أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة...
تدريباتنا
ورشة تدريب صالون سوريا
يعلن فريق #صالون_سوريا، التحضير لدورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة...
يتوارى الممثل عن الأنظار خلف جدار أو ستارة، بينما يتولى صوته وأصابعه مهمة إدخالك إلى عالم كبير من الدهشة والإبهار البصري ليعيدك إلى ألفة ماضية. يتوحد الممثل مع الشخصيات الإنسانية في حركات انسيابية وتنقلات ممشوقة متماهياً مع الأداء الحركي والصوتي بخفة عالية. هذه المشاهد تدور في فلك مسرح العرائس “الماريونيت” وهو فن شعبي تتأصل جذوره في الثقافات الآسيوية القديمة، والتي ازدهرت في البلدان العربية في نهاية القرن الثالث عشر.
تمكنت الفنانة التشكيلية المختصة بفنون مسرح العرائس هنادة الصباغ من تطويع مادة الكرتون التالفة والمهترئة لتحولها إلى تماثيل متحركة في العديد من معارضها وورشات العمل التي تقيمها على الدوام. تبث هنادة الحياة في أوردة العرائس، حيث تبدو بألوانها الطبيعية الأقرب للون البشرة، وكأنها شخوص حية تتعانق وتتحاور وتعبر عن مكنوناتها الفسيحة ومشاعرها المتقدة. تتحدث الصباغ لـ “صالون سوريا” عن فن العرائس واصفة إياه بأنه: “فن قائم على المحاكاة وقد وجد منذ العصور القديمة وتطور مع تطور البشرية فدخل بالطقوس الشعبية”. تؤكد الصباغ على الدور التربوي والجمالي للدمية وعلاقتها بالممثل للارتقاء لمصافي الدول الأوربية والعودة للموروث الذي يحمل في طياته علاقتنا بالفطرة مع هذا الفن.
تُشير الفنانة التشكيلية إلى أن الحداثة تعدت على فن العرائس بوصفه موروثاً، غير أن النزعة إلى التراث والحنين للقديم باقية بالفطرة، إذ تمكن هذا الفن من إيصال الأفكار ونشر الوعي الإنساني، والاجتماعي، والديني، والسياسي. هذا عدا عن لعبه دوراً هاماً في الترفيه عن الكبار والصغار، حيث يمس الحالة الذهنية والحسية والحركية لديهم فقد وجد منذ زمن الفراعنة وفي الأساطير الصينية واليابانية الشعبية وكذلك في بلاد ما بين النهرين وتركيا، كذلك انتشر في أوروبا من خلال المسارح الجوالة بين المدن.
تتجاوز الدمية عن كونها نسيج من الأقمشة والخيوط التي تجعلها متماسكة في مجالها الحركي، بل هي حيز حميمي يحتوي روح الممثل لتتجسد فيها انفعالاته وأحاسيسه لينقلها إلى المتلقي بأمانة وخفة ظل تجعلهما شخصاً واحداً، وعن ذلك تقول الصباغ: “أن يتفاعل الجمهور مع الدمية وكأنها إنسان حقيقي، هو دليل على حالة انسجام عالية المستوى للممثل مع الدمية.”
مسرح العرائس في سوريا
تخطو سوريا بخطى بطيئة نحو فن العرائس بالرغم من كونها كانت تخوض تجارب ثرية في حقبة الستينيات والسبعينيات، حيث كان مسرح العرائس في حالة ازدهار آنذاك أكثر بكثير من الوقت الحالي. تعلق الصباغ على حالة تراجع هذا الفن بالقول: “يعود السبب لتطور التلفزيون والسينما ومواقع التواصل الاجتماعي التي لها تأثير كبير، إذ تغيرت نظرة الإنسان للأشياء وأصبحت مادية أكثر، كما فقد الشغف بالدمية رونقه تدريجياً وأهمل بعد ما كانت تقام له ورشات عمل”.
تلفت الفنانة التشكيلية الانتباه إلى محاولات دائمة لوزارة الثقافة السورية في الارتقاء بمسرح العرائس حيث كانت قديماً تسعى لاستدعاء خبراء من دول مختلفة كبلغاريا وجمهورية التشيك ورومانيا وسلوفاكيا بسبب ذيع صيتهم في هذا المجال، لكن تغير الحال في الوقت الراهن والوضع الاقتصادي والحرب أدوا للاعتماد على الخبرات الداخلية. ورغم الظروف الصعبة مازال مسرح العرائس والطفل زاخراً بالعروض المستمرة ممثلاً فسحة من المتعة والترفيه للأطفال والعائلة.
تُشير الصباغ إلى أن الميزانية القليلة التي ترصد لهذا الفن تُشكل عقبة أساسية في تطور فن العرائس، إضافة إلى غياب ثقافة مسرح العرائس في المناهج المدرسية كنوع من الفنون الجادة، لاسيما في ظل ظهور الألعاب الإلكترونية وهيمنة وسائل التواصل الاجتماعي. في المقابل، لا تنكر الفنانة التشكيلية وجود أشخاص يقفون في مواجهة هذا الكم الهائل من الحداثة في سبيل الحفاظ على الموروث والأصالة، وتشرح هنادة الصباغ بأن هناك “شعوراً بالمتعة عندما تتحرك الدمية لا تعطينا إياه الشاشة المسطحة ولا الألعاب الالكترونية، هي أشياء ملموسة تنهض بالروح وعودة بالفطرة الإنسانية لأول دمية لعبنا بها، كأنها إنسان حقيقي كالطفل الصغير الذي يصنع من وسادته دمية أو من المكنسة طائرة لها قدرة على نقل الأحاسيس”.
الغيرة الإيجابية على المهنة
تعد الصباغ من القلائل الغيورات على مسرح العرائس، لتحاول ترويض شعور الغيرة الإيجابية بإقامة ورشات العمل لزيادة وعي الجمهور به وتبادل الخبرات والمعارف مع العرائسيين بالدول العربية والأجنبية والتعرف على أعمالهم. وتشارك هنادة الصباغ ملاحظتها بأن: “هناك حالة نهوض ملحوظة على الصعيد العربي وتطوراً وغيرة إيجابية للحاق ومواكبة الدول المتقدمة بمجال مسرح العرائس، هناك مهرجانات في كثير من الدول العربية كتونس ومصر والمغرب”.
مسرح خيال الظل
تطورت أدوات فن العرائس بدءاً من صندوق الفرجة ليفسح المجال أمام ظهور مسرح خيال الظل أو ما يعرف بـ”خيال الستار” الذي كان منشأه الصين، وهو فن شعبي يعتمد على دمى من الجلود المجففة ذات الألوان المتباينة يتراوح طولها بين 30 ـ 50سم، ليتم تحريكها بعصا وراء ستار من القماش الأبيض المسلط عليه الضوء على نحو يجعل ظلها الذي يبرز للمشاهدين على يد فنان محترف يسمى “المخايل”. وكانت هذه الوسيلة لرواية الحكايات وتسلية الناس ذات دلالات إنسانية وسياسية ودينية، إذ كانت تعبر عن الأوضاع الاجتماعية والسياسية.
تُشير الصباغ إلى أن “المخايلين” هم من برعوا برواية القصص الشعبية والتغني بالبطولات علي يد ابن دانيال ومن أشهر رواياته عنترة بن شداد التي تعاد روايتها في دمشق بشهر رمضان كتقليد سنوي. وتعد شخصية الأركوز الأشهر في مسرح خيال الظل، حيث عرف بالنقد اللاذع والساخر من الوضع الاجتماعي والسياسي للبلاد. ويندرج “كركوز وعواظ” ضمن مسرح الظل، وهو عبارة عن شخصيتين، “كركوز” الساذج و”عواظ” الذكي، وتعود أصول الفكرة إلى العاصمة السورية دمشق، حيث اشتهر هذا الفن فيها باعتباره فناً شعبياً تداوله الناس في المقاهي العامة. ونبعت أهمية مسرح “كركوز وعواظ” من كونه يتطرق إلى مواضيع اجتماعية ناقدة ولكن بأسلوب فكاهي ساخر، وتستخدم الشخصيتان في حوارهما أسلوب الشعر والنثر والغناء والموسيقى. وكدليل على أهمية مسرح الظل، أدرجت منظمة “يونيسكو” التابعة للأمم المتحدة مسرح “كركوز وعواظ” على لائحة التراث العالمي غير المادي، والذي يحتاج للحماية العاجلة.
مواضيع ذات صلة
مواضيع أخرى
تدريباتنا
ورشة تدريب صالون سوريا
أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة...
ورشة تدريب صالون سوريا
يعلن فريق #صالون_سوريا، التحضير لدورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة...