تدريباتنا

درس العراق” يبقي اميركا في سوريا”

بواسطة | أبريل 6, 2018

أعطى الرئيس الأميركي دونالد ترمب مهلة ستة أشهر قبل الانتخابات النصفية في الكونغرس لتحقيق «الانتصار الكامل» على تنظيم داعش شرق سوريا، وبدء الانسحاب التدرجي القوات الأميركية، في وقت يسعى جميع قادة المؤسسات الأميركية وحلفاء واشنطن في أوروبا والشرق الأوسط لتوفير حوافز للرئيس ترمب كي يعود إلى استراتيجية وزير الخارجية ريكس تيلرسون للبقاء «إلى أجل غير مسمي» لتحقيق جملة أهداف، بينها «عدم تسليم سوريا الى روسيا وايران» وعدم «سيناريو العراق» 2011.

وأكد مسؤولون غربيون لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن إرسال وزارة الدفاع (بنتاغون) قوات أميركية جديدة إلى شرق الفرات كان بموجب قرار من ترمب صدر نهاية العام، وضمن عمليات التبديل الدوري بين القوات التي يبلغ عددها نحو ألفين جندي ضمن التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، مشيرين إلى أن وصول مئات الجنود من التحالف إلى منبج لم يكن ضمن إرسال قوات جديدة، بل انتقال الجنود من شرق الفرات إلى شمال شرقي حلب لـ«تأكيد الرغبة بحماية الحلفاء وإرسال إشارة إلى أنقرة» التي تريد إرسال قواتها بعد عفرين وتل رفعت إلى منبج والضغط للوصول إلى اتفاق مع واشنطن يتضمن إخراج «وحدات حماية الشعب» الكردية من منبج إلى شرق الفرات.

وبحسب هؤلاء المسؤولين الغربيين الذين اطلعوا على نتائج اجتماع مجلس الأمن القومي الأميركي برئاسة ترمب الثلاثاء، فإن الرئيس الأميركي كرر أكثر من مرة رغبته في بدء سحب القوات الأميركية «في أسرع وقت ممكن» باعتبار أن مهمة القضاء على «داعش» شارفت على الانتهاء. وأكد المسؤولون ما نُشر في صحيفة «واشنطن بوست» ووسائل إعلام أميركية، من أن ترمب كرر مرات عدة أن أميركا دفعت سبعة تريليونات دولار أميركي خلال 17 سنة في الشرق الأوسط من دون عائدات، وأن الوقت حان كي يساهم الحلفاء الغربيون وفي المنطقة في تحمل كلفة الجهود العسكرية الأميركية والقيام بواجباتهم لـ«ملء الفراغ» بعد الانسحاب الأميركي.

كما أشار ترمب، في الاجتماع، إلى أنه يريد الالتزام بوعوده الانتخابية بالتركيز على مصالح أميركية وسحب قواته من الشرق الأوسط. وبدا أن ترمب يريد حصول ذلك قبل الانتخابات النصفية في الكونغرس في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حيث تتم إعادة انتخاب أعضاء مجلس النواب (يضم 435 مقعداً)، وثلث أعضاء مجلس الشيوخ (يضم 100 مقعد).

وقال مسؤول غربي لـ«الشرق الأوسط»، إن قادة وزارتي الدفاع والخارجية و«وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي إيه) ومستشار مجلس القومي «شنوا هجوماً مضاداً». كما ذكّر حاضرون في الاجتماع الرئيس ترمب بـ«احتمال» تكرار الخطأ ذاته الذي قام به الرئيس السابق باراك أوباما في 2011 عندما قرر سحب عشرة آلاف جندي أميركي من غرب العراق؛ ما أدى إلى عودة تنظيم «القاعدة» بثوب جديد عبر «داعش». وعلى عكس قول ترمب، أن «(داعش) شارف على الهزيمة»، أشار مسؤولون أميركيون إلى أن «داعش» لا يزال يسيطر على جيبين شرق سوريا بنحو ثلاثة آلاف عنصر: الأول، وادي الفرات. الآخر، قرب حدود العراق.

وفي الاجتماع شرح مسؤولون «الأبعاد الاستراتيجية للقرار الأميركي»، لافتين إلى أنه جرى التذكير أيضا بالاستراتيجية التي أعلنها وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون في بداية العام الحالي «التي أقرت بعد أشهر من المشاورات داخل المؤسسات الأميركية قبل أن يقرها ترمب نفسه». وإذ بدا أن ترمب «لم يعد معجباً» باستراتيجية تيلرسون الذي سيحل محله مدير «سي آي إيه» مايك بومبيو بعد موافقة الكونغرس، جرت الإشارة في اللقاء إلى أن «أهداف الاستراتيجية لا تزال صالحة» وتشمل خمسة أهداف: منع عودة «داعش»، تقليص نفوذ إيران بالسيطرة على منطقة على الطريق البري بين إيران والعراق وسوريا و«حزب الله»، الضغط مع روسيا لتحقيق انتقال سياسي، عودة اللاجئين من دول الجوار الحليفة لأميركا، منع استخدام السلاح الكيماوي.

وقيل في الاجتماع، إن الانسحاب الأميركي «يعني تسليم سوريا إلى روسيا، وفقدان أي ورقة ضغط، والتسليم بالوجود الإيراني في سوريا والعراق»، إضافة إلى قيام التحالف الثلاثي الروسي – التركي – الإيراني بـ«إقرار ترتيبات لملء الفراغ» وانعكاس ذلك على وجود القوات الأميركية في العراق.
عليه، قال المسؤول الغربي، أمس، إن الموقف الأميركي بعد اجتماع الثلاثاء يقع حالياً بين احتمالين: الأول، تمسك ترمب بموقفه بدفع الجيش الأميركي والتحالف لتحقيق هزيمة «داعش» في شكل كامل في آخر جيبين له ثم إعلان بدء الانسحاب عشية الانتخابات النصفية بداية نوفمبر المقبل مع إعطاء مهلة ستة أشهر للانسحاب التدرجي. الآخر، نجاح المسؤولين الكبار في الإدارة الأميركية، خصوصاً بعد تسلم جون بولتون منصبه مستشاراً للأمن القومي خلفاً لهاربرت ماكماستر في 9 الشهر الحالي، وتسلم بومبيو وزارة الخارجية، بإقناع ترمب بالبقاء شرق سوريا والتواصل مع الحلفاء في أوروبا والمنطقة لتوفير الدعم العسكري والمالي للمهمة الأميركية. وقال دبلوماسي غربي: «هناك احتمال أن تزيد أميركا جهودها، خصوصاً أن مسؤولين أميركيين يعتقدون أن تحقيق الأهداف الاستراتيجية الخمسة المعلنة يتطلب أضعاف عدد الجنود الأميركيين ومن الحلفاء»؛ الأمر الذي أعاد إلى طاولة البحث زيادة دعم فصائل عربية واحتمال إرسال قوات من الدول الغربية والعربية المنضوية في التحالف ضد «داعش» إلى شرق الفرات.

هنا، أثار خبير مقرب من واشنطن فكرة ربط أميركا والتحالف بين ثلاثة جيوب في ثلاث زوايا تقع تحت النفوذ الأميركي: شرق نهر الفرات، حيث تقع قواعد عسكرية أميركية و«قوات سوريا الديمقراطية» في زاوية الحدود السورية – العراقية – التركية، معسكر التنف في زاوية الحدود السورية – العراقية – الأردنية، هدنة الجنوب في زاوية الحدود السورية – الأردنية – الإسرائيلية.

في موازاة ذلك، بدأت ملامح اتصالات للحصول على دعم مالي ولوجيستي لتقوية الإدارات المحلية وعوامل الاستقرار وإعادة البناء شرق سوريا، إضافة إلى البحث عن وسائل لاستثمار الغاز والنفط من شرق الفرات، خصوصاً أن خبراء يعتقدون أن مناطق حلفاء واشنطن تضم 90 في المائة من النفط السوري البالغ 360 ألف برميل يومياً و45 في المائة من الغاز ومحاصيل زراعية وسدود مائية وكهرباء؛ ما يعني احتمال «توفير إمكانية لاعتمادها اقتصادياً على مصادرها الخاصة».

ويتوقع، بحسب المسؤولين، أن تشهد المرحلة المقبلة اتصالات داخل الإدارة الأميركية من جهة وبين واشنطن وحلفائها الغربيين وفي المنطقة من جهة أخرى؛ لمعرفة اتجاه الوجود الأميركي في سوريا بين «بدء الانسحاب بعد ستة أشهر» و«البقاء واحتمال تعزيز الوجود».

مواضيع ذات صلة

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

يمثل عبد السلام العجيلي ذاكرة تأسيسية في مدونة الأدب السوري، ذاكرة من من ذهب وضياء، ضمت في أعطافها عبق الماضي وأطياف الحاضر، امتازت بقدرته الفائقة في الجمع بين مفهومين متعارضين ظن الكثيرون أنه لا لقاء بينهما، ألا وهو استلهامه واحترامه للتراث وللإرث المعرفي المنقول عمن...

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

إلى جانب كونها مدينة الطرب والقدود، برعت حلب وتميَّزت في فن الموشحات، وذلك بفضل كوكبة من ملحنيها ووشاحيها المبدعين، الذين كانوا مخلصين لذلك الفن  وحافظوا على روح وألق الموشح العربي وساهموا في إغنائه وتطويره، ومن أبرزهم الشيخ عمر البطش، الذي ساهم على نحو خاص في...

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

في الخامسة من عمره حظيت إحدى لوحاته بإعجاب العديد من أساتذة الرسم، نصير شورى الذي ولد عام ١٩٢٠ والذي كان محط عنايةٍ خاصة من والديه: محمد سعيد شورى، الأديب والشاعر الدمشقي المعروف، وأمه، عائشة هانم، ذات الأصول العريقة. فكان أن تلقى تعليماً خاصاً منذ نعومة أظفاره...

مواضيع أخرى

النساء ومعاركهن المتجددة

النساء ومعاركهن المتجددة

 يتم تسويف قضايا النساء بذرائع متعددة على الدوام، مرة بذريعة الحرص على الأخلاق العامة، ومرة أخرى بذريعة عدم المواجهة مع قوى الأمر الواقع، ومرات بذرائع تنبع فجأة من خبايا السنين وتصير حاضرة بقوة مثل طبيعة المرأة البيولوجية، أو التشريح الوظيفي لدماغ المرأة، وصولاً...

مرحلة اللادولة: بين إرث الماضي ومسؤولية المستقبل

مرحلة اللادولة: بين إرث الماضي ومسؤولية المستقبل

تمر سوريا اليوم بمرحلة فارقة في تاريخها، حيث يقف الجميع أمام اختبار صعب: هل يمكن تجاوز إرث القهر والاستبداد لبناء دولة جديدة قائمة على الحرية والكرامة؟ أم أننا سنتعثر مجددًا في أخطاء الماضي، التي صنعها الخوف، الصمت، وصناعة الأصنام؟ اليوم، نحن في حالة فراغ سياسي...

قراءة في المشهد السوري بعد سقوط النظام

قراءة في المشهد السوري بعد سقوط النظام

شهدت سوريا خلال أربعة عشر عامًا من الصراع تحولًا جذريًا في موازين القوى المحلية والإقليمية والدولية. بدأ الحراك شعبيًا وسلميًا، لكنه انتهى بصراع مسلح معقد ومدعوم خارجيًا، في ظل غياب قوة سياسية مؤثرة ميدانيًا. وبينما ساندت روسيا وإيران النظام السوري، مما أطال أمد...

تدريباتنا