ورقة خماسية بقيادة اميركية: تقليص صلاحيات الرئيس

ورقة خماسية بقيادة اميركية: تقليص صلاحيات الرئيس

صاغ وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون وحلفاؤه الغربيون والإقليميون مبادئ تصورهم للحل السياسي السوري في ورقة خطية تضمنت مقترحات عملية للإصلاح الدستوري، وتقليص صلاحيات الرئيس و«رسم الحدود» بينه وبين رئيس والوزراء والإدارات المحلية، وتأسيس «جمعية المناطق» مع البرلمان، و«حيادية» الجيش والأمن، إضافة إلى «انسحاب الميليشيات الأجنبية» من سوريا، بحيث تكون هذه خريطة عمل مقترحة للمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا.

كما بعث الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، رسالة خطية إلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تضمنت معايير محددة يجب أن تتحقق قبل مشاركة الأمم المتحدة في «مؤتمر الحوار الوطني السوري» في سوتشي يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين. أحد المعايير، هو «الانخراط البناء» لوفد الحكومة السورية في مفاوضات السلام في فيينا التي بدأت أمس، خصوصاً لجهة المشاركة في بحث ملف الدستور.

والتقى دي ميستورا، أمس، كلاً على حدة، الوفد الحكومي السوري برئاسة بشار الجعفري، ووفد «هيئة التفاوض» المعارضة برئاسة نصر الحريري. واستمر اجتماع المبعوث الخاص مع الوفد الحكومي نحو ساعتين، من دون أن ترشح أي معلومات عنه حتى مساء أمس، كما لم يدلِ الجعفري بأي تصريح لدى وصوله. وقال دبلوماسي غربي: إن محادثات فيينا «الوقت المناسب لاختبار قدرة الروس على إقناع النظام بالالتزام بتعهداته. وحان الوقت كي تأخذ روسيا زمام الأمور إذا كانت تريد إنقاذ مؤتمر سوتشي من مقاطعة المعارضة». وأوضح ان وفد «الهيئة» سيلتقي وفدا روسيا اليوم «كي يطلب الضغط على وفد الحكومة»، اضافة الى تعديل «وثيقة سوتشي».

وكان فريق الأمم المتحدة زار دمشق الأسبوع الماضي، وسأل الخارجية السورية سلسلة من الأسئلة عن الإصلاح الدستوري ومرجعية اللجنة الدستورية وعلاقتها بمفاوضات جنيف وتنفيذ القرار 2254، لكن دمشق رفضت إعطاء أي جواب، واكتفت بالقول: إن الأجوبة ستأتي في فيينا.
وكان لافتاً أن دي ميستورا والمبعوثين الغربيين كثفوا جهوداً خاصة للبحث عن تفاصيل موقف الوفد الحكومي ومدى انخراطه في ملف الدستور، على اعتبار أنه في الجولة الثامنة رفض الجعفري بحث ملف الدستور قبل «إعادة سلطة الدولة على جميع الأراضي السورية وتحريرها من الإرهاب». كما أن مقربين من دمشق تمسكوا بأن الإصلاح الدستوري يجب أن يكون ضمن الدستور الحالي لعام 2012 والآليات المتوفرة، أي عبر لجنة التشريعات في البرلمان التي تقترح تعديلات على الدستور.

من غوتيريش إلى لافروف

وكان موضوع «الإصلاح الدستوري» ملفاً أساسياً في رسالة من غوتيريش إلى لافروف والاتفاق الموقّع بين الرئيسين دونالد ترمب وفلاديمير بوتين في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ إذ إن دولاً غربياً والأمم المتحدة تمسك بأنه «يلتزم الرئيس بشار الأسد بالتوصل إلى دستور جديد وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية بإشراف الأمم المتحدة بموجب القرار 2254». ولم ينجح ألكسندر لافرينييف، مبعوث الرئيس الروسي، في الحصول من دمشق على تعهد كهذا.
وأقصى ما حصل عليه، هو بيان رئاسي سوري مفاده استعداد لـ«إصلاح دستوري (في دستور عام 2012) وإجراء انتخابات برلمانية» من دون ذكر الرئاسية والقرار 2254 وعملية جنيف. وقام لافرينييف بـ«ملء الفراغ» عندما أعلن بنفسه في آستانة التعهد الذي كان «مطلوباً من الأسد»، بحسب وعود موسكو.

مرد التمسك الغربي والدولي بـ«معايير غوتيريش»، يتعلق بمتطلبات المشاركة في مؤتمر سوتشي، خصوصاً أن الجانب الروسي وجه دعوات إلى الدول الأربع دائمة العضوية في مجلس الأمن (باعتبار أن روسيا هي الخامسة) والدول الإقليمية البارزة والمجاورة لسوريا و«ضامني» عملية آستانة، أي إيران وتركيا (وروسيا) بصفة «مراقبين». ولن يقرر مسؤولو الدول الغربية المشاركة أو المقاطعة في انتظار قرار «الهيئة التفاوضية» ونتائج مفاوضات فيينا.
اللافت، أن أنقرة ودولاً إقليمية أخرى دخلت على الخط في تشجيع «الهيئة» المعارضة للمشاركة في سوتشي؛ إذ إن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أبلغ رئيس «الهيئة» نصر الحريري، أول من أمس، بالمشاركة في سوتشي وطرح الأسئلة والمطالب، وضرورة البقاء في العملية السياسية.

لكن واقع الحال، أن قيام وفد الحكومة السورية بـ«الانخراط البناء» في مفاوضات فيينا يلبي أحد متطلبات «معايير غوتيريش» إلى لافروف للمشاركة الأممية في مؤتمر سوتشي وليس جميعها؛ إذ إن هناك متطلبات أخرى، بينها أن اللجنة الدستورية يجب أن تضم ممثلين من الحكومة السورية والمعارضة وأطرافاً أخرى، وأن يتم الاتفاق على مهمة وصلاحية اللجنة الدستورية ضمن عملية جنيف، وأن اللجنة الدستورية يجب أن تشرف على الحوار الوطني وصوغ دستور جديد، إضافة إلى أن مؤتمر سوتشي يجب أن يعقد لمرة واحدة فقط ويدعم عملية جنيف تحت إشراف الأمم المتحدة، وإلى تكرار طلب آخر يتعلق بـ«التزام الأسد إقرار دستور جديد لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية بإشراف الأمم المتحدة بموجب القرار 2254 وعملية جنيف». وتم التأكيد على أن «تشرف» الأمم المتحدة على العملية الانتخابية من الألف إلى الياء، وعدم الموافقة على الاكتفاء بأن تتم الانتخابات بـ«رقابة» الأمم المتحدة.
وتكتسب هذه الشروط أهمية؛ ذلك أن وثيقة البيان الختامي لمؤتمر سوتشي التي نشرتها «الشرق الأوسط» قبل يومين، تضمنت تشكيل ثلاث لجان: دستورية لإجراء إصلاح دستوري (وليس إقرار دستور جديد)، ولجنة انتخابات، وهيئة رئاسية لمؤتمر سوتشي الذي دعي إليه 1600 سوري.

ورقة غربية ـ إقليمية

في موازاة ذلك، بدا أن إدارة الرئيس ترمب باتت واضحة في رؤيتها السياسية عندما قدمت استراتيجية للملف السوري، تضمن سلسلة من المبادئ، بينها «البقاء العسكري المفتوح» شرق سوريا، ودعم الاستقرار والإعمار هناك، واستعمال ذلك ورقةً في التفاوض مع موسكو.
وبعد محادثات طويلة، أقر تيلرسون ونظيراه البريطاني بوريس جونسون والفرنسي جان إيف لودريان وحلفاؤهم الإقليميون، ورقة للحل في اجتماعات وزارية في باريس الثلاثاء الماضي. وقالت مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط» أن الورقة اقترحت على دي ميستورا أن «يضغط» على وفدي الحكومة والمعارضة لـ«إجراء مفاوضات جوهرية للإصلاح الدستوري، ومعايير عملية لإشراف الأمم المتحدة على الانتخابات، وخلق بيئة آمنة ومحايدة في سوريا لإجراء الانتخابات بما في ذلك إجراء حملات انتخابية من دون خوف»، إضافة إلى إجراءات بناء الثقة.
وأضافت المصادر إن الورقة أكدت بوضوح أن الدول المعنية «مستعدة للمساعدة في إعادة إعمار سوريا فقط عندما يتحقق الانتقال السياسي الجدي والجوهري والشامل عبر التفاوض بين الأطراف المعنية برعاية الأمم المتحدة لتنفيذ القرار 2254 وبيان جنيف، وعندما تتأسس بيئة حيادية تسمح بالانتقال: السياسي.»

وتضمنت الورقة، بحسب المصادر الدبلوماسية الغربية، ثلاثة عناصر: يتعلق الأول بثمانية مبادئ للإصلاح الدستوري بينها «صلاحيات الرئيس»، بحيث تعدل عما هي في الدستور الحالي للعام 2012 وتتضمن 23 صلاحية بهدف «تحقيق توازن بالصلاحيات وضمانات لاستقلال المؤسسات المركزية الأخرى والإدارات الإقليمية» في إشارة إلى الإدارات المحلية.
كما تضمن مبدأً آخر، يتعلق بصلاحيات رئيس الوزراء بـ«تقوية صلاحياته، ورسم حدود السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء» بحيث لا يعتمد تعيين رئيس الوزراء على قرار الرئيس، إضافة إلى صلاحيات برلمان وتأسيس مجلس آخر يعكس «تمثيلاً إقليمياً» (إدارات محلية)، مع سحب صلاحيات الرئيس من حل البرلمان أو المجلس الإقليمي.

وكانت «وثيقة سوتشي» أشارت إلى «الحكم الذاتي» في سوريا، في حين أشارت ورقة دي ميستورا السابقة لمبادئ الحل السياسي إلى «الإدارات المحلية». وتحدثت المسودة الروسية للدستور السوري عن «جمعية مناطق» تؤسس إلى جانب البرلمان. كما تشير وثائق المعارضة والحكومة إلى «اللامركزية» أو «الإدارات المحلية».

وتلمح جميع هذه الوثائق إلى مناطق سيطرة ذات غالبية كردية شرق سوريا وشمالها ومناطق معارضة، في حين يُعتقد أن واشنطن تشير في وثائقها إلى منطقة شرق نهر الفرات الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية – العربية بدعم التحالف الدولي ضد «داعش».
وتناولت الورقة الغربية – الإقليمية، بحسب مصادر غربية: «إصلاح أجهزة الأمن» بحيث تخضع للسلطة المدنية وإنهاء الحصانة عنها، إضافة إلى عملها في شكل حيادي مع خضوعها للمساءلة والمحاسبة. وتختلف هذه البنود عن «وثيقة سوتشي» التي تحدثت عن جيش وأجهزة أمن تحت الدستور، في حين أشارت ورقة دي ميستورا إلى «جيش مهني» وخضوع أجهزة الأمن لـ«قانون حقوق الإنسان».

العنصر الثاني، بحسب المصادر، يتعلق ببنود مؤثرة بـ«إشراف» الأمم المتحدة على الانتخابات بمشاركة النازحين واللاجئين بموجب القرار 2254، بحيث تؤسس مؤسسات وفق معايير دولية «تشرف» على الانتخابات بما فيها «هيئة انتخابية مهنية وحيادية ومتوازنة»، إضافة إلى صلاحية قوية للأمم المتحدة بقرار من مجلس الأمن لـ«تولي المسؤولية الكاملة لإجراء انتخابات حرة وعادلة في سوريا»، عبر تأسيس هيئة الانتخابات ومكتب سياسي لدعم الانتخابات و«دور في الاعتراف بنتائج الانتخابات». وتعتبر هذه الشروط أساسية، بحسب تعريف الأمم المتحدة لمعنى «الإشراف» والفرق بينه وبين «المراقبة».

ويتناول العنصر الثالث إجراءات بناء الثقة وتوفير البيئة المحايدة لإجراء الانتخابات، وتشمل بنوداً عدة، بحسب المصادر، بينها «الانخراط البناء» من الأطراف السورية في عملية جنيف، ووقف العمليات القتالية و«حيادية أجهزة الأمن»، إضافة إلى «انسحاب الميلشيات الأجنبية وإطلاق برنامج لنزع السلاح والاندماج والتسريح» للعناصر المسلحة والوصول إلى الوثائق المخصصة للسجل المدني.

تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»

لغز  تلاشي عناصر ‘داعش’ و ‘خفافيش الليل’ تلاحقهم

لغز تلاشي عناصر ‘داعش’ و ‘خفافيش الليل’ تلاحقهم

دمشق

حلق عناصر “داعش” ذقونهم وحمل بعضهم بطاقات شخصية مزورة وغادروا مناطق سيطرة التنظيم في اتجاهات متعددة بعد تقدم قوات الحكومة السورية و”قوات سورية الديمقراطية” الكردية – العربية وسط وشمال شرقي سورية واختفى الاف منهم واصبح السؤال: اين اختفى عناصر “داعش؟”

تغيب الارقام الحقيقة حول اعداد عناصر التنظيم ومناصريهم، وهناك تقديرات بان عددهم يصل الى عشرات الاف  ما مكنهم من بسط سيطرتهم على اكثر من نصف سورية منتصف عام 2015 .

ونقل موقع أميركي عن وثيقة صادرة عن أحد أكبر اجهزة المخابرات في الشرق الاوسط في شهر شباط (فبراير) عام ٢٠١٥  أن تنظيم “داعش” يمتلك “جيشا يقدر عدده بنحو ١٨٠ ألف مقاتل، كما أنهم يعملون بقوة على تأسيس تحالف مستدام من المسلحين المتطرفين.” وبحسب الوثيقة، فإن “تعداد الجيش الداعشي يقدر بـ٦ أضعاف توقعات وكالة المخابرات المركزية الأميركية ( سي آي إيه ) والتي توقعت أن جيش داعش يتكون من 20 ألف مقاتل.”

أمير “داعشي” من ابناء محافظة الرقة شمال شرقي سورية، التي أعلنت عاصمة التنظيم، قدر اعداد عناصرهم في “ولاية الرقة” المتداخلة مع ريف حلب الشرقي وريفي دير الزور والحسكة بأكثر من ٢٠ الف عنصر ينتشرون في محافظة الرقة. وينقل احد ابناء محافظة الرقة عن علي موسى الشواخ “ابو لقمان” وهو “والي الرقة”، أن “اعداد عناصر التنظيم في محافظة الرقة تتراوح بين ١٥و٢٥ الف، لكن هذه الارقام متغيرة باعتبار ان التنظيم خاض حروبا في عدة جبهات في ريف حلب وحماة وحمص مع قوات الحكومة السورية وفصائل المعارضة وتعد الرقة منطقة عبور لعناصر التنظيم.”

ويضيف ابن مدينة الرقة الذي طلب عدم الكشف عن اسمه نقلاً عن “ابو لقمان”: “لدينا عدة معسكرات للتدريب وتخرج منها الاف وهؤلاء فقط من الانصار (السوريين) ناهيك عن المهاجرين (الاجانب) الذين لا اعلم كم هو عددهم.”

ويقدر ابن مدينة الرقة الذي غادرها منتصف شهر نيسان (ابريل) الماضي بعد تقدم “قوات سورية الديمقراطية” وسيطرتها على اغلب اراضي المحافظة “عدد مقاتلي داعش داخل الرقة بانه لا يتجاوز ١٥٠٠ مقاتل وتم نقل اغلب قادة التنظيم وعائلاتهم الى محافظة دير الزور.” ويؤكد ابن مدينة الرقة الذي امضى حوالي ستة اشهر يعيش في ريف الرقة الشمالي ان “الكثير من عناصر التنظيم بل حتى قياديين منهم شاهدتهم يتنقلون ويعيشون في ريف الرقة الشمالي، بعد تسوية اوضاعهم مع قوات سورية الديمقراطية.”

وأصبحت مناطق سيطرة “قوات سورية الديمقراطية” شمال شرقي سورية هي المساحة الاوسع التي اختفى وسطها عناصر تنظيم “داعش” ممن غادروا مناطق التنظيم في محافظتي الرقة ودير الزور والحسكة وريفي حلب وحمص، واصبح الشمال السوري مقراً او جسر عبور الى ريف حلب الشمالي ومنه الى تركيا للانتقال اوروبا وغيرها.

ونفى قيادي في “قوات سورية الديمقراطية” وجود اتفاق مع عناصر تنظيم “داعش” عند بدء العمليات العسكرية لتحرير محافظتي الرقة ودير الزور. واعلنت “قوات سورية الديمقراطية” انها ستنظر بوضع كل من يسلم نفسه لقواتها و “بالفعل هناك المئات من عناصر التنظيم ممن سلموا انفسهم وتم التحقيق معهم ومن لم يثبت عليه انه ارتكب جرائم اخلي سبيله بعد فترة التحقيق.” وأوضح القيادي ان “بعض عناصر داعش لم يتم التحقيق معهم بل اطلق سراحهم فوراً وذلك لتعاونهم مع قواتنا اثناء وجودهم مع داعش من خلال تقديم المعلومات لنا.”

ويضيف القيادي الذي طلب عدم ذكر اسمه: ” قبل اعلان السيطرة على مدينة الرقة في شهر تشرين أول (اكتوبر) الماضي تدخل شيوخ ووجهاء من محافظة الرقة لخروج مسلحي التنظيم والعفو عنهم، لكن البعض لا يزال يتم التحقيق معهم في المقرات الامنية في مدينة الطبقة وسيطلق سراحهم لاحقاً وكذلك من تم اعتقالهم من قبلنا خلال المعارك او بعدها.”

يؤكد عبد اللطيف الحمد، الصحافي في شبكة “فرات بوست” المتخصصة في نقل أخبار المناطق الشرقية من سورية أن “عملية تهريب وهروب عناصر داعش من المناطق التي يسيطرون عليها خلال الأشهر القليلة الماضية، بدأت عندما فتحت قوات سوريا الديمقراطية طريق تهريب عناصر التنظيم وأسرهم إلى مناطقها عبر بادية أبو خشب (٧٠ كلم شمال غربي مدينة دير الزور)، والتي تبعد نحو ١٧ كلم عن نهر الفرات  وعمدت هذه القوات إلى تنسيب بعض مقاتلي التنظيم من الجنسية السورية، بهدف سد النقص العددي الذي تعانيه، إضافة إلى زيادة عدد المكون العربي داخلها، والذي يخضع لقيادتها العسكرية الكردية، بل وعمدت إلى منح بعضهم نفوذاً على المقاتلين العرب داخل “قوات سورية الديمقراطية” ومن بينهم القيادي المعروف باسم أبو خولة والذي عين رئيس مجلس دير الزور العسكري التابع لقوات سورية الديمقراطية.”

اما من طلب مغادرة الشمال السوري، فكانت وجهتم داخل الاراضي السورية او الى تركيا: “بقية المقاتلين المحليين الذين وصلوا إلى أراضي سيطرة قوات سورية الديمقراطية، فقد خرج أغلبهم مع المقاتلين الأجانب من التنظيم إلى تركيا عبر أراضي خاضعة لسيطرة المعارضة السورية في الشمال السوري، ومنهم من توجه إلى مناطق سيطرة داعش أو فصائل مؤيدة له في ريف حماة أو الجنوب السوري مرورا بمناطق سيطرة قوات النظام.”

وحول مصير المقاتلين الاجانب، يقول الحمد: “الطريق الذين اتبعوه للعودة إلى دولهم كان عبر دفع مبالغ مالية كبيرة تصل الى ١٠٠ الف دولار اميركي للعنصر الداعشي ويتم ذلك عبر المتعاملين مع قوات سورية الديمقراطية الذي بدوره يضمن وصوله إلى أشخاص آخرين في الشمال السوري الخاضع لسيطرة فصائل درع الفرات المدعومة من تركيا، ومنها إلى تركيا، ومن ثم يتم سفرهم بجوازات سفر مزورة أعدت لهم مسبقاً إلى الدولة التي ينتمي إليها كل واحد.”

ويكشف الصحافي في “فرات بوست”: “ان بعض عناصر وقادة التنظيم، اختاروا طريق الوصول إلى كردستان العراق منفذاً للوصول إلى مناطق أخرى من العالم، ولعل من أبرزهم غسان الرحال، المعروف باسم عبد الرحمن التونسي الذي اعلن التنظيم جائزة مالية كبيرة على من يدل مكانه، وسط معلومات تفيد بأنه عميل استخبارات خارجية  وبين الاسماء التي اختفت في شمال سورية القيادي في تنظيم داعش اسامة بن عثمان الملقب أبو زينب التونسي والذي ارتكب جرائم حرب ضد المدنيين في الرقة دير الزور وقبل خروجه وعناصر داعش من مدينة الرقة في صفقة نقل مقاتلي داعش من مدينة الرقة الى دير الزور ثم انتقل الى الشمال السوري واحتفى برفقة زوجته السورية وابنته زينب ويحمل بطاقة شخصية لشقيق زوجته.”

بعض قادة تنظيم الدولة تمكنوا من الخروج من مناطق سيطرته من خلال استعادتهم وسحبهم بواسطة طائرات التحالف التي نفذت اكثر من ٢٠ عملية انزال في مناطق التنظيم في شرق سورية وتحديداً في ريف دير الزور بحسب مصادر، في وقت نفاه هذه المعلومات مسؤولون غربيون. أما من تبقى منهم داخل مناطق خاضعة لـ “داعش”، فقد “اختاروا البادية، والمناطق غير المأهولة بالسكان مركزاً لاختبائهم، وخاصة على الحدود السورية – العراقية الممتدة على مسافات شاسعة، وتشمل ضمنها أراض تتبع إدارياً لمحافظتي دير الزور والحسكة واراضي في بادية الميادين في ريف دير الزور الشرقي .”

الصحافي صهيب الجابر من محافظة دير الزور يقول: “الجميع يسأل إلى أين توجه مقاتلو تنظيم داعش الإرهابي؟ بعدما تقلص نفوذهم في المنطقة الشرقية من سورية وخسروا غالبية مناطق نفوذهم.” ويؤكد جابر أن “قوات سورية الديمقراطية صدّرت أكثر من ٤٠٠٠ مقاتل من داعش من جنسيات متعددة باتجاه الشمال السوري ليتوافد خلال تلك الفترة العديد من نواب رؤساء الدول والقادة العسكريين والامنيين الأجانب الموجودين في سورية لاسترداد هؤلاء المقاتلين وعوائلهم إلى بلدانهم الأوروبية، بينهم نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الروسي زياد سبسبي الذي اعاد عائلات مقاتلين روس من وحدات حماية الشعب الكردي عبر مطار القامشلي” شمال شرقي سورية.

ويضيف الجابر: “ما لا يعرفه كثيرين أيضاً، أن هؤلاء المقاتلين من داعش عرضوا على قوات التحالف وقوات سورية الديمقراطية الخروج من مدينة الرقة من دون قتال. وكان هذا قبل بداية المعركة التي استمرت أكثر من أربعة أشهر ودمرت خلالها أكثر من ٨٠ في المئة من المدينة وقتل من مدنيوها أكثر من١٨٠٠ شخص، إلا أن قوات التحالف رفضت خروجهم حينها تحت ذريعة القضاء على التنظيم الإرهابي.”

علاوة على الأسماء العديدة لمقاتلي وقادة داعش ممكن التحقوا بصفوف “قوات سورية الديمقراطية” خلال الشهرين الماضيين وعلى امتداد فترة النزاع، ومنهم أحمد الخبيل “ابو خولة” الذي يشغل منصب قائد “المجلس العسكري لدير الزور” والأخوين أحمد ومحمد عبيد العمر اللذان ارتكبا العديد من المجازر عندما كانا بصفوف “داعش” ومنها مجزرة الشعيطات، علاوة على العديد من القادة الذين سهلت “قوات سورية الديمقراطية” مرورهم باتجاه الشمال السوري بعد دفع مبالغ طائلة، ومنهم يوسف المرهون أمير منطقة القائم العراقية والكثيرين غيره.

خفافيش الليل

مسؤول في المكتب الامني لمدينة جرابلس التابع للمعارضة السورية، أكد القاء القبض على العشرات من عناصر تنظيم “داعش” خلال محاولتهم المرور الى ريف حلب الشرقي. ويضيف المسؤول الامني: “لدينا بعض الاسماء والمعلومات من كتائب الجيش الحر في محافظة دير الزور تضم اسماء القياديين في تنظيم داعش ولدى مرور هؤلاء في حواجز مناطق درع الفرات يتم الغاء القبض عليهم ويتواجد عناصر من كتائب المنطقة الشرقية في بعض حواجز جرابلس للتعرف على عناصر داعش الذين يصل بعضهم بوثائق مزورة او بدون وثائق وقد تم القاء القبض على العشرات منهم واعترف البعض منهم بدفع مبالغ مالية كبيرة لعناصر قوات سورية الديمقراطية  لتأمين وصولهم وعائلاتهم الى مناطق درع الفرات للتوجه منها الى تركيا.”

وفي شهر كانون اول (ديسمبر) الماضي اعدمت مجموعة تطلق على نفسها اسم “خفافيش الليل” في مدينتي جرابلس والباب بريف حلب الشرقي عدداً من عناصر تنظيم “داعش”، متورطين بقتل مدنيين في المدينتين خلال فترة سيطرة التنظيم على المنطقة اعوام ٢٠١٤-٢٠١٦. ومجموعة “خفافيش الليل” أعلنت في منشورات وزعت في مدينتي جرابلس والباب انهما يتبعون لـ “الجيش السوري الحر سيصفون أي عنصر من تنظيم الدولة متورط بدماء المدنيين، أو من اعتدى على الجيش الحر.”

ولم تكتفي ملاحقة عناصر “داعش” داخل الاراضي السورية بل تم ملاحقتهم في تركيا من قبل مجموعة من عناصر “الجيش الحر.” ويقول مصدر موثق مقرب من المجموعة: “جميع عناصر المجموعة هم من كتائب الجيش الحر في محافظات الرقة ودير الزور وريف حلب يقوم هؤلاء بملاحقة والبحث عن عناصر داعش الذين وصلوا الى تركيا ويعرف هؤلاء بـقناص داعش  وتم القاء القبض على عشرات من عناصر التنظيم في مدن جنوب تركيا ومنها شانلي اورفا وغازي عنتاب وحتى في ريف تركيا الجنوبي  بينهم قياديون كبار سوريون وعراقيون واجانب .”

الوثيقة الروسية لمؤتمر سوتشي: جيش وأمن تحت الدستور… وإدارات ذاتية

الوثيقة الروسية لمؤتمر سوتشي: جيش وأمن تحت الدستور… وإدارات ذاتية

“نصت مسودة وثيقة «مؤتمر الحوار الوطني السوري» في سوتشي، التي صاغتها موسكو، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، على ضرورة تشكيل «جيش وطني يعمل بموجب الدستور»، وأن تلتزم أجهزة الأمن «القانون وحقوق الإنسان»، إضافة إلى تأكيد الحكومة السورية «الوحدة الوطنية» وتوفير «تمثيل عادل لسلطات الادارات الذاتية».

ومن المقرر، وفق التصور الروسي، أن يؤدي مؤتمر سوتشي حال تأكد انعقاده يومي 29 و30 من الشهر الحالي لتشكيل ثلاث لجان: لجنة رئاسية للمؤتمر، ولجنة خاصة بالإصلاحات الدستورية، ولجنة للانتخابات وتسجيل المقترعين.
وإذ بدأت موسكو دعوة «مراقبين» من دول فاعلة إقليمياً ومصر والدول المجاورة لسوريا مثل لبنان والعراق والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن و«الضامنين» لعملية آستانة، لا تزال الاتصالات الروسية – التركية – الإيرانية جارية لإقرار قائمة المدعوين السوريين، حيث سلمت موسكو، طهران وأنقرة، قوائم ضمت 1300 سوري، مقابل تسليم طهران قوائم ضمت شخصيات مدرجة على قائمة العقوبات الدولية. وتعترض أنقرة على أي مشاركة مباشرة أو غير مباشرة لممثلي «الاتحاد الديمقراطي الكردي» أو «وحدات حماية الشعب» الكردية. وتقترح موسكو دعوة ممثلي الإدارات الذاتية من العرب والأكراد.

وتلعب محادثات رئيس «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة برئاسة نصر الحريري مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، التي أجريت مساء أمس، دوراً حاسماً في قرار المشاركة في سوتشي، خصوصاً وسط وجود معارضة من فصائل مسلحة وتعقيدات فرضتها العملية العسكرية التركية في عفرين شمال حلب. وتجنب الحريري تسلم دعوة رسمية إلى سوتشي قبل لقائه لافروف. وأكد الحريري أهمية الانتقال السياسي ورفع المعاناة عن المناطق المحاصرة والانخراط في مفاوضات سياسية جدية لتطبيق «بيان جنيف» والقرار 2254، وقال: «لن نقف ضد أي طرح يخدم مفاوضات جنيف».
في موازاة ذلك، يعقد وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون لقاءً مع نظرائه البريطاني بوريس جونسون والفرنسي جان إيف لودريان والأردني أيمن الصفدي ودول إقليمية رئيسية لإقرار مسودة «لا ورقة» أعدها مساعدو خمسة وزراء في واشنطن قبل أسبوعين، وتضمنت سلسلة من المبادئ السياسية التوافقية التي سيحملها تيلرسون للتفاوض على أساسها مع نظيره الروسي سيرغي لافروف. وقال مسؤول غربي اطلع على الوثيقة الخماسية إنها تتضمن تأكيداً على إجراء إصلاحات دستورية وتحديد صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والإدارات المحلية تمهيداً لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية بإشراف الأمم المتحدة، إضافة إلى وجود ربط واضح بين مساهمة الدول الغربية بإعادة إعمار سوريا وتحقيق الانتقال السياسي.

ويأتي هذا اللقاء الخماسي، الذي يعقد في باريس اليوم على هامش مؤتمر يتعلق بمنع انتشار السلاح الكيماوي واستعماله، خصوصاً في سوريا، قبل استضافة فيينا الجولة التاسعة من مفاوضات السلام بين وفدي الحكومة والمعارضة يومي الخميس والجمعة المقبلين. وإذ أكد وفدا الحكومة و«الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة حضور مفاوضات فيينا، لم يُعرف موقف دمشق من أسئلة وجهتها الأمم المتحدة إزاء العملية الدستورية والإصلاح الدستوري والانتخابات وعلاقة الأمم المتحدة بذلك، وسط تمسك دولي بأن تكون العملية بموجب القرار 2254 ومسار جنيف الدولي.
وستكون جولة فيينا بمثابة اختبار لمدى رغبة أو قدرة موسكو على استخدام نفوذها على دمشق لتحقيق «اختراق دستوري» قبل انعقاد مؤتمر سوتشي.

مبادئ دي ميستورا

وكان لافتاً أن الجانب الروسي وضع البنود الـ12 التي أعدها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا باعتبارها مبادئ الحل السياسي، وسلمها إلى وفدي الحكومة والمعارضة نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) ضمن مسودة وثيقة مؤتمر سوتشي، خصوصاً أن رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري رفض الخوض في مبادئ دي ميستورا قبل الانتهاء من محاربة الإرهاب وسحب وفد المعارضة بيانها الذي صدر في الرياض، خصوصاً ما يخص الرئيس بشار الأسد. وقال مسؤول غربي: «سيكون صعباً على دمشق أن ترفض هذه المبادئ في سوتشي»، لافتاً إلى أن موسكو أرادت من إدراج المبادئ الـ12 ضمن وثيقة سوتشي، إقناع الأمم المتحدة بمشاركة دي ميستورا في مؤتمر «الحوار السوري» في المنتجع الروسي، بعدما وضع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش سلسلة معايير لحضور الأمم المتحدة في «مؤتمر الحوار السوري»، بينها أن يعقد لمرة واحدة، وألا يتحول إلى مسار مستمر، وأن تكون مخرجاته ضمن مسار جنيف وداعماً له، إضافة إلى قيام الرئيس الأسد بإعلان موقف علني بـ«التزام إجراء إصلاحات دستورية لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية بإشراف الأمم المتحدة بموجب القرار 2254».

وجاء في مسودة وثيقة سوتشي، التي حصلت «الشرق الأوسط» على نصها، أن أعضاء وفد مؤتمر «الحوار الوطني السوري» الذين قد يصل عددهم إلى 1600 شخص «يمثلون كافة شرائح المجتمع السوري ومختلف قواه السياسية والمدنية والعرقية والدينية والاجتماعية»، حيث إنهم «اجتمعوا بناءً على دعوة من دولة اتحاد الجمهوريات الروسية الصديقة بمدينة سوتشي لوضع حد لمعاناة شعبنا التي دامت سبع سنوات للوصول إلى تفاهمات مشتركة لإنقاذ وطننا من براثن المواجهات المسلحة، ومن الدمار الاجتماعي والاقتصادي، ولاستعادة كرامة بلادنا ووضعها على المسرح الإقليمي والدولي، ولصيانة الحقوق الأصيلة والحريات لجميع أبناء شعبنا، وأهمها حق العيش في سلام وحرية بمنأى عن أي شعور بالخوف أو الجزع».
وتابعت الوثيقة أن «السبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو التسوية السياسية للتحديات التي يواجهها وطننا استناداً إلى 12 مبدأ»، هي: «الاحترام والتمسك الكامل بسيادة واستقلال ووحدة أراضي وشعب الجمهورية العربية السورية، وعدم السماح بالاتجار بأي جزء من أراضي البلاد، والعمل على استعادة هضبة الجولان المحتلة من خلال كافة السبل القانونية الممكنة وفق ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي»، إضافة إلى «الاحترام والتمسك بالسيادة الوطنية لسوريا شأن باقي دول العالم وحق شعبها في عدم تدخل الآخرين في شؤونه الداخلية» وأنه «على سوريا العمل على استعادة دورها على المسرح العالمي والإقليمي، بما في ذلك دورها في العالم العربي، وفق ميثاق الأمم المتحدة وأهدافه ومبادئه». وإذ نص البند الثالث على «حق الشعب السوري وحده تحديد مستقبله من خلال العملية الديمقراطية وعن طريق الانتخابات وحقه وحده تقرير نظامه السياسي والاقتصادي والاجتماعي من دون أي تدخل خارجي أو ضغوط بما يتلاءم مع حقوق وواجبات الشعب السوري على المسرح الدولي»، أشار البند الرابع إلى أن «سوريا دولة ديمقراطية وغير طائفية تستند إلى مبادئ التنوع السياسي والمساواة بين المواطنين بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو العرق. وسيادة القانون مصانة إلى أبعد مدى، وكذلك مبدأ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء والتنوع الثقافي للمجتمع السوري والحريات العامة، ومنها حرية المعتقد، ووجود حكومة منفتحة ومسؤولة تعمل وفق التشريعات الوطنية، وتُكلف بتنفيذ مهام مكافحة الجريمة والفساد وإساءة استخدام السلطة».

ولدى مقارنة «الشرق الأوسط» بين ورقة دي ميستورا ووثيقة سوتشي، فإنهما متطابقتان بنسبة كبيرة. لكن لوحظ أن الجانب الروسي استعمل عبارة «الجمهورية العربية السورية» وليس «سوريا». كما أن الجانب الروسي لم يشر إلى الأكراد، كما ورد في وثيقة «الهيئة» المعارضة التي سلمته إلى فريق المبعوث الدولي. ونص البند الخامس في وثيقة سوتشي أن «تلتزم الحكومة بتحقيق الوحدة الوطنية والتوافق الاجتماعي، والتنمية الشاملة والمتوازنة مع التمثيل العادل لدى سلطات الحكم الذاتي»، علماً بأن ورقة المبعوث الدولي تحدثت عن «إدارات محلية» وليس «حكماً ذاتياً». وقد يكون سبب الاختلاف أن الجانب الروسي استند إلى نص مكتوب باللغة الروسية في صوغ وثيقة سوتشي.

وكغيرها من الوثائق الدولية، بما فيها القرار 2254، التي نصت على الحفاظ على المؤسسات تخوفاً من تكرار نموذجي العراق أو ليبيا، نص البند السادس على «التزام الحكومة بتعزيز المؤسسات الحكومية خلال تنفيذها للإصلاحات، بما في ذلك حماية البنية الاجتماعية والممتلكات الخاصة والخدمات العامة لجميع المواطنين من دون استثناء وفق أعلى المعايير الإدارية المثلى والمساواة بين الجنسين. وعند تفاعلهم مع الحكومة، على المواطنين الاستفادة من آليات العمل التي توفرها سيادة القانون وحقوق الإنسان وحماية الممتلكات الخاصة».

جيش وطني دستوري

وبالنسبة إلى الجيش، جاء في البند السابع أنه «على الجيش الوطني الاضطلاع بمسؤولياته على أكمل وجه وفق نصوص الدستور ووفق أعلى المعايير. يضطلع الجيش ضمن مهامه بحماية حدود البلاد وشعبها من التهديدات الخارجية والإرهاب، وعلى أجهزة الاستخبارات والأمن القومي حماية أمن البلاد وفق مبادئ سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان بحسب نصوص الدستور والقانون، ويجب أن يكون استخدام القوة مقتصراً على تفويض من مؤسسات الدولة ذات الصلة».

ولم تستخدم الوثيقة عبارة «جيش مهني» أو «إصلاح الجيش وتفكيك بعض أجهزة الأمن»، كما كانت تطالب المعارضة السورية. لكن البند الثامن نص على «الرفض القاطع لكافة أشكال الإرهاب والتفرقة المناطقية، والعمل على مواجهتهما وتعزيز مناخ التنوع الثقافي»، إضافة إلى «مراعاة حماية واحترام حقوق الإنسان والحريات، خصوصاً خلال وقت الأزمات، بما في ذلك عدم التفرقة بين المواطنين وضمان المساواة في الحقوق بين الجميع بصرف النظر عن اللون والدين والعرق والثقافة واللغة والجنس وغيرها. والعمل على إيجاد الآليات الفعالة لضمان المساواة في الحقوق السياسية وعدالة الفرص المتاحة للنساء، وذلك بمراعاة صناع القرار تمكينهن بهدف الوصول إلى نسبة تمثيل 30 في المائة للنساء لتحقيق التوازن بين الجنسين».
وتضمنت البنود الأربعة المتبقية «صيانة واحترام الشعب السوري وهويته الوطنية وثرائه التاريخي ولقيمه التي غرسها فيه دينه وحضارته وتراثه على مدى الزمان، ومن ذلك التعايش بين مختلف الفصائل الاجتماعية، وكذلك صيانة التنوع التراثي والثقافي الوطني» و«مكافحة الفقر ومساندة الفئات الاجتماعية المعوزة والأكثر احتياجاً إلى الدعم» و«صيانة وحماية التراث الوطني والبيئة للأجيال القادمة وفق المعاهدات الدولية الخاصة».

وختمت مسودة الوثيقة، التي يمكن أن تصدر في نهاية مؤتمر سوتشي في 30 من الشهر الحالي، بالقول: «نحن ممثلو الشعب السوري نعيش مأساة حقيقية، ولدينا من الشجاعة ما يكفي لمواجهة قوى الإرهاب الدولي، ونعلن عن تصميمنا على استعادة كياننا ورخاء بلادنا لكي ينعم جميع أبناء شعبنا بالراحة والسعادة. وفي سبيل تحقيق ذلك، فقد وافقنا على تشكيل لجنة دستورية تضم وفد الجمهورية العربية السورية ووفد المعارضة ذوي التمثيل الواسع لتولي عملية الإصلاح الدستوري بهدف المساهمة في تحقيق التسوية السياسية تحت إشراف الأمم المتحدة، وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254. ولذلك فإننا نلتمس من تكليف الأمين العام للأمم المتحدة تكليف مبعوث خاص لسوريا للمساعدة في عمل اللجنة الدستورية في جنيف».

ويتوقع أن تكون الفقرة الأخيرة المتعلقة بالإصلاحات الدستورية موضع تفاوض بين الأمم المتحدة وموسكو، باعتبار أن الأمم المتحدة تريد وضوحاً أكثر في مرجعية القرار 2254، وتنفيذه لدى الحديث عن الإصلاحات الدستورية، وأن يتم ذكر تفاصيل تتعلق بالرقابة والإشراف الأمميين وتفاصيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية، إضافة إلى بند رئيسي يتعلق بمشاركة الأمم المتحدة في اختيار أعضاء اللجنة الدستورية، وألا يقتصر دور دي ميستورا على استضافة جولات تفاوضية بين أعضاء اللجنة الدستورية.”

تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»

واشنطن متمسكة ب ‘الانتقال السياسي’ السوري

واشنطن متمسكة ب ‘الانتقال السياسي’ السوري

“أكد رئيس «هيئة المفاوضات السورية» المعارضة نصر الحريري في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن مستشار الأمن القومي الأميركي هربرت ماكماستر أكد التزام واشنطن تحقيق «الانتقال السياسي» في سوريا، وأن مسؤولة شؤون الأمن والخارجية فيدريكا موغريني ربطت المساهمة الأوروبية في إعمار سوريا بـ«تحقيق الانتقال السياسي»، لكنه حذر من «أي خطوة يمكن أن تؤدي إلى تقسيم سوريا».

وكان الحريري يتحدث في لندن أمس حيث التقى نائب مستشار الأمن القومي كريستيان تيرنر ووزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط إليستر بريت والمبعوث البريطاني إلى سوريا مارتن لونغدن من دون حصول لقاء مع وزير الخارجية بوريسن جونسون الموجود خارج العاصمة البريطانية، ضمن جولة يقوم بها وفد «الهيئة» وتشمل لقاءه في باريس اليوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية جان إيف لودريان قبل انتقال الوفد إلى روما وبرلين.

وجاءت زيارة الحريري إلى لندن بعد الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف وقبل الجولة التاسعة المقررة في فيينا قبل نهاية الشهر. وقال رئيس «الهيئة» في حديث لـ«الشرق الأوسط» في لندن أمس: «نريد تفعيل مفاوضات جنيف وأردنا شرح ما حصل في الجولة الثامنة من المفاوضات، أن النظام لا يريد المفاوضات وسيبقى معرقلاً ولن يكون حريصاً لإحراز أي تقدم فيها. إذا كان المجتمع الدولي جاداً للوصول إلى الحل السياسي، فنحن جادون. لكن الحل السياسي يجب ألا ينحرف عن طريقه وهو بيان جنيف والقرار 2254 بهدف تحقيق الانتقال السياسي وليس الحل السياسي المشوه».

وعكس قبول دول غربية استقبال وفد «الهيئة» تقديراً لدورها في الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف. وأوضح الحريري: «نريد حلاً بالانتقال السياسي. في الجولة الثامنة في المفاوضات، طالبنا بمفاوضات مباشرة وناقشنا المواضيع المطروحة وقدمنا ردا على ورقة المبادئ التي قدمها المبعوث ستيفان دي ميستورا وتفاعلنا مع ورقته وقبلنا تمديد جولة المفاوضات. وتناقشنا مع دي ميستورا واتفقنا على جدول الأعمال وناقشنا كل شيء وارد في القرار 2254 بدءا من سلة المرحلة الانتقالية إلى قضايا العملية الدستورية والعملية الانتقالية».

وتابع: «رغم ذلك فشلت المفاوضات. وطالما أن مفاوضات جنيف متوقفة فستظهر مبادرات جانبية بصرف النظر عن اسمها. هذه المبادرات تعبير غير مباشر إلى عدم التقدم في جنيف. لذلك على المجتمع الدولي هو التركيز على العملية السياسية في جنيف. واضح الآن أنه في الجولات السابقة، كان الحضور للدول الداعمة للنظام فيما كانت الدول الأخرى غائبة. طالبنا من أميركا والدول الأخرى والأوروبية والعربية كي تأخذ دورها بتفعيل العملية السياسية للقول للروس إنه بهذه الطريقة لن تحل الأمور ولن يحل أي حل».

وتزامنت جولة «الهيئة» مع إقرار إدارة الرئيس دونالد ترمب استراتيجية جديدة إزاء سوريا، شملت ضمان وجود عسكري وسياسي شرق نهر الفرات والانخراط مع حلفائه الغربيين والإقليميين لـ«تعزيز شروط الحوار مع روسيا إزاء الحل السياسي وتقليص نفوذ إيران ومنع ظهور (داعش)»، بحسب مسؤول غربي. ومن المقرر أن يلقي وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في المستقبل القريب خطاباً يتضمن الرؤية الأميركية للملف السوري والحوار مع موسكو.

وكان الحريري التقى ماكماستر ونائب وزير الخارجية ديفيد ساترفيلد في واشنطن والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وموغريني في بروكسل. وأوضح أمس: «عقدنا لقاءات رائعة مع ماكماستر وساترفيلد وغوتيريش. أولا، سمعنا من الأمم المتحدة والإدارة الأميركية التزاماً بالقرار 2254 وتحقيق الانتقال السياسي. غوتيريش وماكماستر تحدثا عن الانتقال السياسي». وأضاف: «ماكماستر قال في الاجتماع مرات عدة بضرورة حصول الانتقال السياسي في سوريا. وكان لدينا طلب من أميركا أن تأخذ دورها في العملية السياسية وركزنا على ذلك. هناك ادعاء روسي أن الوضع في سوريا انتهى. لا، لم ينته الوضع. بعد محاربة (داعش) ومناطق خفض التصعيد، لا يزال لدينا موضوع الوصول إلى الحل السياسي النهائي. والحل له مرجعيته ومكانه، أي القرار 2254 وعبر مفاوضات جنيف».

وترددت أنباء عن أن واشنطن بصدد تليين موقفها بالحديث عن «العملية السياسية» أو شروط الحل السياسي وإجراء إصلاحات دستورية تمهيدا لانتخابات بإشراف الأمم المتحدة بموجب القرار 2254. لكن الحريري أكد أن المسؤولين الأميركيين جددوا التزام «الانتقال السياسي».

وأعرب الحريري عن اعتقاده أن محادثات «الهيئة» في واشنطن ساهمت في تعزيز نية الإدارة الأميركية الانخراط في الملف السوري، الأمر الذي حصل لدى استقبال ساترفيلد الجمعة نظراءه من أربع دول غربية وإقليمية. وقال: «دعوا إلى الاجتماع الخماسي واتفقت الدول الخمس على (لاورقة) وأطلعنا الأميركيون على أفكارها العامة. إن العملية السياسية لم تحقق تقدما بسبب غياب الآليات الدولية الضاغطة لتحقيق التقدم. الآن هناك رغبة عبر الأفكار الأميركية لتحريك مفاوضات جنيف والعملية التفاوضية».

ومن المقرر أن يقر تيلرسون مع نظرائه من الدول الأربع الـ«لاورقة» خلال اجتماع في باريس على هامش مؤتمر مخصص لمنع استعمال السلاح الكيماوي الثلاثاء المقبل قبل أن يعقد الوزير الأميركي مفاوضات مع نظيره الروسي. وقال الحريري: «أبلغنا الأميركيون أن تيلرسون سيلقي خطاباً مفصلاً عن الاستراتيجية الأميركية إزاء سوريا. النظام سيرفض كل شيء. المعارضة كانت سابقاً ترفض كل شيء، لكن الآن نقبل شيئا ونرفض شيئا. بحسب الأفكار التي تطرح علينا، سندرسها».

وعن لقائه بموغريني في بروكسل أول من أمس، قال الحريري: «شرحنا موقفنا. نريد أن تكون كل الجهود الدولية لدفع عملية جنيف. لا إعادة الإعمار قبل الانتقال السياسي وليس قبل إحراز تقدم في العملية السياسية، كما يقول البعض. طلبنا ذلك من موغيريني وسفراء الاتحاد الأوروبي في بروكسل اتخاذ هذا الموقف» أي ربط الأعمار بتحقيق الانتقال السياسي و«كلهم وافقوا». وأضاف: «لن يكون هناك أي جهد لإعادة الإعمار في سوريا إلا بتحقيق الانتقال السياسي عبر الحل السياسي في مفاوضات جنيف برعاية الأمم المتحدة».

وتراوحت تقديرات كلفة إعادة إعمار سوريا بين 250 و300 مليار دولار أميركي. وتسعى موسكو للضغط على دول أوروبية وعربية للمساهمة في الإعمار و«عدم تسييس» الملف، فيما تراهن دمشق على حلفائها في طهران وموسكو وبكين ودول آسيوية للمساهمة في إعمار البلاد. ومن المقرر أن يعقد مؤتمر وزاري للدول الأوروبية في بروكسل في نهاية أبريل (نيسان).

وبالتزامن مع جمود مفاوضات جنيف والتحرك الأميركي والحذر الأوروبي، واصلت روسيا الحشد لعقد مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي نهاية الشهر، حيث تلقت «الهيئة» نصائح من دول غربية وإقليمية للحوار مع موسكو حول مؤتمر سوتشي. وقال الحريري: «من (التدخل العسكري المباشر في 2015 جميع الدول نصحتنا بالحوار مع روسيا. اللقاءات بيننا لم تتوقف ونخطط للقاء معهم (الروس). سيكون هناك لقاء بيننا. هم عندهم رغبة ولدينا رغبة والعمل جار على ترتيب اللقاء».

وسئل عن حضور «الهيئة» مؤتمر سوتشي، فأجاب: «لا نعرف عن المؤتمر شيئا. كل المعلومات التي تأتي عنه ليست لصالح الثورة السورية. والمزاج العام حتى داخل الهيئة ليس لصالح المشاركة في سوتشي في شكله الحالي مع العلم ليست لدينا أي معلومة حقيقية. الداعي لم يدعنا بعد ولا نعرف التفاصيل».

ومن المقرر أن يجتمع مسؤولون روس وأتراك وإيرانيون في 19 الشهر الحالي لبحث الترتيبات النهائية وقائمة المدعوين للمؤتمر وجدول أعماله وتأكيد الموعد المقرر في 29 الشهر الحالي أو تأجيله. وقال الحريري إن الجانب التركي أبلغ نظيره الروسي معايير محددة لدعم المؤتمر، وهي: «عدم وجود وحدات حماية الشعب الكردية وأن يخدم المؤتمر عملية جنيف وأن يكون مستندا إلى القرار 2254 للوصول إلى الحل السياسي بحضور الأمم المتحدة ومشاركة المعارضة السورية الحقيقية».

وسئل عن قرار إدارة الرئيس الأميركي تدريب «قوات سوريا الديمقراطية» التي تضم «وحدات حماية الشعب» الكردية لتشكل حرسا لحماية الحدود مع تركيا والعراق ونهر الفرات حيث تنتشر وراءه قوات الحكومة السورية، فأجاب: «نحن ضد أي إجراء تقوم به أي دولة لفرض أجندة على الشعب السوري. يجب ألا يفرض أي طرف أجندته على شعبنا بالسلاح ونحن ضد أي خطوة يمكن أن تؤدي إلى تقسيم سوريا، ونحن متمسكون بوحدة الأراضي السورية وفق القرار 2254 وليس الحل المجتزأ».”

تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»

ورقة” غربية ـ إقليمية عن سوريا يحملها تيلرسون إلى لافروف”

ورقة” غربية ـ إقليمية عن سوريا يحملها تيلرسون إلى لافروف”

“يجتمع وزراء خارجية خمس دول غربية – إقليمية في باريس، الثلاثاء المقبل، لإقرار «لا ورقة» أعدها نواب ومساعدو الوزراء الخمسة في واشنطن، الجمعة الماضي، تتضمن مبادئ الحل السياسي السوري، بحيث يقوم وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون بالتفاوض على أساسها مع نظيره الروسي سيرغي لافروف على أمل تحقيق تسوية واختراق في مفاوضات السلام التي قرر المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا عقد جولتها التاسعة في فيينا في 26 من الشهر الحالي بعد تعثر عقدها في جنيف أو مونترو.

وبحسب قول مسؤول غربي رفيع المستوى أمس، فإن هناك مؤشرين لـ«التفاؤل» بأن العام 2018 سيكون مختلفاً عن سلفه، وقد يؤدي إلى توفر ظروف التسوية السياسية: الأول، أن إدارة الرئيس دونالد ترمب انتهت من مراجعة لسياستها السورية بين المؤسسات المختلفة، وتوصلت إلى سلسلة من المبادئ، عمادها الأساسي الانخراط السياسي مع حلفائها الإقليميين والسوريين، والتفاوض مع الروس، وتعزيز الوجود العسكري شرق نهر الفرات.
في هذا السياق، أكد قيادي في «وحدات حماية الشعب» الكردية لـ «الشرق الاوسط»، أمس، أن الجيش الأميركي فتح معسكرات شرق نهر الفرات لتدريب 30 ألف عنصر بموازنة تصل إلى 400 مليون دولار أميركي، بحيث يقوم هؤلاء بحماية الحدود مع العراق وتركيا ونهر الفرات التي تنتشر قوات الحكومة السورية وراءها، لافتاً إلى أن دبلوماسيين أميركيين سيصلون إلى منطقة نهر الفرات للإقامة في هذا الإقليم. وقال مسؤول غربي إن واشنطن تبحث عن وسائل لانخراط حلفائها شرق نهر الفرات في العملية السياسية.

وضمن الاستراتيجية الأميركية الجديدة، زار وفد «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة برئاسة نصر الحريري ووفد من «الجيش السوري الحر»، واشنطن، بحثاً عن الدعم السياسي للفصائل السياسية، والعسكري لفصائل كانت إدارة ترمب قررت وقف تمويلها وتسليحها.
أيضاً، استضاف مساعد وزير الخارجية ديفيد ساترفيلد نظراءه من أربع دول هي بريطانيا وفرنسا ودولتان إقليميتان فاعلتان في منطقة الشرق الأوسط في واشنطن، الجمعة الماضي. وتضمنت المناقشات بين ممثلي الدول الخمس البحث عن قواسم مشتركة، حيث تمت صياغتها في «لا ورقة» تناولت مبادئ الحل السياسي بناءً على اتفاق ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في نوفمبر (تشرين الثاني). وأوضح المسؤول الغربي أن الـ«ورقة» تتضمن مبادئ الحل وإصلاح دستوري لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية برقابة الأمم المتحدة، ودعم مفاوضات بناء على القرار 2254، إضافة إلى إصلاح أجهزة الأمن وتحسين أدائها، وفق معايير حقوق الإنسان، وإلى التأكيد على وحدة الأراضي السورية وسيادة سوريا.

وبحسب مسؤول آخر لـ «الشرق الاوسط»، فإن نقاشات بين الدول تتناول حدود المرونة في الموقف، وأن التفاوض يتناول ثلاث نقاط: الأولى، «هيئة الحكم الانتقالية» التي وردت في بيان جنيف أو «الحوكمة» الواردة في القرار 2254، ذلك أن دولاً تريد التركيز على البيئة الحيادية والمناسبة لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وعدم ذكر «هيئة الحكم» أو «الحوكمة». الثانية، الرقابة على الانتخابات السورية، وهل تجري بـ«رقابة» الأمم المتحدة أم «إشراف» الأمم المتحدة، الأمر الذي يعني الإشراف على العملية الانتخابية من الألف إلى الياء لضمان الشفافية والنزاهة والرقابة وحق السوريين جميعاً داخل البلاد وخارجها في الاقتراع بحرية. وترفض دولٌ الاكتفاء بعبارة «الرقابة» لأنه يمكن توفير مراقبين من دول محسوبة على روسيا، كما حصل مع مراقبي وقف النار قبل سنوات. الثالثة، دور الرئيس بشار الأسد، وما إذا كان سيجري التطرق إلى «تذويب» صلاحيات رئيس الجمهورية، وإعطاء صلاحيات إلى رئيس الوزراء والإدارات المحلية.

السبب الثاني الذي حمل المسؤول الغربي إلى التفاؤل، يتعلق بالتفكير الروسي. وقال: «بات بعض المسؤولين الروس مقتنعين أن موسكو ليست قادرة وحدها على فرض التسوية السياسية على مزاجها»، لافتاً إلى أن أحد مؤشرات ذلك تأجيل موسكو مرتين موعد مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، لعدم توفر شروط الدعوة والحوار. وحددت حالياً 29 من الشهر الحالي موعداً. ومن المقرر أن يجتمع مسؤولون أتراك وروس وإيرانيون في 19 من الشهر الحالي لبحث قائمة المدعوين إلى سوتشي وجدول الأعمال. وفي حال تأجل المؤتمر إلى 12 و13 من الشهر المقبل، كما يتردد، يكون التأجيل الثالث لـ«سوتشي» ما يعزز شروط التفاوض بين تيلرسون ولافروف.

وفي حال أقر تيلرسون النسخة الأخيرة لـ«لا ورقة» مع نظرائه الأربعة خلال اجتماع في باريس على هامش مؤتمر وزاري موسع يضم أكثر من 20 دولة، يتناول منع استعمال السلاح الكيماوي، خصوصاً في سوريا، سيجتمع مع نظيره الروسي للتفاوض باعتبار أن الجانب الأميركي يملك أكثر من ورقة تفاوضية، بينها الوجود العسكري شرق نهر الفرات، والتفاهم مع حلفائه الدوليين والإقليميين.

لكن مسؤولاً غربياً ثالثاً أخذ على واشنطن استعجال المرونة قبل التفاوض مع الروس. وقال لـ «الشرق الأوسط»: «واشنطن سبق ووافقت على أن يميع وزير الخارجية جون كيري مع لافروف بيان جنيف لصالح القرار 2254، والتخلي عن هيئة الحكم الانتقالية وقبول الحوكمة، وبالتالي فإن القرار 2254 هو نتيجة اتفاق أميركي روسي، ولا يجوز التخلي عنه مجاناً، بل يجب الدفع لتنفيذه لأنه منتج روسي أصلاً.

في المقابل ترى واشنطن أن نقاط التفاهم مع موسكو واسعة تتعلق بالحفاظ على مؤسسات الدولة ومنع انهيارها والحفاظ على وحدة الأراضي السورية. وقال المسؤول: «نقطة الخلاف هي مصير الرئيس الأسد. إذ إن موسكو ترى أنه رئيس شرعي، وأن أي فراغ سيؤدي إلى انهيار مؤسسات الدولة، في حين بدأت دول غربية تتخذ موقفاً براغماتياً مفاده أنه لأجل وحدة سوريا وإعادة الإعمار فيها لا بد من رحيل الرئيس الأسد، لكن لحظة مغادرته ومشاركته في الانتخابات أمر يخص السوريين وموضوع تفاوض مع الروس. ويمكن التفاوض أيضاً على تذويب صلاحيات الرئيس لصالح رئيس الحكومة والإدارات المحلية، إضافة إلى إصلاح أجهزة الأمن من دون مس دورها في محاربة الإرهاب». وأضاف: «لا بد من مقاربة تجمع بين الإصلاح والاستقرار في سوريا. ولا بد أن يقتنع الروس بأن المساهمة الغربية في إعمار سوريا لن تتم من دون انتقال سياسي ذي صدقية. وأن القوات النظامية غير قادرة على السيطرة على جميع الأراضي السورية، بالتالي فإن الحل هو سياسي وليس عسكرياً».

ولاحظ المسؤول الغربي الذي حضر الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف والمؤتمر الموسع للمعارضة السورية، أن وفد «الهيئة التفاوضية العليا» كان منخرطاً بشكل إيجابي في جنيف، وأنه وافق على بحث ملفي الدستور والانتخابات، ووافق على التفاوض «من دون شروط مسبقة»، مقابل رفض وفد الحكومة برئاسة بشار الجعفري الانخراط في جوهر التفاوض بعد تأخره بالوصول إلى جنيف. وقال: «جميع ممثلي الدول الخمس دائمة العضوية، بما فيها الروسي، كانوا مقتنعين بذلك. وواضح أن روسيا إما أنها غير قادرة على ممارسة الضغط على دمشق، أو أنها تريد إعطاء الفرصة لمؤتمر سوتشي، وليس مفاوضات جنيف. لكنها تدرك أنه كي تحصل على شرعية لمؤتمر سوتشي من الأمم المتحدة لا بد من تقدم في مفاوضات جنيف».

وأشار المسؤول إلى أن دي ميستورا حدد موعد الجولة التاسعة في 26 من الشهر الحالي، وأنها ستعقد في فيينا، وليس في جنيف أو مونترو، لأسباب لوغيستية «كي تشكل الجولة المقبلة اختباراً لقدرة موسكو على ممارسة نفوذها على دمشق، لتحقيق تقدم في المفاوضات يمكن أن يؤدي إلى إنجاز في مؤتمر سوتشي واختراق يريده الرئيس بوتين قبل الانتخابات الرئاسية الروسية في 18 مارس (آذار) المقبل».

وستكون الجولة المقبلة من المفاوضات والمؤتمر السوري في سوتشي بين الأمور التي يبحثها رئيس «الهيئة التفاوضية» نصر الحريري في لندن، اليوم، خلال لقاءات تشمل نائب رئيس مكتب الأمن القومي كريستيان ترنر والمبعوث البريطاني إلى سوريا مارتن لندنغ من دون حصول لقاء مع وزير الخارجية بوريس جونسون لوجوده خارج العاصمة البريطانية.

وكان الحريري التقى في بروكسل مسؤولة السياسة الخارجية فيدريكا موغريني ضمن جولة تشمل روما وباريس. وتأجلت الجولة أسبوعاً بسبب سفر وفد «الهيئة» إلى نيويورك للقاء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس.”

تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»