هل يُطبق “السيناريو السوري” في اوكرانيا؟

هل يُطبق “السيناريو السوري” في اوكرانيا؟

هل هناك دروس في «سلوك» روسيا العسكري والسياسي والإنساني في سوريا يمكن الاستفادة منها، في فهم مغامراتها الجديدة بأوكرانيا؟ وهل يمكن أن تقوم موسكو بنسخ «السيناريو السوري» في الحرب التي تخوضها على الحدود الروسية الغربية؟ أيضاً، ما تقاطعات التجارب الغربية بين «الملفين»؟

«الأرض المحروقة»
في نهاية 2016، حذر وزير الخارجية البريطاني السابق بوريس جونسون (رئيس الوزراء الحالي) ونظيره الأميركي السابق جون كيري، موسكو من تحويل مدينة حلب إلى «غروزني سوريا»، في تشبيه مع عاصمة الشيشان التي اعتبرتها الأمم المتحدة في 2003 «المدينة الأكثر دماراً على وجه الأرض» بعد محاصرة قوات روسية ولها وتدميرها. وردت السفارة الروسية في واشنطن على موقع «تويتر» بالقول: «غروزني اليوم هي مدينة سلمية وحديثة ومزدهرة. أليس هذا الحل الذي نبحث عنه جميعاً؟».
كان هذا الأمر نموذجاً لفهم روسيا في تدخلها العسكري بسوريا نهاية 2015 لـ«إنقاذ الدولة السورية». وفي نهاية العام الماضي، قال وزير الدفاع سيرغي شويغو إن جيشه «جرّب» في سوريا 320 طرازاً من مختلف الأسلحة، الأمر الذي استمر إلى هذه الأيام، حيث جرى نشر طائرات «ميغ 31 كا» قادرة على حمل صواريخ «كينغال» بقاعدة حميميم غرب سوريا. و«كينغال» صاروخ فرط صوتي تعادل سرعته 10 أمثال سرعة الصوت، ويتبع مساراً متعرجاً، وهو ما يسمح له باختراق الشبكات المخصصة لاصطياد الصواريخ، وكان بين الأسلحة التي شاركت في المناورات البحرية قبالة ساحل سوريا عشية الهجوم على أوكرانيا.
وحسب خبراء عسكريين، فإن القوات الروسية اتبعت سياسة «الأرض المحروقة» في دعم قوات دمشق، التي رفعت حجم الرقعة التي تسيطر عليها من 10 في المائة إلى 65 في المائة. وغالباً ما كانت تأخذ قرية، مثل اللطامنة في حماة وحمورية في غوطة دمشق واللجاة في ريف درعا، «نموذجاً» لإيصال «إنذارات نارية» وإخضاع مناطق المعارضة بعد حملة عنيفة من القصف الجوي من قاذفات جوية و«براميل» وطائرات «درون» انتحارية.
وتحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن مقتل 21 ألف شخص في غارات جوية روسية، خلال 77 شهراً من التدخل العسكري، من أصل نحو نصف مليون سوري قتلوا خلال عقد من الصراع. وتحدثت الأمم المتحدة عن استخدام غازات سامة وأسلحة كيماوية خلال المعارك.
موسكو تدخلت في سوريا لصالح «الجيش الحكومي» وكانت تواجه فصائل معارضة مختلفة المشارب والإمكانات والدعم، بينها فصائل إسلامية بعضها متشدد أو تابع لـ«القاعدة» و«داعش»، فيما هي في أوكرانيا تقاتل جيشاً نظامياً في دولة هائلة مجاورة وتنتمي إلى التاريخ نفسه.
إلى الآن، لا يبدو أن التكتيتات العسكرية ذاتها في «المعركتين»، حيث لا يزال يغيب القصف العشوائي و«الأرض المحروقة» و«البراميل» والغارات الجوية العنيفة. لا شك أن هذا سيخضع للاختبار في الأيام المقبلة، بعد اعلان موسكو اغلاق الأجواء الأوكرانية وتصاعد العمليات ومقاومة أصحاب الأرض.

«انسحابات إعلامية»
أعلنت روسيا أكثر من مرة أنها بصدد «تخفيف» عملياتها العسكرية في سوريا أو سحب بعض قواتها، ونشرت أكثر من اتهامات عن نية «الخوذ البيضاء» التحضير لـ«مسرحية كيماوية» بهدف «اتهام الحكومة السورية بها». كان هذا يحصل قبل بدء هجوم عسكري شامل أو جولة تفاوضية سياسية في جنيف. وأعلنت وزارة الدفاع عدم اعترافها بـ«شرعية» فصائل مقاتلة «معتدلة»، بينها «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» في بيانات نشرت على موقعها الإلكتروني، تمهيداً للانقضاض عليها وقصف مقراتها، لأنها «مرتبطة بالإرهاب». ووقعت موسكو سلسلة اتفاقات و«تسويات» بتعاون مع واشنطن أو مع «ضامني» عملية آستانة الآخرين، أنقرة وطهران، لكن سرعان ما كانت تنقلب على الاتفاقات مع مرور الوقت وتغير المعطيات. وآخر مثال على ذلك، «تسويات» درعا التي أنجزت في 2018، وبقيت صامدة إلى العام الماضي، حيث جرى الانقلاب عليها.
التجربة الأوكرانية مختلفة، لكن الآن، هناك بعض التقاطعات المشتركة. موسكو أعلنت سحب قواتها من حدودها الغربية، قبل الشروع عملياً في الغزو الشامل. وأعلنت أنها تريد المفاوضات، قبل جولة جديدة من التصعيد. وزارة الخارجية، تلعب دور «المدافع» و«الدبلوماسي» في المعركة التي تخاض عملياً من قبل وزارة الدفاع بأمر من الرئيس فلاديمير بوتين. هناك هدف عسكري معروف، في سوريا كان «استعادة سيطرة الدولة» و«دعم القوات الحكومية»، قد يتم التريث أو التكيف لتنفيذه. العقبات الوحيدة أمامه هي عسكرية وليست سياسية، والمفاوضات ما هي إلا أداة لتنفيذه وشراء الوقت للوصول إليه.
وأعلنت موسكو أكثر من مرة فتح «ممرات إنسانية» لخروج الناس من «هيمنة الإرهابيين»، قبل أي معركة. ورعت كثيراً من المقايضات لـ«هندسة اجتماعية» ونقل ناس من مكان إلى آخر، من الجنوب إلى الشمال تحديداً. ولم توقف هجرة ١٣ مليوناً من النازحين واللاجئين.
وليس مستبعداً أن تترك موسكو الباب مفتوحاً أمام هجرة أوكرانيين إلى الجوار، ما يسمح أيضاً بلعب «ورقة الهجرة» في أوروبا من جهة، والوصول إلى «مجتمع منسجم» في أوكرانيا من جهة ثانية. والمستقبل، سيقرر ما إذا كانت موسكو وواشنطن ستعملان معاً، أم لا، في ملفات إنسانية، مثل رعاية قرار دولي لتقديم مساعدات «عبر الحدود»، كما حصل في سوريا، من دون مظلة جوية.

«برنامج سري»
الدروس المستفادة ليست روسية وحسب، بل هناك إمكانية لاختبار تجارب دول أخرى في «المختبر السوري»، ولعل أبرزها «العسكرة» و«القوة الصلبة». إذ إنه في نهاية 2012 وبداية العام اللاحق، رعت «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي إيه) الأميركية برنامجاً سرياً لتدريب فصائل معارضة ورصدت لهذا البرنامج مليارات الدولارات، ما أسهم في تراجع قوات النظام إلى أبواب دمشق قبل التدخل الروسي. وخلال كل فترة التدخل، رفضت أميركا إقامة منطقة حظر جوي جنوب سوريا وشمالها، لكنها سرعان ما أقامت مع التحالف الدولي ضد «داعش» منطقة حظر في شمال شرقي البلاد منذ 2014، لهزيمة التنظيم ومنع عودته. في موازاة ذلك، استخدمت تركيا أيضاً قواتها البرية والجوية بموجب الذهاب إلى «حافة الهاوية» ضد قوات دمشق من جهة، وتفاهمات ثنائية واستراتيجية مع روسيا من جهة ثانية.
التجربتان الأميركية والتركية، تقومان على مبدأين: تدريب فصائل سورية وإمدادها بالسلاح عبر الحدود والدعم الجوي، وعقد تفاهمات وترتيبات مع روسيا لمنع الصدام العسكري على الأرض السورية، للوصول إلى «مناطق نفوذ» بين اللاعبين الخارجيين.
وتجري حالياً اتصالات بين أجهزة استخبارات غربية للإفادة من «التجربة السورية» في أوكرانيا. معروف أن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وأميركا ودولاً أخرى، قررت إرسال أسلحة إلى كييف لدعم الجيش الحكومي. لكن السؤال: كيف يتم إيصالها إلى داخل أوكرانيا وجيشها؟ أحد السيناريوهات التي تتم دراستها، هو تأسيس برنامج سري بحيث يتم إيصال السلاح عبر حدود بولندا، في وقت تصعّد روسيا هجماتها غرب كييف، لقطع خطوط الإمداد و«تقطيع أوصال» أوكرانيا خصوصاً الأجزاء الغربية، لإغلاق الأبواب أمام الخطط الغربية. كيف سيتم ذلك من دون حصول مواجهة بين روسيا و«حلف شمال الأطلسي» (الناتو)؟ هل يؤدي هذا إلى تفاهمات ومقايضات ومناطق نفوذ في أوكرانيا كما الحال في سوريا؟

تقلا عن “الشرق الأوسط”

سوريا “رهينة” المغامرة الاوكرانية

سوريا “رهينة” المغامرة الاوكرانية

لا مبالغة في القول إن سوريا ستكون بين الأكثر تأثراً من الهجوم الروسي على أوكرانيا ومآلاته العسكرية والسياسية، سواء نجح الرئيس فلاديمير بوتين في إجراء تحول كبير في الميدان و«تغيير النظام» في كييف، أو غاص في «المستنقع الأوكراني» وووجهت قواته بمقاومة داخلية أو بدعم سري من دول «حلف شمال الأطلسي» (الناتو) عبر الحدود البولندية.
في الأصل، كان هناك رابط دائم بين الملف السوري وأزمات أخرى، مثل ليبيا وناغورنو قره باخ، في السنوات الأخيرة، باعتبار أن «اللاعبين» هم أنفسهم خصوصاً تركيا وروسيا. وكثيراً ما كان الطرفان يتبادلان الضربات في جبهة لإيصال «رسائل» في جبهة أخرى لإنجاز مقايضات جيوسياسية. لكن الرابط العسكري الأوضح هو بين أوكرانيا وسوريا، وهنا بعض الأسباب:
أولا، الأسد – يانوكوفيتش: بعد هروب الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش إلى روسيا في فبراير (شباط) 2014، رد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على «الثورة الملونة» بضم شبه جزيرة القرم في مارس (آذار) من العام نفسه. كما أن موسكو طلبت من دمشق التشدد في عملية السلام في جنيف التي كانت تجري برعاية الأمم المتحدة وعدم المرونة أمام طلبات «الثورة الملونة» في سوريا. وفي أحد الاجتماعات، أبلغ الرئيس بشار الأسد نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الرئاسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف أنه لن يكون مثل يانوكوفيتش الذي هرب خلال أيام، بل قرر «البقاء والصمود».
ثانياً، التدخل العسكري: بعد اعتراض موسكو على التدخل الغربي في العراق وليبيا، وبناء على طلب سري من موفد الأسد إلى الكرملين وطلبات أخرى من طهران في 2015، قرر الرئيس بوتين الانخراط العسكري في سوريا في سبتمبر (أيلول) 2015 لوقف انتكاسات القوات السورية ومنع «تغيير النظام». في المقابل، حصلت روسيا على امتيازات عسكرية كبيرة أهمها تأسيس قاعدة عسكرية دائمة في حميميم بريف اللاذقية وقاعدة بحرية في ميناء طرطوس.
لم تقلب روسيا ميزان القوى العسكرية في سوريا بحيث ارتفعت حصة القوات النظامية من السيطرة على الأرض من 10 في المائة إلى 65 في المائة وحسب، بل إن الجيش الروسي استعمل الأراضي السورية مختبراً لتجربة 350 نوعاً من المعدات والأسلحة العسكرية في المعارك. ولوحظ أن مشاهد بعض المعارك في أوكرانيا حالياً تشبه إلى حد كبير مشاهد المعارك في وسط سوريا وغربها في 2016.
ثالثاً، المياه الدافئة: وجود روسيا على مياه البحر المتوسط، كان حلماً قيصرياً روسياً قديماً، تحقق بتحويل ميناء صغير في طرطوس إلى قاعدة بحرية وإقامة قاعدة عسكرية قرب حدود «الناتو» في تركيا. وأبرز استعراض لهذا «الإنجاز الاستراتيجي» كان عشية بدء الهجوم على أوكرانيا، إذ جرت أكبر مناورات بحرية في البحر المتوسط الذي كان يشهد مناورات لـ«الناتو». يضاف إلى ذلك، أنه قبل المناورات زار وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قاعدة حميميم والتقى الأسد، وكانت هذه إشارة واضحة إلى أن موسكو باتت تعتبر سوريا «امتداداً لأمنها القومي».
رابعاً، إشارات رمزية: لم تكن صدفة أن يكون وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في موسكو، يوم اعتراف بوتين بـ«استقلال جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك»، الذي اعتبره المقداد منسجماً مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. ولاحقاً، أشاد الأسد بالهجوم على أوكرانيا باعتباره «تصحيحاً للتاريخ» بعد «تفكك الاتحاد السوفياتي». وكانت سوريا أيضاً وقعت اتفاقات لربط ميناء اللاذقية بشبه جزيرة القرم، واعترفت بجمهوريات انفصالية كثيرة تدور في فلك موسكو، وكلها إشارات إلى أن سوريا «جزء من العالم الروسي» الذي يريده بوتين.
خامساً، رأس حربة: تعتبر موسكو قاعدة حميميم التي تضم منظومات صواريخ «إس 400» و«إس 300»، رأس حربة في المواجهة مع «الناتو» الذي يقيم قاعدة في انجرليك جنوب تركيا. واستطاع بوتين كسب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، المصاب بخيبة من السياسة الأميركية ودعمها للأكراد شرق سوريا، إلى جانبه. وأوضح مثال على ذلك، أن أنقرة رفضت إغلاق ممر البوسفور أمام مرور السفن العسكرية الروسية باتجاه السواحل الجنوبية لأوكرانيا. في المقابل، رفض شويغو طلباً سورياً خلال زيارته الأخيرة بإعطاء الضوء الأخضر لهجوم شامل في إدلب، حسب معلومات.
سادساً، «القبة الحديدية»: الحذر في التعاطي مع الهجوم الروسي في أوكرانيا، لم يكن تركياً فقط، بل إن إسرائيل كانت حذرة بدورها، حيث أفادت تقارير عن عدم تقديم تل أبيب دعماً عسكرياً لكييف خوفاً من إغضاب بوتين وتقييد أيدي إسرائيل في غاراتها على «مواقع إيرانية» في سوريا، خصوصاً وسط تقارير عن احتمال أن يكون إحدى ثمار الحرب الأوكرانية تقارب إضافي روسي – إيراني.
سابعا، خطوط التماس: لم تتغير «الحدود» بين مناطق النفوذ السورية الثلاث خلال سنتين، لكن المواجهة الأوكرانية تطرح أسئلة عن إمكانية تعرضها لاختبارات كثيرة. واشنطن أعلنت أن اتفاق «منع الصدام» بين الجيشين لا يزال قائماً. وموسكو رفضت طلب دمشق شن هجوم على إدلب. لكن لا شك أن مستقبل هذه «التفاهمات» مرتبط بمسار الأوضاع في أوكرانيا ومدى قدرة موسكو وواشنطن على عزل المسارات بين الملفات المختلفة. وينطبق هذا أيضاً على تفاهم البلدين على قرار المساعدات الإنسانية عبر الحدود وتمديده.
ثامناً، ثمن اقتصادي: لا تقتصر آثار الرياح الأوكرانية على البعد العسكري والسياسي في سوريا، بل هناك آثار اقتصادية كثيرة، خصوصاً أن دمشق تعتمد بشكل كبير على الدعم الغذائي والنفطي من موسكو لمواجهة العقوبات الغربية عليها. موسكو في الأيام المقبلة، مشغولة جداً بملفها الساخن، لذلك لم يكن أمام دمشق سوى اتخاذ قرار بـ«شد الأحزمة» أمام تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية.
لا شك أن مستقبل «خطوط التماس» ووقف النار والمساعدات الإنسانية والغارات الإسرائيلية والوضع الاقتصادي، بات مرتبطا بمآلات شرق أوروبا… كأن سوريا أصبحت «رهينة» مغامرة بوتين في أوكرانيا.

نقلا عن “الشرق الاوسط”

عن ربط “الجبهتين” السورية والاوكرانية

عن ربط “الجبهتين” السورية والاوكرانية

أصبحت قاعدة «حميميم» الروسية، غرب سوريا، «رأس حربة» في الاشتباك بين موسكو و«حلف شمال الأطلسي» (الناتو)، خصوصاً بعد استقبالها أخطر الطائرات وصواريخ «فرط صوتية» ووزير الدفاع سيرغي شويغو، للإشراف على أضخم مناورات روسية في البحر المتوسط غرب سوريا، بالتزامن مع تدريبات بحرية «الناتو» في المتوسط.
هذا هو تقدير «مصادر سورية رفيعة المستوى» إلى صحيفة «الوطن» في دمشق، بعد لقاء شويغو مع الرئيس بشار الأسد، مساء أول من أمس. أما «التسريب» الآخر، فجاء عبر صحيفة «البعث» الناطقة باسم الحزب الحاكم، بأن زيارة شويغو إلى حميميم جاءت بعد رفض موسكو عرضاً من واشنطن بـ«مقايضة سوريا مقابل أوكرانيا».
قاعدة حميميم أصبحت روسية منذ التدخل العسكري نهاية 2015 والتوقيع على اتفاق عسكري بين دمشق وموسكو للإقامة المفتوحة، بعد سنة من أزمة أوكرانيا، وهروب الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش، وقيام موسكو بضم شبه جزيرة القرم في 2014، مذاك، كان التشابك بين ملفي أوكرانيا وسوريا. صحيح أن روسيا أبعدت إيران قبل أسابيع عن ميناءي طرطوس واللاذقية وسيطرت عليهما بشكل كامل، وربطتهما بميناء القرم، وباتت سيدة المياه الدافئة كما كان يحلم قياصرتها، لكنها المرة الأولى التي يبرز بالفعل دور حميميم في اللعبة الجيوسياسية الأوسع من سوريا، إذ إنه في موازاة حديث موسكو عن سحب بعض القوات من شرقي أوكرانيا، جاء الاستعراض العسكري الروسي «المبهر» غرب سوريا وبإشراف وزير الدفاع بعد لقاء الأسد. العرض شمل: مقاتلة «ميغ 31 – كي» وصواريخ «كينجال» فرط صوتية، وقاذفة «تي يو 22 أم 3» وصواريخها «كي إتش 22» الأسرع من الصوت والمضادة للسفن، و140 قطعة بحرية و60 طائرة و15 سفينة، ضمن ألف آلية وعشرة آلاف جندي في مناورات البحر المتوسط، حسب قول بيانات رسمية روسية.
اللافت أن دمشق «ترحّب» بهذا الربط، ذلك أن مصادرها قالت إن لقاء الأسد – شويغو «ركّز على الوضع في أوكرانيا وربط هذه الجبهة بالجبهة السورية»، وإن توقيت المناورات «مرتبط بالتسخين الحاصل على الجبهة الأوكرانية». وذهبت صحيفة «البعث» أبعد للقول إن سوريا باتت في «عمق الجبهة الأوكرانية»، بعد رفض موسكو مقايضة «الجبهتين»، وأبلغت واشنطن أنها «متمسكة بأوكرانيا ومتمسكة بالتحالف مع سوريا والنظام السياسي الذي يقوده الرئيس الأسد، بل إن الرئيس فلاديمير بوتين ذهب إلى أبعد من ذلك، وأرسل أحدث المنظومات القتالية في مجال الصواريخ العابرة للقارات والطائرات القاذفة إلى قاعدة حميميم، وبدأ التحضير لمناورات روسية انطلاقاً من هذه القاعدة».
أي بالنسبة لموقف موسكو الذي تباركه دمشق عبر صحافتها، لم تعد قاعدة حميميم مرتبطة فقط بـ«الحرب على الإرهاب» أي بالحرب السورية، بل إن دورها «تجاوز بكثير حدود الجغرافيا السورية لتكون رأس حربة عسكرياً في حوض المتوسط والاشتباك الدولي» بين موسكو و«الناتو».
ومن هنا أيضاً، يمكن فهم «التعاون العدائي» بين موسكو وأنقرة في سوريا وأوكرانيا. الرئيس بوتين يسعى بعلاقته مع تركيا وتنازلاته لها شمال غربي سوريا لـ«هز» تماسك «الناتو» الذي كان يعتبر قاعدة إنجرليك، جنوب تركيا، مقدمة رئيسية في «الجبهة» مع الاتحاد السوفياتي السابق صاحب النفوذ في سوريا. الرئيس رجب إردوغان، يوسع خياراته بشراء منظومة «إس 400» من موسكو وبيع كييف مسيرات «بيرقدار» ويقيم معها علاقات استراتيجية ويرفض الاعتراف بضم القرم.
أيضاً، بات الآن الوجود العسكري الأميركي شرق سوريا مرتبطاً أكثر بـ«الجبهة الأوكرانية» وليس فقط الحرب ضد «داعش». وينسحب هذا أيضاً على الغارات الإسرائيلية ضد مواقع إيرانية في سوريا، التي كانت تجري بموافقة روسية. وأحد المؤشرات، أن تل أبيب رفضت بيع كييف منظومة «القبة الحديدية» كي لا تغضب موسكو وتقيد أيديها في ملاحقة مصالح طهران في سوريا.
دمشق ليست وحيدة في ملاحظتها أن حميميم باتت «رأس حربة» في اشتباك دولي، وأن هناك ترابطاً بين «الجبهتين» السورية والأوكرانية، وأن ذلك يفتح الباب بالفعل أمام «المقايضات» بين روسيا وأميركا. قبل هذه الخطوة، كانت موسكو قامت بخطوتين كبيريتين لـ “ربط الجبهتين”: الاولى، عندما احكمت قبضتها على مرفأ اللاذقية، رئة سوريا في المياه الدافئة. الثانية، عندما وقعت موسكو مع مينسك اتفاقاً لنشر قوات بيلاروسية في سوريا.
ربط “حميميم” بين “الجبهتين” الروسية والاوكرانية، قوبل بارتياح او ترحيب في دمشق، لكنه قد يكون امساك بوتين بالملف السوري بهذا القدر والحقاقه بملفات اخرى أمراً مقلقاً لاحقاً. ولا شك أن هذا ما سيحاول وزير الخارجية فيصل المقداد تلمسه خلال زيارته إلى موسكو الاثنين المقبل.

غارة اللاذقية… نقطة تحول روسية؟

غارة اللاذقية… نقطة تحول روسية؟

الغارة الإسرائيلية الأخيرة على «حاوية أسلحة» في ميناء اللاذقية، قد تشكل نقطة محورية، أو على الأقل محطة أساسية، في الصراع السوري، خصوصاً إذا جرى التدقيق في التغيير بالموقف الروسي، وتم وضع ذلك في سياق تطورات حصلت في سوريا ودمشق وعواصم أخرى.
شنت إسرائيل في السنوات الماضية، مئات الغارات بصواريخ أرض – أرض أو بقصف جوي، على «مواقع إيرانية» في سوريا، كما أنها المرة الثانية التي يُقصف فيها ميناء اللاذقية. لكن بالتأكيد الغارة الأخيرة على الميناء تضمنت رسائل روسية واضحة إلى دمشق وطهران وواشنطن وعواصم أخرى.
إحدى إشارات التغيير الكبير في الموقف الروسي، هو أنه في 2018 حصل توتر بين موسكو وتل أبيب على خلفية إسقاط سوريا لطائرة روسية في البحر المتوسط، بعد غارات على غرب سوريا. وقتذاك، تطلب الأمر زيارات و«اعتذارات» من رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، للرئيس فلاديمير بوتين، لطي صفحة التوتر.
الآن، يبدو بالفعل، أن حجم ونطاق وكثافة القصف الإسرائيلي، ما بعد لقاء بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت، في سوتشي، في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ليس كما كان قبله. واضح أن بينت حصل على «ضوء أخضر» من بوتين لتوجيه «ضربات أشد وأدق وملاحقة إيران في سوريا ومنع تموضعها الاستراتيجي». فقط طلب بوتين من إسرائيل، «عدم التعرض للمصالح الروسية في سوريا» و«تجنب استهداف مباشر للقوات السورية»، إضافة إلى إبلاغ قاعدة حميميم عبر الخط الساخن بموعد القصف قبل «فترة معقولة» من حصوله. لا شك، أن قصف أطراف دمشق بصواريخ أرض – أرض في نهاية أكتوبر مثالٌ. منع الرد على قصف قاعدة «تي فور» في ريف حمص مثال ثان. أما الاختبار الثالث، فكان بقصف ميناء اللاذقية في 7 من الشهر الماضي، ثم قبل يومين.
منذ لقاء بوتين – بينت، تغير الخطاب الروسي. قبل ذلك، كانت قاعدة حميميم تفاخر بقيام مضادات الدفاع الجوي السوري، الروسية، بالرد على القصف. وتنشر بياناتها الرسمية تفاصيل أنواع الصواريخ، التي بالتأكيد لم تشمل منظومات «إس 300» و«إس 300 المتطورة» و«إس 400». لكن بعد اللقاء، هناك ثلاثة اختبارات تؤكد تغير تعليمات الكرملين:
الأول، جاء من المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف خلال زيارته دمشق في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما قال رداً على الغارات إن موسكو «ترفض بشكل قاطع هذه الأعمال اللاإنسانية، وندعو للتواصل مع الطرف الإسرائيلي على جميع المستويات حول ضرورة احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها ووقف عمليات القصف». وأضاف: «في هذا السياق سيكون الرد باستخدام القوة غير بناء لأنه لا أحد يحتاج إلى حرب في أراضي سوريا».
الثاني، في نهاية الشهر الماضي، عندما أعلنت قاعدة حميميم أن القصف الإسرائيلي استهدف «مستودعاً» في مطار دمشق، في إشارة إلى مصالح إيرانية، على عكس البيان الرسمي السوري الذي أشار إلى أن «رشقات» القصف استهدفت جنوب سوريا.
الثالث، جاء بعد القصف الأخير على اللاذقية، إذ إنه لأول مرة تشرح وزارة الدفاع الروسية أسباب عدم الرد على القصف، إذ قالت في بيان إن «قوات الدفاع الجوي السورية لم تدخل قتالاً جوياً، لأنه تواجدت وقت الضربة في منطقة نيران منظومات الدفاع الجوي طائرة تابعة لقوات النقل العسكري للقوات الجوية الفضائية الروسية خلال عملية الهبوط في مطار حميميم».
لهذه الكلمات معانٍ كثيرة، خصوصاً إن تأتي من بلد مثل روسيا، حيث الكلمات تدرس في المختبرات قبل توزيعها وإلقائها. واضح، أن موسكو قررت بعث رسائل عدم رضا إلى طهران ومحاولة تمددها العسكري في سوريا. أكيد أنها لم تكن مسرورة، عندما قال أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، خلال لقائه وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، في طهران، الشهر الماضي، إن «المقاومة هي السبيل الوحيد لاستئصال هذه الغدة السرطانية (أي إسرائيل) من المنطقة». كما أنها لم تكن راضية على قيام مسيّرات إيرانية بقصف قاعدة التنف الأميركية جنوب شرقي سوريا «رداً» على قصف تل أبيب لقاعدة «تي فور» في ريف حمص.
أيضاً، موسكو يبدو أنها قررت رفع مستوى الضغط على دمشق، كي تنحاز إلى الخيارات الروسية. ولا شك أن ظل القصف الإسرائيلي في القنيطرة، شيء، وفي وسط سوريا، شيء آخر. أما أن يكون القصف في اللاذقية، المعقل الرئيسي لموالي النظام وقاعدته الاجتماعية، وعلى بعد 20 كلم من قاعدة حميميم الروسية، ففي هذا رسائل كثيرة، لا تخطئ وجهتها.
لا شك أن لجم الاستهداف الإيراني للوجود العسكري الأميركي، ومباركة القصف الإسرائيلي للوجود الإيراني، وغض الطرف على تأليب القاعدة الاجتماعية في الساحل السوري، والتدخل مباشرة لتفكيك شبكات المخدرات قرب حدود الأردن، رسائل روسية إلى دول عربية كي لا تتراجع عن «التطبيع» مع دمشق، وإلى واشنطن وتل أبيب كي تباركا أكثر الدور الروسي في سوريا.

روسيا و “الاستفراد”بجنوب سوريا

روسيا و “الاستفراد”بجنوب سوريا

تحاول روسيا مؤخراً فرض نفسها ووجودها أكثر في مناطق الجنوب السوري خاصة في درعا والقنيطرة، من خلال استمرار الدوريات العسكرية الروسية وزيارات وفود روسية إلى درعا، ودخولها على خط تقديم الخدمات والمساعدات للقطاعات المدنية في المحافظة.
كما زار المحافظة مؤخراً عدة شخصيات روسية رسمية وغير رسمية منهم نائب رئيس مركز المصالحة الروسية الضابط كوليت فاديم والمنسقة بين وزارتي التربية السورية والروسية سفيتلانا روديفينا، ومسؤولين في جمعيات خيرية روسية، وأكد نائب رئيس مركز المصالحة الروسي خلال زيارته إلى محافظة درعا مؤخراً عبر وسائل إعلام محسوبة على دمشق، أن روسيا مستمرة في دعم سوريا ومحافظة درعا على وجه الخصوص.

نشيد… وعلم
وافتتح الجانب الروسي في درعا يوم الخميس 18 تشرين الثاني (نوفمبر) مركزاً لتعليم اللغة الروسية في مدرسة إسماعيل ابو نبوت في مدينة درعا المحطة، بحضور شخصيات حكومية رسمية سورية من درعا مثل قائد الشرطة ومدير التربية ونائب المحافظ، وحضر الافتتاح الجنرال الروسي كوليت فاديم وسفيتلانا روديفينا المنسقة بين وزارتي التربية السورية والروسية وقوات من الشرطة العسكرية الروسية.
حيث ابتدأ الحفل برفع النشيد السوري ثم الروسي، وتخلل افتتاح المركز فقرات فنية وشعرية باللغة الروسية، وعرض مجموعة من رسومات الطلاب تعبر عن التآخي بين الشعبين السوري والروسي، وقدمت نسخة من القرآن الكريم مترجمة باللغة الروسية، ثم ألقى الضابط الروسي كلمة تعبر عن استمرار الدعم الروسي للمركز الذي سوف يشمل عددا كبيراً من الراغبين في تعلم اللغة الروسية، وسيتم دعم المركز بالتجهيزات الحاسوبية والمراجع الأدبية لتعلم اللغة الروسية. واعتبرت اكسانا غنيم أن تعلم اللغة الروسية مسألة مهمة لتعميق العلاقات الثقافية والتاريخية بين الشعبين مبينة أن المركز سيوفر المكان المناسب لممارسة الهوايات في مجال الشعر والفنون والرسم.
كما قدم الجانب الروسي مؤخراً إلى المستشفى الوطني فى مدينة درعا السورية شحنة مساعدات طبية وغذائية روسية، أرسلتها إدارة شؤون الرئيس الروسي، تضم فرشات وبطانيات وأغطية وبعض اللوازم الطبية وأدوات التعقيم ومولد كهربائي بطاقة ألف كيلوواط، لضمان استمرار عمل المستشفى والمعدات فيه، لا سيما مع الضغط الكبير الذي تشهده المشفى مع تزايد حالات الإصابة بفايروس كورونا في درعا.
كما أرسل الجانب الروسي مولدا كهربائيا للمستشفى الوطني في مدينة إزرع شمال درعا، وحضرت الشرطة الروسية برفقة بعثة من الكنيسة الروسية ورابطة المحاربين القدماء وجمعية الإخوة الروسية إلى مدينة بصرى الشام بريف درعا الشرقي، وقدمت مساعدات إنسانية ومستلزمات مدرسية للمجمع التربوي في المدينة تضمنت قرطاسية وحقائب ومعاطف لعدد من طلاب المدارس، إضافة إلى أنها قدمت أدوية وبعض المستلزمات الطبية لمشفى بصرى الشام، واطلعت على واقع المشفى في المدينة.
من جهته، أكد المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، ضمن فعاليات أعمال المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين والمهاجرين السوريين، أن «روسيا ستواصل تقديم المساعدة للشعب السوري بهدف تحسين الوضع الاقتصادي والإنساني، وهناك الكثير من العمل الدؤوب في هذا المجال مستقبلاً». وذلك بحضور ممثلين عن منظمة الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية. التي نشطت مؤخراً في درعا وخاصة في مجال الخدمات الإنسانية كترميم المدارس المدمرة خلال السنوات الماضية، وبناء مرافق صحية واقامة مشاريع زراعية كحفر الآبار وغيرها.

انفراد روسي
وفسر ناشطون في درعا ذلك بالرغبة الروسية بالانفراد بادراه المنطقة الجنوبية خاصة درعا بعد طرحها للتسويات الأخيرة، وسحب السلاح الخفيف والمتوسط من المنطقة، واعطاء صلاحيات أمنية جديدة للقوات الحكومية بملاحقة المطلوبين والرافضين للتسوية في المنطقة الجنوبية، وانهاء حالة التشكيلات والمجموعات العسكرية المسجلة لدى الأجهزة الأمنية أو الفرقة الرابعة أو الفيلق الخامس وتوحيد تبعيتها مؤخراً لإدارة المخابرات العسكرية، وتشكيل قوة عسكرية كبيرة وذات تبعية واحدة موالية لها في جنوب سوريا، تبعد أي منافسين لها في المنطقة.
ويرى مراقبون أن روسيا وإيران لا تتنافسان جنوب سوريا، وان “التعاون موجود في سوريا وحتى روسيا استخدمته مؤخراً في مشاركة قوات موالية لإيران في معارك درعا البلد قبل تطبيق التسويات الأخيرة، وهي نفسها من طلبت بانسحابها عند انتهاء مهمتها، فالتعاون بين الدول الحليفة لسوريا قائم ولكن روسيا تعارض إيران عند مصالحها في سوريا، وباعتبارات إقليمية وتعهدات روسية عام ٢٠١٨، بإبعاد ايران عن المنطقة الجنوبية، دفعت روسيا إلى ابراز سيطرة النظام الفعلية وايجاد قوة عسكرية لها في المنطقة وحكمتها مؤخراً بتبعية عسكرية واحدة تناسب النظام وتحت إدارتها وتناسب أبناء المنطقة الجنوبية الذين يفضلون البقاء في المنطقة وعدم المشاركة بأعمال عسكرية خارج المحافظة”.
فعلياً وبشكل علني لا تواجد لتشكيلات أو قوات عسكرية موالية لإيران و “حزب الله” في درعا، وإيران وحزب الله متواجدة في سوريا حتى قبل عام ٢٠١١، والظهور العسكري العلني هو ما أثار المخاوف من هيمنتها على المناطق السورية، وبقي جنوب سوريا المنطقة الأكثر حساسية بنسبة للدول الإقليمية والخليجية باعتباره بوابه سوريا الجنوبية، واستحسنت الدول فرضية سيطرة النظام على الجنوب السوري مقابل عدة تفاهمات أجرتها روسيا مع دول المنطقة قبيل السيطرة عليها عام ٢٠١٨ وكان أولها إبعاد إيران عن المنطقة، فتحاول روسيا اخذ ضمانات أكثر لسوريا أو تطبيع أكثر وإعادة قبول النظام السوري، مقابل استخدام ورقة إبعاد إيران عن المنطقة، وبالتالي إيران ووكلائها في المنطقة طالما اعتبروا سوريا صلة الوصل سابقاً مع العالم العربي، والتفاهمات أو المفاوضات الإيرانية العربية والعالمية الأخيرة تقرب المسافة من رغبات إيران بعدم دخولها بحرب ولو بالوكالة، ولن تعارض أن تكون سوريا نقطة لقاء جديدة بينها وبين الوسط العربي الذي يرغب بإبعاد إيران عن جنوب سوريا.
ولأن روسيا تشكل ثقلاً سياسياً وأمنياً وعسكرياً بالنسبة لسوريا، أن روسيا هي الدولة الوحيدة القادرة على ضبط الأمور السورية وإيقاف تسرب الممنوعات البشرية أو الاصطناعية حيث إن هناك القاعدة وداعش، هذا بالإضافة إلى قوات أجنبية كثيرة، والمخدرات والحشيشة، وقد تثق الجهات الدولية بروسيا أكثر بالحفاظ وضبط الحدود وهذا ما يرجح الكف الروسي جنوب سوريا على القوى الثانية في سوريا.