تدريباتنا

“قلب جديد – أمل جديد” مبادرة انسانية لعلاج أطفال سوريين في فرنسا

بواسطة | أكتوبر 9, 2022

زين الهادي ٥ سنوات، كان لديه تشوه في القلب يدعى “رتق او انسداد الصمام الرئوي، مع فتحة بين البطينين وضمور في حجم الشرايين الرؤية”، أما أخاه يزن الهادي 4 سنوات، فيعاني من تشوه يدعى رباعي فالو.

يقول والد الطفلين حمود الهادي، 45 عاما، وهو من قرية الهيت شمال شرق السويداء :”وضع زين كان معقد جدا وصعب، فلديه تشوه ولادي بالقلب، وقد عرفنا هذا مذ كان عمره 20 يوما في مشفى السويداء ، وبعد رحلة علاج في دمشق لم نصل الى نتيجة، وكل الاطباء ابدوا تشاؤمهم “.

إثر الوضع الصحي الصعب للصبيين، قطع الهادي رحلة اغترابه من أجل العام وعاد لسوريا ليحاول إنقاذهما “لم نترك فرصة عند طبيب، او مشفى، تعرضنا لحالات استغلال كثيرة، وطلب منا مبالغ خيالية، وكله لم ينفع” بحسب قوله.

كان هم الهادي انقاذ ابنه زين، و زاد همه مع حالة الابن الثاني، استمرت رحلة عذاب العائلة طيلة خمس سنوات، أنفقت فيها كل مدخراتها وباعت بيعها، “لكنني لم أيأس، وما إن سمعت بمبادرة (قلب جديد)، تواصلت مع الطبيب المسؤول فوراً وقد أبدى ترحيبه وأجرينا العملية للصبيين في لبنان العام الماضي، وكلاهما بخير الآن وحياتهما عادت لوضعها الطبيعي” يقول الهادي.

و “قلب جديد – أمل جديد”، هي مبادرة انسانية تعنى بعلاج الأطفال السوريين المصابين بأمراض قلبية، ممن تتطلب حالاتهم إجراء عمليات جراحية. أطلقت المبادرة من قبل الدكتور عصام قماش، وهو اختصاصي واستشاري أمراض القلب عند الاطفال، وذلك في آذار عام ٢٠٢١، منذ ذلك التاريخ تكفّلت المبادرة بعمليات عشرات الأطفال السوريين مجاناً على نفقة جمعية “الإخاء” الفرنسية

الدكتور قماش يحمل الجنسيتين السورية والفرنسية، وهو مقيم في فرنسا منذ ١٧ عاماً، وعن المبادرة يقول :” أعرف  جيدا الصعوبات التي يواجهها السوريون لإجراء عمليات قلب معقدة لأطفالهم، وأثناء اجازاتي السنوية في سوريا سمعت عن العديد من الأطفال الذين يحتاجون لهذه العمليات إلا أنهم لم يتمكنوا من إجرائها، مما أدى لتدهور وضعهم الصحي تدريجيا” .

وتهدف المبادرة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من تشوهات قلبية ولادية عبر عمليات جراحية في فرنسا، بالتعاون مع جمعية “الإخاء”، وهي جمعية غير حكومية تُمول من التبرعات والشركات والمدارس الفرنسية. حيث تتم دراسة كل حالة تصل للمبادرة، ويتم تجهيز الملف بعد ترجمه لتأمين قبول طلبه، وتوفير تسهيلات السفر والرعاية قبل العملية وبعدها.

وهذه المبادرة هي واحدة من عدّة مبادرات طبيّة، تشكل ملاذا للمصابين بحالات مرضية مستعصية، أو تلك التي تتطلب عمليات جراحية دقيقة، وتكاليف باهظة، لا يمكن للعديد دفعها في بلد مثل سوريا، يعاني تبعات الحرب من دمار وفقر.

الطفل مصطفى الحريري، ١٢ عاما من مدينة داعل محافظة درعا، أجرى عملية قلب في شهر تموز الماضي، لتأتي بعد ذلك “أفضل شهور حياته صحياً” بحسب قوله والدته التي أضافت “كان مصطفى يعاني منذ  الولادة من مشكلة بالقلب، في الشريان الابهر تحديداً، فلديه فتحة في القلب، و تضييق رئوي، وقد تمت معالجة كل هذه المشكلات في فرنسا، واليوم مصطفى بصحة جيدة، ومواظب على دراسته”.

وتروي والدة مصطفى رحلة سنوات من العذاب، حيث حذر الأطباء في دمشق من صعوبة اجراء هذا النوع من العمليات، وبسبب توقف البعثات الطبية الدولية عن القدوم لسوريا، أصبح الأمل بنجاته ضئلاً.

وتتذكر والدة مصطفى ، ما قاله لها آخر طبيب زارته في دمشق “طفلك يحتاج الى زراعة قلب”، “وكيف أجهشت بالبكاء، وخرجت وهي فاقدة للأمل”.

من جهته لا زال الطفل يوسف، من طرطوس، في باريس بانتظار العملية، لينضم للبنى، جود، حلا، لمار، وغيرهم ممن أعطتهم المبادرة مع المنظمة الفرنسية أملاً جديداً.

ويذكر أن “جمعية الإخاء” عمرها ٢٥ عاما، وقد عالجت حوالي ٤ ألاف طفل قدموا من مختلف الدول الإفريقية، الشرق الاوسط وأسيا واوروبا الشرقية، وتتكفل  بإجراء العمليات اذا توفرت جملة من الشروط ؛منها أن تكون حالة الطفل قابلة للعلاج والجراحة، اضافة الى ‏موافقة الأهل على سفر الطفل لوحده.

ويتم احضار الاطفال وإعادتهم عن طريق جمعية “طيران بلا حدود” من مطار بيروت عند انتهاء العلاج، ويتم استقبال الطفل أثناء علاجه في فرنسا عند عائلة تعرفها الجمعية، وهي تتكفل بنفقات العلاج وتذاكر سفر الطفل، وعلى الأهل فقط تكاليف معاملة الحصول على الفيزا.

مواضيع ذات صلة

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

يمثل عبد السلام العجيلي ذاكرة تأسيسية في مدونة الأدب السوري، ذاكرة من من ذهب وضياء، ضمت في أعطافها عبق الماضي وأطياف الحاضر، امتازت بقدرته الفائقة في الجمع بين مفهومين متعارضين ظن الكثيرون أنه لا لقاء بينهما، ألا وهو استلهامه واحترامه للتراث وللإرث المعرفي المنقول عمن...

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

إلى جانب كونها مدينة الطرب والقدود، برعت حلب وتميَّزت في فن الموشحات، وذلك بفضل كوكبة من ملحنيها ووشاحيها المبدعين، الذين كانوا مخلصين لذلك الفن  وحافظوا على روح وألق الموشح العربي وساهموا في إغنائه وتطويره، ومن أبرزهم الشيخ عمر البطش، الذي ساهم على نحو خاص في...

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

في الخامسة من عمره حظيت إحدى لوحاته بإعجاب العديد من أساتذة الرسم، نصير شورى الذي ولد عام ١٩٢٠ والذي كان محط عنايةٍ خاصة من والديه: محمد سعيد شورى، الأديب والشاعر الدمشقي المعروف، وأمه، عائشة هانم، ذات الأصول العريقة. فكان أن تلقى تعليماً خاصاً منذ نعومة أظفاره...

مواضيع أخرى

في وقت فراغي: ستَّة نصوص لِـ(أديبة حسيكة)

في وقت فراغي: ستَّة نصوص لِـ(أديبة حسيكة)

(1) في وقت فراغي كنتُ أملأ الأوراق البيضاء بالحقول كان يبدو الفجر أقرب و السحاب يمرّ فوق الطرقات بلا خسائر..  وكان الماضي  يمتلئ  بالألوان. لا شيء مثل اللحظة حين لا تجد المسافة الكافية لتخترع أجنحة تكاد تنمو كزهرة برية.  بدأتُ أجمع صوتي من الريح و أفسّر...

فصلٌ من القهر والعذاب: كيف مضى فصل الصيف على سوريا؟

فصلٌ من القهر والعذاب: كيف مضى فصل الصيف على سوريا؟

لم يكتفِ الناس في سوريا من معاناتهم وأوجاعهم اليومية، التي فرضتها ظروف الحرب وما تبعها من أزماتٍ متلاحقة وتردٍ في الواقع الاقتصادي والمعيشي، حتى أتى فصل الصيف، الذي سجل هذا العام ارتفاعاً كبيراً وغير مسبوق في معدلات درجات الحرارة، وكان الأقسى على البلاد منذ عقود،...

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

رغم انتشار ثقافة المطالعة واستقاء المعلومات عن طريق الشبكة العنكبوتية إلا أن ملمس الورق ورائحة الحبر بقيا جذابين للقارئ السوري. ولم تستطع التكنولوجيا الاستحواذ على مكان الكتاب الورقي، أو منافسته. وبقي الكتاب المرجع الأساسي والحقيقي لأي بحث علمي وأكاديمي، ولم يستطع...

تدريباتنا