by Firas Al Ali | Feb 23, 2021 | Roundtables - EN, Uncategorized
* تُنشر هذه المادة ضمن ملف صالون سوريا “المعاناة اليومية في سوريا“
أدت عوامل عديدة (كغلاء أسعار الأعلاف وخسائر متكررة ونشاط تهريب الأبقار والأغنام) إلى تكبد سورية خسارة ملحوظة من حجم ثروتها الحيوانية خلال السنوات الماضية. وأدى ما سبق إلى عزوف العديد من مربي الأغنام والأبقار في سوريا إلى ترك هذه المهنة بسبب خسائرهم المتكررة ما ينذر بحصول كارثة في قطاع تربية الحيوانات في سوريا في المستقبل القريب.
وأدت الأزمة السابقة إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار اللحوم بأنواعها خصوصاً مع ارتفاع تكاليف التربية التي يتحملها المربي، ووصل سعر كيلو لحم الخروف إلى ما يقارب 20 ألف ليرة سورية، بينما سعر كيلو لحم العجل إلى قرابة 7000 ليرة سورية، أما سعر كيلو الفروج فوصل إلى قرابة 5000 ليرة سورية.
ومن خلال التواصل مع عدد من المربين في شمال سوريا، يبدو أن الأسباب كثيرة وراء أزمة الثروة الحيوانية التي لحقت أعمالهم وأهمها غلاء أسعار العلف وقلة الأرباح الناجمة عن بيع الماشية خصوصاً مع نشاط عمليات التهريب.
التهريب بين الأسباب
في كانون الثاني (يناير) الفائت، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطعاً مصوراً، يظهر فيه حرس الحدود التركي أثناء ضبط سيارة قادمة من سوريا كانت تهرب عدداً من الأغنام مخبأة داخل صندوق السيارة.
وليست هذه الحالة الأولى من نوعها، حيث تم تهريب آلاف الرؤوس من المواشي بأنواعها إلى تركيا خصوصاً أن بيعها على الأراضي التركية يدر على أصحابها أموالاً أكثر.
وعلى مدار السنوات الماضية، كشفت عدة تقارير محلية، منذ أيام، أن تهريب المواشي من سوريا يحصل باتجاه كل من العراق والأردن ولبنان لأسباب من بينها فارق السعر في تلك الدول وضعف القوة الشرائية في سوريا مع ارتفاع أسعار اللحوم بأنواعها.
ويبدو مما سبق أن تهريب المواشي من سوريا كان من بين الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تدهور الثروة الحيوانية في البلاد، ففي أواخر كانون الثاني الماضي، قال وزير الاقتصاد في النظام السوري، حسان قطنا، إن “سوريا فقدت 50% من ثروتها الحيوانية عبر تهريبها ونفوقها بسبب الإرهاب إما بالقتل أو الذبح بسبب الجوع” وفق ما نقلته وكالة سبوتنيك.
تكاليف التربية والأسعار
من بين الأسباب أيضاً التي أدت إلى تدهور تربية المواشي في سوريا هو ارتفاع أسعار الأعلاف، ففي إدلب على سبيل المثال وصل سعر طن الشعير إلى 255 دولاراً أمريكياً.
ويقول أبو عبد الله (وهو أحد المربين الذين تواصلنا معهم شمال سوريا) أنه كان يملك أكثر من 300 رأس من المواشي ولكن اليوم أصبح عددها قرابة 130 رأساً معيداً السبب إلى اضطراره لبيع المواشي بسبب الأوضاع المعيشية السيئة التي يعاني منها.
ويضيف أن تكاليف شراء العلف من بين الأسباب وهو ما جعله يضطر الآن إلى الرعي بالمواشي في بعض المساحات التي تحتوي على بعض أغصان الأشجار كما أن ارتفاع أسعار الأدوية الخاصة بالمواشي من بين أسباب تدهور عمله.
واضطر البعض من الرعاة إلى ترك هذه المهنة خاصة بعد ارتفاع تكاليف التربية من جهة وقلة أسواق التسويق لما يملكونه من جهة أخرى.
وأثر ارتفاع التكاليف على أسعار المواشي بشكل عام، حيث وصل سعر الكيلو للخاروف غير المذبوح بين 8500 و8600 ليرة وسعر الكيلو للجدي بين 7200 و7800 ليرة وسعر الكيلو للعجل بين 6300 و6950 ليرة سورية، وفق الأسعار المعروضة في سوق الرحيبة للمواشي في القلمون الشرقي بريف دمشق.
النزوح والحرب لهما دور
اضطر العديد من رعاة الأغنام إلى النزوح بسبب القصف والمعارك التي حصلت بالقرب من مناطق استقرارهم، حيث أجبر البعض منهم على السير لمئات الكيلومترات بقصد الاستقرار في مناطق تناسب أعمالهم في تربية المواشي.
وأدى ذلك إلى نقصان أعداد رؤوس الماشية لدى غالبية المربين بسبب ظروف عدم الاستقرار التي شهدوا عليها خلال السنوات الماضية والمتمثلة بطرق تأمين الأعلاف وتباين الأسعار والأدوية الخاصة بالمواشي واختلاف الأسعار بالإضافة للظروف المعيشية المتعلقة بالمربين وعائلاتهم، فيما نفقت آلاف الرؤوس من الماشية إثر المعارك والقصف في مناطق متفرقة من سوريا.
وخلال بحثنا، رصدنا العديد من المقاطع المصورة لرعاة مواشي كانوا قد خسروا مصدر رزقهم جراء تعرض أماكن تربية المواشي لديهم للقصف الجوي.
آثار اقتصادية سلبية
خلال إعداد التقرير، تواصلنا مع الباحث الاقتصادي، نعيم اللومان، للاطلاع أكثر على أبرز الآثار الاقتصادية السلبية التي سببتها العوامل السابقة الذكر مثل ارتفاع تكاليف الأعلاف وعدم الاستقرار وتهريب المواشي وغيرها.
وقال اللومان خلال الحديث: “شهد سوق المواشي خلال السنوات الثلاث الماضية موجتين متعاكستين أثرتا سلباً الأولى انخفاض أسعار اللحوم وقلة أرباح المربين والثانية كانت نشاط معابر لتهريب المواشي حيث اندفع مربو المواشي إليها لتعويض خسائرهم وتحقيق الأرباح”.
وأضاف أن ما سبق أدى لانخفاض كمية المواشي وبالأخص الأغنام بشكل مهول حتى لم تعد تكفي لتسد الحاجة، وما زاد من الأزمة هو ارتفاع أسعار الأعلاف مثل الحنطة والشعير بشكل كبير هذه السنة بالإضافة لعزوف الكثير من السوريين عن شراء اللحوم فسعر الكيلو وسطياً وصل إلى 5,5 دولار أمريكي.
وأثر انخفاض الليرة السورية بالتزامن مع استمرار بيع المواشي بذات العملة إلى تؤثر المربين بشكل عام، فالمبلغ الذي كان يدفعه المربي ثمناً لخمسين رأس من الأغنام لا يشتري له اليوم سوى 20 رأساً، وفق اللومان.
ويبدو أن أزمة الثروة الحيوانية في طريقها إلى مزيد من الاتساع في ظل عدم الاستقرار الاقتصادي ومحدودية الحلول المتوفرة سواء بما يخص توفير الأعلاف أو تهريب المواشي في أنحاء البلاد.
by Hasana Saqbani | Feb 21, 2021 | Cost of War - EN, Reports - EN, Roundtables - EN, Uncategorized
* تُنشر هذه المادة ضمن ملف صالون سوريا”المعاناة اليومية في سوريا“
تعد السنة الأخيرة من أسوأ الأعوام اقتصادياً التي مرت على سوريا خلال سنوات الحرب مما زاد من تأزم الوضع المعيشي لمعظم الأسر، ووصول نسبة الفقر إلى 90 في المائة مع انعدام فرص تحسين دخل الأسرة والارتفاع الفاحش في الأسعار. أدى هذا الوضع إلى لجوء الكثير من النساء إلى بيع شعرهن أو شعر بناتهن بسبب الحاجة المادية لتغطية نفقات الاحتياجات الأساسية من توفير المازوت للتدفئة أو مستلزمات المدارس أو بسبب الحاجة لتأمين دواء وعلاج أو حتى لتوفير الطعام.
فاطمة أم لثلاث فتيات، واحدة منهن من ذوي الاحتياجات الخاصة وتحتاج إلى علاج ودواء بشكل مستمر؛ أجبرتها الظروف الاقتصادية السيئة إلى بيع شعر ابنتها البالغة من العمر 10 سنوات. وتقول السيدة الثلاثينية: “اضطررت لقصه وبيعه لأحضر الطعام والدواء لها ولأخواتها، وبسبب اضطراري للمال قبلت بيعه بثمن بخس رغم أنه كثيف وطبيعي منسدل لأسفل ظهرها، في البداية لم تقبل المسؤولة في مركز الحلاقة والتجميل شراءه بسبب العروض الكثيرة التي تأتيها من قبل النساء لبيع شعرهن، وعندما رأته وافقت على شرائه ولكن بمبلغ زهيد.” وتضيف بحرقة: “لو كان في حقيبتي ثمن ربطة خبز لما قمت ببيعه حينها.”
قبل عامين كانت تجارة الشعر الطبيعي في سوريا تقتصر على البيع والشراء في صالونات الحلاقة والتجميل وبشكل محدود. أما في الفترة الأخيرة مع تزايد عروض بيع الشعر بشكل كبير، أصبح هناك من يعمل في بيع وشراء الشعر من خلال مواقع التواصل الاجتماعي حسب “هادي” الذي يملك صالون للحلاقة النسائية في المزة والذي أضاف: “خلال السنة الأخيرة زاد بيع الشعر بشكل كبير، سابقاً كان يعرض علي شراء الشعر قرابة السبع مرات في الشهر، أما خلال السنة الأخيرة فقد بلغت عروض البيع نحو 50 مرة شهرياً من مختلف المحافظات عبر الصفحة الرسمية للمركز.”
ويشير “هادي” أنه في بداية العام الدراسي ومع تزايد المصاريف بالنسبة للعائلات السورية تزامناً مع الظروف الاقتصادية المنهارة في البلاد، تزايد بشكل ملفت عدد النساء اللواتي يعرضن شعر بناتهن للبيع، ومعظمهن كان يبيع شعر ابنته ليشتري لها المستلزمات الدراسية من قرطاسية وغيرها. ويشارك “هادي” إحدى القصص الإنسانية التي صادفته: “في بداية العام الدراسي زارتني سيدة تطلب قص شعر ابنتها البالغة من العمر 9 سنوات لبيعه. عندما بدأت في القص، بدأت الفتاة بالبكاء وقالت لوالدتها أنها سوف تشتري بكل المبلغ أغراض المدرسة، لتبدأ السيدة بالتحدث عن ظروفها المادية وحاجتها للمال وعدم وجود معيل مع الارتفاع الفاحش بالأسعار مما اضطرها لبيع كل أغراض منزلها وما تملك”.
يُباع الشعر الطبيعي بالغرام، ويختلف سعر الشراء حسب نوع الشعر، ويتراوح سعر الغرام من 200 إلى 400 ليرة شراء من صاحبة الشعر، و يباع أيضاً بالغرام من 3000 إلى 3500 ليرة سورية ( 1 دولار). أقل وصلة شعر يبلغ سعرها في السوق 700 ألف ليرة سورية (230 دولاراً) وقد تصل للمليون ليرة (330 دولاراً) في الصالونات التي تقع في الأحياء الراقية.
تشتري الوصلة من صاحبة الشعر بين 70 – 100 ألفاً وتباع بين 700 ألف إلى المليون حسب وزنها وطولها، والطلب الكبير يكون على شعر الأطفال لأنه يكون كثيفاً وغزيراً ويكون طبيعياً غير معرض لصبغ أو حرارة السيشوار، وعلى أساس ذلك يقدر نوع الشعر كنخب أول أو ثاني أو ثالث.
كان يعتمد في سوريا في صنع وصلات الشعر أو الباروكات على الشعر المستورد من الهند والبرازيل الذي يخضع لمعالجة ويقوى ويصبح صالحاً لمدة سبع سنوات؛ بينما الشعر المحلي لا يخضع لمعالجات مما يجعل استمراريته لا تتجاوز السنتين في حال تم الاعتناء به. وبسبب الظروف الراهنة وصعوبة استيراد الشعر من الخارج، وحتى في حال الاستيراد فبعد الجمركة يصبح ثمن وصلات الشعر مرتفعاً جداً مما يقلل الطلب عليها. لذلك ومع انتشار ظاهرة بيع الشعر أصبح الإقبال على الشعر المحلي أكبر حسب أحد العاملين في تجارة الشعر الطبيعي مع الإشارة إلى نوعية الشعر السوري الممتازة وانخفاض سعره مقارنة بالمستورد.
مع ازدهار تجارة الشعر الطبيعي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من المجموعات والصفحات العامة لعروض البيع والشراء، تحوي منشورات بيع الشعر الطبيعي وأغلبهم لفتيات صغيرات ترفق مع صورة لشعر الفتاة قبل قصه ويطلب تسعيره، مع إرفاق عبارات مثل “جاهز للقص عند طلب الزبونة” أو تنشر صور لضفائر شعرهن مقصوصة لإيجاد السعر الأفضل. تقول سناء (40 عاماً) والمقيمة في جرمانا في ريف دمشق، والتي عرضت شعر ابنتها للبيع مع إرفاق صورة لضفائر شعرها الذهبي الطويل: “عرضت شعر ابنتي للبيع لأجمع لها المبلغ اللازم لإجراء عمل جراحي في العين اليمنى ولم أكن أرغب بقبول المساعدات المادية من أحد، لتبدأ التعليقات السلبية والشتم من بعض الناس دون الالتفات لسبب وراء ذلك”.
يدير هذه المجموعات أشخاص يعملون كصلة وصل بين البائع والشاري، وجد هؤلاء مهنة جديدة تدر عليهم دخلاً إضافياً. فمثلاً (هدى “22 عاماً” التي تدرس في كلية الهندسة المقيمة في منطقة “دف الشوك” في ريف دمشق) أنشأت مجموعة على الفيسبوك تشتري من خلالها الشعر الطبيعي وتبيعه، وجدت من خلالها مردوداً مادياً يساعدها على تغطية نفقاتها الجامعية، وتشرح الشابة: “بعد شراء الشعر والاتفاق على المبلغ، نقوم بمعالجة الشعر وحبكه ليصبح جاهزاً لنقوم ببيعه.”
تشير الشابة إلى أن انتشار بيع الشعر الطبيعي سبب ارتفاع السعر التي تحصل عليه صاحبة الشعر عما قبل السنتين الماضيتين، لأن النساء أصبحن يعرفن أن الشعر يباع بالغرام بينما قبل ذلك كانت السيدة تبيع شعرها بالجدولة كاملة بمبلغ معين، فأصبح سعر وصلات الشعر مغرياً نوعاً ما للنساء اللواتي يعانين من ضائقة مالية.
by Hiam Karm | Feb 16, 2021 | Cost of War - EN, Reports - EN, Roundtables - EN, Uncategorized
* تُنشر هذه المادة ضمن ملف صالون سوريا “المعاناة اليومية في سوريا“
صار مألوفاً في الآونة الأخيرة أن تكثر في شوارع دمشق المكتظة بالمارة ملصقات على الجدران تحوي إعلاناتٍ من قبيل “مريض يحتاج متبرعاً بكلية زمرة دم A+”، مع وضع أرقام هواتف علنية للتواصل، أو إعلاناتٍ لمواطنين يبدون استعدادهم للتبرع بأعضائهم. هذه الوفرة في الإعلانات تتجاوز الحاجة الطبيعية للتبرع بالكلى لتصل إلى مستوىً آخر يتعلق برواج تجارة الأعضاء في سوريا.
بعد سنواتٍ من الحرب، بات معظم السوريين يصارعون من أجل البقاء بعد دمار اقتصاد بلادهم والتدهور المتسارع للأوضاع المعيشية يوماً بعد يوم، حيث لاتتناسب الأجور والرواتب مع المصاريف، مما اضطرهم إلى ضبطٍ صارمٍ للنفقات. وقد حصلت انزياحات كبيرة للطبقة الوسطى باتجاه خانة الفقر، فبات أكثر من 93 بالمئة من السوريين في حالة فقر وحرمان ومايقارب 60 بالمئة يعيشون في حالة فقر مدقع، وفقاً لتقرير الأمن الغذائي في سوريا لعام 2019 والذي أنجزه “المركز السوري لبحوث السياسات” بالتعاون مع “الجامعة الأمريكية في بيروت”؛ كما يواجه نحو 700 ألف طفل سوري خطر الجوع بناءً على أحدث تقريرفي العام المنصرم لمنظمة “أنقذوا الأطفال”. وقد أصبحت الأسرة السورية المؤلفة من خمسة أشخاص، تحتاج إلى 732 ألف ليرة شهرياً لتغطية حاجيات الاستهلاك الأساسية، وفقاً للمكتب المركزي للإحصاء في نهاية عام 2020 لتتضاعف بنسبة 192% خلال العام ذاته.
ومع تردي الخدمات الصحية والطبية، اضطر العديد من الفقراء إلى بيع ممتلكاتهم بتأمين تكاليف العلاج؛ يقول الدكتور فراس الضمان، الطبيب المقيم في مدينة السلمية: “هذا قهر كبير! تمَّ استدعائي إسعافياً إلى منزل أحد المرضى، وهو موظف متقاعد، المفاجأة المؤلمة أنَّ الغرفة التي يستلقي فيها المريض كانت لا تحتوي سوى حصير قديمة وحيدة مع كرسي بلاستيكي وطربيزة صغيرة قديمة؛ هم كل الأثاث الموجود في غرفة الاستقبال التي يعيش فيها المريض وعائلته؟! الموظفون السوريون يبيعون أثاث بيوتهم كي يحتفظوا بكراماتهم في الوقت الذي يبيع فيه المسؤولون السوريون كراماتهم لِيحتفظوا بأثاث بيوتهم و مكاتبهم ؟!”
لكن بعد الأثاث، ماذا يتبقى للبيع من أجل التداوي وإكمال حياة سُدَّت كل سبل الخلاص فيها! هل أصبح قدر السوري أن يأكل من لحمه ودمه؟ هذا هو حال زوجين سوريين عرضا كليتيهما للبيع في أواخر عام 2020، وفقاً لصحيفة البعث الرسمية، قبل أن يتم حذف التحقيق بعد أيام من نشره. وبحسب التقرير فإنّ تجارة الأعضاء باتت رائجة جداً في البلاد نتيجة الفقر وغياب الرقابة، وذكرت الصحيفة أنّ عاملاً مياوماً تعرّض منزله للدمار نتيجة المعارك في حرستا بريف دمشق، ثم انتقل مع عائلته إلى منزل للإيجار، واضطر لبيع كليته بمبلغ 30 مليون ليرة سورية، ليجري عملية قلب مفتوح لابنه، وتسديد الديون المتراكمة عليه؛ وسرعان ما قامت زوجته بدورها بعرض كليتها للبيع بالمبلغ ذاته لتتمكن العائلة من شراء منزل صغير وسيارة يعمل عليها الزوج.
بالإضافة إلى الإعلانات الطرقية، تتيح منصات التواصل الاجتماعي إمكانية بيع وشراء الأعضاء البشرية؛ علا ابراهيم وغسان ابراهيم من درعا، والدان للطفلتين، شهد وآية، المصابتين بفقدان حاستي السمع والنطق، وتحتاجان لزراعة حلزون في الأذن، بكلفة 40 مليون ليرة سورية لكل طفلة، ولم يجدا مساعدة من الجمعيات الخيرية، ما دفعهما لعرض كليتيهما للبيع على مجموعات الفيسبوك المتخصصة بالبيع والشراء. يقول والد الطفلتين غسان: “عندما تعيش مع طفلتيك وتنظر إلى الأطفال من حولك وهم بحالة صحية جيدة، تقول في نفسك ماذا أريد من نفسي، أنا عشت عمري لأمنحهن الحياة ولتعيشا حياة سليمة وطبيعية مثل أي طفل سليم.”
تتيح الصفحات الخاصة على الفيس بوك الفرصة للمحتاجين والمهتمين بيع الأعضاء البشرية؛ لتحتل دمشق وبعدها ريف طرطوس المرتبة الأولى من حيث نسبة المعلنين عن بيع الكلى من خلال هذه الصفحات خلال النصف الأول من العام المنصرم في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، في حين تنتشرإعلانات بيع مشابهة على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بمناطق الشمال السوري حيث يعرض من خلالها الشبان عضواً أو أكثر من أجزاء أجسامهم لقاء مبلغ مالي بسيط.
إحدى الصفحات تحمل إسم “إعلانات بيع الأعضاء_البشرية”، كان آخر تحديث لها في نيسان الماضي أبلغت فيه متابعيها أن العرض فاق الطلب، لكن عروض بيع الكلى استمرّت في التعليقات، وتراوحت أعمار العارضين بين 25 و47 عاماً، ونسبة العروض من قبل الذكور تفوق مثيلاتها من قبل الإناث.
كتب شخصٌ يُدعى “جمال” يبلغ من العمر 34 سنةً، أنه يريد بيع كليته أو حتى كبده، مؤكداً أن صحته ممتازة وبحسب الصفحات المخصصة بتجارة الأعضاء البشرية على الفيسبوك، يتراوح سعر الكلية الواحدة بين 60 – 70 ألف دولار خارج سوريا (نحو 175 مليون ليرة سورية) وهذا السعر بحسب تسعيرات شهر شباط الماضي، أي أنه من المرجح بأنه قد ارتفع كثيراً، بينما يتراوح السعر داخل سوريا، بين 10 آلاف و20 ألف دولار وفق سعر الصرف (30 – 60 مليون ليرة فقط) بحسب سعر الصرف في السوق السوداء، أي 3000 ليرة لكل دولار.
لايقتصر هذا التفاوت في السعر على استغلال حاجة سوريي الداخل بل يمتد ليطال اللاجئين في دول الجوار؛ حيث نشرت قناة (سي بي إس) الأمريكية مؤخراً تقريراً مصوراً، التقت خلاله عدداً من اللاجئين السوريين الذين تعرّضوا لعمليات نصب واحتيال بعد بيع أعضائهم لشبكات الإتجار بالأعضاء مقابل مبالغ لم يتم دفع سوى نصفها. في فيلمها المعنون بـ (بيع الأعضاء للبقاء على قيد الحياة) أجرت القناة الأمريكية تحقيقاً شمل منشوراتٍ على الفيسبوك تعرض أموالاً للاجئين مقابل الكلى والأكباد، مشيرة إلى أن التحقيقات قادت إلى اكتشاف قصص مأساوية عن عمليات بيع الأعضاء يديرها سماسرة أتراك وأن شبكات الإتجار بالأعضاء لا تزال تعمل على نطاق واسع وتتاجر بمعاناة اللاجئين السوريين الذين يعيشون في ظروف سيئة ويتعرضون للاستغلال. فيما أشارت هيئة الإذاعة البريطانية (البي بي سي) في تحقيقٍ آخرٍ إلى أن الأطباء يجرون العمليات الجراحية في منازل مستأجرة تم تحويلها إلى عياداتٍ مؤقتة. ولم يكن لبنان بعيداً عن هذه “التجارة الرائجة”، فمنذ عام 2013 نشرت مجلة “ديرشبيغل” الألمانية تقريراً عن قيام مجموعات مختصة بإقناع الكثيرمن اللاجئين السوريين ببيع أعضائهم مقابل مبالغ زهيدة جداً، ووصل ثمن “الكلية” -على سبيل المثال- إلى سبعة آلاف دولار أمريكي فقط، وغالباً ما كان اللاجئون يقومون ببيع أعضائهم من أجل شراء بعض مستلزمات الحياة اليومية.
يعاقب القانون السوري تجارة الأعضاء بالحكم بالسجن والأشغال الشاقة وبدفع غرامات مالية، في حين أن التبرع بالأعضاء مجاناً متاح، كما أنّ زرع الكلى ضمن المشافي الخاصة ممنوع، بينما يُسمح به في المشافي الحكومية وسط إجراءاتٍ مشددةٍ تتعلق بتحليل الأنسجة وموافقة لجنة خاصة وقاضٍ شرعي؛ لكن الفساد المستشري في مفاصل الدولة يتيح لتجار الأعضاء البشرية تسهيل المعاملات، تحت غطاء التبرع الذي يتيحه القانون.
تجارة بيع الأعضاء البشرية، وخاصة الكلى، ليست جديدة، لكن الحكومة تصمت عنها؛ وهي وإن صرحت في إعلامها، نظراً لأن حجم الظاهرة أقوى من نفيها، فإنها تلقي المسؤولية على دول تقول إن هدفها التآمر على النظام الحاكم بكل الوسائل. فقد كان آخر حديث رسمي عن تجارة الأعضاء في سوريا عام 2015 عندما كشفت وزارة الداخلية، عن ضبط حالات تجارة بالكلى على الصعيد الداخلي والخارجي، وأن سوريا أصبحت من دول المنشأ بجرائم الاتجار بالأشخاص، بعدما كانت من دول العبور، حسب تصريح معاون وزير الداخلية حسان معروف. ومنذ بداية 2015 حتى نيسان 2016، تم توثيق أكثر من 18 ألف حالة اتجار بالأعضاء البشرية في سوريا بحسب رئيس قسم الطب الشرعي في جامعة دمشق حسين نوفل، و أشار نوفل إلى أن عدد حالات الإتجار بالأشخاص، التي تم ضبطها في العام 2014، بلغت نحو ألف حالة، معظمها لشبكات تعمل خارج البلاد، وتتواصل مع سوريين في الداخل. وفي منتصف عام 2015 أعلن نقيب أطباء سوريا،عبد القادر الحسن، عن فصل خمسة أطباء وإحالتهم إلى التأديب لتورطهم في تجارة أعضاء البشر.
كما كشفت صحيفة ديليميل البريطانية عن اعتماد تنظيم داعش في سوريا والعراق على الاتجار بالأعضاء البشرية لتمويل نشاطاته، كما قام التنظيم بتجنيد أطباء أجانب لاستئصال الأعضاء الداخلية، ليس فقط من جثث مقاتليها، وإنما أيضًا من الرهائن الأحياء ومن بينهم أطفال، ووفقاً للصحيفة يتم تهريب الأعضاء إلى بلدان مجاورة من بينها تركيا قبل أن تباع لأوروبا وغيرها، لدرجه أن هناك أكثر من 13 ألف فرنسي ينتظرون متبرعين، فالقرنية بفرنسا تباع بـ 1170 يورو وأما القلب 1050 والكلية 2500 يورو.
وغالباً ما يتم تهريب الكلى عبر الحدود، كما يتم تهريب القرنيات أو غيرها، أو يقوم هؤلاء بالاتفاق مع زبائن عرب لزرع الكلية ضمن سوريا، وهي مسموحة لكن دفع الرسوم يكون بالقطع الأجنبي، إلا أن هذه العمليات توقفت نتيجة إجراءات كورونا، ولذلك يتم البيع لمتلقي محلي وبسعر منخفض لا يلبي طموح المتبرعين.
بينما اختار البعض الموت الرحيم لإنهاء حالة الذل والتشرد بدلاً من الموت البطيء، تبدو خيارات السوريين حالياً متراوحةً بين قعر الفقر وقعر القبر. وتكثر القصص اليومية المشابهة لقصة رجلٍ مقيم في حي جنوب الثكنة في مدينة حماه، حيث أقدم على محاولة حرق نفسه وزوجته وأولاده بجرة غاز قبل أن يتدخل بعض الشبان وينقذوه؛ باعت هذه العائلة كل ما تملك لبناء غرفة على سطح أحد الأبنية ليعيشوا فيها، لكن تم هدمها على أنها مخالفة بناء. لا تمتلك الحكومة السورية حلولاً اقتصادية لمأساة الشعب الذي تحكمه، وهي لا تأبه للمواطن السوري إن باع أعضاءه أو حرق نفسه، وتصمت راضية عن هذه الحلول طالما لا تمس بقاءها في السلطة، تاركة السوريين، الذين كانت سبباً في أزمتهم، ريشة في مهب الريح ؟
by Mohammad Wawi | Feb 15, 2021 | Roundtables - EN, Uncategorized
* تُنشر هذه المادة ضمن ملف صالون سوريا “المعاناة اليومية في سوريا“
رغم أن قسماً كبيراً من البشر حول العالم يعشقون فصل الشتاء، ويفضلونه على بقية فصول العام، إلا أن جزءاً من المواطنين السوريين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة واللاجئين منهم في المخيمات باتوا يربطون هذا الفصل بالمعاناة في ظل البرد وبالحرمان من الدفء.
وبعد انقضاء شهري كانون الأول (ديسمبر) وكانون الثاني (يناير)، واقتراب فصل الربيع، تمضي عائلات سورية ليالي صعبة كلما انخفضت درجات الحرارة، وتساقط المطر أو تشكل الجليد. ينتظر عابد من سكان “معضمية الشام” بريف دمشق، وصول رسالة تعبئة مازوت من شركة “تكامل” تزوده برقم للتواصل مع الموزع، إلا أنها لم تصل رغم تسجيل طلبه منذ أيلول الماضي. وعن تجربته يقول عابد: “كرهت كل ما يتعلق بالشتاء، خصوصاً عند تشكل موجات الصقيع، حصلت العام الماضي على 200 ليتر وفق دفعتين، في كل دفعة 100 ليتر، الأولى في كانون الثاني والثانية في آذار (مارس)، ادخرت منهما 75 ليتراً، بدأت استعمالها بتقشف وحذر شديدين خلال موسم الشتاء الحالي”. ويضيف “لم تكن عائلتي تشعل المدفأة إلا ساعة أو ساعتين كحد أقصى ليلاً؛ خشية نفاد كمية المازوت، ومعظم المساء كنا نلتحف بالبطانيات ونرتدي ثياباً سميكة درءاً للمرض”.
وأعلنت شركة “محروقات” في آب (أغسطس) الماضي عن استمرارها بتسجيل البطاقات وتوزيع مادة مازوت التدفئة لموسم شتاء 2020-2021، عبر البطاقة الإلكترونية العائلية بمعدل 200 ليتر لكل عائلة للدفعة الأولى في جميع المحافظات، على أن يتم توزيع الدفعة الثانية بكمية 200 ليتر بعد استكمال الدفعة الأولى. وتدير شركة “تكامل” مشروع البطاقة الذكية (الإلكترونية)، وهو يهدف إلى أتمتة توزيع المشتقات النفطية وغيرها من المواد والخدمات على العائلات والآليات في سورية، وهو مشروع عائد لوزارة “النفط والثروة المعدنية”. كما أعلنت مديرية فرع دمشق لشركة “محروقات” بأنه سيتم بدء توزيع مادة مازوت التدفئة مع دخول شهر أيلول (سبتمبر) 2020.
وتتطابق معاناة عابد مع آلاف الأسر السورية التي لم تحصل على مخصصاتها من مازوت التدفئة حتى الآن، ما يضطر بعضها للاحتيال على البرد عن طريق وسائل تدفئة أخرى، كالمدافئ التي تعمل على الغاز المنزلي، لكنه حل غير مجد، خاصة في الأرياف، إذ أصبحت مخصصات كل أسرة سورية أسطوانة غاز كل شهرين تقريباً، كما أن الأفضلية للطبخ وتسخين المياه خلال البرد، وهي في كل الأحوال لا تكفي لأكثر من عدة أسابيع تبعاً لعدد أفراد الأسرة وحجم الاستهلاك.
ويعتمد كثير من المواطنين على المدافئ الكهربائية، لكن الانقطاع المستمر في التيار الكهربائي وعدم الالتزام ببرنامج التقنين المعتاد وهو رسمياً أربع ساعات قطع مقابل ساعتي وصل في ريف دمشق مثلاً، ما يعني أن ساعات التغذية، بحسب البرنامج، هي 8 ساعات، إلا أن الواقع يخالف ذلك، مع التعطل المستمر في الشبكة الكهربائية، وغياب عدالة التوزيع بين المناطق، بين دمشق وريفها مثالاً، وقد تحصل بعض البلدات والمدن على أقل من ساعتين أحياناً.
وتشتري بعض العائلات ممن تملك قدرة مالية أفضل الحطب للتدفئة، إذ تراوح سعر طن الحطب في بعض المحافظات ما بين 80 إلى 130 ألف حسب النوع والجودة. وتحتاج العائلة، حسب عدد الأفراد وكمية الاستهلاك، إلى ما بين 3 إلى 5 طن، بسعر يتجاوز 500 ألف ليرة سورية، وهي أسعار لا تتناسب كلياً مع متوسط الأجور، الذي يقترب من 60 ألف ليرة سورية في القطاع الحكومي.
وأطلقت “وزارة النفط والثروة المعدنية” منتصف شهر كانون الثاني (ينانير) من العام الجاري خدمة الرسائل النصية القصيرة لتوزيع مادة مازوت التدفئة في محافظتي دمشق وريفها. وأوضحت الوزارة، في بيان صحفي نقلته وكالة “سانا” للأنباء الحكومية، أنه سيتم إرسال رسالة نصية من الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية (محروقات) إلى الرقم الشخصي للمواطن المعني يتم من خلالها إعلامه بدخول طلبه ضمن جولة التوزيع. وتتضمن الرسالة اسم سائق الصهريج ورقم جواله ليتمكن مالك البطاقة الالكترونية من التواصل مع السائق بشكل مباشر لاستلام مخصصاته. وأكدت الوزارة أن التوزيع حالياً محصور بطلبات البطاقات التي لم تستلم الدفعة الثانية من الموسم السابق وسيتم الانتقال بعد تنفيذ هذه الطلبات للطلبات الجديدة وبحسب أقدمية التسجيل.
ومع تأخر الحصول على مخصصات مازوت التدفئة المدعوم سعرها من الحكومة السورية، لجأت إسراء من سكان منطقة ركن الدين بدمشق إلى شراء حاجتها من المادة عبر “السوق السوداء”. ويبدو أن الفرق السعري كبير، إذ يبلغ سعر ليتر المازوت المدعوم 185 ليرة سورية تقريباً، في حين وصل سعر الليتر في “السوق السوداء” إلى 1300 ليرة سورية في حال توفره، مع وجود مخاطر قانونية على البائع والمشتري للتلاعب وبيع مادة مدعوم سعرها من الدولة بحسب القوانين السورية.
وكشف مصدر في شركة محروقات لتلفزيون “الخبر” المحلي منتصف كانون الثاني من العام الجاري، أنه “بلغت نسبة توزيع مادة مازوت التدفئة في مدينة دمشق 18% من مجمل الطلبات التي سجلت على المادة”. وبين المصدر أن “انخفاض الكميات الواردة من مادة المازوت أدى إلى انخفاض توزيع طلبات مازوت التدفئة إلى 35 طلباً في اليوم الواحد بدمشق، بينما كان يتم توزيع 68 طلباً باليوم الواحد العام الماضي”.
وقال مصدر في محافظة ريف دمشق لموقع “أثر برس” المحلي بداية شباط (فبراير) الجاري، إن عدد البطاقات التي وزعت مازوت التدفئة عليها بلغ 175 ألف بطاقة، من أصل 653 ألف بطاقة صادرة عن ريف دمشق”، أي بنسبة أقل من الثلث، مشيراً إلى أنه في حال استمر التوزيع بهذا البطء فسنحتاج إلى عشرة أشهر لانتهاء توزيع الدفعة الأولى من مخصصات المازوت. وأضاف أنه يصل إلى ريف دمشق يومياً نحو 36 طلب مازوت، يوزع منها بحدود 20 إلى 22 طلباً للتدفئة، أي بحدود 500 إلى 600 ألف ليتر يومياً وما تبقى لباقي القطاعات، مبيناً أن عملية التوزيع مستمرة لتحصل كافة الأسر على مستحقاتها. ووزعت لجان المحروقات الفرعية في بعض المحافظات مثل درعا وحلب 100 ليتر فقط لكل عائلة في محاولة إسعافية مع صعوبة توزيع 200 ليتر فوراً.
بعد أشهر من الانتظار بفارغ الصبر، وصلت رسالة نصية إلى أحمد من سكان منطقة الكسوة بريف دمشق، ليتواصل مع الموزع في منطقته، وبالفعل حصل على 200 ليتر دفعة واحدة، يقول أحمد مبتسماً في حديثه الخاص معنا: “أنا محظوظ فعلاً، لكنني اضطررت إلى بيع 100 ليتر منها، بسبب تردي وضعي المعيشي، ومرض طفلي”.
وصرحت أكجمال ماجتيموفا ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، في حزيران (يونيو) من العام الماضي، إنه وبعد تسع سنوات من الصراع المسلح، يعيش أكثر من 90 بالمئة من سكان سوريا تحت خط الفقر البالغ دولارين في اليوم بينما تتزايد الاحتياجات الإنسانية. بحسب ما نقلت وكالة “رويترز” للأنباء.
by الحسناء عدرا | Feb 13, 2021 | Cost of War - EN, Roundtables - EN, Uncategorized
* تُنشر هذه المادة ضمن ملف صالون سوريا “المعاناة اليومية في سوريا“
ما أن تقودك قدماك إلى النهاية الشمالية لسوق البزورية في دمشق القديمة، حتى يطالعك قصر العظم بتصميمه المعماري الإسلامي، وزخارفه المطعمة بالصدف المستلقي على خشب الجوز والكينا المعتقين لتتساءل في سرك: “من هي اليد الماهرة التي صنعت كل هذا الجمال!”. وخلال تدرجك بلاط الأرصفة الممتدة بين باب شرقي وباب توما وصولاً إلى القيميرية، يأتيك الجواب، هم حرفيو الموزاييك وتصديف الخشب. تُحاول البحث عنهم وتقفي أثرهم، لتتفاجأ أن معظمهم هاجروا وهُجروا وباتوا يعدون على أصابع اليد الواحدة.
يعد اسكندر الحلبي من المدافعين الشرسين عن هذه المهنة، والصامدين في وجه اندثارها، خاصة بعد سنوات الحرب الطويلة التي تركت أثرها، شأنها شأن المهن الأخرى. يقول الحلبي عن تجربته: “بدأت حرفة الموزاييك بالتراجع مع بداية الحرب، هذه المهنة تستهوي السياح، والسياحة متوقفة منذ أكثر من ثماني سنوات، ناهيك عن فقدان المادة الأولية وهي الخشب، إذ تعتمد الموزاييك على أخشاب الجوز والكينا والليمون والزيتون والحور، جميعها مصدرها الغوطة الشرقية التي تدمرت وقطعت أشجارها، وبالتالي أثرت على إنتاج وديمومة هذه المهنة”.
يوضح الحلبي الذي نال الجائزة الأولى في حرفة الموزاييك خلال مشاركته في أحد المعارض الخارجية منذ أربعة أعوام، أن ارتفاع أسعار المواد الأولية للخشب المستورد تحدي إضافي له خاصة، وللحرفة عموماً، وفي حال توفر الخشب المحلي، فهو مكلف للغاية نتيجة صعوبة توفيره والتحكم بأسعاره، وبالتالي امتناع الناس عن الشراء، يضيف قائلاً: “الحصار الاقتصادي على سورية ضاعف من انقراض هذه الحرفة، لعدم وجود أسواق خارجية لتصريف المنتجات، بينما لا يوجد أسواق داخلية لمهنتنا كونها لا تتجاوز الكماليات، على خلاف الأسواق الدولية، لأنها حرفة دمشقية ويدوية وتنال الكثير من الإعجاب دولياً”.
أثر الركود الاقتصادي العالمي والعقوبات الاقتصادية على سوريا بشكل كبير ومباشر على هذه الحرفة، بدءاً من ارتفاع أسعار المواد الأولية التي وصلت إلى أضعاف مضاعفة، كالصَّدَفْ الذي كان بعشرين ألف ليرة وبات الآن بسبعين ألفاً، إلى جانب الجائحة العالمية كوفيد 19 التي حدت من حركة المطارات وألغت فرصة المشاركة في المعارض الدولية للحرف اليدوية.
قلة الأيدي العاملة وهجرة أصحابها الأصليين
لايملك الحلبي (عضو مجلس إدارة في الجمعية الحرفية للمنتوجات الشرقية) أيدياً عاملة تساعده في الورشة، والأمر ينطبق على زملائه في الحرفة، وعن ذلك يقول: “الورشات في دمشق موزعة في العشوائيات ولا يتجاوز عددها العشرين ورشة، أما ورش الريف فإما أغلقت أو دمرت أو أحرقت أو هاجر أربابها طوعاً أو هُجروا قسراً، بحثاً عن مصدر رزق أكبر”.
يُشير الحرفي إلى بدء عودة بعض ورشات العمل تدريجياً إلى العمل في الأرياف، لكن بشكل محدود وخجول كصنع طاولات زهر أو علب صغيرة الحجم لا أكثر، مطالباً بدعم جدي وملموس لهذه الحرفة قبل أن تنقرض كلياً، خاصة أن الدعم الذي يحظى به الحرفيين “محدود جداً” حسب وصفه.
تُعد ورشة إسكندر القابعة في حي الطبالة من الورشات الباقية على قيد الحياة، بالرغم من مساحتها الضيقة ومعداتها البسيطة، لكنها تنجز عملاً فنياً في غاية السحر والدقة مع نهاية اليوم وغروب الشمس. وعن آلية صنع الموازييك (الفسيفساء) ومراحل استكمالها، يتحدث الرجل الخمسيني: “أحول الأخشاب إلى عيدان طويلة ورفيعة بمقاسات موحدة ومتساوية الطول في غاية الدقة، وذلك بعد قصها عبر قاطعة الخشب المعروفة باسم المنشار، ثم أقوم بضم هذه الأعواد وفق شكل هندسي معين وأغمسها بالغراء ليوم كامل لضمان التصاقها وتماسكها وعدم انفراطها لتصبح جاهزة في اليوم الثاني وهو ما نطلق عليه اسم الأماية التي بدورها نقوم بقصها لينتج عنها قشور خشبية تدعى الموزاييك، بحيث نقوم بإلصاقها على القطع الخشبية المخالفة والأثاث وسواها”. ويوضح الحلبي أنه يترك في بعض الأحيان أماكن فارغة على الخشب لتلبيسه بالصدف الطبيعي وتسوية السطوح ليرسلها فيما بعد إلى البراد بغية التلميع.
الجميع يستأثر لقب شيخ الكار
إلى جانب الحلبي الذي ينسب لنفسه لقب شيخ الكار، هناك العديد أيضاً ممن يستأثرون بهذا اللقب. فمثلاً يقول الحسن الحرستاني مشهراً في وجهي ختم العائلة كدليل دامغ يقطع الشك بعراقة انتسابه للمهنة “أباً عن جد”. ويتابع حديثه بالقول: “ورثت هذه المصلحة عن أبي الذي بدوره ورثها عن أبيه ثم جده، فجدي هو شيخ الكار.”
تعلم الحرستاني هذه الحرفة منذ الصغر إلى أن اتخذها في الكبر مهنة تدر له المال. تمكن خلال سنوات عمله من تعلم أصول المهنة وإتقان جميع أساليب طرز الحفر الشرقية التي تسمى خيوط الحفر، حيث بدأت هذه الخيوط غائرة ثم سرعان ما تطورت مع الزمن وأصبحت تجمع ما بين الغائرة والنافرة معاً، وعن ذلك يعد أنواع الخيوط: “هناك القيصري والعربي والفاطمي والأيوبي والفارسي وغيرها”.
تختلف أسعار القطع الخشبية نظراً لاختلاف المواد الداخلة فيها، إذ لكل منها قيمة نقدية مختلفة عن الأخرى، فتلك التي تحتوي صدفاً بحرياً تكون أغلى من النهري، وكذلك المستورد (من الفلبين) أغلى مقارنة بالمحلي(الديري)، بالإضافة إلى كمية الفضة والعضم المستخدمة فيها.
تاريخ صناعة الموزاييك الدمشقية
تعد صناعة الموزاييك الدمشقية من أقدم المهن العريقة التي اشتهرت بها المدينة. يعود تاريخ صناعة الموزاييك إلى أكثر من 700 عام حيث اشتهرت هذه المهنة أيام الأتراك. ويُعد بيت نظام ومكتب عنبر وقصر خالد العظم والسباعي والقوتلي من أشهر البيوت الدمشقية المزينة بهذه المادة. كما أصبح الموزاييك الدمشقي كالسفير الذي سبق السياسيين إلى معظم دول العالم، حيث يحتل الموزاييك الدمشقي مكان الصدارة في أثاث الصالون في قصور رئاسية عالمية كقصر رئيس الجمهورية الفرنسية وقصر رئيس جمهورية المكسيك؛ فضلاً عن قصور خليجية متعددة.
by Safi Khattar | Feb 4, 2021 | News - EN, Reports - EN, Roundtables - EN, Uncategorized
* تُنشر هذه المادة ضمن ملف صالون سوريا “المعاناة اليومية في سوريا“
على الرغم من التقارير والأخبار اليومية عن فيروس كورونا وانعكاساته المباشرة على حياة كل البشر، لازال هناك الكثير من الأسئلة العالقة دون إجاباتٍ حتى هذه اللحظة، ومنها على سبيل المثال ما يتعلق بالوقت اللازم للخلاص من هذا المرض والسيطرة عليه فهل سيبقى بيننا للأبد كما فيروس الرشح مثلاً أم أنه سيختفي بعد فترة ؟ كذلك الأسئلة الكثيرة التي رافقت الإعلان عن إيجاد لقاح للفيروس سواءٌ بما يتعلق بفاعلية اللقاح أو آثاره الجانبية أو ما يشاع حوله من نظريات المؤامرة المنتشرة، وغيرها الكثير من الأسئلة المفتوحة التي حولت المرض من حالة طارئة ومؤقتة إلى واقع قائم ودائم. ومن هنا فإنّ العلاقة ما بين الإنسان والمرض أخذت شكلاً أكثر وضوحاً وواقعيةً إذ أصبح التعامل مع الفيروس مواجهةً لا تخلو من أبعاد وجودية وفلسفية سواء من ناحية فهم المرض والتعامل معه أو من ناحية ما حمله من تغييراتٍ جذرية في علاقات البشر ونظم حياتهم الموجودة وأنماط عملهم وما نتج عن ذلك من ضرورة إيجاد لغة ومفاهيم جديدة تعبر بنا إلى ما بعد الفيروس كخطوة ربما تكون الأهم لنا كبشر لنرى الحياة على هذا الكوكب من زاوية جديدة. وربما يصحُ القول “أنّ ما قبل كورنا ليس كما بعده أبداً”، ليس لأن هناك أشياء جديدة فحسب بل لأن الجائحة قد وضعت كل الأسئلة المؤجلة في الواجهة وبات هناك اليوم الكثير من الوقت للتأمل والتفكير فيها، بدءاً من كيفية التعامل مع المرض والنتائج الكارثية التي خلفها في كل نواحي الحياة ووصولاً لإعادة النظر بالسياسات التي تتبعها الدول وشروط الأولوية فيها، ما دفع الكثيرين لاعتبار أن جائحة كورونا قد تكون بداية التغيير نحو نظام عالمي جديد.
ومن الصحيح القول أيضاً أنّ كل ما سبق قد لا يعني للسوريين شيئاً، فكورونا ليس سوى مجرد تفصيلٍ صغيرٍ في واقعٍ معيشيٍ يزداد سوءاً يوماً بعد يوم. خلال دوامها اليومي تضطر سلمى (40عاماً، موظفة في قطاعٍ حكومي) أن ترتدي الكمامة لتعبرَ فقط من الباب الرئيسي، وتخبرنا بأنه “ممنوع الدخول إلى العمل بدون لبس الكمامة، فالحراس على الباب الرئيسي يجبرون الموظفين والمراجعين أن يرتدوا الكمامة عند الدخول، ليس قناعةً منهم بضرورة ذلك ولكن لأن الباب مراقب بكاميرات موصولة بمكتب المدير العام والتعليمات صارمة حيال ذلك حيث وُضعت في كل مكان من العمل. لكنّ المضحك والمزعج أيضاً في الموضوع أنّ الجميع حال دخولهم من الباب وعبور الكاميرات يخلعون الكمامات ويدسونها في جيوبهم ضاربين بعرض الحائط كل التعليمات الصحية بضرورة التباعد ولبس الكمامات والتعقيم وكذلك الأمر بالنسبة للمراجعين أيضاً. إضافة لذلك يوجد بسطة على الشارع بالقرب من الباب الرئيسي تبيع الكمامات لمن نسي أن يحضر كمامته بمختلف أشكالها وألوانها، كمامات جديدة وحتى مستعملة أيضاً، والطريف بالقصة أنّ البسطة ذاتها التي تبيع المراجعين تعود وتشتري الكمامة منهم بنصف ثمنها إذا أرادوا أن يبيعوها عند خروجهم”.
وتضيف سلمى “في مشهدٍ يبعث على الحزن والأسف أيضاً طلبت معلمة ابنتي من الطلاب في الصف الثالث الابتدائي أن يرسموا لوحاتٍ تعبر عن كورونا للمشاركة في مسابقة حول ذلك، في الوقت التي تكتظ فيه قاعات التدريس والصفوف بأكثر من أربعين طالباً يجلسون كل ثلاثة منهم في مقعد وكما الحال في دوائر الدولة كذلك في المدارس وبين الطلاب، فالهدف الأساسي من الالتزام بالقواعد هو الخوف من العقوبة وتجنبها فقط، فالمهم أن يقف الطلاب في الاجتماع الصباحي في الأماكن المخصصة لكل واحد منهم والتي رسمت بعناية على أرضية الباحة بالإضافة لارتداء الكمامة أمام المدرسين والإدارة”.
إلى جانب الاستهتار بقواعد التباعد الاجتماعي وطرق الوقاية من جهة، والعجز بسبب الفقر وحاجة ملايين السوريين للعمل اليومي من جهة أخرى، فإنّ البيانات التي تنشرها وزارة الصحة السورية والتي تقوم بتحديثها دورياً، تعوزها الشفافية والدقة، خاصةً وأنّ العديد من المصابين لا يمتلكون تكاليف الفحص وبالتالي فإنهم غير ممثلين بالإحصاءات، ولا سبيل للتحقق من أسباب الوفاة والتي وصلت إلى 929 حالة وفاة فقط بسبب الكورونا بحسب الإحصاءات الرسمية (الصورة رقم ١).
الصورة رقم (١): الإحصاءات الرسمية لحالات الإصابة بفيروس الكورونا بحسب وزارة الصحة السورية
ويدور الحديث اليوم عن مشاوراتٍ ومراسلاتٍ تجريها الحكومة السورية لجلب لقاحات كورنا لكن حتى الآن بقي اللقاح مجهول المصدر في الوقت الذي يرجح فيه اللقاح الصيني أو الروسي مع استبعاد الأمريكي، ولم يُعرف حتى اليوم فيما إذا كانت الحكومة ستدفع ثمن اللقاحات أو ستأخذها كمساعداتٍ من الدول الداعمة. لكن ما فتح أبواب الإشاعات بين عامة الناس تلك التسريبات عن عدد اللقاحات التي ممكن أن تصل إلى سوريا والتي يُرجح أنها بحدود المليوني لقاح، وهنا بدأت التكهنات والتعليقات حول الموضوع فبرأي محمد (بائع أحذية، 38 عاماً)”سيفتح اللقاح باباً جديداً للفساد والربح، يُضاف إلى القائمة الطويلة في البلد وسنرى الكثير من المحسوبية في توزيع اللقاح، بحيث لن يتم إعطاؤه حسب الأولويات الطبية بل لمن يدفع أكثر أو ممن لديه معارف وأصدقاء يدعمونه”
يضرب محمد مثالاً يؤكد رأيه عن حادثة جرت معه في مستشفى البيروني بدمشق أثناء مرافقته لوالده لأخذ جرعة الدواء الكيماوي كونه مصاباً بسرطان الأمعاء. يقول محمد “سمعت الممرضات في المشفى يتكلمون نقلاً عن أحد الأطباء المشهورين قوله بأنّ هناك احتمالاً بأن يُستثنى مرضى السرطان من أخذ اللقاح بحجة أنّ الكميات محدودة ولا أمل كبير لديهم في الشفاء بحيث تبقى الأولوية للأصحاء، ما دفعني لمقاطعة الممرضات بغضبٍ كبيرٍ، فسواء كان الكلام صحيحاً أو مجرد إشاعة فالمنطق المبني عليه بشع للغاية ولا يمكن تحمل طرحه أو الحديث فيه لما فيه من فوقية واستعلاء وتجني أيضاً، علماً أن مرضى السرطان هم أحوج الناس للقاح كونهم مصنفين ضمن الفئات الأعلى خطورة في شدة الإصابة إذا ما حدثت وقد تؤدي بنسب كبيرة إلى وفاتهم”.
يبقى إنكار كورونا المشكلة الأكبر حتى الآن، فعلى الرغم من مضي عامِ على تفشي الوباء في كل مكان والوفيات الكثيرة التي سببها، لا يزال قسمٌ كبيرٌ يعتبرون الأمر “مجرد إشاعات وأوهام ليس أكثر وأنّ ما يجري هي مؤامرة عالمية لبسط السيطرة والنفوذ والتأثير في الاقتصاد والسياسة وتكريس هيمنة الدول الرأسمالية على العالم” على حدّ تعبير سامر ( موظف سائق في شركة خاصة، 46 عاماً) فهو مقتنع بما يقول ويؤكد بأنّ الكثير من الوفيات لأشخاص يعرفهم سجلت بسبب كورونا بينما الحقيقة أنها حدثت بسبب مرضٍ آخر، لذا فهو لن يقبل بأخذ اللقاح أبداً.
نتيجةً لذلك فقد علت الكثير من الأصوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بجعل اللقاح إلزامياً على الجميع وتوفيره مجاناً وإلا فلا نفع من أي إجراءاتٍ للتغلب على المرض.
ومن جهةٍ أخرى يُحاول السوريون التعايش مع حالة المرض واعتباره من “أهل البيت” بحسب رأي سعيد (صاحب دكان صغير، 56 عاماً) حيث يرصد من أمام دكانه ما يحمله له الشارع من قصصٍ وحكاياتٍ، ومن تلك القصص يقول سعيد “أمام المحل هناك سيارتا أجرة تنتظران الزبائن وقد خرج السائقان من داخل سيارتهما متفحصين وجوه المارة، وإذ بفتاتين تفتحان باب إحدى السيارتين وتهمان بالصعود، فما كان من السائق الآخر إلا أن صاح مازحاً بالفتاتين إياكما الصعود إلى السيارة لأنّ زميله مصاب بكورونا، ما جعل الصبيتين تصدقان الأمر في البداية وتتراجعان قبل أن ينفجر السائق ضاحكاً ساخراً من صديقه”.
وعن حادثةٍ أخرى يتابع سعيد سرد قصصه “بعض الباعة القريبين مني استغلوا هلع الناس بالمرض، فأصحاب محلات الألبسة وضعوا عروضاً وهدايا لكل من يشتري وهي عبارة عن جوز قفازات وكمامة بالإضافة لوضع علبة معقم كبيرة بمدخل المحلل لتعقيم أيدي الزبائن، ووصل الأمر لوضع إعلانات مكتوبة على الواجهة تحت عنوان (تنزيلات كورونا، أو عروض كورونا)، بينما بائع بسطة الخضرة القريب يصيح بأعلى صوته (ليمون وبرتقال للكورونا، قرب يا حباب على فيتامين سي) “
أخيراً يبدو أن كورونا قد أصبح حقاً من أهل البيت، فلم تعد الإرشادات الطبية بالتباعد والتعقيم والكمامات هي وحدها من يحدد كيفية التعامل مع الجائحة بل أصبح للناس طرقهم في التأقلم مع المرض واستيعابه ومجاراة مستجداته، لذا فلا عجب أن نرى بعض الأشخاص وقد ارتدوا الكمامات في يوم وخلعوها في يوم آخر أو عانقوا وصافحوا في مكانٍ وامتنعوا في آخر وكأنّ الكورونا تأتي وتذهب على هواهم، يبقى القول في النهاية أن ما حملته هذه الجائحة من تغيرات ربما لن يبقى محصوراً بما نعرفه اليوم بل قد يتعدى ذلك إلى مفاصل جديدة في قادم الأيام.