وجهات نظر متنوعة حول مظاهرات السويداء ومرحلة اللا تراجع

وجهات نظر متنوعة حول مظاهرات السويداء ومرحلة اللا تراجع

“ما لم نحظَ بعقدٍ كامل وتوافقي لشكل المواطنة نكون كمن يتحرك في مكانه، نحن نحتاج لئلا نستسلم للتكبيل المناطقي الذي سيجعل كل فئةٍ منّا تحارب وحدها، تحارب وتخسر أمام هيكلية منظمة!”. هذا الاقتباس هو تعبير عن رأي المهندس علي جمال المقيم في مدينة جبلة الساحلية والمتابع عن كثب للتطورات المتسارعة في الجنوب السوري وتحديداً تظاهرات السويداء. خلال حديثه مع “صالون سوريا،” بيّن جمال أنه من وجهة نظره فقد وقع أهل السويداء ضحية ارتكابات سياسية عفوية كانت كفيلة بإطاحة الدعم الواسع من حولهم والذي حظوا به في الأيام الأولى.

المهندس الإنشائي بحكم ما أسماه اقترابه من الشارع في حيزّه الجغرافي تمكن من رصد تحولات وتبدلات في مواقف بعض الناس في الساحل عاطفياً ووجدانياً خلال المرحلة السابقة، حيث يقول: “منذ عام 2020 على الأقل والناس تختنق في كل سوريا اقتصادياً، ظلّ الأمر كذلك حتى الربع الأول من العام الجاري ما بعد الزلزال والانفتاح العربي الهائل والقمة العربية والمسارات المتعددة فتنفس الناس الصعداء، دون مبالغة، ملامح أوجههم تغيرت، لكنّ ذلك لم يدم طويلاً، حتى أغلقت دمشق الأبواب في وجه كل تلك المسارات وعرف الناس أنهم عادوا للوراء كثيراً”.

ويضيف جمال موضحاً الواقع السوري: “صارت الأمور حينها أشبه بجمر تحت الرماد، البلد كلّها قابلة للانفجار، والدولة ببساطة قررت استفزاز الناس بلقمة عيشهم وبطريقة لا يمكن وصفها، كان ذلك في منتصف آب/أغسطس الفائت، فجأة اشتعلت البلاد كلّها، إن لم يكن بالتظاهر الذي بدأ في السويداء فبالصوت المرتفع على صفحات التواصل الاجتماعي ومن كل الأطراف”.

شرح جمال أنّ ما بدأ كشرارةٍ في السويداء كان مرشحاً لصبغ البلد بأكملها بلون واحد ذي مطلب واحد، “ولكن، قلّة الحنكة السياسية هناك وغياب الإشراف الدقيق وتداخل الأطراف والمرجعيات جعلَ الحراك سريعاً مناطقياً سياسياً لا معيشياً وجعله يبدو كما لو أنّه محصور بطائفة لا بلد، وهنا كانت بذرة الشقاق الأولى مع الجميع”.

الحكومة مرتاحة

يتفق الطبيب عزّت سليمان من حمص مع بعض آراء المهندس جمال، فيقول لـ “صالون سوريا”: “السوريون اليوم بحاجة لما يجمعهم لا ما يفرقهم، لا يوجد عاقل في الكون يمكنه التشكيك بوطنية أهل السويداء، أو أهل سوريا عامّةً، ولكن يمكن القول إنّه ببساطة تم جرّ المحافظة لفخٍ محلي غير قابل للتصدير اليوم على عكس أيامه الأولى، وهذا ببساطة ما يجعل الحكومة مرتاحةً ولربما سعيدةً بمشهد المكونات التي بدأت تخوّن بعضها ويشتم كلٌّ منها رموز الآخر على صفحات الفيس بوك”.

أخطاء كبيرة

يحاول هذا المقال الوقوف بشكل عقلاني وموضوعي على بعض المشاكل التي أحاطت بتظاهرات السويداء التي انطلقت بعيد منتصف شهر آب/أغسطس الفائت بقليل، والتي كانت مرشحة لتخرج من نطاقها المحلي وتغزو الخارطة السورية الواسعة التي تشاركها المشاكل والآلام ذاتها.

انطلقت تظاهرات السويداء في مرحلة وجدانيةٍ حساسة لعموم السوريين، مرحلة عنوانها كل “نظام” لا يطعمنا يجب أن يصير ماضياً، وهذا ما كان يمكن أن يُشتغل عليه لو خُطِط لتلك التظاهرات باستراتيجية أكثر تماسكاً وبصيرةً.

من نافلة القول إنّ إدلب الغارقة بمشاكلها في شكلها الحالي لم تكن لتشكل ثقلا إضافياً (غير عسكري) في تغيير الواقع السوري الذي يعتمد على الداخل في منطلقه ورؤيته، وكذلك شرق الفرات الذي غرق تالياً في مواجهات العشائر وقسد.

إذن، من المعلوم أنّ الثقل المحمول من الداخل عبر المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة هي التي سترشح كفّة الموقف القادم، وعليه، كان يجب وبغض النظر عن اسم أول محافظة تنتفض، أن تجد سبيلاً للتنسيق مع بقية المحافظات والمكونات لتوحيد المطالب وتعميمها ليكون “الكفٌّ” إذا ضُرِب في درعا يسمع صداه في اللاذقية.

لذلك، كان خطأ الانتفاضة تلك واقعاً من اليوم الأول لها، اليوم الأول الذي تجمع فيه الناس وسط السويداء وفي قراها رافعين علم طائفة الموحدين الدروز (علم الحدود الخمسة)، بكلّ ما يمثل من رمزية وقدسية لهم، لكنّه لم يكن مفهوماً لبقية الشركاء في الأرض.

عزز غياب العلم السوري من خطورة قوقعة الحراك، ومع ذلك ظلّ الأمر لا يشكل فرقاً حقيقياً طالما أنّ المطلب واحد، وهو مطلب معيشي شامل يعود على الجميع بالخير.

إلا أنّ بعض المتظاهرين، أفراد أو فرد على الأقل، ليس مهماً، رفعوا قرابة اليوم الرابع أو الخامس علم الثورة السورية، العلم ذا النجمات الحمر الثلاث، وهنا يجب العودة لما ذكرناه مسبقاً أنّ موقف أهل إدلب لن يزيد عن التعاطف في حين أنّ ذلك الحراك يحتاج تحركات عملية سريعة داخلية وفي ذات الوقت لا تسيل فيها نقطة دم واحدة.

رفع علم الثورة ببساطة مثلّ خذلاناً لشريحة كبيرة متعاطفة تماماً مع الحراك، فالقضية المتعلقة بالعلم السوري هي قضية وجودية مرتبطة باللاوعي لدى عائلات دفنت الآلاف من أولادها محاطين بذلك العلم، ومن الرفاهية القول إنّ المشكلة زالت بين السوريين من مؤيدي هذا العلم أو ذلك، القصة خرقت الجسد الواحد بوضوح، وبعد ذلك، وقبله، لم يرفع العلم السوري الرسمي.

في الأيام التالية أيضاً تم إلقاء بيان باللغة الإنجليزية عبر أحد المشاركين في التظاهرات يطالب فيه نصاً من مجلس الأمن الدولي باسم المتظاهرين التدخل في سوريا تحت الفصل السابع عسكرياً وإزاحة النظام بالقوة. هذه القصة وحدها أحدثت شرخاً إضافياً ولكن هذه المرة ليس مع بقية المكونات، بل بين أهل السويداء أنفسهم، وهو ما شوش وأثرَ في سياق المظاهرات.

كل ذلك تماشى مع تغيّرٍ جذري في نهاية الأسبوع الأول للتظاهرات، حيث تحولت كل المطالب من معيشية إلى سياسية، صارت المطالب مرتكزة على رحيل النظام ومحاسبته وتطبيق القرار 2254، وإن كان ذلك منطقياً لشريحة سورية لها الحق في المطالبة، ولكن ضيع فرصة تاريخية أمام الحراك لتغيير مصير البلد قبل أن تشد العصب الديني والمناطقي في أماكن أخرى لصالح السلطة من غير دراية.

الأحداث عينها أدت لانقسام تاريخي بين المرجعيات التاريخية الثلاث وهم شيوخ عقل طائفة الموحدين الدروز في الجنوب، ففي حين وقف الشيخ حكمت الهجري إلى جانب المتظاهرين، وقف الشيخان الحناوي وجربوع إلى صالح التهدئة ودعم الدولة، فانقسمت المدينة من جديد على بعضها.

وفي المقابل خرجت أصوات من طرف السلطة لو كانت منتفعةً أباً عن جدٍ لما احتدّت في خطابها لتلك الدرجة التي بدت مستغربَة على نطاق واسع، وبينهم الإعلامي ر. ل الذي يقدم فيديوهات شبه يومية على صفحته في فيس بوك تتهم كل المتظاهرين بأنّهم عملاء للخارج.

والإعلامي اللبناني ح. م الذي هدد بأنّ داعش صارت في محيط السويداء، ليدين بعلّوه على الملكية نفسها الدولة في أيّ حدثٍ أمني، وحكماً هذا آخر ما تريد الدولة اتهامها به في ظل الظروف الدولية الملتهبة من حولها. وكذلك المغني الشعبي ر. ه الذي استخدم لكنة أهل الساحل لتهديد المحتجين، ولا يمكن نسيان و. أ وهو من عائلة الأسد والذي يكفي ظهوره على وسائل التواصل الاجتماعي ليكون سبباً لثورة جديدة، كما يقول سوريون كثر تندراً وفي الساحل تحديداً.

من وجهة نظرٍ رسمية

إذن، قلّة التخطيط والتنسيق ولربما العفوية وغياب المرجعية الواضحة أدت للوقوع في كل تلك الأخطاء المتتالية بزمن قياسي، وموضوع غياب المرجعية هو ما يقوله أمنيون سوريون في مجالسهم عن غياب من يمكن الحديث معه في السويداء في هذه الظروف.

السويداء بالنسبة للسلطة بحسب مصدر مطلع لـ “صالون سوريا” لديها مطالب محقّة ولكنّها مطالب تخصّ كل السوريين وليس الجنوب فقط، ويؤكد هذا المصدر الذي رفض الإفصاح عن اسمه أن: “استمرار التظاهرات يؤثر على المدينة ولا يمكن الضغط على يدنا من خلالها وفي نفس الوقت نتوخى استخدام القوة ولكن إنصاف السويداء على حساب بقية المحافظات أمر لا يمكن تحقيقه”.

وحول تحول المطالب إلى سياسية والتمسك بها يقول: “يحقّ لهم التعبير، ولكن نعتقد أنّهم يعبرون بطريقة سيئة بحقهم متناسين أنّ الوضع القائم هو صمام أمان البلد وإلّا فستنهش الحرب الأهلية البلد”.

لا تراجع

رداً على ذلك يقول الشاب ماهر حرب أحد المتواجدين باستمرار في التظاهرات أنّ النظام ساقط لديهم وسيسقط في كل البلاد، “قصة الحرب الأهلية هي لإخافتنا، نحن لا نريد هذا النظام وسنحارب سلمياً حتى النهاية، فلا يمكن أن يستمر نظامٌ لا يريده شعبه”.

وكذلك الأمر بالنسبة لمتظاهر آخر وهو سالم حناوي والذي يوضح موقفه: “لن نخرج من الساحات حتى نغير مصير سوريا ولو كنا وحدنا في رأس حربة هذه المعركة، الآن، لا تراجع عن مطالبنا ولم نخرج لنتراجع، السويداء برجالها ونسائها جاهزةٌ لأي طارئ”.

أما بالنسبة لعمار وهو اسم مستعار لشخص انسحب من التظاهرات باكراً فلديه الآن وجهة نظر مختلفة يشرح فيها أن: “النظام لم يكترث لأمرنا وتوقعنا تحركاً إيجابياً سريعاً اتجاهنا، ولكنّ ذلك لم يحصل، الآن قد نستمر أشهراً، نتظاهر دون نتيجة، والأمن يسجل أسماء كل من تظاهر لأنّ هذه طبيعته، لا أريد المغامرة أكثر، ألم ترَ كيف صمت أهل الساحل فجأة؟”.

سامي عزام أيضاً شاب يشارك في المظاهرات وهو متمسك بمطالب الناس هناك كما يوضح، وعن ذلك يبين: “سندفع ثمن كرامتنا مهما غلت لنحصل عليها، نحن الآن نعلم أننا وقعنا في بعض الأخطاء، وكان يجب التريث في بعض التفاصيل وتمرير الملفات واحداً واحداً لنظلّ نحظى بدعم الأكثرية، ولكن القصص كانت عفوية ووطنية للغاية ولربما انفجارنا الجماعي هذا هو ما سيؤتي بثماره، وبالتأكيد لن نتراجع ونترك الساحات للفاسدين واللصوص والأذناب.”

يريدون بلداً لهم

ما وقعت به السويداء اليوم هو ذاته تماماً ما وقعت به الثورة السورية في بداية الأحداث السورية سنة ٢٠١١، إذ كثيراً ما عانت من العفوية وغياب التنسيق والمبادرات الفردية والتدخلات العشوائية التي قادت لفرز أصوات طائفية جرّت الحراك إلى منحنيات خطيرة فرزت السوريين في خنادق متباعدة وجعلتهم يقتلون بعضهم في حرب كان يمكن لو عوملت بعقلانية جمعيّة شاملة آنذاك أن تجنب البلاد كل ما مرت به، ولكن ما تم شيطنته يومها، تتم شيطنته الآن.

يمكن القول أن معظم أهل الداخل السوري معجب بشجاعة أهل الجنوب هذه الأيام ولو بدرجات، والجميع يريد مخرجاً من الكارثة، والجميع حين يجوع يثور ما لم يرزح تحت ضغوط توحي له بأنّ حياته مهددة خارج كانتونه الصغير. هذا بالضبط ما لم تتمكن مظاهرات السويداء من امتصاصه عن طيب نيّة وغياب دراية وحنكة في الغالب لتقدم المدينة الصغيرة نفسها بعبعاً لأطراف أخرى لا يمكن النجاح بدونها. ولتجلس السلطة على تلٍّ عالٍ وتشير بإصبعها فقط دون أن تنطق قاصدةً أن انظروا: يريدون بلداً لهم فقط.

*تم إعداد هذا التقرير قبل إعلان خبر وقوع محتجين في السويداء ضحايا إطلاق وابل من الرصاص عليهم يوم الأربعاء ١٣ أيلول الجاري واتهامات لمناصرين للحكومة السورية بالوقوف وراء هذا التصعيد.

عبد الرحمن الكواكبيّ وحيداً يعبرُ درب الآلام

عبد الرحمن الكواكبيّ وحيداً يعبرُ درب الآلام

     كان عبد الرحمن الكواكبيّ (1855-1902 م) شخصيّة استثنائيّة نادرة في عصرٍ مُظلم، ولقد امتازَ بشعورٍ فريدٍ بحرّيته بين أُناسٍ سُلِبت منهم القدرة على المبادرة والفعل والتعبير عن الرأي، فاكتشف أنَّ كثيراً من أبناء جِلدته مِنَ العرب يغرقون في مَوْحِلِ الجُبن والضَّعف والاستسلام لواقعٍ قاسٍ فرضته عليهم قُوى حاكمة، تمثّلت آنذاك في السَّلطنة العثمانيّة، وأدرك بعمق بصيرته أنَّ سبب الانهيار الرَّهيب في القيم والمبادئ والأخلاق ناجم عن الطَّاعة العمياء للحاكمين أو ولاة الأمر. ولقد أُصيبَ الكواكبيّ بخيبة أمل كبرى من تماهي النّاس مع سَحْقِهم وظُلمهم وتهميشهم، أي إنَّ الإنسانَ أصبح مجبولاً بعبوديته، إلى حدّ أنَّ الحريّة أصبحت ظاهرة غريبة وغير مقبولة بين النّاس؛ لأنَّها يمكن أن تسوقهم إلى نهاياتهم. من هنا وجد الكواكبيّ بعمقه البالغ أنَّ النّاس أنفسهم هم أساس قوّة الحاكمين الظَّالمين. ويرجع خنوع النَّاس في رأيه إلى أنّهم-في مرحلة السَّلطنة العثمانيّة-لم يعودوا قادرين على التمييز بين السُّلطة الدينيّة والسُّلطة السياسيّة؛ لأنَّ شخصيّة الحاكم لَبَست لَبوس القداسة، فالتبست على عقول العوام الأمور، فظنّوا أنَّ معارضة الحاكم هي معارضة ولي الأمر الذي يمثِّل المطلق أو الألوهيّة. ويمكن إرجاع هذه الطَّريقة من التّفكير عند الكواكبيّ إلى هدفٍ رئيس وهو تقويض تمثيل السلاطين العثمانيين للخلافة الإسلاميّة، لنزع فكرة حصانتهم الدّينيّة من عقول النّاس، وتحفيز العرب على استرجاع حقّهم بالسُّلطة؛ لكن الخنوع لرهبة السلطة الدينيّة العثمانيّة كان أكبر من طموح الكواكبيّ بإحداث تغيير جذريّ. واستنبطَ الكواكبيّ من ذلك حدوث امتزاج بين الاستبداد الدِّينيّ والاستبداد السياسيّ، فأصبح مضمون الطغيان باسم الدِّين مسكوباً في دَنِّ الطُّغيان السياسيّ، أو بالأحرى وُظِّفت أدوات الاستبداد الدِّينيّ على نحوٍ غير ظاهر لصالح الاستبداد السياسيّ؛ لذلك يتبنّى في كتابه “طبائع الاستبداد” رأياً عن الحكّام الذين هم وفق ما ذكرَ: “يسترهبون النَّاس بالتعالي الشخصيّ والتشامخ الحسيّ، ويذلونهم بالقهر والقوَّة وسلب الأموال حتى يجعلونهم خاضعين لهم عاملين لأجلهم يتمتّعون بهم كأنّهم نوع من الأَنعام التي يشربون ألبانها ويأكلون لحومها ويركبون ظهورها وبها يتفاخرون.”[1]

      ويدهشُ المرء من هذه الشجاعة المنقطعة النّظير التي تحلّى بها الكواكبيّ في عصر كان يمكن إسكاته فيه بأبسط الطُّرق، إلا أنّه آثر المسير في مشروعه الفكريّ ذي الخصوصيّة الغريبة عن الأجواء الثقافيّة السَّائدة في عصره. وكانت الموضوعة الرئيسة الشَّاغلة له هي قبول الإنسان بذله ومهانته واستعباده، فحاول أن يبحث عن الأسباب التي تقف وراء اقتناع الإنسان بسلبه من شخصيته الإنسانيّة الحرَّة.

      ويثير الكواكبيّ إشكاليّة تدلّ على عُمق في التّفكير لا نظير له، فهو يبحث في موقف الطُّغاة من العلوم، ويُحدِّد ببراعة فائقة أنواع العلوم التي يسمح المستبدّون للنّاس بتعلُّمها؛ لأنّها لا تؤدي إلى تطوير تفكير المتعلّمين على نحو يهدِّد عروش هؤلاء الطُّغاة.

      يقول الكواكبيّ: “المُستبد لا يخشى علوم اللغة، تلك العلوم التي بعضها يقوِّم اللسان، وأكثرها هزل وهذيان يضيع به الزمان (…) وكذلك لا يخاف المُستبد من العلوم الدينيّة المتعلّقة بالمعاد، المختصة ما بين الإنسان وربّه، لاعتقاده أنّها لا ترفع غباوة ولا تزيل غشاوة، وإنّما يتلهّى بها المتهوِّسون للعلم، حتى إذا ضاعَ فيها عمرهم، وامتلأت بها أدمغتهم، وأخذَ منهم الغرور ما أخذ، فصاروا لا يرون علماً غير علمهم، فحينئذٍ يأمن المستبد منهم كما يؤمن شرّ السّكران إذا خمر (…) وكذلك لا يخاف من العلوم الصِّناعية (…)، لأنَّ أهلها يكونون مسالمين صغار النّفوس، صغار الهمم، يشتريهم المستبد بقليل من المال والإعزاز، ولا يخاف من الماديين لأنَّ أكثرهم مبتلون بإيثار النَّفْس، ولا من الرِّياضيين لأنَّ غالبهم قصار النّظر.”[2]

     يكشف الكواكبيّ هنا أنّه لا يمكن تأسيس وعي حقيقيّ داخل المجتمعات الخاضعة للاستبداد، لأنَّ الإيديولوجيا التعليميّة للمستبدين، بوجهٍ عامٍّ، تقوم على نشر علوم لا تؤدي إلى تكوين ثقافة حقيقيّة لدى الإنسان، فعلوم اللغة، لا تساعد على امتلاك رؤية حقيقيّة للواقع، وتقتصر على تنمية قدرات هي في حدّ ذاتها لا تعدو أن تكون وسائل لتحصيل علوم من نوع أعلى. كما أنَّ العلوم الدينيّة التي تركِّز على العالم الآخر، ونشر روح الزُّهد والتخلّي والحياد، تسهم في تمكين الحكم للمستبدين، لأنها تدفع الإنسان المتديِّن بهذه الطَّريقة إلى ترك الواقع، كما هو، من دون أن يُعنى بتغييره، ويغلق أبواب نفسه عليه، غارقاً في عوالم موهومة مجذوذة الصِّلة بالحياة الإنسانيّة في أبعادها المختلفة. هذا، إلى أنَّ الكواكبي نبّه إلى أنَّ العلوم الصِّناعيّة لا تدفع المستبدين إلى القلق من انتشارها بين النَّاس، لأنَّ المعارف التي تتأسّس عليها والنتائج المحصّلة فيها تقتصر على أمور تقنيّة نافعة للحياة، والذين يمتلكون العلوم التي تبتكر المنتجات الصّناعيّة-في رأي الكواكبيّ-لا يفكّرون إلا بالأرباح، ولن يفكِّروا بتغيير الواقع ومواجهة المستبدين، لأنهم راضون بما هو كائن، واستمالتهم تُعَدُّ أمراً سهلاً بالنسبة إلى الحكّام الطغّاة. ويبني الكواكبي في سياق كلامه استنتاجاً يستحق التأمُّل وهو أنَّ المستبد لا يخاف من الماديين، ويقصد من ذلك أنَّ المعارف التي تُنمِّي الفهم الماديّ للعالم تولِّد شخصيات غارقة في نزعة ذّاتيّة-حسيّة إلى أقصى حدّ، وغير مكترثة بمشكلات وآلام الآخرين. دعْ أنَّ الكواكبيّ يتّخذ موقفاً سلبيّاً من الرِّياضيين، ويعني بهم علماء الرِّياضيات، ويبدو أنَّه لم يكن من المُعجبين بعلم الرياضيات، لأنَّ المعرفة الناتجة عن هذا العلم تبقى في حيِّز تجريديّ، ولا تقدّم رؤية حقيقيّة عن معاناة الإنسان في العالم.

     يمكن هنا أن نكتشف في شخصيّة الكواكبيّ ناقداً إبستمولوجيّاً للعلم من الطراز الرّفيع، ويتصف نقده بخصوصيّة نادرة، فهو يحدّد قيمة أي نوع من أنواع العلوم من جهة دوره في مساعدة الإنسان على مواجهة الطغيان والاستبداد والظُّلم. والحقيقة أنَّ هذا الضَّرب من النَّقد لا يجب أن يُعَدّ غير منصف في مجتمعات تحتاج إلى تحفيز أفرادها لاستعادة وعيهم بضرورة حرّيتهم.

    ويتابع الكواكبي كلامه بشأن علاقة ماهيّة العلم بمواجهة الاستبداد قائلاً: “ترتعد فرائص المُستبد من علوم الحياة مثل الحكمة النّظريّة، والفلسفة العقليّة، وحقوق الأمم، وطبائع الاجتماع، والسياسة المدنيّة، والتّاريخ المفصَّل، والخطابة الأدبيّة، ونحو ذلك من العلوم التي تكبر النّفوس، وتوسِّع العقول، وتُعَرِّف الإنسان ما حقوقه، وكم هو مغبون، وكيف الطلب، وكيفَ النّوال، وكيف الحفظ. وأخوف ما يخاف المستبد من أصحاب هذه العلوم المندفعين منهم لتعليم النّاس بالخطابة أو الكتابة…”[3]

      يقصد الكواكبي بعلوم الحياة –كما هو ظاهر من كلامه-الفلسفة والعلوم الإنسانيّة، ولم تكن دلالة العلوم الإنسانيّة واضحة في عصر الكواكبيّ، إلا أنه كان واعياً مما ذكره بمدى تنوّع العلوم الإنسانيّة، فذكر “علم السياسة المدنيّة” “وعلم حقوق الأمم (=القانون الدولي لحقوق الإنسان) –وهما علمان معياريّان-، وعلم الاجتماع–وهو علم تعميميّ-، وعلم الخطابة –وهو علم فنّي-، كما ذكر التّاريخ المفصّل ويدخل في إطار العلوم الإنسانيّة. إذن، نحن هنا بإزاء مفكِّر سوريّ مضى على موته نحو مئة وواحدٍ وعشرين عاماً كان واعياً في أكثر العصور ظلاميّةً بأهميّة العلوم الإنسانيّة لإنقاذ الإنسان العربيّ من الاستلاب الذي يعانيه في مختلف جوانب حياته.

       ولقد ركّز الكواكبيّ على خوف المستبدين من الخطابة والكتابة، وتُعَدَّ الخطابة سبباً رئيساً لنشر الوعي بين النّاس، فالخطيب المفوّه قادر على تغيير سيكولوجيا النّاس، تحديداً إن كان يقول الحقيقة، فإنّه يستنفر غضبهم على الظَّالمين، ويدفعهم إلى إعادة النّظر في قناعاتهم، وتوجيه جهودهم نحو مواجهة المستبد، لذلك كان رأي الكواكبيّ في مكانه، فكلّ مَنْ يُعبِّر عن رأيه بشجاعة، خطابةً أو كتابةً، يُعَدّ خطراً داهماً على العرش، ولذلك لا بدّ من إسكاته، فاتّبع المُستبد سياسة تكميم الأفواه، وأصبح أي إنسان عُرْضة لأفظع أنواع العقوبات إذا امتلك الجرأة على الكلام الذي يضرّ بمصلحة المُستبد.

    ويتحوَّل الكواكبيّ إلى مُحلِّل نفسيّ لشخصيّة المُستبد، فيذهب في تحليله إلى أبعد الأعماق، كاشفاً خبايا نفسه، على نحوٍ يدعو إلى الإعجاب الشديد من براعة وصفه:

    “المستبد في لحظة جلوسهِ على عرشه، ووضعِ تاجه الموروث على رأسه، يرى نفسَه أنّه كان إنساناً فصار إلهاً. ثم يرجعُ النّظر فيرى نفْسَه في الأمر نفْسِهِ أعجز من كلِّ عاجز، وأنّه ما نال ما نال إلا بواسطة من حوله من الأعوان، فيرفع نظره إليهم فيسمع لسان حالهم يقول له: ما العرش؟ وما التّاج؟ وما الصولجان؟ ما هذه إلا أوهام في أوهام. هل يجعلك هذا الرّيش في رأسك طاووساً وأنت غراب؟ (…) والله ما مكّنك في هذا المقام وسلّطك على رقاب الأنام إلا شعوذتنا وسحرنا وامتهاننا لديننا ووجداننا وخيانتنا لوطننا وإخواننا، فانظرْ أيُّها الصَّغيرُ المُكَبَّر، الحقيرُ الموقَّر، كيف تعيش معنا؟!”[4]

     لقد كان الكواكبيّ شجاعاً –وهذا أمر يجب التأكيد عليه دائماً-بل كان بطلاً فكريّاً قلَّ نظيره، وكانت شخصيته مجبولةً بحبِّ الخطر، وقد اختار مواجهة الظَّالمين، وأكسبته أسفاره الكثيرة خبرات كبيرة، فقد كان جوَّاب آفاق: سافر إلى الهند والصين ووصل إلى سواحل شرق آسيا وسواحل أفريقيا إلى أن ألقى عصا التّرحال في مصر، ولكن في مصر-كما يُجمِع المؤرِّخون- ترّصده أتباع السلطان العثماني عبد الحميد، ودسّوا له السُّم في فنجان قهوة في حينما كان جالساً مع أصدقائه في أحد مقاهي حي الأزبكيّة في القاهرة، فمات أحد أكثر المفكِّرين جرأة في التّاريخ العربيّ الحديث، واختفى مع موته كتابان هما “صحائف قريش” و”العظمة لله”، وقيل: إنَّ أعواناً للسلطان عبد الحميد سرقوا هذين الكتابين من منزل الكواكبيّ، ولم يبق من كتبه سوى “طبائع الاستبداد” و”أُمّ القُرى”.

    ولكن ها هو صدى صرخته المدويّة التي تُعبِّر عن اليأس الكبير الذي كان يسري في نفسه، ما زال يتردّد وقعها في أسماعنا:

      “يا قوم ينازعني والله الشُّعور، هل موقفي هذا في جمعٍ حَيٍّ فأحييه بالسَّلام، أم أنا أخاطبُ أهل القبور فأحييهم بالرَّحمة؟! يا هؤلاء، لستم بأحياء عاملين، ولا أموات مُستريحين، بل أنتم بين بين: في برزخ يُسمّى التنبّت، ويصح تشبيهه بالنّوم! يا ربّاه: إنّي أرى أشباح أناس يشبهون ذوي الحياة، وهم في الحقيقة موتى لا يشعرون.”[5]

الحواشي


[1] -عبد الرحمن الكواكبي، طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، تحقيق وتقديم: محمد عمارة، دار الشروق، القاهرة، ط2، 2009، ص: 30.

[2] -المصدر نفسه، ص: 45.

[3] -المصدر نفسه، ص: 44-45.

[4] -المصدر نفسه، ص: 59.

[5][5] -المصدر نفسه، ص: 108.

*تنشر هذه المادة ضمن ملف صالون سوريا حول “المنعطف السوريّ”

سَاطِع الحُصْريّ أو مأساة الجُذُوْر

سَاطِع الحُصْريّ أو مأساة الجُذُوْر

     تكوّنت شخصيّة المفكِّر السُّوريّ ذي الأصول الحَلبيَّة ساطع الحُصْري (1879-1968 م) بين رماد العثمانيين ونار الطُّورانيين، فقد شهد أفول “السَّلطنة العثمانية” وبزوغ النزعة القوميّة التُّركيّة، ولئن كان منذ ريعان شبابه وبداية عمله بصفته مُدَرِّساً ميّالاً إلى العثمانيين، إلا أنّه بعد تولِّيه لمناصب إدارية رفيعة (قائممقام) أيّد “جمعيّة الاتّحاد والتَّرَقِّي”، وشعر بسعادة غامرة حينما قوَّضت هذه الجمعيّة عرش عبد الحميد الثاني سلاطين بني عثمان عام 1909، وحوّلت “الخلافة العثمانيّة” إلى حالة صوريّة. هذا، ورغم تماهي ساطع تماهياً كاملاً مع الأتراك، حياةً وثقافةً ولغةً؛ إلا أنّه قد حدث انعطاف كبير في شخصيته دفعه إلى أن ينقلب على حياته السَّابقة انقلاباً كاملاً، فقطع علاقاته مع “جمعيّة الاتّحاد والتّرقي”، ووجد فيها خطراً يفوق خطر العثمانيين؛ لأنّه بدأ يكتشف ظهور نزعة عرقيّة تعمّ أرجاء تركيا، وتدفع الأتراك إلى استبدال ولائهم للعرق بولائهم للدِّين الإسلاميّ.

    وجد ساطع نفسه مخدوعاً مرَّتين: الأولى، حين اعتقد أن سلاطين بني عثمان يمثِّلون المسلمين كافةً ويدافعون عن حقوقهم؛ والثانية، حينما ظنَّ أنَّ جمعية الاتّحاد والتّرقي يمكن أن تطوِّر إصلاحاً شاملاً يشمل العرب الخاضعين للاحتلال التركيّ الوارِث للاحتلال العثمانيّ.

    اكتشف ساطع أنّ هُويته بصفته إنساناً ينتمي إلى أرضٍ بعينها هي هُويّة ضائعة، وأنّه لا بدّ من إنباهِ أبناء جلدته من العرب إلى إعادة النَّظر في معنى وجودهم في أُفق هُويّتهم القوميّة؛ لأنَّ العثمانيين طمسوهم في هُويّة دينيّة أخضعتهم لفكرة الولاء لـ”الخلافة الإسلاميّة العثمانيّة”، فغيَّبَ هذا الإخضاعُ عينُهُ في عقولهم الشُّعور بانتمائهم القوميّ. دعْ أنَّ القوميين الأتراك-الذين شاركهم ساطع نفسه في إصلاحاتهم التربويّة-بعد أن ركّزوا جهودهم على فصل الدِّين عن الدّولة، تبنّوا نظريّة عرقيّة تقول بسيادة العرق التركي على بقيّة الأعراق التي خضعت شعوبها باسم الإسلام للخلافة العثمانيّة وكان أحد أهم واضعي هذه النظريّة بهاء الدّين شاكر الذي انتهت حياته بالاغتيال في برلين عام 1922 على يد أرشافير شيراكيان أحد أعضاء الحزب الثوريّ الأرمينيّ لمسؤولية شاكر عن الإسهام في الإبادة التي تعرَّض لها الشَّعب الأرميني.

    دفعت هذه التحولات ساطعاً إلى أن يكتشف عُمق مأساة الشُّعوب العربيّة التي خضعت باسم الإسلام للعثمانيين، وستخضع باسم سيادة العرق التُّركي للطُّورانيين؛ لذلك كان لا بدّ-في رأيه-من تقديم رؤية جديدة لماهيّة الوجود العربيّ.

      ويمكن أن نؤكِّد من دون مبالغة أنَّ ساطعاً استطاع قبل غيره من المفكِّرين العرب أن يفهم أنَّ الوجود القوميّ لشعب من الشُّعوب، لا يمكن أن يُؤسَّسَ على العقيدة الدينيّة التي تعتنقها غالبيّة أفراد هذا الشَّعب، ففي رأيه أنَّ الوجود القوميّ للشَّعب أعلى منزلة من أيّ انتماء روحيّ في ما يتعلّق بضمان وحدة هذا الشَّعب. ويبني ساطع على هذا الفهم أنّه لا توجد أيّ علاقة تضايف بين القوميّة والدِّين، بمعنى أنَّ القوميّة لا تتكوَّن من أتباع دين بعينه، ولا الدِّين يتوقَّف على قوميّة من القوميّات؛ إلا في حالة الدِّين اليهوديّ الذي يقوم على الربط بين العِرق والاعتقاد، غير أنَّ هذا الربط مشكوك فيه تاريخيّاً وآثاريّاً وأنثروبولوجيّاً؛ أمَّا الدِّين المسيحيّ والدِّين الإسلاميّ، فهما دينان عالميان ولا يصلحان كي يكونا أساساً لأيّ قوميّة، لأنهما يسريان في قوميات متعدّدة.

     وهنا نجد أنَّ ساطعاً كان مختلفاً عن القوميين العرب الذين وظَّفوا الدِّين الإسلاميّ لصالح فكرة القوميّة العربيّة، من أمثال زكي الأرسوزي وميشيل عفلق وعصمت سيف الدولة وغيرهم، إذ أدرك قبلهم على نحوٍ مبكِّرٍ جدّاً الإشكاليات التي يُمكن أن تُثار بسبب تحويل الظَّاهرة الدينيّة إلى ظاهرة سياسيّة!

     بعد قيام الثورة العربيّة الكبرى عام 1916، ومآل الأحداث إلى تتويج فيصل بن الشريف حسين ملكاً على سوريا عام 1918، استدعى فيصل ساطعاً ليتولّى منصب وزير المعارف في أول حكم عربيّ مستقل عن الأتراك في سوريا.

    لم يدعُ فيصل ساطعاً إلى هذا المنصب الكبير، لو لم يكن ساطع قد خدم الثورة العربيّة الكبرى-وهو في تركيا-، بمعنى أنَّ هناك دوراً مستوراً لساطع في الثورة العربيّة الكبرى، بدلالة أنّه كيف يسوِّغ الملك فيصل لنفسه-وهو من زعماء الثورة ضدّ الأتراك-أن يدعو رجلاً كان في مرحلة من مراحل حياته موالياً للعثمانيين ثم للقوميين الأتراك، لكي يُؤسِّس أول وزارة للمعارف في سوريا؟

     أخذ ساطع على عاتقه بعد أن انخرطَ في حركة النهضة القوميّة العربيّة، أن يضع الأساس النّظري لفكرة القوميّة العربيّة، إذ بعد أن استبعد العامل الدِّينيّ من تكوين القوميّة، استبعد العامل التاريخيّ، فإحياء التاريخ المشترك في نظر ساطع يمكن أن يكون سبباً في إيقاظ أحقاد وصراعات ونزاعات دفينة تمزِّق الوحدة القوميّة، كما أنَّ العامل الجغرافيّ، بصفته أساساً للوحدة القوميّة، يمكن أن يُفضي إلى نزعة إقليميّة ضيّقة. وبذا افترقَ ساطع عن منظِّري القوميّة العرب على اختلاف مشاربهم.

     وجد ساطع أنَّ اللغة العربيّة هي العامل الوحيد الذي يُمكن أن تُبنى عليه القوميّة العربيّة، فاللغة ليست شيئاً عارِضاً بالنسبة إلى الكينونة الإنسانيّة، بل إنَّ فيزيولوجيّة أي إنسان لا تكتمل إلا إذا صار ناطقاً بلغةٍ من اللغات. وهذا يعني أنَّ اللغة مقوِّم كِياني لوجود شعب من الشُّعوب أو أمَّة من الأُمم. ولئن كانت اللغة حاملاً رئيساً لمعتقدات شعب من الشُّعوب، فهذا لا يعني أنَّ لهذه المعتقدات الأولويّة على اللغة نفسها بحسبانها ماهيّة تكوينيّة مشتركة بين أفراد هذا الشَّعب.

     والحقيقة أنَّ ساطعاً عرف معرفة عميقة أنَّ فكرة القوميّة العربيّة في أُفق الدِّين أو التاريخ أو الجغرافيا، ليست إلا مفهوماً صوريّاً غير قابل للتطبيق؛ لأنَّ أفراد الشَّعب العربيّ رغم وجود تنظيرات تفترض وجود قيام وحدة بينهم؛ إلا أنَّ واقعهم الحقيقيّ يتجلّى في كونهم دَيِّنون بأديان مختلفة، ولكلّ دينٍ منها نسقه الفقهيّ أو اللاهوتيّ الخاصّ به، وله تصوّراته الميتافيزيقيّة المتوافقة أو المتناقضة مع غيره من الأديان؛ بل بدأ التنازع داخل الدِّين الواحد، فظهرت الطوائف والفرق داخل كلّ دينٍ بعينه. هذا إلى تنامي الأحقاد التاريخيّة الموروثة عن تجارب مريرة، وظهور النزعات الإقليميّة والشعوبيّة والقبليّة والعشائريّة داخل النسيج العربيّ الواحد؛ لذلك بحث ساطع في ما وراء هذا كلّه عن العنصر الحقيقيّ الموحِّد والجامع للشعوب العربيّة ووجده في اللغة.

    أراد ساطع أن تكون اللغة العربيّة أساس انتقال الوجود القوميّ العربيّ من مستوى النظريّة إلى مستوى تطبيقها. ولم يغب عن ساطع أنَّ اللغة العربيّة إذا أُعيد توظيفها بعد تفريغها من العناصر التراثيّة التي تقف وراء تقهقر العرب وتمزّقهم وانقسامهم، يمكن أن تكون وسيلة عُظمى لإعادة تأسيس الثقافة العربيّة على نحو يُنتج حركة حداثة أصيلة لا تكونُ محاكاةً للحداثة الأوروبيّة؛ بل حداثة تنبع من توتّر إيجابيّ داخل الحضارة العربيّة يمكن أن تُقدِّم أنساقاً ثقافيّة إبداعيّة في مجالات العلوم كافّةً.

    لقد فهم ساطع العروبة فهماً وجوديّاً عميقاً؛ ولم يكن طائفيّاً ولا متحزِّباً ولا إيديولوجيّاً، ويدلّ فكره على براءة كبيرة، أعني براءة التفكير الحرّ غير الَمشوب بأيّ نظرة مغلقة، فقد كان يعنيه الإنسان العربيّ، وهذا الإنسان عنده يكون عربيّاً إذا كان يتكلّم اللغة العربيّة، وليس مهماً هنا دين هذا الإنسان ولا عِرقه ولا تاريخه، بل فقط كونه ناطقاً بلغة عريقة تحمل في داخلها إمكانيّات هائلة لإعادة تأسيس معنى الوجود السياسيّ للنّاطقين بها، وهذا الوجود السياسيّ لن يتأسس إلا في أُفق ثقافيّ تضمنه اللغة العربيّة وحدها.

     فشل ساطع، وتلاشى حلمه بيوتوبيا القوميّة العربيّة المفقودة التي حلّ محلّها كلّ ما واجهه ساطع من إقليميّة وطائفيّة وانقسامات سوسيولوجيّة. لكن يبقى ساطع الحُصْري تجربة إنسانيّة فريدة داخل تراجيديا الثقافة العربيّة الباحثة عن جذورها المفقودة.

*تنشر هذه المادة ضمن ملف صالون سوريا حول “المنعطف السوريّ”

حيلٌ ومحاولاتٌ لمقاومة الفقر والجوع

حيلٌ ومحاولاتٌ لمقاومة الفقر والجوع

بحسب بعض التقديرات الحالية تحتاج العائلة السورية، المكونة من خمسة أفراد، إلى نحو مليوني ليرة شهرياً لتتمكن من تأمين حاجاتها المعيشية الأساسية، فيما لا يزال متوسط دخل الموظف الحكومي 150 ألف ليرة، ومتوسط دخل موظف القطاع الخاص بين 250 و400 ألف ليرة، وهو ما أدى لانعدام القدرة الشرائية، في ظل ازدياد معدلات التضخم التي تفاقمت خلال العام الماضي، الذي كان أقسى الأعوام على السوريين منذ اندلاع الحرب، إذ بات نحو 90% منهم يعيشون تحت خط الفقر، وقد احتلت سورية المراكز الأخيرة في سلم الرواتب وتصدرت قائمة الدول الأكثر فقراً في العالم. وفي ظل ذلك الواقع والظروف المعيشية القاهرة لجأ الناس لابتكار العديد من الحيل وحلول التأقلم والبدائل المعيشية المرتجلة، في محاولة لمقاومة الفقر والجوع وتوفير بعض متطلبات حياتهم. 

نماذج من التكافل الاجتماعي 

في سبيل دعم ومساندة بعضهم البعض، يقدم الكثير من الناس اليوم نماذج عديدة من التكافل الاجتماعي التي تبرز، على سبيل المثال، في بعض البقاليات ومحلات الخضار والفاكهة، فعند دخولك إلى محل أبو ماهر (51 عاماً) ستجد على يمينك صندوقاً كبيراً مغلقاً، له فتحة عُلوية بقُطر 15 سم، يقوم معظم الزبائن من خلالها بوضع قطعة أو أكثر من الخضار والفاكهة، التي يشترونها، داخل الصندوق الذي يتم توزيع محتوياته على عددٍ من العائلات الفقيرة. وإلى جانب ذلك يوزِّع أبو ماهر بشكلٍ يومي نحو عشرة كيلو من الخضار والفاكهة مجاناً على بعض الفقراء، فيما يبيع بعضها بنصف السعر أو برأس المال.

 وفي حالة مشابهة يحدثنا أبو حسن (59 عاماً) عن بعض حالات التكافل التي يُعاينها بشكل يومي داخل بقاليته: “بعض الزبائن يشترون، إلى جانب حاجياتهم، كميات إضافية من الخضار والفاكهة، ثم يتركونها لكي أقوم بتوزيعها على بعض من يعجزون عن الشراء، فيما يتبرع زبائن آخرون ببعض المال لأوزع بقيمته بعض الحاجات المعيشية الضرورية. وفي الليل أضع على الرصيف بقايا الخضار الصالحة للأكل داخل بضعة كراتين حيث يَمُر بعض الفقراء ليأخذوا منها ما يريدون”. ويضيف: “كل حين يأتيني أحد فاعلي الخير بعددٍ من ربطات الخبز ليتم  توزيعها على المحتاجين، كما يتبرع بعض الناس، رغم فقرهم،  ببعض المواد الغذائية والمؤن التي يأتون بها من بيوتهم لكي يقدموا من خلالها العون لبعض العائلات الفقيرة التي أرى العشرات منها كل يوم”. 

وفي محل بيع الحقائب والإكسسوارات التي تعمل به، تقوم ريم (39 عاماً) بمبادرة إنسانية، تحدثنا عنها: “كثير من الأصدقاء والأقارب والمعارف يأتون إلي ببعض الثياب والأحذية، التي يمكنهم الاستغناء عنها، أو التي يجمعونها بدورهم من أماكن مختلفة، حيث أقوم بفرزها وترتيبها داخل المحل قبل توزيعها على بعض المتسولين والمحتاجين الذين يأتون إلى المحل كل حين ليأخذوا ما يحتاجون منها، كما أقوم بتوزيع جزء منها عن طريق بعض الأشخاص الموثوقين الذين يقدمون الدعم لبعض العائلات”.

ولا تكتفي ياسمين بتلك المبادرة بل تقوم، أسوة بغيرها من أصحاب الأيادي البيضاء، بتأمين الدعم المالي لبعض العائلات، حيث تقول: “بشكلٍ شهري يرسل لي أحد الأصدقاء المغتربين 800 ألف ليرة فأدفعها إيجاراً لثلاثة منازل تقطنها عائلات نازحة ومعدمة، فيما يتكفل صديقٌ آخر بإرسال 700 ألف ليرة أُغَطي بها بعض نفقات المعيشة لعائلتين ليس لديهما أي معيل”.

التعاون بين الجيران 

بات كثيرٌ من الجيران اليوم يساندون بعضهم ويتعاونون على تحمل أعباء المعيشة القاسية، فيتقاسمون ويتبادلون بعض الأطعمة والمواد الغذائية والمؤن والحاجات الضرورية فيما بينهم. وتحدثنا أم عدنان (44عاماً/ زوجة وأم لثلاثة أبناء) عن التجربة التي تعيشها مع جارتيها: “أصبحنا أشبه بعائلةٍ واحدة، نجتمع على تحضير معظم الطبخات المُكلفة والتي تحتاج لمواد كثيرة، فنتقاسم تكاليفها نحن الثلاثة (كلٌّ حسب إمكانياتها وحسب المواد المتوفرة لديها) ونقوم بطهوها في بيت إحدانا، ثم نوزعها فيما بيننا، وبذلك نوفِّر مصاريف كبيرة ونتمكن من تحضير بعض الأطعمة التي غادرت مطابخ معظم الناس. كما نقوم أيضاً، بشكل أسبوعي، بإعداد طبقٍ من الحلويات المنزلية البسيطة، حيث نتقاسم مقاديره ونشترك معاً في تحضيره”. وتضيف: “في كثيرٍ من الأحيان نلجأ نحن الثلاث وجارات أُخريات لمقايضة بعض المواد الغذائية والحاجات المعيشية فيما بيننا، كأن نقايض كمية من الأرز بكمية من السكر، أو بعض المنظفات بكيس معكرونة، أو مرطبان مكدوس بعبوة زيت زيتون.. الخ”.   

وعندما أرسل إليها أحد أقربائها الذي ذبح خروفاً احتفالاً بقدوم مولوده-  كمية من اللحم رفضت أم عدنان تناوله مع عائلتها بمفردهم، بل قامت بمشاركته مع جاراتيها وعائلتيهما، بعد أن قمن بطهوه مع بعض الخضار والأرز، حيث كانت العائلات الثلاث لم تتذوق طعم لحم الخروف منذ عدة أشهر. 

وفي ظل ظروف البرد القارس وصعوبة توفير المازوت أو الحطب، قامت عائلة  أبو مصطفى (49عاماً/ يعمل في مهنة العتالة والأعمال الحرة) بالتعاون مع عائلتين من الجيران بإيجاد حلٍ تشاركي للحصول على بعض الدفء. يحدثنا أبو مصطفى عنه :” نعيش نحن وجيراننا وجميعنا نازحون- في شققٍ غير مكسية (على العظم). في الطابق الذي نسكنه يوجد شقة فارغة سمح لنا صاحبها باستخدامها، فقمنا بإغلاق جميع النوافذ والأبواب والثقوب في صالون الشقة، بعد تنظيفه من مخلفات البناء، ووضعنا فيه مدفأة حطبٍ كبيرة نستخدمها جميعنا، ونتناوب فيما بيننا على تأمين الحطب أو أية مواد يمكن إشعالها. نوقد المدفأة بضع ساعاتٍ في النهار ونجلس خلال فترة المساء والليل بالقرب منها، نحضِّر الشاي على نارها ونتسامر ونتبادل أطراف الحديث حتى يأتي موعد النوم فيعود كلٌّ منا إلى شقته”. 

 وإلى جانب ذلك قام أبو مصطفى بالاشتراك مع بعض سكان البناية بشراء مولدة كهرباء صغيرة مستعملة، تقاسموا جميعهم ثمنها، حيث يستخدمونها، بالتناوب فيما بينهم، في تشغيل مضخات المياه وفي شحن هواتفهم وبطاريات الإنارة البديلة. 

البحث عن الاكتفاء الذاتي

ليس غريباً أن نجد بعض سكان الأرياف يلجؤون، في محاولةٍ لتحقيق بعض الاكتفاء الذاتي، إلى تربية الدواجن وزراعة بعض الخضروات، لكن الغريب أن نجد بعض سكان المدن يقومون بذلك الأمر، كحال عامل التمديدات الصحية خلدون (45 عاماً/ زوج وأب لأربعة أبناء) الذي يُطلعنا على تجربته: “في السابق كانت شرفة منزلي، رغم صغر مساحتها، تزدان بالكثير من أصص الورود والأزهار ونباتات الزينة، ونتيجة تردي الواقع المعيشي وانعدام قدرتي الشرائية لجأت لزراعة بعض أنواع الخضار الضرورية (بندورة، خيار،بطاطا، كوسا، وغيرها) في أحواض النباتات   -التي تم اقتلاعها بعد دعم التربة ببعض الأسمدة العضوية والمعادن، كما قمت بزراعة البصل والبقدونس والنعناع والجرجير في بعض الأصص والطناجر القديمة وصناديق الفلين التي قمت بتثبيتها على درابزين الشرفة وعلى جدرانها بشكل عمودي، وهكذا تمكنت من استثمار المكان بشكل جيد وحققت إنتاجاً لابأس به”. 

وفي مكان آخر قام الموظف أبو يوسف (52 عاماً/ زوج وأب لستة أبناء) بابتكار مشروعٍ مثيرٍ للإهتمام على سطح منزله، يحدثنا عنه: ” قمت بنقل عشرات أكياس التراب، من إحدى المساحات الترابية القريبة إلى سطح المنزل، وأفرغتها داخل الأحواض، التي صنعتها من قطع الطوب ومن التنكات والصناديق وبعض الأواني القديمة، وقد زرعت تلك الأحواض بأنواع مختلفة من الخضار والحشائش. ورغم الجهد والتعب الذي عانيته خلال تلك العملية إلا أن النتيجة كانت مُرضية بشكل كبير”.

وفي مساحة صغيرة، ملاصقة للأحواض المتوزعة على سطح المنزل، بَنى أبو يوسف قناً صغيراً للدجاج، وضع حوله سياجاً، يربي بداخله نحو عشر دجاجات تؤمن له البيض بشكل يومي، يُطعمها بقايا الأطعمة والخضار والخبز اليابس.  

اللجوء إلى المقايضة  

في ساعات الصباح تَمرُ أم حسام (46 عاماً) القادمة من الغوطة، على عددٍ من البقاليات لتوزع ما تحمله من منتجاتها الزراعية (السبانخ والبصل الأخضر والبقدونس وغيرها) التي تزرعها في أرضٍ صغيرةٍ ملاصقة لبيتها، حيث تقوم بمقايضة تلك المنتجات ببعض السلع  المعيشية الضرورية التي تحتاجها عائلتها (سكر، أرز، شاي، زيت، سمنة.. الخ) فيما تقوم أختها التي ترافقها بمقايضة بعض منتجات الألبان والأجبان (التي تصنعها في بيتها) والبيض البلدي الذي تنتجه دجاجاتها. وبعد الانتهاء من عمليتي التوزيع والمقايضة، تجلس الأختان على أحد الأرصفة وتفترشان ما تبقى من منتجاتهما لتقوما ببيعها للعابرين. وعلى الرغم من  الانتشار الكبير لبسطات الفلاحين في الشوراع لجأ الكثير منهم في الآونة الأخيرة (نتيجة تراجع كميات البيع وصعوبة البقاء في الشوراع لساعات طويلة) لطريقة المقايضة، التي فرضتها صعوبات الواقع المعيشي،  فيما بات كثيرٌ من  الفقراء يتعاملون مع بعض البقاليات والبسطات عبر توفير أنواعٍ مختلفة من المنتجات المصنعة منزلياً (المخللات، الزيتون، المربيات، المكدوس ودبس الفليلفة وغيرها) بغرض عرضها للبيع أو مقايضتها ببعض السلع والخضار والفاكهة.

بعض المظاهر الغريبة في الشوارع 

في الآونة الأخيرة وفي ظل ارتفاع أجور المواصلات بات بعض الناس يذهبون إلى أعمالهم وزياراتهم سيراً على الأقدام، فيما نجد من يشتركون في ركوب سيارة الأجرة لكي يتقاسموا تعرفتها فيما بينهم، على الرغم من هدر وقتهم في انتظار تجَمُّع عدد الركاب المطلوب. وفي ظل أزمة المحروقات واضطرار معظم سائقي التكاسي إلى شراء البنزين من السوق السوداء (سعر الليتر بين 15 و20 ألف ليرة) تحول بعضهم للعمل في خدمة “تاكسي سرفيس” حيث يقفون في مواقف الباصات والساحات، بدلاً من التجول في الشوارع، ليجمعوا عدداً من الركاب، وهو ما أثَّر بشكل كبير على حجم عملهم. ونتيجةً للأزمة ذاتها وفي ظاهرةٍ غريبة لجأ بعض أصحاب السيارات الخاصة (الذين تدهورت أوضاعهم المعيشية) لتحويلها إلى سيارات أجرة، فأصبحوا ينافسون التكاسي والسرافيس ويقفون في مواقفهم لينقلوا بعض الركاب، وأحيانا يستوقفونهم  في الطريق ليعرضوا عليهم خدمات النقل. ولا يقتصر الأمر على أصحاب السيارات الخاصة فبعض أصحاب الدراجات النارية حَوَّلوا دراجاتهم إلى وسائط للنقل، إذ يقومون بنقل بعض الباحثين عن وسيلة مواصلات في الساحات والشوارع.

رغم الأزمات المتعاقبة خلال سنوات الحرب وما بعدها، ورغم مرارة عيشهم المليء بشتى أشكال القهر والعذاب، يُثبت السوريون يوماً بعد يوم أنهم  قادرون على فتح آفاقٍ جديدة للحياة، التي تضيق في وجههم، وأنهم يمتلكون مهاراتٍ خارقة واستثنائية في التعامل مع الأزمات، وفي تجميل بشاعة واقعهم المؤلم.   

*تنشر هذه المادة ضمن ملف صالون سوريا حول “إرادة المقاومة اليومية في سوريا لدى المواطنين العاديين

ورشة تدريب صالون سوريا

ورشة تدريب صالون سوريا

أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة للنزاعات والنوع الاجتماعي، خصصت للصحفيين/ات السوريين/ات المقيمين/ات داخل سوريا وخارجها.

شارك في الورشة صحافيون/يات من دمشق، ادلب، القامشلي ومدن اخرى وخارج سوريا. وساهم في التدريب صحافيون/يات واكاديميون/يات، من دمشق وخارج سوريا.

بسبب الظروف الصحية الراهنة، عقدت الدورة التدريبية أونلاين عبر تطبيق “زوم”، قسمت على ست جلسات خلال ثلاثة أيام، بين 11 و13 آذار/مارس 2022

تناولت الجلسات اساسيات الصحافة، التعامل مع المصادر أثناء النزاعات، الفرق بين الصحافة المكتوبة والمرئية، وحساسيات النزاعات، إضافة لجلسات حول الموضوعية والحساسية للنوع الاجتماعي وطرح قضاياه.

ادار هذه الجلسات مجموعة من الصحفيين/ات السوريين/ات المتخصصين/ات بهذه القضايا، وستتاح الفرصة للصحفيين/ات بعد التدريب للنشر مع موقع “صالون سوريا” كصحفيين/ات، وهناك فرصة المتابعة مع المدربين/ات لتطوير مهاراتهم/ن الصحفية.