدَ أن الأيام أخطأت قراءته هذه، فمازال سكان القرى والبلدات التي سماها المؤلف في زمن رحلته، 1936م، مُحافظين على معتقداتهم وخصوصيتهم الدينية ضمن محيط اجتماعي متسامح ومندمج، من دون توترات اجتماعية على أساس الدين أو المذهب أو العشيرة، رغم الهجرة الكثيفة إلى أوربا في العقود الأخيرة. ويبدو أن موجة التحول نحو الإسلام قد توقفت منذ ذلك الحين الذي أنجز فيه المؤلف بحثه. لكن هناك مخاوف جديّة على اليزيديين في منطقة جبل الأكراد (عفرين) بعد الاحتلال التركي وأعوانه المتمردين السوريين للمنطقة في آذار 2018، حيث نزح غالبية اليزيديين عن ديارهم بسبب الممارسات والانتهاكات التي تعرضوا لها على يد مسلحي الفصائل السورية المعارضة العاملة بإمرة الاحتلال التركي، والاعتداءات على مزاراتهم الدينية و تحقير ديانتهم وإجبارهم على الدخول في الإسلام ، واحتُلّت بيوتهم وقراهم ومزاراتهم الدينية التي تم العبث بها وتخريبها ونُهبت من قبل الميليشيات الإسلامية المرافقة للاحتلال التركي ، فاختار السكّان اليزيديون الهجرة والنزوح من أرض آبائهم وأجدادهم و ديارهم التاريخية العريقة التي تمتد زمنياً إلى قرون مضت، ومن بقي منهم في أرضه لا يجرؤ على ممارسة معتقداته وإعلانها، تحت تهديد التكفير !
(مرفق مع المقال بعض الصور من أرشيف روجيه ليسكو، وردت في النسخة الفرنسية من كتابه ولم تدرج في الترجمة العربية)
*ينشر صالون سوريا هذه المادة بالتزامن مع مجلة الحوار، العدد 72.
هوامش
[i]– من أجل قراءة موسعة في هذا الموضوع، يراجع دراسة إمارة الأكراد المنديّة – الجنبلاطيّة في ولاية حلب (إمارة كلّس)، في مجلة الحوار، العدد 72.
[ii]«الإيزيدية والإيزيديون- بحث تاريخي أركولوجي معمق»، د.محمد عبدو علي، الطبعة الأولى 2008.
by Katty Alhayek | Aug 4, 2019 | Cost of War - EN, Culture - EN, Reports - EN, Uncategorized
نشر صالون سوريا ضمن تعاون مع شبكة الصحفيات السوريات خلال الأشهر الماضية عدة مواد من مشروع “محتوى نسوي” الهادف لتسليط الضوء على تجارب النساء السوريات المتنوعة في السياق التاريخي المعاصر الذي تلا سنة ٢٠١١. غطى المشروع إحدى عشر موضوعاً مختلفاً خلال سنة ٢٠١٨ بهدف رسم صورة واضحة عن العوامل التاريخية والاجتماعية والسياسية والثقافية والقانونية التي تُشكل السياق الحياتي للنساء السوريات اليوم وما يُتيحه ذلك من فرص وعقبات في سوريا وبلاد اللجوء.
مضمون المشروع
يغطي الملف الأول “تاريخ الحراك النسائي/النسوي” في سوريا ما قبل ٢٠١١، وفيه تعرض الدكتورة آراء الجرماني السياق التاريخي لهيمنة حزب البعث على السلطة في سوريا و أثر ذلك على أصالة الحركة النسوية، حيث تم القضاء على عفويتها وقولبتها ضمن اتحادات ونقابات وروابط ومؤسسات تحت كنف الحزب الحاكم. أدى هذا الوضع السياسي التاريخي إلى تكريس أولوية الأجندات القومية والهوية الوطنية للنساء السوريات على حساب أولويات التحرر النسوي والهوية الجندرية. ومع استلام بشار الأسد للحكم (٢٠٠٠)استمر تأطير الحراك النسوي بدءاً من قانون الجمعيات المعيق إلى احتكار السيدة الأولى أسماء الأسد لمعظم أطر العمل النسوي، حيث لم يبقى للمجموعات النسوية الأصيلة سوى هوامش ضيقة للعمل. ومع ذلك استطاعت النسويات والعاملات في المجال النسائي تحقيق الكثير من الإنجازات رغم المضايقات والتشديدات الأمنية.
يسلط الملف الثاني “الحراك النسوي السوري بعد ٢٠١١” الضوء على الهوامش التي أوجدها الحراك الشعبي ضمن سياق الربيع العربي والانتفاضة السورية. وتلفت الكاتبة علياء أحمد النظر إلى أنه رغم تزايد عدد المنظمات والتحالفات النسوية، إلا أن فرص الحصول على التمويل والمنح المالية ليست متساوية لكل المنظمات النسوية\النسائية، حيث تحصل المنظمات الموجودة في الخارج على أغلب هذه الفرص وتُسيطر أجندة الممولين على باقي المنح التي تنالها منظمات الداخل.
يتناول المشاركون/ات في الملف الثالث “النسوية واللغة العربية” الجوانب المختلفة التي تُمييز بها اللغة العربية ضد النساء. فكما تُبيّن علا الجاري فإن الأمثال الشعبية تَستهدف النساء وتنشر الكراهية ضدّهن منذ لحظة الولادة كمثل ”ابنٌ عاصٍ ولا عشر مطيعات“ و”صوت حية ولا صوت بنية“. وتشرح ضحى عاشور أنّ إنتاج الأمثال الشعبية الجندرية كمثل “البنت تجيب العار والمعيار وتدخل العدو للدار” يتم من قبل طبقة من الرجال بهدف شيطنة النساء وإنتاجهن كعدو يجب إخضاعه والسيطرة عليه. وكما يوضح هذا الملف، لاتقتصر الأمثال الشعبية التحقيرية ضد النساء على اللغة العربية بل تنتشر في معظم اللغات المعروفة غرباً وشرقاً. وبالطبع هناك بعض الأمثلة الاستثنائية التي تُقدر النساء ولكن ذلك يُختصر غالباً بالصور النمطية التقليدية المرتبطة بالأمومة ودور الزوجة المربية الفاضلة.
ويمتد أثر التمييز اللغوي ضد النساء، كما تُشير مشاركة عمار ديوب إلى النصوص القانونية، لذا يدعو إلى ضرورة سن دستور وقوانين جديدة مُصاغة بلغة تتبنى المساواة بين الجنسين. ومع أزمة اللجوء السوري، تُضيء فاديا عفاش الضوء على أثر تعلم لغة ثانية في دولة اللجوء على الهويات الجندرية للمرأة والرجل ومنح المرأة أدوات جديدة للتعبير عن الرأي لم تعهدها من قبل مما يُساعدها على خلق صورة أكثر إيجابية عن ذاتها في المجتمع الجديد.
ويُغطي الملف الرابع “النسوية والمنفى” تجارب النساء السوريات في دول الهجرة واللجوء؛ فتشارك كفاح علي ديب قصة رحلة لجوئها إلى ألمانيا وكيف استفادت هي وغيرها من اللاجئات من مساحات الحرية المدعومة بالقانون في ألمانيا لتحقيق طموحاتهن التعليمية والمهنية والاجتماعية، في حين استمرت معاناة أخريات مع العنف والسلطة الذكورية. وتؤكد وداد نبي هذا الواقع عبر تسليط الضوء على تزايد حالات طلاق السوريين/ات في المحاكم الألمانية، حيث تتخذ الكثير من النساء قراراً بالطلاق حالما تصِلن للبلد الجديد أملاً بالتخلص من مشاكل كالعنف المنزلي والاضطهاد وقلة الاحترام، بينما لا تستطيع بعض النساء التخلص من الإرث الاجتماعي الداخلي الذي يُجِبرهن على الصمت والرضوخ. وتضيء نيڤين حوتري على تجربة النزوح الإجباري من خلال مشاركة مشاعرها في مواجهة حكم المنفى من غوطة دمشق.
يطرح الملف الخامس موضوع “النسوية والانترنت“، حيث تغطي رولا عثمان المضايقات والتحديات التي تواجه الناشطات النسويات على مساحات وسائل الإعلام الاجتماعي عندما يطرَحن مواضيع حقوقية ونسوية. وتناقش نوار المير علي استخدام تطبيقات المواعدة والتعارف الإلكتروني، ففي حين تتأقلم السوريات في دول المهجر مع تطبيقات كـ تيندر\Tinder للبحث عن فرص المواعدة، يقل استخدام هذا التطبيق داخل سوريا ليتم التركيز أكثر على استخدام تطبيقات المحادثة مثل المسنجر والسكايب كوسيلة للبحث عن علاقة جدية تنتهي بالزواج مابين سكان الداخل والخارج. أما لمى راجح فتلقي الضوء على شجاعة النساء السوريات في الغوطة الشرقية ممن خاطَرن بحياتهن لينقلن عبر وسائل الواتس آب والماسنجر والتويتر وقائع المعاناة اليومية تحت الحصار والقصف والتهجير.
حاول الملف السادس تناول موضوع “الجنسانية”، وكتبت فيه فدوى العبود عن الآمال الخائبة بخلق حركات الربيع العربي لثورة جنسانية وفرص تحرر حقيقية في العالم العربي لتستمر المضايقات والانتهاكات ضد الأشخاص ذوي الميول الجنسية المختلفة ولأجساد النساء وإرادتهن الحرة.
يتطرق الملف السابع “الفن والنسوية” لعدة جوانب هامة تتعلق بتناول الفن لقضايا النساء وعن كيفية رؤية الفنانات لقيمة عملهن. تُشارك فاديا عفاش تجربتها كفنانة ولاجئة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تعرفت على مفهوم الائتمان\credit (الفضل في إنجاز العمل)، وهو يعني في هذا السياق أن تعترف الفنانات بحقهن في الفضل في إنجاز أعمالهن وأن يتمتعن بالمزايا الناتجة عن هذا الاعتراف. فكما توضح فاديا فقد استغرقتها سنوات قبل أن تُجابه السلوك العام في المجتمع السوري الذي يختزل دور النساء بمساندة الرجال ويُهمش إنجازاتِهن كفنانات. وتُغطي لجين العرنجي كيفية تناول قضايا النساء في المسرح والسينما في سوريا، حيث تُعاني هذه المجالات من قلة وتهميش المخرجات النساء، أما المخرجين الرجال فلم يُقدّم سوى عددٍ محدود منهم صورةً عميقةً وواقعية عن واقع النساء. ومن جهتها تتناول سلوى زكزك تجربة سينما ما بعد الحرب البوسنية التي تُقدم دروساً للسينما السورية عن كيفية تناول واقع النساء السوريات أثناء الحرب وبعدها والطرق المثلى لتطبيق آليات العدالة الانتقالية.
يسلط الملف الثامن “الأدب والنسوية” الضوء على تجارب بعض الأديبات السوريات وعلى كيف يتم تصوير النساء في الأدب السوري. فقد أجرت أروى الباشا حواراً مع الروائية السورية ابتسام تريسي عن أعمالها ورأيها بدور المرأة بالرواية العربية ودور الأدب والنسوية في سياق الثورة السورية. وكتبت رباب هلال عن الشاعرة هنادي زرقه مناقشةً أعمالها الحديثة التي تتناول مواضيع كذكوريّة الحرب وأهمية الحب وقسوة الموت والوحدة. أما وسام افرنجية فقد تناول استخدام الرمز الأسطوري الأنثوي في الشعر العربي مركزاً على آليات توظيف سير الآلهة كعشتار وإنانا وعناة في الأعمال الشعرية بشكل يُقدر النساء ويُعلي من مكانتِهن في المجتمع. وتتضمن مشاركة فدوى العبود في الملف نقاشاً لتمثيل النساء في الأدب بشكل عاماً، حيث تستعرض أمثلة من الأدب العالمي والعربي والسوري والتركي.
يركز الملف التاسع على قضايا المعتقلات والمختطفات في سوريا. فتتناول لامار ٲرْكَندي المعاناة القاسية المتعلقة باستعباد النساء والطفلات الإيزيديات في محافظتي الرقة وإدلب والرحلة الشاقة والمُكلفة التي يتكبدها أهالي المختطفات لتحريرهنّ من براثن التنظيمات المتطرفة. وتكتب مريم حايد عن معاناة المعتقلات في سجون النظام السوري، وكيف تستغل أجهزة المخابرات مفهوم الشرف في قضية اعتقال النساء مما يحد من مشاركة النساء في العمل السياسي المعارض ويُعرض المعتقلات لضغوطات اجتماعية كبيرة عند الإفراج عنهن. وتنتقد سلوى زكزك انعدام مراكز وآليات الدعم النفسي والصحي والاجتماعي للمعتقلات والمعنفات والنازحات.
يتناول الملف العاشر أثر التسليح على النساء. فتصف لامار ٲرْكَندي شجاعة المقاتلات الكرديات في قتال تنظيم داعش ومواجهته على خطوط القتال الأمامية. أما سونيا العلي فتشرح عبء الإصابات الحربية والإعاقات الجسدية والضغوط النفسية على النساء اللواتي يُعانين من أبعاد مختلفة من التهميش والتجاهل والعنف. وتؤكد شادية التعتاع على مدى قسوة معاناة آلاف النساء في سوريا إثر بتر أطرافِهن وتعرّضهن لإصابات ناتجة عن قصف الطيران العشوائي منبهةً لمشاكِل كمُعضلة غلاء الأطراف الصناعية وتعرض النساء لإصاباتٍ نتيجةً لانتشار السلاح بين أفراد أسرهن.
وتقديراً لجهود المدافعات عن حقوق النساء والناشطات النسويات، تختتم شبكة الصحفيات السوريات مشروع “محتوى نسوي” بملف “هي مدافعة“. وتسلط فيه مها الأحمد الضوء على قصص نجاح قياديات سوريات من إدلب عملن بجهدٍ كبير للحد من الآثار التهديمية للحرب عن طريق إنشاء مراكز لتوثيق الانتهاكات الحقوقية ضد المرأة وتنظيم دورات مهنية للنساء متخصصة في محو الأمية واستخدام الكمبيوتر وتعلم اللغة الإنجليزية. وتعكس سونيا العلي تجارب النساء ذوات المناصب القيادية في منظمات المجتمع المدني داخل سوريا وخارجها، وكيف كسرت سنوات الحرب الصور النمطية والقيود التي كرستها تقاليد المجتمع على عمل النساء ودورهن في المجتمع المدني.أما ميرنا الرشيد فتغطي مشاريع ومبادرات نسائية في مدينة السويداء تهدف إلى تفعيل دور النساء القياديات في المجتمع وزيادة الوعي بحقوقهن.
الفرص والتحديات في تنفيذ المشروع
استطاع مشروع “محتوى نسوي” تغطية أصوات نسوية/نسائية سوريّة في مناطق جغرافية متنوعة داخل وخارج سوريا، ورسم صورة واضحة عن معاناة وتجارب النساء المتنوعة. وسعى المشروع لتحقيق التوازن ما بين التطرق لمواضيع سياسية متعلقة بالسلاح والمنفى والاعتقال وطرح مواضيع ثقافية متعلقة بالأدب والفن واللغة العربية والانترنت. ويمكن القول أن المشروع نجح بشكل أساسي باستعراض أهم العقبات اليومية المادية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تُعيق النساء السوريات وتحول دون تحقيق طموحاتهن في عيش حياة كريمة مبنية على العدالة والمساواة والسلام. وسلطت كتابات المشاركات في هذا المشروع الضوء على أهم عوامل اللامساواة والتهميش التي تُسهم في الإنتاج الاجتماعي للذكورة والأنوثة في المجتمع السوري. إلا أنّ المشروع واجه عدة تحديات إما بسبب محدودية التمويل أو نقص الكفاءة والتدريب في بعض المجالات. أكبر التحديات التي واجهت المشروع هو الخلط ما بين مفهومي الكتابة النسوية والكتابة النسائية. فالكثير من المُساهمات تقع تحت إطار الكتابة النسائية لا النسوية، وهذا الواقع يستدعي تشبيكاً أكبر بين الناشطات النسائيات والنسويات السوريات لتعريف ماذا تعني النسوية في سوريا اليوم وكيف تتشابه أو تختلف مع غيرها من الحركات النسوية حول العالم. أظهر هذا المشروع أيضاً الحاجة الملحة لوجود تضامن نسوي حقيقي مابين النسويات السوريات، فظواهر الشللية والتنفاسية والتراتبية تُشكل عواملاً محبطة تُهيمن على مناخ معظم العمل النسوي السوري على نحوٍ يؤثر على طبيعة وجودة العمل، وقد انعكس ذلك على هذا المشروع من خلال خسارة أصوات نسوية هامة رفضت المساهمة فيه لأسباب قد تعود إلى قلة المعرفة الشخصية أو الرغبة في النشر في وسائل إعلامية أكثر شهرة. يستدعي هذا الجانب القاتم من العمل النسوي نقاشاً جاداً حول أخلاقيات العمل النسوي، ليس فقط من الجانب النظري بل من الجانب العملي وكيف يمكن أن نطبق في حياتنا اليومية والمهنية أخلاقاً تعكس قيم وطموحات العمل النسوي الحقيقي الساعي لمحاربة كافة أشكال الاضطهاد والتهميش. ومن ناحية أكثر عملية، كان من الصعب ضمن الجدول الزمني المحدد لنشر ملفات المشروع تغطية ملفات هامة كملف الجنسانية بشكل يستوفي حقها. فعلى سبيل المثال تمت دعوة العديد من الأصوات الخبيرة بموضوع الجنسانية للمساهمة في الملف، لكن تم رفض هذه الدعوات لأسباب عدة منها أمنية متعلقة بالخوف من انتقام العائلة أو المجتمع عند الكتابة عن موضوع حساس كالمثلية الجنسية. من التحديات العملية أيضاً كان عدم تقبل الكثير من الكاتبات والكتاب السوريين\ات لواقع وجود مُحررة تُشرف على كتابة المواد وتُرسل اقتراحات للتحسين، فكثير من الكاتبات والكُتاب قاموا برفض إجراء تعديلات على النص إنطلاقاً من النظرة أن النص مُلكية الكاتب وأنّ دور المحررة يقتصر على تحسين الجانب النحوي والأخطاء المطبعية فحسب دون التدخل في مضمون النص. ورغم التحديات المذكورة هنا بهدف التعلم منها في المشاريع المستقبلية، إلا أنّ فرصة العمل والنشر في مشروع “محتوى نسوي” كانت مُناسبة قيّمة للإضاءة على الإنتاج المعرفي لنساء سوريات وناشطات نسويات من توجهات سياسية وثقافية مختلفة.