تدريباتنا

النَّهبُ الذي أتى وعادَ سريعاً

بواسطة | فبراير 26, 2020

/لنْ يقترِبَ أحدٌ من هذياني لن يُجفِّفَ عرَقَهُ بمنديلٍ مَسروقٍ من وقتٍ يركضُ مُسرِعاً كي يلحقَ باصَ المدرسةِ الهارِبَ من وقتِهِ مُمتلئاً بتلاميذَ حفظوا درسَ النِّسيانِ كقطعة حلوى قُدَّتْ من سَفَرِ الغُيومِ/

قدَري

أنْ أرفُضَ الضِّفَّةَ التي يجرفُني إليها التَّيّارُ

وأنْ أتطلَّعَ إلى النَّقيضِ في كُلِّ نافذةٍ.

حالِماً بحَسْمِ الخُطى التي تجسُّ الرِّيحَ

للَّحاقِ بابتسامةِ الحريقِ العُليا مُباشَرَةً قبلَ لحظَةِ نُضوبِهِ

حيثُ تظمَأُ المُخيِّلَةُ لمُراوَغةِ الدَّقائقِ العنيدةِ

بسْطاً للذَّريعةِ المُسلِّيَةِ في المَخاضِ.

هكذا هيَ الفَرادةُ:

أنْ تكونَ الجُزءَ المَخفيَّ مِنَ المَخفيِّ

وأنْ يرميَ كُلُّ عابِرٍ

تخميناً حولَ الحدَثِ

أنْ تكونَ نصفُ الإشاعاتِ

عمّا لم نفكِّرْ بهِ من قبلُ

وأنْ تَزرعَ فوقَ ظلِّكَ قوسَ قزَحٍ حادٍّ كشفرةٍ

لتظلَّ الأُحجيةُ

زوجاً غيرَ مُعلَنٍ للفَرادةِ.

مُبارَكٌ شُذوذي

المُستلهَمُ من زهرةٍ مسعورةٍ

لهُ رنينٌ أحدبُ

كسقوطِ الرَّحيقِ

في يدٍ تلوِّحُ

كاصطحابِ الفراشةِ طلْعَها

إلى مغارةٍ مُظلِمةٍ

للمرَّةِ الأُولى في تاريخِ الوردِ.

مُبارَكٌ تدريبي الفصاحةَ على اللَّحنِ والمَنحولِ

حيثُ تسيلُ الفسحةُ مُتسارِعةً

وعلى رأسِ الكلماتِ تاجُ المُفاجآتِ

وإذ يحملُ الغدرُ الآسِرُ

باقةَ المُغازَلةِ والقنابلِ

إلى أقصى النَّهبِ الذي أتى وعادَ سريعاً

تُبعثَرُ النَّدبةُ

كي يُفسِّرَها كُلَّ يومٍ كتابٌ جديد.

ما من حاجةٍ الآنَ لمَا يُجدي

الهزائِمُ لا تَهزمُ مُتمرِّغاً بالزَّوايا العمياءِ

يُنقِّبُ المُلهَمُ بالغَرابةِ عن وهمٍ ساحرٍ

يَعدُهُ بساعتيْن من يأسٍ

بجَمالٍ قبيحٍ نصفُهُ قيْحٌ

وعلى مُحيطِهِ مُروِّجونَ للألمِ

ذاكَ هو الاندثارُ المُعظَّمُ

مهنةُ العباقرةِ المُنقرضينَ

حيثُ تُعانِقُ جنوني

نُسخةٌ من الفراغِ المعصورِ

بقوَّةِ شوكةٍ جرَّبتْ كيفَ أنَّ ما لا يتبخَّرُ طوعاً

ليسَ موثوقاً:

الصَّباحُ قلادةٌ منزوعةٌ

من عُنُقِ المَواثيقِ

ومرميةٌ في بئرِ القلبِ

كهودجٍ راحلٍ للتَّوّ.

في جعبتي تذوبُ السَّكاكرُ

وتلتصقُ بالقُماشِ

فيستبدلُ المُلحِّنُ بالأغنيةِ

عقاربَ ساعةٍ ترقصُ

يتصاعَدُ دخانٌ فجٌّ

من أرجُلِ المُحدِّقينَ

فلا يبدو من الضَّروريِّ

تقديمُ الأعذارِ

ما دامتْ شفتيَّ تُردِّدانِ:

ليستِ الأشياءُ بكثرتِها

لكنْ بعُمقِ زلزالِها

هكذا تصرخُ مرآتي ضدَّ الحنينِ

وأصرخُ تعاطُفاً معها.

/لو شُبِّهْتُ بسُلحفاةٍ تُهاجِرُ آلافَ الأميالِ كي تضَعَ بُيوضَها على شاطئٍ عامرٍ لكسَرْتُها جميعاً قبلَ أنْ تفقسَ وفضَّلْتُ الإياب ولو في سجنٍ مُعتمٍ في قبوِ سفينةٍ يقودُها القراصنةُ/.

مواضيع ذات صلة

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

إحدى وثلاثون سنة من الغياب مضت على انطفاء فارس السرد "هاني الراهب" ومازالت نصوصه تتوهج وتمارس سطوتها وحضورها الآسر على أجيال أتت من بعده تتقرى معانيه وتتلمس خطاه رغم التعتيم والتغييب الذي مورس بحقه على مر الزمن الماضي ومحاصرته في لقمه عيشه بسبب من آرائه ومواقفه،...

الواقعية النقدية لدى ياسين الحافظ

الواقعية النقدية لدى ياسين الحافظ

ياسين الحافظ كاتبٌ ومفكر سياسي سوري من الطراز الرفيع، يعدُّ من المؤسسين والمنظرين للتجربة الحزبية العربية. اشترك في العديد من الأحزاب القومية واليسارية، ويعدُّ الحافظ في طليعة المفكرين التقدميين في العالم العربي، اتسم فكره بالواقعية النقدية، تحت تأثير منشأه الجغرافي...

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

يمثل عبد السلام العجيلي ذاكرة تأسيسية في مدونة الأدب السوري، ذاكرة من من ذهب وضياء، ضمت في أعطافها عبق الماضي وأطياف الحاضر، امتازت بقدرته الفائقة في الجمع بين مفهومين متعارضين ظن الكثيرون أنه لا لقاء بينهما، ألا وهو استلهامه واحترامه للتراث وللإرث المعرفي المنقول عمن...

مواضيع أخرى

زكريا تامر بوصلة التمرد الساخرة

زكريا تامر بوصلة التمرد الساخرة

"أكثر قصصي قسوة هي أقل قسوة من الحياة العربية المعاصرة، وأنا لا أستطيع وصف السماء بجمالها الأزرق متناسياً ما يجري تحت تلك السماء من مآس ومجازر ومهازل.. صدّقني الأسطورة أصبحت أكثر تصديقاً من واقعنا المرير" بهذا التوصيف العاصف يلخص الكاتب السوري زكريا تامر (1931) تجربته...

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

إحدى وثلاثون سنة من الغياب مضت على انطفاء فارس السرد "هاني الراهب" ومازالت نصوصه تتوهج وتمارس سطوتها وحضورها الآسر على أجيال أتت من بعده تتقرى معانيه وتتلمس خطاه رغم التعتيم والتغييب الذي مورس بحقه على مر الزمن الماضي ومحاصرته في لقمه عيشه بسبب من آرائه ومواقفه،...

افتحوا النوافذ كي يدخل هواء الحرية النقي

افتحوا النوافذ كي يدخل هواء الحرية النقي

يصدمنا الإعلام الاجتماعيّ كل يوم بمقاطع فيديو وأخبار حول امتهان كرامة الإنسان في سورية عن طريق استفزازات لفظية وعنفٍ جسديّ يُمارَس ضد أشخاص تصنّفهم الآلة الإعلامية للمرحلة الانتقالية على أنهم من "فلول النظام“ السابق. ولقد سمعنا عن أشخاص تُقتحم بيوتهم...

تدريباتنا