يوميات سورية: مطبخ، وأمعاء… وقدود

يوميات سورية: مطبخ، وأمعاء… وقدود

كان أحد المواطنين يهمّ بإفراغ محتويات ظرف «الإندومي» في وعاء، عندما أطلقت الحكومة السورية، برنامجاً لتأريخ “المأكولات الوطنية”. كاد هذا المواطن، ينسى طعم المأكولات الشهية التي يشتهر بها المطبخ السوري، لأن مكوناتها أضاعت عنوان منزله منذ سنوات.
تخشى الحكومة على “المأكولات السورية” من السرقة وادعاء الملكية، لان «العدو ينشغل حالياً بتسجيل الملكية الفكرية لمأكولات طوّرتها جداتنا على مدى قرون». لكن المواطن يرى أن بعض من في الحكومة منشغل بسرقة مكونات وجبات البلد، ومواد هذه الطبخات، فيما اكتفى العدو بسرقة الوصفات.

معركة الأمعاء الخاوية
فرغت «السلة الغذائية» للمواطن السوري من معظم المواد الأساسية، إلا من بعض ربطات المعكرونة، وحصص البرغل والعدس التي تقدمها بعض الجمعيات الخيرية على شكل «كرتونة معونة»، إضافة إلى بضعة كيلو غرامات من الأرز والسكر وليتر واحد شهرياً من الزيت، بموجب “البطاقة الذكية”، ضمن همروجة الدعم التي تقدمها الحكومة للمواطن، وتهدد برفعها عنه في كل مناسبة.
يعاني اليوم أكثر من ١٢ مليون سوري داخل البلاد والملايين في المخيمات، من انعدام الأمن الغذائي حسب تقارير الأمم المتحدة، ويعاني معظم السوريين من سوء التغذية بعد خروج مكونات البروتين والمواد الدسمة من وجباتهم. فاكتفى معظم السوريين بوجبة واحدة في اليوم، فيما ينام معظم الأطفال بلا طعام، وبات الشعب السوري يخوض «معركة الأمعاء الخاوية»!.

انفصال عن الواقع
تقول مذيعة يرافقها «شيف غربي» في إحدى فقرات الطبخ على أحد التلفزيونات: «سوف نحضر لكم اليوم طبقاً مكوناته موجودة في كل بيت»!. وتتضمن هذه المكونات “كيلو واحد من اللحم الأحمر، ونصف كوب من الصنوبر واللوز”. وعندما تدخل ربة المنزل إلى مطبخها لتحضير الوصفة، لا تجد إلا الكوب الفارغ.
أصبحت برامج الطبخ «المنفصلة عن الواقع» على التلفزيونات الرسمية والخاصة بمثابة تعذيب للمواطن الذي يشاهدها ويتحسّر، لأن أقل طبخة منها تكلف معظم الراتب بحال توفر الغاز المنزلي للطهو، حتى إن جرة الغاز فرغت في إحدى البرامج على الهواء مباشرة، في أدق تعبير عن حالة المطبخ السوري.
ومن حسن حظ المواطن السوري أن الكهرباء تبقى مقطوعة في معظم الأوقات، وإلا كان سيشاهد “مجازر الطعام” على قناة «فتافيت» وأخواتها من قنوات الطبخ التي تبث الوصفات مما لذ وطاب على مدار الساعة.

الشيف عمر
يطهو «الشيف عمر»، وهو طباخ سوري مشهور، يعيش خارج البلاد عشرات الأطباق التي يشتهر بها المطبخ السوري. ويمتلىء «يوتيوب» بعشرات الطهاة الذين يقدمون لنا «الكبب بأنواعها، والشيش برك والشاكرية والمقلوبة والمحاشي واليلنجي والـ داوود باشا، والكباب».
يثني المتابعون العرب عبر التعليقات على المطبخ السوري، ويتضرعون بالدعاء من أجل سوريا. أما المواطن السوري، فيشاهد أطباق بلده بكل فخر واعتزاز، ويعود بعدها إلى الواقع ويتناول طبقه اليومي من شوربة العدس والمجدرة، التي لطالما كانت رمزاً للفقر، ومع ذلك أصبحت تكلفتها كبيرة نسبياً.

بيت المونة
أما «بيت المونة» الذي تمتاز به بيوت السوريين، وهو تراث صنعته جداتنا أيضاً، أصبح ركناً فارغاً تعبث به الفئران دون أن تجد ما تأكله. قطرميزات المكدوس والمربيات واللبنة والجبنة والزيتون، أصبحت جزءاً من الماضي وصار السوريون يشترونها بالغرامات.
غاب صحنا «الفتوش والتبولة» عن موائد السوريين المشهورة بأنها «عامرة» ومتنوعة، لأن تكلفتها باتت تعادل الحد الأدنى للأجور، وفي ظل تحليق أسعار الخضروات الأساسية أصبحت الفاكهة رفاهية غير متوفرة في جميع المواسم. أما الحلويات أصبح شراؤها ضرباً من الخيال، ولم تزر البقلاوة والكنافة وحلاوة الجبن بيوت معظم السوريين منذ فترة طويلة.

مطاعم خمس نجوم
على المقلب الآخر ، تمتلئ مطاعم سوريا من فئة الخمس نجوم بزبائن طبقة الـ 1 بالمئة المخملية التي تشكلت من “أمراء الحرب” والمسؤولين الفاسدين، ومحدثي النعمة، فيما أصبح الدخول إلى مطعم حلماً صعب المنال لـ 99 بالمئة من محدودي ومعدومي الدخل. هل هي حالة طبيعية أن يكون حلم المواطن السوري أن يتناول وجبة بسيطة في مطعم ولو لمرة واحدة في الشهر؟!.
تغيب اليوم ثقافة «الديليفري» في سوريا، ليس بحكم العادات والتقاليد، وإنما لأنها أصبحت رفاهية لا يملكها الموظف الفقير الذي لا يتجاوز دخله 20 دولاراً أميركياً. فيما يعتبر طلب «وجبة بيتزا ساخنة» إلى المنزل مثلاً أمراً اعتيادياً يقوم به مليارات البشر يومياً على هذا الكوكب.

النيل من هيبة المطبخ السوري
كي لا نُتهم بـ «النيل من هيبة المطبخ السوري والقدود الحلبية»، ونحن لا نقلل هنا من أهمية التراث المادي واللامادي والحفاظ عليه من السرقة. نقول إنه أمر بالغ الأهمية تسجيل وتوثيق كل ما له علاقة بالهوية الثقافية الجمعية للسوريين من آثار، وقدود حلبية، ومأكولات شعبية، وحرف تقليدية، ولا شك بأن سرقة العدو للفلافل والحمّص والزعتر استيلاء على الثقافة والهوية لا يقل عن جريمة سرقة الأرض. لكن ما الفائدة إذا سجلنا طبقاً ما على قائمة التراث العالمي، وأصحاب هذه الطبخة غير قادرين على طهوها؟.
أفضل طريقة للحفاظ على المأكولات السورية، هي أن نكون قادرين على طبخها باستمرار، لأن الجائع عادة لا يهتم بالتراث. هكذا يقول فقه الأولويات، ولا يمكن أن تتحول بلدنا من لاعب مهم ومؤثر على مستوى الشرق الأوسط، إلى خوض معارك المطبخ.
تعجز الحكومة اليوم عن تقديم حل منطقي لأزمة الجوع في سوريا. البلد الذي كان يتغنى بالاكتفاء الذاتي، وأصبح يستورد القمح في ظل العقوبات والحصار، والفساد الذي أكل الأخضر واليابس، وفي حين تأكل طبقة الواحدة بالمئة البيضة والتقشيرة، يأكل بعض أهل سوريا اليوم من حاويات القمامة.

أنا سوري آه يا نيالي
بث التلفزيون السوري خبراً عاجلاً ملأ نصف الشاشة ومفاده أن «اليونسكو أدرجت القدود الحلبية على لائحة التراث الإنساني». خبر بالغ الأهمية في ظل الصراع الثقافي، وربما يحفظ التراث من الضياع والتشويه والسرقة. لكن المواطن السوري، مهدد أيضاً بالانضمام إلى لائحة التراث العالمي بحال استمرت الكارثة الحالية.
الاحتفال العارم في ساحة الأمويين، وحالة الطبل والزمر وامتطاء التراث، لم تمنع المواطنين من إطلاق النكات. فالبعض وجد أن القدود الحلبية ترفع مستوى الصمود، و تعزز الشعور القومي، فيعيش المواطن مع القدود حالة من الطرب الدائم والسلطنة، تنسيه هم قلبه، فيواجه انقطاع الكهرباء بـ «رقص السماح والشيخاني» بدلاً من الدبكة، وربما يستخدم «قدك المياس» مع الزعتر بديلاً عن الزيت، ولا مانع من إدراج أغنية «أنا سوري آه يا نيالي» على قائمة اليونسكو، لتكون دليلاً على الكائن السوري على هذه البقعة من الأرض بعد انقراضه.

من مال الله يا محسنين
ــ دخل سائح أجنبي إلى سوريا، فاستوقفه متسول وقال له «من مال الله يا محسنين»، فقال السائح: كم هذا رائع! هل هذا من القدود الحلبية؟، فرد الشحاذ قائلاً: «لا والله يا غالي هاد موشح يومي للسوريين».
ــ يقول مواطن سوري ساخراً إن الحكومة قررت توزيع القدود الحلبية على المواطنين عبر البطاقة الذكية، ولكنه يتخوف من ظهور سوق سوداء للموشحات!.
ــ من يشاهد بعض فقرات الطبخ على بعض التلفزيونات يظن أن المطبخ السوري أفضل بـ 50 مرة من العام 2011.
ــ كما كان يفعل «أبو عنتر» في إحدى المسلسلات، يسعى بعض السوريين للحصول على إقامة في سجن عدرا، الذي يؤمن لهم الطعام والشراب والدفء مجاناً. ولهذا يرفعون سقف الانتقاد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لعل وعسى يطالهم قانون الجرائم المعلوماتية الجديد.

الشنكليش واليورانيوم
ــ يرى البعض أن العدو الذي يخصب اليورانيوم سوف يعجز عن سرقة طريقة جداتنا في تعفين «الشنكليش» وصناعة «الجظ مظ».
ــ يعتقد مواطن سوري أن سرقة المأكولات هو من اختصاص الحكومة الوطنية ولن نسمح للدول الإمبريالية أن تسرقها.
ــ فيما تستعد الحكومة لتسجيل المأكولات السورية على لائحة التراث العالمي، لم يحسم الجدل محلياً بعد حول إن كانت حلاوة الجبن حمصية أو حموية!.
ــ غابت ظاهرة موسوعة غينيس وأطول سيخ كباب وأكبر سيخ شاورما، نتيجة الأوضاع الاقتصادية.
ــ كانت دمشق وحلب تشتهر برائحة الطعام الشهي التي تفوح في حاراتها على مدار العام، ولكنها تفوح حالياً لمدة محدودة في «شارع الأكل» الذي تحول إلى مهرجان سنوي.
كل لقمة بغصّة
ــ غصّ مواطن سوري وكاد يختنق بلقمة الخبز التي كان يضعها في فمه عندما سمع تصريح رئيس الوزاء حسين عرنوس يقول إن “تكلفة ربطة الخبز ١٢٠٠ ليرة ونبيعها ب ٢٠٠ ليرة”، شعر هذا المواطن بالذنب لأنه يكلف الحكومة فوق طاقتها.
ــ أضافت “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” ملف أكياس الخبز في سوريا إلى مفاوضات فيينا، للتأكد فيما إذا كانت مسرطنة، وعدَلت المنظمة عن الفكرة عندما رأت الشعب السوري يفرد الخبز على الأرض.
ــ نشرت وكالة “سانا” خبراً عن أطعمة يجب تجنبها عند الإصابة بتسمم غذائي ومنها “اللحم والدجاج والديك الرومي والمأكولات البحرية”، وهنا علق مواطن ساخراً بأن وكالة سانا نسيت الأفوكادو والكافيار.

حمام بارد
ــ جرب مواطن سوري نصيحة خبير استضافته إذاعة دمشق ونصح عبر أثيرها بالاستحمام بمياه باردة، فتعلم المواطن رقصات مايكل جاكسون جميعها تحت الدوش، وهو يتلقى العلاج في المستشفى حالياً.
ــ يترقب الجمهور السوري برنامجاً صباحياً على الإعلام الرسمي عن فوائد المجاعة بعد أن اقترب منها.
ــ من المواضيع المقترحة للبرامج الصباحية في الفترة المقبلة: فوائد الركض خلف السرفيس، أضرار الكهرباء، فوائد الوقوف على الطوابير، برنامج خاص عن مزايا عذاب القبر، وفوائد العيش في مقبرة.

*الصورة من صفحة سلوى زكزك

الفيلق الخامس بدرعا… سلاح روسيا المدلل

الفيلق الخامس بدرعا… سلاح روسيا المدلل

ركزت روسيا منذ إعلان “اتفاقات التسوية” جنوب سوريا في عام ٢٠١٨ على كسب فصائل المعارضة التي كانت تنتشر في المنطقة، كقوة عسكرية لها في المنطقة حتى لو كانت على حساب رغبات دمشق، باعتبار أنها تعهدت أمام دول إقليمية ودولية بالحفاظ على ابتعاد إيران وميليشياتها عن مناطق الجنوب، وخاصة أن معظم عناصر وقادة المعارضة في جنوب سوريا فضلت البقاء في المنطقة وعدم تركها.
ولان روسيا كانت قلقة من استغلال وجود هذه القادة والعناصر والملاحقات الأمنية المترتبة عليهم وجرهم إلى الانضمام إلى تشكيلات محسوبة على إيران وان يصبحون قوة عسكرية وجسما عسكريا في الجنوب، سرعان ما أسست روسيا في جنوب سوريا بعد اتفاق التسوية بأسبوعين مجموعات تابعة لـ “الفيلق الخامس” المدعوم من قاعدة “حميميم” الروسية في سوريا، واتخذت من احمد العودة القيادي السابق في المعارضة الذي كان مسؤولا عن فرقة “شباب السنة” وسيلة لتأسيس مجموعاتها في جنوب سوريا، فانظم إلى قوات اللواء الثامن التابع لـ “الفيلق الخامس” في جنوب سوريا معظم قادة وعناصر فرقة “شباب السنة”، وأخرون من كتائب معارضة أخرى كانت في المنطقة الجنوبية، واتخذوا من مدينة بصرى الشام المعقل الرئيسي لقوات اللواء الثامن، وهي المدينة التي ينحدر منها أحمد العودة، وبلغ قوام العناصر التي تأسس فيها اللواء الثامن في الفيلق الخامس جنوب سوريا حوالى الفي مقاتل.

مدرج روماني
وبحسب ناشطين معارضين، فإن روسيا فضلت العودة عن بقية القيادات التي كانت جنوب سوريا باعتباره القيادي الأول الذي أجرى عمليات التسوية وقبل التفاوض والاتفاق مع الروسي واجتمع معهم في مدينة بصرى الشام في بناء “المدرج الروماني” الشهير للمرة الأولى في نهاية شهر حزيران 2018، وقاد اتفاقيات وتسويات عن معظم مناطق ريف درعا الشرقي وهيئ لجلسات تفاوضية حينها مع قيادات المعارضة في درعا البلد ومناطق الريف الغربي.
في مقابل ذلك، تمتع “الفيلق الخامس” في درعا بحرية امتلاك السلاح وبقاء سلاحه الثقيل والمتوسط، الذي كانت تفرض روسيا تسليمه لإجراء اتفاق التسوية حينها في مناطق درعا، وحافظ العودة على سلاح فرقة “شباب السنة” وتحولت تبعيته من غرفة عمليات العسكرية التي قادتها وكالة الاستخبارات الاميركية (سي اي ايه) في الاردن وعرفت بـ “الموك”، إلى قيادة القوات الروسية في سوريا في قاعدة حميميم، كما أن مجموعات “الفيلق” في جنوب سوريا كانت بعيدة عن تشكيلات الأجهزة الأمنية في درعا، ولا تتلقى أوامر سورية، وكانت تتلقى دعماً مادياً ولوجستياً وعسكرياً من حميميم الروسية فقط.
وانتشرت مجموعات “الفيلق الخامس” في معظم مناطق ريف درعا الشرقي والشمالي الشرقي في بلدات (معربة، جمرين، صماد، السهوة، الجيزة، صيدا، الحراك، والصورة، وخربة غزالة، محجة، بصرالحرير، ومنطقة اللجاة). وأكبر هذه المجموعات تركز شرقي درعا في القرى والبلدات المحيطة بمدينة بصرى الشام التي اعتُبرت معقل قوات للواء الثامن في “الفيلق الخامس” ومركز القيادة، بينما تواجدت قوات لـ “الفيلق الخامس” في ريف درعا الغربي والشمالي الغربي في بلدات (انخل، جاسم، الشجرة، المزيريب).
وقال مصدر في درعا، أن “الاتفاق الأول الذي عقده قادة التسويات مع روسيا الذين قبلوا الانضمام لقوات الفيلق الخامس في الجنوب أن يقفوا بوجه خروقات القوات السورية الحكومية اذا ارتكبت أي خروقات باتفاق التسوية في المناطق المنضمة جنوب سوريا إلى اتفاق التسوية، وأن تحسب مدة انضمامهم إلى الفيلق من مدة الخدمة العسكرية والاحتياطية المترتبة عليهم في الجيش السوري، وعدم اعتراضهم أو ايقافهم من قبل حواجز النظام السوري، وتسوية أوضاعهم سواء كانوا منشقين عن الجيش السوري أو مدنيين منظمين للفيلق أو متخلفين عن الخدمة، وإزالة المطالب الأمنية التي فرضتها الأجهزة الأمنية عليهم سابقا باعتبارهم من قادة وعناصر المعارضة، وأن تبقى خدمتهم ضمن الفيلق الخامس في المنطقة الجنوبية في درعا، وألا يشاركوا مع الجيش السوري في أي أعمال عسكرية إلا اذا كانت ضد التنظيمات الإرهابية المتشددة، ايجبهة النصرة وتنظيم داعش”.

خروج محسوب
وكان أول خروج رسمي لفصائل “التسويات” من محافظة درعا باسم “الفيلق الخامس” إلى منطقة تلول الصفا في بادية السويداء وشاركت في المعارك ضد تنظيم “داعش” الذي كان ينتشر هناك في شهر تموز عام 2018، وبقي تواجد عناصر “الفيلق الخامس” في تلك المنطقة 3 أشهر وخسروا عدد من مقاتلي الفيلق خلال المعارك. وكانت نقاطهم منفصلة عن نقاط الجيش السوري، وبإشراف الشرطة العسكرية الروسية ورفقة طائرات حربية واستطلاعية روسية تساندهم في المعارك هناك ضد التنظيم.
ثم أصبح يرسل اللواء الثامن في درعا قواته إلى ريف سلمى شمال اللاذقية تلقى هناك العناصر دورات تدريبية وشاركوا بمعارك ضد “جبهة النصرة” المتواجدة في تلك المنطقة تحت إشراف ضباط روس، ورفضوا المشاركة في معارك ضد مناطق الشمال السوري في إدلب وريف حلب، بحسب الاتفاق بينهم وبين الجانب الروسي.
وشارك “الفيلق الخامس” في درعا بالوقوف ضد أفعال تقوم بها قوات النظام السوري في مناطق التسويات في جنوب سوريا، حيث منعت في عدة مواقف قوات حكومية من اقتحام منازل لمطلوبين للنظام، وإبعاد الحملات العسكرية عن المناطق من خلال دخول قوات الفيلق بدل من قوات النظام السوري إلى المنطقة التي كانت تنوي قوات النظام السوري دخولها واقتحامها بعد اتفاق التسوية ٢٠١٨، وكان الجانب الروسي يقف مع رغبات قيادة الفيلق الخامس في تلك الفترة وخاصة السنة الأولى والثانية من إبرام اتفاق التسوية جنوب سوريا ٢٠١٨-٢٠١٩.

تأييد شعبي
وحظي تشكيل “الفيلق الخامس” جنوب سوريا بتأييد شعبي باعتبار أنه مشكل من أبناء المنطقة ووقف ضد عمليات الاقتحام والاعتقال والسحب الإجباري للخدمة العسكرية، وحتى كانت بعض المناطق تحتكم في مشكلاتها وقضاياها لدى “الفيلق” في بصرى الشام. ورغم ذلك يتعرض قادة وعناصر “الفيلق” لعمليات استهداف واغتيال خاصة للمجموعات المشكلة خارج مدينة بصرى الشام.
وكانت ابرز حادثة استهدفت لقوات الفيلق الخامس في درعا هي استهداف حافلة مبيت لقوات “الفيلق الخامس” من أبناء درعا بين بلدات كحيل والمسيفرة بريف درعا الشرقي بعد وصولهم من معسكر تدريب للفيلق الخامس في منطقة سلمى التابعة لمحافظة اللاذقية، أسفر حينها الاستهداف عن مقتل تسعة من عناصر الفيلق، وأكثر من 25 جريحاً، بتاريخ 20 حزيران 2021، بعدها امتنعت قادة الفيلق عن ارسال العناصر إلى معسكرات التدريب في اللاذقية وقررت عدم الخروج من محافظة درعا.
وأقام قادة في بصرى الشام دورة تدريبية لضم عناصر جدد إلى قوات اللواء الثامن من مختلف مناطق حوران بتوافق مع الروس، وأعلن اللواء الثامن في تموز 2020 عن تخريج أول دورة عسكرية في ساحة قلعة بصرى الشام، بحضور شعبي وشخصيات عشائرية ووجهاء من درعا، حيث تم تنفيذ عرض عسكري، ورُفعت لافتات تطالب بالمعتقلين من سجون الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، بينما رُفع العلم السوري “الأحمر” وراية مكتوب عليها “الجيش السوري”، ثم تبع ذلك مظاهرة، هتف فيها عناصر اللواء بسقوط نظام الحكم في سوريا.
وبعد حفل التخريج عادت الأمور كما كانت، فقد استمر اللواء الثامن بإرسال قواته إلى معسكرات سلمى في اللاذقية، وإلى البادية السورية لأكثر من مرة، وكانت عبارة عن نوبات عسكرية لأيام قليلة، ثم يتم إعادة العناصر إلى درعا.

خلاف روسي
وحصل خلاف في أيار الماضي بين قادة مجموعات محلية تابعة للواء الثامن والقوات الروسية، بعد أن طلبت الأخيرة من مجموعات اللواء إرسال مزيد من النوبات العسكرية لقتال “داعش” وإنشاء معسكر للواء هناك، الأمر الذي تم رفضه من قبل اللواء الثامن، لـ “كونه مخالفا لما تم الاتفاق عليه في عام ٢٠١٨، وهو القيام بعمليات تمشيط، وليس إنشاء معسكرات”.
وعلى أثرها علّق الجانب الروسي دعمه المالي لمدة ثلاث أشهر للواء الثامن في جنوب سوريا، وبعدها أعادت القوات الروسية تسليم جزء من الكتلة المالية للواء الثامن وتقدر ب 100 دولار أميركي لكل عنصر بينما كان راتب العنصر في اللواء 200 دولار. واشترط الجانب الروسي تسليم بقية الكتلة المالية بعد إرسال قوات من الفيلق إلى البادية السورية لقتال تنظيم “داعش” وتحرك رتل عسكري من قوات اللواء الثامن في 23 نيسان الماضي، يتألف من 300 عنصر بعتادهم العسكري ورفقة الشرطة العسكرية الروسية، وقيادة العقيد نسيم أبو عرة. ويُعتبر ”أبو عرة“ القائد العسكري للواء الثامن جنوب سوريا، وهو ضابط منشق عن الجيش. وتبعها ارسال ارتال إضافية استمر وجودهم لمدة شهر شرق السويداء في المنطقة الواقعة بين تدمر ودير الزور، ثم عادت قوات اللواء الثامن ولم يسجل لها خروج من محافظة درعا منذ ذلك الحين، مع استمرار الدعم المقدم من حميميم للواء.

السويداء
ومن أبرز الخلافات التي شهدها “الفيلق الخامس” منذ تأسيسه في درعا هي الاشتباكات والمواجهات عند الأراضي الواقعة بين بلدة القريا في السويداء وبصرى الشام في درعا، وسقط نتيجة ذلك عشرات القتلى والجرحى من أبناء المحافظتين.
وكان الخلاف قد بدأ في شهر اذار العام الماضي، وتجدد في 29 أيلول، وقد بدأ الهجوم الثاني من فصائل محلية مسلحة من السويداء تعمل مع “قوات الدفاع الوطني”، و “حركة رجال الكرامة”، على نقاط عسكرية تابعة لمجموعات اللواء الثامن، وقد راح ضحية تلك المواجهات عنصر من اللواء الثامن من بصرى الشام، وأكثر من عشرة عناصر مسلحة من السويداء، وسقط عشرات الجرحى من الطرفين.
وجاءت هذه الاشتباكات بعد عدة مواجهات سابقة في تلك المنطقة بين اللواء الثامن وفصائل مسلحة من السويداء وسط اتهامات بين الطرفين على تقدم قوات “الفيلق الخامس” إلى أراضي بلدة القريا في السويداء، وانشاء نقاط عسكرية فيها، بينما الرواية الثانية كانت بتقديم الفيلق لنقاط تفتيش ومراقبة له في الأراضي التابعة لمنطقة بصرى الشام باعتبارها معقل لقوات “الفيلق الخامس” وأن المنطقة التي تقدموا إليها تكثر فيها عمليات الخطف والقتل.
وانتهى الخلاف حينها بعد أن تشكلت لجان صلح من المحافظتين، وتمثلت لجنة السويداء بالأمير لؤي الأطرش وشيخ العقل حمود الحناوي، ولجنة درعا تمثلت بوجهاء من مدينة بصرى الشام وعموم محافظة درعا، وممثلين عن “الفيلق الخامس”، وبعد مفاوضات ولقاءات عديدة بين الطرفين توصلوا إلى اتفاق يقضي بانسحاب قوات اللواء الثامن التابع لـ “الفيلق الخامس” من أراضي قرية القريا بريف السويداء وتسليمها لأبناء المنطقة لتشرف قوات من الحكومة السورية مع عناصر من الفيلق على حمياتها بعد إزالة السواتر الترابية ومنع التعرض للمزارعين من كلا الطرفين، كخطوة أولى للصلح وأن يتم ترتيب صلح عشائري على مستوى المحافظتين وإعادة العلاقة إلى سابق عهدها.
وأصدر الأمير لؤي الأطرش أمير دار عرى لدى الطائفة الدرزية بيانا حول مجريات الاتفاق والصلح الذي أنهى الخلاف بين السويداء ودرعا، واعتبر من خلال البيان أن مصير السهل والجبل واحد، وأكد على ضرورة التلاحم ومنع الخلاف، واصفاً إيها المؤامرات على المنطقة الجنوبية وعلى سوريا بشكل عام.

صنادق الاقتراع
ومع استمرار رفض قادة اللواء الثامن في “الفيلق الخامس” الخروج بأعمال عسكرية خارج محافظة درعا، ورفض مجموعات الفيلق وجود صناديق اقتراع للانتخابات الرئاسية في سوريا في مناطق نفوذه، والخلافات الأخيرة مع الجانب الروسي على ارسال قوات اللواء الثامن في البادية، أوضحت روسيا مؤخراً من خلال طرحها الأخير لخارطة حل واتفاق تسوية جديد في المنطقة الجنوبية، لتغير سياستها مع مناطق التسويات جنوب سوريا، وحتى أحمد العودة، قائد اللواء الثامن ورجل روسيا الأول في درعا، لم يستطع أن ينأى بنفسه وبعناصره عن المشهد الجديد في المحافظة، رغم أن أنها استثنيت من تطبيق الاتفاق الجديد معقل قوات اللواء الثامن في “الفيلق الخامس” جنوب سوريا مدينة بصرى الشام والقرى والبلدات التي حولها.
تردد اسم العودة كثيرا خلال المرحلة الماضية، وكان غياب وجود قوات “الفيلق الخامس” في الأشهر الأربعة الماضية خلال اتفاقيات التسوية الجديدة وحتى جلسات واجتماعات التفاوض لافتا، بعد أن كانت خلال السنوات الماضية أبرز الحاضرين والمشاركين في المنطقة في جلسات التفاوض التي يعقدها ضباط روس مع ممثلي اللجان المركزية ولجنة النظام الأمنية، وكان دائماً له دور في عملية الانتشار العسكري، باعتباره بديلا محليا “مقبولا شعبيا”، قياسا بالقوات الحكومية.
ومع خرج العودة قائد التشكيل جنوب سوريا إلى الأردن قبل شهر من معبر نصيب الحدودي مع الأردن الذي تشرف عليه الحكومة السورية بعد اقتراب التسويات الجديدة من معقل قواته، انتشرت أنباء عن تحويل تبعية تشكيل اللواء الثامن من الجيش السوري و “الفيلق الخامس” إلى إدارة المخابرات العسكرية، مع المحافظة على الهيكلية العسكرية والدعم الروسي وإزاحة صفة “الفيلق الخامس” عن هذا التشكيل، مقابل قبول الروس والنظام عدم مشاركتهم بالقتال خارج محافظة درعا، تحت اعتبار أن أي فرقة عسكرية في الجيش مطالبة بمساندة ودعم قوات الجيش الأخرى، بينما الأجهزة الأمنية ومنها شعبة المخابرات العسكرية يقتصر عملها ضمن منطقة المحافظة.
واعتبرها الناشط مهند العبدالله من درعا ذلك بمثابة الخطة الروسية، بهدف المحافظة على هذه العناصر وعلى قوة عسكرية موالية لروسيا في المنطقة، وتحقق رغبتهم بعدم الخروج والمشاركة بمعارك مع قوات الحكومة خوفاً من ترك المنطقة الجنوبية وهذه العناصر عرضة لرغبات وتطلعات دول حليفة للنظام السوري غير روسيا، وتفرض هيمنتها على المنطقة التي تعهدت روسيا في عدة مرات المحافظة عليها وإبعاد مليشيات إيران عنها.

لماذا اطا ح الأسد بمفتى سوريا… ومنصبه؟

لماذا اطا ح الأسد بمفتى سوريا… ومنصبه؟

أصدر الرئيس بشار الاسد مساء الاثنين، مرسوما بتوسيع صلاحيات المجلس العلمي الفقهي التابعة لوزارة الاوقاف الذي تشكل قبل ثلاث سنوات، ما ادى عملياً الى الاطاحة بالمفتي أحمد حسون بعد 16 سنة على تسلمه هذا المنصب، ذلك بعد ايام على تصريحات اشكالية في مجلس عزاء اقيم  للفنان الراحل صباح فخري.

ماذا تضمن المرسوم؟
افادت “وكالة الانباء السورية الرسمية” (سانا) ان الاسد اصدر مرسوما عدل بموجبه القانون 31 للعام 2018 الذي تشكل بموجبه “المجلس العلمي الفقهي” في وزارة الاوقاف، بحيث بات الوزير رئيسا للمجلس مع معاونين، هما رئيس “اتحاد علماء بلاد الشام” و “القاضي الشرعي الأول”، اضافة الى ثلاثين “عالما من كبار العلماء في سوريا ممثلين عن المذاهب كافة”. كما تضمن تعيين ممثل عن الأئمة الشباب وخمس من عالمات القرآن الكريم أعضاءً
اضافة الى ذلك، نص مرسوم الاسد على تحديد مهمة اضافية لـلمجلس بـ “تحديد مواعيد بدايات ونهايات الأشهر القمرية والتماس الأهلة وإثباتها وإعلان ما يترتب على ذلك من أحكام فقهية متصلة بالعبادات والشعائر الدينية الإسلامية”و “إصدار الفتاوى المسندة بالأدلة الفقهية الإسلامية المعتمدة على الفقه الإسلامي بمذاهبه كافة، ووضع الأسس والمعايير والآليات اللازمة لتنظيمها وضبطها”.

ماهو التعديل؟
نص المرسوم على الغاء الفقرة /هـ/ من المادة /٣/ من القانون رقم /٣١/ لعام ٢٠١٨، وتنص، على “يتولى الوزير تسمية مفتين في المحافظات عند الحاجة، وتكليف أرباب الشعائر الدينية والقائمين على أماكن العبادة ومحاسبة المقصرين منهم، وفرض العقوبات التأديبية بحق من تثبت مخالفته منهم وفق أحكام هذا القانون والأنظمة الصادرة وفقاً له”.
كما الغى المرسوم “الفصل التاسع من الباب الثالث المتضمن المادة 35″، وتنص: “المفتي العام للجمهورية، المادة 35- أ- يسمى المفتي العام للجمهورية العربية السورية وتُحدد مهامه واختصاصاته بمرسوم بناء على اقتراح الوزير لمدة ثلاث سنوات قابلة للتمديد بمرسوم. ب- يتقاضى المفتي العام أجوره وتعويضاته وفق أحكام القوانين النافذة”.

ماذا يعني؟
انتهت ولاية حسون في ١١ تشرين الأول (اكتوبر) الماضي نظراً لمضي مدة السنوات الثلاث على وجوده في المنصب منذ نفاذ القانون المذكور، وإن عدم صدور أي مرسوم بالتجديد له يعني أنّ ولايته قد انتهت ولم يعد مفتياً عاماً بموجب القانون. يضاف إلى ذلك أنه قد بلغ من العمر أكثر من سبعين عاماً أي أنه قد تجاوز السن القانوني أيضاً.

ماذا قال حسون؟
في مجلس عزاء صباح فخري، خاطب للاجئين: “عودوا إلى بلادكم. في الخارج لن تجدوا من يصلي عليكم”. وتساءل حسون: “اين خريطة سورية بالقرآن الكريم؟. موجودة بسورة نقرأها كثيراً في صلاتنا وهي (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ﴿۱﴾ وَطُورِ سِينِينَ ﴿۲﴾ وَهَٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ﴿۳﴾ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)”. وزاد :”قد خلقنا الإنسان في هذه البلاد في أحسن تقويم، فإذا تركها رددناه أسفل سافلين”. وأضاف :”ثم يكمل (الله) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات (في هذه الأرض) فلهم أجر غير ممنون”، اي الذين بقوا في سوريا.

ماهو رد المجلس العلمي؟
في سابقة، اعلن “المجلس العلمي الفقهي” التابع لوزارة الأوقاف بدمشق الخميس بيانا ضد تفسير حسون لسورة من القرآن الكريم. وقال المجلس في بيان رسمي :” لم يتجرأ أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على تفسير القرآن برأيه، وإن التفسير بالرأي المنهي عنه”. ووصف التفسير بأنه “مغلوط وتحريف للتفسير الصحيح”.
ولم يذكر البيان حسون بالاسم، لكن قال انه “خلط التفسير بحسب أهواءه ومصالحه البشرية. وهذا كلام ضيق، لا ينطلق من دراية بقواعد تفسير القرآن الكريم، بل إنه إقحام للدين في إطار إقليمي ضيق”، بحسب البيان الذي أتهم صاحب التفسير باتباع منهج “المتطرفين والتكفيرين يعتمد على تحريف تفسير آيات القرآن لأغراض شخصية، لتنسجم مع أهدافهم التكفيرية”.
وفي رد مباشر على حسون، قال البيان: “الإنسان يحط من مرتبته القويمة إلى أسفل سافلين، عندما يخالف أوامر الله ويعرض عنها، وهذا حال يصيب كل إنسان في كل مكان وزمان، ولا علاقة له ببلاد الشام أو غيرها من المسميات القطرية التي تتغير من زمان لآخر”.
وحسب تشكيل المجلس الفقهي، فانه يرمي الى “ترسيخ مفاهيم الوحدة الوطنية، والأخذ بيد أبناء الوطن على اختلافهم وتنوعهم لمواجهة فكر أعداء الأمة الصهاينة والمتطرفين التكفيريين وأتباع الإسلام السياسي”.
وكان حسون، الذي شغل مفتى حلب ونائبا في البرلمان قبل تسلمه منصب المفتى العام في 2005، فقد ابنه ساريه في 2011، وحافظ على موقفه الداعم لمواقف الحكومة.

ورشة تدريب صالون سوريا

ورشة تدريب صالون سوريا

يعلن فريق “صالون سوريا” ، التحضير لدورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة والنوع الاجتماعي للنهار والنوع الاجتماعي ، مُخصصة للصحفيين/ات السوريين/ات المقيمين/ات داخل سوريا وخارجها.

بسبب الظروف الصحية ، ستُعقد الدورة التدريبية عبر تطبيق “زوم” ، وهي مقسمة على ست جلسات خلال ثلاثة أيام ، بين 12 و 14 تشرين الثاني / نوفمبر 2021 ستتناقض الجلي اساسيات الصحافة ، التعامل مع النزاعات الناشئة ، الفرق بين الصحافة المكتوبة والمرئية ، وحساسيات النزاعات ، إضافة لجلسات حول الموضوعية والحساسية للنوع الاجتماعي وطرح قضاياه.

ستتناول الجلسات اساسيات الصحافة، التعامل مع المصادر أثناء النزاعات، الفرق بين الصحافة المكتوبة والمرئية، وحساسيات النزاعات، إضافة لجلسات حول الموضوعية والحساسية للنوع الاجتماعي وطرح قضاياه.
يدير هذه الجلسات مجموعة من الصحفيين/ات السوريين/ات المتخصصين/ات بهذه القضايا، وستتاح الفرصة للصحفيين/ات بعد نهاية التدريب للنشر مع موقع “صالون سوريا” كصحفيين/ات، وخلالها سيحصلن/ون على فرصة المتابعة مع المدربين/ات لتطوير مهاراتهم/ن الصحفية.

شروط التقديم:
– شهادة في الصحافة أو خبرة صحفية لأكثر من عام
– القدرة على الالتزام بالساعات التدريبية المحددة كاملة
إذا توفرت لديك الشروط وكنت مهتما/ة بالتقديم على التدريب يرجى ملئ الاستمارة التالية خلال موعد أقصاه الأربعاء 3 تشرين الثاني/نوفمبر
https://forms.gle/r1HZ1N53FTpSxnxeA
ستصلكم رسالة الكترونية لتأكيد استلام الطلب، علما أن فريقنا سيتواصل مع المقبولين/ات في التدريب بعد يومين من انتهاء وقت التقديم لمُشاركة الأجندة والتفاصيل.
نتمنى التوفيق لجميع الزملاء والزميلات!
سوريا بعد عقد… بلاد تنزف بلا حدود

سوريا بعد عقد… بلاد تنزف بلا حدود

مر عقد على بدء الاحتجاجات السلمية في سوريا، ضمن موجات «الربيع العربي». يختلف السوريون على موعد الذكرى، كما يختلفون حول أمور كثيرة أخرى. وخلال السنوات العشر الماضية، تغيرت أمور كثيرة في الجغرافيا والعسكرة والنسيج الاجتماعي، وفي السياسة. ربما شيء وحيد لم يتغير كثيراً، ألا وهو المعاناة.

يتجادل السوريون حول الكثير من الأمور، وتفرقهم قضايا ومسائل، لكنهم جميعاً يشعرون بأنهم في مأزق، داخل البلاد وخارجها، مع أو ضد، عمل سلمي أو عنفي، في مناطق الحكومة أو خارجها. وبصرف النظر عن اللغة و«الداعم»، فهناك جامع واحد: المعاناة. قد تختلف درجاتها، لكن من الصعب العثور على شخص لم يتأثر بشكل مباشر في السنوات العشر المنصرمة. الاستثناء الوحيد هو فئة، قلة قليلة، استفادت في مكان وخسرت في أمكنة، استفادت في الجغرافيا وخسرت التاريخ، أو كسبت الجغرافيا وخسرت المستقبل.

تطوي سوريا اليوم عشر سنوات وتبدأ سنة جديدة. إنها مناسبة للعودة إلى جذور الأزمة ومراجعة ما حصل بالعقد الأخير مع محاولة لاستشراف السنوات المقبلة.

– كيف بدأت؟

موجات «الربيع العربي»، بدأت شرارتها في نهاية 2010 في تونس وشمال أفريقيا. تأخر وصولها إلى سوريا. بدأت تجمعاتها بوقفات احتجاجية أمام السفارة الليبية في دمشق، لدعم الانتفاضات الأخرى، في «تحدٍ حذرٍ» للسلطات المقيمة في البلاد منذ عقود. كانت الهتافات تخاطب تونس وطرابلس والقاهرة، لكنها كانت «تتحدث» مع دمشق. همّ النشطاء كان نقل الشرارة إلى البلاد. ويقول الحقوقي مازن درويش لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن السؤال كان: «من هو البوعزيزي السوري؟»، في إشارة إلى البائع التونسي المتجوِّل الذي أضرم النار في نفسه في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2010، وشكّل ذلك شرارة انتفاضة تونس.

وفي اعتقاده أن الشرارة كانت على جدران مدرسة في درعا جنوب البلاد، كُتب عليها: «أجاك الدور يا دكتور»، في إشارة إلى الرئيس بشار الأسد، ومصير نظيره التونسي زين العابدين بن علي. واعتقل فُتيان من درعا وتعرضوا للتعذيب؛ ما دفع المحتجين للخروج إلى الشارع. خرجوا في درعا، وتظاهر آخرون في سوق الحريقة وسط دمشق في 17 فبراير (شباط). لكن اليوم الذي خرجت فيه المظاهرات في شكل متزامن هو 15 مارس (آذار) 2011، ما اعتبره كثيرون تاريخ «بدء الانتفاضة السورية».

كُسر جدار الخوف، وتحطم الصمت، واتسعت المظاهرات. تصاعدت مطالبها بسبب العنف والدعم الخارجي، من شعارات محلية مطلبية، إلى لافتات سياسة تطالب بـ«إسقاط النظام». وبلغت المظاهرات ذروتها في يوليو (تموز) 2011 بمسيرة ضخمة في حماة، وقف فيها سفراء، بينهم السفير الأميركي روبرت فورد. وتركت زيارته إلى المدينة يومها، انطباعاً بأن حلفاء المظاهرات يؤيدون شعاراتها ويدعمون «إسقاط النظام». وجاء تصريح الرئيس باراك أوباما في أغسطس (آب) 2011 عن «تنحّي الأسد» ليعزز هذا الانطباع الخاطئ.
– كيف تحولت إلى العسكرة؟

تراكمت مجموعة من الأسباب للانتقال إلى العسكرة. بداية، واجهت قوات الحكومة وأجهزة الأمن المظاهرات بالعنف والسلاح و«البراميل» والقصف والحصار واتهامات بـ«مندسين» بالقيام بذلك. وتحدث كثيرون عن إطلاق آلاف المعتقلين من المتطرفين كانوا في سجون السلطات، عدد كبير منهم قاتل الأميركيين في العراق بعد 2003، واستغلوا تجاربهم التنظيمية والقتالية في التوسع في الأرض. وهذا الأمر وضع الغرب بين خيارين: النظام أو «داعش».

في المقابل، تشكلت كتلة «مجموعة أصدقاء سوريا» التي دعمت المعارضة، بدءاً من المنشقين عن الجيش، الذي شكلوا «الجيش السوري الحر». كما كان لافتاً أثر الانقسام بين الدول الداعمة للمعارضة ووجود اتجاهات مختلفة فيها. ودعمت «وكالة الاستخبارات الأميركية» (سي آي إيه) في نهاية 2012 برنامجاً سرياً لدعم المعارضة انطلاقا من الأردن وتركيا.

وخفت صوت المحتجين سلمياً، في وقت ذهب الدعم الخارجي إلى لاعبين آخرين، داعمين في معظمهم للنزاع المسلح. وفي 2012، حذر أوباما الأسد من استعمال الأسلحة الكيماوية، وقال إنها «خط أحمر». ويقول خبراء ومسؤولون غربيون، إنه عندما تجاوز النظام هذا الخط بعد عام، عبر هجوم كيماوي استهدف الغوطة الشرقية قرب دمشق في أغسطس 2013، امتنع أوباما عن القيام بتدخل عسكري انتظره كثيرون.

بالنسبة لكثيرين، كان تلك نقطة فارقة. كانت الفصائل المعارضة قد تمكنت من إلحاق خسائر كبيرة بالجيش السوري، الذي أضعفته أيضاً الانشقاقات. في المقابل، ساهم التدخل المبكر لإيران وميليشياتها و«حزب الله» في لجم تقدم المعارضة. لكنّ توصل روسيا وأميركا إلى اتفاق بنزع السلاح الكيماوي في سبتمبر (أيلول) 2013 وعدم استعمال القوة، أصاب المعارضين وحلفاءهم بالإحباط. والتطور الأهم هنا هو بدء تمدد تنظيم «داعش» والفصائل المتطرقة في البلاد، بحيث زادت سيطرتها على نصف مساحة سوريا.

– متى ولماذا تدخلت أميركا وروسيا؟

أمام تقدم «داعش» في سوريا والعراق في 2014، شكلت أميركا تحالفاً دولياً للقتال ضد هذا التنظيم، يضم حالياً نحو 80 دولة ومنظمة. وحددت أميركا هدفها بمحاربة «داعش»، وقلّصت دعمها للمعارضة في قتال قوات الحكومة. وفي بداية 2014، تدخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا. وكان هذا أيضاً منعطفاً؛ إذ إنه بدأ الربط بين أوكرانيا وسوريا. وقتذاك، لم تمارس روسيا أي ضغط على الوفد الحكومي السوري في مفاوضات برعاية أممية لتطبيق «بيان جنيف» الصادر في يونيو (حزيران) والقاضي بتشكيل «هيئة حكم انتقالية».

وإذ واصل حلفاء المعارضة دعمها عسكرياً ومالياً، بحيث تراجعت مناطق الحكومة إلى حدود 15 في المائة في ربيع 2015، بعد خسارة جنوب درعا ومناطق إدلب، وجد الرئيس بوتين فرصة سانحة سارع لاستغلالها، وتمثلت في التدخل العسكري المباشر. هذا التدخل جاء بعد رجاء من قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني في صيف 2015 إلى الكرملين، للإسراع في التدخل و«إنقاذ الحليف السوري». والصفقة كانت كالآتي: روسيا في الجو، إيران على الأرض. والهدف: إنقاذ النظام – الحليف دون غوص روسيا في «المستنقع السوري»، كما حصل للاتحاد السوفياتي في أفغانستان.

التدخل الروسي الحاسم في سبتمبر 2015، غيّر المعادلات في الميدان تدريجياً لصالح الأسد، بعدما كانت قواته قد فقدت سيطرتها على نحو 85 في المائة من مساحة سوريا، تشمل مدناً رئيسية وحقول نفط. ووصلت فصائل المعارضة إلى مشارف دمشق. وبدعم من طائرات وعتاد ومستشارين روس، وبمساندة من مجموعات موالية لطهران، على رأسها «حزب الله»، استعاد الأسد زمام المبادرة، ونفذت قواته حملة انتقامية، متبعة سياسة «الأرض المحروقة» لاستعادة المناطق التي خسرتها.

– لماذا توغلت تركيا؟

قال الأسد في فبراير 2016، إن هدفه ليس أقلّ من استعادة كامل الأراضي السورية. وقال «سواءً أكانت لدينا القدرة أو لم تكن، هذا هدف سنعمل عليه من دون تردّد. من غير المنطقي أن نقول إن هناك جزءاً سنتخلّى عنه».

في نهاية 2016، بدأت الكفة تميل لصالح النظام؛ إذ استعاد الأحياء الشرقية من حلب. وتكرر هذا المشهد بـ«استسلام» مناطق معارضة أخرى جنوب البلاد ووسطها، بموجب اتفاقات تسوية تضمنت إجلاء عشرات الآلاف من المدنيين والمقاتلين إلى محافظة إدلب في شمال غربي سوريا، حيث يقيم قرابة ثلاثة ملايين نسمة حالياً، نصفهم نازحون تقريباً، في ظروف صعبة، تحت سيطرة «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً).

لكن هذه الاستعادة للأراضي، أدخلت البلاد في مرحلة جديدة، وهي تأسيس «مناطق النفوذ». وفي مايو (أيار) 2017، أسست روسيا مساراً جديداً مع تركيا وإيران يتمثل بـ«عملية آستانة». وكان الهدف، عسكرياً، التوصل إلى اتفاقات «خفض التصعيد» في درعا وغوطة دمشق وحمص وإدلب. عملياً، أدى هذا إلى مقايضات بين المناطق: مقابل استعادة شرق حلب، دخلت فصائل موالية لتركيا إلى شمال حلب، وشكلت «درع الفرات». ومقابل استعادة الغوطة وحمص، دخلت فصائل موالية لتركيا، في عملية «غصن الزيتون»، إلى عفرين، شمال حلب، في بداية 2018.

وأمام الدعم الأميركي لأكراد سوريا في قتال «داعش» شرق الفرات، خفضت تركيا سقف توقعاتها للعودة إلى المصالح الاستراتيجية، وهي منع كيان كردي على حدودها الجنوبية. فـ«درع الفرات» قطعت الطريق أمام تواصل كيان كردي من شرق الفرات إلى غربه، و«غصن الزيتون» قطع أوصال إقليم كردي محتمل. وتكرر هذا المشهد أيضاً في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، عندما تدخلت تركيا شرق الفرات وقلصت مساحة مناطق كانت تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من أميركا.

إضافة إلى التوغل التركي ضد الأكراد، اتسع القلق الإقليمي من النفوذ الإيراني في سوريا. وبدأت إسرائيل بشن غارات على «مواقع إيران» لمنع تموضعها في سوريا، كما أن أميركا وروسيا والأردن توصلت في منتصف 2018 إلى «صفقة الجنوب» التي تضمنت إبعاد إيران وميليشياتها عن الجولان والأردن، وعودة قوات الحكومة السورية إلى ريفي درعا والقنيطرة.

– كيف تأسست «مناطق النفوذ»؟

استقرت المعارك والمقايضات على ثلاث مناطق: منطقة للحكومة بدعم روسي – إيراني، وتشكل نحو 65 في المائة من سوريا، وتضم معظم المدن والناس، ومنطقة للأكراد بدعم أميركي وتشكل 23 في المائة من البلاد، وتضم معظم ثروات البلاد الاستراتيجية، وأخيراً منطقة لفصائل للمعارضة تدعمها تركيا وتسيطر على ما تبقى من البلاد، وهي تتاخم القاعدتين الروسيتين في طرطوس واللاذقية غرب البلاد، وقاعدة للنظام السوري.

وبعد جولة معارك في بداية العام الماضي، توصل الرئيسان بوتين ونظيره التركي رجب طيب إردوغان إلى هدنة في إدلب، في 5 مارس 2020، واستغل الجيش التركي ذلك ونشر نحو 15 ألف جندي وآلاف الآليات وعشرات النقاط والقواعد العسكرية في شمال غربي سوريا.

لأول مرة منذ 2011، لم تتحرك خطوط التماس لأكثر من سنة، أي منذ بداية مارس 2020. ويبدو احتمال شنّ قوات الحكومة هجوماً، لطالما هدّدت به، مستبعداً في الوقت الحاضر. ويقول محللون، إنّ من شأن أي هجوم جديد أن يضع القوتين العسكريتين، أي روسيا وتركيا، في صدام مباشر، في وقت تقوم بينهما علاقات استراتيجية أوسع من إدلب.

وفي هذه «المناطق الثلاث»، هناك الكثير من المقاتلين والقواعد العسكرية ومئات نقاط المراقبة تحت مظلتين جويتين أميركية شرقاً وروسية غرباً، بحث جاز القول بوجود خمسة جيوش في البقعة السورية، وهي الأميركي، والروسي، والإيراني، والتركي، والإسرائيلي.

أيضاً، تقاسمت هذه الأطراف السيطرة على الحدود والمعابر. وقال الباحث المتخصص في الجغرافيا السورية فابريس بالانش، إنّ القوات الحكومية «تسيطر على 15 في المائة فقط من حدود سوريا». ويستنتج أن «الحدود هي رمز السيادة بامتياز، وبطاقة أداء النظام لا تزال فارغة تقريباً على تلك الجبهة». وتسيطر القوات التركية والأميركية والكردية والمجموعات المدعومة من طهران، بحكم الأمر الواقع، على ما تبقى من الحدود.

-الى أين؟

عليه، باتت البلاد بشكل غير رسمي مقسمة رسمياً إلى مناطق نفوذ متعددة، وتسيطر قوى متناحرة بشكل أحادي على معظم حدودها. وما على السوريين، الذين تتعمق جروحهم وتتفاقم معاناتهم إلا انتظار الفرج القادم من الآخرين وتفاهماتهم وصفقاتهم. وصدق قول أحدهم في دمشق «انتهت الحرب، بمعنى توقف القتال والمعارك، لكن جراحنا ما زالت تنزف».