تدريباتنا

فيلُولوجيا الأزهار

بواسطة | مارس 23, 2018

من نصٍّ طويلٍ بعنوان (فيلُولوجيا الأزهار)

لماذا لا نؤقِّتُ أعمالَنا على السَّاعةِ البسيطةِ في زهرةِ السَّاعة؟

ماذا تتعبَّدُ في اللَّيلِ زهرةُ عبَّاد الشَّمس؟

ألَمْ يَفِضْ حليبُ المجرَّةِ مِن زهرةِ أفيون؟

لأجلِ أيِّ قدَّاسٍ مسائيٍّ ترنُّ زنابق الوادي؟

أليست النَّيلوفراتُ هي المآوي البيضاء التي تهبطُ فيها جفونُ اللَّيل؟

هل قشَّرَ أحدٌ السَّماءَ والقشرُ المنفوضُ على الأرض هو أزهارُ الونكة؟

أليست أزهارُ البنفسج وثائق شعريَّة؟

أثمَّة في الأرض موقدٌ أبسطُ من زهرةِ خشخاش؟

كم غسقاً حُوصِرَ في زهرةِ زعفران؟

أليست في آنٍ واحدٍ قنديلاً ودَلْواً زهرةُ التَّوليب؟

هل انتبهَ أحدٌ إلى الزَّورقِ في كلمةِ خُزامى؟

كيف لا نرى أنَّ هناك وحدةً بين تثاؤب طفلٍ وتَفَتُّحِ زُهيرة آستر؟

من أين تفقسُ النُّجومُ إن لم يكن من زهرة فاوانية مُنتفخة؟

كم ضعفاً تُكبِّرُ أزهارُ الختميَّةِ الصَّيفَ؟

كيف تحوَّلَتْ أزهارُ البهشيَّةِ من حبَّاتِ زَبَدٍ إلى قطراتِ دم؟

أتريدُ أن تغترفَ من الأبديَّةِ، زهرةُ القبَّار، بكلِّ هذه الأذرع الممدودة؟

أرأيتُم كيف يعانقُ الجرحُ أجنحتَه في زهرةِ بخور مريم؟

إذا أمسكتُ أقحوانةً بيضاءَ بيميني وأقحوانةً صفراء بشِمالي، هل سأدورُ كَكَوكب؟

أيتهادى العاشقان في أزهار الدَّهليَّةِ نجومَ الشَّيطان؟

أيُّ مفاتيحَ أفضَلُ لأقفالِ الشِّتاء من أزهارِ السُّورنجان؟

ماذا تريدُ أن تمحوَ أزهارُ الصَّاصَلِ البيضاءُ في حديقةِ المقبرةِ المظلمة؟

أهناك حقَّاً وحدةُ دمٍ بين القرنفل الأحمر وشِفاه العاشقين؟

كيف استطاعت الوستارية هكذا، أن تصنعَ مِن نفسِها كاتدرائيَّةَ نفسِها؟

أيُّ نهارٍ في خاصرةٍ في قبَّةٍ في سحابةٍ محضونٌ بلا حدٍّ في الأرطاسيا؟

*  * *

إلى أطفالِ سوريا

ثمَّةَ، بينما تموتون، طائرُ حُمَيراء

يضعُ مُنتشياً، في جوفِ حورةٍ سوداء،

بيضتَه الزَّرقاء الأولى.

بينما تموتون، يَدخلُ قلبي معكم

في الغيمةِ الأخيرةِ لِعالَمٍ بدأ مُنتهياً،- أدخلُ معكم

في الخشخاشِ الأبيضِ، في البحر المتباطئ.

بينما تموتون، الله والقاتلُ،

على شرفةٍ واحدةٍ، يشربان النِّسكافيه ويضحكان.

فقط؛ يشربان النِّسكافيه ويضحكان.

 * * *

في هذه البلاد

في هذه البلاد، اللَّيلُ      

لا يهبطُ على نهارٍ،   

النَّهارُ لا  يطلعُ مِن ليلٍ،

اللَّيلُ لا يُولَجُ في النَّهارِ،

النَّهارُ لا يُولَجُ في اللَّيلِ،

في هذه البلاد، اللَّيلُ

يهبطُ على ليلٍ آخر،

اللَّيلُ الآخرُ يطلعُ مِن ليلٍ قبلَه،

اللَّيلُ يُولَجُ في ليلٍ

داخلَ ليلٍ

داخلَ ليلٍ

داخلَ ليل.

* * *

نصوصٌ متفرِّقة

ما اسمُ اليَنبوعِ       

قبلَ أن يُباشِرَ انبجاسَه؟  

طائرُ الصُّفَيرِ الذَّهبيِّ، ما اسمُهُ

وهو بَعْدُ فرخٌ أخضر؟

ماذا كان يُسَمَّى اللونُ البنفسجيُّ  

قبلَ أوَّلِ زهرةِ بنفسَج؟

ومِن دون الخريفِ ما اسمُها

شجرةُ القيقبِ الأحمر؟

*

هل الزَّنابقُ السَّوداءُ في الشَّمس       

دُفعاتٌ صغيرةٌ من الليل؟  

وهل أزهارُ الجِربارةِ الصَّفراءُ في الليل

لمساتٌ مُخَفَّفَةٌ من الشَّمس؟  

*

مَن يئنُّ في الوادي؟      

شجرةُ الحورِ التي تنهشُها الرِّياح

أمِ الرِّياحُ التي عَلِقَتْ

شجرةُ حَورٍ  بأسنانها البيضاء؟

*

لا أعلمُ أبندقيَّتان أم كستنائيَّتان      

عيناكِ: أعلمُ

أنَّ قلبي أمامَهما يقفزُ كَسِنجاب.

*

تتدحرجُ مع الليلِ وتعذِّبُني  

فكرةُ الضَّوءِ

في المصابيحِ المُطْفَأة.

*

هل تنظرُ السَّماءُ في الليل    

إلى بآبئ عيونِ القِطَط  

كما ننظرُ نحنُ إلى النُّجوم؟   

*

لا أتخلَّصُ أبداً

مِن حُزنِ بكرةِ التَّحبير المعطَّلة

في آلةٍ كاتبةٍ قديمةٍ ومُهمَلَة.

*

لكي أصنعَ ليلي      

أرمي قلبي كلَّ غروبٍ في الزَّبَدِ الأحمر    

وأنتظرُ فَحْمَتَهُ  

أنْ تأتي إليَّ

بالغابةِ الخرِبَةِ المدلهمَّة.   

*

لا أفعلُ في الرَّبيع       

سوى أنَّني أَخرُجُ

لأساعدَ الاحتقانَ الورديَّ  

في كلِّ الأكمامِ الزَّهريَّةِ  

على التَّشقُّق.    

*

اللَّيلُ كاتدرائيَّتي الكبيرة        

حيثُ كلُّ الآلهةِ

تدخلُ بِظِلالٍ مُرتعشةٍ لِتَعبُدَني   

وأنا البسيطُ   

أتثاءبُ مُشيحاً بوجهي عنها

نحوَ نجمةٍ مُحتارةٍ

بين ثوبٍ بنفسجيٍّ وآخرَ أحمر.

*

لماذا أيَّتُها اللغةُ

كلُّ بابٍ أحرِّرُكِ منهُ  

تحبِسينني خلفَه؟   

مواضيع ذات صلة

من الثورة إلى النهضة: إضاءة على فكر طيب تيزيني

من الثورة إلى النهضة: إضاءة على فكر طيب تيزيني

طيب تيزيني اسم أكبر وأهم من أن نُعرِّفه عبر سطور أو صفحات قليلة؛ لأنه جسَّد أفكاره تجسيداً عملياً، فكانت مؤلفاته تفيض من تفاصيل حياته ومواقفه الإنسانية والسياسية، وكانت حياته ومواقفه وبحق تعبيراً صادقاً عن أفكاره وفلسته، فكان فيلسوفاً بل حكيماً بكل ما تعنيه هذه...

 محمد مُحسن: صانع النجوم ومبدع الألحان الخالدة

 محمد مُحسن: صانع النجوم ومبدع الألحان الخالدة

 خلال مسيرته الفنية الحافلة بالعطاء، والتي استمرت لأكثر من نصف قرن، أبدَعَ مدرسة لحنية وغنائية متفردة وغنية ومتكاملة، تركت بصمتها المؤثرة في تاريخ الموسيقى العربية، وقد ساعدته موهبته في الغناء في فهم طبيعة الأصوات التي لَحَّن لها، فكان يُفصِّل اللحن على مساحة...

جُرح في الزوبعة

جُرح في الزوبعة

كانت حياة أنطون سعادة القصيرة (1904-1949 م) أشبه بدورة الإله بعل في الميثولوجيا الكنعانيّة القديمة، فبعل الذي يموت ويولد على نحوٍ أبديٍّ، وفقاً لـ"ألواح أوغاريت"، يرمز إلى "بلاد كنعان" أو "فينيقيا" تبعاً لتسميتها اليونانيّة القديمة، هذه البلاد التي مهما حاقَ بها من...

مواضيع أخرى

ماذا تبقى من طقوس وعادات رمضان؟  

ماذا تبقى من طقوس وعادات رمضان؟  

لشهر رمضان في سوريا عاداتٍ وطقوسِ اجتماعية وإنسانية، حرصت العائلات السورية على توارثها والتمسك بها عبر عشرات السنين، حتى تحولت إلى ما يشبه التراث الاجتماعي، ومن أشهرها "سِكبة رمضان" التي  تخلق حالة من الألفة والمحبة والتكافل الاجتماعي بين الناس، الذين يتبادلون...

“عيدٌ بأية حالٍ عدتَ؟”: غلاءٌ وعوائل حزينة

“عيدٌ بأية حالٍ عدتَ؟”: غلاءٌ وعوائل حزينة

لطالما يسخر السوريون من أنفسهم حين يكررون في كل عيدٍ الشطر الأول من قصيدة المتنبي "عيدٌ، بأية حالٍ عدتَ يا عيد؟"، ربما كان معظمهم يعلم شطره الثاني: "بما مضى أم بأمرٍ فيك تجديد"، وأنّ تشابه أيامهم بات فيه من السخرية الكثير، ولكنّ لا شك-أنّ معظمهم لم يكمل القصيدة، لا...

الجمعيات الخيرية: المنقذ الرمضاني في غياب الدعم الحكومي

الجمعيات الخيرية: المنقذ الرمضاني في غياب الدعم الحكومي

مع بدء الحرب السورية تمكنت المؤسسات والمنظمات غير الربحية المندرجة تحت مظلة المجتمع المدني من إثبات وجودها وترك بصمتها على أرض الميدان، فكانت الجمعيات الخيرية والمبادرات الفردية الإنسانية أولى الجهات غير الرسمية التي استطاعت توسيع دورها على خارطة العمل وإنقاذ الفئات...

تدريباتنا