جمعتني الصدفة منذ بضعة أيام بصديق أيام الدراسة الجامعية وهو في طريقه إلى الإدارة العامة للهجرة والجوازات في دمشق لتجديد جواز سفره، فبادرت بسؤاله: “أين تنوي الرحيل والعالم كله أقفل أبوابه بوجهنا باستثناء الدول الفقيرة والمعدمة؟”. فأجاب وهو مزهو بنفسه: ” لا هناك طريق مضمون إلى أوروبا عن طريق ليبيا. يمكنني السفر عبر “أجنحة الشام ” من مطار دمشق إلى مطار بنغازي ومن هناك إلى طرابلس حيث ينتظرني أحد المهربين وهو سيتكفل بوصولي إلى ليبيا.
تابع صديقي أن صديقا مشتركا بيننا سافر بنفس الطريقة وهو حاليا في ايطاليا سعيدا مع عائلته، وان صديقا أخر سينطلق الأسبوع القادم بنفس الوجهة ، وبحرقة قلب تابع: “أوربا بأسرها لاتعني لي شيئا، ولكن أبحث عن مستقبل يشعر فيه أبنائي بالأمان والحياة الكريمة ففي هذه البلاد يبدو أن الأفق مسدودا على كافة الأصعدة ،والأمور تزداد تعقيدا يوما بعد يوم”.
ودعت صديقي على أمل أن يكون القادم أفضل.
عصة القبر
رغم توقف الحرب في أغلب المناطق السورية، لاتزال غالبية الناس يفكرون بالهجرة بحثا عن ظروف اقتصادية ومعيشية أفضل في ظل انعدام أبسط مقومات الحياة. يختارون ليبيا كجسر عبور إلى أوروبا، ذلك بسبب موقعها الجغرافي وقربها من القارة العجوز، كما شكل الصراع المسلح فيها وغياب القانون وضعف حراسة الشواطىء عامل جذب للمهربين لاستخدامها كنقطة انطلاق.
مصطفى شاب سوري من محافظة درعا وصل ليبيا بداية العام الحالي هربا من الخدمة الإلزامية، لكن لم يحالفه الحظ حتى الآن بالوصول إلى أوروبا. في المرة الأولى، عثر على سمسار للهجرة غير الشرعية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. وعده بضمان الوصول إلى أوروبا، لكن تم اصطياد المركب بمن فيه من قبل خفر السواحل، وتم الإفراج عنه بعد دفعه فدية بقيمة الف دولار اميركي.
رغم ذلك، لم يعلن توبته، بل اتصل بذويه في سوريا، مجددا وطلب منهم بيع السيارة العائدة ملكيتها لوالده ليعيد الكرة، مؤكدا لهم أن المهرب السابق “ابن حرام ” وأنه تعرف على أخر “يخاف الله”.
أما ليلى التي تعيش في ضواحي مدينة دمشق، ودعت أخاها منذ أشهر متوجها إلى أوروبا عبر ليبيا لكن أخباره انقطعت ولا تعلم حتى اللحظة هل هو في عداد الأموات أم الأحياء. تقول والألم بعتصر قلبها: “لا أخ لنا سواه. والدي توفي في الحرب، ووالدتي مريضة قلب، ونحن أربع بنات. بعد تخرجه من الجامعة عمل في إحدى الشركات ولكن الأجور المتدنية في البلاد لاتكفي لسد احتياجاتنا مع الارتفاع المخيف للأسعار، لذلك قرر الهجرة بحثا عن واقع معيشي أفضل له ولعائلته. حاولت الاتصال مع مهاجرين ولاجئين في ليبيا لأعرف عنه شيئا ولكن دون جدوى”.
مهرب 5 نجوم
” أبو بكر”، هو أسم مستعار لسوري الجنسية مقيم في ليبيا يصنف نفسه في مواقع التواصل الاجتماعي كأحد أبرز المهربين في الساحة الليبية من حيث السعر المقبول وضمانات الوصول. يقول لـ “صالون سوريا”: “أتكفل بالمهاجر من لحظة وصوله لمطار بنغازي حيث يكون بانتظاره سائق ينقله سواء كان وحده أو مع عائلته، إلى طرابلس وعندما يكون الوقت مناسبا سيبحر المركب من مدينة زوارة التي تبعد عن العاصمة طرابلس حوالي 100 كلم ، ثم إلى ايطاليا وتستغرق الرحلة حوالي 12 ساعة في البحر وتكلفة الراكب 2500 دولار”.
لا يخلو حديث ” أبو بكر” من إطلاق تطمينات لجهة أنه لايغامر بالمهاجرين، فهو لن يسير المركب إن كان البحر هائجا حتى لو استدعى الأمر بقاء المهاجرين بضيافته لأشهر في طرابلس، موضحا أن مسافة الخطر تتراوح بين 3 و4 ساعات حيث يتمركز خفر السواحل وبعد اجتيازهم هذه المسافة سيكون المركب بأمان، مؤكدا أنه سيرافق الركاب حتى اجتيازهم منطقة الخطر وبأن في المركب سائقا ماهرا ومعه “جي بي اس ” وجهاز اتصال ثريا.
ومن باب الدعاية أكد أن بضيافته حاليا في طرابلس ثلاث عائلات سورية إضافة إلى شباب وأرامل وأطفال يريدون الهجرة، وهو بانتظار الوقت المناسب للانطلاق بهم. وفي نهاية الحديث أرسل فيديو لمهاجرين ادعى أنهم وصلوا بلد المقصد عن طريقه، مطالبا بحذفه بعد المشاهدة. ولدى السؤال إن كان يقوم بدفع رشاوى لخفر السواحل حتى يغض النظر عن المركب رفض الإجابة، باعتبار أن عمله كمهرب يقتضي السرية التامة حول خطط الهروب.
لا موسم للهجرة حاليا
جهاد البراغيثي، وهو سائق ليبي الجنسية، يقوم في كثير من الأحيان بإيصال قادمين من سوريا إلى طرابلس حيث الوجهة الرئيسية إلى “الفردوس الأوروبي”. يبدي استغرابه عن السبب الذي يدفع السوريين للموت المجاني بالبحار، تاركين حياتهم رهينة لسماسرة ومهربين رغم الكثير من التحذيرات والكوارث التي لحقت بمن سبقهم، مؤكدا انه كل من حاول السفر بشكل غير شرعي، إما لقي حتفه في البحر أو تم احتجازه من قبل خفر السواحل ومنهم من عاد لبلده أو استقر وعمل في ليبيا خاصة أصحاب الحرف والمهن الحرة وان نسبة قليلة ممن حالفهم الحظ ووصلوا إلى الشواطئ الأوروربية.
وأشار البراغيثي الى أن موسم الهجرة ينشط في الصيف وحاليا هناك خطورة كبيرة من البحر. ورغم ذلك يستمر المهربين بنشاطهم الدعائي للهجرة لان مايهمهم هو الحصول على المال غير أبهين بحياة البشر، ملمحا إلى أن من يخدع السوري هو أخوه السوري،ناصحا بأن ليبيا بلد يمكن العمل فيها وتأمين حياة كريمة لعائلة المهاجر دون أن يعرض حياته للمخاطرة فالأجور تتراوح بين 300 و500 دولار للعمال، بينما أصحاب الحرف يتقاضون مبالغ أكبر.
خيبة… ولاتوبة
لايتوقف المغتربون السوريون في ليبيا الذين هم على دراية تامة بخفايا الأمور من إطلاق التحذيرات لكل سوري يفكر بالسفر في رحلات المقامرة ومنهم سعيد درويش وهو صاحب مطعم يعيش منذ فترة طويلة في ليبيا. يقول: “نحن السوريين أصبحنا سلعة للبيع عن طريق سماسرة سوريين يعملون لصالح المهربين. نركب البحر وفي نهاية المطاف يتم تسليمنا لخفر السواحل الذين ينهالون علينا ضربا حتى ندفع لهم المال مقابل الإفراج عنا”. يتابع: “هناك سوريون يعملون بتهريب البشر قاموا بشراء مراكب بقيمة 30 ألف دولار للمركب الواحد وسعته حوالي 500 راكب وعلى سبيل المثال إذا كان المهرب يتقاضى من الراكب 2500 دولار ويعطي للسمسار500 دولار مايعني انه في كل نقلة يربح المهرب (صاحب المركب ) مليون دولار والسمسار250 ألف دولار ، وفي حال كان هناك أكثر من نقلة يقوم المهرب برمي المهاجرين على أقرب شاطئ أو يسلمهم لخفر السواحل بالتواطؤ المسبق بينهما، ويعود ليأخذ النقلة الثانية”، مؤكدا أن المهرب والسمسار لن يتوقفا عن الترويج للهجرة غير الشرعية لأن الأرباح تفوق الخيال، و لتستمر اللعبة يقوم خفر السواحل بغض النظر عن مركب واحد من بين 100 راكب، وعند الوصول إلى الشواطىء الايطالية يصورون الركاب على أنهم سعداء بالوصول والنجاة ويتم بث الفيديو عبر صفحات التواصل الاجتماعي للترويج وتشجيع الناس لارتكاب نفس الحماقة.
إحصاءات القهر
لاتوجد أرقام دقيقة للأعداد الحقيقية للمهاجرين السوريين الذين وصلوا فعليا إلى أوربا عبر ليبيا، غير أن وسائل إعلام تحدثت في أب (اغسطس) الماضي عن سبعة عشر سوريا لقوا حتفهم نتيجة غرق قارب لاجئين في البحر المتوسط أثناء توجهه من شواطئ ليبيا نحو الأراضي الإيطالية، وأن سبب الغرق هو الحمولة الزائدة، حيث كان على متن القارب الذي لا يتجاوز طوله الـ9 أمتار نحو 86 شخصاً لاجئاً ، واعترف المسؤولين عن الحادثة بتقاضيهم مبلغ 5آلاف يورو من كل شخص مقابل نقلهم تهريب من ليبيا إلى إيطاليا.
واستنكر المرصد الأورومتوسطي الممارسات غير الإنسانية التي ترتكبها السلطات الليبية بحق مئات من المهاجرين السوريين المحتجزين في سجونها، وبحسب المرصد، فإنّ قوات خفر السواحل الليبية ألقت القبض خلال الصيف الماضي 800 شاب سوري أثناء محاولتهم الهجرة إلى أوروبا عبر البحر المتوسط انطلاقًا من الشواطئ الليبية، واقتادتهم إلى أربعة مراكز احتجاز في العاصمة طرابلس. وأشار المرصد أن محتجزين سابقون أبلغوا عن تعرّضهم لمعاملة مهينة شملت الضرب بأنابيب بلاستيكية، وعدم توفير طعام مناسب سواء من حيث الكمية أو الجودة، إضافة إلى توفير مياه غير صالحة للشرب ولمرتين يوميًا فقط. ويضطر المحتجزون لدفع مبالغ مالية تصل إلى أكثر من 1000 دولار أميركي، لقاء إخلاء سبيلهم عبر من يعرفون بـ”السماسرة” الذين يتلقون تلك الأموال باتفاق يبرم بينهم وبين مدراء السجون ومراكز الاحتجاز.
سارعت للاتصال بصديقي الذي تدور برأسه الفكرة، لأحدثه بما جمعته من معلومات حول مخاطر الهجرة إلى “الفردوس الأوروبي” عبر ليبيا، محاولة إقناعه بالعدول عن الفكرة…لعل هناك احتمال مستقبل أفضل في هذه البلاد.
شكل ما حدث في “مخيم اليرموك” جنوب دمشق والمعروف بـ“عاصمة الشتات الفلسطيني”، خلال سنوات الحرب، من سيطرة فصائل المعارضة المسلحة عليه أواخر العام 2012، ومن ثم “هيئة تحرير الشام” و“داعش”، ووصولا إلى العملية العسكرية التي شنتها دمشق وأفضت إلى استعادة السيطرة عليه ودمار جزء كبير من أبنيته وبناه التحتية وأسواقه التجارية وبنيته الديموغرافية، نكبة وفاجعة مؤلمة لنازحيه ما تزال ماثلة حتى الآن.
أسئلة كثيرة يطرحها أغلبية النازحين من “مخيم اليرموك” حاليا، منها: هل ستحقق عودتهم إلى منازلهم وجاداتهم؟، وهل سيعود المخيم منطقة حيوية وقلب دمشق التجاري كما كان؟، وهل فعلا سيعود المخيم “عاصمة الشتات الفلسطينيين” ورمز لحق العودة إلى فلسطين؟
ويعتبر “مخيم اليرموك” من أبرز مناطق جنوب العاصمة، ويتبع إدارياً محافظة دمشق، ويشكل بوابتها من الجهة الجنوبية، ويقع على بعد أكثر من سبعة كيلومترات جنوب دمشق، وتصل مساحته إلى نحو كيلومترين مربعين. ويحده من الجهة الجنوبية “الحجر الأسود”، ومن الجهة الغربية حي “القدم” ومن الشرق حي “لتضامن” ومن الشمال منطقة “الزاهرة”.
النشأة
وتم انشأ “مخيم اليرموك” عام 1957 على بقعة زراعية صغيرة، ومع مرور الزمن تحول إلى أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في سوريا ودول الجوار، وراح اللاجئون يحسّنون مساكنهم ويشيدون الأبنية الطابقية لتتسع للعائلات الكبيرة والمتنامية، وبات كمنطقة حيوية تستقطب السوريين من الريف للعيش فيها، لقربها من دمشق، ووصل عدد اللاجئين الفلسطينيين فيه قبل الحرب المستمرة منذ عقد من الزمن إلى أكثر من 200 ألف لاجئ من أصل نحو 450 ألف لاجئ في عموم سورية، حتى لُقّب ب”عاصمة الشتات الفلسطيني”، علما بأنه يوجد في سوريا وحدها خمسة عشر مخيما تتوزع على ست مدن. وإلى جانب اللاجئين الفلسطينيين كان يعيش في “مخيم اليرموك” نحو 400 ألف سوري من محافظات عدة، وكان منذ ستينات القرن الماضي يتمتع بخصوصية إدارية مُنِحت له بقرار رسمي بأن تديره “لجنة محلية” بشكل مستقل.
وتسارع التطور العمراني في المخيم في بدايات القرن العشرين وتحسنت الخدمات بشكل ملحوظ فيه، وتم افتتاح العديد من المراكز والمؤسسات الحكومية والأسواق التجارية لدرجة بات منطقة حيوية جدا أكثر من أحياء وسط العاصمة التي استقطب تجارها لفتح فروع لمحالهم التجارية فيه للاستفادة من الكثافة السكانية وجني أكبر قدر ممكن من الأرباح في أسواق باتت الأكبر والأكثر حيوية في العاصمة السورية.
وبعد التوسع الكبير الذي طاله، بات “مخيم اليرموك” يقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول هو “مخيم اليرموك”، ويمتد بين شارعي اليرموك الرئيسي غرباً وفلسطين شرقاً، ومن مدخل المخيم شمالاً وحتى شارع المدارس جنوباً منتصف المخيم، والثاني منطقة “غرب اليرموك” وتمتد من شارع اليرموك الرئيسي شرقاً وحتى شارع الثلاثين غرباً، ومن مدخل المخيم شمالاً وحتى سوق السيارات جنوباً، وأما القسم الثالث فيسمى منطقة “التقدم» وتمتد من سوق السيارات شمالاً وحتى مقبرة الشهداء جنوباً، ومن منطقة دوار فلسطين شرقاً وحتى حدود المخيم المحاذية للحجر الأسود غرباً.
وكان سوق شارع اليرموك الرئيسي للألبسة والأحذية والصاغة والمفروشات والمأكولات الجاهزة من أهم أسواق المخيم، حيث كانت العديد من محاله تفتح على مدار اليوم، بينما يعتبر سوقا شارع لوبية وصفد من أهم أسواق الألبسة الجاهزة، على حين كان سوق الخضار في شارع فلسطين من أكبر أسواق العاصمة ويؤمه الدمشقيون من معظم أحياء العاصمة.
وبمجرد الوصول إلى “مخيم اليرموك”، والدخول في شارع اليرموك الرئيسي من مدخله الشمالي، كان المرء يواجه سيلاً بشرياً تتزاحم أقدامه على الأرصفة لإيجاد مكان لها وتتقدم ببطئ كالسلحفاة، في وقت لا يختلف المشهد في سوقي لوبية وصفد، حيث يبدو الشارعان والمحلات أكثر اكتظاظا، لدرجة أن الكثيرين كانوا يصفون المشهد هناك بـ”يوم الحشر”.
وإن كان سر الإقبال على أسواق “مخيم اليرموك” من قبل الباعة، هو استثمار الاكتظاظ السكاني الكبير فيها، بطرح البضائع بأسعار أقل مما هي عليه في أسواق أخرى وفق أسلوب “ربح أقل وبيع أكثر”، فإن إقبال المواطنين عليها من كل حدب وصوب كان سببه تنوع المعروضات وأناقة المحال والعاملين فيها والأهم من كل ذلك تدني الأسعار عما هي عليه في أسواق وسط العاصمة.
النكبة.
حراك… وحرب
بعد اندلاع الحراك السلمي في عدد من المدن والمناطق السورية منتصف مارس (اذار) 2011 وتحوله إلى حرب طاحنة بعد عدة أشهر، تشكلت في “مخيم اليرموك” الذي يحمل رمزية لحق عودة الفلسطينيين إلى أراضيهم التي هجروا منها عام 1948، مجموعات شبابية ضمت مواطنين سوريين ولاجئين فلسطينيين انحازات إلى الحراك الشعبي، وسط تحذيرات وتهديدات متواصلة أطلقها حينها مسؤولون للأهالي والفصائل الفلسطينية الموالية له من مغبة التعاطف مع ما يسميه “الإرهابيين” في المناطق المجاورة للمخيم وجعله حاضنة لهم، إذ كانت فصائل “الجيش الحر” في ذلك الوقت تسيطر على مناطق محيطة به منها “الحجر الأسود” وبلدتي “يلدا” و“بييلا” القريبة منه من الجهة الجنوبية الشرقية.
وفي منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2012 تمكنت فصائل “الجيش الحر” من السيطرة على المخيم، لتحل في اليوم التالي نكبة بسكانه تجاوزت في مآسيها نكبة عام 1948 ونكسة 1967، عندما أطلقت طائرات النظام ثلاثة صواريخ عليه أصابت إحدها مسجد عبد القادر الحسيني في “المخيم القديم”، حيث قتل وأصيب عشرات المدنيين، ونزح أكثر من 90 في المائة من سكانه.
ومع بقاء الوضع على هو عليه في داخل المخيم من سيطرة لـ“الجيش الحر”، وتمركز عناصر من الجيش النظامي والفصائل الفلسطينية على مدخله الشمالي لمنع تقدم الأول نحو قلب العاصمة وحصول اشتباكات بين الجانبين بين الحين والآخر، ظهرت في الداخل “جبهة النصرة“ التي تحولت فيما بعد إلى “هيئة تحرير الشام”، كما تشكلت فيه فصائل معارضة مسلحة أخرى منها فلسطينية وأخرى سورية – فلسطينية، أبرزها “كتائب أكناف بيت المقدس” و“أحرار جيش التحرير” الذي ضم عناصر منشقين من “جيش التحرير الفلسطيني”.
مفاوضات
لم يبق الوضع على ما هو عليه في “مخيم اليرموك” لفترة طويلة مع تردد أنباء عن مفاوضات تحصل بين بعض الفصائل ودمشق لاستعادة الأخيرة السيطرة عليه، إذ ظهرت صراعات داخلية على النفوذ بين الفصائل المتواجدة فيه، إلى أن هاجم المخيم في ابريل (نيسان) 2015 تنظيم “داعش” الذي كان يسيطر على “الحجر الأسود” وعدد مسلحيه في مناطق سيطرته بجنوب دمشق يصل حينها إلى نحو 2000 مسلح، وتمكن من إقصاء “كتائب أكناف بيت المقدس“ و“أحرار جيش التحرير“ وبقية الفصائل والسيطرة على أغلب مناطق المخيم وحصار “جبهة النصرة” في مربع “المحكمة” غرب اليرموك.
وبعد سيطرة داعش لم يحصل تطورات لافتة على مدخل المخيم الشمالي، حيث ظلت عناصر الجيش النظامي والفصائل الفلسطينية متمركز في مواقعها لمنع تقدم الأول نحو قلب العاصمة، مع حصول اشتباكات بين الجانبين كل فترة، حتى منتصف 2016 حين ابرمت دمشق اتفاقا مع “النصرة” للخروج من مربعها غرب اليرموك إلى إدلب، بينما بقي تنظيم داعش في داخل المخيم.
وفي مايو (أيار) 2018، ترددت بقوة أنباء عن توصل دمشق وداعش إلى اتفاق يقضي بخروج الأخير إلى البادية شرق سوريا، وفعلا حضرت عشرات الحافلات الكبيرة إلى مدخل المخيم لنقل مسلحي التنظيم من دون السماح للمدنيين أو الصحافيين التواجد في مدخل المخيم لتصوير عملية الخروج على غرار ما حصل أثناء خروج “جهة النصرة”.
لكن الأهالي والمتابعين لتطورات الأوضاع في المخيم، تفاجئوا في مساء اليوم نفسه الذي حضرت فيه الحافلات لنقل مسلحي “داعش”، بشن الجيش الحكومي وفصائل فلسطينية موالية له عملية عسكرية جوية وبرية عنيفة في المخيم “لتحريره” بعد فشل تنفيذ الاتفاق، وذلك بحسب ما ذكرت وسائل إعلام محلية وفصائل فلسطينية موالية لدمشق.
وقد أنهت العملية سيطرة “داعش” على المنطقة، وتسببت بحجم دمار في المخيم يتجاوز نسبة 60 في المائة من الأبنية والمؤسسات والأسواق والبنى التحتية، بينما النسبة المتبقية تحتاج إلى ترميم كبير يكلف مبالغ مالية باهظة للغاية. وتحدثت لـ“صالون سوريا” مصادر أهلية ممن فضلت البقاء في داخل المخيم أثناء سيطرة فصائل المعارضة المسلحة وتنظيمي “هيئة تحرير الشام” و“داعش” (تُعدّ على أصابع اليد) لتدفع عن نفسها مأساة التشرد والنزوح والغلاء، وحضرت العملية العسكرية للجيش النظامي وحلفائه، أن “معظم الدمار الذي حصل في المخيم حدث أثناء العملية العسكرية الأخيرة”.
مخطط
مفاجأة
ومع بقاء “مخيم اليرموك” لعدة أشهر بعد استعادة دمشق السيطرة عليه غارقاً في الدمار، وعدم ظهور مؤشرات على إعادة إعماره وعودة سكانه، كان مفاجئا إصدار مجلس الوزراء السوري في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 قرارا يقضي بأن تحل محافظة دمشق محل “اللجنة المحلية” لمخيم اليرموك بما لها من حقوق وعليها من واجبات، وأن يوضع العاملون في اللجنة القائمون على رأس عملهم تحت تصرّف المحافظة، الأمر الذي أثار مخاوف لدى النازحين من نيات مبيتة حول مصير المنطقة.
وتعززت مخاوف النازحين مع كشف محافظة دمشق في مارس ( اذار) 2020 عن مخطط تنظيمي جديد لـ“مخيم اليرموك” من شأنه تغيير الواقع العمراني والديموغرافي للمخيم بعدما دمرت الحرب أجزاء واسعة منه وشردت سكانه بين نازحين في الداخل السوري ولاجئين في دول الجوار وبلدان غربية، وذلك رغم أن هناك مخطط تنظمي خاص به تم وضعه منذ العام 2004.
وحينها بات نازحو المخيم القاطنين في مناطق محيطة بدمشق ينعون في جلساتهم الخاصة المخيم الذي بنوه حجراً على حجر، خلال عقود من الزمن، في حال تنفيذ المخطط الجديد، بينما شن نشطاء منه هجوما عنيفا على محافظة دمشق، واعتبروا أن ما يجري بالنسبة للمخيم ليس مجرد عملية تنظيم، أو إعادة إعمار ما تدمر بقدر ما هو مرتبط بالوضع السياسي العام في المنطقة والعالم، في إشارة إلى التناحر الدولي الكبير الحاصل في سوريا، وحذروا من أنه قد لا يعود كأكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في سوريا، ورمز لـحق العودة إلى أراضيهم في فلسطين.
وعود
وعلى إثر ذلك تراجعت محافظة دمشق عن المخطط التنظيمي الجديد بعد رفضه من أغلبية كبيرة من النازحين، وأعلنت في بداية أكتوبر (تشرين الأول) 2020 عن قرار بإعادة أهالٍ إلى منازلهم، ووضعت 3 شروط لعودتهم؛ هي: “أن يكون البناء سليماً»، و“إثبات المالك ملكية المنزل العائد إليه”، و“حصول المالكين على الموافقات اللازمة للعودة إلى منازلهم”.
وبدأت المحافظة بعد ذلك في الشهر نفسه، تسجيل أسماء الراغبين بالعودة إلى المخيم، وتم منح بضعة مئات “موافقات أمنية” للعودة من أصل عدة آلاف تقدموا بطلبات، علما أن هناك 200 – 300 عائلة فقط تعيش في داخله، ومعظمها عائلات عناصر فصائل فلسطينية، وذلك وسط انعدام مطلق للخدمات والبنى التحتية. وخلال زيارات عديدة قام بها مسؤولون من المحافظة للمنطقة أكدوا أنها ستقوم بإزالة الأنقاض والركام وتأمين البنى التحتية وإعادة الخدمات للمنطقة.
وفي حين تم فتح الطرقات الرئيسية (شارع اليرموك، شارع فلسطين، شارع الثلاثين) على نفقة منظمة التحرير الفلسطينية، تفاجئ نازحو المخيم، بأن عملية إزالة الأنقاض والركام التي تقوم بها المحافظة من الطرقات الفرعية والجادات تقوم بها آلية أو آليتان، وفي أحسن الأحوال ثلاثة، بينما لم يتم البدء بإعادة الخدمات الأساسية، ووصفوا حينها عمل المحافظة بـ“المخزي”، والذي ترافق مع عمليات نهب وتعفيش كثيفة ومتواصلة، ومشاهدة شاحنات كبيرة تخرج وبشكل شبه يومي من مدخل المخيم الشمالي وهي محملة بالمواد المسروقة من حديد البناء المستعمل، وواجهات المحلات التجارية، وكذلك بقايا ما تبقى في المنازل من سيراميك وبلاط ورخام وأبواب خشب وحديد وأثاث منزلي، وسط حالة من التحسر تبدو على النازحين الذين يعانون الأمرين من ارتفاع إيجارات المنازل والأسعار وصعوبة الحياة المعيشية.
مطالب… وركام
ووسط تصاعد مطالبات الأهالي للحكومة بالإسراع في إزالة الأنقاض والركام وفتح الطرق وإعادة الخدمات، التقى وفد من “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة”، برئاسة أمينها العام طلال ناجي الرئيس السوري بشار الأسد في بداية سبتمبر (أيلول) الماضي، وكشف الأول عن قرار للثاني بتسهيل عودة الأهالي إلى “مخيم اليرموك” بدءا من يوم 10 الشهر نفسه “دون قيد أو شرط”.
وذكر ناجي، أن القرار وجه الجهات المختصة السورية وبالتعاون مع الأهالي لإزالة الركام والردم من البيوت، تمهيداً لدخول آليات محافظة دمشق لإزالة الركام وتنظيف الشوارع الفرعية والحارات الداخلية، واستكمال مد شبكات المياه والكهرباء والهاتف، استعداداً لعودة الأهالي واستقرارهم في المخيم. وأشار إلى أن إزالة الركام ستتم بالتنسيق بين محافظة مدينة دمشق والفصائل الفلسطينية وسفارة دولة فلسطين، فيما تم تحديد الفترة الممتدة من 10 سبتمبر (أيلول) الماضي وحتى الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لإزالة الأنقاض من المنازل.
وأوضح، أن الأسد وجه الأمانة العامة السورية للتنمية بتوفير البيئة المناسبة لفتح بعض المحلات التجارية (سمانة، بيع الخضراوات والفواكه… إلخ)، ومساعدة أصحاب المحلات مادياً للقيام بتخديم المخيم.
وبينما تجري حاليا بوتيرة عالية عملية إزالة الأنقاض الردم وفتح الطرقات على نفقة “منظمة التحرير الفلسطينية”، بحسب مصادر عليمة تحدثت لـ”صالون سوريا”، وتشاهد بشكل يومي عشرات الشاحنات الكبيرة المحملة بالأنقاض والردم وهي تخرج من المخيم، تظهر على وجوه بعض المتوافدين إليه من النازحين ملامح الفرح، إلا أنهم يشكون من عدم تسهيل عودتهم إلى منازلهم، رغم صدور قرار رئاسي بتسهيلها “دون قيد أو شرط“، في إشارة إلى التدقيق الكبير في البطاقات الشخصية للراغبين بالدخول من قبل الحاجز الأمني في المدخل الشمالي، وعدم إلغاء شرط “الموافقة الأمنية“ للعودة، وأن الموافقات التي يحصلون عليها حاليا وبشق النفس هي “فقط لإزالة الركام من المنازل، ومن يدخل في الصباح يجب عليه الخروج مساء“.
عجوز في العقد السابع من العمر وهو يسير بخطى متثاقلة في شارع اليرموك الرئيسي باتجاه منزله لتفقده، رد بلهجة شعبية فلسطينية على سؤال لـ“صالون سوريا“، إن كان عاد إلى منزله، بالمثل العامي الشهير “لا تقول فول ليصير بالعدول“، في إشارة إلى استمرار المماطلة في إعادة الناس وعرقلتها، ويضيف: “شبعنا وعود وما رجعنا، وبعدنا عايشين على أمل الرجعة”.
وبكلمات عامية تحمل الكثير من المعاني السياسية يختم العجوز الذي يبدو من كلماته أنه مثقف وواعي لما يحصل حديثه بالقول: “خيا، يمكن أنا وأمثالي نرجع، بس الأكيد رح نموت وما ترجع أهالي اليرموك تلتم متل أول. رح نموت وتموت اجيال ورانا وما يرجع المخيم متل ما كان. وسلامة فهمك. نقطة انتهى”.
Since 2011, media has played a significant role in the Syrian conflict, which started as a peaceful uprising, then escalated into a violent civil war resulting in the largest refugee and displacement crisis in the world. Mass media played a negative role, acting as a driver of the Syrian conflict by inciting violence, hate speech, and sectarianism. In this article, I focus on successful alternative media interventions that challenge the violent, stereotypical discourse dominant in mass media. As part of a larger research project, I examine, as a case study, the discourse surrounding the Syrian television drama series Ghadan Naltaqi (GN) [We’ll MeetTomorrow] which generated an exemplary dialogue between the forcibly displaced segment of its audience and the writer/creator of the show, Iyad Abou Chamat. I consider GN as an alternative media intervention because it provides a case where media creators help displaced people both to mitigate the traumatic effects of a highly polarising conflict, and to find a healing space from violent and alienating dominant media discourses.
The context of Syrian media
Before the war, Syrian media was known for its successes in regard to the Syrian drama industry, and for its failure in term of news and public affairs programming (Kraidy, 2006). However, this has changed rapidly with the emergence, since 2011, of new, alternative online spaces reporting new political perspectives (Wall and El Zahed, 2015). Regardless of these new spaces, it is widely argued that the media interventions that addressed general Syrian audiences from different political opinions were rare throughout the years of the war. Syrian TV dramas were the best medium to expose structural inequalities and the corruption of the ruling social and economic elites (Salamandra, 2011). After the war, several new challenges would face the Syrian media sector, including the television drama industry. Challenges, such as the departure of the most qualified drama makers from Syria and the severe decrease in production budgets of drama serials inside the country have negatively affected the quality of the final products, resulting in many drama series that escape from reality through the genre of soap opera. And yet, the cultural production environment of Syrian drama after the “Arab Spring” and the Syrian war has new, positive margins supporting drama that explicitly tackles the current political events in Syria and the Arab region. A representative example is Ghadan Naltaqi (GN) which ran during Ramadan in the summer of 2015. It is particularly interesting because it provides a case where Syrian TV audiences used Facebook as a space to engage with the producer of the show that undertook representation of displaced Syrians experiences.
Production and broadcast of Ghadan Naltaqi (GN)
Ghadan Naltaqi (GN) focuses on the daily lived experiences of a group of displaced Syrians who rent separate rooms in one modest building in Lebanon. The group is composed of individuals coming from different social positions in pre-war Syria, and represent diverse political views vis-à-vis the conflict. The show depicts many of the political, economic and cultural challenges that face Syrian refugees who live in neighbouring countries such as Lebanon. The series received positive reviews from Arab critics and audiences, and it was awarded the 2015 Best Comprehensive Drama series of the Year – shared with The Godfather-East Club – by the Television and Radio Mondiale in Egypt (Alaraby Aljadid 2015).
The show also generated controversy over gender-related themes and scenes around sexuality and virginity, which resulted in the decision of Arab TV stations such as Abu Dhabi Al Emarat TV to delete such scenes from broadcast because they did not fit with their censorship standards. However, an uncensored version of the series in high definition, was uploaded by the series production company ‘Clacket Media Productions,’ and is available on YouTube free of charge. The availability of GN on YouTube provided broader access to Syrian audiences around the world who had no other way to watch the series.
Censoring the content that tackles sexuality from the series angered some Syrian critics (such as Brksiah, 2015) because that omits new experiences of personal freedom many refugees encounter once they move out of their traditional, conservative communities inside Syria. Indeed, one of GN contributions – to the representation of gender issues in Arab media – is showing the agency of refugee women and the new margins of freedom that displacement offers for women to explore newfound bodily pleasures.
Audiences experiences and communication needs
As a coping mechanism with displacement, watching Syrian TV drama serials provided Syrian audiences with ways to connect with family, friends, and other displaced Syrians all over the world. From pre-war life in Syria, the ritual of watching TV drama serials during Ramadan–with the rest of the family members–was a common family tradition that constructed shared memories between Syrians. Separated by borders and racist politics since 2011, watching Ramadan TV serials and discussing them online with family members, friends, and other diasporic Syrians became a continuation of that nostalgic tradition.
To explore Syrian audiences’ experiences with media texts that tackles the war and the refugee crisis, I interviewed the writer/creator of GN Iyad Abou Chamat and 25 members of his audience who friended him on Facebook after GN aired. Some of these interviewees reside inside Syria and others live in countries like Germany, Turkey, Saudi Arabia, France, Dubai, Morocco, and the United States. The particularity of the Syrian war-related topic in GN and its applicability to both the creator of the series, as well as to audiences’ lived experiences evoked a significant level of online participation with Chamat. He assured me that the series was inspired in many ways by his real-world experience. In 2012, he fled Syria, due to the ongoing war, to Lebanon. Then he travelled to France, a country where, in 1996, he had received post-graduate training in scenography after he graduated from the Higher Institute for Dramatic Arts in Damascus, Syria.
GN fulfilled Syrian audiences’ communication needs to be represented in the media in a way that resembles the reality of the war and its complexity. For instance, Reem (female, resides inside Syria) said: ‘The series, for me, is my voice, my opinion, my ideas. It is everything that is going on in my head and my heart about what is happening in Syria. The series described what is happening in a very professional and honest way.’ Additionally, Syrian audiences who engaged with GN and its writer/creator identified with the represented experiences of the series’ characters. Most interviewees identified with the whole represented lived experiences of the series’ characters and preferred not to name any particular character as the one that they identify with the most. However, several interviewees named Jaber as the character that they identify with the most. The reason is because Jaber (regardless of his political positions as supporter of the Syrian regime) is the character that deals the most with the challenges of displacement and transferring from a middle-class lifestyle in Syria to an impoverished lifestyle in Lebanon. Unlike his brother Mahmood, who is a poet, and Wardeh, who continues her on-demand job in bathing the deceased, Jaber came to Lebanon after he lost everything in the war including his small shop. Thus, Jaber’s storyline focuses on his search for any job while he finds a way to emigrate to Europe. The following comment explains the reason behind some participant audiences’ identification with Jaber: “Ghadan Naltaqi represented the suffering of every Syrian inside and outside the country. I saw myself in the suffering of Jaber while he was searching for a job, while he was wandering the street selling CDs in order to live with dignity not needing anyone.” (Ibrahim, male, resides in undisclosed place outside Syria).
Syrian audiences used Facebook as a platform for pedagogical exchange with TV drama creators. Like in live theater where, after the performance, audiences may be able to approach the cast to inquire about certain scenes and storylines, after each episode GN’s audiences were able to communicate with Chamat to praise, critique or clarify some aspects of the series’ narratives. GN audiences’ online participation with Chamat is also motivated by recognising and admiring Chamat’s political intervention and reading of the Syrian conflict through the text’s symbolism. Joubin (2013) argues that Syrian drama creators use metaphors of love, marriage, and gender (de)constructions indirectly to challenge and explore larger issues of political critique, nationalism, government oppression, and corruption. My research supports Joubin’s argument.
Chamat confirmed that the main storyline in his series – about the love triangle between Wardeh and two brothers Jaber and Mahmood (who reside next to Wardeh’s room in the same Lebanese school building that was turned into a refugee location for Syrians who rent separate rooms) – is a metaphor of the Syrian war. Wardeh is a symbol of Syria, Jaber is a symbol of the Syrian regime, and Mahmood is a symbol of the Syrian opposition. Chamat clarified this point: ‘…this symbolism was explicit and implicit. The audience figured out quickly this symbolism and they dealt with Wardeh in a real way as if she was Syria.’ Chamat admits to having a larger pedagogical message in his series: ‘Today there is a complete political failure in tackling the Syrian war; therefore, I depend on art to speak to Syrian people’s consciences. Art is very important when politics fail.’ Several audience members explain this symbolism by referring to a scene from Episode 26 where Jaber and Mahmood fought in Wardeh’s room over who loves her and deserves her more, which accidentally causes the burning of the room. Batoul (female, resides inside Syria) said: ‘the most amazing scene was the fire scene in Wardeh’s room because this scene summarised the years of the Syrian crisis. The two brothers burnt the room of the girl who they both loved.’
Salamandra (2011) notes that Syrian drama creators, before the current war, were known for confronting audiences with the consequences of corruption and neoliberal policies by using ‘stark social realism’ (285). After the war, GN symbolises, for Syrian audiences, a continuity of this respected tradition of Syrian art and culture that reflects and critiques the power structures of their society. Zeno (2017) demonstrates that refugees’ experiences are dominated by feelings of loss and humiliation; thus, it is important for them to find cultural references that invoke a sense of dignity and pride to cope with their displacement. Based on that, GN served as a source of national pride motivating audiences to participate online and engage with Chamat and his show. Interviewees reported feeling national pride because of the series’ success in globally representing the experiences and stories of real-world people like them who suffer from and survive through the Syrian war.
In sum, GN functioned as an entertainment intervention that provided displaced Syrians with scripts to interpret their nostalgic past in Syria, their painful present in the diaspora, and their hopeful future that contains newfound freedom. Interviewees’ perspectives show that the main intervention of drama serials like GN is complicating news media narratives about the Syrian conflict by representing diverse, complex characters and storylines that resemble the lived experiences of audiences in contrast to the news media that is either ideological or stereotypical or both (Alhayek, 2014). One particular strategy that GN’s team used was to choose famous actors who are known for supporting or opposing the Syrian government and assign them opposite political positions in the show. Syrian audiences saw and appreciated this strategy as an intervention to encourage audiences to listen to the opposite political views from their own and to acknowledge that no political side is solely responsible for the destruction of Syria.
Bassam Haddad interviews Omar Dahi and Rabie Nasser about the recently released report: “Conflict Economies in Syria: Roots, Dynamics, and Pathways for Change.” Omar Dahi, the lead author of the paper which was prepared for the Syrian Center for Policy Research (SCPR), summarizes its contents and findings. Rabie Nasser, Co-Founder of SCPR, address the context within which the report emerged, both analytically and institutionally. The interview was conducted on 9 July 2020.
The paper is part of a series on Development Policy Dialogue initiative and can be downloaded in full on SCPR’s website here, both in English and Arabic.
Omar S. Dahi is a co-editor of Jadaliyya and an associate professor of economics at Hampshire College and co-director of the Peacebuilding and State building program and research associate at the Political Economy Research Institute, University of Massachusetts Amherst. His research interests are in the political economy of development in the Middle East, South-South relations, comparative regionalism, peace and conflict studies, and critical security studies. He has published in academic outlets such as the Journal of Development Economics, Applied Economics, Southern Economic Journal, Political Geography, Middle East Report,Forced Migration Review, andCritical Studies on Security. His last book South-South Trade and Finance in the 21st Century: Rise of the South or a Second Great Divergence (co-authored with Firat Demir) explores the ambiguous developmental impact of the new economic linkages among countries of the global South. He has served on the editorial collective of Middle East Report and is a co-founder and co-director of the Beirut School for Critical Security Studies working group at the Arab Council for the Social Sciences (ACSS). Dahi is also the founder and director of theSecurity in Contextinitiative.
Rabie Nasser is a co-founder of the Syrian Center for Policy Research (SCPR), working as researcher in macroeconomic policies, inclusive growth, poverty, and conflict dynamics. He obtained a B.A. in Economics from Damascus University in 1999. He has a MSc in Economics from Leicester University, UK. Before joining SCPR, Nasser worked for the State Planning Commission as Chief Economist and Director General of Macroeconomic Management Directorate. Afterwards, he worked as an Economic Researcher at the Arab Planning Institute in Kuwait. He then moved on to work as a senior researcher for the Syrian Development Research Center that conducts studies, evaluations, and applied research.
This video is part of the Commonsense on Syria series providing the opportunity for a broad audience to engage with incisive analysis and important perspectives about Syria and U.S. “regime-change” wars. This session, featuring Jadaliyya co-editor Omar Dahi and Tima Kurdi, author of The Boy on the Beach: My Family’s Escape from Syria and Our Hope for a New Home, discusses internally and externally displaced Syrians.
[This article was originally published by Jadaliyya on 10 July, 2020.]