تدريباتنا

ترقب في دمشق لـ “ايران الجديدة”

بواسطة | مارس 29, 2022

مع اقتراب خروج الدخان الأبيض من فيينا إيذانا باتفاق إيران والدول الغربية حول ملف إيران النووي، يمكن القول إن مرحلة ايرانية جديدة في طريقها للتبلور، وعندما نقول “مرحلة جديدة ” فإننا نعني الربط بين “الاتفاق النووي” وبين مجمل قضايا المنطقة، وفي المقدمة منها سوريا، فكيف سيكون العالم بعد إعلان العودة إلى الاتفاق النووي؟ ما هي انعكاسات العودة الإيرانية بحلة أقوى على سوريا التي دفعت فاتورة كبيرة جدا نتيجة للتموضع الجيوسياسي وانكشاف هشاشة وضعها الداخلي في أبعاده الاجتماعية والسياسية والاقتصادية؟
مقاربات قوى وشخصيات سياسية سورية للوضع المنتظر تبدو متباعدة، لجهة الموقف الايراني الملتبس، فثمة من يراها شريكاً استراتيجياً لسوريا، ومن لا يرها كذلك. ومن صميم هذ الانقسام، يبقى السؤال قائما للفريقين: ما هي الفرص المواتية أوغير المواتية من منظور دراسة العلاقة بين نتائج المحادثات النووية، وسلوك ايران الجديد في سوريا؟ بمعنى كيف ستتعطى “إيران الجديدة” مع الملف السوري وما هي احتمالات التصادم أو الاشتباك مع موسكو في سوريا؟
لا تخفي دمشق اغتباطها، من نتائج المفاوضات النووية، وقد استبقت وصول المفاوضات الى ما هي عليه بإعلان تأييد الموقف الإيراني غير مرة ، وترجم ذلك بزيارات متبادلة بين مسؤولي البلدين للتأكيد على العلاقات المميزة. ويرى الدكتور نضال قبلان سفير سوري سابق، أن العلاقات السورية – الايرانية بنيت خصوصا في العقود الأربعة الأخيرة على أسس راسخة، لا تتأثر بشكل جوهري بما يطرأ من تطورات اقليمية أو دولية سوى بزيادة رسوخها. وقال:”ستكون بداية مرحلة جديدة لإعادة صياغة تحالفات مع قوى مكافحة الارهاب والقوى الوطنية في الدول العربية، وفي سوريا ولبنان وفلسطين والعراق واليمن بشكل خاص .”
وشدد قبلان على أن توقيع الاتفاق النووي سيكون له انعكاسات ايجابية على هذه العلاقة الاستراتيجية بين ايران وسوريا. وأضاف: “علاقتنا مع طهران تتجه نحو مزيد من التطور والتعاون الذي سينعكس ايجابا على سوريا والواقع الاقتصادي والمعيشي وتاليا على محور المقاومة ما بشكل عام”. واعتبر قبلان التوقيع على الاتفاق النووي انجازا تاريخيا بعد الضغوط والشروط التي حاول الغرب وضعها ومحاولة عرقلة برامج ايران التقنية والتسليحية والصاروخية وربطها بهذا الملف. وقال: “ايران بالصبر والثقة، وبالعقيدة الراسخة أثبتت انها صاحبة حق وتتفاوض من منطلق قوة”.
من جهته، يرى الشيخ نواف عبد العزيز طراد الملحم، أمين عام حزب الشعب أن العودة الغربية إلى الاتفاق النووي أمر واقع فرضه الجانب الايراني بقوته و صبره و تحمله بعد حصار قارب عدة عقود. وقال: “بلا شك سينعكس توقيع الاتفاق ايجابا على الجمهورية الاسلامية الايرانية، وعلى روسيا ، كما سيأتي ايجابا على سوريا التي تربطها مع الطرفين علاقات مميزة”.
ولا يرى الملحم وجود خلافات أو تضارب في وجهات النظر أو المصالح، بين طهران وموسكو فيما خص سوريا. “العدو المشترك هو الغرب والولايات المتحدة الاميركية هم في خط وروسيا وإيران بخط”، مشيرا إلى التصريحات الروسية الايرانية المتبادلة خلال زيارة وزير الخارجية الايراني حسين امير عبداللهيان الأخيرة الى موسكو .
بالعموم سنكون أمام “ايران جديدة” تعيش حزمة، من علاقات التعاون و الصراع مع دول المنطقة، بمعنى ان كان الانتصار سيعطيها حضورا وزخما في سوريا، فانه قد يضعها في علاقات متشابكة في المرحلة الجديدة .
من جانبه، يرى الدكتور اليان مسعد منسق “الجبهة الديموقراطية العلمانية”، أن العودة إلى الاتفاق النووي ستؤمّن بيئة إقليمية ودولية، مساعدة لسوريا، كي تخرج من كارثتها بالتدريج ، خلال الأعوام المقبلة. لكن ذلك “يبقى رهن بالمآلات السياسية للحرب الروسية – الاوكرانية ، لان الانخراط السياسي السوري الى الجانب موسكو سيجعلها شريك بالمغنم او المغرم ايضاً وسيحسب الاخرون حساباتهم بناء على ذلك” ، بمعنى “سوريا العراق واليمن ودول الخليج وتركيا واسرائيل لن يكونوا خارج دائرة ترددات العودة إلى الاتفاق النووي”.
أضاف مسعد :” سوريا من أبرز المسارح التي يتواجد فيها الأميركيون والروس بشكل متجاور، لذلك هي مرشحة للتأزيم او الحل حسب تطور الوضع الاوكراني”، لافتا الى ان اعتراف اميركا بقوة الدور الإقليمي الإيراني سيكون سبباً في التعاطي الأميركي مع وقائع الإقليم عبر نظرة مغايرة لما سبق، اي “أكثر تدخلا”.
احتاطت سوريا سلفا لنتائج العودة إلى الاتفاق النووي بإرسال اللواء علي مملوك الى ايران لاستطلاع هذه النقاط، واستقبلت دمشق أكثر من مسؤول ايراني ، ولا تخرج زيارة الرئيس بشار الأسد الى الامارات بأحد وجوهها عن سياق التحوط نفسه، فـ “الدول النافذة في سورية ستسعى إلى إعادة ترتيب أوراقها”.
اما الدكتور يحيي العريضي عضو هيئة التفاوض السورية المعارضة، فيرى أن وضع ايران لن يختلف كثيراً “بحكم مبدأ التقية، فهي، اي طهران، لا تظهر راحتها عند الرخاء ولا توترها عند الضغط”. أضاف: “ستكون أكثر جشعاً وتدخلاً في الشأن السوري، وستتصرف كولية أمر،وستكون الأمور بينها وبين روسيا غير مريحة للطرفين، واذا استمر التنسيق الروسي- الاسرائيلي في سوريا، ستتعرض إيران إلى أوضاع لم تألفها من قبل”.

مواضيع ذات صلة

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

إحدى وثلاثون سنة من الغياب مضت على انطفاء فارس السرد "هاني الراهب" ومازالت نصوصه تتوهج وتمارس سطوتها وحضورها الآسر على أجيال أتت من بعده تتقرى معانيه وتتلمس خطاه رغم التعتيم والتغييب الذي مورس بحقه على مر الزمن الماضي ومحاصرته في لقمه عيشه بسبب من آرائه ومواقفه،...

الواقعية النقدية لدى ياسين الحافظ

الواقعية النقدية لدى ياسين الحافظ

ياسين الحافظ كاتبٌ ومفكر سياسي سوري من الطراز الرفيع، يعدُّ من المؤسسين والمنظرين للتجربة الحزبية العربية. اشترك في العديد من الأحزاب القومية واليسارية، ويعدُّ الحافظ في طليعة المفكرين التقدميين في العالم العربي، اتسم فكره بالواقعية النقدية، تحت تأثير منشأه الجغرافي...

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

يمثل عبد السلام العجيلي ذاكرة تأسيسية في مدونة الأدب السوري، ذاكرة من من ذهب وضياء، ضمت في أعطافها عبق الماضي وأطياف الحاضر، امتازت بقدرته الفائقة في الجمع بين مفهومين متعارضين ظن الكثيرون أنه لا لقاء بينهما، ألا وهو استلهامه واحترامه للتراث وللإرث المعرفي المنقول عمن...

مواضيع أخرى

كي لا تصبح دمشق سجناً لأبنائها مرة أخرى

كي لا تصبح دمشق سجناً لأبنائها مرة أخرى

بين اللطم المشهديّ في الشوارع "ولبّيك يا حسين" إلى "أعزّنا الله وأذلّكم"، و"الشام عادت إلى أهلها أمويّة أمويّة رغم أنف الحاقدين"، وفي ظلّ حملةٍ أمنية متبّلة، في بعض تصريحاتها، ببهارات الانتصار الطائفية، ومشهدية صارخة لمعاملة الآخر المعتقل كحيوان وإجباره على النباح أو...

تحرّر الإبداع في سوريا الجديدة

تحرّر الإبداع في سوريا الجديدة

حين نعود بالزّمن إلى ما قبل سقوط نظام الأسد في سوريا، نجد أنفسنا أمام مشهدٍ ثقافيٍّ ضعيفٍ يخفي خلفه واقعًا قمعيًّا. كانت الكتب والمجموعات الشّعريّة الصّادرة عن الهيئة السّوريّة للكتاب، إلى جانب الرّوايات والمجلاّت، مجرّد واجهةٍ تروّج للإبداع المزيّف تحت سيطرة السّلطة....

تدريباتنا