وهم خفض الدولار إلى ٢٠٠ ليرة

وهم خفض الدولار إلى ٢٠٠ ليرة

أكد حاكم مصرف سوريا المركزي، دريد درغام، أن المركزي قادر على خفض سعر صرف العملة الأمريكية لتصل إلى ٢٠٠ ليرة، وذلك من نحو ٤٥٠ ليرة للدولار حاليًا في الأسواق، وذلك خلال حديثه لأعضاء غرفة تجارة حلب، بحسب ما تناقلته العديد من المواقع المحسوبة على النظام، منها بزنس تو بزنس سورية، لاحقاً فسر درغام سبب عدم التخفيض بقوله  “لن أسمح لهؤلاء بمضاعفة القوة المالية الضاربة لديهم مرتين، ومهما كبر عددهم أم صغر، ولا يجوز لأغنياء الحرب الذين بات يملك أحدهم ١٠٠ مليون ليرة أن أمنحه هدية ١٠٠ مليون ليرة أخرى بقرار منّا.”

إذًا يحاول حاكم مصرف سوريا المركزي مكافحة الفساد بالآلة العسكرية، التي سبق لها وأن ابتزّت ونهبت جسد الدولة بالسياسات النقدية، متجاوزًا دور بقية المؤسسات المعنيّة بأمر أمراء الحرب؛ لكن هل يستطيع حقًّا درغام تخفيض الدولار إلى ٢٠٠ ليرة؟ للإجابة عن هذا السؤال سوف نناقش الأمر من وجهة نظر نقدية واقتصادية بحتة.

تكلفة تخفيض سعر الدولار إلى ٢٠٠ ليرة

بحسب المسح النقدي المنشور على موقع البنك المركزي لعام ٢٠١١، فإنّ نسب النقد المصدّر – أي المستخدم في التداول بين الناس- تقدّر بـ ٦٦٤ مليار ليرة، وحملة النقود هؤلاء سوف يعمدون إلى تحويل جزء من السيولة إلى دولار للادّخار، معتمدين على ذات السلوك قبل عام ٢٠١١،  تاركين باقي السيولة لقضاء الحاجات اليومية والعمل. سنعتمد على رقم الادّخار بالدولار ببيّنة قريبة من البنك المركزي؛ كونه أكثر من يجيد تحديد النسب بين العملة الوطنية والأجنبية، ففي ذات الإحصائية قدّر الاحتياطي من العملة الأجنبية (م٢) والتي تعني النقد والودائع تحت الطلب (م١)، إضافة إلى ودائع لأجَلْ بـ ٢٧.٦%، أي ٦٦٤ مليارًا. *٢٧.٦%=١٨٣ مليار دولار إذا هو الهدف الذي يسعى حاملو النقود للوصول إليه، وبما أنّ سعر الدولار ٢٠٠ ليرة حسب المركزي؛ فإنّ الناتج ٣.٣٢٠ مليارًا، أي ثلاثة مليارات وثلاثمئة وعشرون مليون دولار، والمركزي حسب آخر إحصائيات البنك الدولي لديه ٧٠٠ مليون، وهي تغطّي فقط دورة نقدية تُقدَّر بثلاثة أشهر، ولو أضفنا إليها مليار دولار حجم الائتمان الإيراني، متجاهلين أنّ هذا الائتمان ليس سيولةً نقدية، هذا يقود لاستنتاج أن المركزي لن يستطيع تغطية الهدف الذي يريد الوصول إليه.

التسعير الاسمي

هناك من يعتقد أنّ المركزي كونه جزءاً من النظام، وكون أحد أساليب تسعير الدولار في سورية – في ظل حكم الأسد- تتم من خلال قوة الدولة، أي بفرض تسعيرة إدارية، فإنّه سوف يلجأ إليها، لكن هذا الأمر غير ممكن الآن؛ لعدة أسباب:

١- المعابر الحدودية خارج سيطرة النظام؛ وبالتالي فإنّ إحكام القبضة على التجارة -التي هي أهمّ مستهلك للدولار- يقبع خارج سيطرة النظام.

٢- توقّف الصناعة والزراعة، وهما اللتان تُنتِجان الدولار؛ وبالتالي لايمكن للمركزي تعويض أيّ دولار ينفقه في السوق، لتخفيض سعره.

٣- ضريبة الانتصار، فمع سيطرة النظام على مناطق المعارضة، ستتوقَّف تلك الجزر التي كانت تتلقى مساعدات مالية دولية ضخمة؛ للبقاء على قيد الحياة، والتي كانت مورد المركزي الرئيس للدولار، وخاصة أنّ جزر المعارضة كانت مضطرة للتعامل مع النظام لأجل تأمين المواد الغذائية التي كانت تُباع بأراقام خرافية، والتي كانت في النهاية تصبُّ في البنك المركزي. أي أنّ خيار التسعير الإداري في هذه الظروف غير فعّال في تسعير الدولار.

التحويلات الخارجية

تقدر التحويلات الخارجية بِـ ٦.٥مليون دولار يوميًّا، أيْ ٢.٣٧ مليار دولار سنويًّا، وهذا الرقم يساعد في الوصول إلى الهدف، لكن إذا تمعَّنّا في تركيبة الدول التي تُحوَّل منها النقود إلى سورية نجد أنّها مناوئة لنظام “الأسد”، وأنّها وضعت قيودًا كثيرة على التحويلات، وخاصة بعد سقوط مناطق المعارضة. وهذه الدول تُجرِّم التعامل مع النظام؛ بسبب العقوبات الاقتصادية، كما أنّ الكثير من السكان الذي يتلقّون المساعدت قد انتقلوا إلى مناطق خارج سيطرة النظام، وهذه المناطق بدأت تجرِّم التعامل مع النظام، كما حدث في إدلب، وريف حماة، من منع إدخال المواد التجارية من مناطق النظام -حسب المنشور الصادر من حكومة المؤقتة للمعارضة- وبالتالي فإنّ هذا الخيار يتوجب إعادة تقييمه كمساهم لتخفيض سعر الدولار؛ لعدم القدرة على تنفيذه على أرض الواقع.

إشكاليات التسعير

فرضياً، إذا نجح النظام في تسعير الدولار بِـ ٢٠٠ ليرة إداريًّا؛ لتلافي دفعه ٣.٣٢٠ مليار دولار التي تكلمنا عنها آنفًا، فإنّ هذا يعني إعادة تسعير جميع المنتجات على أساس سعر الدولار الجديد، وهنا تكون الخسارة الأولى، أما الخسارة الثانية هي أنّ التجّار بحاجة دولار تعويضي لشراء السلع، تعويضًا على ما تم بيعه، إضافة إلى زيادة الطلب مع تحسُّن مستوى الدولار.

ولو افترضنا أنّ نسبة ارتفاع الطلب تقابل نصف نسبة التحسُّن في سعر الدولار، فإنّنا نتكلم عن مليار دولار، وهي في معظمها غير مستردة؛ لعدم وجود تصدير من ناحية، وبسبب إنهاء تواجد جزر المعارضة وصعوبات التحويل من ناحية ثانية، وهنا سيبدأ التضخم المتوحش الذي سيلتهم ما تبقى من الاقتصاد السوري؛ بسبب التحسًّن بالليرة السورية بشكلٍ كبير، ودفعة واحدة.

كما أنّ هناك مشكلة أخرى تكمن في الموازنة العامة للدولة – بشقّيها: الإنفاقي، والاستثماري- فإنّ تحسُّن الليرة السورية يجعلها ملزمة بإنفاق الموازنة كلها، مما يعني طلب مزيد من الدولارات؛ كون كل شي في سورية الآن مستورداً، وخاصة الإنفاق الاستثماريّ. وبما أنّنا نتكلم عن الإنفاق الاستثماري فإنّ تحسُّن سعر صرف الليرة سيدفع الناس إلى الاستثمار في العقارات، والبنيان الذي يشهد ارتفاعًا، أو افتتاح مشاريع تجارية، وصناعية، وكلّها تحتاج إلى دولارات كثيرة قبل الإنتاج، فهل المركزي يملك تلك الدولارات؟!

الأسد يشتري الليرة السورية

فيما لو أنّ الأسد ورجالاته الاقتصاديين هم من طرحوا سعر صرف الدولار وفق خطّة أمنية لا تسمح للمواطن بالادّخار، فإن المشكلة تبقى في سعر السلع؛ لأنّه ليس من المعقول أن ينخفض سعر الدولار في السوق بينما تُسعَّر البضائع والمواد على أساس السعر قبل التخفيض!

حتّى الذهب، سينعكس عليه هذا الأمر، وينخفض سعره؛ كونه مقيَّماً بالدولار؛ وبالتالي سيزيد الطلب عليه، ونحن لا ننسى أنّ الناس في مناطق المعارضة تملك كمية ضخمة من الأموال، وأنّها سوف تتجه إلى الذهب، والعقارات.

كل هذه العوامل توصلنا في النتيجة إلى أن طرح دريد ضرغام ليس واقعيًّا، على العكس، إن له  أثرًا تدميريًّا؛ فهو يُفقِد الثقة في مؤسسة تُعتبر أحد المعايير التي يلجأ إليها المستثمرون لتقييم عملية إعادة إعمار سورية. وهو يحاول الإيحاء للتجار أنّ البنك المركزي يملك احتياطياً كبيراً، يملك حرية التصرف فيه، معيدًا سيرة فساده السابق في المصرف التجاري، وقضية تمويل معامل الخيط وغيره لشركاته على حساب تجّار آخرين.

طباعة عملة سورية جديدة: الجدل والتحديّات

طباعة عملة سورية جديدة: الجدل والتحديّات

خرجت تسريبات كثيرة حول نية الحكومة السورية طباعة عملة جديدة تلبيةً لمتطلبات السوق، رغم ما يعانيه هذا السوق من تضخم ركودي كبير غير مصرح عن حجمه بأرقام حقيقية.

فحسب صحيفة الوطن (9 أيار 2018)  فقد تم إعداد مشروع قانون أحيل إلى مجلس الشعب ويسمح بإصدار أوراق نقدية من فئة الليرة وحتى خمسة آلاف ليرة سورية، في حين صرّحت مصادر وزارية عن اقتراب طرح مسكوكات معدنية من فئة الـ 50 ليرة وكان د. دريد ضرغام، حاكم مصرف سورية المركزي، قد صرح سابقاً على صفحته الشخصية على الفيس بوك حول دراسة سيناريوهات سك وتصنيع قطعة معدنية من فئة خمسين ليرة.

ويقدم أنصار طرح فئة الخمسة آلاف والخمسين ليرة تحليلاته الخاصة حول أهمية وجهة نظره النقدية والاقتصادية، لذا كان من المهم تسليط الضوء على وجهة النظر الإقتصادية حول قدرة الحكومة على طباعة أو صك أيٍّ من هذه الفئات النقدية وماهي السيناريوهات المتوفرة للنظام السوري.

العملة من فئة 5000 هي عملة تم التخطيط لطباعتها منذ منتصف 2008 عندما كان د. أديب ميالة حاكما للمصرف المركزي مدفوعاً من سياسات التخطيط الاقتصادية-الاستراتيجية للدولة بهدف إيجاد دولارٍ محلي يجعل من أي مستثمرٍ يرغب بدخول السوق السورية الواعدة  قبل اندلاع الانتفاضة السورية والحرب التي تلتها، وذلك من خلال تحويل مبالغ الاستثمار من العملات الاجنبية إلى الفئة الجديدة والتي كانت قيمتها آنذاك تعادل فئة 100 دولار مستفيدين من قانون منع التعامل بالعملات الأجنبية.

لكن نتيجةً لاندلاع الثورة وإحجام المطابع الأوروبية (النمسا) عن طباعة الفئات النقدية الورقية السورية، لجأ مصرف سورية المركزي عام 2012 إلى المطابع الروسية التي قامت بطباعة الكمية التي تحتاجها الحكومة السورية لتلبية سوق الصرف والتي تمّ ضخها على مراحل حسب ما تقتضيه ضرورات تمويل آلة الحرب. فقد كان المصرف المركزي يتحكم بسوق الصرف بعيداً عن دوره المهني النقدي وذلك  لتوفير الأوراق النقدية اللازمة لدفع رواتب الموظفين في مؤسسات الدولة والذين سيق جزءٌ كبيرٌ منهم الى خدمة العلم، بالإضافة إلى دفع رواتب المنخرطين في ميليشيات جيش الدفاع الوطني، وتلبية احتياجات السوق بالسيولة المالية دون أن ننسى أنّ هذه الدور كان يمثل أحد الجوانب الاقتصادية للحرب على معارضي النظام السوري.

لكن بعد التدخل الروسي المباشر بالملف السوري بكل قضاياه منذ العام 2015، عزفت المطابع الروسية عن تلبية احتياجات البنك المركزي السوري وخاصةً مع انتهاء مناطق خفض التصعيد التي كانت قبلة التدفقات النقدية من العملات الأجنبية عن طريق الإغاثات الدولية، الأمر الذي أجبر المصرف المركزي بالتلويح للشارع التجاري عبر وسائل الإعلام عن نيته إصدار فئة الـ 5000  تلافياً لأزمة السيولة التي بدأت تتعمق في السوق معتمداً على المخزون القديم المطبوع.

فمع خروج الآلاف من المهجرين من مناطقهم مصطحبين معهم أموالهم التي أفقد السوق جزءاً كبيراً من السيولة النقدية، إضافة إلى صعوبة التبادلات التجارية بين المناطق الخاضعة لسيطرة النظام والمعارضة بسبب نقاط المراقبة الدولية، الأمر الذي جعل السيولة النقدية في موقفٍ حرج، ذلك لأن النظام يحتاج لأموالٍ تلبي النفقات الجارية من رواتب وأجور وسلع وبات مضطراً للعمل على خفض الأسعار كضريبةٍ لإعلان الإنتصار أمام المؤيدين المنهكين من الحرب والغلاء. وكل ذلك يتم بالتوازي مع منع التعامل بالدولار داخلياً ومترافقاً مع إصدار تشريعات إعادة الإعمار التي بدأت تصدر بشكل مراسيم وهو ما يعني الحاجة الى سيولة مضاعفة، مما دفع النظام الى محاولة تسريب مشروعه القديم للأفق.

لكن الوضع اليوم قد تغير فالـ 5000 ليرة لم تعد تساوي 100 $ محلياً، وهي غير مقنعة للمستثمرين كما أن حجم الإصدار من هذه الفئة محدود ويعتمد على الكمية المطبوعة عام 2012 مما يجعل أثرها على السوق إعلامياً لا أكثر وسيقود نتيجةً لمحدوديته الى العرقلة التجارية ثم  الضغط على السلع.

إضافة إلى ما سبق فإن ترويج هذه الفئة سيكون عبر رواتب الموظفين  التي سيشكل 6 أوراق من فئة الـ 5000 ليرة راتب موظفٍ بالمتوسط، وبالتالي فإنّ وجود هذه الفئة مع نقص السيولة المطبوعة بالسوق يجعل هذا المواطن يشتري سلعاً لا يحتاجها بسبب عدم وجود الفكة مما يعني طلباً على السلع الاساسية ذات قابلية التخزين، ومع زيادة الطلب وصعوبة الاستيراد نتيجة العقوبات الدولية من جهة وانخفاض الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي من جهةٍ أخرى فإنّ ذلك كله سيتسبب بتفاقم التضخم الركودي.

وعلى ضوء ما سبق، نجد أن نشر هذه الفئة لن يكون له أي تأثير على السيولة النقدية إنما ستعمل بشكل معاكس من خلال الضغط على السلع مدفوعاً بالجانب النفسي مما يقود الى ارتفاعها واحتكارها.

أما الداعين لطباعة الفئات النقدية الصغيرة فهم يرون أنّ استخدام فئة الـ 5000 ليرة هو تعميق للمشكلة ويساهم في تفاقمها. فكان خيارهم هو الصك النقدي من فئة 50 ليرة والسبب في ذلك كونها معدنية فإنها لا تحتاج الى إجراءات أمان عالية وتكلفة طباعتها أرخص بالمقارنة مع العملة الورقية، وهي ممكنة حسب جريدة الوحدة الصادرة 4 حزيران 2018، في كل من الصين والهند وكوريا الديمقراطية لكنها ستعتمد على خليط معدني من الحديد والألمنيوم.

ومن وجهة نظر اقتصادية لهذه الفئة من العملة السورية مساوئ عدة نذكر منها:

  1. الوزن الثقيل للفئة الواحدة بسبب استخدام الحديد والمنيوم، مما سيجعل الأفراد غير راغبين باستخدامها في تعاملاتهم اليومية.

  2. قابلة للتآكل والتشوه نتيجة الإحتكاك وتعرضها للمؤثرات الجوية كالماء والهواء والتعرق وذلك بسبب استخدام الألمنيوم في صناعتها.

  3. تتحدد قيمة العملة  من قوة النظام الاقتصادية، فإذا ما تم استخدام معدن الفضة او نيكل فإن تكلفتها الاقتصادية تكون أعلى، إلاّ أنّ المتداولين للعملة يثقون بالنظام الاقتصادي أكثر. أما في الحالة الراهنة فإن المعدن المستخدم هو معدن رخيص الثمن في سورية، وهنا تكمن المشكلة إذ أن النقود لم تعد قيمتها مرتبطة بالوضع الاقتصادي للبلد بل بالوضع العسكري الذي يفرض على المتداولين التعامل بها.

  4. قيمتها منخفضة لدرجة أنه لا يمكن استخدامها في أي عملية شرائية ذات ثمن كبير ولو على مستوى الحاجات اليومية الأساسية.

حتى لو قرر مصرف سورية المركزي طباعة هذه الفئة فلن يكون قادراً بسبب ارتفاع تكاليف الطباعة الاجمالية، لأن قانون طباعة العملات من حيث الجانب النفسي يشير الى أن العملة المطبوعة حديثاً سوف تنسق الطبعات القديمة من التداول، وهنا لابد من الاشارة إلى أن عدد القطع النقدية من فئة 50 ليرة حتى عام 2010 بلغت 2748 مليون قطعة حسب المجموعة الاحصائية السورية 2010، ونتيجة العقوبات الاقتصادية فإنّ تكلفة طباعة وحدة الواحدة تتراوح بين 25/ 35 سنت (كل دولار أمريكي يعادل مئة سنت) حسب أوراق بحثية مسربة من البنك المركزي، كما أن جريدة الثورة بعددها 29-6-2018 ذكرت أن كلفة الورقة الواحدة تتجاوزالمرة والنصف من قيمتها المطبوعة أي تتراوح قيمة الاستبدال الكلية بحدود 687 مليون دولار بالحد الأدنى وهي تكلفة مرتفعة لا يملكها النظام.

أخيراً القانون الاقتصادي يقول أن العملة القوية تطرد الضعيفة من التداول، ففي حين أنّ النظام مضطر للبحث عن حلول لطباعة المزيد من العملات الورقية من فئة 1000 و2000 فإن طباعة العملة النقدية من فئة 50 ليرة لن يكون له أي دور بسبب التضخم المتزايد.

إذاً لن يكون بوسع النظام الاستفادة من أثر طباعة 50 ليرة على حركة الاقتصاد وتلبية حاجة المواطنين للعملة بغرض عمليات التبادل اليومية.

لذا أعتقد أن النظام سيسلك الطريق الصعب في ضوء هذه الوقائع وسيعمد الى طباعة 100 و 200 معدنية وسيكون المواطنون مجبرين على التعامل بها مما سيدفعهم، ولا سيما التجار، إلى إيجاد وسائل أخرى للتبادل كالمقايضة أو استخدام العملات الذهبية. أما على صعيد الاستثمار فان الدلورة (تحويل العملة المحلية إلى دولار) ستكون هي الطريق والخيار الوحيد للنظام او أي حكومة مستقبلية تتولى إعادة الإعمار ريثما يتم ترتيب الوضع الاقتصادي من جديد إن كانت الحكومة مهتمة بذلك.